الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المؤلف أو غيره من فقهاء عصره، وإنما هي منقولة عن الأئمة، فالتخريج في الكتاب كان لبيان أسباب الخلاف، أو لتعليل الأحكام المنقولة عن الأئمة.
وكما أن الكتاب يمثل الفروع المخرجة على الأصول، فإنه يمثل أصولاً مخرجة من الفروع، والذي يكشف عن ذلك أن العودة إلى كتب الفقه في كثير من الفروع الواردة فيه لا ترينا التعليلات المسندة إلى هذه الأصول، بل ترينا تعليلات أخر غير مسندة إلى هذه الأصول.
سادسا: كان منهج المؤلف وصفياً، فقد كان يذكر نص الأصل وآراء العلماء بشأنه، دون أن يرجح وجهة نظر منها، ودون أن يستدل لأحد. وبعد ذكره الأصل يذكر الفروع المبنية عليه، بعد قوله: وعلى هذا مسائل منها، أو على هذا قال أصحابنا. ولم يخرج عن ذلك إلا عدد محدود جداً من الأصول.
الفرع الثاني: نماذج مختارة من الكتاب
أولاً: قال أبو زيد في الأصل الأول من كتابه المذكور ص 11 وما بعدها:
قال الفقيه: الأصل عند أبي رحمه الله على ما ذكره أبو الحسن الكرخي رحمه الله أن ما غير الفرض في أله غيره في آخره (1)، مثل نية الإقامة للمسافر (2) واقتداء المسافر بالمقيم (3) وعلى هذا مسائل منها:-
(1) سبق في الكلام عن وقوع الاختلاف في الأصول المخرجة، أن ذكرنا أن الأصل الذي أورده الدبوسي هنا، هو مما اختلف فيه، فارجع إلى ذلك لمعرفة وجهتي النظر في هذه المسائل، وهي المسماة، عندهم، بـ (المسائل الاثني عشرية)، ونضيف هنا أن ممن مشى على وجهة نظر أبي سعيد البردعي، صاحب الهداية، وتبعه الشراح وعامة المشايخ وأكثر المحققين من الحنفية، والإمام النسفي في الوافي والكافي، والكنز وشروحه، والشيخ أبو منصور الماتريدي.
انظر: رد المحتار 1/ 449 و1/ 607، واللباب في شرح الكتاب 1/ 88.
(2)
فلو صلى الظهر ركعتين، وقعد قدر التشهد، ولم يسلم، ثم نوى الإقامة تغير فرضه، كما لو نوى الإقامة في أول الصلاة. انظر: بدائع الصنائع 1/ 99.
(3)
فإنه يتم أربعاً لتبعيته في الاقتداء، إذا كان الوقت باقياً، لكن بعد خروج الوقت، لا =
1 -
إن المتيمم إذا أبصر الماء، في آخر صلاته بعدما قعد قدر التشهد، قبل أن يسلم فإنه تفسد صلاته عند أبي حنيفة – رحمه الله – لهذا المعنى، لأنه لو حصلت الرؤية في أول الفرض غيره، فكذلك إذا حصل في آخره، وعندهما لا تفسد.
2 -
إن العُريان إذا أصاب ثوباً، أو مقدار ما يستر عورته، بعدما قعد، قدر التشهد قبل أن يسلم، سدت صلاته عند أبي حنيفة – رحمه الله تعالى- لهذا المعنى الذي ذكرناه، وعندهما لا تفسد صلاته.
3 -
إن الأمي لو تعلم سورة من القرآن (1)، أو مقدار ما تجوز به الصلاة، بعدما قعد قدر التشهد، قبل أن يسلم، فسدت صلاته، عند أبي حنيفة، لهذا المعنى الذي ذكرناه، وعندهما لا تفسد صلاته.
4 -
إن المستحاضة، إذا خرج وقت صلاتها، بعدما قعدت قدر التشهد، قبل أن تسلم، فإنه تفسد صلاتها، عند أبي حنيفة- رحمه الله لهذا المعنى، وعندهما لا تفسد صلاتها. وكذلك المبطون ومن به سلس البول، وصاحب الجرح السائل، ومن هو في معنى المستحاضة (2) على هذا الخلاف.
(1) = يصح الاقتداء، لأن الفرض، بعد خروج الوقت، لا يتغير بنية الإقامة.
انظر: رد المحتار 1/ 581.
() قيل المراد بذلك أنه تذكرها، بعد نسيان، لأن التعلم لابد له من التعليم وذلك فعل ينافي الصلاة. وقيل المراد إنه سمعها بلا اختيار، وحفها بلا صنيع. انظر: العناية 1/ 273. والمراد من المعلم هنا ما هو أعم من أن يكون إماماً، أو منفرداً، أو مقتدياً بأمي أو قاريء. انظر: رد المحتار 1/ 607.
(2)
وأضاف القدوري من كان صاحب عذر فانقطع عذره، (انظر: اللباب في شرح الكتاب 1/ 88).
5 -
إن المرأة إذا قامت بجنب الرجل، في آخر الصلاة، بعدما قعد قدر التشهد، قبل أن يسلم أفسدت صلاته عند أبي حنيفة، وعندهما لا تفسد (1).
6 -
إن الماسح على الخف، إذا انقضت مدة مسحه، بعدما قعد قدر التشهد، قبل أن يسلم، فإنه تفسد صلاته عند أبي حنيفة لهذا المعنى (2)، وعندهما لا تفسد.
7 -
إن لابس الخفين إذا سقط الخف من رجله، بعدما قعد قدر التشهد، قبل أن يسلم، بغير فعله، أو بعمل يسير، من جهته (3) فإنه تفسد صلاته عند أبي حنيفة لهذا المعنى، وعندهما لا تفسد فأما إذا كان بعمل كثير (4) فإنه لا تفسد صلاته بالإجماع.
8 -
إن مصلي الجمعة إذا مضى الوقت، بعدما قعد قدر التشهد قبل أن يسلم (5)، فإن صلاته تفسد عند أبي حنيفة، وعندهما لا تفسد.
9 -
إن من تذكر صلاة فاتت في آخر صلاته (6)، ولم يدخل في
(1) قيل إن القياس أن لا تفسد صلاته، كما لا تفسد صلاتها، ولكن ترك القياس؛ لأنه مأمور بتأخيرها، وهو المختص بالأمر، دونها، فتفسد صلاته. انظر: الاختيار في تعليل المختار 1/ 57.
(2)
ومثل ذلك، إذا كان ماسحاً على الجبيرة، فسقطت عن برء. انظر: اللباب 1/ 88.
(3)
بأن كان واسعاً لايحتاج فيه إلى المعالجة بالنزع. انظر: رد المحتار 1/ 608.
(4)
بأن كان الخف ضيقاً يحتاج إلى علاج، ففي هذه الحالة تكون صلاته قد تمت، لوجود المنافين وهوا لخروج بصنعه.
انظر: فتح القدير 1/ 273، ورد المحتار 1/ 608.
(5)
أو دخل وقت العصر، في الجمعة. انظر: اللباب 1/ 88، والهداية والعناية مع فتح القدير 1/ 273.
(6)
سواء كانت الفائتة عليه وعلى إمامه، بشرط أن يكونا من أهل الترتيب، وأن تكون في الوقت سعة. =
التكرار (1) بعدما قعد قدر التشهد قبل أن يسلم، فإنه تفسد صلاته عند أبي حنيفة، وعندهما لا تفسد.
10 -
إن العاجز إذا قدر على الركوع والسجود، بعدما قعد قدر التشهد، قبل أن يسلم فإنه تفسد صلاته عند أبي حنيفة، وعندهما لا تفسد.
11 -
إن المرأة إذا حاضت، بعدما قعدت قدر التشهد، فسدت صلاتها عند أبي حنيفة، وعندهما لا تفسد.
12 -
إن من كان في صلاة الفجر وطلعت عليه الشمس، بعدما قعد قدر التشهد، قبل أن يسلم، فسدت صلاته عند أبي حنيفة (2)، وعندهما لا تفسد. فإن قيل: لو طلعت الشمس عند التكبيرة لا تغير الفرض في أوله (3) قيل له: هذا من عدم العلة فلا يكون نقضاً (4). وعلى هذا قال أبو حنيفة وأبو يوسف: إن من أدرك الإمام يوم الجمعة بعدما قعد، قدر التشهد قبل أن يسلم، فإنه يصلي ركعتين، وقال محمد: يصلي أربعاً.
(1) = انظر: فتح القدير، والعناية 1/ 273، والدر المختار 1/ 608.
() التكرار يتحقق بكثرة الفوائت. وحُد ذلك بدخول السابعة، وقيل بدخول السادسة فمن بلغت فوائته أكثر من خمس، دخل في التكرار، وسقط عنه الترتيب. انظر: الاختيار 1/ 62.
(2)
من الملاحظ أن هذا القول يخالف الحديث الوارد عن النبي – صلى الله عليه وسلم: (من نام عن صلاة أو نسيها، فليصلها، إذا ذكرها) الذي أخذ به الشافعيةن وقالوا بعدم فساد الصلاة بطلوع الشمس، بناء عليه وعلى قوله – صلى الله عليه وسلم:(من نام عن صلاة أو نسيها، فليصلها، إذا ذكرها) الذي أخذ به الشافعية، وقالوا بعدم فساد الصلاة بطلوع الشمس، بناء عليه وعلى قوله – صلى الله عليه وسلم – (من أدرك ركعة من الصبح، قبل أن تطلع الشمس فقد أدركها)، لكن الحنفية يحملون الأحاديث على الصلاة في غير الأوقات المنهي عنها)، ولا يرون تخصيص الأحاديث المتعارضة ببعضها، لانهم يشترطون في التخصيص المقارنة.
انظر: دراسات في التعارض والترجيح للدكتور/ سيد صالح عوض ص 372 وما بعدها، والتعارض والترجيح عند الأصوليين للدكتور محمد الحفناوي ص192 وما بعدها.
(3)
فالمفروض، إذن، أن لا تغيره في آخره.
(4)
أي بإبداء العلة، دون الحكم.
وكذلك لو أدركه في سجود السهود، في صلاة الجمعة، فإنه يصلي ركعتين عند أبي حنيفة وأبي يوسف، وقال محمد يصلي أربعاً وكذلك في سائر الصلوات، إذا سجد للسهو ثم اعترض له معنى من هذه المعاني فهو على هذا الأصل، وقد قدمناه قبل هذا. وحكي عن أبي سعيد البردعي أنه كان يخرج هذه المسائل على أصل آخر، وهو أن مذهب أبي حنيفة الخروج من الصلاة بصنعه فرض، وعندهما ليس بفرض. ولكن هذا ليس بمنصوص عليه عن أبي حنيفة (1) والأول أحسن.
ثانياً: وقال في صفحة 110:
الأصل عند أصحابنا أن القدرة على الأصل أي المبدل قبل استيفاء المقصود بالبدل ينتقل الحكم إلى المبدل (2) كالمعتدة بالشهور إذا
(1) وإنما استنبطوه من وجهة نظرهم في الفروع الفقهية، فهو أصل مخرج وليس بمنصوص. هذا وقد أضاف بعض العلماء فروعاً أخرى إلى ذلك، فأوصلوها إلى عشرين أو أكثر، وحاول بعضهم رد الفروع المضافة إلى بعض، وفي بعض ما فعلوه تكلف. وهذه الفروع المضافة هي: وجود ماء يزيل به نجاسة الثوب، وتقنع الأمة، أي إذا عتقت وهي تصلي بغير قناع، فلم تستتر من وقتها وزوال الشمس في العيد، ودخول وقت من الأوقات الثلاثة في القضاء، وخروج وقت المعذور، وتذكر فائتة على إمامه. انظر: توضيح هذه الفروع، أو بعضها في: رد المحتار 1/ 609، وفتح القدير 1/ 274، وتبيين الحقائق 1/ 151.
(2)
هذه القاعدة، بالطريقة التي أوردها بها الدبوسي، تبدو مطردة، وأن الحكم واحد، في الفروع الثمانية التي أوردها، وما يمكن أن يلحق بها، عند الحنفية، وعند الإمام الشافعي أيضاً، غير أن ما عرضه كثير من العلماء يدل على عدم اطراد القاعدة، فقد ذكر محمد بن أبي سليمان البكري الشافعي المتوفى في أوائل القرن التاسع الهجري، هذه القاعدة، في كتابه الاستغناء، بنص (من تلبس ببدل، مع عدم وجود مبدله، ثم وجد المبدل، وهو في أثناء فعل البدل، لم يبطل مع وجود مبدله) ص 368. لكنه بعد أن ذكر أمثلة لها، ذكر طائفة مما ستثني منها، بعضها مما ذكره الدبوسي، كما بحث الزركشي في كتابه المنثور في القواعد (1/ 219 وما بعدها) بعض هذه المسائل، بعد أن تكلم عن البدل وأنواعه وأحكامه، ويفهم مما عرضه عدم طرد هذه =
حاضت (1)، أو المعتدة بالحيض، إذا أيست (2). عند أبي عبد الله لا ينتقل، وعلى هذا مسائل منها:
إن المتيمم إذا وجد الماء، خلال الصلاة تفسد صلاته عندنا (3) وعند أبي عبد الله لا تفسد (4). إن العاري إذا وجد ثوباً في خلال صلاته تفسد صلاته عندنا (5) وعند أبي عبد الله لا تفسد صلاته.
والمريض إذا وجد خفة من مرضه وقوة وذلك في خلال صلاته استقبلها من الابتداء عندنا (6) وعند أبي عبد الله يمضي على حاله في هذه المسائل كلها. إن المكفر عن يمينه إذا كفر بالصوم، فوجد في اليوم الثاني، أو في اليوم الثالث، ما يكفر به من طعام أو كسوة أو عتق، بطلحكم الصوم عندنا (7). وعند أبي عبد الله لا يبطل.
وكذلك المكفر عن قتل الخطأ إذا وجد رقبة في صيامه قبل تمام
(1) = القاعدة، في كل الفروع.
ما تكلم عن ذلك ابن رجب في القاعدة السابعة من كتابه في القواعد (ص 9 و10) بنص (من تلبس بعبادة، ثم وجد، قبل فراغها، ما لو كان واجداً له، قبل الشروع، لكان هو الواجب، دون ما تلبس به، هل يلزمه الانتقال، أم يمضي ويجزئه) وذكر أن ذلك على ضربين، ونوع في الحكم بناء على اختلاف الضربين. وتكلم عن ذلك في القاعدة السادسة عشرة (ص 20) أيضاً وذكر لها صوراً كثيرة. وقد تناول ابن القيم في كتابه (بدائع الفوائد) بعض هذه الفروع، وفرق بين بعضها في الأحكام، مع ذكره لوجوه الفرق (4/ 28).
() فنستأنف العدة بالحيض عند الحنفية. انظر: اللباب 3/ 82، والاختيار 2/ 233.
(2)
فنستأنف بالشهور عند الحنفية. انظر: الاختيار في الموضع السابق.
(3)
اللباب 1/ 87، والهداية 1/ 40، والدر المختار بحاشية رد المحتار 1/ 607.
(4)
وهذا هو المشهور في مذهب الشافعي. انظر: مغنى المحتاج 1/ 102.
(5)
الدر المختار بحاشية رد المحتار 1/ 607.
(6)
رد المحتار مع الدر المختار 1/ 608، وفي كتاب القدوري أن استئناف الصلاة هو رأي محمد، والمفتي به أنه يبني على صلاته. انظر: اللباب في شرح الكتاب 1/ 102.
(7)
اللباب 4/ 8.
الشهرين فإنه يعتق الرقبة ولا يجزيه الصوم عندنا. وعند أبي عبد الله لا يبطل صومه، ويجزيه عن الكفارة. وكذلك المتمتع إذا لم يجد الهدي فصام يوماً أو يومين، فوجد الهدي قبل فراغه من الصوم، إنه لا يجزيه صوم اليوم الثالث ويجب عليه أن يذبح الهدي (1) وعند أبي عبد الله يجوز. إن المظاهر إذا وجد ما يعتق أو ما يطعم، قبل الفراغ من الصوم لايجزيه الصوم عندنا، ويلزمه الإعتاق وعند أبيعبد الله يجزيه الصوم ولا يلزمه الإعتاق ويمضي إتمام شهرين متتابعين (2).
(1) لأنه قدر على الأصل قبل حصول المقصود بالبدل، وهو التحلل. ون قدر عليه، بعد الحلق، قبل صومه السبعة، فلا هدي عليه، لحصول المقصود بالبدل. انظر: الاختيار 1/ 157.
(2)
من الفروع التي ذكرها ابن رجب، ولم ترد هنا: إذا نكح المعسر الخائف للعنت أمة، ثم زال أحد الشرطين، فهل ينفسخ نكاحه. على روايتين، والنكاح شوب عبادة ص 10 من قواعد ابن رجب، وما ذكره مذهب الحنابلة.