المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[سورة البقرة (2) : آية 107] - التحرير والتنوير - جـ ١

[ابن عاشور]

فهرس الكتاب

- ‌بَين يَدي الْكتاب

- ‌[تَرْجَمَة ابْن عاشور، بقلم مصطفى عاشور:]

- ‌من هُوَ

- ‌سفير الدعْوَة

- ‌آراء ومناصب

- ‌التَّحْرِير والتنوير

- ‌مقاصد الشَّرِيعَة

- ‌محنة التَّجْنِيس

- ‌صدق الله وَكذب بورقيبة

- ‌وَفَاته

- ‌[تَرْجَمَة ابْن عاشور، بقلم الْمهْدي بن حميدة]

- ‌1- آل عاشور

- ‌2- مولده ونشأته

- ‌3- مسيرته الدراسية والعلمية

- ‌4- شُيُوخه

- ‌5- تأثره بمفكري عصره

- ‌6- إصلاحاته ورؤيته للإصلاح

- ‌ تطور الْعُلُوم

- ‌ المسيرة النضالية

- ‌7- كتاباته ومؤلفاته

- ‌[مَبْحَث عَن التَّحْرِير والتنوير]

- ‌التَّعْرِيف بالتفسير:

- ‌الْمنْهَج الْعَام للتفسير:

- ‌الْمنْهَج التفصيلي للمؤلف:

- ‌أَولا: أَسمَاء السُّور وَعدد الْآيَات وَالْوُقُوف وَبَيَان المناسبات:

- ‌ثَانِيًا: موقفه من العقيدة:

- ‌ثَالِثا: موقفه من تَفْسِير الْقُرْآن بِالْقُرْآنِ:

- ‌رَابِعا: موقفه من تَفْسِير الْقُرْآن بِالسنةِ:

- ‌خَامِسًا: موقفه من تَفْسِير الْقُرْآن بأقوال السّلف:

- ‌سادسا: موقفه من السِّيرَة والتاريخ وَذكر الْغَزَوَات:

- ‌سابعا: موقفه من الْإسْرَائِيلِيات:

- ‌ثامنا: موقفه من اللُّغَة:

- ‌تاسعا: موقفه من الْقرَاءَات:

- ‌عاشرا: موقفه من الْفِقْه وَالْأُصُول:

- ‌موقفه من النّسخ:

- ‌حادي عشر: موقفه من الْعُلُوم الحديثة والرياضة والفلسفة والمعجزات الكونية:

- ‌ثَانِي عشر: موقفه من المواعظ والآداب:

- ‌جملَة من الانتقادات

- ‌أَولا: ذُو ثِقَة زَائِدَة بِنَفسِهِ أوقعته فِي مزالق:

- ‌ثَانِيًا: صَاحب استطراد وتكلف خرج عَن حد التَّفْسِير جملَة وتفصيلا على الرغم من إهماله التَّفْسِير فِي مَوَاضِع لَا يسْتَغْنى عَن تَفْسِيرهَا:

- ‌ثَالِثا: ذُو ولع شَدِيد بِالنَّقْدِ وَإِن كَانَ هُنَاكَ مندوحة لترك الانتقاد

- ‌الْمُقَدِّمَةُ الْأُولَى فِي التَّفْسِيرِ وَالتَّأْوِيلِ وَكَوْنِ التَّفْسِيرِ عِلْمًا

- ‌ الْأَوَّلُ

- ‌وَالثَّانِي

- ‌وَالثَّالِثُ

- ‌الرَّابِعُ

- ‌الْخَامِسُ:

- ‌السَّادِسُ

- ‌الْمُقَدِّمَةُ الثَّانِيَةُ فِي اسْتِمْدَادِ عِلْمِ التَّفْسِيرِ

- ‌تَنْبِيهٌ:

- ‌الْمُقَدِّمَةُ الثَّالِثَةُ فِي صِحَّةِ التَّفْسِيرِ بِغَيْرِ الْمَأْثُورِ وَمَعْنَى التَّفْسِيرِ بِالرَّأْيِ وَنَحْوِهِ

- ‌أَوَّلُهَا:

- ‌ثَانِيهَا:

- ‌ثَالِثُهَا:

- ‌رَابِعُهَا:

- ‌خَامِسُهَا:

- ‌الْمُقَدِّمَةُ الرَّابِعَةُ فِيمَا يَحِقُّ أَنْ يَكُونَ غَرَضَ الْمُفَسِّرِ

- ‌الْأَوَّلُ:

- ‌الثَّانِي:

- ‌الثَّالِثُ:

- ‌الرَّابِعُ:

- ‌الْخَامِسُ:

- ‌السَّادِسُ:

- ‌السَّابِعُ:

- ‌الثَّامِنُ:

- ‌الْأُولَى:

- ‌الثَّانِيَةُ:

- ‌الثَّالِثَةُ:

- ‌الرَّابِعَةُ:

- ‌الْمُقَدِّمَةُ الْخَامِسَةُ فِي أَسْبَابِ النُّزُولِ

- ‌الْأَوَّلُ:

- ‌وَالثَّانِي:

- ‌وَالثَّالِثُ:

- ‌وَالرَّابِعُ:

- ‌وَالْخَامِسُ:

- ‌الْمُقَدِّمَةُ السَّادِسَةُ فِي الْقِرَاءَاتِ

- ‌أَمَّا الْحَالَةُ الْأُولَى:

- ‌وَأَمَّا الْحَالَةُ الثَّانِيَةُ:

- ‌مَرَاتِبُ الْقِرَاءَاتِ الصَّحِيحَةِ وَالتَّرْجِيحِ بَيْنَهَا

- ‌الْمُقَدِّمَةُ السَّابِعَةُ قَصَصُ الْقُرْآنِ

- ‌الْفَائِدَةُ الْأُولَى:

- ‌الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ الرَّابِعَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ الْخَامِسَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ السَّادِسَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ السَّابِعَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ الثَّامِنَة:

- ‌الْفَائِدَةُ التَّاسِعَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ الْعَاشِرَةُ:

- ‌أَحَدُهَا:

- ‌الثَّانِي:

- ‌الثَّالِثُ:

- ‌الرَّابِعُ:

- ‌الْخَامِسُ:

- ‌الْمُقَدِّمَةُ الثَّامِنَةُ فِي اسْمِ الْقُرْآنِ وَآيَاتِهِ وَسُوَرِهِ وَتَرْتِيبِهَا وَأَسْمَائِهَا

- ‌آيَات الْقُرْآن

- ‌تَرْتِيب الْآي

- ‌وقُوف الْقُرْآن

- ‌سور الْقُرْآن

- ‌الْمُقَدِّمَةُ التَّاسِعَةُ فِي أَنَّ الْمَعَانِيَ الَّتِي تَتَحَمَّلُهَا جُمَلُ الْقُرْآنِ تُعْتَبَرُ مُرَادَةً بِهَا

- ‌الْمُقَدِّمَةُ الْعَاشِرَةُ فِي إِعْجَازِ الْقُرْآنِ

- ‌الْجِهَةُ الْأُولَى:

- ‌الْجِهَةُ الثَّانِيَةُ:

- ‌الْجِهَةُ الثَّالِثَةُ:

- ‌مبتكرات الْقُرْآن

- ‌عادات الْقُرْآن

- ‌1- سُورَةُ الْفَاتِحَةِ

- ‌[سُورَة الْفَاتِحَة (1) : الْآيَات 1 الى 7]

- ‌الْكَلَام على الْبَسْمَلَة

- ‌الثَّانِي:

- ‌الدَّلِيلُ الْأَوَّلُ:

- ‌الثَّالِثُ:

- ‌الرَّابِعُ:

- ‌الْخَامِسُ:

- ‌السَّادِسُ

- ‌2- سُورَةُ الْبَقَرَةِ

- ‌محتويات هَذِه السُّورَة

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 1]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 2]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 3]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 4]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 5]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 6]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 7]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 8]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 9]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 10]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 11]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 12]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 13]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 14]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 15]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 16]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 17]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 18]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 19]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 20]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 21]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 22]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 23]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 24]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 25]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : الْآيَات 26 الى 27]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 28]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 29]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 30]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 31]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 32]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 33]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 34]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 35]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 36]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 37]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : الْآيَات 38 إِلَى 39]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 40]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 41]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 42]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 43]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 44]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : الْآيَات 45 إِلَى 46]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 47]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 48]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 49]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 50]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : الْآيَات 51 إِلَى 52]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 53]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 54]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : الْآيَات 55 إِلَى 56]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 57]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : الْآيَات 58 إِلَى 59]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 60]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 61]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 62]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : الْآيَات 63 إِلَى 64]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : الْآيَات 65 إِلَى 66]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 67]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 68]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 69]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : الْآيَات 70 الى 71]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : الْآيَات 72 إِلَى 73]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 74]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 75]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : الْآيَات 76 إِلَى 77]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 78]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 79]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : الْآيَات 80 إِلَى 82]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 83]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : الْآيَات 84 الى 86]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 87]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 88]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 89]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 90]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 91]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : الْآيَات 92 إِلَى 93]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : الْآيَات 94 إِلَى 95]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 96]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : الْآيَات 97 إِلَى 98]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : الْآيَات 99 إِلَى 101]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 102]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 103]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 104]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 105]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 106]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 107]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 108]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : الْآيَات 109 إِلَى 110]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : الْآيَات 111 إِلَى 112]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 113]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 114]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 115]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 116]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 117]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَةٌ 118]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 119]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 120]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 121]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : الْآيَات 122 إِلَى 123]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 124]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 125]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 126]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 127]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 128]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 129]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : الْآيَات 130 إِلَى 131]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 132]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 133]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 134]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 135]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 136]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 137]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 138]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 139]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 140]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 141]

الفصل: ‌[سورة البقرة (2) : آية 107]

الْأَدِلَّةِ فِي كُتُبِ أُصُولِ الْفِقْهِ.

وَقَدْ قَسَّمُوا نَسْخَ أَدِلَّةِ الْأَحْكَامِ وَمَدْلُولَاتِهَا إِلَى أَقْسَامٍ: نَسْخُ التِّلَاوَةِ وَالْحُكْمِ مَعًا وَهُوَ الْأَصْلُ وَمَثَّلُوهُ بِمَا رُوِيَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ كَانَ فِيمَا أُنْزِلَ لَا تَرْغَبُوا عَنْ آبَائِكُمْ فَإِنَّهُ كُفْرٌ بِكُمْ أَنْ تَرْغَبُوا عَنْ آبَائِكُمْ، وَنَسْخُ الْحُكْمِ وَبَقَاءُ التِّلَاوَةِ وَهَذَا وَاقِعٌ لِأَنَّ إِبْقَاءَ التِّلَاوَةِ يُقْصَدُ مِنْهُ بَقَاءُ الْإِعْجَازِ بِبَلَاغَةِ الْآيَةِ وَمِثَالُهُ آيَةُ: إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صابِرُونَ [الْأَنْفَال: 65] إِلَى آخِرِ الْآيَاتِ. وَنَسْخُ التِّلَاوَةِ وَبَقَاءُ الْحُكْمِ وَمَثَّلُوهُ بِمَا رُوِيَ عَنْ عُمَرَ: كَانَ فِيمَا يُتْلَى الشَّيْخُ وَالشَّيْخَةُ إِذَا زَنَيَا فَارْجُمُوهُمَا وَعِنْدِي أَنَّهُ لَا فَائِدَةَ فِي نَسْخِ التِّلَاوَةِ وَبَقَاءِ الْحُكْمِ وَقَدْ تَأَوَّلُوا قَوْلَ عُمَرَ كَانَ فِيمَا يُتْلَى أَنَّهُ كَانَ يُتْلَى بَيْنَ النَّاسِ تَشْهِيرًا بِحُكْمِهِ. وَقَدْ كَانَ كَثِيرٌ مِنَ الصَّحَابَةِ يَرَى أَنَّ الْآيَةَ إِذَا نُسِخَ حُكْمُهَا لَا تَبْقَى كِتَابَتُهَا فِي الْمُصْحَفِ فَفِي الْبُخَارِيِّ فِي التَّفْسِيرِ قَالَ ابْنُ الزُّبَيْرِ قُلْتُ لِعُثْمَانَ: وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْواجاً [الْبَقَرَة: 234] نَسَخَتْهَا الْآيَةُ الْأُخْرَى فَلِمَ تَكْتُبُهَا قَالَ: يَا ابْنَ أَخِي لَا أُغَيِّرُ شَيْئًا مِنْهُ مِنْ مَكَانِهِ.

[107]

[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 107]

أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ (107)

أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (106) أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ (107) .

مَسُوقٌ لبَيَان حِكْمَة النّسخ وَالْإِتْيَانِ بِالْخَيْرِ وَالْمِثْلِ بَيَانًا غَيْرَ مُفَصَّلٍ عَلَى طَرِيقَةِ الْأُسْلُوبِ الْحَكِيمِ، وَذَلِكَ أَنَّهُ بَعْدَ أَنْ فَرَغَ مِنَ التَّنْبِيهِ عَلَى أَنَّ النَّسْخَ الَّذِي اسْتَبْعَدُوهُ وَتَذَرَّعُوا بِهِ لِتَكْذِيبِ الرَّسُولِ هُوَ غَيْرُ مُفَارِقٍ لِتَعْوِيضِ الْمَنْسُوخِ بِخَيْرٍ مِنْهُ أَوْ مِثْلِهِ أَوْ تَعْزِيزِ الْمُبَقَّى بِمِثْلِهِ أُرِيدَ أَنْ يَنْتَقِلَ مِنْ ذَلِكَ إِلَى كَشْفِ مَا بَقِيَ مِنَ الشُّبْهَةِ وَهِيَ أَنْ يَقُولَ الْمُنْكِرُ وَمَا هِيَ الْفَائِدَةُ فِي النَّسْخِ حَتَّى يَحْتَاجَ لِلتَّعْوِيضٍ؟ وَكَانَ مُقْتَضَى الظَّاهِرِ أَنْ يَتَصَدَّى لِبَيَانِ اخْتِلَافِ الْمَصَالِحِ وَمُنَاسَبَتِهَا لِلْأَحْوَالِ وَالْأَعْصَارِ وَلِبَيَانِ تَفَاصِيلِ الْخَيْرِيَّةِ وَالْمِثْلِيَّةِ فِي كُلِّ نَاسِخٍ وَمَنْسُوخٍ. وَلَمَّا

كَانَ التَّصَدِّي لِذَلِكَ أَمْرًا لَمْ تَتَهَيَّأْ لَهُ عُقُولُ السَّامِعِينَ لِعُسْرِ إِدْرَاكِهِمْ مَرَاتِبَ الْمَصَالِحِ وَتَفَاوُتِهَا، لِأَنَّ ذَلِكَ مِمَّا يَحْتَاجُ إِلَى تَأْصِيلِ قَوَاعِدٍ مِنْ أُصُولٍ شَرْعِيَّةٍ وَسِيَاسِيَّةٍ، عَدَلَ بِهِمْ عَنْ بَيَانِ ذَلِكَ وَأُجْمِلَتْ لَهُمُ الْمَصْلَحَةُ بِالْحِوَالَةِ عَلَى قُدْرَةِ اللَّهِ تَعَالَى الَّتِي لَا يَشِذُّ عَنْهَا مُمْكِنٌ مُرَادٌ، وَعَلَى سَعَةِ مُلْكِهِ الْمُشْعِرِ بِعَظِيمِ عِلْمِهِ، وَعَلَى حَاجَةِ الْمَخْلُوقَاتِ إِلَيْهِ إِذْ لَيْسَ لَهُمْ رَبٌّ سِوَاهُ وَلَا وَلِيٌّ دُونَهُ وَكَفَى بِذَلِكَ دَلِيلًا عَلَى أَنَّهُ يَحْمِلُهُمْ

ص: 663

عَلَى مَصَالِحِهِمْ فِي سَائِرِ الْأَحْوَالِ. وَمِمَّا يَزِيدُ هَذَا الْعُدُولَ تَوْجِيهًا أَنَّ التَّصَدِّيَ لِلْبَيَانِ يَفَتْحُ بَابَ الْجِدَالِ فِي إِثْبَاتِ الْمَصْلَحَةِ وَتَفَاوُتِ ذَلِكَ بِحَسَبِ اخْتِلَافِ الْقَرَائِحِ وَالْفُهُومِ.

وَلِأَنَّ أَسْبَابَ التَّشْرِيعِ وَالنَّسْخِ أَقْسَامٌ، مِنْهُ مَا ظَهَرَ وَجْهُهُ بِالنَّصِّ فَيُمْكِنُ إِفْهَامُهُمْ إِيَّاهُ نَحْوَ قَوْلِهِ: إِنَّما يُرِيدُ الشَّيْطانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَداوَةَ وَالْبَغْضاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ [الْمَائِدَة: 91] الْآيَةَ بَعْدَ قَوْلِهِ: لَا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكارى [النِّسَاء: 43] الْآيَةَ وَنَحْوَ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفاً [الْأَنْفَال: 66] الْآيَةَ. وَمِنْهَا مَا يَعْسُرُ إِفْهَامُهُمْ إِيَّاهُ لِأَنَّهُ يَحْتَاجُ إِلَى عِلْمٍ وَتَفْصِيلٍ مِنْ شَأْنِ الْمُشَرِّعِينَ وَعُلَمَاءِ الْأُصُولِ كَالْأَشْيَاءِ الَّتِي عُرِفَتْ بِالْقِيَاسِ وَأُصُولِ التَّشْرِيعِ. وَمِنْهَا مَا لَمْ يُطْلَعْ عَلَى حِكْمَتِهِ فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ أَوْ فِيمَا يَلِيهِ، وَلَمَّا كَانَ مُعْظَمُ هَاتِهِ التَّفَاصِيلِ يعسر أَو يتَعَذَّر إِفْهَامُهُمْ إِيَّاهُ وَقَعَ الْعُدُولُ الْمَذْكُورُ. وَلِكَوْنِ هَاتِهِ الْجُمْلَةِ تَتَنَزَّلُ مَنْزِلَةَ الْبَيَانِ لِلْأُولَى فُصِلَتْ عَنْهَا.

وَالْخِطَابُ فِي تَعْلَمْ لَيْسَ مُرَادًا مِنْهُ ظَاهِرَةُ الْوَاحِدِ وَهُوَ النَّبِيءُ صلى الله عليه وسلم بَلْ هُوَ إِمَّا خِطَابٌ لِغَيْرِ مُعَيَّنٍ خَارِجٍ عَلَى طَرِيقَةِ الْمَجَازِ بِتَشْبِيهِ مَنْ لَيْسَ حَاضِرًا لِلْخِطَابِ وَهُوَ الْغَائِبُ مَنْزِلَةَ الْمُخَاطَبِ فِي كَوْنِهِ بِحَيْثُ يَصِيرُ مُخَاطَبًا لِشُهْرَةِ هَذَا الْأَمْرِ وَالْمَقْصِدُ مِنْ ذَلِكَ لِيَعُمَّ كُلَّ مُخَاطَبٍ صَالِحٍ لَهُ وَهُوَ كُلُّ مَنْ يَظُنُّ بِهِ أَوْ يَتَوَهَّمُ مِنْهُ أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَلَوْ بِعَدَمِ جَرَيَانِهِ عَلَى مُوجِبِ عِلْمِهِ، وَإِلَى هَذِهِ الطَّرِيقَةِ مَالَ الْقُطْبُ وَالطِّيبِيُّ مِنْ شُرَّاحِ «الْكَشَّافِ» وَعَلَيْهَا يَشْمَلُ هَذَا الْخِطَابُ ابْتِدَاءَ الْيَهُودِ وَالْمُشْرِكِينَ وَمَنْ عَسَى أَنْ يَشْتَبِهَ عَلَيْهِ الْأَمْرُ وَتُرَوَّجَ عَلَيْهِ الشُّبْهَةُ مِنْ ضُعَفَاءِ الْمُسْلِمِينَ، أَمَّا غَيْرُهُمْ فَغَنِيٌّ عَنِ التَّقْرِيرِ فِي الظَّاهِرِ وَإِنَّمَا أُدْخِلَ فِيهِ لِيَسْمَعَ غَيْرُهُ.

وَإِمَّا مُرَادٌ بِهِ ظَاهِرُهُ وَهُوَ الْوَاحِدُ فَيَكُونُ الْمُخَاطَبُ هُوَ النَّبِيءَ صلى الله عليه وسلم لَكِنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهُ الْمُسْلِمُونَ فَيَنْتَقِلُ مِنْ خِطَابِ النَّبِيءِ إِلَى مُخَاطَبَةِ أُمَّتِهِ انْتِقَالًا كِنَائِيًّا لِأَنَّ عِلْمَ الْأُمَّةِ مِنْ لَوَازِمِ عِلْمِ الرَّسُولِ مِنْ حَيْثُ إِنَّهُ رَسُولٌ لُزُومًا عُرْفِيًّا فَكُلُّ حُكْمٍ تَعَلَّقَ بِهِ بِعُنْوَانِ الرِّسَالَةِ فَالْمُرَادُ مِنْهُ أُمَّتُهُ لِأَنَّ مَا يَثْبُتُ لَهُ مِنَ الْمَعْلُومَاتِ فِي بَابِ الْعَقَائِدِ وَالتَّشْرِيعِ فَهُوَ حَاصِلٌ لَهُمْ فَتَارَةً يُرَادُ

مِنَ الْخِطَابِ تَوَجُّهُ مَضْمُونِ الْخِطَابِ إِلَيْهِ وَلِأُمَّتِهِ وَتَارَةً يُقْصَدُ مِنْهُ تَوَجُّهُ الْمَضْمُونِ لِأُمَّتِهِ فَقَطْ على قَاعِدَة الْكِنَايَة فِي جَوَازِ إِرَادَةِ الْمَعْنَى الْأَصْلِيِّ مَعَ الْكِنَائِيِّ، وَهَاهُنَا لَا يَصْلُحُ تَوَجُّهُ الْمَضْمُونِ لِلرَّسُولِ لِأَنَّهُ لَا يُقَرِّرُ عَلَى الِاعْتِرَافِ بِأَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ فَضْلًا عَنْ أَنْ يُنْكِرَ عَنْهُ وَإِنَّمَا التَّقْرِيرُ لِلْأُمَّةِ، وَالْمَقْصِدُ مِنْ تِلْكَ الْكِنَايَةِ التَّعْرِيضُ بِالْيَهُودِ. وَإِنَّمَا سَلَكَ هَذَا الطَّرِيقَ

ص: 664