المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[سورة البقرة (2) : آية 67] - التحرير والتنوير - جـ ١

[ابن عاشور]

فهرس الكتاب

- ‌بَين يَدي الْكتاب

- ‌[تَرْجَمَة ابْن عاشور، بقلم مصطفى عاشور:]

- ‌من هُوَ

- ‌سفير الدعْوَة

- ‌آراء ومناصب

- ‌التَّحْرِير والتنوير

- ‌مقاصد الشَّرِيعَة

- ‌محنة التَّجْنِيس

- ‌صدق الله وَكذب بورقيبة

- ‌وَفَاته

- ‌[تَرْجَمَة ابْن عاشور، بقلم الْمهْدي بن حميدة]

- ‌1- آل عاشور

- ‌2- مولده ونشأته

- ‌3- مسيرته الدراسية والعلمية

- ‌4- شُيُوخه

- ‌5- تأثره بمفكري عصره

- ‌6- إصلاحاته ورؤيته للإصلاح

- ‌ تطور الْعُلُوم

- ‌ المسيرة النضالية

- ‌7- كتاباته ومؤلفاته

- ‌[مَبْحَث عَن التَّحْرِير والتنوير]

- ‌التَّعْرِيف بالتفسير:

- ‌الْمنْهَج الْعَام للتفسير:

- ‌الْمنْهَج التفصيلي للمؤلف:

- ‌أَولا: أَسمَاء السُّور وَعدد الْآيَات وَالْوُقُوف وَبَيَان المناسبات:

- ‌ثَانِيًا: موقفه من العقيدة:

- ‌ثَالِثا: موقفه من تَفْسِير الْقُرْآن بِالْقُرْآنِ:

- ‌رَابِعا: موقفه من تَفْسِير الْقُرْآن بِالسنةِ:

- ‌خَامِسًا: موقفه من تَفْسِير الْقُرْآن بأقوال السّلف:

- ‌سادسا: موقفه من السِّيرَة والتاريخ وَذكر الْغَزَوَات:

- ‌سابعا: موقفه من الْإسْرَائِيلِيات:

- ‌ثامنا: موقفه من اللُّغَة:

- ‌تاسعا: موقفه من الْقرَاءَات:

- ‌عاشرا: موقفه من الْفِقْه وَالْأُصُول:

- ‌موقفه من النّسخ:

- ‌حادي عشر: موقفه من الْعُلُوم الحديثة والرياضة والفلسفة والمعجزات الكونية:

- ‌ثَانِي عشر: موقفه من المواعظ والآداب:

- ‌جملَة من الانتقادات

- ‌أَولا: ذُو ثِقَة زَائِدَة بِنَفسِهِ أوقعته فِي مزالق:

- ‌ثَانِيًا: صَاحب استطراد وتكلف خرج عَن حد التَّفْسِير جملَة وتفصيلا على الرغم من إهماله التَّفْسِير فِي مَوَاضِع لَا يسْتَغْنى عَن تَفْسِيرهَا:

- ‌ثَالِثا: ذُو ولع شَدِيد بِالنَّقْدِ وَإِن كَانَ هُنَاكَ مندوحة لترك الانتقاد

- ‌الْمُقَدِّمَةُ الْأُولَى فِي التَّفْسِيرِ وَالتَّأْوِيلِ وَكَوْنِ التَّفْسِيرِ عِلْمًا

- ‌ الْأَوَّلُ

- ‌وَالثَّانِي

- ‌وَالثَّالِثُ

- ‌الرَّابِعُ

- ‌الْخَامِسُ:

- ‌السَّادِسُ

- ‌الْمُقَدِّمَةُ الثَّانِيَةُ فِي اسْتِمْدَادِ عِلْمِ التَّفْسِيرِ

- ‌تَنْبِيهٌ:

- ‌الْمُقَدِّمَةُ الثَّالِثَةُ فِي صِحَّةِ التَّفْسِيرِ بِغَيْرِ الْمَأْثُورِ وَمَعْنَى التَّفْسِيرِ بِالرَّأْيِ وَنَحْوِهِ

- ‌أَوَّلُهَا:

- ‌ثَانِيهَا:

- ‌ثَالِثُهَا:

- ‌رَابِعُهَا:

- ‌خَامِسُهَا:

- ‌الْمُقَدِّمَةُ الرَّابِعَةُ فِيمَا يَحِقُّ أَنْ يَكُونَ غَرَضَ الْمُفَسِّرِ

- ‌الْأَوَّلُ:

- ‌الثَّانِي:

- ‌الثَّالِثُ:

- ‌الرَّابِعُ:

- ‌الْخَامِسُ:

- ‌السَّادِسُ:

- ‌السَّابِعُ:

- ‌الثَّامِنُ:

- ‌الْأُولَى:

- ‌الثَّانِيَةُ:

- ‌الثَّالِثَةُ:

- ‌الرَّابِعَةُ:

- ‌الْمُقَدِّمَةُ الْخَامِسَةُ فِي أَسْبَابِ النُّزُولِ

- ‌الْأَوَّلُ:

- ‌وَالثَّانِي:

- ‌وَالثَّالِثُ:

- ‌وَالرَّابِعُ:

- ‌وَالْخَامِسُ:

- ‌الْمُقَدِّمَةُ السَّادِسَةُ فِي الْقِرَاءَاتِ

- ‌أَمَّا الْحَالَةُ الْأُولَى:

- ‌وَأَمَّا الْحَالَةُ الثَّانِيَةُ:

- ‌مَرَاتِبُ الْقِرَاءَاتِ الصَّحِيحَةِ وَالتَّرْجِيحِ بَيْنَهَا

- ‌الْمُقَدِّمَةُ السَّابِعَةُ قَصَصُ الْقُرْآنِ

- ‌الْفَائِدَةُ الْأُولَى:

- ‌الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ الرَّابِعَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ الْخَامِسَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ السَّادِسَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ السَّابِعَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ الثَّامِنَة:

- ‌الْفَائِدَةُ التَّاسِعَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ الْعَاشِرَةُ:

- ‌أَحَدُهَا:

- ‌الثَّانِي:

- ‌الثَّالِثُ:

- ‌الرَّابِعُ:

- ‌الْخَامِسُ:

- ‌الْمُقَدِّمَةُ الثَّامِنَةُ فِي اسْمِ الْقُرْآنِ وَآيَاتِهِ وَسُوَرِهِ وَتَرْتِيبِهَا وَأَسْمَائِهَا

- ‌آيَات الْقُرْآن

- ‌تَرْتِيب الْآي

- ‌وقُوف الْقُرْآن

- ‌سور الْقُرْآن

- ‌الْمُقَدِّمَةُ التَّاسِعَةُ فِي أَنَّ الْمَعَانِيَ الَّتِي تَتَحَمَّلُهَا جُمَلُ الْقُرْآنِ تُعْتَبَرُ مُرَادَةً بِهَا

- ‌الْمُقَدِّمَةُ الْعَاشِرَةُ فِي إِعْجَازِ الْقُرْآنِ

- ‌الْجِهَةُ الْأُولَى:

- ‌الْجِهَةُ الثَّانِيَةُ:

- ‌الْجِهَةُ الثَّالِثَةُ:

- ‌مبتكرات الْقُرْآن

- ‌عادات الْقُرْآن

- ‌1- سُورَةُ الْفَاتِحَةِ

- ‌[سُورَة الْفَاتِحَة (1) : الْآيَات 1 الى 7]

- ‌الْكَلَام على الْبَسْمَلَة

- ‌الثَّانِي:

- ‌الدَّلِيلُ الْأَوَّلُ:

- ‌الثَّالِثُ:

- ‌الرَّابِعُ:

- ‌الْخَامِسُ:

- ‌السَّادِسُ

- ‌2- سُورَةُ الْبَقَرَةِ

- ‌محتويات هَذِه السُّورَة

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 1]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 2]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 3]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 4]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 5]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 6]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 7]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 8]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 9]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 10]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 11]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 12]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 13]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 14]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 15]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 16]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 17]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 18]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 19]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 20]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 21]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 22]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 23]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 24]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 25]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : الْآيَات 26 الى 27]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 28]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 29]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 30]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 31]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 32]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 33]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 34]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 35]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 36]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 37]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : الْآيَات 38 إِلَى 39]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 40]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 41]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 42]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 43]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 44]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : الْآيَات 45 إِلَى 46]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 47]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 48]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 49]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 50]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : الْآيَات 51 إِلَى 52]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 53]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 54]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : الْآيَات 55 إِلَى 56]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 57]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : الْآيَات 58 إِلَى 59]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 60]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 61]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 62]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : الْآيَات 63 إِلَى 64]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : الْآيَات 65 إِلَى 66]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 67]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 68]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 69]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : الْآيَات 70 الى 71]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : الْآيَات 72 إِلَى 73]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 74]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 75]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : الْآيَات 76 إِلَى 77]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 78]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 79]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : الْآيَات 80 إِلَى 82]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 83]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : الْآيَات 84 الى 86]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 87]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 88]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 89]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 90]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 91]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : الْآيَات 92 إِلَى 93]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : الْآيَات 94 إِلَى 95]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 96]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : الْآيَات 97 إِلَى 98]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : الْآيَات 99 إِلَى 101]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 102]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 103]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 104]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 105]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 106]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 107]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 108]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : الْآيَات 109 إِلَى 110]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : الْآيَات 111 إِلَى 112]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 113]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 114]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 115]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 116]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 117]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَةٌ 118]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 119]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 120]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 121]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : الْآيَات 122 إِلَى 123]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 124]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 125]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 126]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 127]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 128]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 129]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : الْآيَات 130 إِلَى 131]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 132]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 133]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 134]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 135]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 136]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 137]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 138]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 139]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 140]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 141]

الفصل: ‌[سورة البقرة (2) : آية 67]

مُحَافَظَةً عَلَى تَعْظِيمِ اسْمِ اللَّهِ تَعَالَى فَلَا فَوَاتَ لِلْحِكْمَةِ فِي ذَلِكَ، وَمَسْأَلَةُ الْحِيَلِ الشَّرْعِيَّةِ لَعَلَّنَا نَتَعَرَّضُ لَهَا فِي سُورَةِ ص وَفِيهَا تَمْحِيصٌ.

وَقَوْلُهُ: فَجَعَلْناها نَكالًا عَادَ فِيهِ الضَّمِيرُ عَلَى الْعُقُوبَةِ الْمُسْتَفَادَةِ مِنْ قَوْلِهِ: فَقُلْنا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً. وَالنَّكَالُ بِفَتْحِ النُّونِ الْعِقَابُ الشَّدِيدُ الَّذِي يَرْدَعُ الْمُعَاقَبَ عَنِ الْعَوْدِ لِلْجِنَايَةِ وَيَرْدَعُ غَيْرَهُ عَنِ ارْتِكَابِ مِثْلِهَا، وَهُوَ مُشْتَقٌّ مِنْ نَكَلَ إِذَا امْتَنَعَ وَيُقَالُ نَكَّلَ بِهِ تنكيلا ونكالا معنى عَاقَبَهُ بِمَا يَمْنَعُهُ مِنَ الْعَوْدِ. وَالْمُرَادُ بِمَا بَيْنَ يَدَيْهَا وَمَا خَلْفَهَا مَا قَارَنَهَا مِنْ مَعَاصِيهِمْ وَمَا سَبَقَ يَعْنِي أَنَّ تِلْكَ الْفِعْلَةَ كَانَتْ آخِرَ مَا فَعَلُوهُ فَنَزَلَتِ الْعُقُوبَةُ عِنْدَهَا وَلِمَا بَيْنَ يَدَيْهَا مِنَ الْأُمَمِ الْقَرِيبَةِ مِنْهَا وَلِمَا خَلْفَهَا مِنَ الْأُمَمِ الْبَعِيدَةِ. وَالْمَوْعِظَةُ مَا بِهِ الْوَعْظُ وَهُوَ التَّرْهِيبُ من الشَّرّ.

[67]

[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 67]

وَإِذْ قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً قالُوا أَتَتَّخِذُنا هُزُواً قالَ أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجاهِلِينَ (67)

تَعَرَّضَتْ هَذِهِ الْآيَةُ لِقِصَّةٍ مِنْ قَصَصِ بَنِي إِسْرَائِيلَ ظَهَرَ فِيهَا مِنْ قِلَّةِ التَّوْقِيرِ لِنَبِيِّهِمْ وَمِنَ الْإِعْنَاتِ فِي الْمَسْأَلَةِ وَالْإِلْحَاحِ فِيهَا إِمَّا لِلتَّفَصِّي مِنَ الِامْتِثَالِ وَإِمَّا لِبُعْدِ أَفْهَامِهِمْ عَنْ مَقْصِدِ

الشَّارِعِ وَرَوْمِهِمُ التَّوْقِيفَ عَلَى مَا لَا قَصْدَ إِلَيْهِ. قِيلَ: إِنَّ أَوَّلَ هَذِهِ الْقِصَّةِ هُوَ الْمَذْكُورُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْساً فَادَّارَأْتُمْ فِيها [الْبَقَرَة: 72] الْآيَة وَإِنَّ قَوْلَ مُوسَى: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً نَاشِيءٌ عَنْ قَتْلِ النَّفْسِ الْمَذْكُورَةِ، وَإِنَّ قَوْلَ مُوسَى قُدِّمَ هُنَا لِأَنَّ خِطَابَ مُوسَى عليه السلام لَهُمْ قَدْ نَشَأَ عَنْهُ ضَرْبٌ مِنْ مَذَامِّهِمْ فِي تَلَقِّي التَّشْرِيعِ وَهُوَ الِاسْتِخْفَافُ بِالْأَمْرِ حِينَ ظَنُّوهُ هُزُؤًا وَالْإِعْنَاتُ فِي الْمَسْأَلَةِ فَأُرِيدَ مِنْ تَقْدِيمِ جُزْءِ الْقِصَّةِ تَعَدُّدُ تَقْرِيعِهِمْ، هَكَذَا ذَكَرَ صَاحِبُ «الْكَشَّافِ» وَالْمُوَجِّهُونَ لِكَلَامِهِ، وَلَا يَخْفَى أَنَّ مَا وَجَّهُوا بِهِ تَقْدِيمَ جُزْءِ الْقِصَّةِ لَا يَقْتَضِي إِلَّا تَفْكِيكَ الْقِصَّةِ إِلَى قِصَّتَيْنِ تُعَنْوَنُ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا بِقَوْلِهِ: وَإِذْ مَعَ بَقَاءِ التَّرْتِيبِ، عَلَى أَنِ الْمَذَامَّ قَدْ تُعْرَفُ بِحِكَايَتِهَا وَالتَّنْبِيهِ عَلَيْهَا بِنَحْوِ قَوْلِهِ: أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجاهِلِينَ وَقَوْلِهِ: وَما كادُوا يَفْعَلُونَ [الْبَقَرَة: 71] .

فَالَّذِي يَظْهَرُ لِي أَنَّهُمَا قِصَّتَانِ أَشَارَتِ الْأُولَى وَهِيَ الْمَحْكِيَّةُ هُنَا إِلَى أَمْرِ مُوسَى إِيَّاهُمْ بِذَبْحِ بَقَرَةٍ وَهَذِهِ هِيَ الْقِصَّةُ الَّتِي أَشَارَتْ إِلَيْهَا التَّوْرَاةُ فِي السِّفْرِ الرَّابِعِ وَهُوَ سِفْرُ التَّشْرِيعِ الثَّانِي (تَثْنِيَةٌ) فِي الْإِصْحَاحِ 21 أَنَّهُ «إِذَا وُجِدَ قَتِيلٌ لَا يُعْلَمُ قَاتِلُهُ فَإِنَّ أَقْرَبَ الْقُرَى إِلَى مَوْقِعِ الْقَتِيلِ

ص: 546

يَخْرُجُ شُيُوخُهَا وَيُخْرِجُونَ عِجْلَةً مِنَ الْبَقَرِ لَمْ يُحْرَثْ عَلَيْهَا وَلَمْ تَنْجُرْ بِالنِّيرِ فَيَأْتُونَ بِهَا إِلَى وَادٍ دَائِمٍ السَّيَلَانِ لَمْ يُحْرَثْ وَلَمْ يُزْرَعْ ويقطعون عُنُقهَا هُنَا لَك وَيَتَقَدَّمُ الْكَهَنَةُ مَنْ بَنِي لَاوِي فَيَغْسِلُ شُيُوخُ تِلْكَ الْقَرْيَةِ أَيْدِيَهُمْ عَلَى الْعِجْلَةِ فِي الْوَادِي وَيَقُولُونَ لِمَ تَسْفِكْ أَيْدِينَا هَذَا الدَّمَ وَلَمْ تُبْصِرْ أَعْيُنُنَا سَافِكَهُ فَيَغْفِرُ لَهُمُ الدَّمُ» اهـ. هَكَذَا ذُكِرَتِ الْقِصَّةُ بِإِجْمَالٍ أَضَاعَ الْمَقْصُودَ وَأَبْهَمَ الْغَرَضَ مِنْ هَذَا الذَّبْحِ أَهْوَ إِضَاعَةُ ذَلِكَ الدَّمِ بَاطِلًا أَمْ هُوَ عِنْدَ تَعَذُّرِ مَعْرِفَةِ الْمُتَّهَمِ بِالْقَتْلِ؟ وَكَيْفَمَا كَانَ فَهَذِهِ بَقَرَةٌ مَشْرُوعَةٌ عِنْدَ كُلِّ قَتْلِ نَفْسٍ جُهِلَ قَاتِلُهَا وَهِيَ الْمُشَارُ إِلَيْهَا هُنَا، ثُمَّ كَانَ مَا حَدَثَ مِنْ قَتْلِ الْقَتِيلِ الَّذِي قَتَلَهُ أَبْنَاءُ عَمِّهِ وَجَاءُوا مُظْهِرِينَ الْمُطَالَبَةَ بِدَمِهِ وَكَانَتْ تِلْكَ النَّازِلَةُ نَزَلَتْ فِي يَوْمِ ذَبْحِ الْبَقَرَةِ فَأَمَرَهُمُ اللَّهُ بِأَنْ يَضْرِبُوا الْقَتِيلَ بِبَعْضِ تِلْكَ الْبَقَرَةِ الَّتِي شَأْنُهَا أَنْ تُذْبَحَ عِنْدَ جَهْلِ قَاتِلِ نَفْسٍ. وَبِذَلِكَ يَظْهَرُ وَجْهُ ذَكَرِهِمَا قِصَّتَيْنِ وَقَدْ أَجْمَلَ الْقُرْآنُ ذِكْرَ الْقِصَّتَيْنِ لِأَنَّ مَوْضِعَ التَّذْكِيرِ وَالْعِبْرَةِ مِنْهُمَا هُوَ مَا حَدَثَ فِي خِلَالِهِمَا لَا تَفْصِيلُ الْوَقَائِعِ فَكَانَتِ الْقِصَّةُ الأولى تشريعا سيق ذِكْرُهُ لِمَا قَارَنَهُ مِنْ تَلَقِّيهِمُ الْأَمْرَ بِكَثْرَةِ السُّؤَالِ الدَّالِّ عَلَى ضَعْفِ الْفَهْمِ لِلشَّرِيعَةِ وَعَلَى تَطَلُّبِ أَشْيَاءَ لَا يَنْبَغِي أَنْ يُظَنَّ اهْتِمَامُ التَّشْرِيعِ بِهَا، وَكَانَتِ الْقِصَّةُ الثَّانِيَةُ مِنَّةً عَلَيْهِمْ بِآيَةٍ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَمُعْجِزَةً مِنْ مُعْجِزَاتِ رَسُولِهِمْ بَيَّنَهَا اللَّهُ لَهُمْ لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا وَلِذَلِكَ خُتِمَتْ بِقَوْلِهِ: وَيُرِيكُمْ آياتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ

[الْبَقَرَة: 73] وَأُتْبِعَتْ بِقَوْلِهِ: ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذلِكَ [الْبَقَرَة: 74] .

وَالتَّأْكِيدُ فِي قَوْلِهِ: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ حِكَايَةٌ لِمَا عَبَّرَ بِهِ مُوسَى مِنَ الِاهْتِمَامِ بِهَذَا الْخَبَرِ الَّذِي لَوْ وَقَعَ فِي الْعَرَبِيَّةِ لَوَقَعَ مُؤَكَّدًا بِإِنَّ.

وَقَوْلهمْ: تَتَّخِذُنا هُزُواً اسْتِفْهَامٌ حَقِيقِيٌّ لِظَنِّهِمْ أَنَّ الْأَمْرَ بِذَبْحِ بَقَرَةٍ لِلِاسْتِبْرَاءِ مِنْ دَمِ قَتِيلٍ كَاللَّعِبِ وتَتَّخِذُنا بِمَعْنَى تَجْعَلُنَا وَسَيَأْتِي بَيَانُ أَصْلِ فِعْلِ اتَّخَذَ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى:

أَتَتَّخِذُ أَصْناماً آلِهَةً فِي سُورَةِ الْأَنْعَامِ [74] .

وَالْهُزُؤُ بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَالزَّايِ وَبِسُكُونِ الزَّاي مصدر هزأ بِهِ هَزْءًا وَهُوَ هُنَا مَصْدَرٌ بِمَعْنَى الْمَفْعُولِ كَالصَّيْدِ وَالْخَلْقِ.

وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ (هُزُؤًا) بِضَمَّتَيْنِ وَهَمْزٍ بَعْدَ الزَّايِ وَصْلًا وَوَقْفًا، وَقَرَأَ حَمْزَةُ بِسُكُونِ الزَّايِ وَبِالْهَمْزِ وَصْلًا، وَوَقَفَ عَلَيْهِ بِتَخْفِيفِ الْهَمْزِ وَاوًا وَقَدْ رُسِمَتْ فِي الْمُصْحَفِ وَاوًا، وَقَرَأَ حَفْصٌ بِضَمِّ الزَّايِ وَتَخْفِيفِ الْهَمْزِ وَاوًا فِي الْوَصْلِ وَالْوَقْفِ.

ص: 547