المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[سورة البقرة (2) : الآيات 65 إلى 66] - التحرير والتنوير - جـ ١

[ابن عاشور]

فهرس الكتاب

- ‌بَين يَدي الْكتاب

- ‌[تَرْجَمَة ابْن عاشور، بقلم مصطفى عاشور:]

- ‌من هُوَ

- ‌سفير الدعْوَة

- ‌آراء ومناصب

- ‌التَّحْرِير والتنوير

- ‌مقاصد الشَّرِيعَة

- ‌محنة التَّجْنِيس

- ‌صدق الله وَكذب بورقيبة

- ‌وَفَاته

- ‌[تَرْجَمَة ابْن عاشور، بقلم الْمهْدي بن حميدة]

- ‌1- آل عاشور

- ‌2- مولده ونشأته

- ‌3- مسيرته الدراسية والعلمية

- ‌4- شُيُوخه

- ‌5- تأثره بمفكري عصره

- ‌6- إصلاحاته ورؤيته للإصلاح

- ‌ تطور الْعُلُوم

- ‌ المسيرة النضالية

- ‌7- كتاباته ومؤلفاته

- ‌[مَبْحَث عَن التَّحْرِير والتنوير]

- ‌التَّعْرِيف بالتفسير:

- ‌الْمنْهَج الْعَام للتفسير:

- ‌الْمنْهَج التفصيلي للمؤلف:

- ‌أَولا: أَسمَاء السُّور وَعدد الْآيَات وَالْوُقُوف وَبَيَان المناسبات:

- ‌ثَانِيًا: موقفه من العقيدة:

- ‌ثَالِثا: موقفه من تَفْسِير الْقُرْآن بِالْقُرْآنِ:

- ‌رَابِعا: موقفه من تَفْسِير الْقُرْآن بِالسنةِ:

- ‌خَامِسًا: موقفه من تَفْسِير الْقُرْآن بأقوال السّلف:

- ‌سادسا: موقفه من السِّيرَة والتاريخ وَذكر الْغَزَوَات:

- ‌سابعا: موقفه من الْإسْرَائِيلِيات:

- ‌ثامنا: موقفه من اللُّغَة:

- ‌تاسعا: موقفه من الْقرَاءَات:

- ‌عاشرا: موقفه من الْفِقْه وَالْأُصُول:

- ‌موقفه من النّسخ:

- ‌حادي عشر: موقفه من الْعُلُوم الحديثة والرياضة والفلسفة والمعجزات الكونية:

- ‌ثَانِي عشر: موقفه من المواعظ والآداب:

- ‌جملَة من الانتقادات

- ‌أَولا: ذُو ثِقَة زَائِدَة بِنَفسِهِ أوقعته فِي مزالق:

- ‌ثَانِيًا: صَاحب استطراد وتكلف خرج عَن حد التَّفْسِير جملَة وتفصيلا على الرغم من إهماله التَّفْسِير فِي مَوَاضِع لَا يسْتَغْنى عَن تَفْسِيرهَا:

- ‌ثَالِثا: ذُو ولع شَدِيد بِالنَّقْدِ وَإِن كَانَ هُنَاكَ مندوحة لترك الانتقاد

- ‌الْمُقَدِّمَةُ الْأُولَى فِي التَّفْسِيرِ وَالتَّأْوِيلِ وَكَوْنِ التَّفْسِيرِ عِلْمًا

- ‌ الْأَوَّلُ

- ‌وَالثَّانِي

- ‌وَالثَّالِثُ

- ‌الرَّابِعُ

- ‌الْخَامِسُ:

- ‌السَّادِسُ

- ‌الْمُقَدِّمَةُ الثَّانِيَةُ فِي اسْتِمْدَادِ عِلْمِ التَّفْسِيرِ

- ‌تَنْبِيهٌ:

- ‌الْمُقَدِّمَةُ الثَّالِثَةُ فِي صِحَّةِ التَّفْسِيرِ بِغَيْرِ الْمَأْثُورِ وَمَعْنَى التَّفْسِيرِ بِالرَّأْيِ وَنَحْوِهِ

- ‌أَوَّلُهَا:

- ‌ثَانِيهَا:

- ‌ثَالِثُهَا:

- ‌رَابِعُهَا:

- ‌خَامِسُهَا:

- ‌الْمُقَدِّمَةُ الرَّابِعَةُ فِيمَا يَحِقُّ أَنْ يَكُونَ غَرَضَ الْمُفَسِّرِ

- ‌الْأَوَّلُ:

- ‌الثَّانِي:

- ‌الثَّالِثُ:

- ‌الرَّابِعُ:

- ‌الْخَامِسُ:

- ‌السَّادِسُ:

- ‌السَّابِعُ:

- ‌الثَّامِنُ:

- ‌الْأُولَى:

- ‌الثَّانِيَةُ:

- ‌الثَّالِثَةُ:

- ‌الرَّابِعَةُ:

- ‌الْمُقَدِّمَةُ الْخَامِسَةُ فِي أَسْبَابِ النُّزُولِ

- ‌الْأَوَّلُ:

- ‌وَالثَّانِي:

- ‌وَالثَّالِثُ:

- ‌وَالرَّابِعُ:

- ‌وَالْخَامِسُ:

- ‌الْمُقَدِّمَةُ السَّادِسَةُ فِي الْقِرَاءَاتِ

- ‌أَمَّا الْحَالَةُ الْأُولَى:

- ‌وَأَمَّا الْحَالَةُ الثَّانِيَةُ:

- ‌مَرَاتِبُ الْقِرَاءَاتِ الصَّحِيحَةِ وَالتَّرْجِيحِ بَيْنَهَا

- ‌الْمُقَدِّمَةُ السَّابِعَةُ قَصَصُ الْقُرْآنِ

- ‌الْفَائِدَةُ الْأُولَى:

- ‌الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ الرَّابِعَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ الْخَامِسَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ السَّادِسَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ السَّابِعَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ الثَّامِنَة:

- ‌الْفَائِدَةُ التَّاسِعَةُ:

- ‌الْفَائِدَةُ الْعَاشِرَةُ:

- ‌أَحَدُهَا:

- ‌الثَّانِي:

- ‌الثَّالِثُ:

- ‌الرَّابِعُ:

- ‌الْخَامِسُ:

- ‌الْمُقَدِّمَةُ الثَّامِنَةُ فِي اسْمِ الْقُرْآنِ وَآيَاتِهِ وَسُوَرِهِ وَتَرْتِيبِهَا وَأَسْمَائِهَا

- ‌آيَات الْقُرْآن

- ‌تَرْتِيب الْآي

- ‌وقُوف الْقُرْآن

- ‌سور الْقُرْآن

- ‌الْمُقَدِّمَةُ التَّاسِعَةُ فِي أَنَّ الْمَعَانِيَ الَّتِي تَتَحَمَّلُهَا جُمَلُ الْقُرْآنِ تُعْتَبَرُ مُرَادَةً بِهَا

- ‌الْمُقَدِّمَةُ الْعَاشِرَةُ فِي إِعْجَازِ الْقُرْآنِ

- ‌الْجِهَةُ الْأُولَى:

- ‌الْجِهَةُ الثَّانِيَةُ:

- ‌الْجِهَةُ الثَّالِثَةُ:

- ‌مبتكرات الْقُرْآن

- ‌عادات الْقُرْآن

- ‌1- سُورَةُ الْفَاتِحَةِ

- ‌[سُورَة الْفَاتِحَة (1) : الْآيَات 1 الى 7]

- ‌الْكَلَام على الْبَسْمَلَة

- ‌الثَّانِي:

- ‌الدَّلِيلُ الْأَوَّلُ:

- ‌الثَّالِثُ:

- ‌الرَّابِعُ:

- ‌الْخَامِسُ:

- ‌السَّادِسُ

- ‌2- سُورَةُ الْبَقَرَةِ

- ‌محتويات هَذِه السُّورَة

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 1]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 2]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 3]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 4]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 5]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 6]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 7]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 8]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 9]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 10]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 11]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 12]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 13]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 14]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 15]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 16]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 17]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 18]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 19]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 20]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 21]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 22]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 23]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 24]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 25]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : الْآيَات 26 الى 27]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 28]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 29]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 30]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 31]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 32]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 33]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 34]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 35]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 36]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 37]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : الْآيَات 38 إِلَى 39]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 40]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 41]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 42]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 43]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 44]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : الْآيَات 45 إِلَى 46]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 47]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 48]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 49]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 50]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : الْآيَات 51 إِلَى 52]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 53]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 54]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : الْآيَات 55 إِلَى 56]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 57]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : الْآيَات 58 إِلَى 59]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 60]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 61]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 62]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : الْآيَات 63 إِلَى 64]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : الْآيَات 65 إِلَى 66]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 67]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 68]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 69]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : الْآيَات 70 الى 71]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : الْآيَات 72 إِلَى 73]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 74]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 75]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : الْآيَات 76 إِلَى 77]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 78]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 79]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : الْآيَات 80 إِلَى 82]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 83]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : الْآيَات 84 الى 86]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 87]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 88]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 89]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 90]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 91]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : الْآيَات 92 إِلَى 93]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : الْآيَات 94 إِلَى 95]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 96]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : الْآيَات 97 إِلَى 98]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : الْآيَات 99 إِلَى 101]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 102]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 103]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 104]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 105]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 106]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 107]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 108]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : الْآيَات 109 إِلَى 110]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : الْآيَات 111 إِلَى 112]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 113]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 114]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 115]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 116]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 117]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَةٌ 118]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 119]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 120]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 121]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : الْآيَات 122 إِلَى 123]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 124]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 125]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 126]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 127]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 128]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 129]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : الْآيَات 130 إِلَى 131]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 132]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 133]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 134]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 135]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 136]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 137]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 138]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 139]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 140]

- ‌[سُورَة الْبَقَرَة (2) : آيَة 141]

الفصل: ‌[سورة البقرة (2) : الآيات 65 إلى 66]

وَهِيَ مَسْأَلَةُ تَكْلِيفِ الْمَلْجَأِ، الْمَذْكُورَةِ فِي الْأُصُولِ لِأَنَّهَا بُنِيَتْ هُنَا عَلَى أَطْلَالِ الْأَخْبَارِ الْمَرْوِيَّةِ فِي قَلْعِ الطُّورِ وَرَفْعِهِ فَوْقَهُمْ وَقَوْلِ مُوسَى لَهُمْ إِمَّا أَنْ تُؤْمِنُوا أَوْ يَقَعَ عَلَيْكُمُ الطُّورُ، عَلَى أَنَّهُ لَوْ صَحَّتْ تِلْكَ الْأَخْبَارُ لَمَا كَانَ مِنَ الْإِلْجَاءِ فِي شَيْءٍ إِذْ لَيْسَ نَصْبُ الْآيَاتِ وَالْمُعْجِزَاتِ وَالتَّخْوِيفِ مِنَ الْإِلْجَاءِ وَإِنَّمَا هُوَ دِلَالَةٌ وَبُرْهَانٌ عَلَى صِدْقِ الرَّسُولِ وَصِحَّةِ مَا جَاءَ بِهِ وَالْمُمْتَنِعُ فِي التَّكْلِيفِ هُوَ التَّكْلِيفُ فِي حَالَةِ الْإِلْجَاءِ لَا التَّخْوِيفُ لِإِتْمَامِ التَّكْلِيفِ، فَلَا تغفلوا.

[65، 66]

[سُورَة الْبَقَرَة (2) : الْآيَات 65 إِلَى 66]

وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَوْا مِنْكُمْ فِي السَّبْتِ فَقُلْنا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خاسِئِينَ (65) فَجَعَلْناها نَكالاً لِما بَيْنَ يَدَيْها وَما خَلْفَها وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ (66)

هَذِهِ مِنْ جُمْلَةِ الْأَخْبَارِ الَّتِي ذَكَرَهَا اللَّهُ تَعَالَى تَذْكِيرًا لِلْيَهُودِ بِمَا أَتَاهُ سَلَفُهُمْ مِنَ الِاسْتِخْفَافِ بِأَوَامِرِ اللَّهِ تَعَالَى وَبِمَا عُرِضَ فِي خِلَالِ ذَلِكَ مِنَ الزَّوَاجِرِ وَالرَّحْمَةِ وَالتَّوْبَةِ، وَإِنَّمَا خَالَفَ فِي حِكَايَةِ هَاتِهِ الْقِصَّةِ أُسْلُوبَ حِكَايَةِ مَا تَقَدَّمَهَا وَمَا تَلَاهَا مِنْ ذكر إِذْ [الْبَقَرَة: 63] الْمُؤْذِنَةِ بِزَمَنِ الْقِصَّةِ وَالْمُشْعِرَةِ بِتَحَقُّقِ وُقُوعِهَا إِلَى قَوْلِهِ هُنَا: وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ لِمَعْنًى بَدِيعٍ هُوَ مِنْ وُجُوهِ إِعْجَازِ الْقُرْآنِ وَذَلِكَ أَنَّ هَذِهِ الْقِصَّةَ الْمُشَارَ إِلَيْهَا بِهَذِهِ الْآيَةِ لَيْسَتْ

مِنَ الْقَصَصِ الَّتِي تَضَمَّنَتْهَا كُتُبُ التَّوْرَاةِ مِثْلَ الْقَصَصِ الْأُخْرَى الْمَأْتِيِّ فِي حِكَايَتِهَا بِكَلِمَةِ (إِذْ) لِأَنَّهَا مُتَوَاتِرَةٌ عِنْدَهُمْ بَلْ هَذِهِ الْقِصَّةُ وَقَعَتْ فِي زَمَنِ دَاوُدَ عليه السلام، فَكَانَتْ غَيْرَ مَسْطُورَةٍ فِي الْأَسْفَارِ الْقَدِيمَةِ وَكَانَتْ مَعْرُوفَةً لِعُلَمَائِهِمْ وَأَحْبَارِهِمْ فَأَطْلَعَ اللَّهُ تَعَالَى نَبِيَّهُ صلى الله عليه وسلم عَلَيْهَا وَتِلْكَ مُعْجِزَةٌ غَيْبِيَّةٌ وَأَوْحَى إِلَيْهِ فِي لَفْظِهَا مَا يُؤْذِنُ بِأَنَّ الْعِلْمَ بِهَا أَخْفَى مِنَ الْعِلْمِ بِالْقَصَصِ الْأُخْرَى فَأَسْنَدَ الْأَمْرَ فِيهَا لِعِلْمِهِمْ إِذْ قَالَ: وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ.

وَالِاعْتِدَاءُ وَزْنُهُ افْتِعَالٌ مِنَ الْعَدُوِّ وَهُوَ تَجَاوُزُ حَدِّ السَّيْرِ وَالْحَدِّ وَالْغَايَةِ. وَغَلَبَ إِطْلَاقُ الِاعْتِدَاءِ عَلَى مُخَالَفَةِ الْحَقِّ وَظُلْمِ النَّاسِ وَالْمُرَادُ هُنَا اعْتِدَاءُ الْأَمْرِ الشَّرْعِيِّ لِأَنَّ الْأَمْرَ الشَّرْعِيَّ يُشَبَّهُ بِالْحَدِّ فِي أَنَّهُ يُؤْخَذُ بِمَا شَمِلَهُ وَلَا يُؤْخَذُ بِمَا وَرَاءَهُ وَالِاعْتِدَاءُ الْوَاقِعُ مِنْهُمْ هُوَ اعْتِدَاءُ أَمْرِ اللَّهِ تَعَالَى إِيَّاهُمْ مِنْ عَهْدِ مُوسَى بِأَنْ يُحَافِظُوا عَلَى حُكْمِ السَّبْتِ وَعَدَمِ الِاكْتِسَابِ فِيهِ لِيَتَفَرَّغُوا فِيهِ لِلْعِبَادَةِ بِقَلْبٍ خَالِصٍ مِنَ الشُّغْلِ بِالدُّنْيَا، فَكَانَتْ طَائِفَةٌ مِنْ سُكَّانِ أَيْلَةَ (1) عَلَى الْبَحْرِ رَأَوْا

(1) أَيْلَة: بِفَتْح الْهمزَة وبتاء تَأْنِيث فِي آخِره بَلْدَة على خليج صَغِير من الْبَحْر الْأَحْمَر فِي أَطْرَاف مشارف الشَّام وتعرف الْيَوْم بِالْعقبَةِ وَهِي غير إيلياء بِكَسْر الْهمزَة وبياءين ممدودتين الَّذِي هُوَ اسْم بَيت الْمُقَدّس.

ص: 543

تَكَاثُرَ الْحِيتَانِ يَوْمَ السَّبْتِ بِالشَّاطِئِ لِأَنَّهَا إِذَا لَمْ تَرَ سُفُنَ الصَّيَّادِينَ وَشِبَاكَهُمْ أَمِنَتْ فَتَقَدَّمَتْ إِلَى الشَّاطِئِ تَفْتَحُ أَفْوَاهَهَا فِي الْمَاءِ لِابْتِلَاعِ مَا يَكُونُ عَلَى الشَّوَاطِئِ مِنْ آثَارِ الطَّعَامِ وَمِنْ صَغِيرِ الْحِيتَانِ وَغَيْرِهَا فَقَالُوا لَوْ حَفَرْنَا لَهَا حِيَاضًا وَشَرَعْنَا إِلَيْهَا جَدَاوِلَ يَوْمَ الْجُمْعَةِ فَتُمْسِكُ الْحِيَاضُ الْحُوتَ إِلَى يَوْمِ الْأَحَدِ فَنَصْطَادُهَا وَفَعَلُوا ذَلِكَ فَغَضِبَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِمْ لِهَذَا الْحِرْصِ عَلَى الرِّزْقِ أَوْ لِأَنَّهُمْ يَشْغَلُونَ بِالَهُمْ يَوْمَ السَّبْتَ بِالْفِكْرِ فِيمَا تَحَصَّلَ لَهُمْ أَوْ لِأَنَّهُمْ تَحَيَّلُوا عَلَى اعْتِيَاضِ الْعَمَلِ فِي السَّبْتِ، وَهَذَا الَّذِي أَحْسَبُهُ لِمَا اقْتَرَنَ بِهِ مِنَ الِاسْتِخْفَافِ وَاعْتِقَادِهِمْ أَنَّهُمْ عَلِمُوا مَا لَمْ تَهْتَدِ إِلَيْهِ شَرِيعَتُهُمْ فَعَاقَبَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى بِمَا ذَكَرَهُ هُنَا.

فَقَوْلُهُ: فِي السَّبْتِ يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ (فِي) لِلظَّرْفِيَّةِ. وَالسَّبْتُ مَصْدَرُ سَبَتَ الْيَهُودِيُّ مِنْ بَابِ ضَرَبَ وَنَصَرَ بِمَعْنَى احْتَرَمَ السَّبْتَ وَعَظَّمَهُ. وَالْمَعْنَى اعْتَدَوْا فِي حَالِ تَعْظِيمِ السَّبْتِ أَوْ فِي زَمَنِ تَعْظِيمِ السَّبْتِ. وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ (فِي) لِلْعِلَّةِ أَيِ اعْتَدَوُا اعْتِدَاءً لِأَجْلِ مَا أَوْجَبَهُ احْتِرَامُ السَّبْتِ مِنْ قَطْعِ الْعَمَلِ. وَلَعَلَّ تَحْرِيمَ الصَّيْدِ فِيهِ لِيَكُونَ أَمْنًا لِلدَّوَابِّ.

وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ (فِي) ظَرْفِيَّةً وَالسَّبْتُ بِمَعْنَى الْيَوْمِ وَإِنَّمَا جُعِلَ الِاعْتِدَاءُ فِيهِ مَعَ أَنَّ

الْحَفْرَ فِي يَوْمِ الْجُمْعَةَ لِأَنَّ أَثَرَهُ الَّذِي تَرَتَّبَ عَلَيْهِ الْعِصْيَانُ وَهُوَ دُخُولُ الْحِيتَانِ لِلْحِيَاضِ يَقَعُ فِي يَوْمِ السَّبْتِ.

وَقَوْلُهُ: فَقُلْنا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خاسِئِينَ كُونُوا أَمْرُ تَكْوِينٍ وَالْقِرَدَةُ- بِكَسْرِ الْقَافِ وَفَتْحِ الرَّاءِ- جَمْعُ قِرْدٍ وَتَكْوِينُهُمْ قِرَدَةً يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ بِتَصْيِيرِ أَجْسَامِهِمْ أَجْسَامَ قِرَدَةٍ مَعَ بَقَاءِ الْإِدْرَاكِ الْإِنْسَانِيِّ وَهَذَا قَوْلُ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ وَالْمُفَسِّرِينَ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ بِتَصْيِيرِ عُقُولِهِمْ كَعُقُولِ الْقِرَدَةِ مَعَ بَقَاءِ الْهَيْكَلِ الْإِنْسَانِيِّ، وَهَذَا قَوْلُ مُجَاهِدٍ وَالْعِبْرَةُ حَاصِلَةٌ عَلَى كِلَا الِاعْتِبَارَيْنِ وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ فِي الْعِبْرَةِ لِأَنَّ فِيهِ اعْتِبَارَهُمْ بِأَنْفُسِهِمْ وَاعْتِبَارَ النَّاسِ بِهِمْ بِخِلَافِ الثَّانِي وَالثَّانِي أَقْرَبُ لِلتَّارِيخِ إِذْ لَمْ يُنْقَلْ مَسْخٌ فِي كُتُبِ تَارِيخِ الْعِبْرَانِيِّينَ، وَالْقُدْرَةُ صَالِحَةٌ لِلْأَمْرَيْنِ وَالْكُلُّ مُعْجِزَةٌ لِلشَّرِيعَةِ أَوْ لِدَاوُدَ وَلِذَلِكَ قَالَ الْفَخْرُ: لَيْسَ قَوْلُ مُجَاهِدٍ بِبَعِيدٍ جِدًّا لَكِنَّهُ خِلَافُ الظَّاهِرِ مِنَ الْآيَةِ وَلَيْسَ الْآيَةُ صَرِيحَةً فِي الْمَسْخِ.

وَمَعْنَى كَوْنِهِمْ قِرَدَةً أَنَّهُمْ لَمَّا لَمْ يَتَلَقَّوُا الشَّرِيعَةَ بِفَهْمِ مَقَاصِدِهَا وَمَعَانِيهَا وَأَخَذُوا بِصُورَةِ الْأَلْفَاظِ فَقَدْ أَشْبَهُوا الْعَجْمَاوَاتِ فِي وُقُوفِهَا عِنْدَ الْمَحْسُوسَاتِ فَلَمْ يَتَمَيَّزُوا عَنِ الْعَجْمَاوَاتِ إِلَّا بِالشَّكْلِ الْإِنْسَانِيِّ وَهَذِهِ الْقِرَدَةُ تُشَارِكُهُمْ فِي هَذَا الشَّبَهِ وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِ مُجَاهِدٍ هُوَ مَسْخُ قُلُوبٍ لَا مَسْخُ ذَوَاتٍ.

ص: 544

ثُمَّ إِنَّ الْقَائِلِينَ بِوُقُوعِ الْمَسْخِ فِي الْأَجْسَامِ اتَّفَقُوا أَوْ كَادُوا عَلَى أَنَّ الْمَمْسُوخَ لَا يَعِيشُ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَأَنَّهُ لَا يَتَنَاسَلُ

وَرَوَى ذَلِكَ ابْنُ مَسْعُودٍ عَنِ النَّبِيءِ صلى الله عليه وسلم فِي «صَحِيحِ مُسْلِمٍ» أَنَّهُ قَالَ: «لَمْ يُهْلِكِ اللَّهُ قَوْمًا أَوْ يُعَذِّبْ قَوْمًا فَيَجْعَلَ لَهُمْ نَسْلًا»

وَهُوَ صَرِيحٌ فِي الْبَابِ وَمِنَ الْعُلَمَاءِ مِنْ جَوَّزَ تَنَاسُلَ الْمَمْسُوخِ وَزَعَمُوا أَنَّ الْفِيلَ وَالْقِرْدَ وَالضَّبَّ وَالْخِنْزِيرَ مِنَ الْأُمَمِ الْمَمْسُوخَةِ وَقَدْ كَانَتِ الْعَرَبُ تَعْتَقِدُ ذَلِكَ فِي الضَّبِّ قَالَ أَحَدُ بَنِي سُلَيْمٍ وَقَدْ جَاءَ لِزَوْجِهِ بِضَبٍّ فَأَبَتْ أَنْ تَأْكُلَهُ:

قَالَتْ وَكُنْتَ رَجُلًا فَطِينًا

هَذَا لَعَمْرُ اللَّهِ إِسْرَائِينَا

حَتَّى قَالَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ بِحُرْمَةِ أَكْلِ الْفِيلِ وَنَحْوِهِ بِنَاءً عَلَى احْتِمَالِ أَنَّ أَصْلَهُ نَسْلٌ آدَمِيٌّ قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ «وَأَمَّا مَا يُذْكَرُ أَنَّهُ مَمْسُوخٌ كَالْفِيلِ وَالْقِرْدِ وَالضَّبِّ فَفِي الْمَذْهَبِ الْجَوَازُ لِعُمُومِ الْآيَةِ وَالتَّحْرِيمِ لِمَا يُذْكَرُ» أَيْ لِعُمُومِ آيَةِ الْمَأْكُولَاتِ، وَصَحَّحَ صَاحِبُ «التَّوْضِيحِ» عَنْ مَالِكٍ الْجَوَازَ وَقَدْ

رَوَى مُسْلِمٌ فِي أَحَادِيثَ مُتَفَرِّقَةٍ مِنْ آخِرِ «صَحِيحِهِ» عَنْ أَبِي هُرَيْرَة أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ: «فُقِدَتْ أُمَّةٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ لَا يُدْرَى مَا فَعَلَتْ وَلَا أُرَاهَا إِلَّا الْفَأْرَ، أَلَا تَرَوْنَهَا إِذَا وُضِعَ لَهَا أَلْبَانُ الْإِبِلِ لَمْ تَشْرَبْهُ وَإِذَا وُضِعَ لَهَا أَلْبَانُ الشَّاءِ شَرِبَتْهُ»

اهـ. وَقَدْ تَأَوَّلَهُ

ابْنُ عَطِيَّةَ وَابْنُ رُشْدٍ فِي «الْبَيَانِ» وَغَيْرُ وَاحِدٍ مِنَ الْعُلَمَاءِ بِأَنَّ هَذَا قَالَهُ النَّبِيءُ صلى الله عليه وسلم عَنِ اجْتِهَادٍ قَبْلَ أَنْ يُوَقِّفَهُ اللَّهُ عَلَى أَنَّ الْمَمْسُوخَ لَا يَعِيشُ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَلَا يَتَنَاسَلُ كَمَا هُوَ صَرِيحُ حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ، قُلْتُ: يُؤَيِّدُ هَذَا أَنه قَالَ عَنِ اجْتِهَادِ

قَوْلِهِ: «وَلَا أُرَاهَا»

. وَلَا شَكَّ أَنْ هَاتِهِ الْأَنْوَاعَ مِنَ الْحَيَوَانِ مَوْجُودَةٌ قَبْلَ الْمَسْخِ وَأَنَّ الْمَسْخَ إِلَيْهَا دَلِيلٌ عَلَى وُجُودِهَا وَمَعْرِفَةِ النَّاسِ بِهَا.

وَهَذَا الْأَمْرُ التَّكْوِينِيُّ كَانَ لِأَجْلِ الْعُقُوبَةِ عَلَى مَا اجْتَرَءُوا مِنَ الِاسْتِخْفَافِ بِالْأَمْرِ الْإِلَهِيِّ حَتَّى تَحَيَّلُوا عَلَيْهِ وَفِي ذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَا يَرْضَى بِالْحِيَلِ عَلَى تَجَاوُزِ أَوَامِرِهِ وَنَوَاهِيهِ فَإِنَّ شَرَائِعَ اللَّهِ تَعَالَى مَشْرُوعَةٌ لِمَصَالِحٍ وَحِكَمٍ فَالتَّحَيُّلُ عَلَى خَرْقِ تِلْكَ الْحِكَمِ بِإِجْرَاءِ الْأَفْعَالِ عَلَى صُوَرٍ مَشْرُوعَةٍ مَعَ تَحَقُّقِ تَعْطِيلِ الْحِكْمَةِ مِنْهَا جَرَاءَةً، عَلَى اللَّهِ تَعَالَى، وَلَا حُجَّةَ لِمَنْ يَنْتَحِلُ جَوَازَ الْحِيَلِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى فِي قِصَّةِ أَيُّوبَ: وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثاً فَاضْرِبْ بِهِ وَلا تَحْنَثْ [ص: 44] لِأَنَّ تِلْكَ فَتْوَى مِنَ اللَّهِ تَعَالَى لِنَبِيءٍ لِتَجَنُّبِ الْحِنْثِ الَّذِي قَدْ يُتَفَادَى عَنْهُ بِالْكَفَّارَةِ وَلَكِنَّ اللَّهَ لَمْ يَرْضَ أَصْلَ الْحِنْثِ لِنَبِيِّهِ لِأَنَّهُ خِلَافُ الْأَوْلَى فَأَفْتَاهُ بِمَا قَالَهُ، وَذَلِكَ مِمَّا يُعِينُ عَلَى حِكْمَةِ اجْتِنَابِ الْحِنْثِ لِأَنَّ فِيهُُِ

ص: 545