الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الذكر الخفي
26 -
مسألة: في الحديث: "خير الذكر الخفي، وخير المال ما يكفي" هل هو ثابت، وما معناه؟ (1).
(1) قال في أسنى المطالب: هذا الحديث رواه جماعة وفيه راوٍ فيه مقال. وقال في الفتح الكبير: هذا الحديث رواه أحمد في مسنده، وابن حبان في صحيحه، والبيهقي في شعب الإيمان عن سعد رضي الله عنه.
قال سيدي الإمام ابن حجر في فتاويه ص 48: سئل رضي الله عنه عن قول النووي رحمه الله تعالى في آخر "باب" مجالس الذكر من شرح مسلم: "ذكر اللسان مع حضور القلب أفضل من ذكر القلب" فهل يؤخذ من كلامه أنه إذا ذكر الله تعالى بقلبه دون لسانه: أنه ينال الفضيلة؛ إذا كان معذورًا أم لا؟.
وهل إذا قرأ بقلبه دون لسانه من غير عذر، ينال الفضيلة أم لا؟.
فأجاب بقوله: الذكر بالقلب لا فضيلة فيه من حيث كونُه ذكرًا متعَبدًا بلفظه، وإنما فيه فضيلةً من حيث استحضارُه لمعناه من تنزيه الله وإجلاله بقلبه، وبهذا يجمع بين قول النووي المذكور، وقولهم:"ذكر القلب لا ثواب فيه".
فمن نفى عنه الثواب، أراد من حيث لفظه، ومن أثبت فيه ثوابًا أراد من حيث حضوره بقلبه. كما ذكرناه، فتأمل ذلك فإنه مهم؛ ولا فرق في جميع ذلك بين المعذور وغيره والله سبحانه وتعالى أعلم. اهـ.
أقول: وإن كانت الأدلة قد ترجح الذكر باللسان. إلا أنه ثبت لدى التجارب عند البعض أن الذكر بالقلب أنفع للمريد، وأشد تأثيرًا في جلاء القلب وإيقاظه، وطرد الغفلة عنه فقد قال سيدي العارف بالله تعالى أمين الكردي في كتابه المشهور، "تنوير القلوب" ص 522.
"
فصل" في الذكر القلبي وأنه أفضل من الجهري
اعلم أن الذكر نوعان: "قلبي""ولساني" ولكل منهما شواهد من الكتاب والسنة. فالذكر اللساني باللفظ المركب من الأصوات والحروف، لا يتيسر للذاكر في جميع الأوقات؛ فإن البيع والشراء ونحوَهما يُلهي الذاكر عنه البتة، بخلاف الذكر القلبي، فإنه بملاحظة مسمى ذلك اللفظ المجرد عن الحروف والأصوات، وإذًا فلا شيء يلهي الذاكر عنه. =
الجواب: ليس بثابتٍ، ومعناه أن الذكر الخفي أبعدُ من الرياء والِإعجاب، ونحوِهِما، وهذا محمول على من كان في موضع يخاف فيه الرياءَ والِإعجاب أو نحوِهِما، فإن كان خاليًا في برية أو غيرها وأَمن ذلك فالجهر أفضل. وأما خير المال ما يكفي فمعناه أن المال الذي هو قدْرُ الكفاية أقرب إِلى السلامة من فتنة الفقر. وقد صح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"اللَّهُمَّ اجْعَلْ رِزْقَ آلِ مُحَمَّدٍ قُوتًا" أي: قدْرَ الكفاية، أو سد الرمق.
27 -
مسألة: في الحديث: "أنا وأمتي برآء من التكلف" هل هو صحيح، وما معناه؟.
الجواب: ليس هو بثابت، وفسروه بأن التكلف -هنا- بمعنى التعرض لما لا يعنيه، ويطلق التكلف -أيضًا- على من يتجشم المشقة في الشيء ويعمله على خلاف عادته.
= ولله در القائل:
بقلب فاذكر اللهَ خَفيًا
…
عن الخلق بلا حرفٍ وقال
وهذا الذكر أفضلُ كلّ ذكر
…
بهذا قد جرَى قولُ الرّجال
ولذلك اختار البعض الذكرَ القلبي؛ ولأن القلب محل نظر الغفار، وموضعُ الإيمان، ومعدنُ الأسرار، ومنبع الأنوار، وبصلاحه يصلح الجسد كلُّه، وبفساده يفسد الجسد كلُّه، كما بينه لنا النبي المختار صلى الله عليه وسلم. وقد روي ما يؤيد هذا المعنى عن عائشة رضي الله تعالى عنها "يفضل الذكر" أي الخفي "على الذكر" أي الجهري "بسبعين ضعفًا، إذا كان يوم القيامة، رجع الله الخلائق إلى حسابه، وجاءت الحفظة بما حفظوا وكتبوا، وقال الله تعالى: انظروا هل بقي لعبدي من شيء فيقولون ما تركنا شيئًا مما علمناه وحفظناه إلا وقد أحصيناه وكتبناه، فيقول الله تعالى: إن لك عندي حُسْنًا وأنا أجزيك به وهو الذكر الخفي" رواه البيهقي.
وورد عن عائشة رضي الله عنها أيضًا: "الذكر الذي لا تسمعه الحفظة يزيد على الذكر الذي تسمعه الحفظة سبعين ضعفًا". رواه البيهقي باختصار. اهـ. كتبه محمد.