المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[سورة البقرة (2) : الآيات 122 إلى 123] - التحرير والتنوير - جـ ١

[ابن عاشور]

فهرس الكتاب

- ‌بَين يَدي الْكتاب

- ‌[تَرْجَمَة ابْن عاشور، بقلم مصطفى عاشور:]

- ‌من هُوَ

- ‌سفير الدعْوَة

- ‌آراء ومناصب

- ‌التَّحْرِير والتنوير

- ‌مقاصد الشَّرِيعَة

- ‌محنة التَّجْنِيس

- ‌صدق الله وَكذب بورقيبة

- ‌وَفَاته

- ‌[تَرْجَمَة ابْن عاشور، بقلم الْمهْدي بن حميدة]

- ‌1- آل عاشور

- ‌2- مولده ونشأته

- ‌3- مسيرته الدراسية والعلمية

- ‌4- شُيُوخه

- ‌5- تأثره بمفكري عصره

- ‌6- إصلاحاته ورؤيته للإصلاح

- ‌ تطور الْعُلُوم

- ‌ المسيرة النضالية

- ‌7- كتاباته ومؤلفاته

- ‌[مَبْحَث عَن التَّحْرِير والتنوير]

- ‌التَّعْرِيف بالتفسير:

- ‌الْمنْهَج الْعَام للتفسير:

- ‌الْمنْهَج التفصيلي للمؤلف:

- ‌أَولا: أَسمَاء السُّور وَعدد الْآيَات وَالْوُقُوف وَبَيَان المناسبات:

- ‌ثَانِيًا: موقفه من العقيدة:

- ‌ثَالِثا: موقفه من تَفْسِير الْقُرْآن بِالْقُرْآنِ:

- ‌رَابِعا: موقفه من تَفْسِير الْقُرْآن بِالسنةِ:

- ‌خَامِسًا: موقفه من تَفْسِير الْقُرْآن بأقوال السّلف:

- ‌سادسا: موقفه من السِّيرَة والتاريخ وَذكر الْغَزَوَات:

- ‌سابعا: موقفه من الْإسْرَائِيلِيات:

- ‌ثامنا: موقفه من اللُّغَة:

- ‌تاسعا: موقفه من الْقرَاءَات:

- ‌عاشرا: موقفه من الْفِقْه وَالْأُصُول:

- ‌موقفه من النّسخ:

- ‌حادي عشر: موقفه من الْعُلُوم الحديثة والرياضة والفلسفة والمعجزات الكونية:

- ‌ثَانِي عشر: موقفه من المواعظ والآداب:

- ‌جملَة من الانتقادات

- ‌أَولا: ذُو ثِقَة زَائِدَة بِنَفسِهِ أوقعته فِي مزالق:

- ‌ثَانِيًا: صَاحب استطراد وتكلف خرج عَن حد التَّفْسِير جملَة وتفصيلا على الرغم من إهماله التَّفْسِير فِي مَوَاضِع لَا يسْتَغْنى عَن تَفْسِيرهَا:

- ‌ثَالِثا: ذُو ولع شَدِيد بِالنَّقْدِ وَإِن كَانَ هُنَاكَ مندوحة لترك الانتقاد

- ‌الْمُقَدِّمَةُ الْأُولَى فِي التَّفْسِيرِ وَالتَّأْوِيلِ وَكَوْنِ التَّفْسِيرِ عِلْمًا

- ‌ الْأَوَّلُ

- ‌وَالثَّانِي

- ‌وَالثَّالِثُ

- ‌الرَّابِعُ

- ‌الْخَامِسُ:

- ‌السَّادِسُ

- ‌الْمُقَدِّمَةُ الثَّانِيَةُ فِي اسْتِمْدَادِ عِلْمِ التَّفْسِيرِ

- ‌تَنْبِيهٌ:

- ‌الْمُقَدِّمَةُ الثَّالِثَةُ فِي صِحَّةِ التَّفْسِيرِ بِغَيْرِ الْمَأْثُورِ وَمَعْنَى التَّفْسِيرِ بِالرَّأْيِ وَنَحْوِهِ

- ‌أَوَّلُهَا:

- ‌ثَانِيهَا:

- ‌ثَالِثُهَا:

- ‌رَابِعُهَا:

- ‌خَامِسُهَا:

- ‌الْمُقَدِّمَةُ الرَّابِعَةُ فِيمَا يَحِقُّ أَنْ يَكُونَ غَرَضَ الْمُفَسِّرِ

- ‌الْأَوَّلُ:

- ‌الثَّانِي:

- ‌الثَّالِثُ:

- ‌الرَّابِعُ:

- ‌الْخَامِسُ:

- ‌السَّادِسُ:

- ‌السَّابِعُ:

- ‌الثَّامِنُ:

- ‌الْأُولَى:

- ‌الثَّانِيَةُ:

- ‌الثَّالِثَةُ:

- ‌الرَّابِعَةُ:

- ‌الْمُقَدِّمَةُ الْخَامِسَةُ فِي أَسْبَابِ النُّزُولِ

- ‌الْأَوَّلُ:

- ‌وَالثَّانِي:

- ‌وَالثَّالِثُ:

- ‌وَالرَّابِعُ:

- ‌وَالْخَامِسُ:

- ‌الْمُقَدِّمَةُ السَّادِسَةُ فِي الْقِرَاءَاتِ

- ‌أَمَّا الْحَالَةُ الْأُولَى:

- ‌وَأَمَّا الْحَالَةُ الثَّانِيَةُ:

- ‌مَرَاتِبُ الْقِرَاءَاتِ الصَّحِيحَةِ وَالتَّرْجِيحِ بَيْنَهَا

- ‌الْمُقَدِّمَةُ السَّابِعَةُ قَصَصُ الْقُرْآنِ

- ‌الْفَائِدَةُ الْأُولَى:

- ‌الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ الرَّابِعَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ الْخَامِسَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ السَّادِسَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ السَّابِعَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ الثَّامِنَة:

- ‌الْفَائِدَةُ التَّاسِعَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ الْعَاشِرَةُ:

- ‌أَحَدُهَا:

- ‌الثَّانِي:

- ‌الثَّالِثُ:

- ‌الرَّابِعُ:

- ‌الْخَامِسُ:

- ‌الْمُقَدِّمَةُ الثَّامِنَةُ فِي اسْمِ الْقُرْآنِ وَآيَاتِهِ وَسُوَرِهِ وَتَرْتِيبِهَا وَأَسْمَائِهَا

- ‌آيَات الْقُرْآن

- ‌تَرْتِيب الْآي

- ‌وقُوف الْقُرْآن

- ‌سور الْقُرْآن

- ‌الْمُقَدِّمَةُ التَّاسِعَةُ فِي أَنَّ الْمَعَانِيَ الَّتِي تَتَحَمَّلُهَا جُمَلُ الْقُرْآنِ تُعْتَبَرُ مُرَادَةً بِهَا

- ‌الْمُقَدِّمَةُ الْعَاشِرَةُ فِي إِعْجَازِ الْقُرْآنِ

- ‌الْجِهَةُ الْأُولَى:

- ‌الْجِهَةُ الثَّانِيَةُ:

- ‌الْجِهَةُ الثَّالِثَةُ:

- ‌مبتكرات الْقُرْآن

- ‌عادات الْقُرْآن

- ‌1- سُورَةُ الْفَاتِحَةِ

- ‌[سُورَة الْفَاتِحَة (1) : الْآيَات 1 الى 7]

- ‌الْكَلَام على الْبَسْمَلَة

- ‌الثَّانِي:

- ‌الدَّلِيلُ الْأَوَّلُ:

- ‌الثَّالِثُ:

- ‌الرَّابِعُ:

- ‌الْخَامِسُ:

- ‌السَّادِسُ

- ‌2- سُورَةُ الْبَقَرَةِ

- ‌محتويات هَذِه السُّورَة

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 1]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 2]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 3]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 4]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 5]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 6]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 7]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 8]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 9]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 10]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 11]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 12]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 13]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 14]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 15]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 16]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 17]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 18]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 19]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 20]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 21]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 22]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 23]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 24]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 25]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : الْآيَات 26 الى 27]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 28]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 29]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 30]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 31]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 32]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 33]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 34]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 35]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 36]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 37]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : الْآيَات 38 إِلَى 39]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 40]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 41]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 42]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 43]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 44]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : الْآيَات 45 إِلَى 46]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 47]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 48]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 49]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 50]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : الْآيَات 51 إِلَى 52]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 53]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 54]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : الْآيَات 55 إِلَى 56]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 57]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : الْآيَات 58 إِلَى 59]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 60]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 61]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 62]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : الْآيَات 63 إِلَى 64]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : الْآيَات 65 إِلَى 66]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 67]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 68]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 69]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : الْآيَات 70 الى 71]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : الْآيَات 72 إِلَى 73]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 74]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 75]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : الْآيَات 76 إِلَى 77]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 78]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 79]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : الْآيَات 80 إِلَى 82]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 83]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : الْآيَات 84 الى 86]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 87]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 88]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 89]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 90]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 91]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : الْآيَات 92 إِلَى 93]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : الْآيَات 94 إِلَى 95]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 96]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : الْآيَات 97 إِلَى 98]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : الْآيَات 99 إِلَى 101]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 102]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 103]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 104]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 105]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 106]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 107]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 108]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : الْآيَات 109 إِلَى 110]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : الْآيَات 111 إِلَى 112]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 113]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 114]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 115]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 116]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 117]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَةٌ 118]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 119]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 120]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 121]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : الْآيَات 122 إِلَى 123]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 124]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 125]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 126]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 127]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 128]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 129]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : الْآيَات 130 إِلَى 131]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 132]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 133]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 134]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 135]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 136]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 137]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 138]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 139]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 140]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 141]

الفصل: ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 122 إلى 123]

بِوَاسِطَتِهَا حَتَّى أُشِيرَ إِلَيْهِمْ بِاتِّصَافِهِمْ بِهَا هِيَ الْمُوجِبَةُ لِجَدَارَتِهِمْ بِالْحُكْمِ الْمُسْنَدِ لِاسْمِ الْإِشَارَةِ عَلَى حَدِّ أُولئِكَ عَلى هُدىً مِنْ رَبِّهِمْ [الْبَقَرَة: 5] فَلَا شَكَّ أَنَّ تِلَاوَتَهُمُ الْكِتَابَ حَقَّ تِلَاوَتِهِ تُثْبِتُ لَهُمْ أَوْحَدِيَّتَهُمْ بِالْإِيمَانِ بِذَلِكَ الْكِتَابِ لِأَنَّ إِيمَانَ غَيْرِهِمْ بِهِ كَالْعَدَمِ. فَالْقَصْرُ ادِّعَائِيٌّ. فَضَمِيرُ بِهِ رَاجِعٌ إِلَى (الْكِتَابِ) مِنْ قَوْلِهِ: الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ. وَإِذَا كَانُوا هُمُ الْمُؤْمِنِينَ بِهِ كَانُوا مُؤْمِنِينَ بِمُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم لِانْطِبَاقِ الصِّفَاتِ الَّتِي فِي كُتُبِهِمْ عَلَيْهِ وَلِأَنَّهُمْ مَأْخُوذٌ عَلَيْهِمُ الْعَهْدُ أَنْ يُؤْمِنُوا بِالرَّسُولِ الْمُقَفَّى وَأَنْ يَجْتَهِدُوا فِي التَّمْيِيزِ بَيْنَ الصَّادِقِ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ وَالْكَذَبَةِ حَتَّى يَسْتَيْقِنُوا انْطِبَاقَ الصِّفَاتِ عَلَى النَّبِيءِ الْمَوْعُودِ بِهِ فَمِنْ هُنَا قَالَ بَعْضُ الْمُفَسِّرِينَ إِنَّ ضَمِيرَ بِهِ عَائِدٌ إِلَى النَّبِيءِ صلى الله عليه وسلم مَعَ أَنَّهُ لَمْ يَتَقَدَّمْ لَهُ مُعَادٌ.

وَيَجُوزُ أَنْ يَعُودَ الضَّمِيرُ مِنْ قَوْلِهِ: يُؤْمِنُونَ بِهِ إِلَى الْهُدَى فِي قَوْلِهِ: قُلْ إِنَّ الْهُدى هُدَى اللَّهِ [الْبَقَرَة: 120] أَيْ يُؤْمِنُونَ بِالْقُرْآنِ أَنَّهُ مُنَزَّلٌ مِنَ اللَّهِ فَالضَّمِيرُ الْمَجْرُورُ بِالْبَاءِ رَاجِعٌ لِلْكِتَابِ فِي قَوْلِهِ: آتَيْناهُمُ الْكِتابَ وَالْمُرَادُ بِهِ التَّوْرَاةُ وَالْإِنْجِيلُ وَاللَّامُ لِلْجِنْسِ، أَوِ التَّوْرَاةِ فَقَطْ لِأَنَّهَا مُعْظَمُ الدِّينَيْنِ وَالْإِنْجِيلُ تَكْمِلَةٌ فَاللَّامُ لِلْعَهْدِ. وَمِنْ هَؤُلَاءِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ مِنَ الْيَهُودِ وَعَدِيُّ بْنُ حَاتِمٍ وَتَمِيمٌ الدَّارِيُّ مِنَ النَّصَارَى.

وَالْقَوْلُ فِي قَوْلِهِ: وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ كَالْقَوْلِ فِي أُولئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَهُوَ تَصْرِيحٌ بِحُكْمِ مَفْهُومِ أُولئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَفِيهِ اكْتِفَاءٌ عَنِ التَّصْرِيحِ بِحُكْمِ الْمَنْطُوقِ وَهُوَ أَنَّ الْمُؤْمِنِينَ بِهِ هُمُ الرَّابِحُونَ فَفِي الْآيَةِ إِيجَازٌ بَدِيعٌ لِدَلَالَتِهَا عَلَى أَنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلَاوَتِهِ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ دُونَ غَيْرِهِمْ فَهُمْ كَافِرُونَ فَالْمُؤْمِنُونَ بِهِ هُمُ الْفَائِزُونَ وَالْكَافِرُونَ هم الخاسرون.

[122، 123]

[سُورَة الْبَقَرَة (2) : الْآيَات 122 إِلَى 123]

يَا بَنِي إِسْرائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعالَمِينَ (122) وَاتَّقُوا يَوْماً لَا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئاً وَلا يُقْبَلُ مِنْها عَدْلٌ وَلا تَنْفَعُها شَفاعَةٌ وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ (123)

أُعِيدَ نِدَاءُ بَنِي إِسْرَائِيلَ نِدَاءَ التَّنْبِيهِ وَالْإِنْذَارِ وَالتَّذْكِيرِ عَلَى طَرِيقَةِ التَّكْرِيرِ فِي الْغَرَضِ الَّذِي سِيقَ الْكَلَامُ الْمَاضِي لِأَجْلِهِ، فَإِنَّهُ ابْتَدَأَ نِدَاءَهُمْ أَوَّلًا بِمِثْلِ هَاتِهِ الْمَوْعِظَةِ فِي ابْتِدَاءِ التَّذْكِيرِ

ص: 697

بِأَحْوَالِهِمُ الْكَثِيرَةِ خَيْرِهَا وَشَرِّهَا عَقِبَ قَوْلِهِ: وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ راجِعُونَ [الْبَقَرَة: 46] فَذِكْرُ مِثْلِ هَاتِهِ الْجُمْلَةِ هُنَاكَ كَذِكْرِ الْمَطْلُوبِ فِي صِنَاعَةِ الْمَنْطِقِ قَبْلَ إِقَامَةِ الْبُرْهَانِ وَذِكْرُهَا هُنَا كَذِكْرِ النَّتِيجَةِ فِي الْمَنْطِقِ عَقِبَ الْبُرْهَانِ تَأْيِيدًا لِمَا تَقَدَّمَ وَفَذْلَكَةً لَهُ وَهُوَ مِنْ ضُرُوبِ رَدِّ الْعَجُزِ عَلَى الصَّدْرِ.

وَقَدْ أُعِيدَتْ هَذِهِ الْآيَةُ بِالْأَلْفَاظِ الَّتِي ذكرت بهَا هُنَا لَك لِلتَّنْبِيهِ عَلَى نُكْتَةِ التَّكْرِيرِ لِلتَّذْكِيرِ وَلَمْ يُخَالِفْ بَيْنَ الْآيَتَيْنِ إِلَّا من التَّرْتِيبِ بَيْنَ الْعَدْلِ وَالشَّفَاعَةِ فَهُنَالِكَ قَدَّمَ وَلا يُقْبَلُ مِنْها شَفاعَةٌ [الْبَقَرَة: 48] وَأَخَّرَ وَلا يُؤْخَذُ مِنْها عَدْلٌ [الْبَقَرَة: 48] وَهُنَا قَدَّمَ وَلا يُقْبَلُ مِنْها عَدْلٌ وَأَخَّرَ لَفْظَ الشَّفَاعَةِ مُسْنَدًا إِلَيْهِ تَنْفَعُها وَهُوَ تَفَنُّنٌ وَالتَّفَنُّنُ فِي الْكَلَامِ تَنْتَفِي بِهِ سَآمَةُ الْإِعَادَةِ مَعَ حُصُولِ الْمَقْصُودِ مِنَ التَّكْرِيرِ. وَقَدْ حَصُلَ مَعَ التَّفَنُّنِ نُكْتَةٌ لَطِيفَةٌ إِذْ جَاءَتِ الشَّفَاعَةُ فِي الْآيَةِ السَّابِقَةِ مُسْنَدًا إِلَيْهَا الْمَقْبُولِيَّةُ فَقُدِّمَتْ عَلَى الْعَدْلِ بِسَبَبِ نَفْيِ قَبُولِهَا وَنَفْيُ قَبُولِ الشَّفَاعَةِ لَا يَقْتَضِي نَفْيَ أَخْذِ الْفِدَاءِ فَعَطَفَ نَفْيَ أَخَذِ الْفِدَاءِ لِلِاحْتِرَاسِ، وَأَمَّا فِي هَذِهِ الْآيَةِ فَقَدَّمَ الْفِدَاءَ لِأَنَّهُ أُسْنِدَ إِلَيْهِ الْمَقْبُولِيَّةُ وَنَفْيُ قَبُولِ الْفِدَاءِ لَا يَقْتَضِي نَفْيَ نَفْعِ الشَّفَاعَةِ فَعَطَفَ نَفْيَ نَفْعِ الشَّفَاعَةِ عَلَى نَفْيِ قَبُولِ الْفِدَاءِ لِلِاحْتِرَاسِ أَيْضًا.

وَالْحَاصِلُ أَنَّ الَّذِي نُفِيَ عَنْهُ أَنْ يَكُونَ مَقْبُولًا قَدْ جُعِلَ فِي الْآيَتَيْنِ أَوَّلًا وَذُكِرَ الْآخَرُ بَعْدَهُ. وَأَمَّا نَفْيُ الْقَبُولِ مَرَّةً عَنِ الشَّفَاعَةِ وَمَرَّةً عَنِ الْعَدْلِ فَلِأَنَّ أَحْوَالَ الْأَقْوَامِ فِي طَلَبِ الْفِكَاكِ عَنِ الْجُنَاةِ تَخْتَلِفُ، فَمَرَّةً يُقَدِّمُونَ الْفِدَاءَ فَإِذَا لَمْ يُقْبَلْ قَدَّمُوا الشُّفَعَاءَ، وَمَرَّةً يُقَدِّمُونَ

الشُّفَعَاءَ فَإِذَا لَمْ تُقْبَلْ شَفَاعَتُهُمْ عَرَضُوا الْفِدَاءَ.

وَقَوْلُهُ: وَلا يُقْبَلُ مِنْها عَدْلٌ وَلا تَنْفَعُها شَفاعَةٌ مُرَادٌ مِنْهُ أَنَّهُ لَا عَدْلَ فَيُقْبَلُ وَلَا شَفَاعَةَ شَفِيعٍ يَجِدُونَهُ فَتُقْبَلُ شَفَاعَتُهُ لِأَنَّ دَفْعَ الْفِدَاءِ مُتَعَذِّرٌ وَتَوَسُّطَ الشَّفِيعِ لِمِثْلِهِمْ مَمْنُوعٌ إِذْ لَا يَشْفَعُ الشَّفِيعُ إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ اللَّهُ لَهُ. قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ فَيَكُونُ نَفْيُ نَفْعِ الشَّفَاعَةِ هُنَا مِنْ بَابِ قَوْلِهِ:

على لَا حب لَا يَهْتَدِي بِمَنَارِهِ (1) يُرِيدُ أَنَّهَا كِنَايَةٌ عَنْ نَفْيِ الْمَوْصُوفِ بِنَفْيِ صِفَتِهِ الْمُلَازِمَةِ

(1) قَائِله امْرُؤ الْقَيْس، وَقَبله:

وَإِنِّي زعيم إِن رجعت مملكا

بسير ترى مِنْهُ الفرانق أزدرا

على لَا حب إِلَخ

... إِذا سافه العوذ الديا فِي جرجرا

القرانق بِضَم الْفَاء وَكسر النُّون هُوَ الَّذِي يدل صَاحب الْبَرِيد. وأزدرا أفعل تَفْضِيل لُغَة فِي أصْدرَا قرىء بهَا قَوْله تَعَالَى: يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتاتاً [الزلزلة: 4] . اللاحب: الطَّرِيق الْوَاسِع.

والمنار: الْعَلامَة. وسافه: شده. والديافي مَنْسُوب إِلَى دياف- بِكَسْر الدَّال- قَرْيَة تنْسب لَهَا كرام الْإِبِل. وجرجرا: أَي صَوت. وَالْمعْنَى أَنه يعدانه إِذا رَجَعَ ليعيدن السّير فِي طَرِيق صعبة المسالك.

وَفِي «شرح التفتازانيّ على الْمِفْتَاح» فِي بَاب الإيجاز والإطناب ذكر أول هَذَا الْبَيْت هَكَذَا:

سدا بيدَيْهِ ثمَّ أج بسيره

على لاحب

إِلَخ.

قَالَ وَهُوَ فِي وصف ظليم وسدا بِمَعْنى مد وَهُوَ مجَاز عَن السرعة. وأج الظليم إِذا جرى وَسمع لَهُ حفيف.

ص: 698