المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[سورة البقرة (2) : آية 139] - التحرير والتنوير - جـ ١

[ابن عاشور]

فهرس الكتاب

- ‌بَين يَدي الْكتاب

- ‌[تَرْجَمَة ابْن عاشور، بقلم مصطفى عاشور:]

- ‌من هُوَ

- ‌سفير الدعْوَة

- ‌آراء ومناصب

- ‌التَّحْرِير والتنوير

- ‌مقاصد الشَّرِيعَة

- ‌محنة التَّجْنِيس

- ‌صدق الله وَكذب بورقيبة

- ‌وَفَاته

- ‌[تَرْجَمَة ابْن عاشور، بقلم الْمهْدي بن حميدة]

- ‌1- آل عاشور

- ‌2- مولده ونشأته

- ‌3- مسيرته الدراسية والعلمية

- ‌4- شُيُوخه

- ‌5- تأثره بمفكري عصره

- ‌6- إصلاحاته ورؤيته للإصلاح

- ‌ تطور الْعُلُوم

- ‌ المسيرة النضالية

- ‌7- كتاباته ومؤلفاته

- ‌[مَبْحَث عَن التَّحْرِير والتنوير]

- ‌التَّعْرِيف بالتفسير:

- ‌الْمنْهَج الْعَام للتفسير:

- ‌الْمنْهَج التفصيلي للمؤلف:

- ‌أَولا: أَسمَاء السُّور وَعدد الْآيَات وَالْوُقُوف وَبَيَان المناسبات:

- ‌ثَانِيًا: موقفه من العقيدة:

- ‌ثَالِثا: موقفه من تَفْسِير الْقُرْآن بِالْقُرْآنِ:

- ‌رَابِعا: موقفه من تَفْسِير الْقُرْآن بِالسنةِ:

- ‌خَامِسًا: موقفه من تَفْسِير الْقُرْآن بأقوال السّلف:

- ‌سادسا: موقفه من السِّيرَة والتاريخ وَذكر الْغَزَوَات:

- ‌سابعا: موقفه من الْإسْرَائِيلِيات:

- ‌ثامنا: موقفه من اللُّغَة:

- ‌تاسعا: موقفه من الْقرَاءَات:

- ‌عاشرا: موقفه من الْفِقْه وَالْأُصُول:

- ‌موقفه من النّسخ:

- ‌حادي عشر: موقفه من الْعُلُوم الحديثة والرياضة والفلسفة والمعجزات الكونية:

- ‌ثَانِي عشر: موقفه من المواعظ والآداب:

- ‌جملَة من الانتقادات

- ‌أَولا: ذُو ثِقَة زَائِدَة بِنَفسِهِ أوقعته فِي مزالق:

- ‌ثَانِيًا: صَاحب استطراد وتكلف خرج عَن حد التَّفْسِير جملَة وتفصيلا على الرغم من إهماله التَّفْسِير فِي مَوَاضِع لَا يسْتَغْنى عَن تَفْسِيرهَا:

- ‌ثَالِثا: ذُو ولع شَدِيد بِالنَّقْدِ وَإِن كَانَ هُنَاكَ مندوحة لترك الانتقاد

- ‌الْمُقَدِّمَةُ الْأُولَى فِي التَّفْسِيرِ وَالتَّأْوِيلِ وَكَوْنِ التَّفْسِيرِ عِلْمًا

- ‌ الْأَوَّلُ

- ‌وَالثَّانِي

- ‌وَالثَّالِثُ

- ‌الرَّابِعُ

- ‌الْخَامِسُ:

- ‌السَّادِسُ

- ‌الْمُقَدِّمَةُ الثَّانِيَةُ فِي اسْتِمْدَادِ عِلْمِ التَّفْسِيرِ

- ‌تَنْبِيهٌ:

- ‌الْمُقَدِّمَةُ الثَّالِثَةُ فِي صِحَّةِ التَّفْسِيرِ بِغَيْرِ الْمَأْثُورِ وَمَعْنَى التَّفْسِيرِ بِالرَّأْيِ وَنَحْوِهِ

- ‌أَوَّلُهَا:

- ‌ثَانِيهَا:

- ‌ثَالِثُهَا:

- ‌رَابِعُهَا:

- ‌خَامِسُهَا:

- ‌الْمُقَدِّمَةُ الرَّابِعَةُ فِيمَا يَحِقُّ أَنْ يَكُونَ غَرَضَ الْمُفَسِّرِ

- ‌الْأَوَّلُ:

- ‌الثَّانِي:

- ‌الثَّالِثُ:

- ‌الرَّابِعُ:

- ‌الْخَامِسُ:

- ‌السَّادِسُ:

- ‌السَّابِعُ:

- ‌الثَّامِنُ:

- ‌الْأُولَى:

- ‌الثَّانِيَةُ:

- ‌الثَّالِثَةُ:

- ‌الرَّابِعَةُ:

- ‌الْمُقَدِّمَةُ الْخَامِسَةُ فِي أَسْبَابِ النُّزُولِ

- ‌الْأَوَّلُ:

- ‌وَالثَّانِي:

- ‌وَالثَّالِثُ:

- ‌وَالرَّابِعُ:

- ‌وَالْخَامِسُ:

- ‌الْمُقَدِّمَةُ السَّادِسَةُ فِي الْقِرَاءَاتِ

- ‌أَمَّا الْحَالَةُ الْأُولَى:

- ‌وَأَمَّا الْحَالَةُ الثَّانِيَةُ:

- ‌مَرَاتِبُ الْقِرَاءَاتِ الصَّحِيحَةِ وَالتَّرْجِيحِ بَيْنَهَا

- ‌الْمُقَدِّمَةُ السَّابِعَةُ قَصَصُ الْقُرْآنِ

- ‌الْفَائِدَةُ الْأُولَى:

- ‌الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ الرَّابِعَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ الْخَامِسَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ السَّادِسَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ السَّابِعَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ الثَّامِنَة:

- ‌الْفَائِدَةُ التَّاسِعَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ الْعَاشِرَةُ:

- ‌أَحَدُهَا:

- ‌الثَّانِي:

- ‌الثَّالِثُ:

- ‌الرَّابِعُ:

- ‌الْخَامِسُ:

- ‌الْمُقَدِّمَةُ الثَّامِنَةُ فِي اسْمِ الْقُرْآنِ وَآيَاتِهِ وَسُوَرِهِ وَتَرْتِيبِهَا وَأَسْمَائِهَا

- ‌آيَات الْقُرْآن

- ‌تَرْتِيب الْآي

- ‌وقُوف الْقُرْآن

- ‌سور الْقُرْآن

- ‌الْمُقَدِّمَةُ التَّاسِعَةُ فِي أَنَّ الْمَعَانِيَ الَّتِي تَتَحَمَّلُهَا جُمَلُ الْقُرْآنِ تُعْتَبَرُ مُرَادَةً بِهَا

- ‌الْمُقَدِّمَةُ الْعَاشِرَةُ فِي إِعْجَازِ الْقُرْآنِ

- ‌الْجِهَةُ الْأُولَى:

- ‌الْجِهَةُ الثَّانِيَةُ:

- ‌الْجِهَةُ الثَّالِثَةُ:

- ‌مبتكرات الْقُرْآن

- ‌عادات الْقُرْآن

- ‌1- سُورَةُ الْفَاتِحَةِ

- ‌[سُورَة الْفَاتِحَة (1) : الْآيَات 1 الى 7]

- ‌الْكَلَام على الْبَسْمَلَة

- ‌الثَّانِي:

- ‌الدَّلِيلُ الْأَوَّلُ:

- ‌الثَّالِثُ:

- ‌الرَّابِعُ:

- ‌الْخَامِسُ:

- ‌السَّادِسُ

- ‌2- سُورَةُ الْبَقَرَةِ

- ‌محتويات هَذِه السُّورَة

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 1]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 2]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 3]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 4]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 5]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 6]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 7]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 8]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 9]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 10]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 11]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 12]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 13]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 14]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 15]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 16]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 17]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 18]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 19]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 20]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 21]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 22]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 23]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 24]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 25]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : الْآيَات 26 الى 27]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 28]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 29]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 30]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 31]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 32]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 33]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 34]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 35]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 36]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 37]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : الْآيَات 38 إِلَى 39]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 40]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 41]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 42]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 43]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 44]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : الْآيَات 45 إِلَى 46]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 47]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 48]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 49]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 50]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : الْآيَات 51 إِلَى 52]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 53]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 54]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : الْآيَات 55 إِلَى 56]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 57]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : الْآيَات 58 إِلَى 59]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 60]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 61]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 62]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : الْآيَات 63 إِلَى 64]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : الْآيَات 65 إِلَى 66]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 67]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 68]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 69]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : الْآيَات 70 الى 71]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : الْآيَات 72 إِلَى 73]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 74]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 75]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : الْآيَات 76 إِلَى 77]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 78]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 79]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : الْآيَات 80 إِلَى 82]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 83]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : الْآيَات 84 الى 86]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 87]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 88]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 89]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 90]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 91]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : الْآيَات 92 إِلَى 93]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : الْآيَات 94 إِلَى 95]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 96]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : الْآيَات 97 إِلَى 98]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : الْآيَات 99 إِلَى 101]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 102]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 103]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 104]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 105]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 106]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 107]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 108]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : الْآيَات 109 إِلَى 110]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : الْآيَات 111 إِلَى 112]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 113]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 114]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 115]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 116]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 117]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَةٌ 118]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 119]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 120]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 121]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : الْآيَات 122 إِلَى 123]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 124]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 125]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 126]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 127]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 128]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 129]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : الْآيَات 130 إِلَى 131]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 132]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 133]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 134]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 135]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 136]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 137]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 138]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 139]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 140]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 141]

الفصل: ‌[سورة البقرة (2) : آية 139]

مِنْ قَوْلِهِ قَبْلَ الْمَنْزِلِ، وَقَوْلِهِ تَعَالَى: صِبْغَةَ اللَّهِ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ وَالتَّقْدِيرُ فِي الْآيَةِ أَدَقُّ مِنْ تَقْدِيرِ بَيْتِ أَبِي تَمَّامٍ وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى مَا هُوَ مَعْلُومٌ مِنْ عَادَةِ النَّصَارَى وَالْيَهُودِ بِدَلَالَةِ قَوْلِهِ: كُونُوا هُوداً أَوْ نَصارى [الْبَقَرَة: 135] عَلَى مَا يَتَضَمَّنُهُ مِنَ التَّعْمِيدِ.

وَالِاسْتِفْهَامُ فِي قَوْلِهِ: وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً إِنْكَارِيٌّ وَمَعْنَاهُ لَا أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ فِي شَأْنِ صِبْغَتِهِ، فَانْتَصَبَ (صِبْغَةَ) عَلَى التَّمْيِيزِ، تَمْيِيزُ نِسْبَةٍ مُحَوَّلٌ عَنْ مُبْتَدَأٍ ثَانٍ يُقَدَّرُ بَعْدَ (مَنْ) فِي قَوْلِهِ: وَمَنْ أَحْسَنُ وَالتَّقْدِيرُ وَمَنْ صِبْغَتُهُ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ أَيْ مِنْ صِبْغَةِ اللَّهِ قَالَ أَبُو حَيَّانَ فِي «الْبَحْرِ الْمُحِيطِ» : وَقُلْ مَا ذَكَرَ النُّحَاةُ فِي التَّمْيِيزِ الْمُحَوَّلِ عَنِ الْمُبْتَدَأِ.

وَقَدْ تَأْتِي بِهَذَا التَّحْوِيلِ فِي التَّمْيِيزِ إِيجَازٌ بَدِيعٌ إِذْ حُذِفَ كَلِمَتَانِ بِدُونِ لَبْسٍ فَإِنَّهُ لَمَّا أُسْنِدَتِ الْأَحْسَنِيَّةُ إِلَى مَنْ جَازَ دُخُولُ مَنِ التَّفْضِيلِيَّةُ عَلَى اسْمِ الْجَلَالَةِ بِتَقْدِيرِ مُضَافٍ لِأَنَّ

ذَلِكَ التَّحْوِيلَ جَعَلَ مَا أُضِيفَتْ إِلَيْهِ صِبْغَةُ هُوَ الْمَحْكُومُ عَلَيْهِ بِانْتِفَاءِ الْأَحْسَنِيَّةُ فَعُلِمَ أَنَّ الْمُفَضَّلَ عَلَيْهِ هُوَ الْمُضَافُ الْمُقَدَّرُ أَيْ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنْ صِبْغَةِ اللَّهِ.

وَجُمْلَةُ وَنَحْنُ لَهُ عابِدُونَ عَطْفٌ عَلَى آمَنَّا وَفِي تَقْدِيمِ الْجَارِّ وَالْمَجْرُورِ عَلَى عَامِلِهِ فِي قَوْلِهِ: لَهُ عابِدُونَ إِفَادَةُ قَصْرٍ إِضَافِيٍّ عَلَى النَّصَارَى الَّذِينَ اصْطَبَغُوا بِالْمَعْمُودِيَّةِ لَكِنَّهُمْ عبدُوا الْمَسِيح.

[139]

[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 139]

قُلْ أَتُحَاجُّونَنا فِي اللَّهِ وَهُوَ رَبُّنا وَرَبُّكُمْ وَلَنا أَعْمالُنا وَلَكُمْ أَعْمالُكُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُخْلِصُونَ (139)

قُلْ أَتُحَاجُّونَنا فِي اللَّهِ وَهُوَ رَبُّنا وَرَبُّكُمْ وَلَنا أَعْمالُنا وَلَكُمْ أَعْمالُكُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُخْلِصُونَ (139) .

اسْتِئْنَافٌ عَنْ قَوْلِهِ قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ [الْبَقَرَة: 136] كَمَا تقدم هُنَا لَك، وتُحَاجُّونَنا خِطَابٌ لِأَهْلِ الْكِتَابِ لِأَنَّهُ جَوَابُ كَلَامِهُمُ السَّابِقُ وَلِدَلِيلِ قَوْلِهِ الْآتِي: أَمْ تَقُولُونَ إِنَّ إِبْراهِيمَ وَإِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْباطَ كانُوا هُوداً أَوْ نَصارى [الْبَقَرَة: 140] .

وَالِاسْتِفْهَامُ لِلتَّعَجُّبِ وَالتَّوْبِيخِ، وَمَعْنَى الْمُحَاجَّةُ فِي اللَّهِ الْجِدَال فِي شؤونه بِدَلَالَةِ الِاقْتِضَاءِ إِذْ لَا مُحَاجَّةَ فِي الذَّاتِ بِمَا هِيَ ذَاتٌ وَالْمُرَادُ الشَّأْنُ الَّذِي حَمَلَ أَهْلَ الْكِتَابِ عَلَى الْمُحَاجَّةِ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ فِيهِ وَهُوَ مَا تَضَمَّنَتْهُ بَعْثَةُ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم مِنْ أَنَّ اللَّهَ نَسَخَ شَرِيعَةَ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى وَأَنَّهُ فَضَّلَهُ وَفَضَّلَ أُمَّتَهُ، وَمُحَاجَّتَهُمْ رَاجِعَةٌ إِلَى الْحَسَدِ وَاعْتِقَادِ اخْتِصَاصِهِمْ بِفَضْلِ اللَّهِ تَعَالَى وَكَرَامَتِهِ.

ص: 745

فَلِذَلِكَ كَانَ لِقَوْلِهِ وَهُوَ رَبُّنا وَرَبُّكُمْ مُوقِعٌ فِي تَأْيِيدِ الْإِنْكَارِ أَيْ بَلَغَتْ بِكُمُ الْوَقَاحَةُ إِلَى أَنْ تُحَاجُّونَا فِي إِبْطَالِ دَعْوَةِ الْإِسْلَامِ بِلَا دَلِيلٍ سِوَى زَعْمِكُمْ أَنَّ اللَّهَ اخْتَصَّكُمْ بِالْفَضِيلَةِ مَعَ أَنَّ اللَّهَ رَبُّنَا كَمَا هُوَ ربكُم فَلَمَّا ذَا لَا يَمُنُّ عَلَيْنَا بِمَا مَنَّ بِهِ عَلَيْكُمْ؟.

فَجُمْلَةُ وَهُوَ رَبُّنا حَالِيَّةٌ أَيْ كَيْفَ تُحَاجُّونَنَا فِي هَاتِهِ الْحَالَةِ الْمَعْرُوفَةِ الَّتِي لَا تَقْبَلُ الشَّكَّ، وَبِهَذِهِ الْجُمْلَةِ حَصَلَ بَيَانٌ لِمَوْضُوعِ الْمُحَاجَّةِ، وَكَذَلِكَ جُمْلَةُ وَلَنا أَعْمالُنا وَلَكُمْ أَعْمالُكُمْ وَهِيَ عَطْفٌ عَلَى الْحَالِ ارْتِقَاءً فِي إِبْطَالِ مُجَادَلَتِهِمْ بَعْدَ بَيَانِ أَنَّ الْمَرْبُوبِيَّةَ تُؤَهِّلُ لِإِنْعَامِهِ كَمَا أَهَّلَتْهُمْ، ارْتقى فَجعل مرج رِضَى اللَّهِ تَعَالَى عَلَى عِبَادِهِ أَعْمَالَهُمْ فَإِذَا كَانَ قَدْ أَكْرَمَكُمْ لِأَجْلِ الْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ فَلَعَلَّهُ أَكْرَمَنَا لِأَجْلِ صَالِحَاتِ أَعْمَالِنَا فَتَعَالَوْا فَانْظُرُوا أَعْمَالَكُمْ وَانْظُرُوا أَعْمَالَنَا تَجِدُوا حَالَنَا أَقْرَبَ إِلَى الصَّلَاحِ مِنْكُمْ.

قَالَ الْبَيْضَاوِيُّ: «كَأَنَّهُ أَلْزَمَهُمْ عَلَى كُلِّ مَذْهَبٍ يَنْتَحُونَهُ إِفْحَامًا وَتَبْكِيتًا فَإِنَّ كَرَامَةَ النُّبُوءَةِ إِمَّا تَفَضُّلٌ مِنَ اللَّهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ فَالْكُلُّ فِيهِ سَوَاءٌ وَإِمَّا إِفَاضَةُ حَقٍّ عَلَى الْمُسْتَعِدِّينَ لَهَا بِالْمُوَاظَبَةِ عَلَى الطَّاعَةِ فَكَمَا أَنَّ لَكُمْ أَعْمَالًا رُبَّمَا يَعْتَبِرُهَا اللَّهُ فِي إِعْطَائِهَا فَلَنَا أَيْضًا أَعْمَالٌ» .

وَتَقْدِيمُ الْمَجْرُورِ فِي لَنا أَعْمالُنا لِلِاخْتِصَاصِ أَيْ لَنَا أَعْمَالُنَا لَا أَعْمَالُكُمْ فَلَا تُحَاجُّونَا فِي أَنَّكُمْ أَفْضَلُ مِنَّا، وَعَطَفَ وَلَكُمْ أَعْمالُكُمْ احْتِرَاسٌ لِدَفْعِ تَوَهُّمِ أَنْ يَكُونَ الْمُسْلِمُونَ مُشَارِكِينَ لِلْمُخَاطَبِينَ فِي أَعْمَالِهِمْ وَأَنَّ لَنَا أَعْمَالَنَا يُفِيدُ اخْتِصَاصَ الْمُتَكَلِّمِينَ بِمَا عَمِلُوا مَعَ الِاشْتِرَاكِ فِي أَعْمَالِ الْآخَرِينَ وَهُوَ نَظِيرُ عَطْفِ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَلِيَ دِينِ عَلَى قَوْلِهِ: لَكُمْ دِينُكُمْ [الْكَافِرُونَ: 6] .

وَهَذَا كُلُّهُ مِنَ الْكَلَامِ الْمُصَنَّفِ مِثْلَ قَوْلِهِ تَعَالَى: وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلى هُدىً أَوْ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ [سبأ: 24] .

وَجُمْلَةُ نَحْنُ لَهُ مُخْلِصُونَ عَطْفٌ آخَرَ عَلَى جُمْلَةِ الْحَالِ وَهِيَ ارْتِقَاءٌ ثَالِثٌ لِإِظْهَارِ أَنَّ الْمُسْلِمِينَ أَحَقُّ بِإِفَاضَةِ الْخَيْرِ فَإِنَّهُمْ وَإِنِ اشْتَرَكُوا مَعَ الْآخَرِينَ فِي الْمَرْبُوبِيَّةِ وَفِي الصَّلَاحِيَةِ لِصُدُورِ الْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ فَالْمُسْلِمُونَ قَدْ أَخْلَصُوا دِينَهُمْ لِلَّهِ وَمُخَالِفُوهُمْ قَدْ خَلَطُوا عِبَادَةَ اللَّهِ بِعِبَادَةِ غَيره، أَي فَلَمَّا ذَا لَا نَكُونُ نَحْنُ أَقْرَبُ إِلَى رِضَى اللَّهِ مِنْكُمْ إِلَيْهِ؟.

وَالْجُمْلَةُ الِاسْمِيَّةُ مُفِيدَةُ الدَّوَامِ عَلَى الْإِخْلَاصِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ: وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ [الْبَقَرَة: 136] .

ص: 746