المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[سورة البقرة (2) : آية 105] - التحرير والتنوير - جـ ١

[ابن عاشور]

فهرس الكتاب

- ‌بَين يَدي الْكتاب

- ‌[تَرْجَمَة ابْن عاشور، بقلم مصطفى عاشور:]

- ‌من هُوَ

- ‌سفير الدعْوَة

- ‌آراء ومناصب

- ‌التَّحْرِير والتنوير

- ‌مقاصد الشَّرِيعَة

- ‌محنة التَّجْنِيس

- ‌صدق الله وَكذب بورقيبة

- ‌وَفَاته

- ‌[تَرْجَمَة ابْن عاشور، بقلم الْمهْدي بن حميدة]

- ‌1- آل عاشور

- ‌2- مولده ونشأته

- ‌3- مسيرته الدراسية والعلمية

- ‌4- شُيُوخه

- ‌5- تأثره بمفكري عصره

- ‌6- إصلاحاته ورؤيته للإصلاح

- ‌ تطور الْعُلُوم

- ‌ المسيرة النضالية

- ‌7- كتاباته ومؤلفاته

- ‌[مَبْحَث عَن التَّحْرِير والتنوير]

- ‌التَّعْرِيف بالتفسير:

- ‌الْمنْهَج الْعَام للتفسير:

- ‌الْمنْهَج التفصيلي للمؤلف:

- ‌أَولا: أَسمَاء السُّور وَعدد الْآيَات وَالْوُقُوف وَبَيَان المناسبات:

- ‌ثَانِيًا: موقفه من العقيدة:

- ‌ثَالِثا: موقفه من تَفْسِير الْقُرْآن بِالْقُرْآنِ:

- ‌رَابِعا: موقفه من تَفْسِير الْقُرْآن بِالسنةِ:

- ‌خَامِسًا: موقفه من تَفْسِير الْقُرْآن بأقوال السّلف:

- ‌سادسا: موقفه من السِّيرَة والتاريخ وَذكر الْغَزَوَات:

- ‌سابعا: موقفه من الْإسْرَائِيلِيات:

- ‌ثامنا: موقفه من اللُّغَة:

- ‌تاسعا: موقفه من الْقرَاءَات:

- ‌عاشرا: موقفه من الْفِقْه وَالْأُصُول:

- ‌موقفه من النّسخ:

- ‌حادي عشر: موقفه من الْعُلُوم الحديثة والرياضة والفلسفة والمعجزات الكونية:

- ‌ثَانِي عشر: موقفه من المواعظ والآداب:

- ‌جملَة من الانتقادات

- ‌أَولا: ذُو ثِقَة زَائِدَة بِنَفسِهِ أوقعته فِي مزالق:

- ‌ثَانِيًا: صَاحب استطراد وتكلف خرج عَن حد التَّفْسِير جملَة وتفصيلا على الرغم من إهماله التَّفْسِير فِي مَوَاضِع لَا يسْتَغْنى عَن تَفْسِيرهَا:

- ‌ثَالِثا: ذُو ولع شَدِيد بِالنَّقْدِ وَإِن كَانَ هُنَاكَ مندوحة لترك الانتقاد

- ‌الْمُقَدِّمَةُ الْأُولَى فِي التَّفْسِيرِ وَالتَّأْوِيلِ وَكَوْنِ التَّفْسِيرِ عِلْمًا

- ‌ الْأَوَّلُ

- ‌وَالثَّانِي

- ‌وَالثَّالِثُ

- ‌الرَّابِعُ

- ‌الْخَامِسُ:

- ‌السَّادِسُ

- ‌الْمُقَدِّمَةُ الثَّانِيَةُ فِي اسْتِمْدَادِ عِلْمِ التَّفْسِيرِ

- ‌تَنْبِيهٌ:

- ‌الْمُقَدِّمَةُ الثَّالِثَةُ فِي صِحَّةِ التَّفْسِيرِ بِغَيْرِ الْمَأْثُورِ وَمَعْنَى التَّفْسِيرِ بِالرَّأْيِ وَنَحْوِهِ

- ‌أَوَّلُهَا:

- ‌ثَانِيهَا:

- ‌ثَالِثُهَا:

- ‌رَابِعُهَا:

- ‌خَامِسُهَا:

- ‌الْمُقَدِّمَةُ الرَّابِعَةُ فِيمَا يَحِقُّ أَنْ يَكُونَ غَرَضَ الْمُفَسِّرِ

- ‌الْأَوَّلُ:

- ‌الثَّانِي:

- ‌الثَّالِثُ:

- ‌الرَّابِعُ:

- ‌الْخَامِسُ:

- ‌السَّادِسُ:

- ‌السَّابِعُ:

- ‌الثَّامِنُ:

- ‌الْأُولَى:

- ‌الثَّانِيَةُ:

- ‌الثَّالِثَةُ:

- ‌الرَّابِعَةُ:

- ‌الْمُقَدِّمَةُ الْخَامِسَةُ فِي أَسْبَابِ النُّزُولِ

- ‌الْأَوَّلُ:

- ‌وَالثَّانِي:

- ‌وَالثَّالِثُ:

- ‌وَالرَّابِعُ:

- ‌وَالْخَامِسُ:

- ‌الْمُقَدِّمَةُ السَّادِسَةُ فِي الْقِرَاءَاتِ

- ‌أَمَّا الْحَالَةُ الْأُولَى:

- ‌وَأَمَّا الْحَالَةُ الثَّانِيَةُ:

- ‌مَرَاتِبُ الْقِرَاءَاتِ الصَّحِيحَةِ وَالتَّرْجِيحِ بَيْنَهَا

- ‌الْمُقَدِّمَةُ السَّابِعَةُ قَصَصُ الْقُرْآنِ

- ‌الْفَائِدَةُ الْأُولَى:

- ‌الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ الرَّابِعَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ الْخَامِسَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ السَّادِسَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ السَّابِعَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ الثَّامِنَة:

- ‌الْفَائِدَةُ التَّاسِعَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ الْعَاشِرَةُ:

- ‌أَحَدُهَا:

- ‌الثَّانِي:

- ‌الثَّالِثُ:

- ‌الرَّابِعُ:

- ‌الْخَامِسُ:

- ‌الْمُقَدِّمَةُ الثَّامِنَةُ فِي اسْمِ الْقُرْآنِ وَآيَاتِهِ وَسُوَرِهِ وَتَرْتِيبِهَا وَأَسْمَائِهَا

- ‌آيَات الْقُرْآن

- ‌تَرْتِيب الْآي

- ‌وقُوف الْقُرْآن

- ‌سور الْقُرْآن

- ‌الْمُقَدِّمَةُ التَّاسِعَةُ فِي أَنَّ الْمَعَانِيَ الَّتِي تَتَحَمَّلُهَا جُمَلُ الْقُرْآنِ تُعْتَبَرُ مُرَادَةً بِهَا

- ‌الْمُقَدِّمَةُ الْعَاشِرَةُ فِي إِعْجَازِ الْقُرْآنِ

- ‌الْجِهَةُ الْأُولَى:

- ‌الْجِهَةُ الثَّانِيَةُ:

- ‌الْجِهَةُ الثَّالِثَةُ:

- ‌مبتكرات الْقُرْآن

- ‌عادات الْقُرْآن

- ‌1- سُورَةُ الْفَاتِحَةِ

- ‌[سُورَة الْفَاتِحَة (1) : الْآيَات 1 الى 7]

- ‌الْكَلَام على الْبَسْمَلَة

- ‌الثَّانِي:

- ‌الدَّلِيلُ الْأَوَّلُ:

- ‌الثَّالِثُ:

- ‌الرَّابِعُ:

- ‌الْخَامِسُ:

- ‌السَّادِسُ

- ‌2- سُورَةُ الْبَقَرَةِ

- ‌محتويات هَذِه السُّورَة

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 1]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 2]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 3]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 4]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 5]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 6]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 7]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 8]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 9]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 10]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 11]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 12]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 13]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 14]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 15]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 16]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 17]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 18]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 19]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 20]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 21]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 22]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 23]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 24]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 25]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : الْآيَات 26 الى 27]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 28]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 29]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 30]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 31]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 32]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 33]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 34]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 35]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 36]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 37]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : الْآيَات 38 إِلَى 39]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 40]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 41]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 42]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 43]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 44]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : الْآيَات 45 إِلَى 46]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 47]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 48]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 49]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 50]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : الْآيَات 51 إِلَى 52]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 53]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 54]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : الْآيَات 55 إِلَى 56]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 57]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : الْآيَات 58 إِلَى 59]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 60]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 61]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 62]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : الْآيَات 63 إِلَى 64]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : الْآيَات 65 إِلَى 66]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 67]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 68]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 69]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : الْآيَات 70 الى 71]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : الْآيَات 72 إِلَى 73]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 74]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 75]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : الْآيَات 76 إِلَى 77]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 78]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 79]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : الْآيَات 80 إِلَى 82]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 83]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : الْآيَات 84 الى 86]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 87]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 88]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 89]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 90]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 91]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : الْآيَات 92 إِلَى 93]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : الْآيَات 94 إِلَى 95]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 96]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : الْآيَات 97 إِلَى 98]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : الْآيَات 99 إِلَى 101]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 102]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 103]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 104]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 105]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 106]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 107]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 108]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : الْآيَات 109 إِلَى 110]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : الْآيَات 111 إِلَى 112]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 113]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 114]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 115]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 116]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 117]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَةٌ 118]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 119]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 120]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 121]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : الْآيَات 122 إِلَى 123]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 124]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 125]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 126]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 127]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 128]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 129]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : الْآيَات 130 إِلَى 131]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 132]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 133]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 134]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 135]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 136]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 137]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 138]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 139]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 140]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 141]

الفصل: ‌[سورة البقرة (2) : آية 105]

وَقَدْ دَلَّتْ هَذِهِ الْآيَةُ عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ أَصْلٍ مِنْ أَصُولِ الْفِقْهِ- وَهُوَ مِنْ أَصُولِ الْمَذْهَبِ الْمَالِكِيِّ- يُلَقَّبُ بِسَدِّ الذَّرَائِعِ وَهِيَ الْوَسَائِلُ الَّتِي يُتَوَسَّلُ بِهَا إِلَى أَمْرٍ مَحْظُورٍ.

وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَاسْمَعُوا أُرِيدَ بِهِ سَمَاعٌ خَاصٌّ وَهُوَ الْوَعْيُ وَمَزِيدُ التَّلَقِّي حَتَّى لَا يَحْتَاجُوا إِلَى طَلَبِ الْمُرَاعَاةِ أَوِ النَّظَرِ وَقِيلَ: أَرَادَ مِنِ (اسْمَعُوا) امْتَثِلُوا لِأَوَامِرِ الرَّسُولِ قَالَهُ ابْنُ عَطِيَّةَ وَهُوَ أَظْهَرُ.

وَقَوْلُهُ: وَلِلْكافِرِينَ عَذابٌ أَلِيمٌ التَّعْرِيفُ لِلْعَهْدِ. وَالْمُرَادُ بِالْكَافِرِينَ الْيَهُودُ خَاصَّةً أَيْ تَأَدَّبُوا أَنْتُمْ مَعَ الرَّسُولِ وَلَا تَتَأَسَّوْا بِالْيَهُودِ فِي أَقْوَالِهِمْ: فَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ، وَالتَّعْبِيرُ بِالْكَافِرِينَ دُونَ الْيَهُودِ زِيَادَةٌ فِي ذَمِّهِمْ. وَلَيْسَ هُنَا مِنَ التَّذْيِيلِ لِأَنَّ الْكَلَامَ السَّابِقَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ فَلَا يَصْلُحُ مَا بَعْدَهُ مِنْ تَعْمِيمِ حُكْمِ الْكَافِرِينَ لِتَذْيِيلِ مَا قبله.

[105]

[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 105]

مَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ وَلا الْمُشْرِكِينَ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْكُمْ مِنْ خَيْرٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَاللَّهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (105)

فَصَلَهُ عَمَّا قَبْلَهُ لِاخْتِلَافِ الْغَرَضَيْنِ، لِأَنَّ الْآيَةَ قَبْلَهُ فِي تَأْدِيبِ الْمُؤْمِنِينَ مَعَ التَّعْرِيضِ بِالْيَهُودِ وَهَذِهِ الْآيَةُ لِبَيَانِ حَسَدِ الْيَهُودِ وَغَيْرِهِمْ لِلْمُسْلِمِينَ. وَوَجْهُ الْمُنَاسَبَةِ بَيْنَ الْآيَتَيْنِ ظَاهِرٌ لِاتِّحَادِ الْمَآلِ وَلِأَنَّ الدَّاعِيَ لِلسَّبِّ وَالْأَذَى هُوَ الْحَسَدُ.

وَهَذِهِ الْآيَةُ رُجُوعٌ إِلَى كَشْفِ السَّبَبِ الَّذِي دَعَا لِامْتِنَاعِ الْيَهُودِ مِنَ الْإِيمَانِ بِالْقُرْآنِ لَمَّا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا بِما أَنْزَلَ اللَّهُ فَقَالُوا: نُؤْمِنُ بِما أُنْزِلَ عَلَيْنا [الْبَقَرَة: 91] أَيْ لَيْسَ الصَّارِفُ لَهُمْ تَمَسَّكُهُمْ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ بَلْ هُوَ الْحَسَدُ عَلَى مَا أُنْزِلَ عَلَى النَّبِيءِ وَالْمُسْلِمِينَ مِنْ خَيْرٍ، فَبَيَّنَ أَدِلَّةَ نَفْيِ كَوْنِ الصَّارِفِ لَهُمْ هُوَ التَّصَلُّبُ وَالتَّمَسُّكُ بِدِينِهِمْ بِقَوْلِهِ: قُلْ فَلِمَ تَقْتُلُونَ أَنْبِياءَ اللَّهِ [الْبَقَرَة: 91] وَمَا تَخَلَّلَ ذَلِكَ وَنَشَأَ عَنْهُ مِنَ الْمُجَادَلَاتِ وَبَيَانِ إِعْرَاضِهِمْ عَنْ أَوَامِرِ دِينِهِمْ وَاتِّبَاعِهِمُ السِّحْرَ وَبَيَّنَ الْآنَ حَقِيقَة الصَّارِف عَن الْإِيمَان بِالْقُرْآنِ وَالْمُوجَبَ لِلشَّتْمِ وَقَوْلِ الْبُهْتَانِ لِيَتَخَلَّصَ مِنْ ذَلِكَ إِلَى بَيَان النّسخ.

و (الود) بِضَمِّ الْوَاوِ الْمَحَبَّةُ وَمَنْ أَحَبَّ شَيْئًا تَمَنَّاهُ فَلَيْسَ الْوُدُّ هُوَ خُصُوصَ التَّمَنِّي وَلَا الْمَحَبَّةِ

ص: 652

الْمُفْرِطَةِ كَمَا حَقَّقَهُ الرَّاغِبُ.

وَذَكَرَ (الَّذِينَ كَفَرُوا) هُنَا دُونَ الْيَهُودِ لِقَصْدِ شُمُولِ هَذَا الْحُكْمِ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى مَعًا تَمْهِيدًا لِمَا يَأْتِي مِنْ ذِكْرِ حِكْمَةِ النَّسْخِ وَمِنْ قَوْلِهِ: وَقالُوا لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كانَ

هُوداً أَوْ نَصارى

[الْبَقَرَة: 111] الْآيَاتِ. وَنَبَّهَ بِقَوْلِهِ: الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ دُونَ مَا يَوَدُّ أَهْلُ الْكِتَابِ عَلَى أَنَّهُمْ لَمْ يَتَّبِعُوا كِتَابَهُمْ لِأَنَّ كُتُبَهُمْ تَأْمُرُهُمْ بِاتِّبَاعِ الْحَقِّ حَيْثُمَا وَجَدُوهُ وَبِالْإِيمَانِ بِالنَّبِيءِ الْمُقَفَّى عَلَى آثَارِهِمْ وَفِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ مَوَاضِعُ كَثِيرَةٌ فِيهَا أَخْذُ الْمِيثَاقِ عَلَى ذَلِكَ فَلَمَّا حَسَدُوا النَّبِيءَ صلى الله عليه وسلم عَلَى النُّبُوءَةِ وَحَسَدُوا الْمُسْلِمِينَ فَقَدْ كَفَرُوا بِمَا أَمَرَتْ بِهِ كُتُبُهُمْ وَبِهَذَا تَخَلَّصَ الْكَلَامُ إِلَى الْجَمْعِ بَيْنَ مَوْعِظَةِ النَّصَارَى مَعَ مَوْعِظَةِ الْيَهُودِ.

وَلَمَّا كَانَ مَا اقْتَضَاهُ الْحَالُ مِنَ التَّعْبِيرِ بِقَوْلِهِ: الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ قَدْ يُوهِمُ كَوْنُ الْبَيَانِ قَيْدًا وَأَنَّ الْكَافِرِينَ مِنْ غَيْرِ أَهْلِ الْكِتَابِ لَا يَحْسُدُونَ الْمُسْلِمِينَ عَطَفَ عَلَيْهِ قَوْلَهُ: وَلَا الْمُشْرِكِينَ كَالِاحْتِرَاسِ وَلِيَكُونَ جَمْعًا لِلْحُكْمِ بَيْنَ الْجَمِيعِ فَيَكُونُ لَهُ حَظٌّ فِي التَّمْهِيدِ لِقَوْلِهِ فِيمَا يَأْتِي: وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَساجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ [الْبَقَرَة: 114] وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ (أَنْ يُنَزَّلَ) بِتَشْدِيدِ الزَّايِ مَفْتُوحَةً. وَالتَّعْبِيرُ بِالتَّنْزِيلِ دُونَ الْإِنْزَالِ لِحِكَايَةِ الْوَاقِعِ إِذْ الْقُرْآنُ نَزَلَ مُنَجَّمًا لِتَسْهِيلِ حِفْظِهِ وَفَهْمِهِ وَكِتَابَتِهِ وَلِلتَّيْسِيرِ عَلَى الْمُكَلَّفِينَ فِي شَرْعِ الْأَحْكَامِ تَدْرِيجًا. وَقَرَأَهُ ابْن كثير وَابْن عَمْرٍو بِتَخْفِيفِ الزَّايِ مَفْتُوحَةً أَيْضًا وَذَلِكَ عَلَى أَنَّ نَفْيَ وِدَادَتِهِمْ مُتَعَلِّقٌ بِمُطْلَقِ إِنْزَالِ الْقُرْآنِ سَوَاءٌ كَانَ دُفْعَةً أَوْ مُنَجَّمًا.

وَالْخَيْرُ النِّعْمَةُ وَالْفَضْلُ، قَالَ النَّابِغَةُ:

فَلَسْتُ عَلَى خَيْرٍ أَتَاكَ بِحَاسِدٍ وَأَرَادَ بِهِ هُنَا النُّبُوءَةَ وَمَا أَيَّدَهَا مِنَ الْوَحْيِ وَالْقُرْآنِ وَالنَّصْرِ وَهُوَ الْمُعَبَّرُ عَنْهُ بِالرَّحْمَةِ فِي قَوْلِهِ: وَاللَّهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ.

وَقَوْلِهِ: وَاللَّهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشاءُ عَطْفٌ عَلَى مَا يَوَدُّ لِتَضَمُّنِهِ أَنَّ اللَّهَ أَرَادَ ذَلِكَ وَإِنْ كَانُوا هُمْ لَا يُرِيدُونَهُ.

وَالرَّحْمَةُ هُنَا مِثْلُ الْخَيْرِ الْمُنَزَّلِ عَلَيْهِمْ وَذَلِكَ إِدْمَاجٌ لِلِامْتِنَانِ عَلَيْهِمْ بِأَنَّ مَا نَزَلَ عَلَيْهِمْ هُوَ رَحْمَةٌ بِهِمْ وَمَعْنَى الِاخْتِصَاصِ جَعْلُهَا لِأَحَدٍ دُونَ غَيْرِهِ لِأَنَّ أَصْلَ الِاخْتِصَاصِ وَالتَّخْصِيصِ رَاجِعٌ إِلَى هَذَا الْمَعْنَى أَعْنِي جَعْلَ الْحُكْمِ خَاصًّا غَيْرَ عَامٍّ سَوَاءٌ خَصَّ وَاحِدًا أَوْ أَكَثَرَ. وَمَفْعُولُ الْمَشِيئَةِ مَحْذُوفٌ كَمَا هُوَ الشَّأْنُ فِيهِ إِذَا تَقَدَّمَ عَلَيْهِ كَلَامٌ أَوْ تَأَخَّرَ عَنْهُ أَيْ مَنْ يَشَاءُ اخْتِصَاصَهُ بِالرَّحْمَةِ.

وَالْمَشِيئَةُ هِيَ الْإِرَادَةُ وَلَمَّا كَانَتْ إِرَادَةُ اللَّهِ تَتَعَلَّقُ بِالْمُرَادِ عَلَى وَفْقِ عِلْمِهِ تَعَالَى

ص: 653