المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المبحث السادسذكر مصنفاته البديعةوذكر شيء من شعره - مجلة البحوث الإسلامية - جـ ٣٥

[مجموعة من المؤلفين]

فهرس الكتاب

- ‌المحتويات

- ‌المؤمنون يرون ربهم يوم القيامة رؤية حقيقية

- ‌من حق الله عليك أن تؤدي الزكاة

- ‌الخلاصة:

- ‌أولا: التمهيد:

- ‌ معنى الاستحالة لغة:

- ‌ استحالة النجس إلى حقيقة أخرى بالإحراق أو غيره هل تكسبه الطهارة:

- ‌ هل تطهر الخمر بالاستحالة:

- ‌ثانيا: استحالة المياه المتنجسة بسبب اختلاف أسبابها:

- ‌ استحالة المياه المتنجسة بصب ماء طهور عليها، أو نزح بعضه، أو زوال التغير بنفسه

- ‌ طريقة الحنفية:

- ‌ طريقة المالكية:

- ‌ طريقة الشافعية:

- ‌ طريقة الحنابلة:

- ‌ الاستحالة برمي تراب ونحوه فيها:

- ‌ الاستحالة بسقي النباتات بها، وشرب الحيوانات إياها:

- ‌ حكم استعمال مياه المجاري بعد استحالتها وزوال أعراض النجاسة منها:

- ‌ أوراد الطريقة البرهامية

- ‌ جماعة القاديانية، ونبيهم المزعوم غلام أحمد القادياني

- ‌ الفرق بين المسلمين والأحمديين

- ‌ الورد الذي يقوم به التيجانيون

- ‌ الفرقة التيجانية

- ‌ الصلاة، خلف الأئمة المبتدعين وأصحاب الطرق

- ‌ أوراد التيجانية والقادرية

- ‌ أوراد المتصوفة

- ‌ قصيدة تتضمن دعاوى ومآثر لشيخ الطريقة القادرية

- ‌ اتخاذ قراءة مناقب الشيخ عبد القادر أو نحوه وسيلة لمحبة الأولياء، واتخاذ مد السماط عادة عند ذلك

- ‌من فتاوى سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز

- ‌أدوية تحتوي على مواد مخدرة وأخرى كحولية

- ‌ طريقة التيمم الصحيحة

- ‌ صفة الحجاب الشرعي

- ‌ التداوي قبل وقوع الداء كالتطعيم

- ‌ مصافحة النساء

- ‌ تقام في المستشفى عدة جماعات للصلاة، والمساجد قريبة، فهل يلزم من بقربها الذهاب للمسجد

- ‌ ادخر المسلم مبلغا من المال، فكيف يكون حساب زكاته في نهاية العام

- ‌ وجهة من يقول: إن الدخان محرم في شرع الله تعالى

- ‌المحاولات التوفيقيةلتأنيس الفائدة في المجتمع الإسلامي

- ‌مقدمة

- ‌لماذا فشلت المحاولات التوفيقية

- ‌المحاولات التوفيقية:

- ‌استعراض المحاولات التوفيقية:

- ‌أولا: محاولة الشيخ محمد رشيد رضا رحمه الله

- ‌ثانيا: محاولة الدكتور معروف الدواليبي:

- ‌ثالثا: وجدت محاولة ثالثة لعدد من الكتاب ملخصها:

- ‌رابعا: محاولة السنهوري:

- ‌المناقشة:

- ‌مستقبل المحاولات التوفيقية:

- ‌لماذا لا يوجد موجب لمحاولة إباحة القروض بفائدة

- ‌خاتمة:

- ‌من أصول أهل السنة والجماعة

- ‌المراد بالفرقة الناجية أهل السنة والجماعة

- ‌أسماء الفرقة الناجية ومعناها

- ‌أصول أهل السنة والجماعة

- ‌الخاتمة

- ‌مولده ونشأته:

- ‌وفاته:

- ‌مكانته عند رسول الله صلى الله عليه وسلم:

- ‌مواقفه الحربية:

- ‌الفصل الأولالقراءات القرآنية

- ‌المبحث الأولتعريف القراءات

- ‌ صحة السند:

- ‌ موافقة القراءة للرسم العثماني:

- ‌ موافقة القراءة للغة:

- ‌نظرة في الأركان:

- ‌ الإمام ابن جرير الطبري

- ‌تقييم لموقف ابن جرير

- ‌موقف الزمخشري من القراءات:

- ‌حكم الطعن في القراءات

- ‌الخاتمة وأهم النتائج

- ‌المصادر والمراجع:

- ‌المبحث الثانيفي ذكر مولده ونشأته ورحلته

- ‌المبحث الثالثفي ذكر أسماء شيوخه:

- ‌المبحث الرابعفي ذكر ثناء الأئمة عليهبالأوصاف الكريمة وسعةحفظه وكثرة علومه الجسيمة

- ‌المبحث الخامسفي حسن سيرتهوزهده وعبادته وبعض كراماته

- ‌المبحث السادسذكر مصنفاته البديعةوذكر شيء من شعره

- ‌المبحث السابع:ما زاده الشاطبي في كتابهحرز الأماني على تيسيرأبي عمرو الداني

- ‌القسم الثالثزيادة بعض الراوياتفي الفرش

- ‌المبحث الثامنالشروح المصنفةعلى حرز الأماني ووجه التهاني

- ‌المبحث التاسعتلاميذه

- ‌المبحث العاشرفي ذكر وفاته

- ‌الطريق الوسطفي بيان عدد يوم الجمعة المشترط

- ‌مدخل

- ‌موضوع الرسالة:

- ‌أهمية الرسالة:

- ‌المؤلف:

- ‌وصف النسخ:

- ‌منهج التحقيق:

- ‌النص المحقق

- ‌نصيحة عامة حول بعض كبائر الذنوب

- ‌حديث شريف

الفصل: ‌المبحث السادسذكر مصنفاته البديعةوذكر شيء من شعره

‌المبحث السادس

ذكر مصنفاته البديعة

وذكر شيء من شعره

من أهم المصنفات التي صنفها الشاطبي رحمه الله:

قصيدته اللامية المسماة " بحرز الأماني ووجه التهاني " في القراءات السبع، وقد ذكر أنه بدأ في نظمها بالأندلس، حتى بلغ قوله:

جعلت أبا جاد على كل قارئ

ثم أكملها بالمدرسة الفاضلية في القاهرة (1)، وهي التي افتتحها بقوله:

بدأت ببسم الله في النظم أولا

تبارك رحمانا رحيما وموئلا

وثنيت صلى الله ربي على الرضا

محمد المهدى إلى الناس مرسلا

وعترته ثم الصحابة ثم من

تلاهم على الإحسان بالخير وبلا

وثلثت أن الحمد لله دائما

وما ليس مبدوءا به أجذم العلا (2)

وقد ذكر الشاطبي رحمه الله أنه: رام بقصيدته هذه اختصار كتاب التيسير لأبي عمرو الداني، فأجنت القصيدة ما أراده، وكثرت فوائدها بتوفيق الله، وفي ذلك قال:

وفي يسرها التيسير رمت اختصاره

فأجنت بعون الله منه مؤملا (3)

وأبيات هذه القصيدة ألف ومائة وثلاثة وسبعون بيتا، كما ذكر الناظم بقوله:

وأبياتها ألف تزيد ثلاثة

ومع مائة سبعين زهرا وكملا (4)

(1) غاية النهاية: 2/ 22.

(2)

حرز الأماني للشاطبي: 1.

(3)

حرز الأماني للشاطبي: 6.

(4)

حرز الأماني 93.

ص: 262

ولقد وفى الشاطبي ما أراد بنظمه هذا، بل وزاد فوائد على ما في التيسير، مما سيأتي بيانه إن شاء الله تعالى، غير أن الناظر في أبيات هذه القصيدة يقف مشدودا أمام تلك المعاني التي تضمنتها ألفاظها؛ فيرى فيها كل محسن لفظي ومعنوي، ويرى فيها الغزل، ويرى فيها نحوا وصرفا وغير ذلك.

أهلت فلبتها المعاني لبابها

وصغت بها ما ساغ عذبا مسلسلا (1)

وسأقوم بعون الله وتوفيقه باستخلاص وجمع بعض المعاني التي أشار إليها شراح الشاطبية وغيرهم، متمثلا في ذلك قول القائل: ما لا يدرك كله لا يترك جله.

قال الشاطبي في وصفه للقراء السبعة ورواتهم:

فمنهم بدور سبعة قد توسطت

سماء العلا والعدل زهرا وكملا

لها شهب عنها استنارت فنورت

سواد الدجى حتى تفرق وانجلى (2)

قال الموصلي في شرحه على الشاطبية: " البدر والقمر المنير في الليلة الرابعة عشرة، وتوسط السماء بلغ وسطها، والعدل ضد الجور، والمراد هنا الاعتدال والاستقامة، زهرا: جمع أزهر أفعل التفضيل، أو زاهر كأسود وسود وبازل وبزل، بمعنى المضيء المشرق، وكملا جمع كامل للتمام، والشهب جمع شهاب اسم للكوكب المضيء لاستنارة الإضاءة.

نورت: أضاءت غيرها، الدجى جمع دجية، وهي الظلمة، انجلى: انكشف (3)، قال الجعبري في شرحه على الشاطبية: جمع البدر باعتباره محله، ووصفه بالكمال باعتباره القمر، وهو قريب من قول أبي العلاء:

توقى البدور النقص وهي أهل

ويدركها النقصان وهي كوامل

وعدل عن الشموس؛ لأن القمر أشرف، باعتبار معناه، ولذلك قيل القمران، أشياخ أشبهوا البدور الكوامل لتمام علومهم، وعلو رتبتهم واشتهار

(1) حرز الأماني للشاطبي: 6.

(2)

حرز الأماني للشاطبي: 2.

(3)

شرح شعلة على الشاطبية محمد بن أحمد الموصلي: 18.

ص: 263

ضبطهم، والاقتداء بطرقهم فاقتدى الناس بهم (1).

قال القاضي رحمه الله في كتابه الوافي: " والمعنى: من هؤلاء الأئمة الناقلين للقرآن سبعة رجال، وشبههم بالبدور في علو منزلهم، وغزارة علمهم، وكثرة الانتفاع بهم، ولهؤلاء القراء السبعة جماعة من الرواة أشبهت الشهب في الهداية والعلو، أخذت القراءة عنهم، وعلمتها الناس بعدهم، فأماطت عنهم ظلمة الجهل، وألبستهم أنوار العلم "(2).

واستمع إليه يقول:

أهلت فلبتها المعاني لبابها

وصغت بها ما ساغ عذبا مسلسلا (3)

قال الموصلي في شرحه: " الإهلال: رفع الصوت.

لبت: أجابت بلبيك لبيك.

اللباب: جمع لب، والمراد الخيار والنخب.

وصغت: من الصياغة يعني بالإحكام والإتقان.

ساغ الشراب: سهل مدخله في الحلق " (4).

قال القاضي في الوافي: " والمعنى: أن القصيدة نادت المعاني فأجابتها خيارها، ونظم فيها اللفظ الحلو السلس الذي يسهل على اللسان حال كونه في السمع ملائما للطبع "(5) قال الجعبري: " ولبتها مع لبابها، وصغت مع ساغ، تجنيس هذا استعارة عما في ذهنه "(6).

ومن ذلك قوله:

وألفافها زادت بنشر فوائد

فلفت حياء وجهها أن تفضلا (7)

(1) كنز المعاني للجعبري مخطوط لوحة: 28، 29.

(2)

الوافي شرح الشاطبية للشيخ عبد الفتاح القاضي: 15.

(3)

حرز الأماني للشاطبي: 6.

(4)

شرح شعلة على الشاطبية: 43.

(5)

الوافي للقاضي: 31.

(6)

كنز المعاني للجعبري مخطوط لوحة: 63.

(7)

حرز الأماني للشاطبي: 6.

ص: 264

قال الموصلي في شرحه: " الألفاف: الأشجار الملتفة بعضها على بعض (1).

لفت: غطت وسترت " (2).

قال أبو شامة في شرحه على الشاطبية: " وحسن استعارة الألفاف هنا بعد قوله: فأجنت الالتفاف المعاني فيها والأبيات، كأن كل بيت ملتف بما قبله وبعده؛ لتعلق بعضها ببعض وانضمامه إليه، فتلك الألفاف نشرت فوائد زيادة، على ما في كتاب التيسير من زيادة وجوه، أو إشارة إلى تعليل أو زيادة أحكام، وغير ذلك مما يذكره في مواضعه، ومن جملة ذلك جميع باب مخارج الحروف.

ثم بعد هذا استحيت أن تفضل على كتاب التيسير، استحياء الصغير من الكبير، والمتأخر من المتقدم، وإن كان الصغير فائقا والمتأخر زائدا، والذي لفت به وجهها: أي سترته هو الرمز؛ لأنها به كأنها في ستر " (3).

قال الشاطبي رحمه الله:

وناديت اللهم يا خير سامع

أعذني من التسميع قولا ومفعلا (4)

قال أبو شامة في شرحه: " كأن الناظم رحمه الله لما مدح نظمه بأمدحة - خاف أن يكون في ذلك تسميع، فاستعاذ بالله سبحانه وتعالى "(5).

وقال الجعبري: " لما مدح نظمه - خاف من مكر النفس، فدعا الله تعالى أن يعصمه من أن يكون قوله أو عمله للسمعة، فيضيع سعيه، وأشار إلى ما روي:«من سمع الناس سمع الله به خلقه وصغره وحقره (6)» .

وأخرج البخاري عن النبي صلى الله عليه وسلم (7): «من سمع سمع الله به، ومن راءى راءى الله به (8)» (9).

(1) من ذلك قول الحق سبحانه وتعالى " وجنات ألفافا " سورة النبأ. الآية: 16.

(2)

شرح شعلة: 45.

(3)

إبراز المعاني: 51.

(4)

حرز الأماني: 6.

(5)

إبراز المعاني: 52.

(6)

مسند أحمد بن حنبل (2/ 162).

(7)

فتح الباري باب الرياء والسمعة: 11/ 336.

(8)

صحيح البخاري الرقائق (6499).

(9)

كنز المعاني مخطوط لوحة: 64.

ص: 265

لله دره من إمام مخلص، أتى في هذه القصيدة بجواهر نضيدة، من بديع المعاني في أصداف المباني، سوى فن القراءات ومحاسن الروايات.

قال الشاطبي رحمه الله تعالى في باب الإدغام الكبير:

شفا لم تضق نفسا بها رم دوا ضن

ثوى كان ذا حسن سأى منه قد جلا (1)

قال أبو شامة في شرحه لهذا البيت:

" اعلم أنه أتى، في مثل هذا البيت الذي يذكر فيه كلما لأجل حروف أوئلها تضمنها معاني قصدها من غزل ومواعظ؛ لئلا يبقى كلاما منتظما صورة، لا معنى تحته.

وقوله لم تضق نفسا: أي أنها حسنة الخلق.

ورم: أي أطلب بها: أي بوصلها وقربها.

دواء ضن: أي دواء رجل ضن أي مريض " (2).

وقال الموصلي في شرحه:

" شفا: اسم امرأة.

تضق: من الضيق وهو ضد الوسع.

رم: اطلب.

الضنى: الهزال والمرض.

ثوا: أقام.

سأى: مقلوب ساء نحو نأى وناء.

والمعنى: أن محبوبتي شفا لم تضق نفسا؛ أي هي حسنة الخلق، أطلب بوصلها دواء رجل مريض، أقامه مرضه، كان ذلك المريض ذا حسن، ساء حاله؛ لأجل الضنا، قد كشف الضنا أمره وهتك ستره " (3).

(1) حرز الأماني: 12.

(2)

إبراز المعاني لأبي شامة 89، 90.

(3)

شرح شعلة: 85.

ص: 266

ومن ذلك قوله:

وللدال كلم ترب سهل ذكا شذا

ضفا ثم زهد صدقه ظاهر جلا (1)

قال أبو شامة في شرحه: " ضمن في هذا البيت الثناء على أبي محمد سهل بن عبد الله التستري ".

قال القشيري في رسالته: " هو أحد أئمة القوم، ولم يكن له في وقته نظير في المعاملات والورع، وكان صاحب كرامات، لقي ذا النون المصري بمكة سنة حج، توفي سنة ثلاث وثمانين ومائتين، وقيل ثلاث وسبعين.

والترب: التراب.

وذكا: من قولهم ذكت النار تذكو ذكاء مقصور: أي اشتعلت.

والشذا: حدة الرائحة: أي فاحت رائحة ترابه، يشير بذلك إلى الثناء عليه، وما ظهر من كراماته وأعماله الصالحة.

وضفا: طال يشير إلى كثرة ذلك.

وثم: بفتح الثاء بمعنى هناك: أي دفن في ذلك التراب زهد ظاهر الصدق، لم يكن عن رياء ولا تصنع.

وجلا: بمعنى كشف (2).

وقال رحمه الله في باب الإدغام الصغير ذكر ذال إذ:

نعم إذ تمشت زينب صال دلها

سمي جمال واصلا من توصلا

فإظهارها أجرى دوام نسيمها

وأظهر ريا قوله واصف جلا (3)

قال الموصلي في شرحه: " نعم: حرف إيجاب لتقرير ما سبق. وإذ: ظرف فعل مقدر؛ كأن سائلا يستدعي الوفاء بما وعد، فقال نعم أذكر كما وعدت لك. تمشت: من المشي.

(1) حرز الأماني: 12.

(2)

إبراز المعاني لأبي شامة: 92.

(3)

حرز الأماني: 21.

ص: 267

صال: من الصول بمعنى الغلبة.

الدل: بمعنى الدلال وهو الاختيال والتكبر.

السمي: الرفيع من السمو (1).

وقال الجعبري: " نعم لتقرير الخبر وجواب الاستخبار، وهو هنا جواب عن سؤال مقدر؛ كأنه قيل: أين ما وعدت من ذكر الألفاظ. فقال نعم: وهذه الصناعة تسمى في الاصطلاح التورية والإيهام، وهو أن يحتمل الكلام معنيين؛ أحدهما أظهر، ومقصود الشاعر الأخفى، ومنه قول أبي بكر رضي الله عنه لما سئل عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهو معه، وقد خاف عليه، قال: " رجل يهديني السبيل ".

وقد عني بزينب هنا ما عناه في قوله شفا.

يقول: وقت مشي هذه المحبوبة، استطالت تدللا بحسنها البديع، على محبيها واختيارا لدعواهم، ووصلت المحب الصادق للولاء، الذي توصل إليها بانقياده لأوامرها وانكساره لسلطانها، ويفهم منه هجرها لمن عصا أمرها وقاوم سلطانها، وفضح الاختبار دعواه " (2)، ثم قال في شرح البيت الثاني: " يقول إظهار هذه المليحة التمشي المقارن للدلل آثار طيبة دائمة كالنسيم، وأفاح مادحها شذا السر المكتوم " (3).

قال الموصلي: " النسيم الريح الطيبة.

والريا: الرائحة الطيبة " (4).

قال أبو شامة: " أظهر بقوله ذلك ثناء عطرا، وما أظهرته من الجمال والزينة أجرى دوام نسيمها "(5).

ومن ذلك قوله:

وقد سحبت ذيلا ضفا ظل زرنب

جلته صباه شائقا ومعللا (6)

(1) شرح شعلة: 154.

(2)

كنز المعاني للجعبري مخطوط لوحة: 205.

(3)

كنز المعاني للجعبري مخطوط لوحة: 205.

(4)

شرح شعلة: 155.

(5)

إبراز المعاني: 186.

(6)

حرز الأماني: 21.

ص: 268

قال الموصلي: " السحب: جر الذيل.

ضفا: طال.

الزرنب: شجر طيب الرائحة.

الصبا: نوع من الرياح.

المعلل: اسم فاعل من العلل، وهو السقي مرة بعد أخرى " (1).

قال أبو شامة: " يعني أن طيب ريح ذيلها كف عن طيب الزرنب، وأبان محله، كأنه إذا شم الزرنب تذكر به ريح ذيلها، فيظل الزرنب شائقا ومعللا "(2).

ومن ذلك قوله:

وأبدت سنا ثغر صفت زرق ظلمه

جمعن ورودا باردا عطر الطلا (3)

قال الموصلي في شرحه: " السنا: الضوء.

الثغر: ما تقدم من الأسنان.

الزرق: جمع الأزرق، يوصف الماء به لكثرة صفائه.

الظلم: ماء الأسنان وبريقها.

العطر: الطيب الرائحة.

الطلا: ما طبخ من عصير العنب، حتى ذهب ثلثاه، ويسمى به الخمر أيضا " (4).

ومن ذلك قوله:

ولا خلف في الإدغام إذ ذل ظالم

وقد تيمت دعد وسيما تبتلا

وقامت تريه دمية طيب وصفها

وقل بل وهل رآها لبيب ويعقلا (5)

(1) شرح شعلة: 156.

(2)

إبراز المعاني: 187.

(3)

حرز الأماني: 22.

(4)

شرح شعلة: 158.

(5)

حرز الأماني: 23.

ص: 269

قال الموصلي في شرحه: " التتيم: العشق.

دعد: اسم امرأة.

الوسيم: الحسن الوجه.

التبتل: الانقطاع.

والمعنى: لا خلاف في وجوب ستر المحبة، لما ذل الظالم الذي أغشى، وقد تيمت دعد الصب المحب الوسيم الوجه المتبتل عن الخلق، ثم قال: والدمية: الصورة من العاج، عني بها امرأة اللبيب العاقل، والمعنى: قامت دمية تري العاشق الوسيم طيب وصفها، وقل أيها المخاطب: بل الأمر فوق ذلك، وهل رآها عاقل فيبقى له عقل " (1).

ومن ذلك قوله في فرش سورة البقرة: " ونقل قرآن والقرآن دواؤنا "(2).

قال أبو شامة في شرحه لهذا البيت: " ما أحلى هذا اللفظ حيث كان موجها؛ أي ذو وجهين، حصل منه بيان القراءة بنقل حركة الهمزة لابن كثير، وظاهره أن نقل القرآن، وهو قراءته وتلاوته وتعليمه، دواء لمن استعمله مخلص من أمراض المعاصي (3) قال النبي صلى الله عليه وسلم:«خيركم من تعلم القرآن وعلمه (4)»

ومن ذلك قوله في باب مخارج الحروف:

أهاع حشا غاو خلا قارئ كما

جرى شرط يسرى ضارع لاح نوفلا

رعى طهر دين تمه ظل ذي ثنا

صفا سجل زهد في وجوه بني ملا (5)

قال الموصلي في شرحه: " أهاع أفزع، من هاع يهيع إذا جبن، ومنه الهاع للجبان.

(1) شرح شعلة: 163، 164.

(2)

حرز الأماني: 40.

(3)

إبراز المعاني: 357.

(4)

أخرجه البخاري في صحيحه في كتاب فضائل القرآن، باب خيركم من تعلم القرآن: 9/ 74 من فتح الباري.

(5)

حرز الأماني: 92.

ص: 270

الحشا: ما انضمت عليه الضلوع.

الغاوي: الضال.

الخلا: الكلأ، وهو الحشيش يكني به عن طيب الحديث ولطف الكلام.

الضارع: الخاشع.

النوفل: الكثير العطاء، أو البحر.

تمه: أي أتمه يقال تم الله نعمه عليك، وأتم.

ثنا: مقصور الثناء، وهو المدح.

صفا: فعل متعد، بمعنى أخذ صفوته، من صفوت القدر.

السجل: الدلو العظيمة فيها ماء.

وجوه القوم: أشرافهم، وكذلك الملأ هم الأشراف.

يقول: أفزع حسن قراءة القارئ الخاشع، حشا الضال الغاوي، وهكذا جرى شرط قراءة من كان ضارعا خاشعا، من نعمته أن يظهر كثير العطاء، واسع الفيض والحياء، وأن ييسر السامعين لليسرى والإحسان، ويسهل عليهم البر والامتنان، وكذلك حفظ هذا القارئ طهارة دين أتم ذلك الدين، ظل أي إرشاد شيخ ذي ثناء، أخذ صفوة وعاء الزهد، وهو الزاهد حال كون ذلك الشيخ في كرام أبناء أشراف عظام، يعني كمل طهارة دين القارئ، ونظافة باطنه، شيخه المستحق للثناء والحمد على أصناف الشرف وأنواع المجد، والمتخذ خلاصة الزهادة، وصفوة التجرد للعبادة، من كونه متصفا بالحب المنيف، منتسبا إلى النسب الشريف " (1).

واستمع إليه يختم أبيات هذه القصيدة بقوله:

وقد وفق الله الكريم بمنه

لإكمالها حسناء ميمونة الجلا (2)

قال الموصلي في شرحه: " المن: الإنعام.

(1) شرح شعلة: 642.

(2)

حرز الأماني: 93.

ص: 271

ميمونة الجلا: مباركة البروز.

يعني: وفق الله الكريم، بإنعامه العميم، منشئ هذه القصيدة لإتمامها واتساق نظامها، حال كونها عروسا حسناء مباركة البروز والجلاء، من يتعلمها ينال منها ميامن وبركات، ولو لم تكن إلا كثرة الفوائد والنكات " (1).

قال أبو شامة عند شرحه لهذا البيت: " وصدق رضي الله عنه؛ فإن بركاتها عمت، ولو لم يكن إلا كثرة الفوائد الحاصلة من ناظمها "(2).

وقوله رحمه الله:

وقد كسيت منها المعاني عناية

كما عريت عن كل عوراء مفصلا (3)

قال الموصلي في شرحه: " يقول أعتني بمعاني هذه القصيدة، وقد كسيت عناية، فجاءت شريفة المعاني لطيفة المباني، وعريت مفاصلها؛ أي قوافيها أو جميع أجزائها، عن كل كلمة عوراء، وعبارة شنعاء، تعيب معانيها، أو تقبح ألفاظها ومبانيها، ومقابلة الكسور بالعري من لطيف الصنائع "(4).

قال أبو شامة: " جعلها عروسا حسناء، ميمونة الجلوة، منزهة المفاصل عن العيوب، على طولها وصعوبة مسلكها، وغيره ينظم أرجوزة، يعنى على قواف شتى، فيضطره النظم إلى أن يأتي في قوافيها ومقاطعها وأجزائها بما تمجه الأسماع "(5).

وبعد: فهذا غيض من فيض معانيها، ولو أطلق للقلم عنانه في خوض غمار بحرها الطويل - لاحتاج ذلك إلى وقت غير يسير ولعاد بعد كل ذلك وهو حسير.

(1) شرح شعلة: 648.

(2)

إبراز المعاني: 756.

(3)

حرز الأماني: 93.

(4)

شرح شعلة: 648.

(5)

إبراز المعاني: 756.

ص: 272

ولما رأى العلماء حسن نظمها- وقفوا أمام معانيها مشدودين، وعن محاكاتها عاجزين، لهجت ألسنتهم بالثناء العطر عليها وعلى مؤلفها.

قال أبو شامة: " وهي أول مصنف وجيز، يعني الشاطبية، حفظته بعد الكتاب العزيز، وذلك قبل بلوغ الحلم وجريان القلم، ولم أزل، من ذلك إلى الآن، طالبا إتقان معرفة ما احتوت عليه من المعاني، وإبراز ما أودع في ذلك الحرز من الأماني، وكل حين ينفتح لي من فوائدها باب، ومن معانيها ما لم يكن في حساب "(1).

وقال ابن خلكان في وصف حرز الأماني: " أبو القاسم الشاطبي صاحب القصيدة التي سماها "حرز الأماني ووجه التهاني " في القراءات، وعدتها ألف ومائة وثلاثة وسبعون بيتا، ولقد أبدع فيها كل الإبداع، وهي عمدة قراء هذا الزمان في نقلهم، فقل من يشتغل بالقراءات إلا ويقدم حفظها ومعرفتها، وهي مشتملة على رموز عجيبة وإشارات خفية لطيفة، وما أظنها سبق أسلوبها "(2).

وقال عنها الحافظ ابن كثير: " لم يسبق إليها، ولا يلحق فيها، وفيها من الرموز كنوز لا يهتدي إليها إلا كل ناقد بصير "(3).

وقال الحافظ الذهبي عنها، وعن العقيلة الآتي ذكرها:" وقد سارت الركبان بقصيدته، حرز الأماني، وعقيلة أتراب القصائد اللتين في القراءات والرسم، وحفظهما خلق لا يحصون، وخضع لهما فحول الشعراء، وكبار البلغاء، وحذاق القراء، ولقد أودع وأوجز وسهل الصعب "(4).

وقال صلاح الدين الصفدي، عن حرز الأماني والعقلية:" وقصيدتاه في القراءات والرسم، تدلان على تبحره، وقد سارت بهما الركبان، وخضع لهما فحول الشعراء "(5).

(1) إبراز المعاني لأبي شامة: 8.

(2)

وفيات الأعيان 4/ 71.

(3)

البداية والنهاية، ابن كثير: 13/ 11.

(4)

معرفة القرء الكبار للذهبي 2/ 457، 458.

(5)

نكت الهميان: 228.

ص: 273

وقال ابن الجزري، عن حرز الأماني:" ومن وقف على قصيدته - علم مقدار ما آتاه الله في ذلك، خصوصا اللامية، التي عجز البلغاء من بعده عن معارضتها؛ فإنه لا يعرف مقدارها، إلا من نظم على منوالها، أو قابل بينها وبين ما نظم على طريقها "(1).

ونقل القسطلاني، عن بعضهم، أنه قال في الحرز:" لقد أحرز على القراء ما كان شارحا بحرز الأماني، وهنأهم بنيل مقصودهم بوجه التهاني؛ فيالها من تهنئة شرفت بها النفوس، وزكت واهتزت طربا عند سماعها، وسمت وألحقت الصغار بالكبار في حفظ مذاهب القراء أئمة الأعصار! فالشكر لله على هذه المنة "(2).

وقال ابن الجزري، عن الحرز أيضا: " ولقد رزق هذا الكتاب من الشهرة والقبول، ما لا أعلمه لكتاب غيره في هذا الفن، بل أكاد أقول: ولا في غير هذا الفن؛ فإنني لا أحسب أن بلدا من بلاد الإسلام يخلو منه، بل لا أظن أن بيت طالب علم يخلو من نسخة به، ولقد تنافس الناس فيها، ورغبوا من اقتناء النسخ الصحاح بها إلى غاية، حتى إنه كانت عندي نسخة جامعة للامية، بخط الحجيج صاحب السخاوي، مجلدة فأعطيت بوزنها فضة فلم أقبل.

ولقد بالغ الناس في التغالي فيها، وأخذ أقوالها مسلمة، واعتبار ألفاظها منطوقا ومفهوما، حتى خرجوا بذلك عن حد أن تكون لغير معصوم، وتجاوز بعضهم الحد فزعم أن ما فيها هو القراءات السبع، وأن ما عدى ذلك شاذ لا تجوز القراءة به " (3).

قال الجعبري، في مدح حرز الأماني:

إذا ما رمت نقل السبعة الزم

لتظفر بالتي حرز الأماني

جزى الله المصنف كل خير

بما أسداه في وجه التهاني

(1) غاية النهاية: 2/ 22.

(2)

فتح المواهبي مخطوط لوحة: 2/ 24.

(3)

غاية النهاية: 2/ 22.

ص: 274

بألفاظ حكت درا نضيدا

وقد نادت فلبتها المعاني

حلا فيها الطويل ولذ سمعا

فعد عن المثلث والمثاني

وقل في روضة فاحت عبيرا

وخل بمنزل خير المغاني (1)

ونقل القسطلاني مدائح، قيلت في وصف حرز الأماني؛ منها:

جلا الرعيني لنا مبدعا

عروسته بالحسن وياما جلا

لو رامها مبتكر غيره

قالت قوافيها له الكل لا (2)

ونقل القسطلاني عن شيخه الزين الهيثمي من نظمه:

لله در الشاطبي الذي

أهدى لنا الدر بنظم غلا

قصيدة جلت عن الشعر بل

عروس حسن قد غدت تجتلى

حرز الأماني أحرزت للمنى

وجه التهاني فأهنها مقبلا

يقول من ذاق جنى شهدها

لله ما أعذب ما أنهلا

تكاد أن تغدو له آية

تعجز من قد رام أو مثلا

فلو يشاء مبتكر مثلها

قالت قوافيها له الكل لا (3)

وذكر القسطلاني أنه كتب إليه الشيخ أبو البقاء الأحمدي في مدح الحرز:

أكرم بحبر قد علا للعلا

لما حوى العلم عليهم علا

هو الإمام الشاطبي الذي

أبدى نظاما معجزا للملا

من ذا يضاهيه وقد خصه

باريه من إحسانه بالولا

جلا علينا خودة أبدعت

في حسنها يا حسن ما قد جلا

في جيدها عقد نفيس به

جواهر منظومة للحلا

في سلك نور سره قد سرى

فما ترى منه مكانا خلا

منطقها يثني به سامع

وكلما كرره قد حلا

أبياتها شامخة أحكمت

تحكي قصور الفرس يا من تلا

(1) كنز المعاني لوحة: 11.

(2)

فتح المواهبي لوحة: 2/ 26.

(3)

فتح المواهبي لوحة: 26 / ب.

ص: 275

من رام أن يحكي نظامها

قالت له أبياتها الكل لا (1)

وذكر أيضا أنه كتب إليه الأديب أبو الفتح الرسام، من قصيدة له يقول فيها:

فهو الإمام القاسم الحبر الذي

أضحى بصيرا بالهدى وأصوله

كنز الفضائل والأفاضل مطلب

القراء مغني الجمع من محصوله

قطب عليه مدار كل مجود

للذكر مبدي السر في تنزيله

أهدى لنا حرز الأماني عندنا

كان المنى أن نهتدي لسبيله

فلذا تقلدها بدر قريضها

وبها كسانا فضله بجميله

من قال هل تأتي الفصائح مثلها

كانت قوافيها الجواب لقيله

فالله يسكنه الجنان بفضله

وبحيزه الرضوان عند مقيله

ويحله غرفا جوار حبيبه

ونبيه وصفيه وخليله

صلى عليه مسلما رب العلا

والآل والصحب الكرام قبيله

أزكى صلاة يستمر دوامها

بالفيض في قصر الزمان وطوله (2)

ومن مؤلفاته أيضا:

2 -

قصيدته الرائية المسماة " عقيلة أتراب القصائد"، في بيان رسم المصاحف العثمانية، اختصر فيها كتاب المقنع لأبي عمرو الداني، وقد افتتحها بقوله:

الحمد لله موصولا كما أمرا

مباركا طيبا يستنزل الدررا

ذو الفضل والمن والإحسان خالقنا

رب العباد هو الله الذي قهرا

حي عليم قدير والكلام له

فرد سميع بصير ما أراد جرى

أحمده وهو أهل الحمد معتمدا

عليه معتصما بالله منتصرا

ثم الصلاة على محمد وعلى

أشياعه أبدا تندى ندا عطرا (3)

وقد ذكر الشاطبي، في قصيدته هذه، أنه نظم فيها ما في كتاب المقنع مع

(1) فتح المواهبي مخطوط لوحة: 27 / ب.

(2)

فتح المواهب مخطوط لوحة: 27 / أ.

(3)

عقيلة أتراب القصائد للشاطبي، ضمن مجموع إتحاف البررة ص:317.

ص: 276

إيراده لزيادات على ما في المقنع.

قال رحمه الله:

وهاك نظم الذي في مقنع عن أبي

عمرو فيه زيادات فطب عمرا (1)

وتقع هذه القصيدة في ثمانية وتسعين ومائتي بيت، قال رحمه الله:

تسعون مع مائتين مع ثمانية

أبياتها ينتظمن الدر والدررا (2)

وتقدم كلام العلماء في الثناء عليها:

- ناظمة الزهر في علم الفواصل:

نظم فيها تأليف الفضل بن شاذان، وابن عمار، وأبي عمرو الداني، في عد آي السور، وقد افتتحها بقوله:

بدأت بحمد الله ناظمة الزهر

لتجني بعون الله عينا من الزهر

وعذت بربي من شرور قضائه

ولذت به في السر والجهر من أمري

بحي مريد عالم متكلم

سميع بصير دائم قادر وتر

وبعد صلاة الله ثم سلامه

على خير مختار من المجد الغر (3)

وقد ذكر الشاطبي أن نظمه هذا تتبع به تأليف الفضل بن شاذان، وتأليف ابن عمار، وما جمعه أبو عمرو الداني في كتابه البيان في عد آي القرآن.

قال رحمه الله:

وقد ألفت في الآي كتب وإنني

لما ألف الفضل بن شاذان مستقري

ولكنني لم أسر إلا مظاهرا

بجمع ابن عمار وجمع أبي عمرو (4)

وتقع أبيات هذه القصيدة في سبعة وتسعين ومائتي بيت، قال رحمه الله تعالى:

وأبياتها تسعون مع مائتين قل

وزد سبعة تحكي اللجين مع الدر (5)

(1) العقيلة: 340.

(2)

العقيلة: 320.

(3)

ناظمة الزهر للإمام الشاطبي، ضمن مجموعة إتحاف البررة، 342.

(4)

ناظمة الزهد: 344.

(5)

ناظمة الزهر: 372.

ص: 277

ومن تآليفه رحمه الله:

4 -

قصيدة دالية تقع في خمسمائة بيت، نظم فيها كتاب التمهيد لابن عبد البر (1).

5 -

وله نظم في ظاءات القرآن.

يقول فيه:

ربت حظ للظلم غيظ عظيم

أظفر الظفر بالغليظ الظلوم

ويقع في أربعة أبيات (2).

6 -

وله نظم في موانع الصرف يقول فيه:

دعوا صرف جمع ليس بالفرد أشكلا

وفعلان فعلى ثم ذي الوصف أفعلا

وذي ألف التأنيث والعدل عدة

وأعجم في التعريف خص مطولا

وذي العدل والتركيب بالخف والذي

بوزن يخص الفعل أو غالب علا

وما ألف مع نون آخر زيدتا

وذي هاء وقف والمؤنث أثقلا (3)

والشاطبي شاعر تداعت له كل المعاني، فشكلها في قوالب كيف شاء، في غير ما تكلف، مع الوضوح والدقة، ولا أدل على ذلك من منظوماته في القراءات والرسم وعد الآي، وله رحمه الله شعر في غير ما تقدم من العلوم؛ من ذلك قوله:

بكى الناس قبلي لا كمثل مصائبي

بدمع مطيع كالسحاب الصوائب

وكنا جميعا ثم شتت شملنا

تفرق أهواء عراض المواكب

وكانت بقايا من قلوب فأصبحت

أيادي ما بين اختلاف الركائب

وقد كان حلم القوم طلب جهلهم

فما ضاع الحلم حشو الحبائب (4)

وتقع هذه الأبيات في ثمانية عشر بيتا، وهي في الحض على التمسك بالدين وبالقرآن، وبيان شرف أهله.

ومن شعره رحمه الله قوله:

يلومونني إذا ما وجدت ملائما

ومالي مليم حين سمت الأكارما

(1) وفيات الأعيان ابن خلكان: 4/ 71. كنز المعاني شرح حرز الأماني للجعبري مخطوط لوحة: 10.

(2)

كنز المعاني للجعبري مخطوط لوحة: 10، فتح المواهبي للقسطلاني مخطوط لوحة: 28 / ب.

(3)

كنز المعاني للجعبري لوحة 10.

(4)

كنز المعاني للجعبري مخطوط لوحة: 10، نكت الهميان للصفدي 229، فتح المواهبي لوحة: 29 / ب.

ص: 278

وقالوا تعلم للعلوم نفاقها

بسحر نفاق يستفز العزائما

ولا بد من مال به العلم يعتلى

وجاه من الدنيا يكف المظالما

ودونك يا من لا يرى النصح ذلة

ستوسع فيك الشامتين المراجما

وكم زفرة تحت الضلوع يهيجها

حكيم يبيع العلم بالجور حاكما (1)

وتقع هذه الأبيات في ستة وثلاثين بيتا، وهي في الحض على طلب العلم، والالتجاء إلى الله سبحانه وتعالى.

وذكر التلمساني في نفح الطيب أن الأمير عز الدين موسك، الذي كان والد ابن الحاجب حاجبا له، بعث إلى الشاطبي يدعوه للحضور عنده، فأمر الشيخ بعض أصحابه أن يكتب إلى الأمير:

قل للأمير نصيحة

لا تركنن إلى فقيه

إن الفقيه إذا أتى

أبوابكم لا خير فيه (2)

ومن شعره رحمه الله:

خالطت أبناء الزمان فلم أجد

من لم أرم منه ارتيادي مخلص

رد الشباب وقد مضى لسبيله

أهيا وأمكن من صديق مخلص (3)

وكان رحمه الله يتمثل بهذه الأبيات الكثيرة، وهي لغز في وصف النعش:

أتعرف شيئا في السماء يطير

إذا سار صاح الناس حيث يسير

فتلقاه مركوبا وتلقاه راكبا

وكل أمير يعتليه أسير

يحض على التقوى ويكره قربه

وتنفر منه النفس وهو نذير

ولم يستزر عن رغبة في زيارة

ولكن على رغم المزور يزور (4)

رحم الله الشاطبي، المقرئ الفقيه النحوي الأديب الشاعر، إنه كريم جواد.

(1) كنز المعاني للجعبري مخطوط لوحة: 10، فتح المواهبي: 20 / أ.

(2)

طبقات الشافعية للسبكي: 7/ 272، نفح الطيب للمقري: 2/ 23.

(3)

نفح الطيب للمقري: 2/ 23.

(4)

وفيات الأعيان ابن خلكان: 4/ 72.

ص: 279