الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
رؤية النبي صلى الله عليه وسلم في النوم
3 -
مسألة: رؤية النبي صلى الله عليه وآله وسلم في المنام، هل يختص بها الصالحون، أم تكون لهم ولغيرهم؟.
الجواب: تكون لهم ولغيرهم (1).
= وقد تضافرت الروايات الصحيحة على ثبوت الأكل لأهل الجنة، وإن أحدهم ليعطى قوةَ مائة رجل في الأكل والشرب والجماع.
ويتنعمون بأصناف الأطعمة الشهية، ذواقًا وتلذذًا، ولا تؤلمهم كثرتها، أو تسقمهم، أو تضعفهم أو تتخمهم.
والفضلات تخرج من أبدانهم، وترشح من أجسامهم كرشح المسك الأذفر.
فهذه فوارق الأطعمة بين الدنيا الدنية وبين الآخرة المرضية فتأمل. اللهم اجعلنا من أبناء الآخرة، ولا تجعلنا من أبناء الدنيا.
والجشاء: هو عبارة عن خروج هواء من الجوف مقرونٍ بصوت عند حصول الشبع، وهو: مذموم، فقد تجشأ رجل في حضرة النبي صلى الله عليه وسلم، فأنكر عليه بقوله:"كف عنا جُشاءَك". اهـ. محمد.
(1)
أقول:
رؤياه عليه الصلاة والسلام، فرحةٌ من أسمى الفرحات، وبشرى عظيمة من أعظم البشائر، يخص الله بها من يحب من عباده.
وهي حق مُشاع لكل مؤمن مسلم، سواءًا لصالحُ وغير الصالح، تختلف باختلاف معادن القلوب وصفائها واستعدادها.
وهي: رؤيا حق لا يدخلها شك، ولا يقتربها التباس ولا وهم؛ فإن الشيطان لا يتمثل بذاته البهية، وطلعته العلية:
وذلك لئلا يُتَذَرَّعَ بالكذب على لسانه في النوم، وكما استحال تصوره بصورته يقظة، إذ لو وقع لاشتبه الحق بالباطل وبه صرح المؤلف رحمه الله في غير هذا.
قال ابن أبي جمرة رحمه الله تعالى: الشيطان لا يتصور بصورته أصلًا! فمن رآه بصورة حسنة، فذاك حسن في دين الرائي.
وإن كان في جارحة من جوارحه شين، أو نقص فذلك خلل في دين الرائي. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= قال: هذا هو الحق، وقد جُرّبَ فوجد كذلك
…
وبه تحصل الفائدة الكبرى في رؤياه عليه الصلاة والسلام، حتى يظهر الرائي هل عنده خلل أم لا؟.
لأن المصطفى عليه الصلاة والسلام نوراني كالمرآة الصقيلة، فما كان في الناظر فيها من حُسْن وغيره، تصور فيها وهي في ذاتها حسنة، لا نقص ولا شين فيها.
وكذا يقال: في كلامه في النوم، فما وافق سنة فهو حق، وما لم يوافقها فخلل في سمع الرائي. اهـ.
فإن قيل: كيف يُرى على خلاف صورته المعروفة، أي الحقيقة، في حالة واحدة، فى مكانين، والبدن الواحد لا يكون إلا في مكان واحد؟؟.
قلنا: التغيير في صفاته لا في ذاته، فتكون ذاته حيث شاء الله تعالى.
وصفاته متخيلة في الأذهان والإدراك، ولا يشترط فيه تحقق الإبصار، ولا قرب المسافة، ولا كون المتخيل ظاهرًا على الأرض حيًا حياة دنيوية وإنما الشرط كونه موجودًا.
وقد أنكر الإمام القرطبي، رؤياه الحقيقية أشدَّ الإنكار.
وقال: لا يتفوه بالتزامها من له مسكة من عقل، وملتزم ذلك مختل ومخبول.
إذ يلزم ذلك أن لا يراه أحد إلا على صورته التي مات عليها، وأن لا يراه اثنان في وقت واحد.
وقد أسهب الإمام القرطبي قلمه حول هذا مثبتًا أن الرؤيا للصفات لا للذات.
ولسلفنا الصوفية ما يوافق ذلك، وإن اختلف اللفظ حيث قالوا: هذا ميزانٌ يجب التنبه له.
وهو أن الرؤيا الصحيحة أن يُرى بصورته الثابتة بالنقل الصحيح: فإن رآه بغيرها كطويل، أو قصير، أو شيخ أي هرم، أو شديد السمرة لم يكن رآه.
وحصول الجزم في نفس الرائي بأنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم غير حجة، بل ذلك المرئي صورة الشرع بالنسبة لاعتقاد الرائي، أو خياله، أو صفته، أو بالنسبة للرائي الذي رآه في تلك الصورة. اهـ. ببعض تصرف واختصار .. انظر فيض القدير للإمام المناوي: 6/ 129. فقد بسط هذا الموضوعَ بَسْطًا جَيدًا.