الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الخاتمة وأهم النتائج
:
- إن موضوع القراءات ما زال يحتاج إلى عناية واهتمام، في نواح أخرى، مثل علاقة الرسم القرآني بالقراءات، دراسة قواعد اللغة على ضوء القراءات القرآنية، تحرير القراءات المتواترة والشاذة، الاختلافات العقدية والفقهية، وعلاقة ذلك بالقراءات وغيرها من الأبحاث.
إن الاختلاف في تعريف القراءات كان مدخلا لأولئك المستشرقين في الطعن بالدين، فقد عزت بعض التعريفات لموضوع القراءات بأنها مذهب يذهب إليه القارئ، فقد أوحى هذا أن مصدر القراءة هو القارئ وليس وحي السماء.
وقد أسهم نقد الطاعنين من المفسرين في القراءات في تطاول المستشرقين على القراءات؛ فقد رمى الطاعنون القراء بأنهم قرءوا قراءات من عند أنفسهم، بل زادوا حرفا وكتبوه في المصحف، بل يصفون القراء السبعة مثل: ابن عامر بأنه لحن، كما وصفوا نافعا بأنه لا يدري ما العربية، ولا كلام العرب الفصيح، بل اتهموه بأنه قد زادها الكاتب حرفا من عند نفسه، أليست هذه الأقوال هي مثل قول جولد زيهر:" إن كل امرئ يستطيع وضع النص أو قراءته على وجه يؤيد بدعته ونحلته "؟.
- إن الركن الوحيد الذي لا ثاني له هو تواتر السند، فلا يكون ما تواتر سنده مخالفا رسما ولا مخالفا لغة؛ إذ القراءة حجة على اللغة، وليست اللغة مقياسا لصحة القراءة القرآنية.
- بدأت بذكر الطاعنين في القراءات، ثم المرجحين، ثم المدافعين، وهو ترتيب منطقي، فالمدافع عن القراءات يرد على الطاعنين، كما يرد على المرجحين بين القراءات.
فإذا تواترت القراءتان فليست إحداهما أولى بالصحة من الأخرى، وكما قيل كلاهما عندنا في الصحة مخرج، فلا وجه لقول قائل أيهما أولى بالصحة.
وعلاوة على ردهم على المرجحين، فقد ردوا ما هو أعظم بلاء؛ ألا وهو الطعن في القراءات. وعلى هذا فلا يتصور ذكر المدافعين إلا بعد أهل الترجيح والطعن؛ لذا بدأنا بما يترتب عليه وجود الآخر، فلولا الطاعن ما عرف المدافع.
وعلى العموم، فهناك تداخل بين الطاعنين والمرجحين والمدافعين، فليس الطاعن بالقراءة يطعن في كل قراءة، بل قد يكون مرجحا أو مساويا، كما أن المرجح ليس بمرجح دوما، بل قد يكون مدافعا، فليس بمرجح فضلا أن يطعن بالقراءة.
وما من شك أن الدفاع عن القراءات هو الموقف الأمثل، بل الصحيح الذي لا يصح سواه؛ فالقراءات كلها سواء، وكلها صحيح، أو كما يقولون قراءتان حسنتان، أما الترجيح فيعود ترجيح كل واحد إلى ما يتراءى له من وجوه المعاني؛ لذا نجد مفسرا يرجح قراءة، والآخر يرجح سواها.
وما ذلك إلا لأن كل واحد منهما قد ظهر له من المعاني ما لم يظهر للآخر.
فالناظر إلى القراءات القرآنية تتراءى له معان كثيرة ومختلفة، كما تتراءى للناظر إلى قطعة من الماس ألوان مختلفة ومتعددة بتعدد ما فيها من زوايا وأضلاع، ومختلفة باختلاف ما يكون عليه الناظر، وما عليه قطعة الماس من الأوضاع، هكذا بدت هذه النظرة في القراءات حين نرى مفسرا يرجح وجها واصفا إياه بأنه الأفضل، ويرجح آخر عكس ما رجح، ولكن الحقيقة واحدة، والقراءتان فيهما من الحسن ما فيهما.
والله أعلم، وهو الهادي إلى سواء السبيل.