الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ولو ادعى هذا الوارثُ أن الميت ردها على المالك، أو هلكت في يد الميت بلا تفريط، أو في يد الوارث قبل التمكن من الرد.
فالقول: قوله بيمينه على الأصح.
فى الوديعة الموصوفة
3 -
مسألة: رجل ادعى على رجل، أن أخاه الميتَ، أودعه وديعةً موصوفة، وأنه وارثهُ لا وارثَ له سواه، وصدقه المودَع على ذلك، فطلبها الوارث، فقال له المودَع: أمرني المودَع بدفعها إِلى فلان، فصدقه الوارث على ذلك وقال: إِنما أمرك بالتسليم إِلى فلان ليشتري له بها شيئًا بطريق الوكالة، أو قال: لتكون وديعةً في يده، فهل القول قول الوارث أم لا؟.
الجواب: القول: قول الوارث، ويجب تسليمُها إِليه، ولا يجوز تسليمها إِلى غيره والحالة هذه.
ولو قال الوارث: لا أعلم على أي وجه أمر بدفعها إِلى فلان، لم تكن ملكًا لفلان؛ بل يجب تسليمها إِلى الوارث؛ لأن الأصل بقاؤها في مِلْك الميت وسلطته، فتنتقل إِلى وراثه، والله أعلم (1).
* * *
(1) أحكام تتعلق بهذا الباب:
الوديعة أمانة يستحب قبولُها لمن قام بالأمانة فيها.
وهي اسم لعين يضعها مالكها عند آخر ليحفظها.
ولا خفاءَ أن الحاجة بل الضرورةَ داعية إلى الإيداع.
ثم مَنْ عُرض عليه شيءٌ ليستودعه نُظِرَ، إن كان أمينًا قادرًا على حفظها، ووثق من نفسه بذلك، استُحِبَّ له أن يستودع، لقوله عليه الصلاة والسلام:"وَاللهُ في عَوْنِ الْعَبْدِ مَا دَامَ الْعَبْدُ في عَوْنِ أخيهِ".
أقول: لا شك أن الوديعة أمانة في يد المودَع، وإذا كان كذلك فلا ضمان عليه كسائر الأمانات نعم؛ إن تعدى فيها أو قصر ضمن. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وأسباب التقصير كثيرة جدًا:
1 -
منها: أن يودعها المودَع عند غيره بلا عذر من غير إذن المالك.
2 -
ومنها: السفر بها فإن سافر بها ضمن وإن كان الطريق آمنًا.
3 -
ومنها: ترك الإيصاء بها، فإذا مرض المودَع مرضًا مخوفًا لزمه الإيصاء بها.
4 -
ومنها: نقلها فإذا أودعها في قرية فنقلها إلى أخرى إن كان ما بينهما يُسمى سفرًا.
5 -
ومنها: التقصير في دفع المهلكات كلٌ على حسبه.
6 -
ومنها: التعدي بالانتفاع، كالانتفاع بالوديعة كلبس الثوب، وركوب الدابة ونحو ذلك.
7 -
ومنها: المخالفة في الحفظ، فإذا أمره بالحفظ على وجه مخصوص فعدل عنه، وتلفت. اهـ.
وإذا طولب بها فأخرها مع القدرة عليها حتى تلفت ضمن.
ولو ترك حماره في صحن خان، وقال للخاني: احفظه كيلا يخرج وكان الخاني ينظره فخرج في بعض غفلاته فلا ضمان لأنه لم يقصر في الحفظ.
وأن الثياب إذا سرقت في مشلح الحمام، والحمامي جالس مكانه ومستيقظ فلا ضمان عليه، وإن نام، أو قام من مكانه، ولم يترك نائبًا ضمن. كتبه محمد.
فهذا موجز ما يتعلق في هذا الباب، انظر كفاية الأخيار 2/ 7.
باب الغصب (1)
وفيه خمس مسائل
المال المغصوب
1 -
مسألة: إِذا غصب إِنسان دراهمَ، أو حنطةً من جماعة: من كل واحد شيئًا معينًا، ثم خلط الجميع ولم يتميز، ثم فرق عليهم جميع المختلَط على قدر حقوقهم، هل يحل لهم أخذُ قدر حصصهم؟.
الجواب: يحل لكل واحد أخذُ قدرِ حقه، إِذا فرق جميعه على جميعهم، فإن فرق على بعضهم، لزم المدفوع إِليه أن يَقسم القدر الذي أخذه عليه، وعلى الباقين بالنسبة إِلى قدر أموالهم.
ولو أخذ إِنسانٌ دراهمَ، أو حبًا، أو غيره لغيره، وخلطه بماله ولم يتميز، فله عزل قدر الذي لغيره، ويتصرف في الباقي.
وقد اتفق أصحابنا، ونصوصُ الشافعي على مثله فيما إِذا غصب حنطة، أو زيتًا، أو غيرَهما وخلطه بمثله.
(1) هو لغة: أخذ الشيء ظلمًا.
وشرعًا: استيلاءٌ على حق الغير ولو منفعة؛ كإقامة من قعد بمسجد.
والأصل في تحريمه قوله تعالى: {وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقًا مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْإِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ} سورة البقرة: الآية 188.
وخبر: "إنَّ مَاءَكُمْ، وَأموَالَكُمْ، وَأَعرَاضَكُمْ، عَلَيْكُمْ حَرَامٌ".
وخبر: "مَنْ ظَلم قِيدَ شبرٍ من أرض طُوِّقه من سبع أرضين". رواهما الشيخان.
قالوا: يدفع إِليه من المختلط قدر حقه الباقي للغاصب.
وأما ما يقوله بعض العوام: اختلاط الحلال بالحرام يحرمه فباطل، لا أصل له "والله أعلم".
2 -
مسألة: فرس مشترك: فباع أحدٌ الشريكين نصيبه وسلّم الفرسَ إِلى المشتري بغير إِذن شريكه، فتلفت في يد المشتري، فللشريك أن يطالب بقيمة نصيبه مَنْ شاء منهما.
3 -
مسألة: إِذا أخذ المكَّاسُ من إِنسان دراهمَ، فخلطها بدراهم المكس، ثم رد عليه قَدْرَ دراهمه من ذلك المختلَط هل له أخذُها؟.
الجواب: لا يجوز ذلك إِلا أن تُقسَّم بينه وبين الذي أُخذت منهم بالنسبة.
4 -
مسألة: سرق صبي مالًا، وسلمه إِلى أبيه، ثم مات أبوه ولم يخلف شيئًا، فهل يلزم الابنَ غرامةُ المال بعد البلوغ؟.
الجواب: نعم؛ تلزمه غرامته.
5 -
مسألة: إِذا سرق الصبي شيئًا، وسلمه إِلى أبيه، فأتلفه أبوه ومات فبلغ الصبيُ؛ وليس لأبيه تَرِكَةٌ يؤخذ منها بدلُ المسروق فهل يجب ذلك في مال الصبي؟.
الجواب: نعم؛ يجب في مال الابن؛ لأنه من أهل الضمان في غرامة المتلفات (1).
* * *
(1) أحكام تتعلق بهذا:
1 -
فلو جلس على بساط الغير، أو اغترف بآنية الغير بلا إذن فغاصب، وإن لم يقصد الاستيلاء، لأن غاية الغصب أن ينتفع بالمغصوب وقد وجد. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= 2 - ولو دخل دارًا، وأخرج صاحبها، أو أخرجه ولم يدخلها فغاصب.
3 -
وكذا لو ركب دابة الغير، أو حال بينه وبينها فغاصب.
4 -
ولو دخل دار الغير، ولم يكن صاحبها فيها، وقصد الاستيلاء عليها فغاصب، بخلاف من دخلها لينظر هل تصلح له أم لا؟.
5 -
ولو دفع إلى عبد غيره شيئًا ليوصله إلى منزله بلا إذن مالك فيكون غاصبًا.
ثم متى ثبت الغصب، وجب عليه ردُّ ما غصبه إلى مالكه، ولو غرم في الرد أضعاف قيمة المغصوب، وكما يجب رد المغصوب كذلك يجب أرش نقصه، ولا فرق بين نقص الصفة، ونقص العين.
مثال نقص الصفة:
بأن غصب دابة سمينة فهزلت ثم سمنت فإنه يردها وأرش الثمن الأول لأن الثاني غير الأول.
ومثال نقص العين:
كمن غصب زوجي خفٍ، قيمتها عشرة دراهم، فضاع أحدهما، وصار قيمة الباقي درهمين، لزمه قيمة التالف وهو خمسة، وأرش النقص وهو ثلاثة، فيلزمه ثمانية، لأن الأرش حصل بالتفريق الحاصل عنده.
فكما يلزم الرد وأرش النقص، يلزم الغاصب أجرة المثل لاختلاف السبب، لأن سبب الأرش النقص، والأجرة بسبب تفويت المنافع.
"فرع":
لو فتح بابَ قفص طير ونَفَّره ضمن بالإجماع، لأنه نَفَر بفعله.
وإن اقتصر على الفتح بدون تنفير فالراجح: أنه إن طار في الحال ضمن، لأن الطائر ينفر ممن يقرب منه، فطيرانه في الحال منسوب إليه كتهييجه.
انظر كفاية الأخيار 1/ 182. كتبه محمد.
باب القراض (1)
وفيه مسألتان
1 -
مسألة: رجل دفع مالًا لرجل قراضًا، فعامل العامل عاملًا ثانيًا بغير إذن الأول، وتلف المال في يد الثاني، هل للمالك أن يطالبهما بالضمان أم لا، وعلى مَنْ يكون قرارُ الضمان (2)؟.
الجواب: له مطالبة كل واحد منهما وقرار الضمان على الأول إِن كان الثاني جاهلًا بالحال، فإن كان عالمًا بالحال فالقرار على الثاني "والله أعلم".
(1) هو لغة: القرض وهو القطع.
وشرعًا: هو أن يعقد على مال يدفعه لغيره ليتجر فيه على أن يكون الربح مشترَكًا بينهما. وحقيقته: أن أوله وكالة، وآخرَه جعالة.
والأصل فيه: الإجماع، وبأنه عليه الصلاة والسلام ضارب لخديجةَ بمالها إلى الشام وأنفذت معه عبدهَا ميسرة.
(2)
وشروط القراض:
1 -
أن يكون المال نقدًا.
2 -
وأن يكون معلومًا.
3 -
وأن يكون بيد العامل.
4 -
وأن يستقل العامل بعمله.
5 -
وأن يكون العمل تجارة.
6 -
وأن لا يضيق عليه بالعمل.
7 -
وأن لا يؤقت بمدة.
8 -
وأن يكون الربح بينهما معلومًا.
9 -
وإذا حصل في المال خسران جبر بالربح، ولكل منهما الفسخ متى شاء. اهـ.