الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الأول
نشأة العلم وتطوره
ذكرنا أن تخريج الفروع على الأصول، على نمط ما هو عند الزنجاني، والدبوسي، والأسنوي وغيرهم، متصل اتصالاً مباشراً بأسباب اختلاف الفهقاء، أو على وجه التحديد بواحد من تلك الأسباب، هو الاختلاف في الأدلة والقواعد والضوابط الأصولية أو الفقهية التي ترتب عليها الاختلاف في أحكام الفروع الفقهية.
والتخريج بالمعنى المذكور، لم نجد فيما أطلعنا عليه من موسوعات العلوم الإسلامية (1)، من أفرده بالحديث أو عده علماً مستقلاً.
لكننا نجد أن طائفة من العلماء حينما تكلمت عن الخلافيات وبينت منشأ ما حدث بين فقهاء الأمة من الخلافات، وكيفية نشوء التقليد واختفاء الاجتهاد، وجريان المناظرات بين أتباع المذاهب، أشارت إلى ما يمس هذا العلم، بمعناه لا باسمه ومصطلحه. قال ابن خلدون (ت 808هـ):(وكان في هذه المناظرات بيان مآخذ هؤلاء الأئمة ومثارات اختلافهم ومواقع اجتهادهم، وكان هذا الصنف يسمى بالخلافيات، ولابد لصاحبه من معرفة القواعد التي يتوصل بها إلى استنباط الأحكام كما يحتاج إليها المجتهد)(2).
ونجد من العلماء، كطاش كوبري زاده (ت 935هـ)(3)، من سار على
(1) ككتاب (إحصاء العلوم) لأبي جعفر محمد بن محمد الفارابي (ت 339هـ)، وكتاب (مفاتيح العلوم) لمحمد أحمد الخوارزمي (ت 387هـ)، والفهرست لأبي الفرج محمد بن إسحاق النديم (ت 385هـ).
(2)
مقدمة ابن خلدون ص 88 - 820.
(3)
هو: مصطفى بن خليل طاش كبرى زاده، ولد ببلدة طاش كبرى، وقرأ على أبيه =
طريق ابن خلدون في عده هذا العلم من فروع الخلاف، بل إنه عد علم الخلاف فرعاً من فروع علم أصول الفقه (1).
ولأجل معرفة مدى صلة هذا العلم بعلم الخلاف، نذكر تعريفاً لعلم الخلاف أورده صديق بن حسن القنوجي (ت 1307هـ) في كتابه أبجد العلوم، قال: (وفي مدينة العلوم، وعلم الخلاف علم باحث عن وجوه الاستنباطات المختلفة من الأدلة الإجمالية أو التفصيلية الذاهب إلى كل منها طائفة من العلماء
…
) (2).
وهذا التصوير لعلم الخلاف يوضح العلاقة المتينة بين هذا العلم وعلم تخريج الفروع على الأصول المختلف فيها بين العلماء.
ونظراً إلى أن إدراك مآخذ العلماء وأسباب الاختلاف بينهم، تُعد من الشروط الهامة في تقويم الفقيه. نجد أن بعض العلماء اشترطوا في الفقيه معرفة علم الخلاف.
قال ابن السبكي (ت 756هـ)(3): (إن المرء إذا لم يعرف علم
(1) = وخاله وطائفة من العلماء. درس في مدارس عدة في تركيا والشام وكان من تلاميذه السلطان سليم. ولي القضاء بحلب وكان عالماً زاهداً عابداً مشتغلاً بنفسه عن الدنيا. توفى سنة 935هـ.
من مؤلفاته: مفتاح السعادة ومصباح السيادة، وطبقات الفقهاء، وحواش على نبذ وشرح المفتاح وغيرها.
راجع في ترجمته: شذرات الذهب 8/ 212، ومعجم المؤلفين 12/ 250.
() مفتاح السعادة 2/ 429 وما بعدها، من الملاحظ أن مؤلف الكتاب طاش كوبري زاده عد من فروع علم أصول الفقه، علم النظر أي المنطق وعلم المناظرة وعلم الجدل وعلم الخلاف.
(2)
أبجد العلوم 2/ 278، وذكر السيد الشريف علي بن محمد الجرجاني (ت 816هـ9 في تعريفاته، أن الخلاف: منازعة تجري بين المتعارضين لتحقيق حق أو لإبطال باطل.
(3)
هو: أبو نصر عبد الوهاب بن علي بن عبد الكافي، الأنصاري الشافعي الملقب بتاج الدين، ولد في القاهرة سنة 727هـ، وقدم مع والده إلى دمشق، ولزم الإمام الذهبي =
الخلاف والمآخذ، لا يكون فقيهاً إلى أن يلج الجمل في سم الخياط، وإنما يكون ناقلاً مخيطاً حامل فقه إلى غيره، لا قدرة له على تخريج حادث بموجود، ولا قياس مستقبل بحاضر، ولا إلحاق غائب بشاهد، وما أسرع الخطأ إليه، وأكثر تزاحم الغلط عليه، وأبعد الفقه لديه) (1).
والذي يرشح دخول هذا العلم في الخلافيات أن ردها إلى قواعد وأصول عند كل واحد منهم تختلف عما هي عند الآخر.
وإذا كنا لا نستطيع تحديد بداية نشأة هذا العلم، فإنه من الممكن – في الأقل – التنبؤ بالعصر الذي نشأ فيه، فقد يكون الدور الخامس في تقسيمات أدوار الفقه عند كتاب تاريخ التشريع أو الفقه الإسلامي، الذي يبدأ من منتصف القرن الرابع الهجري، هو بداية ظهور هذا العلم (2).
(1) = فيها، وبعد أن تخرج به تولى منصب القضاء وخطابة الجامع الأموي، ومهنة التدريس في غالب مدارسها، وقد تعرض لشدائد ومحن واتهامات لم تجر على قاض قبله، كما قبل. كان طلق اللسان، قوي الحجة.
ومصنفاته كثيرة ومنها: طبقات الشافعية الصغرى والوسطى والكبرى، ومعيد النم ومبيد النقم.
من كتبه الأصولية: جمع الجوامع، شرح منهاج الوصول إلى علم الأصول للبيضاوي، وهو المسمى بالإبهاج، ورفع الحاجب عن شرح مختصر ابن الحاجب. برع في الفقه والأصول والتاريخ والأدب، والسبكي نسبة إلى سبك من أعمال المنوفية في مصر. توفي في دمشق بالطاعون سنة 771هـ.
راجع في ترجمته: الدرر الكامنة 3/ 232، شذرات الذهب 6/ 221، كشف الظنون 1/ 595 و597، هدية العارفين 1/ 639، معجم المطبوعات 1/ 1002ن الأعلام 4/ 184، معجم المؤلفين 6/ 226.
() الفكر السامي 2/ 178، نقلاً عن طبقات الشافعية الكبرى.
(2)
من أجل النظر في المسار التاريخي للتخريج ينبغي التفريق بين التخريج باعتباره عملية اجتهادية استنباطية من نصوص الشارع ومن قواعده الأساسية، وبين التخريج الذي هو علم قائم بذاته يتناول التفريع على آراء الأئمة وبيان مبنى الخلافات القائمة بينهم، وهو الأمر الذي جاء الحديث عنه في صلب الكتاب. أما التخريج بالمعنى الأول فالذي يبدو أنه نشأ مع الأئمة المجتهدين بل مع الصحابة والتابعين، لأنه عملية =
فعلماء هذا الدور ومن جاء بعدهم – على الرغم من نعتهم بالمقلدين – إلا أنهم (جمعوا الآثار ورجحوا الروايات وخرجوا علل الأحكام، واستخرجوا من شتى المسائل والفروع أصول أئمتهم وقواعدهم التي بنوا عليها فتاويهم)(1).
(1) = استخراج الأحكام الشرعية من نصوص الشارع بالقياس عليها، أو بأي طريق آخر يعرف به وجهة الشارع في حكم الواقعة موضوع التخريج، وإن لم يرد بشأنها نص محدد.
وحينما نشأت المذاهب الفقهية كان التخريج قائماً ومستخدماً من قبل تلامذة الأئمة، أو من جاء بعدهم من العلماء، يخرجون أحكام الوقائع الجديدة التي لم يرد بشأنها شيء عن الإمام، قياساً على وقائع جزئية منصوص على حكمها من قبل الإمام، على قواعده والأسس التي استخدمها في الاستنباط. ويمكن القول إن محمد بن الحسن (ت 189هـ9 وأبا يوسف (ت 182هـ9 وغيرهما كانا من المخرجين على مذهب الإمام أبي حنيفة – رحمه الله – (ت 150هـ)، وإن كانا من المجتهدين اجتهاداً مطلقاً منتسباً، كما كان عبد الله بن وهب (ت 197هـ9، وعبد الرحمن بن القاسم (ت 192هـ)، وأشهب بن عبد العزيز القيسي (ت 224هـ) وأسد بن الفرات (ت 213هـ) وعبد السلام بن سعيد الملقب بسحنون (ت 240هـ) من أتباع الإمام مالك – رحمه الله – (ت 179هـ) من المخرجين على مذهبه أيضاً.
ومثل هؤلاء تلامذة الإمام الشافعي – رحمه الله – (ت 204هـ)، كالحسن بن محمد الزعفراني (ت 260هـ)، وأبي علي الحسن بن علي الكرابيسي (ت 245هـ)، وإسماعيل بن يحيى المزني (ت 264هـ)، وأبي يعقوب يوسف بن يحيى البويطي (ت 231هـ)، والربيع بن سليمان المرادي (ت 270هـ) وغيرهم.
وكذلك تلامذة الإمام أحمد بن حنبل – رحمه الله – (ت 240هـ) الذين نقلوا آراءه كابنه عبد الله (ت 290هـ) وابنه صالح (ت 266هـ)، والآخرين الذين أخذوا عنه أو عن تلاميذه، كأحمد بن محمد بن عبد العزيز المروزي (ت 275هـ)، وأبي إسحاق إبراهيم بن إسحاق الحربي (ت 285هـ)، وأبي بكر أحمد بن محمد بن هارون المعروف بالخلال (ت 311هـ)، وأبي القاسم عمر بن حسين الخرقي (ت 334هـ9، وأبي بكر عبد العزيز بن جعفر (ت 363هـ) المعروف بغلام الخلال وغيرهم ومن الممكن أن نلحظ هذا في سائر المذاهب الفقهية التي ظهرت في المحيط الإسلامي.
…
() تاريخ التشريع الإسلامي للخضري ص 330 - 333، وتاريخ التشريع الإسلامي =
وبوجه عام فإن أهم أعمالهم المتميزة كانت في ثلاثة أمور:
تعليل الأحكام، والترجيح، والانتصار للمذهب.
وقد ساعد على ذلك شيوع الجدل والمناظرات فيما بين العلماء، الأمر الذي دفع الكثيرين منهم إلى البحث عن العلل والأدلة التي دفعت أئمتهم إلى أن يقولوا ما قالوه في طائفة من المسائل، التي أدى الاختلاف فيها إلى الاختلاف في الأحكام الفقهية.
وقد ذكروا أن من العلماء المبرزين في هذا المجال – أي الخلافيات – أبا زيد عبد الله بن عمر الدبوسي (ت 430هـ) في التعليقة، وابن القصار المالكي (ت 398هـ) في كتابه (عيون الأدلة)، وأبا حامد الغزالي (ت 505هـ) في كتابه المآخذ (1)، وأن ابن الساعاتي (ت 694هـ)(2)، قد جمع في أصول الفقه (جميع ما يبنى عليها من الفقه الخلافي، مدرجاً في كل مسألة منه ما ينبني عليها من الفقه الخلافي، مدرجاً في كل مسألة منه ما ينبني عليها من الخلافيات)(3)، ولكن عد أمثال هذه الكتب مما نحن فيه يحتاج إلى دراستها وتمحيصها، ومعرفة ما تناولته من الموضوعات، وكيفية تناولها لها، وهذا أمر غير ميسور في كثير من هذه الكتب، لعدم العلم بوجود أكثرها، أو لعدم تيسر الحصول على بعض منها.
(1) = للسبكي والسايس والبربري ص 314.
() مقدمة ابن خلدون: الموضع السابق، وأبجد العلوم 2/ 277.
(2)
هو: أبو العباس مظفر الدين أحمد بن علي بن تغلب المعروف بابن الساعاتي البغدادي المولد والمنشأ وعرف بابن الساعاتي، لأن أباه هو الذي عمل الساعات المشهورة على باب المستنصرية ببغداد. فقيه وأصولي وأديب، توفي سنة 694هـ وقيل سنة 696هـ، وقيل غير ذلك.
من مؤلفاته: مجمع البحرين وشرحه في الفقه الحنفي، والبديع في أصول الفقه، جمع فيه بين أصول البزدوي وإحكام الآمدي، والدر المنضود في الرد على فيلسوف اليهود.
راجع في ترجمته: الجواهر المضيئة 1/ 208، مفتاح السعادة 2/ 56، معجم المؤلفين 2/ 4.
(3)
مقدمة ابن خلدون: الموضع السابق.
وإذا أردنا أن نبحث الأمر على ضوء الأدلة المادية، وما هو موجود في ساحة العلوم، فربما جاز أن نقول إن كتاب (تأسيس النظائر) لأبي الليث السمرقندي المتوفى سنة 373هـ يعد من أقدم الكتب المؤلفة في هذا الباب.
إن هذا الكتاب نموذج صحيح وجيد لعلم تخريج الفروع على الأصول. غير أنه وسع دائرة الأصول، فشملت عنده القواعد والضوابط الفقهية، ولم يحو من القواعد الأصولية إلا القليل. وإذا كان أبو الليث لم يسم كتابه تخريج الفروع على الأصول، فإن مادته كانت كذلك، والعبرة بواقع الموضوع لا باسمه.
وإلى جانب هذا الكتاب نجد كتاباً آخر يحمل اسماً مشابهاً لاسم كتاب أبي الليث هو (تأسيس النظر) لأبي زيد الدبوسي المتوفى سنة 430هـ وهو قريب العهد من أبي الليث، وقد يكون كتابه هو نفسه كتاب أبي الليث، لكن بزيادة أصل في آخره يتضمن بعض الأصول اليسيرة، ومع اختلافات قليلة جداً، فيما عدا ذلك، في الصياغة وفي بعض الفروع، مما سنشير إليه عند دراستنا هذا الكتاب.
وبعد ما يزيد على قرنين من الزمان ظهر كتاب (تخريج الفروع على الأصول) لشهاب الدين محمود بن أحمد الزنجاني. المتوفى سنة 656هـ، وهو من أنضج الكتب المؤلفة في هذا الباب.
وقد ادعى الزنجاني سبقه غيره في هذا النوع من التأليف. قال في مقدمة كتابه المذكور (وحيث لم أر أحداً من العلماء الماضين والفقهاء المتقدمين من تصدي لحيازة هذا المقصود)(1). لكن كتابي السمرقندي والدبوسي يخدشان هذه الدعوى، إلا أن يكون الزنجاني قد قصد القواعد الأصولية وحدها، كما سنفصل ذلك فيما بعد.
وبعد ذلك نجد أن القرن الثامن الهجري قد جاء بعدد من العلماء الذين
(1) تخريج الفروع على الأصول ص 2 ط1.
ألفوا في هذا المجال منهم جمال الدين عبد الرحيم بن الحسن الأسنوي. المتوفى سنة 772هـ في كتابه: (التمهيد في تخريج الفروع على الأصول)، لكنه قصر الكلام على الخلافات في داخل المذهب الشافعي، مما يدخل في الوجوه والطرق وما يشبه ذلك من أقوال في المذهب، وقلما يذكر خلافات المذاهب الأخرى.
وللأسنوي كتاب آخر، في هذا المعنى، يحمل عنوان (الكوكب الدري فيما يتخرج على الأصول النحوية من الفروع الفقهية) وعنوان الكتاب يفصح عنه، لأنه قصر الكلام فيه على الفروع الفقهية المنبنية على قواعد النحو ليس غير.
ومن العلماء الذين أسهموا في ذلك، في هذه الفترة، أبو الحسن علاء الدين عي بن عباس البعلي الحنبلي. المتوفى سنة 803هـ، والمعروف بابن اللحام (1)، في كتابه (القواعد والفوائد الأصولية وما يتعلق بها من الأحكام الفرعية).
وعلى الرغم من أن هذا الكتاب يتناول القواعد الأصولية واختلاف العلماء فيها إلا أن فروعه المبنية عليه كان غالبها من فقه الإمام أحمد – رحمه الله وأتباعه. وجاءت بعد هؤلاء طائفة أخرى نسجت على منوالهم،
(1) هو: أبو الحسن علاء الدين علي بن عباس البعلي ثم الدمشقي المعروف بابن اللحام. من فقهاء الحنابلةن تلقى الفقه ببلده بعلبك ثم انتقل على دمشق فدرس وناظر وشارك في علوم متعددة. تتلمذ على ابن رجب ودرس في حلقته في الجامع الأموي، بعد وفاته. تولى القضاء فترة من الزمن ثم تركه وعكف على الاشتغال بالعلم. ثم ترك دمشق إلى القاهرة، بعد استيلاء تيمورلنك على حلب، وبقي فيها حتى مات سنة 802هـ.
من مؤلفاته: القواعد والفوائد الأصولية، ومختصر في أصول الفقه، والأخبار العلمية في اختيارات الشيخ تقي الدين بن تيمية، وتجريد العناية في تحرير أحكام النهاية.
راجع في ترجمته: شذرات الذهب 7/ 31، الأعلام 4/ 297، ومقدمة المختصر في أصول الفقه لمحقق الكتاب محمد مظهر بقا. معجم المؤلفين 7/ 206.
وسلكت طريقتهم ومن هؤلاء أحد علماء الشيعة الذي ألف كتاباً سماه (كشف الفوائد في تمهيد القواعد). وقد فرغ من تأليفه سنة 968هـ. وقد ذكر في مقدمته أنه صنفه على نمط تصنيف الأسنوي للتمهيد. وهو خاص بفقه الشيعة ومحفوظ بدار الكتب المصرية (1).
ومن هؤلاء محمد بن عبد الله التمرتاشي الحنفي، المتوفى سنة 1004هـ (2) في كتابه:"الوصول إلى قواعد الأصول" وقد ذكر في مقدمته أنه سار به، أيضاً، على نمط الأسنوي في كتابه التمهيد (3).
ومن المؤلفات المعاصرة في هذا المجال (أثر الاختلاف في القواعد الأصولية في اختلاف الفقهاء) للدكتور/ مصطفى سعيد الخن، وهو رسالة للدكتوراه من كلية الشريعة في جامعة الأزهر.
ومنها كتاب (أثر الأدلة المختلف فيها في الفقه الإسلامي) للدكتور/ مصطفى ديب البغا، وهو رسالته للدكتوراه نم كلية الشريعة في جامعة الأزهر أيضاً (4).
(1) مقدمة تحقيق التمهيد في تخريج الفروع على الأصول ص 16، وقد ذكر المحقق أيضاً كتاباً لأحد أئمة الشافعية غير معروف الاسم بعنوان تخريج الفروع على الأصول، وأنه توجد نسخة خطية منه في مكتبة الأزهر.
(2)
هو: محمد بن عبد الله بن أحمد الخطيب التمرتاشي الحنفي. ولد بغزة وتلقى علومه في البداية على مفتي الشافعية فيها، ثم سافر على مصر أكثر من مرة، وتفقه على الشيخ زين بن نجيم صاحب البحر وغيره، فارتفع ذكره وقصده الناس للفتوى. توفي في غزة سنة 1004هـ.
من مؤلفاته: تنوير الأبصار وجامع البحار، ومعين المفتي على جواب المستفتي، ومسعف الحكام على الأحكام، والوصول إلى قواعد الأصول، ورسائل كثيرة منها رسالة في النقود، وغير ذلك.
راجع في ترجمته: الأعلام 6/ 239، الفتح المبين 3/ 86.
(3)
مقدمة تحقيق التمهيد في تخريج الفروع على الأصول ص 16.
(4)
ننبه هنا إلى أنه قد وردت إشارات إلى أسماء كتب تحمل عناوينها الموضوع الذي نتحدث عنه، أو ما يشبهه، وقد أهملنا ذكرها في المتن لعدم معرفتنا شيئاً عنها إلا =
هذا ونذكر أن هناك طائفة من المؤلفات تناولت هذا الموضوع، ولكنه لم يكن هدفها الأساس، وإنما كان التخريج يأتي فيها بطريق التبعية، أو أنه كان جزءاً من موضوع متشعب.
ومن هذه المؤلفات كتاب (بداية المجتهد ونهاية المقتصد) لأبي الوليد محمد بن أحمد بن رشد المتوفى سنة 595هـ (1) وهو كتاب مؤلف في الفقه بعامة، ولم يكن الغرض منه بيان أسباب الاختلاف وما ينبني عليها من الفروع، وإن كان المؤلف قد تطرق إلى ذلك في مقدمته وبين من خلال عرضه الفقهي الرائع آراء الفقهاء والأسباب التي أدت إلى وقوع الاختلاف بينهم ومن هذه المؤلفات كتاب (مفتاح الوصول إلى بناء الفروع على الأصول) للإمام اشريف أبي عبد الله محمد بن أحمد المالكي التلمساني المتوفى سنة 771هـ (2).
(1) = بالإشارة إلى أسمائها، ومن ذلك: تمهيد القواعد الأصولية والعربية لتفريع الأحكام الشرعية لزين الدين بن علي العاملي الشيعي. وقد ذكر صاحب إيضاح المكنون أنه في (6) مجلدات. إيضاح المكنون 1/ 322.
() هو: أبو الوليد محمد بن أحمد بن محمد بن رشد الأندلسي القرطبي الغرناطي المالكي، الشهير بالحفيد والملقب بقاضي الجماعة. فيلسوف وفقيه وأصولي وطبيب ومسهم في علوم كثيرة، ومتفنن في التأليف. كان مرجعاً في الطب كما كان مرجعاً في الفتوى اتهم بالزندقة والإلحاد فنفي إلى مراكش ثم عفي عنه، فعاد إلى بلده ولم يعش طويلاً بعد ذلك، إذ مات سنة 595هـ.
من مؤلفاته: التحصيل في اختلاف مذاهب الفقهاء، فصل المقال فيما بين الحكمة والشريعة من الاتصال، والضروري في العربية، وتهافت التهافت في الرد على الغزالي، وبداية المجتهد ونهاية المقتصد في الفقه، وغير ذلك كثير.
راجع في ترجمته: الديباج المذهب ص 284، وشذرات الذهب 4/ 230، والأعلام 5/ 318، والفتح المبين 2/ 38.
(2)
هو: أبو عبد الله محمد بن أحمد بن يحيى الشريف الحسني التلمساني المالكي يتصل نسبه بالحسن بن علي بن أبي طالب. ولد ونشأ في تلمسان، وقرأ على طائفة من علماء بلده وعصره، وعرف فضله وعلمه في المغرب، وأثنى عليه الكثيرون. وصرح بعض علماء عصره ببلوغه درجة الاجتهاد، ونعت بأنه كان حبراً إماماً محققاً نظاراً. =
وهو كتاب موجز مؤلف في أصول الفقه بعامة، ولكنه كان يُتبع الاختلافات الأصولية بذكر ما يترتب عليها من الاختلافات الفقهية، ولم يكن الغرض الأساس من تأليفه، أن يكون في التخريج.
ومن المؤلفات التي تناولت هذا الموضوع جزئياً كتاب (الأشباه والنظائر) لتاج الدين عبد الوهاب بن علي السبكي المتوفى سنة 771هـ. فقد تناول هذا الكتاب في مواضع مختلفة منه، أسباب اختلاف الفقهاء، وأصولاً كلامية يبني عليها فروع فقهية، ومسائل أصولية يتخرج عليها فروع فقهية ومسائل نحوية يترتب عليها مسائل فقهية، وقد شفع كل ذلك بطائفة من الفروع المبنية على تلك المسائل (1).
ومن تلك المؤلفات كتاب (مختصر من قواعد العلائي وكلام الأسنوي) لأبي الثناء نور الدين محمود بن أحمد الحموي، المعروف بابن خطيب الدهشة. المتوفى سنة 834هـ (2). فقد تناول هذا الكتاب في جانب منه
(1) = توفى سنة 771هـ.
من مؤلفاته: القضاء والقدر، شرح جمل الخونجي في العربية، ومفتاح الوصول إلى بناء الفروع على الأصول.
راجع في ترجمته: نيل الابتهاج ص 255،والأعلام 5/ 327، والفتح المبين 2/ 182.
() لاحظ ج2 من الأشباه والنظائر ص 254 وما عبدها، ص 3 وما بعدها، وص 77 وما بعدها، وص 202 وما بعدها.
(2)
هو أبو الثناء محمود بن أحمد بن محمد الهمذاني الفيومي الأصل الحموي الشافعي الملقب بنور الدين والمعروف بابن خطيب الدهشة. أصله من الفيوم، انتقل أبوه إلى الشام فولد المترجم له فيها في مدينة حماه، ونشأ فيها وتفقه على طائفة من العلماء.
وأبو الثناء عالم بالفقه واللغة والحديث وغريبه وغير ذلك. أفتى ودرس فأفاد، وتولى قضاء حماة ثم صرف عنه، وفي سنة 834هـ توفي في حماه مسقط رأسه.
من مؤلفاته: تحفة ذوي الأرب في مشكل الأسماء والنسب، والتغريب في علم الغريب. تهذيب المطالع لترغيب المطالع، شرح الكافية لابن مالك، ومختصر من قواعد العلائي وكلام الأسنوي. =
طائفة من القواعد الأصولية المختلف فيها، وذكر ما يترتب على ذلك الاختلاف من اختلافات في الفروع الفقهية.
ونكتفي بذكر هذين الكتابين، لأن استقصاء من تناولوا ذلك تبعاً أو جزئياً أو ضمناً يطول.
ــ
= راجع في ترجمته: شذرات الذهب 7/ 210ن والأعلام 7/ 162، ومعجم المؤلفين 1/ 148.