الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث السابع:
ما زاده الشاطبي في كتابه
حرز الأماني على تيسير
أبي عمرو الداني
هذا البحث عقدته لبيان بعض ما زاده الحرز على أصله التيسير، ولا أدعي فيه الاستقراء التام، فقد يفوتني البعض، ولكنني أتيت بحمد الله على أكثر تلك الزيادات؛ فأقول وبالله التوفيق: الزيادات التي في الحرز جاءت على ثلاثة أقسام:
زيادة في الأبواب 2 - زيادة في الأصول 3 - زيادة في الفرش.
فمن الزيادات في الأبواب:
باب اتفاقهم في إدغام: إذ، وقد، وتاء التأنيث، وهل، وبل.
قال أبو شامة: " هذا الباب ليس في التيسير، وهو من عجيب التبويب في مثل هذا الباب، فإنه لم ينظم هذه القصيدة إلا لبيان مواضع خلاف القراء، لا لما أجمعوا عليه، فإن ما أجمعوا عليه أكثر مما اختلفوا فيه، فذكر ما أجمعوا عليه يطول، ولكن قد يعرض في بعض المواضع ما يختلفون فيه، وما يجمعون عليه، والكل من باب واحد، فينص على المجمع عليه مبالغة في البيان؛ ولأن من هذا الباب ما أجمعوا على إظهاره، في الأنواع كلها، نحو: إذ قالوا، قد نرى، وقالت لأخته، هل ينصرونكم، بل قالوا، بل هو شاعر.
وما أجمعوا على إدغامه، وما اختلفوا فيه، فلما ذكر المختلف فيه - بقي المجمع عليه، وهو ينقسم إلى مدغم ومظهر، فنظم المدغم لقلته، فبقي ما عداه مظهرا (1).
(1) إبراز المعاني لأبي شامة المقدسي: 192.
الباب الثاني
باب مخارج الحروف
وصفاتها التي يحتاج القارئ إليها
قال أبو شامة: هذا الباب من زيادات هذه القصيدة على ما في التيسير، ولكن ذكره أبو عمرو الداني في آخر كتاب الإيجاز وعلى ما فيه نظم الشاطبي (1) قلت: لا أعلم غير هذين البابين زادهما الحرز على أصله التيسير.
(1) إبراز المعاني لأبي شامة المقدسي: 743.
القسم الثاني: زيادة بعض الروايات في الأصول على ما في التيسير.
فمن ذلك: قوله تعالى في سورة طه آية: 75: {وَمَنْ يَأْتِهِ مُؤْمِنًا} (1)
ذكر الشاطبي رحمه الله أن لقالون وهشام وجهين: كسر الهاء مع القصر والإشباع، وفي ذلك يقول:
وفي الكل قصر الهاء بان لسانه بخلف وفي طه بوجهين يجتلى (2).
قال القاضي رحمه الله:
هذا ما يؤخذ من النظم، ولكن المحققين على أن هشاما ليس له من طريق النظم وأصله إلا الإشباع في لفظ يأته فينبغي الاقتصار عليه (3)، قوله تعالى في سورة الزمر آية: 70 {وَإِنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ} (4)
ذكر الشاطبي أن هشاما له وجهان: إسكان الهاء وضمها من غير صلة.
قال رحمه الله:
(1) سورة طه الآية 75
(2)
حرز الأماني للشاطبي: 14.
(3)
الوافي شرح الشاطبية عبد الفتاح القاضي: 70.
(4)
سورة الزمر الآية 7
وإسكان يرضه يمنه لبس طيب
…
بخلفهما والقصر فاذكره نوفلا (1)
له الرحب. . . . . . .
…
. . . . . . . . . . . .
قال صاحب النشر:
وأما هشام فروى عنه الإسكان صاحب التيسير من قراءته على أبي الفتح، وظاهره أن يكون من طريق ابن عبدان، وتبعه في ذلك الشاطبي، وقد كشفته من جامع البيان فوجدته قد نص على أنه من قراءته على أبي الفتح عن عبد الباقي بن الحسن الخرساني عن أبي الحسن بن خليع عن مسلم بن عبيد الله بن محمد، عن أبيه، عن الحلواني، وليس عبيد الله بن محمد في طرق التيسير ولا الشاطبية، وقد قال الداني: إن عبيد الله بن محمد لا يدرى من هو.
ثم ذكر رحمه الله بعض من روى الإسكان عن هشام، وعقب على ذلك بقوله: ولولا شهرته عن هشام وصحته في نفس الأمر لم نذكره (2).
قال القاضي رحمه الله: ولهشام وجهان أيضا، الإسكان والضم من غير صلة، هذا يؤخذ له من الشاطبية، ولكن صاحب النشر ذكر أن الإسكان له ليس من طرق التيسير والشاطبية وإن كان صحيحا عنه، وعلى هذا ينبغي الاقتصار له على وجه الضم مع عدم الصلة، والله أعلم (3).
لفظ: (أئمة) في مواضعه الخمسة من كتاب الله تعالى وهي:
1 -
موضع التوبة آية: 12 {فَقَاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ} (4)
2 -
موضع الأنبياء آية: 73. {وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا} (5)
3 -
وموضعين في القصص آية: 5. {وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً} (6)
وآية: 41 {وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ} (7)
4 -
وموضع السجدة. آية: 24 {وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا} (8)
(1) حرز الأماني للشاطبي: 14.
(2)
النشر في القراءات العشر ابن الجزري: 1/ 308.
(3)
البدور الزاهرة في القراءات العشر للقاضي: 374.
(4)
سورة التوبة الآية 12
(5)
سورة الأنبياء الآية 73
(6)
سورة القصص الآية 5
(7)
سورة القصص الآية 41
(8)
سورة السجدة الآية 24
ذكر الشاطبي رحمه الله جواز إبدال الهمزة الثانية من لفظ " أئمة " ياء محضة، وأشار إلى ذلك بقوله:
وأئمة بالخلف قد مد وحده
…
وسهل سما وصفا وفي النحو أبدلا (1)
قال القاضي: قوله: وفي النحو أبدلا. بيان لمذهب بعض النحاة، وهو إبدال الهمزة الثانية ياء محضة، وهذا الوجه وإن ورد عن أهل سما أيضا لكنه ليس من طريق كتابنا؛ فلا يلتفت إليه ولا يقرأ به (2).
لفظ (الناس) المجرور في جميع القرآن، فقد أطلق الشاطبي فيه الخلف بين الفتح والإمالة لأبي عمرو ولم يقصر الخلف على أحد رواته.
قال رحمه الله:
وخلفهم في الناس في الجر حصلا (3)
قال القاضي رحمه الله:
ثم ذكر أن خلف الرواة في إمالة الألف من لفظ الناس المجرور في جميع القرآن ثابت عن أبي عمرو، وظاهر هذا أن الخلاف ثابت عن أبي عمرو من الروايتين؛ فيكون لكل من الدوري والسوسي الفتح والإمالة.
ولكن التحقيق أن الإمالة للدوري عنه، والفتح للسوسي، فلا يقرأ للدوري من طريق الناظم إلا بالإمالة، ولا يقرأ للسوسي من هذه الطريق إلا بالفتح (4).
لفظ: يواري: في قوله تعالى في سورة المائدة آية: 31 {يُوَارِي سَوْأَةَ أَخِيهِ} (5)
فأواري: في قوله تعالى في سورة المائدة آية: 31 {فَأُوَارِيَ سَوْأَةَ أَخِي} (6)
(1) حرز الأماني: 16.
(2)
الوافي شرح الشاطبية: 89.
(3)
حرز الأماني: 27.
(4)
الوافي: 153.
(5)
سورة المائدة الآية 31
(6)
سورة المائدة الآية 31
ذكر الشاطبي ورود الخلاف في إمالة هذين اللفظين في العقود عن الدوري عن الكسائي.
قال رحمه الله:
يواري أواري في العقود بخلفه (1)
قال القاضي رحمه الله:
واختلف عنه أي الدوري عن الكسائي في إمالة ألف (يواري سوأة أخيه)، (فأواري سوأة أخي) كلاهما في العقود. فروى عنه فيهما الفتح والإمالة، ولكن الصحيح الذي هو طريق النظم وأصله هو الفتح، وأما الإمالة فليست من هذه الطريق فلا يقرأ بها. والتقيد بالعقود للاحتراز عن {يُوَارِي سَوْآتِكُمْ} (2) بالأعراف، فلا خلاف عنه في فتحه (3).
وذكر الشاطبي رحمه الله أن الكلمة الممالة إذا كانت منونة جاز فيها وجهان الفتح والإمالة، وذلك في نحو: هدى، مسمى.
فقال رحمه الله:
وقد فخموا التنوين وقفا وزفقوا
…
وتفخيمهم في النصب أجمع أشملا
مسمى ومولى رفعه مع جره
…
ومنصوبه غزى وتترا تزيلا (4)
قال ابن الجزري رحمه الله:
وقد ذهب بعض أهل الأداء إلى حكاية الفتح في المنون مطلقا من ذلك في الوقف عمن أمال، وقرأ بين بين، حكى ذلك أبو القاسم الشاطبي رحمه الله حيث قال:
وقد فخموا التنوين وقفا وزفقوا
وتبعه على ذلك صاحبه أبو الحسن السخاوي فقال: وقد فتح قوم ذلك كله.
(1) حرز الأماني: 27.
(2)
سورة الأعراف الآية 26
(3)
الوافي: 154.
(4)
حرز الأماني: 27.
قال ابن الجزري رحمه الله قلت:
ولم أعلم أحدا من أئمة القراءة ذهب إلى هذا القول ولا قال به ولا أشار إليه في كلامه ولا أعلمه في كتاب من كتب القراءات، وإنما هو مذهب نحوي لا أدائي دعا إليه القياس لا الرواية (1).
قال القاضي رحمه الله:
والحق الذي لا محيص عنه ولا يصح الأخذ بغيره أن الألف الممالة التي يقع التنوين بعدها في كلمتها كالأمثلة الآنفة الذكر حكمها حكم الألف الممالة التي يقع بعدها ساكن في كلمة أخرى، تحذف وصلا وتثبت وقفا، وعند الوقف عليها يكون كل قارئ حسب مذهبه.
فإن كان مذهبه الفتح فتحها، وإن كان مذهبه التقليل قللها، وإن كان مذهبه الإمالة أمالها.
ولذلك قال الإمام الداني في التيسير: كل ما امتنعت الإمالة فيه في حال الوصل من أجل ساكن لقيه، تنوين أو غيره نحو: هدى، مصفى، مصلى، مفترى، والأقصى الذي، طغى الماء،. . فالإمالة فيه سائغة في الوقف لعدم ذلك الساكن (2).
قوله تعالى في سورة الأعراف آية: 195: {ثُمَّ كِيدُونِ} (3)
ذكر الشاطبي رحمه الله أن هشاما له إثبات الياء فيها وحذفها.
قال: وكيدون في الأعراف حج ليحملا بخلف (4).
قال القاضي رحمه الله:
وأثبت أبو عمرو وهشام بخلف عنه الياء في (ثم كيدون) بالأعراف، فأبو عمرو يثبتها وصلا على قاعدته.
وأما هشام فله فيها الخلاف في الحالين عملا بهذا البيت وبقوله في صدر الباب: وتثبت في الحالين دار لوامعا بخلف.
(1) النشر: 2/ 75.
(2)
الوافي: 157.
(3)
سورة الأعراف الآية 195
(4)
حرز الأماني: 35.
ولكن الذي صوبه أهل الأداء عامة أن هشاما ليس له في هذه الياء من طريق الحرز إلا الإثبات وصلا ووقفا (1).
قول تعالى في سورة غافر آية: 15 {لِيُنْذِرَ يَوْمَ التَّلَاقِ} (2)
وقوله تعالى في سورة غافر آية: 32 {إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ يَوْمَ التَّنَادِ} (3)
ذكر الشاطبي رحمه الله أن قالون أثبت الياء في التلاق والتناد. بخلف عنه قال:
والتلاق والتناد
…
درى باغيه والخلف جهلا (4)
قال القاضي رحمه الله:
والذي عليه المحققون أن قالون ليس له من طريق النظم في هذين الموضعين إلا الحذف فيقتصر له عليه (5).
قوله تعالى في سورة يوسف آية: 12: {أَرْسِلْهُ مَعَنَا غَدًا يَرْتَعْ وَيَلْعَبْ} (6)
ذكر الشاطبي رحمه الله أنه اختلف عن قنبل في الياء التي بعد العين من (يرتع) فروي عنه إثباتها وحذفها.
قال:
وفي نرتعي خلف زكا (7)
قال القاضي رحمه الله:
اختلف عن قنبل في ياء نرتع بيوسف فروي عنه فيها الإثبات والحذف، وعلى وجه الإثبات يكون في الحالين على أصل مذهبه، وهذا من الناظم خروج عن طريقه وطريق أصله، فطريقه حذف الياء في الحالين لقنبل (8)
(1) الوافي: 195.
(2)
سورة غافر الآية 15
(3)
سورة غافر الآية 32
(4)
حرز الأماني: 35.
(5)
الوافي: 196.
(6)
سورة يوسف الآية 12
(7)
حرز الأماني: 36.
(8)
الوافي شرح الشاطبية: 197.