المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الفرع الثاني: نماذج مختارة من الكتاب: - التخريج عند الفقهاء والأصوليين

[يعقوب الباحسين]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة

- ‌تمهيدفي تعريف التخريج وبيان أنواعه

- ‌الباب الأولفي أنواع التخريج

- ‌الفصل الأولتخريج الأصول من الفروع

- ‌المبحث الأولنشأته وتطوره

- ‌المبحث الثانيأمثلة لبعض الأصول المخرجة

- ‌المبحث الثالثحكم نسبة الأصول المخرجة إلى الأئمة

- ‌الفصل الثانيتخريج الفروع على الأصول

- ‌المبحث الأولنشأة العلم وتطوره

- ‌المبحث الثانيأسباب اختلاف الفقهاء

- ‌المبحث الثالثالتخريج على الأصول

- ‌المبحث الرابعالتعريف بأهم الكتب المؤلفة

- ‌المطلب الأولكتاب (تأسيس النظر) لأبي زيد الدبوسي

- ‌الفرع الأول: التعريف بالكتاب:

- ‌الفرع الثاني: نماذج مختارة من الكتاب

- ‌المطلب الثانيتخريج الفروع على الأصول

- ‌الفرع الأول: التعريف بالكتاب:

- ‌الفرع الثاني: نماذج مختارة من الكتاب:

- ‌المطلب الثالثمفتاح الوصول إلى بناء الفروع على الأصول

- ‌الفرع الأول: التعريف بالكتاب:

- ‌الفرع الثاني: نماذج مختارة من الكتاب:

- ‌المطلب الرابعالتمهيد في تخريج الفروع على الأصول

- ‌الفرع الأول: التعريف بالكتاب:

- ‌الفرع الثاني: نموذج من الكتاب:

- ‌المطلب الخامسالقواعد والفوائد الأصولية

- ‌الفرع الأول: التعريف بالكتاب:

- ‌الفرع الثاني: نموذج من الكتاب:

- ‌الفصل الثالثتخريج الفروع على الفروع

- ‌المبحث الأولمصادر التخريج

- ‌المطلب الأولنص الإمام وما يجري مجراه

- ‌الفرع الأول: في بيان المراد من النص وما يجري مجراه

- ‌الفرع الثاني: طرق معرفة النصوص

- ‌الطريق الأول:مؤلفاتهم المنسوبة إليهم

- ‌الطريق الثاني:نقل أصحابهم لآرائهم في المسائل المختلفة

- ‌المطلب الثانيمفهوم نص الإمام

- ‌المطلب الثالثفي أفعال الأئمة

- ‌المطلب الرابعتقريرات الإمام

- ‌المطلب الخامسالحديث الصحيح

- ‌المبحث الثانيطرق تخريج الفروع على الفروع

- ‌المطلب الأولالتخريج بطريق القياس

- ‌المطلب الثانيالنقل والتخريج

- ‌المطلب الثالثلازم مذهب الإمام

- ‌الباب الثانيفي مراتب المخرجين وصفاتهم وشروطهم

- ‌الفصل الأولمراتب المخرجين بين طبقات الفقهاء

- ‌المبحث الأولتقسيم وترتيب ابن كمال باشا

- ‌المبحث الثانيتقسيم وترتيب ابن الصلاح

- ‌المبحث الثالثتقسيم وترتيب ابن حمدان

- ‌المبحث الرابعفي تقسيمات أخر

- ‌الفصل الثانيشروط وصفات علماء التخريج

- ‌المبحث الأولشروط وصفات علماء التخريج

- ‌المبحث الثانيفي تحقق فرض الكفاية بهم

- ‌الفصل الثالثأنواع الأحكام المخرجة وصفاتها

- ‌خاتمة

- ‌المصادر والمراجع

- ‌فهرس الأعلام المترجم لهم

الفصل: ‌الفرع الثاني: نماذج مختارة من الكتاب:

في بعض المسائل العلمية، وبين أن ذلك لا يؤثر على ما في الكتاب من مزايا في (إبداع تبويبه ووجازه تعبيره وضبطه للمسائل ضبطاً قل نظيره بين الكتب المتداولة)(1).

‌الفرع الثاني: نماذج مختارة من الكتاب:

أولاً: المسألة (1) من كتاب الطهارة. وقد ذكر الزنجاني فيها إحدى عشرة مسألة مختلفاً فيها، بين الحنفية والشافعية، بناها على الخلاف في أن المعاني والأحكام الشرعية هل هي من صفات الأعيان المنسوبة إليها فيصح التعليل، كما هي وجهة نظر طائفة من الحنفية، أو أنها ليست من صفاتها، بل مما أثبته الله تعالى تحكماً وتعبداً، فلا يصح التعليل، كما هي وجهة نظر الشافعي؟ وهي مسألة كبرى يبنى عليها ما لا حصر له من الفروع. وقد آثرنا اختيارها لهذا السبب، ولكننا ننبه هنا إلى أمرين:

أولهما: إن الرجوع إلى كتب الفقه في المذهبين، لا تدل على أن ما ذكره الزنجاني، هو الأساس فيما ذهب إليه ل طرف من الأحكام، فهذه الكتب تعلل أحكام كثير من هذه الفروع بأدلة أخرى، عقلية أو نقلية، وقد يأتي ما ذكره الزنجاني فيها من باب الاستئناس والتقوية، لا على سبيل الانفراد. وفي أحيان قليلة يوجه الحكم بما ذكره من تعليل.

وثانيهما: إن ما ذكره من توجيه للمسائل يعطي تصوراً جيداً لها، ويمكن من الفهم الدقيق، ويوجد رباطاً وثيقاً بين طائفة من المسائل، في الأبواب المتفرقة، ما كان يمكن أن يُدرك من دون التنبيه إلى ذلك إلا بمشقة زائدة. قال الزنجاني (أ):

(1) تقديم الكتاب ص 39 - 43.

.......................

(أ) ص38 من كتابه تخريج الفروع على الأصول - الطبعة الخامسة، وقد آثرنا ذكر النماذج من هذه الطبعة، لوجود إضافات في حواشيها لم ترد في الطبعة الأولى وقد أضفنا بعض التعليقات إلى ما وجدنا الحاجة تدعو إليها، وبخاصة في المسائل المتفرعة على الأصول التي يذكرها المؤلف. وتمييزاً لها عن هوامش المحقق رمزنا إليها بالحروف الهجائية.

ص: 131

(ذهب الشافعي رضي الله عنه (1) وجماهير أهل السنة إلى أن الطهارة والنجاسة وسائر المعاني الشرعية كالرق والملك (2)، والعتق والحرية، وسائر الأحكام الشرعية، ككون المحل طاهراً (3) أو نجساً، وكون الشخص حراً أو مملوكاً مرقوقاً، ليست من صفات الأعيان المنسوبة إليها، بل أثبتها الله تحكماً وتعبداً، غير معللة (4). لا راد لقضائه، ولا معقب لحكمه، لا يُسأل عما يفعل وهم يسألون، ولا تصل آراؤنا الكليلة، وعقولنا الضعيفة، وأفكارنا القاصرة إلى الوقوف على حقائقها، وما يتعلق بها من مصالح العباد، فذلك حاصل ضمناً وتبعاً، لا أصلاً ومقصوداً، إذ ليست المصلحة واجبة في حكمه.

واحتج في ذلك: بأن الله تعالى إذا جاز أن يعاقب الكافر على كفره، والفاسق على فسقه، ولا مصلحة لأحد فيه، جاز أن يشرع الشرائع، وإن تعلق بها مفسدة ولا يتعلق بها مصلحة لأحد، ولذلك الله تعالى كلف الإنسان ما ليس في وسعه فقال تعالى:{فَاتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ} (5){فَاتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ} (6) وقال للملائكة: {أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلاء إِنْ كُنتُمْ

(1) في "ز" رحمه الله تعالى وفي "د" رضي الله عنه كما أثبت، وفي أبي حنيفة العكس فيهما. وقد جرينا على وضع رضي الله عنه للإمامين، وهذه المغايرة في النسختين مطردة في جميع المواطن، وهي من الفروق بينهما.

(2)

في "د".

(3)

ساقطة في "ز".

(4)

(أ) انظر: أصول السرخسي 2/ 144 وما بعدها، وكشف الأسرار عن أصول البزدوي للبخاري 3/ 531 وما بعدها، والحكم الشرعي بين النقل والعقل للدكتور الصادق عبد الرحمن الغرياني ص 285 وما بعدها.

(5)

سورة هود: الآية 13.

(6)

سورة يونس: الآية 38، هذا: والتكليف بالإتيان بعشر سور من القرآن أو بسورة من مثله إنما هو تكليف للتعجيز والابتلاء، وفعلاً بأن عجز العرب عن أن يأتوا بشيء من مثله وصدق فيهم قول الله تعالى:(قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا) الإسراء: 88، وانظر تحقيق هذه المسألة وما يتشعب منها عند الأصوليين في "نهاية السول شرح منهاج البيضاوي" للأسنوي مع حاشية "سلم الوصول" للشيخ بخيت المطيعي:(1/ 361 - 362) تفسير "روح المعاني" للآلوسي (1/ 196) فما بعدها تفسير "أبو السعود"(1/ 52 - 53).

ص: 132

صَادِقِينَ} (1) وكل ذلك تكليف للإنسان ما ليس في وسعه، وذلك ضرر لا مصلحة فيه.

وسر هذه القاعدة أن الله تعالى مالك الملك وخالق الخلق، يتصرف في عباده كيف يشاء، ولا كذلك الواحد منا. فإنه إذا أضر بغيره كان متصرفاً في ملك الغير بالضرر، وذلك ظلم وعدوان.

وذهب المنتمون إلى أبي حنيفة رضي الله عنه من علماء الأصول إلى أن الأحكام الشرعية صفات للمحال (2) والأعيان المنسوبة إليها، أثبتها الله تعالى، وشرعها معللة بمصالح العباد لا غير (3).

كما أن الحسن، والقبح (4)، والوجوب، والحظر، والندب (5)، والكراهة، والإباحة، من صفات الأفعال التي تضاف (6) إليها، غير أنهم قسموا أحكام الأفعال إلى: ما يعرف بمجرد العقل، وإلى ما يعرف بأدلة الشرع، على ما سيأتي:

أما أحكام الأعيان: فقد اتفقوا على أنها كلها تعرف بأدلة شرعية، ولا تعرف بمجرد العقل، وأنها (7) كلها تثبت بإثبات الله تعالى.

واحتجوا في ذلك بقياس الشاهد على الغائب، بناء على قاعدة التحسين

(1) سورة البقرة: الآية 31.

(2)

في "ز"(الحال). وهو تصحيف.

(3)

انظر "أحكام القرآن" لابن العربي: (1/ 445) و"التفسير الكبير" للفخر الرازي: (8/ 165)، (11/ 150) وانظر كذلك "حاشية ابن عابدين"(1/ 301).

(4)

في "ز"(القبيح) والصواب ما أثبتناه من نسخة "د".

(5)

في "ز"(المندوب) والصواب ما أثبتناه من نسخة "د".

(6)

في "د"(يضاف).

(7)

في "د"(وأن).

ص: 133

والتقبيح، وزعموا أن شرع الحكم (1) لا لمصلحة عبث وسفه، والعبث قبيح عقلاً، وهو كإقدام الرجل اللبيب على كيل الماء من بحر إلى بحر، فإنه يقبح منه ذلك ويستحق الذم عليه.

وإذا تمهدت هذه القاعدة فنقول (2): الشافعي رضي الله عنه حيث رأى أن التعبد في الأحكام هو الأصل غلب احتمال التعبد: وبني مسائله في الفروع عليه.

وأبو حنيفة رضي الله عنه حيث رأى أن التعليل هو الأصل بنى مسائله في الفروع عليه، فتفرع عن الأصلين المذكورين مسائل.

منها (أ):

1 -

أن الماء يتعين (3) لإزالة النجاسة عند الشافعي رضي الله عنه (ب)، ولا يلحق غيره به تغليباً للتعبد. وقال أبو حنيفة رضي الله عنه: يلحق به كل

(1) في "ز"(الحكيم) والصواب ما في نسخة "د" وهو ما أثبتناه.

(2)

في "ز"(فيقول) والصواب ما أثبتناه نم نسخة (د).

(3)

في "ز"(متعين).

..........................

(أ) انظر المسألة في: الاصطلام لابن السمعاني 1/ 42 وطريقة الخلاف للأسمندي ص 44 وإيثار الإنصاف لسبط ابن الجوزي ص35، ورؤوس المسائل للزمخشري مسألة (1) ص 93 و94، والقاعدة (1) من قواعد المقري 1/ 213، وبداية المجتهد 1/ 80.

(ب) انظر المجموع 1/ 95 وإيثار الإنصاف ص 35. وقد أخذ برأ] الشافعي مالك ومحمد وزفر وأحمد.

ص: 134

مائع طاهر مزيل للعين والأثر (أ) تغليباً للتعليل (1)(ب).

2 -

ومنها: أن الماء المتغير بالطاهرات كالزعفران والأشنان (ج) إذا تفاحش تغيره (2) لم يجز التوضي به (عند الشافعي) رضي الله عنه بناء على الأصل

(1) لا خلاف في أن الطهارة الحكمية (وهي زوال الحدث) لا تحصل بما سوى الماء من المائعات الطاهرة. ولكن الخلاف المراد في هذه المسألة هو في الطهارة الحقيقية وهي زوال النجاسة الحقيقية عن الثوب والبدن، فعند أبي حنيفة وأبي يوسف تحصل بما سوى الماء من المائعات الطاهرة، أما محمد وزفر: فقد وافقا الشافعي بأنها لا تحصل، وروي عن أبي يوسف أنه فرق بين الثوب والبدن.

انظر "البدائع" للكاساني: (1/ 83)"فتح القدير": (1/ 47، 132).

(2)

قدر هذا التغير عند الشافعية ما يمنع إطلاق اسم (الماء المطلق) على الماء المتغير، انظر:"المهذب للشيرازي": (1/ 5) و"مغني المحتاج للشربيني الخطيب على متن المنهاج للنووي": (1/ 17).

...................

(أ) تأسيس النظر ص 138. وقد علل الدبوسي المسألة بأصل آخر، مختلف فيه بين الشافعي والحنفية، هو (أنه متى تعلق بالأصل حكمان متفق عليهما، ثم عدم أحدهما، لا يعدم الآخر في نوع من فروعه، وجاز أن يتعلق به أحد الحكمين مع عدم صاحبه، عند الحنفية. وعند الشافعي لا يجوز أن يتعلق به الحكم الآخر مع عدم أحدهما، فيجعل أحد الحكمين كالشاهد للآخر) (ص 136). وهنا لما كان الماء يرفع الحدث ويزيل الخبث جاز في غيره من المائعات أن يزيل الخبث ولا يزيل الحدث، وإزالة الخبث، هي أحد الحكمين للأصل. أما الشافعي فكان يرى أن ما لا يزيل الحدث لا يزيل الخبث. (ص138).

(ب) توجيه كلام أبي حنيفة – رحمه الله – بحسب ما عرضه الأسمندي (أن الماء شيء رقيق لطيف، فيدخل خلال الثوب، فتصحبه أجزاء النجاسة، فإذا عصر الثوب يزول عنه الماء، فيزول معه ما صحبه من أجزاء لنجاسة، والخل يشاركه في هذا الوصف، بل فوقه في قلع الآثار. فعلم أن الخل يشارك الماء في كونه مؤثراً في إزالة النجاسة، لأن نجاسة الثوب ما كان باعتبار ذاته، فإن ذاته طاهر، بل باعتبار مجاورة النجاسة إياه، فإذا زالت المجاورة صار الثوب طاهراً، وهذا المعنى موجود في الخل، بل أقوى، فيفيد الطهارة ضرورة). طريقة الخلاف ص 44.

(ج) انظر المسألة في: الإصطلام 1/ 52، وبداية المجتهد 1/ 26، ورؤوس المسائل مسألة (2) ص 96.

ص: 135

المذكور، فإنه تعبد باستعمال الماء بالاتفاق (1)، والميع (2) اسم الماء وهذا لا يندرج تحت اسم (3) المطلق (أ).

3 -

ومنها: أن التوضي بنبيذ التمر عند عدم الماء في السفر (ب) ممتنع عندنا (4). (وعنده): جائز (5).

(1) وهو كذلك عند مالك. انظر بداية المجتهد: (1/ 27) وانظر لمذهب الحنفية في المسألة: "فتح القدير مع الهداية": (1/ 48).

(2)

في "ز"(البتع) وهو خطأ. وفي اللسان: ماع الماء والدم والسراب ونحوه يميع ميعاً: جرى على وجه الأرض جرياً منبسطاً في هينة. انظر: مادة: (ميع).

(3)

في "ز"(اسم الماء المطلق).

(4)

انظر المهذب للشيرازي: (1/ 4).

(5)

ما ذكره المؤلف هو المنقول في كتب الحنفية عن أبي حنيفة رحمه الله، واستدل له الجصاص في "أحكام القرآن":(3/ 469). ومنع ذلك أبو يوسف وقال بالتيمم. أما محمد بن الحسن: فقال يجمع بين الوضوء والتيمم، ولذلك عبر صاحب "الدر المختار" بأن الأظهر رفع الحدث به، وتبعه في ذلك ابن عابدين في حاشيته (رد المحتار)، انظر "كنز الدقائق" وشرحه "كشف الحقائق" لعبد الحكيم الأفغاني:(1/ 19)"حاشية ابن عابدين": (1/ 121) وراجع "بداية المجتهد": (1/ 33)"فتح الباري": (1/ 305).

........................

(أ) انظر الهداية مع فتح القدير 1/ 49، وتبيين الحقائق 1/ 17، ورد المحار 1/ 187، ومراقي الفلاح ص4. وقد ذكر ابن الهمام في فتح القدير: أن الذي خالطه الزعفران هل يزيل الإطلاق أو لا؟. وقد أقر أنه يسمى ماء الزعفران، ولكنه يتوضأ به، لعدم كثافته. (1/ 49). والمصحح عند الحنفية، أنه إن زالت رقته لم يجز الوضوء به. (انظر: رد المحتار 1/ 1987، ومراقي الفلاح ص4).

وفي بداية المجتهد، وضح ابن رشد أن الخلاف بينهم يعود إلى عدم اندراجه في المطلق، وأبان أن ذلك، لأنه إنما يضاف إلى ما خالطه، فيقال ماء كذا، لا ماء مطلق. والمتعبد به هو الماء المطلق. وأبو حنيفة يرى أن ذلك مما يتناوله اسم الماء، وليس هو كالمطبوخ (1/ 26).

(ب) انظر: الإصطلام 1/ 57، ورؤوس المسائل مسألة 2 ص 95.

ص: 136

4 -

ومنها: أن جلد الكلب لا يطهر بالدباغ (عند الشافعي) رضي الله عنه (1)(أ)، تغليباً للتعبد بترجيح الاجتناب على الاقتراب. وعندهم: يطهر تشوفاً إلى التعليل (2).

5 -

ومنها: أن ذكاة ما لا يؤكل لحمه لا تفيد طهارة الجلد (عندنا)(ب) مراعاة للتعبد (3)، كما في ذكاة المجوس (4)، ونجاسة اللحم من هذا الذبيح. وعندهم يطهر تشوفاً (5) إلى تعليل الطهارة بسفخ الدم والرطوبات المتعفنة (6).

6 -

ومنها: أنه يتعين لفظة التكبير في افتتاح الصلاة (عندنا) ولا يقوم ما في معناها مقامها (7) ويتعين لفظة (8) التسليم في اختتامها، ولا يقوم ما في

(1) ويروي هذا القول عن الحسن بن زياد من الحنفية. انظر "بدائع الصنائع" للكاساني: (1/ 85).

(2)

انظر لهذا "فتح القدير": (1/ 64)"حاشية ابن عابدين": (1/ 85).

(3)

انظر للتفصيل "المهذب"(1/ 10)"نهاية المحتاج" للرملي على "المنهاج" للنووي مع حاشية الشبراملسي: (1/ 232 - 233).

(4)

في "ز"(الوحشي) وهو خطأ.

(5)

في "ز"(نظراً).

(6)

انظر "فتح القدير على الهداية": (1/ 66)"رد المحتار" لابن عابدين: (1/ 134 - 137) وقارن بـ "نيل الأوطار" للشوكاني 1/ 88.

(7)

انظر للتفصيل والتفريق بين من يحسن العربية وبين الأعجمي الذي ضاق وقته عن التعليم "المهذب": (1/ 70).

(8)

في "ز"(لفظت) والصواب ما أثبتناه.

.....................

(أ) ويروي ذلك عن مالك وأحمد، (انظر: إيثار الإنصاف ص 48) وانظر توجيهات الشافعية في المجموع 1/ 217، وانظر رؤوس المسائل ص 97.

(ب) الإصطلام 1/ 126، ورؤوس المسائل مسألة (5) ص 98.

ص: 137

معناها مقامها (1)(أ).

وعنده: يقوم (2).

7 -

ومنها: أن غير الفاتحة لا يقوم مقامها في الصلاة (ب)(عندنا)، لاحتمال التعبد بالإعجاز اللفظي والمعنوي (3).

وعنده (4): يقوم مقامها تعويلاً على المعنى (5).

(1) راجع "المهذب": (1/ 80)"المنهاج مع نهاية المحتاج": (1/ 514) فما بعدها.

(2)

انظر "شرح الوقاية" لصدر الشريعة مع "الكنز وكشف الحقائق": (1/ 42 - 43). هذا ويلاحظ أن استبدال لتكبير بشيء من أسماء الله يجزيء عند أبي حنيفة ومحمد. وقال أبو يوسف: إن كان يحسن التكبير لم يجزئه إلا قوله: الله أكبر. وانظر "الهداية وفتح القدير": (1/ 191).

(3)

انظر "المهذب": (1/ 72 - 73)"نهاية المحتاج"(1/ 464) فما بعدها.

(4)

في"ز"(عندهم) بميم الجمع.

(5)

قلت: وقد تناول بحث العلماء مسألة الأفضلية بين التعبدي ومعقول المعنى، وفي "حاشية ابن عابدين" سئل المصنف في آخر فتاواه التمرتاشية هل التعبدي أفضل أو معقول المعنى؟ أجاب: لم أقف عليه لعلمائنا سوى قولهم في الأصول: الأصل في النصوص التعليل، فإنه يشير إلى أفضلية المعقول، ووقفت على ذلك في "فتاوى ابن حجر" قال: قضية كلام ابن عبد السلام أن التعبدي أفضل، لأنه بمحض الانقياد، بخلاف ما ظهرت علته فإن ملابسه قد يفعله لتحصيل فائدته. وقد خالفه البلقيني فقال: لا شك أن معقول المعنى من حيث الجملة أفضل، لأن أكثر الشريعة كذلك، =

.........................

(أ) وقد بين ابن رشد سبب اختلافهم في هذا الأمر ورده إلى قاعدة الباب التي ذكرها الزنجاني. قال: وسبب اختلافهم. هل اللف هو المتعبد به في الافتتاح أو المعنى (بداية المجتهد 1/ 119).

وذكر أن الشافعية احتجوا بقوله – صلى الله عليه وسلم – مفتاح الصلاة الطهور، وتحريمها التكبير، وتحليلها التسليم. موجهين الدلالة بأن الألف واللام ههنا للحصر، والحصر يدل على أن الحكم خاص بالمنطوق، وانه لا يجوز بغيره.

وذكر أن هذا الاستدلال مبني على الاحتجاج بدليل الخطاب – أي مفهوم المخالفة- والحنفية لا يحتجون به (بداية المجتهد 1/ 119).

(ب) انظر: الإصطلام 1/ 236 وفيه طائفة متنوعة من الاستدلالات للفريقين، وكانت قاعدة الباب التعليلية واحدة من تلك الاستدلالات.

ص: 138

8 -

ومنها: أنه يمتنع الإبدال في باب الزكوات (1)، ولا يجزيء إخراج القيم (عندنا)، لظهور احتمال التعبد بالتشريك بين الفقراء والأغنياء في جنس المال، عندهم: يجزيء (2)(أ).

9 -

ومنها: أن تخليل الخمر حرام، والخل الحاصل منه نجس (عندنا)،

(1) = وبالنظر للجزئيات فقد يكون التعبدي أفضل كالوضوء وغسل الجنابة فإن الوضوء أفضل، وقد يكون المعقول أفضل، الطواف والرمي، فإن الطواف أفضل أنظر:"حاشية ابن عابدين": (1/ 301) وراجع لحكم القراءة بالفارسية وغيرها عند عدم العجز وأن أبا حنيفة رجع لقول أبي يوسف ومحمد بعدم الجواز وأنهم قائلون بجواز ذلك عند العجز عن القراءة بالعربية "الهداية مع فتح القدير": (1/ 199) فما بعدها "حاشية ابن عابدين": (1/ 326). وانظر "المهذب للشيرازي": (1/ 73).

() في "ز"(الزكاة) بالإفراد.

(2)

انظر "تحفة الفقهاء" لسمرقندي: (1/ 636) من القسم الثاني تحقيق الدكتور زكي عبد البر.

..............

(أ) انظر: طريقة الخلاف بين الأسلاف ص 60، وإيثار الإنصاف ص 67 وفيه الاحتجاج لوجهات النظر بالآثار، وبناء الخلاف عليها. وتذكر كتب الحنفية، نقلاً عن أئمتهم أن دفع القيمة أفضل مندفع العين، لما في ذلك؛ من السعة، ولأن القيمة أعون على دفع حاجة المحتاج. (انظر: الدر المختار وشرحه 2/ 366، اللباب في شرح الكتاب 3/ 73، وفي تأسيس النظر يذكر أبو زيد الدبوسي أساس الخلاف في ذلك، ويرده إلى أن الأصل عند علماء الحنفية هو أن من وجبت عليه الصدقة، إذا تصدق على وجه يستوفي به مراد النص منه أجزأ عما وجبت عليه، ولا يجزيه عند الشافعي وذكر بشأن دفع القيمة أن علماءهم يرون أن مراد النص سد خلة الفقير ودفع حاجته. وقد حصل، وبنى على هذا الأصل طائفة من الفروع (انظر تأسيس النظر ص 112) وذكر المقري في قواعده الخلاف في هذه المسألة، ورد ذلك إلى أن الزكاة جزء من لمال مقدر معين ند مالك والشافعي، فلايجوز إخراج القيمة، وعند أبي حنيفة أنه جزء مقدر فقط فيجوز إخراج القيمة (قاعدة 246) ص 460، وذكر أيضاً في القاعدة (296) أن نصوص الزكاة في بيان الواجب غير معللة عند مالك والشافعي، لأن الأصل في العبادات ملازمة أعيانها، وترك التعليل، فالواجب أعيانها، وقال أبو حنيفة إنها معللة بالمالية الصالحة لإقامة حق الفقير، فالواجب قدرها، فسواء أخرج العين، أو القيمة فإنه يكون مخرجاً للواجب، لأن القيمة بدل. لأن شرط البدل تعذر الأصل، وهذا التوجيه ينافي ما ذكره الزنجاني .. ويقول المقري إن بعضهم أرجع الخلاف في ذلك إلى أن المنصوص عليه عند الشافعي ومالك هو بيان عين الواجب. أما أبو حنيفة فيرى أنه بيان قدر الواجب (قواعد المقري قاعدة 296 ص 427 و528).

ص: 139

تغليظاً للأمر فيها (أ). وعندهم جائز، والخل الحاصل منه طاهر تعليلاً بزوال علة النجاسة كما في الدباغ (1).

10 -

ومنها: أن التغذية والتعشية في الكفارات لا تجزيء (2)(عندنا)(ب)، بل يجب صرف الطعام إلى المساكين (3).

11 -

ومنها: أنه يجب استيعاب العدد (عندنا) وصرف الطعام إلى المساكين. وعندهم: يجوز (4) صرفه إلى مسكين واحد ستين يوماً (ج)، أو عشرة أيام في كفارة اليمين (5).

(1) راجع في ذلك: "القدوري وشرحه للميداني": (ص362).

(2)

في "ز"(لا تجوز) وفي هامش "د"(شيء من).

(3)

وانظر "فتح القدير": (1/ 243) وراجع "المغني" لابن قدامه: (3/ 319)"تفسير النصوص في الفقه الإسلامي" للمحقق: (3/ 403).

(4)

في "ز"(يجزيه).

(5)

راجع "الهداية مع فتح القدير" والعناية: (3/ 243)"إحكام الأحكام" لابن دقيق العيد (2/ 13) وانظر مزيداً من التحقيق في "تفسير النصوص"(1/ 403 - 404) للمحقق.

.......................

(أ) انظر: طريقة الخلاف ص 468، وإيثار الإنصاف ص 375.

(ب) انظر تكملة المجموع لتقي الدين السبكي 17/ 381 وتوجيه ذلك باختلاف كل منهم عن الآخر في القدر الذي يتناوله من الطعام. وأن المطلوب هو دفع الحب، وهذا لم يتناول الحب. وعلل ذلك أخرى بأن ما وجب للفقراء بالشرع وجب فيه التمليك الزكاة، وفي التعشية أو التغذية لم يتحقق ذلك (17/ 379) كما ذكر الإمام السبكي، بشأن استيعاب العدد، عند الشافعية، أنه لو دفع إلى ثلاثين مسكيناً ستين مُدا، إلى كل واحد مدين، لم يُجز إلا ثلاثين، لأنه لم يطعم ستين مسكيناً (17/ 378).

(ج) بإطعامه وجبتين عن كل يوم، سواء كانتا عشائين، أو غدائين، أو عشاء وغداء، أو عشاء وسحوراً، أو قيمة ذلك. ونقل الحسن بن زياد عن أبي حنيفة – رحمه الله أنه إذا أطعم شخصاً واحداً وجبة واحدة، عشاء كانت أغداء، مائة وعشرين يوماً أجزأه.

انظر: رد المحتار 3/ 480 وانظر: اللباب في شرح الكتاب 3/ 73.

ص: 140

ثانياً: المسألة (4) من كتاب الصوم، وهي خاصة بمسألة جريان القياس في الكفارات. وقد ذكر المؤلف – رحمه الله أربع مسائل، مبنية على الخلاف في ذلك. ورأي الحنفية في منع القياس لا يقتصر على الكفارات، وإنما هم يمنعون ذلك في سائر العقوبات من حدود وتعازير وكفارات، كما يمنعون ذلك في الرخص والمقدرات، ولهم ولمخالفيهم توجيهات خاصة، وبيان للأسباب التي دفعت كلا منهم للأخذ برأيه، تعرف في مظانها من كتب الأصول (أ).

قال الزنجاني (ب):

كل حكم شرعي أمكن تعليله، فالقياس (1) جائز فيه عند الشافعي رضي الله عنه (2).

وذهب أصحاب أبي حنيفة: إلى أن القياس لا يجري في الكفارات (3) وهذا فاسد: فإن مستند القول بالقياس: إجماع الصحابة رضوان الله عليهم، ولم يفرقوا بين حكم وحكم فيما يمكن تعليله، ولأنا نسائلهم ونقول: لا يجوز غجراء القياس فيها مع ظهور المعنى وتجليه، أم مع عدم ظهوره؟.

(1) في "ز"(جار).

(2)

انظر "مسلم الثبوت" مع شرحه "فواتح الرحموت": (2/ 318 - 319).

(3)

انظر تفصيل ذلك في "المستصفي": (2/ 332 - 335)"جمع الجوامع مع حاشية البناني وتريرات الشربيني": (2/ 204205).

....................

(أ) انظر في المسألة: أصول السرخسي 2/ 163 وما بعدها، وشرح المنار مع حواشيه ص 772 وما بعدها، والتحرير بشرح التقرير والتحبير 3/ 126 وما بعدها، ورح مختصر الروضة 3/ 451، والأحكام للآمدي 4/ 62 وما بعدها، والفصول في الأصول للجصاص ص 113 و114، والأشباه والنظائر لابن السبكي 2/ 175 وما بعدها، والإبهاج في شرح المنهاج لابن السبكي 3/ 29 وما بعدها، والبحر المحيط 5/ 51 وما بعدها، وشرح مختصر المنتهى للعضد 2/ 211.

(ب) ص 132 من الطبعة الخامسة.

ص: 141

إن قلتم (1): مع ظهوره وتجليه: فهو تحكم، وصار بمثابة قول القائل: أنا أجري القياس في مسألة، ولا أجريه في مسألة، مع ظهور المعنى فيهما، وتجليه، وإن قلتم: مع عدم ظهور المعنى: فنحن وإياكم في ذلك على وتيرة واحدة.

واحتجوا بأن قالوا: إنما منعنا من إجراء القياس في الكفارات، لأنا رأينا الشرع قد أوجب الكفارة على المظاهر، وعلل وقال:"إنهم ليقولون منكراً من القول وزوراً"(2).

ثم إن المرتد. قال أعظم مما قال المظاهر، وأفحش، ولم يوجب عليه الكفارة (أ)، ولذلك وجب أبدالها على وجه لا يهتدي إليه الرأي والقياس، فإنه أوجب على الحالف عتق رقبة، أو صيام شهرين (ب) أو إطعام عشرة مساكين، وأوجب على المظاهر عتق رقبة، أو صيام شهرين أو إطعام ستين مسكيناً، فإن قلنا: العتق بدله ثلاثة أيام فأي حاجة بنا إلى صيام شهرين، وإن قلنا: شهران فلِمَ نوجب ثلاثة أيام؟ وكيف يتعدد البدل والمبدل واحد؟

وهذا ضعيف، فإن امتناع القياس في الأبدال لا يمنع القياس في الأسباب بعضها (3) على بعض. ويتفرع عن هذا الأصل مسائل:

(1) في "ز" زيادة كلمة (عدم) بعد (مع) والصواب ما أثبتناه من "د".

(2)

"سورة المجادلة: 2" ونص الآية: (الذين يُظاهرون منكم من نسائهم ما هن أمهاتهم إن أمهاتهم إلا اللائي ولدنهم وإنهم ليقولون منكراً من القول وزوراً وإن الله لعفو غفور).

(3)

في "د"(من). وما أثبتناه من (ز).

.....................

(أ) انظر هذا الدليل في الأحكام للآمدي 4/ 63.

(ب) الصواب ثلاثة أيام، وقد بقي هذا الخطأ دون تصحيح في جميع طبعات الكتاب.

ص: 142

1 -

منها: أنه إذا جامع في يومين من رمضان (1) واحد: يلزمه كفارتان (أ) عندنا لتماثل السببين (2). وعندهم: لا يلزمه سوى كفارة واحدة، لتعذر الإلحاق على ما سبق (3)(ب).

2 -

ومنها: أن المنفرد برؤية الهلال ذا رد الحاكم شهادته (ج) يلزمه الكفارة، إذا جامع في ذلك اليوم عندنا، كما إذا قبل القاضي شهادته (4). وعندهم: لا يلزمه (د)، لما ذكرناه من سد باب الإلحاق (5).

3 -

ومنها: إن من تعمد استدامة الجماع حتى طلع عليه الفجر، ولم ينزع

(1) في "ز"(من نهار رمضان).

(2)

راجع في هذا: "المهذب" للشيرازي مع "المجموع" للنووي. (6/ 384 - 385).

(3)

انظر ابن الهمام في "فتح القدير": (2/ 69).

(4)

راجع "المجموع": (6/ 310) مع "المهذب" للشيرازي.

(5)

انظر "الهداية مع شرح العناية وفتح القدير"(2/ 58).

.................

(أ) سواء كفر عن الأولى أو لم يكفر. وهو قول مالك – رحمه الله – أيضاً (فتح العزيز مع المجموع 6/ 450) وأحد الوجهين في مذهب أحمد – رحمه الله (المغني 3/ 132)(ووجه ذلك عندهم، أن صوم كل يوم عبادة برأسها، فلا تتداخل كفارتاهما كالحجتين إذا جامع فيهما (فتح العزيز 6/ 450).

(ب) وذلك لأن الكفارتين تتداخلان عندهم (انظر: طريق الخلاف ص 76، وإيثار الإنصاف ص89، والأشباه والنظائر، لابن السبكي 2/ 175).

ورأي الحنفية هذا هو أحد وجهين في مذهب أحمد، واختيار طائفة من علماء السلف، (المغني 3/ 132). ووجه القول عندهم بالتداخل، إن الكفارة جزاء جناية تكرر سببها قبل استيفائها فيجب أن تتداخل كالجد.

(ج) انظر تأسيس النظر ص 148، وقد أدخل ذلك في أصل:(إن صورة المبيح إذا وجدت منعت وجود ما يندريء بالشبهات).

(د) انظر: إيثار الإنصاف ص 83، وطريقة الخلاف ص 75. وقد علل لك بتمكن شبهة الرمضانية، قياساً على يوم الشك، إذا أفطر. وفي تبيين الحقائق ذكر أنه حينما رد الإمام شهادته صار مكذباً شرعاً، ولأنه يحتمل الاشتباه عنده. وعلى هذا فالحنفية يسقطون الكفارة للشبهة (1/ 319). والقاعدة في ذلك ما أوردناها في الهامش السابق عن أبي زيد الدبوسي.

ص: 143

التزم (1) الكفارة عندنا (2)(أ)، قياساً لدفع الانعقاد على قطع (ب) العقد (3). وعندهم: لايلزمه، لاعتقادهم أن لا مجال للقياس فيها (4).

4 -

ومنها: إن القتل العمد يوجب الكفارة عندنا (5)، قياساً على الخطأ (6)(ج)، قال الشافعي رضي الله عنه، إذا وجبت الكفارة في الخطأ، ففي العمد أوجب وعندهم: لا تجب (د)، لماذكرناه (7)(هـ).

(1) في "ز"(لزمه).

(2)

انظر "المجموع": (6/ 347).

(3)

كذا في النسختين.

(4)

انظر "حاشية ابن عابدين": (2/ 99).

(5)

انظر "جمع الجوامع": (2/ 204) فما بعدها مع حاشية البناني وتقرير الشربيني.

(6)

(ومن قتل مؤمناً خطأ فتحرير رقبة مؤمنة)(سورة النساء: الآية 92).

(7)

راجع "تبيين الحقائق" للزيلعي (6/ 99 - 100)"شرح القدوري"(ص323) وانظر "مسلم الثبوت" مع "فواتح الرحموت": (1/ 409)"التحرير مع التقرير والتحبير": (1/ 1139 وانظر تفصيلاص وافياً في "تفسير النصوص" (ص395 - 396) من الطبعة الأولى للمحقق "التلويح على التوضيح": (2/ 58).

............

(أ) وكذلك هوا لحكم في مذهب مالك وأحمد (المغني 3/ 126).

(ب) المقصود مندفع الانعقاد، منع انعقاد الصوم بهذا الجماع، فهو لم يفسد صوماً، لأنه لم يدخل فيه، فوجوب الكفارة لمنعه من انعقاد الصوم ووجوده، لا لإفساده وقطعه. والتعبير عن ذلك واضح، ولا وجه لاستغراب المحق وقوله (كذا في النسختين)!.

(ج) وهو رواية عن الإمام أحمد – رحمه الله – وحكي عن الزهري (المغني 8/ 96).

(د) انظر: الأشباه والنظائر لابن السبكي 2/ 175، والمغني لابن قدامة 8/ 96)، ووجهة نرهم، كما ذكرها في المغني، الاحتجاج بمفهوم قوله تعالى (ومن قتل مؤمناً خطأ فتحرير رقبة مؤمنة)، حيث أنه ذكر ذلك، ثم ذكر القتل العمد، ولم يوجب فيه كفارة، وجعل جزاءه جهنم.

(هـ) ومن أمثلة القياس في الكفارات، ما ذره الزركشي في البحر المحيط، مثل: أن اليمين الغموس تجب فيها الكفارة قياساً، وأن من أفطر عمداً في رمضان بغير جماع تجب عليه الكفارة، قياساً على الجماع، كما ذكر أمثلة أخرى لا يتضح فيها وجه ما قاله (البحر المحيط 5/ 62).

ومن أمثلة ذلك قول الظاهرية وأحمد أن من جامع ناسياً لصومه لزمته الكفارة، قياساً على ناسي الصلاة في لزوم القضاء، ويبدو أن إيجاب ذلك والكفارة ضعيف، وذلك لما عرف من أثر النسيان في إسقاط العقوبات في الشرع (بداية المجتهد 1/ 293 و294) ومن أمثلة ذلك إيجاب الكفارة على من أخر قضاء رمضان بدون عذر حتى دخل رمضان آخر، على رأي مالك والشافعي واحمد، قياساص على من أفطر متعمداً، لأن كليهما مستهين بحرمة الصوم (بداية المجتهد 1/ 289).

ص: 144