المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ استحالة النجس إلى حقيقة أخرى بالإحراق أو غيره هل تكسبه الطهارة: - مجلة البحوث الإسلامية - جـ ٣٥

[مجموعة من المؤلفين]

فهرس الكتاب

- ‌المحتويات

- ‌المؤمنون يرون ربهم يوم القيامة رؤية حقيقية

- ‌من حق الله عليك أن تؤدي الزكاة

- ‌الخلاصة:

- ‌أولا: التمهيد:

- ‌ معنى الاستحالة لغة:

- ‌ استحالة النجس إلى حقيقة أخرى بالإحراق أو غيره هل تكسبه الطهارة:

- ‌ هل تطهر الخمر بالاستحالة:

- ‌ثانيا: استحالة المياه المتنجسة بسبب اختلاف أسبابها:

- ‌ استحالة المياه المتنجسة بصب ماء طهور عليها، أو نزح بعضه، أو زوال التغير بنفسه

- ‌ طريقة الحنفية:

- ‌ طريقة المالكية:

- ‌ طريقة الشافعية:

- ‌ طريقة الحنابلة:

- ‌ الاستحالة برمي تراب ونحوه فيها:

- ‌ الاستحالة بسقي النباتات بها، وشرب الحيوانات إياها:

- ‌ حكم استعمال مياه المجاري بعد استحالتها وزوال أعراض النجاسة منها:

- ‌ أوراد الطريقة البرهامية

- ‌ جماعة القاديانية، ونبيهم المزعوم غلام أحمد القادياني

- ‌ الفرق بين المسلمين والأحمديين

- ‌ الورد الذي يقوم به التيجانيون

- ‌ الفرقة التيجانية

- ‌ الصلاة، خلف الأئمة المبتدعين وأصحاب الطرق

- ‌ أوراد التيجانية والقادرية

- ‌ أوراد المتصوفة

- ‌ قصيدة تتضمن دعاوى ومآثر لشيخ الطريقة القادرية

- ‌ اتخاذ قراءة مناقب الشيخ عبد القادر أو نحوه وسيلة لمحبة الأولياء، واتخاذ مد السماط عادة عند ذلك

- ‌من فتاوى سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز

- ‌أدوية تحتوي على مواد مخدرة وأخرى كحولية

- ‌ طريقة التيمم الصحيحة

- ‌ صفة الحجاب الشرعي

- ‌ التداوي قبل وقوع الداء كالتطعيم

- ‌ مصافحة النساء

- ‌ تقام في المستشفى عدة جماعات للصلاة، والمساجد قريبة، فهل يلزم من بقربها الذهاب للمسجد

- ‌ ادخر المسلم مبلغا من المال، فكيف يكون حساب زكاته في نهاية العام

- ‌ وجهة من يقول: إن الدخان محرم في شرع الله تعالى

- ‌المحاولات التوفيقيةلتأنيس الفائدة في المجتمع الإسلامي

- ‌مقدمة

- ‌لماذا فشلت المحاولات التوفيقية

- ‌المحاولات التوفيقية:

- ‌استعراض المحاولات التوفيقية:

- ‌أولا: محاولة الشيخ محمد رشيد رضا رحمه الله

- ‌ثانيا: محاولة الدكتور معروف الدواليبي:

- ‌ثالثا: وجدت محاولة ثالثة لعدد من الكتاب ملخصها:

- ‌رابعا: محاولة السنهوري:

- ‌المناقشة:

- ‌مستقبل المحاولات التوفيقية:

- ‌لماذا لا يوجد موجب لمحاولة إباحة القروض بفائدة

- ‌خاتمة:

- ‌من أصول أهل السنة والجماعة

- ‌المراد بالفرقة الناجية أهل السنة والجماعة

- ‌أسماء الفرقة الناجية ومعناها

- ‌أصول أهل السنة والجماعة

- ‌الخاتمة

- ‌مولده ونشأته:

- ‌وفاته:

- ‌مكانته عند رسول الله صلى الله عليه وسلم:

- ‌مواقفه الحربية:

- ‌الفصل الأولالقراءات القرآنية

- ‌المبحث الأولتعريف القراءات

- ‌ صحة السند:

- ‌ موافقة القراءة للرسم العثماني:

- ‌ موافقة القراءة للغة:

- ‌نظرة في الأركان:

- ‌ الإمام ابن جرير الطبري

- ‌تقييم لموقف ابن جرير

- ‌موقف الزمخشري من القراءات:

- ‌حكم الطعن في القراءات

- ‌الخاتمة وأهم النتائج

- ‌المصادر والمراجع:

- ‌المبحث الثانيفي ذكر مولده ونشأته ورحلته

- ‌المبحث الثالثفي ذكر أسماء شيوخه:

- ‌المبحث الرابعفي ذكر ثناء الأئمة عليهبالأوصاف الكريمة وسعةحفظه وكثرة علومه الجسيمة

- ‌المبحث الخامسفي حسن سيرتهوزهده وعبادته وبعض كراماته

- ‌المبحث السادسذكر مصنفاته البديعةوذكر شيء من شعره

- ‌المبحث السابع:ما زاده الشاطبي في كتابهحرز الأماني على تيسيرأبي عمرو الداني

- ‌القسم الثالثزيادة بعض الراوياتفي الفرش

- ‌المبحث الثامنالشروح المصنفةعلى حرز الأماني ووجه التهاني

- ‌المبحث التاسعتلاميذه

- ‌المبحث العاشرفي ذكر وفاته

- ‌الطريق الوسطفي بيان عدد يوم الجمعة المشترط

- ‌مدخل

- ‌موضوع الرسالة:

- ‌أهمية الرسالة:

- ‌المؤلف:

- ‌وصف النسخ:

- ‌منهج التحقيق:

- ‌النص المحقق

- ‌نصيحة عامة حول بعض كبائر الذنوب

- ‌حديث شريف

الفصل: ‌ استحالة النجس إلى حقيقة أخرى بالإحراق أو غيره هل تكسبه الطهارة:

حكم استعمال المياه النجسة

إعداد اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء

الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد:

بناء على ما تقرر في الدورة الثانية لهيئة كبار العلماء المنعقدة في الرياض في النصف الثاني من ربيع الأول سنة 1396 هـ من إعداد بحث في حكم استعمال المياه النجسة بعد استحالتها وزوال أعراض النجاسة عنها، اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء بحثا في ذلك مشتملا على تمهيد في بيان معنى الاستحالة، وإيضاح هذا المعنى بكلام أهل العلم في حكم استحالة النجس إلى طاهر، بالإحراق أو غيره وهل تطهر الخمر بالاستحالة، ثم بيان كلام أهل العلم في حكم استعمال المياه المتنجسة بعد استحالتها وزوال أعراض النجاسة عنها. وبالله التوفيق.

‌أولا: التمهيد:

(أ)

‌ معنى الاستحالة لغة:

جاء في معنى حال:

كل شيء تغير عن الاستواء إلى العوج فقد حال في معنى واستحال وهو مستحيل (1).

ومعناها اصطلاحا انقلاب حقيقة إلى حقيقة أخرى (2).

(1) لسان العرب / 14/ 197.

(2)

رد المحتار 1/ 291.

ص: 35

(ب)

‌ استحالة النجس إلى حقيقة أخرى بالإحراق أو غيره هل تكسبه الطهارة:

اختلف أهل العلم في ذلك فذهب قوم إلى القول بالطهارة، وممن قال

ص: 35

بذلك أبو حنيفة ومحمد وأكثر الحنفية والمالكية، وسواء عندهم ما هو نجس لعينه، وما هو نجس لمعنى فيه، ووافقهم الشافعية في النجس لمعنى فيه، كجلد الميتة. وأما الحنابلة فمنهم من يقول بالطهارة وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية، وهو مذهب الظاهرية، وفيما يلي ذكر نصوصهم في ذلك وأدلتهم مع المناقشة.

جاء في البحر الرائق: من الأمور التي يكون بها التطهير انقلاب العين - ومضى إلى أن قال - وإن كان في غيره - أي الخسر - كالخنزير والميتة تقع في المملحة فتصير ملحا يؤكل، والسرجين والعذرة تحترق فتصير رمادا تطهر عند محمد (1). وقال أيضا وضم إلى محمد أبا حنيفة في المحيط وكثير من المشائخ اختاروا قول محمد، وفي الخلاصة وعليه الفتوى وفي فتح القدير أنه المختار (2).

والمالكية يذهبون إلى أن ما استحال إلى صلاح فهو طاهر وأن ما استحال إلى فساد كان نجسا، جاء في الشرح الكبير وحاشية الدسوقي عليه من الطاهر لبن الآدمي ولو كافرا، لاستحالته إلى الصلاح (3).

ثم جاء في موضع آخر إذا تغير القيء، وهو الخارج من الطعام بعد استقراره في المعدة، كان نجسا وعلة نجاسته الاستحالة إلى فساد، فإن لم يتغير كان طاهرا (4).

واعتبر المالكية كذلك أن المسك طاهر، ففي الحطاب الحكم بطهارة المسك؛ لأنها استحالة عن جميع صفات الدم، وخرجت عن اسمه إلى صفات وإلى اسم يختص به، وطهرت بذلك، كما يستحيل الدم وسائر ما يتغذى به الحيوان من النجاسات إلى اللحم، فيكون طاهرا. انتهى (5).

وفرق الشافعية بين ما هو نجس لعينه، وما هو نجس لمعنى فيه؛ فأما الأشياء

(1) البحر الرائق ص1/ 239.

(2)

البحر الرائق ص1/ 239.

(3)

الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي ص50.

(4)

الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي 1/ 57.

(5)

مواهب الجليل 1/ 97.

ص: 36

النجسة لمعنى فيها فإنها طاهرة قال في المهذب: ولا يطهر شيء من النجاسات بالاستحالة إلا شيئان أحدهما جلد الميتة إذا دبغ والثاني الخمر (1).

وقال ابن قدامة: ويتخرج أن تطهر النجاسات كلها بالاستحالة (2).

وقال المرداوي: وعنه بل تطهر وهي مخرجة من الخمرة إذا انقلبت بنفسها خرجها المجد واختار الشيخ تقي الدين وصاحب الفائق؛ فحيوان متولد من نجاسة، كدود الجروح والقروح وصراصير الكنيف، طاهر نص عليه (3) انتهى المقصود.

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: وتنازعوا فيما إذا صارت النجاسة ملحا في الملاحة، أو صارت رمادا، أو صارت - الميتة والدم والصديد ترابا كتراب المقبرة فهذا فيه خلاف - وبعد ذكره للخلاف قال: والصواب أن ذلك كله طاهر؛ إذ لم يبق شيء من النجاسة لا طعمها ولا لونها ولا ريحها (4).

وقال ابن حزم: إذ استحالت صفات عين النجس أو الحرام، فبطل عنه الاسم الذي به ورد ذلك الحكم، وانتقل إلى اسم آخر وارد على حلال طاهر، فليس هو ذلك النجس ولا ذلك الحرام، بل قد صار شيئا آخر ذا حكم آخر (5). وقال أيضا إذا أحرقت العذرة أو الميتة أو تغيرت فصارت رمادا أو ترابا فكل ذلك طاهر (6).

واستدل لذلك بالكتاب والسنة والاستقراء والمعنى؛ أما الكتاب فقوله تعالى: {وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ} (7) وجه الدلالة أن هذه الأشياء، بعد استحالتها وزوال أوصاف النجاسة عنها صارت - طيبة، فهي طاهرة، وقد يعارض ذلك بأن القول بأنها طيبة، وهو محل النزاع، ولا يصح الاستدلال بمحل الخلاف، وقد يجاب عن ذلك بأن العبرة بالواقع لا بالدعوى، وواقعها أنها طيبة، فيسلم الدليل. وأما السنة فما ورد من الأدلة في

(1) المذهب 1/ 48.

(2)

المغني ومعه الشرح 1/ 59.

(3)

الإنصاف 1/ 5 / 31 وما بعده.

(4)

مجموع الفتاوى 21/ 481.

(5)

المحلى 1/ 138.

(6)

المحلى 1/ 128، ويرجع أيضا إلى 1/ 137 - 138 و 1/ 118 و 1/ 162 من المحلى.

(7)

سورة الأعراف الآية 157

ص: 37

طهارة المسك وجلود الميتة مأكولة اللحم بعد الدبغ ونحو ذلك من الأدلة.

وأما الاستقراء فقد ذكره شيخ الإسلام فقال بعد كلام سبق الاستقراء دلنا أن كل ما بدأ الله بتحويله وتبديله من جنس إلى جنس، مثل جعل الخمر خلا، والدم منيا، والعلقة مضغة، ولحم الجلالة الخبيث طيبا، وكذلك بيضها ولبنها، والزرع المستسقى بالنجس إذا سقي بالماء الطاهر، وغير ذلك، فإنه يزول حكم التنجس، ويزول حقيقة النجس واسمه التابع للحقيقة، وهذا ضروري لا يمكن المنازعة فيه؛ فإن جميع الأجسام المخلوقة في الأرض فإن الله يحولها من حال إلى حال، ويبدلها خلقا بعد خلق، ولا التفات إلى موادها وعناصرها، وأما ما استحال بسبب كسب الإنسان؛ كإحراق الروث، حتى يصير رمادا، ووضع الخنزير في الملاحة، حتى يصير ملحا ففيه خلاف مشهور، وللقول بالتطهير اتجاه انتهى المقصود (1).

وقد سبق أنه يختار القول بالطهارة. وأما المعنى فقد جاء في فتح القدير أن الشرع رتب وصف النجاسة على تلك الحقيقة، وتنتفي الحقيقة بانتفاء بعض أجزاء مفهومها، فكيف بالكل؟! فإن الملح غير العظم واللحم، فإذا صار ملحا ترتب حكم الملح عليه (2) انتهى المقصود.

القول الثاني: أن استحالة النجس وزوال أعراض النجاسة عنه وتبدلها بأوصاف طيبة لا تصيره طاهرا، وممن قال بهذا القول أبو يوسف، وهو أحد القولين في مذهب مالك، وهو قول الشافعي فيما كان نجسا نجاسة عينية. وإحدى الروايتين في مذهب أحمد وهي المقدمة، جاء في فتح القدير أن أبا يوسف يرى أن الأشياء النجسة لا تطهر بانقلاب عينها، وفي التنجيس اختار قول أبي يوسف، كذا قال: خشبة أصابها بول فاحترقت، ودفع رمادها في بئر يفسد الماء، وكذلك رماد العذرة والحمار إذا مات في مملحة لا يؤكل الملح، هذا قول أبي يوسف (3) انتهى.

(1) الفتاوى المصرية 2/ 122.

(2)

البحر الرائق 1/ 239 وقد بسط ذلك ابن حزم في المحلى 1/ 137 و 1/ 162 منه و 1/ 118 منه أيضا.

(3)

فتح القدير 1/ 139.

ص: 38