الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ أَيِ السَّمِيعُ لِأَذَاهُمْ بِالْقَوْلِ الْعَلِيمِ بِضَمَائِرِهِمْ أَيِ اطْمَئِنَّ بِأَنَّ اللَّهَ كَافِيكَ مَا تَتَوَجَّسُ مِنْ شَرِّهِمْ وَأَذَاهُمْ بِكَثْرَتِهِمْ، وَفِي قَوْلِهِ: فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ وعد ووعيد.
[138]
[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 138]
صِبْغَةَ اللَّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً وَنَحْنُ لَهُ عابِدُونَ (138)
هَذَا مُتَّصِلٌ بِالْقَوْلِ الْمَأْمُورِ بِهِ فِي قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ [الْبَقَرَة: 136] وَمَا بَيْنَهَا اعْتِرَاضٌ كَمَا عَلِمْتَ وَالْمَعْنَى آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ الْأَنْبِيَاءِ مِنْ قَبْلُ إِيمَانًا صِبْغَةَ اللَّهِ.
وَصِبْغَةُ- بِكَسْرِ الصَّادِ- أَصْلُهَا صِبْغٌ بِدُونِ عَلَامَةِ تَأْنِيثٍ وَهُوَ الشَّيْءُ الَّذِي يُصْبَغُ بِهِ
بِزِنَةِ فِعْلٍ الدَّالِّ عَلَى مَعْنَى الْمَفْعُولِ مِثْلَ ذِبْحٍ وَقِشْرٍ وَكِسْرٍ وَفِلْقٍ. وَاتِّصَالُهُ بِعَلَامَةِ التَّأْنِيث لإِرَادَة الْوَاحِدَة مِثْلَ تَأْنِيثِ قِشْرَةٍ وَكَسْرَةٍ وَفِلْقَةٍ، فَالصِّبْغَةُ الصِّبْغُ الْمُعَيَّنُ الْمَحَضَّرُ لِأَنْ يُصْبَغَ بِهِ. وَانْتِصَابُهُ عَلَى أَنَّهُ مَفْعُولٌ مُطْلَقٌ نَائِبٌ عَنْ عَامِلِهِ أَيْ صَبَغْنَا صِبْغَةَ اللَّهِ كَمَا انْتَصَبَ وَعْدَ اللَّهِ لَا يُخْلِفُ اللَّهُ وَعْدَهُ [الرّوم: 6] بَعْدَ قَوْلِهِ: يَنْصُرُ مَنْ يَشاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ [الرّوم: 5] بِتَقْدِيرِ وَعْدَهُمُ النَّصْرَ. أَوْ عَلَى أَنَّهُ بَدَلٌ مِنْ قَوْلِهِ: مِلَّةَ إِبْراهِيمَ [الْبَقَرَة: 135] أَيِ الْمِلَّةَ الَّتِي جَعَلَهَا اللَّهُ شِعَارَنَا كَالصِّبْغَةِ عِنْدَ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى، أَوْ مَنْصُوبًا وَصَفًا لِمَصْدَرٍ مَحْذُوفٍ دَلَّ عَلَيْهِ فِعْلُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَالتَّقْدِيرُ آمَنَّا إِيمَانًا صِبْغَةَ اللَّهِ، وَهَذَا هُوَ الْوَجْهُ الْمُلَائِمُ لِإِطْلَاقِ صِبْغَةَ عَلَى وَجْهِ الْمُشَاكَلَةِ، وَمَا ادَّعَاهُ صَاحِبُ «الْكَشَّافِ» مِنْ أَنَّهُ يُفْضِي إِلَى تَفْكِيكِ النَّظْمِ تَهْوِيلٌ لَا يُعْبَأُ بِهِ فِي الْكَلَامِ الْبَلِيغِ لِأَنَّ الْتِئَامَ الْمَعَانِي وَالسِّيَاقِ يَدْفَعُ التَّفَكُّكَ، وَهَلِ الِاعْتِرَاضُ وَالْمُتَعَلِّقَاتُ إِلَّا مِنْ قَبِيلِ الْفَصْلِ يَتَفَكَّكُ بِهَا الْأَلْفَاظُ وَلَا تُؤَثِّرُ تَفَكُّكًا فِي الْمَعَانِي، وَجَعَلَهُ صَاحِبُ «الْكَشَّافِ» تَبَعًا لِسِيبَوَيْهَ مَصْدَرًا مُبَيِّنًا لِلْحَالَةِ مِثْلَ الْجِلْسَةِ وَالْمِشْيَةِ وَجَعَلُوا نَصْبَهُ عَلَى الْمَفْعُولِ الْمُطْلَقِ الْمُؤَكِّدِ لِنَفْسِهِ أَيْ لِشَيْءٍ هُوَ عَيْنُهُ أَيْ أَنَّ مَفْهُومَ الْمُؤَكَّدِ (بِالْفَتْحِ) وَالتَّأْكِيدِ مُتَّحِدَانِ فَيَكُونُ مُؤَكِّدًا لَآمَنَّا لِأَنَّ الْإِيمَانَ وَالصِّبْغَةَ مُتَلَازِمَانِ عَلَى حَدِّ انْتِصَابِ وَعْدَ اللَّهِ مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: وَعْدَ اللَّهِ لَا يُخْلِفُ اللَّهُ وَعْدَهُ تَوْكِيدًا لِمَضْمُونِ الْجُمْلَةِ الَّتِي قَبْلَهُ وَهِيَ قَوْلُهُ: وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ بِنَصْرِ اللَّهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشاءُ [الرّوم:
4، 5] وَفِيه تكلفنان لَا يَخْفَيَانِ.
وَالصِّبْغَةُ هُنَا اسْمٌ لِلْمَاءِ الَّذِي يَغْتَسِلُ بِهِ الْيَهُودُ عُنْوَانًا عَلَى التَّوْبَةِ لِمَغْفِرَةِ الذُّنُوبِ وَالْأَصْلُ فِيهَا عِنْدَهُمُ الِاغْتِسَالُ الَّذِي جَاءَ فَرْضَهُ فِي التَّوْرَاةِ عَلَى الْكَاهِنِ إِذَا أَرَادَ تَقْدِيمَ قُرْبَانَ كَفَّارَةٍ
عَنِ الْخَطِيئَةِ عَنْ نَفْسِهِ أَوْ عَنْ أَهْلِ بَيْتِهِ، وَالِاغْتِسَالُ الَّذِي يَغْتَسِلُهُ الْكَاهِنُ أَيْضًا فِي عِيدِ الْكَفَّارَةِ عَنْ خَطَايَا بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي كُلِّ عَامٍ، وَعِنْدَ النَّصَارَى الصِّبْغَةُ أَصْلُهَا التَّطَهُّرُ فِي نَهْرِ الْأُرْدُنِ وَهُوَ اغْتِسَالٌ سَنَّهُ النَّبِيءُ يحيى بن زَكَرِيَّاء لِمَنْ يَتُوبُ مِنَ الذُّنُوبِ فَكَانَ يَحْيَى يَعِظُ بَعْضَ النَّاسِ بِالتَّوْبَةِ فَإِذَا تَابُوا أَتَوْهُ فَيَأْمُرُهُمْ بِأَنْ يَغْتَسِلُوا فِي نَهْرِ الْأُرْدُنِ رَمَزًا لِلتَّطَهُّرِ الرُّوحَانِيِّ وَكَانُوا يُسَمُّونَ ذَلِكَ «مَعْمُوذِيتَ» بِذَالٍ مُعْجَمَةٍ وَبِتَاءٍ فَوْقِيَّةٍ فِي آخِرِهِ وَيَقُولُونَ أَيْضا معموذيتا بِأَلْفٍ بَعْدِ التَّاءِ وَهِيَ كَلِمَةٌ مِنَ اللُّغَةِ الْآرَامِيَّةِ مَعْنَاهَا الطَّهَارَةُ، وَقَدْ عَرَّبَهُ الْعَرَبُ فَقَالُوا مَعْمُودِيَّةَ بِالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ وَهَاءُ تَأْنِيثٍ فِي آخِرِهِ وَيَاؤُهُ التَّحْتِيَّةُ مُخَفَّفَةٌ.
وَكَانَ عِيسَى بْنُ مَرْيَمَ حِينَ تَعَمَّدَ بِمَاءِ الْمَعْمُودِيَّةِ أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْوَحْيَ بِالرِّسَالَةِ وَدَعَا الْيَهُودَ إِلَى مَا أَوْحَى اللَّهُ بِهِ إِلَيْهِ وَحَدَثَ كُفْرُ الْيَهُودِ بِمَا جَاءَ بِهِ عِيسَى وَقَدْ آمَنَ بِهِ يَحْيَى فَنَشَأَ
الشِّقَاقُ بَيْنَ الْيَهُودِ وَبَيْنَ يَحْيَى وَعِيسَى فَرَفَضَ الْيَهُودُ التَّعْمِيدَ، وَكَانَ عِيسَى قَدْ عَمَّدَ الْحَوَارِيِّينَ الَّذِينَ آمَنُوا بِهِ، فَتُقُرِّرَ فِي سُنَّةِ النَّصَارَى تَعْمِيدَ مَنْ يَدْخُلُ فِي دِينِ النَّصْرَانِيَّةِ كَبِيرًا، وَقَدْ تَعَمَّدَ قُسْطَنْطِينُ قَيْصَرُ الرُّومِ حِينَ دَخَلَ فِي دِينِ النَّصْرَانِيَّةِ، أَمَّا مَنْ يُوَلَدُ لِلنَّصَارَى فَيُعَمِّدُونَهُ فِي الْيَوْمِ السَّابِعِ مِنْ وِلَادَتِهِ.
وَإِطْلَاقُ اسْمِ الصِّبْغَةِ عَلَى الْمَعْمُودِيَّةِ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مِنْ مُبْتَكَرَاتِ الْقُرْآنِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ نَصَارَى الْعَرَبِ سَمُّوا ذَلِكَ الْغَسْلِ صِبْغَةً، وَلَمْ أَقِفْ عَلَى مَا يُثْبِتُ ذَلِكَ مِنْ كَلَامِهِمْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، وَظَاهِرُ كَلَامِ الرَّاغِبِ أَنَّهُ إِطْلَاقٌ قَدِيمٌ عِنْدَ النَّصَارَى إِذْ قَالَ:«وَكَانَتِ النَّصَارَى إِذَا وُلِدَ لَهُمْ وَلَدٌ غَمَسُوهُ بَعْدَ السَّابِعِ فِي مَاءِ مَعْمُودِيَّةَ يَزْعُمُونَ أَنَّ ذَلِكَ صِبْغَةً لَهُمْ» .
أَمَّا وَجْهُ تَسْمِيَةِ الْمَعْمُودِيَّةِ (صِبْغَةً) فَهُوَ خَفِيٌّ إِذْ لَيْسَ لِمَاءِ الْمَعْمُودِيَّةِ لَوْنٌ فَيُطْلَقُ عَلَى التَّلَطُّخِ بِهِ مَادَّةُ ص ب غ وَفِي «دَائِرَةِ الْمَعَارِفِ الْإِسْلَامِيَّةِ» (1) أَنَّ أَصْلَ الْكَلِمَةِ مِنَ الْعِبْرِيَّةِ ص ب ع أَيْ غَطَسَ، فَيَقْتَضِي أَنَّهُ لَمَّا عُرِّبَ أَبْدَلُوا الْعَيْنَ الْمُهْمَلَةَ غَيْنًا مُعْجَمَةً لَعَلَّهُ لندرة مَادَّة صبع بِالْعَيْنِ الْمُهْمِلَةِ فِي الْمُشْتَقَّاتِ وَأَيًّا مَا كَانَ فَإِطْلَاقُ الصِّبْغَةِ عَلَى مَاءِ الْمَعْمُودِيَّةِ أَوْ عَلَى الِاغْتِسَالِ بِهِ اسْتِعَارَةٌ مَبْنِيَّةٌ عَلَى تَشْبِيهٍ وَجْهُهُ تَخْيِيلِيٌّ إِذْ تَخَيَّلُوا أَنَّ التَّعْمِيدَ يُكْسِبُ الْمُعَمَّدَ بِهِ صِفَةَ النَّصْرَانِيَّةِ وَيُلَوِّنُهُ بِلَوْنِهَا كَمَا يُلَوِّنُ الصِّبْغُ ثَوْبًا مَصْبُوغًا وَقَرِيبٌ مِنْهُ إِطْلَاقُ الصِّبْغِ عَلَى عَادَةِ الْقَوْمِ وَخُلُقِهِمْ وَأَنْشَدُوا لِبَعْضِ مُلُوكِ هَمْدَانَ:
(1) فِي مَادَّة الصابئة.
وَكُلُّ أُنَاسٍ لَهُمْ صِبْغَةٌ
…
وَصِبْغَةُ هَمْدَانَ خَيْرُ الصِّبَغِ
صَبَغْنَا عَلَى ذَلِكَ أَبْنَاءَنَا
…
فَأَكْرِمْ بِصِبْغَتِنَا فِي الصِّبَغِ
وَقَدْ جَعَلَ النَّصَارَى فِي كَنَائِسِهِمْ أَحْوَاضًا صَغِيرَةً فِيهَا مَاءٌ يَزْعُمُونَ أَنَّهُ مَخْلُوطٌ بِبَقَايَا الْمَاءِ الَّذِي أُهْرِقَ عَلَى عِيسَى حِينَ عمده يحيى وَإِنَّمَا تَقَاطَرَ مِنْهُ جُمِعَ وَصُبَّ فِي مَاءٍ كَثِيرٍ وَمِنْ ذَلِكَ الْمَاءِ تُؤْخَذُ مَقَادِيرُ تُعْتَبَرُ مُبَارَكَةً لِأَنَّهَا لَا تخلوعن جُزْءٍ مِنَ الْمَاءِ الَّذِي تَقَاطَرَ مِنَ اغْتِسَالِ عِيسَى حِينَ تعميده كَمَا ذَلِك فِي أَوَائِلِ الْأَنَاجِيلِ الْأَرْبَعَةِ.
فَقَوْلُهُ: صِبْغَةَ اللَّهِ رَدٌّ عَلَى الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى مَعًا أَمَّا الْيَهُودُ فَلِأَنَّ الصِّبْغَةَ نَشَأَتْ فِيهِمْ وَأَمَّا النَّصَارَى فَلِأَنَّهَا سُنَّةٌ مُسْتَمِرَّةٌ فِيهِمْ، وَلَمَّا كَانَتِ الْمَعْمُودِيَّةُ مَشْرُوعَةً لَهُمْ لِغَلَبَةِ تَأْثِيرِ الْمَحْسُوسَاتِ عَلَى عَقَائِدِهِمْ رُدَّ عَلَيْهِمْ بِأَنَّ صِبْغَةَ الْإِسْلَامِ الِاعْتِقَادُ وَالْعَمَلُ الْمُشَارُ إِلَيْهِمَا
بِقَوْلِهِ: قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ [الْبَقَرَة: 136] إِلَى قَوْلِهِ: وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ [الْبَقَرَة: 136] أَيْ إِنْ كَانَ إِيمَانُكُمْ حَاصِلًا بِصِبْغَةِ الْقِسِّيسِ فَإِيمَانُنَا بِصِبْغِ اللَّهِ وَتَلْوِينِهِ أَيْ تَكْيِيفِهِ الْإِيمَانَ فِي الْفِطْرَةِ مَعَ إِرْشَادِهِ إِلَيْهِ، فَإِطْلَاقُ الصِّبْغَةِ عَلَى الْإِيمَانِ اسْتِعَارَةٌ عَلَاقَتُهَا الْمُشَابِهَةٌ وَهِيَ مُشَابَهَةٌ خَفِيَّةٌ حَسَّنَهَا قَصْدُ الْمُشَاكَلَةِ، وَالْمُشَاكَلَةُ مِنَ الْمُحَسِّنَاتِ الْبَدِيعِيَّةِ وَمَرْجِعُهَا إِلَى الِاسْتِعَارَةِ وَإِنَّمَا قَصْدُ الْمُشَاكَلَةِ بَاعِثٌ عَلَى الِاسْتِعَارَةِ، وَإِنَّمَا سَمَّاهَا الْعُلَمَاءُ الْمُشَاكَلَةَ لِخَفَاءِ وَجْهِ التَّشْبِيهِ فَأَغْفَلُوا أَنْ يُسَمُّوهَا اسْتِعَارَةً وَسَمُّوهَا الْمُشَاكَلَةَ، وَإِنَّمَا هِيَ الْإِتْيَانُ بِالِاسْتِعَارَةِ لِدَاعِي مُشَاكَلَةِ لَفْظٍ لِلَفْظٍ وَقَعَ مَعَهُ. فَإِنْ كَانَ اللَّفْظُ الْمَقْصُودُ مُشَاكَلَتَهُ مَذْكُورًا فَهِيَ الْمُشَاكَلَةُ، وَلَنَا أَنْ نَصِفَهَا بِالْمُشَاكَلَةِ التَّحْقِيقِيَّةِ كَقَوْلِ ابْنِ الرَّقَعْمَقِ (1) :
قَالُوا اقْتَرِحْ شَيْئًا نُجِدْ لَكَ طَبْخَهُ
…
قُلْتُ اطْبُخُوا لِي جُبَّةً وَقَمِيصًا
اسْتَعَارَ الطَّبْخَ لِلْخِيَاطَةِ لِمُشَاكَلَةِ قَوْلِهِ نُجِدْ لَكَ طَبْخَهُ، وَإِنْ كَانَ اللَّفْظُ غَيْرَ مَذْكُورٍ بَلْ مَعْلُومًا مِنَ السِّيَاقِ سُمِّيَتْ مُشَاكَلَةٌ تَقْدِيرِيَّةٌ كَقَوْلِ أَبِي تَمَّامٍ:
مَنْ مُبْلِغٌ أَفَنَاءَ يَعْرُبَ كُلِّهَا
…
أَنِّي بَنَيْتُ الْجَارَ قَبْلَ الْمَنْزِلِ
اسْتَعَارَ الْبِنَاءَ لِلِاصْطِفَاءِ وَالِاخْتِيَارِ لِأَنَّهُ شَاكَلَ بِهِ بِنَاءَ الْمَنْزِلِ الْمُقَدَّرِ فِي الْكَلَامِ الْمَعْلُومِ
(1) هُوَ أَحْمد بن مُحَمَّد الْأَنْطَاكِي ويكنى أَبَا حَامِد توفّي سنة 399 هـ وكني أَبَا الرقعمق (برَاء مَفْتُوحَة وقاف مَفْتُوحَة وَعين سَاكِنة وَمِيم مَفْتُوحَة آخِره قَاف) وَلم أَقف على مَعْنَاهُ وَهُوَ لَيْسَ بعربي وَلَعَلَّه لفظ هزلي وَقبل هَذَا الْبَيْت قَوْله:
إِخْوَاننَا قصدُوا الصّبوح بسحرة
…
فَأتى رسولهم إليّ خصيصا