الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الثالث
تقسيم وترتيب ابن حمدان
ومن هذه التقسيمات ما ذكره ابن حمدان (ت 695هـ) في كتابه صفة الفتوى والمفتي والمستفتي. وقد تأثر في ذلك بابن الصلاح، ونقل كثيراً من عباراته، لكنه أضاف إليه قسمين آخرين فصار المجتهدون عنده أربعة أقسام، تشمل سبع طبقات، وهي مرتبة كالآتي:
1 -
القسم الأول: المجتهد المطلق.
2 -
القسم الثاني: المجتهد في مذهب إمامه أو مذهب إمام غيره، وجعل له أربعة أحوال وهي:
أ- الحالة الأولى: أن يكون غير مقلد لإمامه في الحكم والدليل، لكن سلك طريقه في الاجتهاد والفتوى ودعا إلى مذهبه، مثل أصحاب الأئمة كأبي يوسف ومحمد والمزني وغيرهم.
ب- الحالة الثانية: أن يكون مجتهداً في مذهب إمامه مستقلاً بتقريره بالدليل، لكن لا يتعدى أصوله وقواعده، مع إتقانه للفقه وأصوله، وأدلة مسائل الفقه، عارفاً بالقياس ونحوه، تام الرياضة، قادراً على التخريج والاستنباط وإلحاق الفروع بالأصول والقواعد لإمامه، وهذه صفة المجتهدين أرباب الأوجه والتخاريج والطرق.
ج- الحالة الثالثة: وهي حالة من لم يبلغ رتبة أصحاب الأوجه والتخاريج والطرق، ولكنه فقيه النفس، يقرر ويجوز ويزيف ويرجح، وربما تطرق بعضهم إلى تخريج قول واستنباط وجه واحتمال.
د- الحالة الرابعة: حالة من يقوم بحفظ المذهب ونقله وفهمه (1).
3 -
القسم الثالث: المجتهد في نوع من العلم، فمن أراد أن يفتي في مسألة قياسية لا تتعلق بالحديث، فله أن يفتي بذلك إن كان عالماً بالقياس وشروطه. ومن عرف الفرائض فله أن يفتي فيها، وإن جهل أحاديث النكاح مع ذكره لخلاف العلماء في هذا الشأن.
4 -
القسم الرابع: "المجتهد في مسائل أو في مسألة وليس له الفتوى في غيرها. وأما فيها فالأظهر جوازه، ويحتمل المنع، لأنه مظنة القصور والتقصير"(2).
وبموجب هذا التقسيم تصبح الطبقات عنده سبعاً، تضم كل طبقة منها نوعاً من المجتهدين. والطبقات الخمس الأولى التي تدخل في القسمين الأول والثاني هي الطبقات المذكورة في تقسيم وترتيب ابن الصلاح كما ذكرنا، وما أضافه إلى ذلك وعده المجتهدين اجتهاداً جزئياً، سواء كان ذلك في نوع معين من العلوم، أو في مسألة خاصة، من مراتب الطبقات، يتعلق بمسألة تجزؤ الاجتهاد، وهي مسألة مختلف فيها بين الأصوليين (3) وبوجه عام فإن المجتهد الذي هو من هذا القبيل يمكن دخوله في الطبقات الأخر، وتقسيمات وترتيبات غيره لا تمنعه. وإنما ذكرنا ابن حمدان، وإن كان لم يأت بجديد، بسبب ما نقله عنه كثير من علماء الحنابلة (4).
(1) صفة الفتوى ص 18 - 23 وشرح التحرير ورقة 216 ب و 217أ.
(2)
صفة الفتوى ص 24.
(3)
انظر البحر المحيط 6/ 209، وشرح الكوكب المنير 4/ 473، وشرح مختصر المنتهى للعضد 2/ 290.
(4)
لاحظ: شرح التحرير في الموضع السابق، الإنصاف للمرداوي 12/ 258 - 265، الفواكه العديدة في المسائل المفيدة لأحمد محمد المنقور 2/ 171 - 175.