الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
صحيح (1) وبيع المصادَر (2) فيه وجهان: أصحهما صحيح؛ لأنه لم يكره على بيع هذا المال، والله أعلم.
2 -
مسألة: يصح بيع الهرة والقرد؛ لأنهما طاهران منتَفعٌ بهما جامعان شروطَ المبيع (3)، وفي صحيح مسلم عن جابر عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه:"نهى عن بيع الهرِّ" وله تأويلان:
1 -
أحدهما: أنه نهيُ تنزيهٍ لتسامح الناس بذلك، ويهَبُه بعضهم لبعض كما هو الغالب.
2 -
والثاني: أنه محمول على هرٍ وحشي؛ لأنه لا يستأنس فينتفع به، ولا يحل أكله على الصحيح، والله أعلم.
بيع الفقاع والصبي والسفيه
3 -
مسألة: يصح بيعُ الفُقَّاع (4) -وإن كان غائبًا- ولا يجيء فيه الخلاف في بيع الغائب؛ لأنه مستور بما فيه صلاحه، وشربه حلال، ولا كراهةَ فيه.
(1) ولا ينعقد من مكره بغير حق ما لم ينوه؛ فإن نواه وقت الإكراه صح.
أما إن كان بحق كان يتوجه عليه بيع ماله لوفاء دينه، أو شراء عين لزمته بعقد سلم فأكرهه الحاكم عليه، فيصح بيعه وشراؤه. اهـ. محمد.
(2)
صادره على كذا: طالبه به ملحفًا، أي: كالمحجور على دين، له الوفاء بأي وجه كان.
(3)
نسخة "أ": البيع.
(4)
ويتسامح في فقاع الكوز فلا يشترط رؤية شيء منه؛ لأن بقاءه فيه من مصلحته؛ ولأنه تشق رؤيته، ولأنه قدر يسير يتسامح به في العادة، وليس فيه غرر يفوت به قدر معتبر.
وقال العبادي: يفتح رأس الكوز فينظر منه بقدر الإمكان. اهـ. روض 2/ 11.
وقد يغتفر الجهل للمسامحة كما في بيع الفقاع وكتب الرشيدي: قال في القاموس: الفقاع كرمان هذا الذي يشرب، سمي به لما يرتفع في رأسه من الزبد انتهى. وهو ما يتخذ من الزبيب. اهـ. نهاية 3/ 391.
4 -
مسألة: إِذا أسلم الصبي درهمًا إِلى صَيْرفي ليَنْقدَه (1)، أو متاعًا لينظره له ويعرفَ قيمته، أو نحوَ ذلك، هل يحل له رده إِلى الصبي؟ وما حكُم شراءِ الصبي والسفيه؟.
الجواب: لا يحل له رده إِليه؛ بل يلزمه رده إِلى وليه، ويلزم الوليَّ طلبهُ، فلو تلِف في يد القابض بتفريط، أو بغير تفريط، لزمه ضمانه. وهكذا لو اشترى الصبي شيئًا وسلَّم ثمنَه لم يصح شراؤه، ويلزم البائعَ ردُّ الثمن إِلى ولي الصبي، ولا يجوز له تسليمه إِلى الصبي، فإن تلِف الثمنُ في يد البائع، أو ردَّه إِلى الصبي فتلف في يده قبل أن يوصله إِلى الولي بإتلاف الصبي، أو بإتلاف غيره لزم البائع ضمانه (2).
(1) نقده الدراهم ونقد له الدراهم: أي أعطاه إياها فانتقدها أي قبضها، ونقد الدراهم وانتقدها أخرج منها الزيف. وبابهما نصر. اهـ. مختار.
(2)
قال ابن عابدين 4/ 145 في حاشيته:
(كما بطل بيع صبي لا يعقل ومجنون).
قُيِّدَ به لأن الصبي العاقل إذا باع، أو اشترى، انعقد بيعه وشراؤه، موقوفًا على إجازة وليه إن كان لنفسه، ونافذًا بلا عهدة عليه، إن كان لغيره بطريق الولاية.
وهذا إذا باع الصبي العاقل مالَه، أو اشترى بدون غبنٍ فاحشٍ، وإلا لم يتوقف؛ لأنه حينئذٍ لا يصح من وليه عليه، فلا يصح منه بالأولى. اهـ. باختصار.
وقالت الشافعية: فلا يصح عقد صبي، ومجنون، ومن حُجر عليه بسفه.
ومما عمت به البلوى بعثان الصغار لشراء الحوائج، واطردت فيه العادة في سائر البلاد، وقد تدعو الضررة إلى ذلك
…
فينبغي إلحاق ذلك بالمعاطاة إذا كان الحكم دائرًا مع العرف .. مع أن المعتبر في ذلك التراضي.
وقد كانت المغيبَات يبعثن الجواري والغلمان في زمن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه لشراء الحوائج فلا يُنكره وكذا في زمن غيره من السلف والخلف.
أقول: هذا في الأمور التافهة: كخبز ولحم وأدم وغير ذلك، أما في الأمور التي لها قيمة وثمن لا بدَّ لها من عقد صحيح مع رشد وبلوغ في البائع والمشتري. اهـ.
وأما العين التي اشتراها، فإن أوصلها (1) إلى البائع، فإن تلفت في يد الصبي، أو أتلفها الصبي فلا ضمان على الصبي، لا في الحال، ولا بعد بلوغه؛ لأن البائع مفرِّط بتسليمه (2) إليه، ومسلِّط له على الإِتلاف، هذا إذا كان البائع رشيدًا، فإن اشترى الصبي من صبي، أو من سفيه وتقابضا، فإن أتلف كل واحدٍ منهما ما قبضه نُظر، إن جرى ذلك بإذن الوليين فالضمان على الوليين، وإلا فلا ضمان عليهما. ويجب الضمان في مال الصبيين؛ لأن تسليمَهما لا يعد تضييعًا وتسليطًا، بخلاف الرشيد.
وأما البالغ المحجور عليه بالسفه فهو كالصبي في كل ما ذكرناه.
ولو تزوج هذا السفيه بغير إِذن الولي، ووطىء فالنكاح فاسد، ولا يلزمه مهر، لا في الحال، ولا بعد فك الحجر عنه، هذا إِذا كانت الزوجة رشيدةً؛ لأنها سلَّطته على إِتلاف بُضعها (3) كما ذكرناه في البائع، وإن كانت صبيَّة محجورًا عليها بالسفه وجب مهر المثل في مال الواطىء؛ لأنه لا يصح بذلُها وتسليطها كما قلنا في الصبي البائع، والله أعلم.
5 -
مسألة: بيع الفقاع حرام أو مكروه؟.
الجواب: هو حلال لا كراهة فيه (4).
(1) نسخة "أ": فإن أوصلها الولي لزمه إلى البائع.
(2)
نسخة "أ": بتسليمها.
(3)
البضعة: بالفتح القطعة من اللحم والجمع البضع، مثل تمرة وتمر. اهـ. مختار.
وفي الحديث: "فاطمة بضعة مني". "وبُضع" بضم الباء. ففيه تُستأمر المرأة في إبضاعهن، يقال: أَبْضَعْتُ الْمَرأَةَ إبْضَاعًَا إذا زَوَّجْتُها.
والاستبضاع نوع من نكاح الجاهلية، وهو استفعال من البضع وهو الجماع وذلك أن تطلب المرأة جماع الرجل لتنال منه الولد فقط.
(4)
وقد تقدم قريبًا في هذا الباب عند المسألة الثالثة، الحديث عن الفقاع ومعناه اللغوي والاصطلاحي.
6 -
مسألة: إِذا كان له عبد، فباع السيد العبدَ نفْسه هل يصح؟ ولمن يكون الولاء؟.
الجواب: يصح البيع وَيعْتِق العبدُ بذلك، ويثبت عليه الوَلاء للبائع (1).
7 -
مسألة: هل يجوز بيع الترياقِ، وشراباتِ الحيَّات أم لا؟ ولو اصطاد الحَوَّاء (2) حيةً، وحبسها معه على عادتهم، فلسعته ومات، هل يأثم؟ وإِن انفلتت وأتلفت شيئًا هل يضمن؟.
الجواب: إِن كان الترياق والشرابات طاهرين جاز بيعهما وإِلا فلا.
(1) الولاء: بالمد وفتح الواو، وهو: مشتق من الموالاة، وهي المعاونة، فكأن العبد أحدُ أقارب المعْتِق.
وهو في الشرع: عصوبة متراخية من عصوبة النسب تقتضي للمعتق الإرثَ والعقلَ، وولاية أمر النكاح، والصلاة عليه، وعصبته الذكور من بعده.
والولاء: من حقوق العتق، وحكمِّه: حكمه التعصيب عند عدمه، وينتقل من المعْتِق إلى الذكور من عصبته كما مر.
والأصل فيه قوله عليه الصلاة والسلام: "الولاء لمن أعتق". رواه الشيخان.
وفي رواية: "الولاء لمن وُلِّيَ النعمة".
وقوله عليه الصلاة والسلام: "الولاء لحمة كَلُحْمَةِ النسب لا يباع ولا يوهب، ولا يورث".
ولا يرث النساء بالولاء إلا من أعتقن لقوله صلى الله عليه وسلم: "إنَّما الوَلَاءُ لِمَنْ أَعتَقَ" او أَعتَقَنَ مَنْ أَعْتَقَنَ. فإن ماتت المرأة المعتقة، انتقل حقها من الولاء إلى أقرب الناس إليها من العصبات. اهـ. باختصار.
انظر كفاية الأخيار 2/ 177. كتبه محمد.
(2)
من صيغ النسب: فعّال في الحِرَف كحَداد وبقّال، ومنه الحَواء جامع الحَيَّات. اهـ.
وإِن اصطاد الحيةَ ليرغب (1) الناس في اعتماد معرفته، وهو حاذق في صنعته، ويسلم منها في ظنه، ولسعته لم يأثم، وإِذا انفلتت وأتلفت لم يضمن.
8 -
مسألة: هل يجوز بيع الأرْزِ في قشره والسلَم فيه كذلك؟ وهل فيه خلاف؟.
الجواب: الصحيح جوازهما (2).
(1) نسخة "أ": ليرعب.
(2)
قال في كفاية الأخيار 1/ 153: ولا يجوز بيع الغرر. والأصل في ذلك أنه عليه الصلاة والسلام: "نهى عن بيع الغرر". رواه مسلم.
والغرر: ما انطوى عنا عاقبته.
ثم الغرر تحته صور لا تكاد تنحصر: فنذكر نبذة منها لتعرف بها غيرها.
فمن ذلك:
1 -
بيع البعير الناد.
2 -
وكذا الجاموس المتوحش.
3 -
والعبد المنقطع الخبر.
4 -
والسمك في الماء الكثير.
5 -
وكبيع الثمرة التي لم تخلق.
6 -
والزرع في سنبله.
7 -
وكذا بيع اللحم قبل سلخ الجلد.
8 -
وكذا بيع القطن في جوزه باطل وإن كان بعد التشقق في جوزه وإن كان على الأرض.
أقول: هذا هو المذهب المختار الذي عليه الفتوى وينزل الحديث عليه، لأن الغرر ظاهر، والجهالة في المبيع أشد ظهورًا.
ولكن نقل السبكي عن صاحب التتمة، وأقره أنه لو باع القطن بعد تشققه صح وهو ما يقتضيه ما نقله في الروضة في بيع أصول القطن عن صاحب التهذيب، وإن لم يكن =