الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
النص المحقق
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم.
أما بعد:
فقد (1) سألت رحمنا الله وإياك (2): هل ثبت في نصاب الجمعة نص (3) فتقف الصحة عليه (4).
أم لم يصح في ذلك شيء (5) فتكون في جمع غير موقوف على عدد، حيث لا دليل على تعيين على عدد؟
فكتبت ذلك ما يسره الله، وسميته: الطريق الوسط في بيان عدد الجمعة المشترط.
فأقول - وبالله التوفيق، وإياه أسأل الهداية إلى أقوم طريق: أعلم (6) أولا (7)، أن الجمعة واجبة بالكتاب والسنة والإجماع:
أما الكتاب فقوله تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ} (8) الآية (9). ووجه الدلالة من الآية: أنه تعالى أمر بالسعي، ومقتضى الأمر الوجوب، ولا يجب السعي إلا إلى واجب، قاله الشيخ موفق الدين بن قدامة (10)، (11).
(1) من هنا تبدأ نسخة (ط).
(2)
(ط): سئل الشيخ سليمان بن الشيخ عبد الله بن الشيخ محمد رحمهم الله تعالى.
(3)
(ط) في العدد المعتبر للجمعة نص.
(4)
ما بينهما ساقط من (ط).
(5)
(ط) شيء إلخ.
(6)
(ط): فأجاب أعلم.
(7)
(ط): أولا ساقطة.
(8)
سورة الجمعة الآية 9
(9)
الآية ليست في (طـ).
(10)
أبو محمد عبد الله بن أحمد بن قدامة المقدسي، فقيه أصولي محدث. ت620. تاريخ ابن رجب 2/ 133.
(11)
ابن قدامة، المغني شرح مختصر الخرقي 2/ 295.
وأما السنة: فالأحاديث طافحة بذلك. منها: ما روى مسلم في صحيحه، عن ابن مسعود رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لقوم يتخلفون عن الجمعة:«لقد هممت أن آمر رجلا يصلي بالناس ثم أحرق على رجال يتخلفون عن الجمعة بيوتهم (1)» .
وعن أبي هريرة، وابن عمر، أنهما سمعا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:«لينتهين أقوام عن ودعهم الجمعات أو ليختمن الله على قلوبهم، ثم ليكونن من الغافلين (2)» رواه مسلم وابن ماجه.
وعن أبي الجعد الضمري - وكانت له صحبة - عن النبي صلى الله عليه وسلم: «من ترك ثلاث جمع تهاونا بها طبع الله على قلبه (3)» رواه أحمد، وأبو داود، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه، وابن خزيمة، / وابن حبان في صحيحيهما، والحاكم [1 / أ]، وقال: صحيح على شرط مسلم.
وفي رواية لابن خزيمة، وابن حبان «من ترك الجمعة ثلاثا من غير عذر فهو منافق (4)» إلى غير ذلك من الأحاديث.
وأما الإجماع: فأجمع المسلمون على وجوب الجمعة في الجملة.
فثبت بعموم الآية والأحاديث والإجماع: وجوب الجمعة على كل أحد، فمن أراد إخراج أحد - عن وجوبها عليه - من هذه العمومات فعليه إقامة
(1) مسلم في الصحيح رقم 652 وأخرجه أحمد المسند 1/ 402، 422، 450، 461.
(2)
مسلم في الصحيح رقم 5/ 86، وابن ماجه في السنن رقم 778، وأخرجه النسائي في المجتبى 3/ 88، وكتاب الجمعة رقم 8، وأحمد في المسند 1/ 239، 254، 335، والدارمي في السنن رقم 1578، وابن خزيمة في الصحيح رقم 1855، وابن حبان في الصحيح رقم 2785.
(3)
أحمد في المسند 3/ 424، 425، وأبو داود في السنن رقم 1052، والترمذي في الجامع رقم 500، وقال: حديث حسن، والنسائي في المجتبى 3/ 88 وكتاب الجمعة رقم 5، وابن ماجه في السنن رقم 1112، وابن خزيمة في الصحيح رقم 1858، وابن حبان في الصحيح 1/ 237، 4/ 198، والحاكم في المستدرك 1/ 280 وصححه، وأقره الذهبي، وذكره الألباني في صحيح الجامع رقم 6019.
(4)
ابن خزيمة في الصحيح رقم 1857 وابن حبان في الصحيح 4/ 198، وأخرجه ابن أبي شيبة في المصنف 2/ 154 والحاكم في المستدرك 1/ 292 ووافقه الذهبي، وللرواية الأولى شاهد من حديث جابر، أخرجه ابن ماجه في السنن رقم 1113 والحاكم في المستدرك 1/ 292 ووافقه الذهبي، والنسائي في كتاب الجمعة رقم 6، وأحمد في المسند 3/ 332، وابن خزيمة في الصحيح رقم 1856 قال الهيثمي في مجمع الزوائد 5/ 192: إسناده حسن
الدليل، وإلا فلا سمع ولا طاعة.
فمما خرج من العموم: المرأة، حكى ابن المنذر (1) الإجماع أنها لا تجب عليها (2). والعبد، والصبي، والمريض، ومن في معناه، ممن له عذر عن حضور الجمعة.
والأصل في ذلك: ما رواه أبو داود، حيث قال: حدثنا عباس بن عبد العظيم (3)، حدثني إسحاق بن منصور (4)، حدثنا هريم (5)، عن إبراهيم بن محمد بن المنتشر، عن قيس بن مسلم (6)، عن طارق بن شهاب، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«الجمعة حق واجب على كل مسلم في جماعة إلا أربعة: عبد مملوك، أو امرأة، أو صبي، أو مريض (7)» ، وأخرجه الدارقطني، عن علي بن محمد بن عقبة الشيباني، عن إبراهيم بن إسحاق بن أبي العنبس، عن إسحاق بن منصور (8).
وأعله ابن حزم بهريم، وقال: إنه مجهول (9)، وما أبعده ودعواه عن الصواب فكيف يكون مجهولا من روى عن الأعمش، وإسماعيل بن أبي خالد (10)، وسعيد بن أبي عروبة وطائفة.
(1) أبو بكر، محمد بن إبراهيم بن المنذر النيسابوري: حافظ فقيه ت 318 تذكرة الحفاظ 3/ 782.
(2)
ابن المنذر، كتاب الإجماع، مسألة رقم 52.
(3)
أبو الفضل بن إسماعيل العنبري البصري، ثقة حافظ ت240 تقريب التهذيب 293.
(4)
أبو يعقوب، بهرام الكوسج، التميمي المروزي، ثقة ثبت ت251 تقريب 103.
(5)
أبو محمد بن سفيان البجلي الكوفي، صدوق من كبار التاسعة تقريب 571.
(6)
أبو عمرو، الجدلي الكوفي، ثقة رمي بالإرجاء ت120 تقريب 458.
(7)
أبو داود في السنن رقم 1067.
(8)
الدارقطني في السنن 2/ 3.
(9)
ابن حزم، المحلى 5/ 73.
(10)
الأحمسي مولاهم، البجلي، ثقة ثبت ت146 تقريب 107.
وروى عنه (1): إسحاق بن منصور، والسلولي (2) وأحمد بن يونس (3)، والأسود بن عامر (4)، وأبو نعيم (5)، وغيرهم من الثقات.
ووثقه يحيى بن معين، وأبو حاتم، وابن حبان (6)، وغيرهم (7). وقال عثمان بن أبي شيبة: هو صدوق ثبت. وأخرج له البخاري ومسلم في صحيحيهما، وبقية أهل السنن (8). فكيف يكون مجهولا ولكن هذه عادة ابن حزم، إذا لم يعرف الرجل زعم أنه مجهول، وقد يكون معروفا مشهورا ثقة عند غيره، وله من ذلك أشياء / كثيرة.
[1 / ب]
وأخرجه الحاكم، عن أبي بكر بن إسحاق، عن عبيد بن محمد، عن عباس بن عبد العظيم، بإسناد أبي داود، عن طارق، عن أبي موسى الأشعري. وقال: حديث صحيح على شرط الشيخين.
قال: وطارق بن شهاب ممن يعد في الصحابة (9). قال أبو داود: وطارق بن شهاب قد رأى النبي صلى الله عليه وسلم ولم يسمع منه شيئا (10).
قال الحافظ بن حجر: رأى النبي صلى الله عليه وسلم وهو رجل، وقال أيضا: إذا ثبت أنه لقي النبي صلى الله عليه وسلم فهو صحابي على الراجح. وإذا ثبت أنه لم يسمع منه فروايته عنه مرسل صحابي، وهو مقبول على الراجح (11).
قلت: لم يثبت - فيما علمناه - أنه لم يسمع من النبي صلى الله عليه وسلم شيئا، بل إذا ثبت أنه رآه وهو رجل فالظاهر أنه قد سمع منه؛ إذ يبعد ألا يسمع منه ولو
(1) الأصل عن تحريف.
(2)
أبو كبشة، الشامي، ثقة من الثانية. تقريب 668.
(3)
أحمد بن عبد الله بن يونس بن عبد الله بن قيس التميمي اليربوعي، الكوفي، ثقة حافظ ت 227، تقريب 81.
(4)
أبو عبد الرحمن، الشامي، يلقب شاذان، ثقة. ت سنة ثمان ومائتين. تقريب 111.
(5)
أحمد بن عبد الله بن أحمد الأصبهاني، حافظ فقيه، ثقة ت 430 تذكرة الحفاظ 3/ 1092.
(6)
(ط): وأبو حاتم بن حبان. تحريف.
(7)
(ط): وغيرها. تحريف.
(8)
ابن حجر، تهذيب التهذيب 11/ 30.
(9)
الحاكم في المستدرك 1/ 288.
(10)
سنن أبي داود 1/ 644.
(11)
ابن حجر، الإصابة في تميز الصحابة 2/ 220.
كلمة مع رؤيته له. وقد أخرج له النسائي (1) عدة أحاديث، وذلك مصير (2) منه إلى إثبات صحبته.
ومما خرج من العمومات أيضا المسافر، في قول أكثر أهل العلم؛ لما روى البيهقي بإسناده عن تميم الداري، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«الجمعة واجبة إلا على صبي أو مملوك أو مسافر (3)» وأخرج الدارقطني من طريق ابن لهيعة - وهو ضعيف - عن معاذ بن محمد الأنصاري، وهو مجهول (4)، عن أبي الزبير، عن جابر: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فعليه الجمعة يوم الجمعة، إلا على مريض أو امرأة أو مسافر أو صبي أو مملوك (5)» الحديث.
وأخرج البيهقي عن ابن عمر، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:«الجمعة واجبة إلا على ما ملكت أيمانكم وذي علة (6)» ، وفي إسناده نظر. وأخرج الدارقطني، من طريق عبد الله بن نافع (7) عن أبيه، عن ابن عمر مرفوعا:«لا جمعة على مسافر (8)» ، وعبد الله ضعيف. وقد رواه
(1) الأصل: أخرج النسائي.
(2)
الأصل: يصير. تحريف.
(3)
السنن الكبرى 3/ 183، وأخرجه الطبراني في الكبير رقم 1257، والعقيلي في الضعفاء 2/ 222، وفيه ضرار بن عمرو الملطي وهو ضعيف كما في مجمع الزوائد 2/ 170، وقال أبو زرعة: هذا حديث منكر. علل الحديث للرازي 1/ 212.
(4)
قاله ابن المديني - رحمه الله تعالى - كما في ميزان الاعتدال 4/ 44.
(5)
الدارقطني في السنن 2/ 3، وأخرجه البيهقي في السنن 3/ 184، قال ابن حجر في الدراية 1/ 216: وإسناده ضعيف.
(6)
البيهقي في السنن الكبرى 3/ 184، وأخرجه الطبراني كما في مجمع الزوائد 2/ 170، وقال الهيثمي وأبو البلاد قال أبو حاتم: لا يحتج به.
(7)
مولى ابن عمر المديني، ضعيف ت 154 تقريب 326.
(8)
الدارقطني في السنن 2/ 4، وأخرجه البيهقي في السنن الكبرى 3/ 184.
عبيد الله بن عمر (1)، عن نافع، فوقفه، وهو الصحيح (2).
ولأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يسافر ولا يصلي الجمعة في سفره، وكان في حجة الوداع - يوم عرفة - يوم جمعة، فصلى الظهر والعصر، جمع بينهما ولم يصل الجمعة.
والخلفاء الراشدون كانوا يسافرون في الحج وغيره؛ فلم يصل أحد منهم الجمعة في سفره، وكذلك / غيرهم من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن بعدهم.
[2 / أ]
وهذا إجماع لا يجوز مخالفته (3).
واتفق المسلمون على اشتراط الجماعة لها، إلا شيئا يحكى عمن لا يعرف: أنها تجب على الواحد. حكاه في الفتح عن ابن حزم، أنه حكاه قولا لبعضهم (4).
قلت: وقد طالعت المحلى فلم أر هذا القول فيه. لكن قد روى ابن أبي شيبة، عن سفيان الثوري - في صورة ما إذا دخل في صلاة الجمعة ثم أحدث، ثم ذهب وتوضأ، ثم جاء فوجدهم قد صلوا - أنه يبني على ما مضى، ما لم يتكلم (5).
وهذا لا يدل على أنه يرى الجمعة على الواحد، وإنما أثبت له حكمها؛ لدخوله معهم أولا فيها، بدليل أنه لو تكلم لم يجب عليه جمعة.
والدليل على ذلك الكتاب والسنة.
(1) أبو عثمان بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب المدني، ثقة ثبت. ت بضع وأربعين ومائة. تقريب 372.
(2)
أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف 2/ 104.
(3)
جزم به ابن عبد البر في الاستذكار 2/ 298.
(4)
ابن حجر فتح الباري 2/ 423.
(5)
ابن أبي شيبة في المصنف 2/ 104.
أما الكتاب، فلقوله تعالى:{فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ} (1) بصيغة الجمع. فيدل على أنها لا تجب إلا على جماعة. كذا قيل!!.
وأما السنة: فطافحة بأنها لا تجب إلا على جماعة من طريقين: طريق الاستقراء، وطريق المفهوم.
أما الاستقراء: فأظهر من أن يذكر؛ لأنه لم ينقل أن النبي صلى الله عليه وسلم ولا أحدا من أصحابه ولا غيرهم (2) صلاها وحده، ولا أمر بها أحد.
وأما طريق المفهوم: ففي أحاديث، منها:
حديث طارق الذي تقدم، «الجمعة حق واجب على كل مسلم في جماعة (3)» الحديث. فمفهوم التقييد بالجماعة يقتضي أنها لا تجب إلا على جماعة.
(1) سورة الجمعة الآية 9
(2)
الأصل: ولا غيره، ولا غيرهم سهو من الناسخ.
(3)
سنن أبو داود الصلاة (1067).
ثم اختلف العلماء - بعد ذلك - في العدد المشترط لها، على أقوال:
القول الأول: أنها لا تنعقد إلا بحضور أربعين رجلا من أهل القرية.
ذكره في الشرح: عن عمر بن عبد العزيز، وعبيد الله (1) بن عبد الله بن عتبة (2)، ومالك، والشافعي، وهو مذهب أحمد المشهور عنه (3).
القول الثاني: أنها لا تنعقد إلا بخمسين رجلا. ذكره ابن حزم عن عمر بن عبد العزيز (4)، وهو رواية عن أحمد (5) لما روى الدارقطني: حدثنا
(1)(ط) وعبد الله تحريف.
(2)
أبو عبد الله بن مسعود الهذلي أحد فقهاء المدينة السبعة، ثقة ثبت ت94 تقريب 372.
(3)
نقله الأثرم وإبراهيم بن الحارث كما في كتاب الروايتين للقاضي أبي يعلى 1/ 182.
(4)
ابن حزم المحلى بالآثار 5/ 68، وينظر المدونة 1/ 143.
(5)
نقلها محمد بن الحكم كما في كتاب الروايتين للقاضي 1/ 182.
محمد بن الحسن النقاش، حدثنا محمد بن عبد الرحمن السامي (1) والحسين بن إدريس، حدثنا / خالد بن الهياج، حدثني أبي، عن جعفر بن الزبير، عن القاسم، عن أبي أمامة، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«على الخمسين جمعة، ليس فيما دون ذلك» ، قال الدارقطني: جعفر بن الزبير متروك (2).
[2 / ب]
قلت: وشيخ الدارقطني أيضا متروك، وخالد بن الهياج متروك. وذكر الشيخ شمس الدين بن أبي عمر في شرح المقنع: أن الحافظ أبا بكر النجاد أخرجه عن عبد الملك الرقاشي، عن رجاء بن سلمة، عن عباد بن عباد، عن جعفر بن الزبير، بنحوه (3).
وأخرجه الدارقطني أيضا، من طريق آخر عن جعفر بن الزبير به دون قوله:«ليس فيما دون ذلك (4)» .
وبالجملة: فمداره على جعفر بن الزبير، وهو ساقط. وذكر ابن أبي عمر أيضا في الشرح عن الزهري، «عن أبي سلمة، قال: قلت لأبي هريرة: على كم تجب الجمعة من رجل؟ قال: لما بلغ أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم خمسين جمع بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم» . رواه النجاد (5).
هكذا ذكره ابن أبي عمر، ولم يذكر من دون الزهري؛ لينظر في إسناده، وهو باطل من غير جهة الإسناد؛ لأن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قد بلغوا أكثر من الخمسين وهم بمكة، ولم ينقل أن النبي صلى الله عليه وسلم جمع بهم. وهذا يدل على أنه غير صحيح.
القول الثالث: أنهم إذا كانوا ثلاثة والإمام رابعهم صلوا الجمعة،
(1)(ط): الشامي. تحريف.
(2)
سنن الدارقطني 2/ 4.
(3)
ابن أبي عمر، الشرح الكبير ا / 469.
(4)
الدارقطني في السنن 2/ 4، وأخرجه بهذه الزيادة الطبراني في الكبير رقم 7952، وابن عدي في الكامل 2/ 559، قال الهيثمي في مجمع الزوائد 2/ 176: وفيه جعفر بن الزبير صاحب القاسم، وهو ضعيف جدا.
(5)
ابن أبي عمر، الشرح الكبير 1/ 469.
وهو رواية عن أحمد، به قال أبو حنيفة، والليث بن سعد، وزفر، ومحمد بن الحسن (1)، (2).
واحتجوا في ذلك: بما رواه الدارقطني من طريق الوليد بن محمد الموقري، حدثنا الزهري، حدثتني أم عبد الله الدوسية، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الجمعة واجبة على كل قرية فيها إمام، وإن لم يكونوا إلا أربعة» .
قال الدارقطني: الوليد بن محمد متروك، ولا يصح هذا عن الزهري، كل ما رواه (3) عنه متروك (4).
وأخرجه أيضا من طريقين آخرين، عن الزهري قال ابن حزم - بعد أن بين أنه لا يصح الاحتجاج به من جهة إسناده -: وأيضا فإن أبا حنيفة أول من يخالف / هذا الخبر؛ لأنه لا يرى الجمعة في القرى، لكن في الأمصار فقط. [3 / أ].
وكل هذه آثار لا تصح، ثم لو صحت لما كان في شيء منها حجة؛ لأنه ليس في شيء منها إسقاط الجمعة عن أقل من العدد المذكور.
وقد روي حديث ساقط عن روح بن غطيف - وهو مجهول -: لما بلغوا مائتين جمع بهم النبي صلى الله عليه وسلم.
فإن أخذوا بالأكثر فهذا الخبر هو الأكثر، وإن أخذوا بالأقل فسنذكر إن شاء الله حديثا فيه أقل. انتهى (5).
(1)(ط) الحسين. تحريف.
(2)
ينظر: فتح القدير لابن الهمام 2/ 60.
(3)
في السنن من.
(4)
الدارقطني في السنن 2/ 8. قال ابن حجر في الدراية 1/ 216: وإسناده واه جدا.
(5)
ابن حزم، المحلى بالآثار 5/ 70.
القول الرابع: أنها تنعقد بثلاثة، اثنان يستمعان وواحد يخطب، وهو قول الأوزاعي. قاله في الشرح (1).
قلت: وهو رواية عن أحمد، اختاره الشيخ تقي الدين بن تيمية - رحمه الله تعالى - (2)، وهذا القول أقوى من كل ما قبله، واحتجوا بقوله تعالى {فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ} (3) قالوا: وهذا صيغة جمع، وأقل الجمع ثلاثة.
وبقوله صلى الله عليه وسلم «إذا كانوا ثلاثة فليؤمهم أحدهم، وأحقهم بالإمامة أقرؤهم (4)» .
فأمر (5) صلى الله عليه وسلم بالإمامة، وهو عام في إمامة الصلوات (6) كلها: الجمعة والجماعة.
ولأن الأصل وجوب الجمعة على الجماعة المقيمين، وهؤلاء جماعة تجب عليهم الجمعة (7) ولا دليل على إسقاطها عنهم أصلا.
القول الخامس: أنها تنعقد باثني عشر رجلا، وهو قول ربيعة ومالك المشهور عنهما (8)؛ لما «روي أن النبي صلى الله عليه وسلم كتب إلى مصعب بالمدينة، فأمره أن يصلي عند الزوال ركعتين وأن يخطب فيهما، فجمع مصعب بن عمير في بيت سعد بن خيثمة باثني عشر رجلا (9)» .
وعن جابر بن عبد الله، قال:«بينما نحن نصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم إذ أقبلت عير تحمل طعاما، فالتفتوا إليها حتى ما بقى مع النبي صلى الله عليه وسلم إلا اثنا عشر رجلا فنزلت هذه الآية: (11)»
(1) ابن أبي عمر، الشرح الكبير 1/ 469.
(2)
الاختيارات للبعلي 145.
(3)
سورة الجمعة الآية 9
(4)
أخرجه مسلم في الصحيح رقم 672، وأحمد في المسند 3/ 24، 48، من حديث أبي سعيد الخدري.
(5)
(ط): فأمرهم.
(6)
(ط) الصلاة
(7)
(ط): الجمعة ساقطة.
(8)
ينظر الخرشي على مختصر خليل 2/ 76.
(9)
أخرجه ابن سعد في الطبقات الكبرى 3/ 118.
(10)
البخاري في الصحيح رقم 936، 2058، 2064، 4899، ومسلم والصحيح رقم 863، وأخرجه أحمد في المسند 3/ 370.
(11)
سورة الجمعة الآية 11 (10){وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا}
الآية (1) متفق عليه، واللفظ للبخاري.
وفي لفظ عند أبي نعيم / في المستخرج: بينما نحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في الصلاة. وهو ظاهر في أن انفضاضهم وقع بعد دخولهم في الصلاة، كما قاله الحافظ ابن حجر (2).
[3 / ب]
لكن الذي في صحيح مسلم، وغيره: ورسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب. وعلى كلتا الروايتين، وجه الدلالة منه ظاهر؛ لأن العدد المعتبر في الابتداء معتبر في الدوام في الخطبة والصلاة. فلما لم تبطل الجمعة بانفضاض الزائد على الاثني عشر دل على أنه كاف.
وقد ترجم البخاري رحمه الله في الصحيح على هذا الحديث: باب إذا نفر الناس عن الإمام في صلاة الجمعة، فصلاة الإمام ومن بقي جائزة (3).
قلت: ولا يخفى على منصف أن هذا الاستدلال أقوى من الاستدلال، أنها لا تنعقد إلا بأربعين؛ بأن أسعد بن زرارة جمع بالصحابة وهم أربعون رجلا.
لكن تعقب هذا الاستدلال: بأنه يحمل (4) أنه عليه السلام تمادى حتى عادوا، أو عاد من تجزي بهم، أو أنهم سمعوا أركان الخطبة، أو أنه أتمها ظهرا.
قلت: ولا يخفى ضعف هذا التعقب؛ لأنه دعوى بلا برهان، إذ لم ينقل أنهم عادوا وهو في الخطبة، ولا أنه عاد من تجزي بهم، ولا أنهم سمعوا أركان الخطبة. والأصل عدم العدد.
(1) الآية ليست في (ط).
(2)
ابن حجر، فتح الباري 2/ 423.
(3)
ابن حجر، فتح الباري 2/ 422.
(4)
(ط): يحتمل.
ومثل هذه الاحتمالات لا تدفع بها الأحاديث الصحيحة، ولو فتح هذا الباب لما بقي لأحد حجة إلا القليل.
وسلم لكم أنهم عادوا لكن العدد المعتبر في الابتداء معتبر في الدوام عندكم، وقد عدم هنا في الدوام.
وأما كونه أتمها ظهرا: فمن أبطل الباطل؛ لأنه لا يخلو: إما أن يكون الانفضاض وقع وهو في الخطبة، أو وقع وهو في الصلاة فأتمها ظهرا بعد أن نوى جمعة.
وعلى كلا التقديرين: فهذا الاحتمال باطل. أما على الأول؛ فلأنه لو صلاها ظهرا لكان هذا من أشهر الأمور، ولنقل كما نقل حكمه فيما إذا اجتمع عيدان ونحو ذلك، فلما لم ينقل دل على أنه باطل لا أصل له. ولأنه لا يجوز - إذا قلتم باشتراط الأربعين - أن يعطل رسول الله صلى الله عليه وسلم الجمعة بلا عذر، بل كان يأمرهم بردهم ويصلي بهم الجمعة، وهذا باطل قطعا. [4 / أ]
وأما على الثاني: فباطل أيضا؛ لأنه لو أتمها ظهرا بعد أن دخلها بنية الجمعة لكان هذا من أشهر الأمور التي لا يجوز على الأمة ترك نقلها وحفظها، فلما لم ينقل دل على أنه باطل لا أصل له. .
فإن قيل: فقد روى الدارقطني، والبيهقي - في هذا الحديث - من طريق علي بن عاصم (1)، عن حصين بن عبد الرحمن (2)، عن سالم بن أبي الجعد (3)، عن جابر بن عبد الله، قال: «بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم خطبنا يوم الجمعة إذ أقبلت عير تحمل الطعام حتى نزلوا بالبقيع، فالتفتوا إليها وانفضوا إليها،
(1) أبو الحسن أبو صهيب الواسطي التيمي مولاهم صدوق يخطئ ويصر ورمي بالتشييع ت201 تقريب 403.
(2)
أبو الهذيل السلمي الكوفي، ثقة تغير حفظه في الآخر ت136 تقريب 170.
(3)
ابن رافع الغطفاني الأشجعي مولاهم الكوفي، وكان يرسل كثيرا. ت98 تقريب 226.
وتركوا رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس معه إلا أربعون رجلا أنا فيهم (1)». الحديث.
قيل: قال الدارقطني: لم يقل في هذا الإسناد إلا أربعون رجلا غير علي بن عاصم، عن حصين. وخالفه أصحاب حصين، فقالوا: لم يبق مع النبي صلى الله عليه وسلم إلا اثنا عشر رجلا.
وقال يعقوب بن شيبة: كان - رحمة الله علينا وعليه - من أهل الدين والصلاح والخير البارع، شديد التوقي، وللحديث آفات مفسدة (2).
وقال صالح بن محمد: ليس هو عندي ممن يكذب ولكن يهم، وهو سيء الحفظ، كثير الوهم، يغلط في أحاديث يرفعها ويقلبها، وسائر حديثه صحيح مستقيم.
وقال زكريا الساجي: كان من أهل الصدق، ليس بالقوي في الحديث (3) وكان علي بن المديني إذا سئل عن علي بن عاصم، يقول: هو معروف في الحديث، وروى أحاديث منكرة.
وقال يحيى بن معين: ليس بشيء ولا يحتج به، روى أحاديث منكرة.
وقال أحمد بن زهير: قيل ليحيى بن معين: إن أحمد بن حنبل يقول: إن علي بن عاصم ليس بكذاب. قال: لا والله ما كان علي عنده ثقة قط، ولا حدث عنه بحرف قط، فكيف صار عنده / اليوم ثقة.
[4 / ب].
وقال محمود بن غيلان: أسقطه أحمد، وابن معين، وأبو خيثمة (4). وقال الذهبي في مختصر السنن: علي بن عاصم واه.
قلت: وبالجملة: فهو رجل صالح، ولكن كما قيل:
وللحديث رجال يعرفون به وللدواوين كتاب وحساب (5).
(1) الدارقطني في السنن 2/ 4 والبيهقي في السنن الكبرى 3/ 182.
(2)
ينظر الذهبي، ميزان الاعتدال 3/ 135.
(3)
ينظر: ابن حجر، تهذيب التهذيب 7/ 346 - 347
(4)
ينظر: ابن حجر، تهذيب التهذيب 7/ 347 - 348، وانظر مسائل صالح عن الإمام أحمد 3/ 121.
(5)
هكذا أورده المؤلف، والمشهور: وللحروب رجال. . . إلخ.
فإن قيل: حديث جابر قد قيل: إنه كان لما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقدم الصلاة - يوم الجمعة - على الخطبة، كما رواه أبو داود في كتاب المراسيل، حيث قال: حدثنا محمود بن خالد، عن الوليد، أخبرني أبو معاذ بكير بن معروف، أنه سمع مقاتل بن حيان، قال:«كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي يوم الجمعة قبل الخطبة مثل العيدين، حتى إذا كان يوم والنبي صلى الله عليه وسلم يخطب وقد صلى الجمعة فدخل رجل، فقال: إن دحية بن خليفة قد قدم بتجارة - يعني فانفضوا - ولم يبق معه إلا نفر يسير (1)» .
قيل: الجواب من وجوه:
الأول: أنه لم يرد في الأحاديث الصحاح أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقدم الصلاة يوم الجمعة على الخطبة، إلا في هذا الحديث المعضل، فلا يثبت به شيء.
الثاني: أن بكير بن معروف (2) فيه مقال، فقال (3) فيه ابن المبارك: أرم (4) به، وقال أحمد بن حنبل - في رواية ابنه عبد الله -: ذاهب الحديث.
وقال - في رواية البخاري -: لا أرى به بأسا. ونحوه قول أبي حاتم والنسائي (5).
وقال الذهبي في المغني: وهاه ابن المبارك. وقال ابن عدي: أرجو أن لا بأس به (6).
الثالث: أن هذا معضل؛ لأن مقاتل بن حيان من أتباع التابعين، وبينه وبين العصر النبوي مفاوز.
(1) أبو داود في كتاب المراسيل رقم 62.
(2)
أبو معاذ الأسدي الدامغاني، قاضي نيسابور، ثم نزيل دمشق، صدوق فيه لين ت163، تقريب 128.
(3)
(ط): قال.
(4)
الأصل أن. تحريف.
(5)
ينظر ابن حجر، تهذيب التهذيب 1/ 459.
(6)
الذهبي، المغني في الضعفاء 1/ 145، وانظر الكامل لابن عدي 2/ 467.
القول (1) السادس: أنه إذا كان واحد مع الإمام صليا الجمعة. وبه قال إبراهيم النخعي، والحسن بن صالح أصح بن حي (2)، وداود، وأهل الظاهر (3).
وحجة أهل هذا القول: أن الله تعالى قال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ} (4).
فأمر الله المؤمنين عموما بالسعي إلى الجمعة بلفظ صالح للعموم، كما أمرهم بطاعته وطاعة رسوله، بقوله:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ} (5).
[5 / أ]
فالأمر بالسعي إلى الجمعة إذا نودي لها (6) عام، كما أن الأمر بطاعة الله ورسوله عام؛ إذ هما في اللفظ واحد. فلا يجوز أن يخرج (7) عن هذا الأمر، وعن هذا الحكم أحد إلا من جاء بنص جلي، أو إجماع متيقن على خروجه عنه، وليس ذلك إلا للفذ (8) وحده.
قالوا: ولأنه قد ثبت بالإجماع أنه لا بد الجمعة من عدد، فكان اثنين، لحديث مالك بن الحويرث - الذي في الصحيح - أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«إذا سافرتما فأذنا وأقيما، وليؤمكما أكبركما (9)» .
فجعل النبي صلى الله عليه وسلم للاثنين حكم الجماعة في الصلاة، في الصلاة، فكذلك الجمعة.
قالوا: ولحديث طارق بن شهاب، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«الجمعة حق واجب على كل مسلم في جماعة (10)» الحديث.
(1)(ط): والقول.
(2)
ابن شفي، الهمداني الثوري، ثقة فقيه عابد، رمي بالتشيع، ت 169، تقريب 161.
(3)
ابن حزم، المحلى بالآثار 5/ 69.
(4)
سورة الجمعة الآية 9
(5)
سورة النساء الآية 59
(6)
(ط): إليها.
(7)
الأصل: تخرج.
(8)
أي: المنفرد.
(9)
أخرجه البخاري في الصحيح رقم 630، 658، ومسلم في الصحيح رقم 674، والنسائي في المجتبى 2/ 9، 21، 77، وابن ماجه في السنن رقم 966، وأحمد في المسند 3/ 436، 5/ 53.
(10)
تقدم تخريجه.
فأوجبها صلى الله عليه وسلم في الجماعة مطلقا من غير قيد بعدد من الأعداد، والمطلق - في كلام الشارع - محمول على المقيد. فنظرنا إلى لفظ الجماعة في لسان الشارع فوجدنا اثنين فأكثر، لحديث مالك بن الحويرث الذي تقدم.
ولقوله صلى الله عليه وسلم: «اثنان فما فوقهما جماعة (1)» رواه ابن ماجه، وابن عدي، والدارقطني، والبيهقي وضعفه، عن أبي موسى.
ورواه أحمد في مسنده، والطبراني، وابن عدي، عن أبي أمامة.
ورواه ابن سعد، والبغوي، وأبو منصور الباوردي (2)، عن الحكم بن عمير.
ورواه الدارقطني من رواية عثمان بن عبد الرحمن المدني، عن أبيه، عن جده عمرو بن العاص (3)، وعثمان بن عبد الرحمن هذا، قيل: لعله القاضي (4)، تركوه.
وبالجملة: فهو بالنظر إلى كثرة طرقه، وروايته (5) تفيد الحديث قوة (6) على أنه ليس الاعتماد عليه وحده، بل على حديث مالك بن الحويرث السابق. وهذا القول كما ترى في القوة.
(1) سنن ابن ماجه إقامة الصلاة والسنة فيها (972).
(2)
(ط): الماوردي. تحريف.
(3)
الدارقطني في السنن 1/ 281، وفي الأفراد كما الفتح 2/ 142.
(4)
هكذا في الأصل و (ط). والصواب: الوقاصي، كما سيأتي في التعليقة التالية.
(5)
(ط): ورواته.
(6)
قال ابن حجر في فتح الباري 2/ 142: وطرقه كلها ضعيفة.
فإن قيل: لو كانت واجبة على الاثنين لفعل هذا في (1) وقت السلف.
قيل: ما أبعد هذا الاعتراض، فإن العادة أن القرى لا تبنى لاثنين ولا لثلاثة ونحوهم. فكون هذا لم يفعل في وقت السلف لا يدل على عدم الوجوب؛ لأنه إنما لم يفعل لتخلف سببه، وهو سكنى اثنين في قرية؛ لأن هذا لا يعهد.
وإنما / نتكلم فيه على تقدير أن لو وجد هذا لكان هذا هو الحكم، لما [5 / ب]. ذكرنا.
ولضعف هذا الاعتراض لم يلتفت إليه أحمد في رواية عنه، ولا شيخ الإسلام ابن تيمية في القول بوجوبها على ثلاثة، ولا كل من قال بوجوبها على ثلاثة، لعلمهم أن هذا اعتراض غير صحيح.
فإن قيل: الأصل براءة الذمة، فلا نشغلها إلا بدليل على شغلها.
قيل: صدقتم، كان الأصل براءة الذمة من صلاة الجماعة أصلا، فلما ورد الأمر بها كان الأصل الشغل فلا تنتقل (2) منه إلا بدليل يدل على إسقاط شغلها، ولا دليل على ذلك أصلا إلا في الواحد.
فإن قيل: هذا الدليل غير كاف في شغل الذمة. قيل: كون الوجوب هو الأصل كاف في شغلها، إذ لا ينتقل عنه إلا بدليل يدل على إسقاطها عمن دون الأربعين، ولا دليل على ذلك، فكيف إذا انضم إلى هذا الأصل ما ذكرنا من الأدلة.
وكم - بدون هذا الدليل - تشغلون الذمم، وتؤذون الأمم، كما أشغلتموها بإيجاب الجمعة على من كان بينه وبين موضع الجمعة فرسخ إذا كان خارج المصر ولا دليل على ذلك.
وكما أشغلتموها (3) بقراءة آية من القرآن في خطبتي الجمعة بغير دليل،
(1)(ط): في. ساقطة.
(2)
(ط) ننتقل عنه.
(3)
ما بينهما معلق وهامش الأصل وعليه كلمة صح.
وكما أشغلتموها بأنه يحضر أربعون رجلا من أهل الجمعة الخطبة بغير دليل، وكما أشغلتموها بأنها لا تصح الخطبة قبل وقت الجمعة، وليس على ذلك دليل، وكما أشغلتموها بإيجاب الزكاة الباقلا والكراويا (1) والكمون والكسفر (2) وبذر الكتان والقثاء والخيار وحب الرشاد والفجل والقرطم (3) والترمس (4) والسمسم وأسقطتموها عن بزر الباذنجان والقت والجزر والسدر والأشنان (5) والخطمي (6) والصعتر (7) والآس ونحو ذلك.
فتارة تشغلونها بغير دليل، وتارة تبرؤنها بغير دليل.
وكما أشغلتموها فيما إذا كان عليه صوم من (8) رمضان، فأخر قضاءه من غير عذر إلى رمضان آخر أن عليه القضاء وإطعام مسكين لكل يوم، بغير دليل صحيح مع مخالفته لقول الله تعالى:{فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} (9) ثم قلتم: / إن مات قبل أن يدركه رمضان آخر أطعم عنه لكل يوم مسكين. فأسقطتم عنه القضاء بغير دليل، وأشغلتم ذمته بالإطعام بغير دليل صحيح، مع مخالفته صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح «من مات وعليه صوم صام عنه وليه (10)» إلى غير ذلك. [6 / أ]
وكما أشغلتموها بإيجاب الدم على من حلق ثلاث شعرات من رأسه أو نتفها من أنفه، أو قلم ثلاثة أظفار في الإحرام بغير دليل على ذلك. مما تشغلون به الذمم بغير دليل صحيح، مما لو تتبعناه لطال الكلام.
القول السابع: أنها تنعقد بستة، وهو قول ربيعة في رواية عنه، ولا
(1) عشب ثمرته من الأفاوية تعرف ببزر الكرويا، يتخذ منه شراب منبه. المعجم الوسيط 2/ 785.
(2)
كذا في الأصل و (ط)، ولعله الكزبر أو الكسبر، نوع من الأبازير. تاج العروس 14/ 35.
(3)
حب العصفر وهو نبت يهرئ اللحم الغليظ. ترتيب القاموس 3/ 240، 596.
(4)
حمل شجر له حب مضلع محزز. ترتيب القاموس 1/ 367.
(5)
مادة معروفة تستعمل مع الماء للاغتسال قديما كالصابون. ينظر ترتيب القاموس 1/ 151
(6)
نبات محلل منضج ملين ترتيب القاموس 2/ 80.
(7)
ويسمى السعتر، وهو نبات منه سهلى ومنه جبلي من الأبازير، تاج العروس 12/ 340.
(8)
(ط): من. ساقطة.
(9)
سورة البقرة الآية 184
(10)
أخرجه البخاري في الصحيح رقم 1952، ومسلم في الصحيح رقم 1147، وأبو داود في السنن رقم 2400، 3311، وأحمد في المسند 6/ 69 من حديث عائشة.
أدري ما وجهه، والمشهور عن ربيعة أنها تنعقد باثني عشر كما حكيناه عنه.
القول الثامن: أنها تنعقد بسبعة، وهو قول عكرمة، ورواية عن أحمد ذكرها ابن حامد وأبو الحسين في رءوس المسائل.
القول التاسع: أنها تنعقد بعشرين، رواه ابن حبيب عن مالك.
القول العاشر: أنها تنعقد بثلاثين، حكاه ابن حزم عن بعضهم.
القول الحادي عشر: أنها تنعقد بثمانين، حكاه الماوردي من (1) الشافعية.
القول الثاني عشر: أنها تنعقد بثلاثة من أهل القرى، وبأربعين من أهل الأمصار، وهذا رواية عن أحمد ذكرها ابن عقيل. قال صاحب الحاوي من الحنابلة وهو الأصح عندي.
وقيل فيها غير ذلك (2).
واحتج من قال: إنها لا تنعقد إلا بحضور أربعين من أهل وجوبها: بما رواه الدارقطني والبيهقي، من طريق إسحاق بن خالد بن يزيد، حدثنا عبد العزيز بن عبد الرحمن، حدثنا خصيف، عن عطاء بن أبي رباح، عن جابر، قال:«مضت السنة أن في كل ثلاثة إماما، وفي كل أربعين فصاعدا جمعة وأضحى وفطرا (3)» .
(1)(ط): عن تحريف.
(2)
ينظر: ضوء الشمعة في عدد الجمعة للسيوطي (الحاوي 1/ 66).
(3)
الدارقطني في السنن 2/ 3، والبيهقي في السنن الكبرى 3/ 177.
قالوا: فهذا صريح في أنها تجب على الأربعين، فمفهومه أنها لا تجب على من دونهم.
قلنا: هذا حديث ساقط؛ لأنه من رواية عبد العزيز بن عبد الرحمن (1)، وهو ضعيف، قال البيهقي: هذا حديث لا يحتج به (2).
ثم لو صح فليس فيه حجة علينا؛ لأنا نقول / بموجبه، وأيضا: فإن كان حجة في اشتراط الأربعين للجمعة فليكن حجة في الاشتراط للجماعة، ولا تقولون به. [6 / ب]
قالوا: قد قال أبو داود في سننه: حدثنا قتيبة بن سعيد، حدثنا ابن إدريس، عن محمد بن إسحاق، عن محمد بن أبي أمامة بن سهل، عن أبيه، عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك، وكان قائد أبيه بعدما ذهب بصره - عن أبيه كعب بن مالك: أنه كان إذا سمع النداء يوم الجمعة ترحم لأسعد بن زرارة، فقلت له: إذا سمعت النداء ترحمت لأسعد بن زرارة، قال: لأنه أول من جمع بنا في هزم النبيت من حرة بني بياضة، في نقيع يقال له: نقيع الخضمات.
قلت: كم أنتم يومئذ، قال: أربعون (3)، وأخرجه ابن ماجه، وابن حبان، وابن خزيمة، والدارقطني، والحاكم، والبيهقي، وقال: هذا حديث حسن الإسناد.
وصحح إسناده ابن المنذر، وابن حزم وغيرهم (4).
(1) البالسي القرشي. ينظر الضعفاء الكبير للعقيلي 3/ 5، والكامل لابن عدي 5/ 1927.
(2)
وقال ابن حجر في الدراية 1/ 216: إسناده ضعيف.
(3)
سنن أبي داود رقم 1069.
(4)
ابن حزم المحلى بالآثار 5/ 70، وقال ابن حجر في الفتح 2/ 355: إسناد حسن.
قالوا: فوجه الدلالة منه، أن يقال: أجمعت الأمة على اشتراط العدد، ولا تصح الجمعة إلا بعدد يثبت فيه التوقيف، وقد ثبت جوازها بأربعين، فلا يجوز أقل منه إلا بدليل صحيح صريح (1)، ولم يثبت - صلاته صلى الله عليه وسلم لها - بأقل من أربعين (2) قال البدر الزركشي: ووجهه بعضهم، بأن قال: هذه أول جمعة كانت في الإسلام، وكان فرضها نزل بمكة، وكان بالمدينة من المسلمين أربعون أو (3) أكثر ممن هاجر إليها، وأكثر ممن أسلم بها، ثم لم يصلوا سنتين كذلك حتى كان العدد أربعين؛ فدل على أنها لا تجب على أقل منهم.
والجواب من وجوه:
الأول: ما قاله ابن المنذر، وابن حزم وهذا لفظه: " أنه لا حجة في هذا؛ لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يقل: إنه لا تجوز الجمعة بأقل من هذا العدد (4).
نعم، والجمعة واجبة بأربعين وبأكثر من أربعين، وأقل من أربعين.
الثاني: قوله: وقد ثبت جوازها بأربعين، فيقال: لم يثبت جوازها بأربعين من دليلكم هذا، كما ستعرف (5) إن شاء الله تعالى.
الثالث: / قوله: " ولا تصح الجمعة إلا بعدد يثبت فيه التوقيف، [7 / أ]، دعوى مجردة، بل إذا ثبت اشتراط العدد لها ولم يبين الرسول صلى الله عليه وسلم عددا لها محصورا دل على جوازها (6) بأقل ما يكون من الإعداد إلا الواحد، للسنة والإجماع أنها لا تجب عليه.
(1)(ط): صريح. ساقطة.
(2)
ينظر ضوء الشمعة للسيوطي (الحاوي 1/ 68).
(3)
الأصل: و.
(4)
ابن حزم، المحلى بالآثار 5/ 71.
(5)
(ط): تعرف.
(6)
الأصل: جوازه.
الرابع: قوله: ولم يثبت صلاته صلى الله عليه وسلم لها بأقل من أربعين، إن أراد أنه لم يثبت صريحا أنه صلاها كاملة بدون الأربعين فهو كذلك.
وإن أراد أنه لم يثبت أنه صلاها بدون الأربعين - سواء كان نصا أو ظاهرا أو بعضها أو كلها (1) - فهذا يرده ما تقدم في حديث جابر، أخرجه البخاري:«بينما نحن نصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم إذ أقبلت عير تحمل طعاما فالتفتوا إليها حتى ما بقي مع النبي صلى الله عليه وسلم إلا اثنا عشر رجلا (2)» الحديث.
وفي لفظ أبي نعيم في المستخرج: بينما نحن مع النبي صلى الله عليه وسلم في الصلاة. قال الحافظ ابن حجر: وهو ظاهر في أن انفضاضهم وقع بعد دخولهم في الصلاة (3).
ومن وجه آخر: أن الذين اشترطوا الأربعين، يقولون: إن العدد المشترط في الابتداء مشترط في الدوام، فإذا كان كذلك - وهم قد انفضوا عن النبي صلى الله عليه وسلم في الصلاة - سواء صلاها بمن بقي - كما فهم البخاري - أو عادوا فأتم بهم الصلاة أو كان انفضاضهم وقع في الخطبة، أيما كان فإنه يلزم على أصلهم هذا جوازها بدون الأربعين وإلا انتقض أصلهم.
والاحتمالات التي ذكروها في الجواب عن هذا الحديث كلها باطلة، وإنما هي رجم بالغيب.
الخامس: قول هذا الموجه: أن هذه أول جمعة كانت في الإسلام. ظن وتخمين، فقد ورد أن مصعب بن عمير صلاها باثني عشر، كما سيأتي إن شاء الله في المعارضة.
ولا منافاة بين قول كعب أن أسعد بن زرارة أول من جمع بهم (4) - وبين
(1)(ط): أو بعضها أو كلها.
(2)
سبق تخريجه.
(3)
ابن حجر، فتح الباري 2/ 423.
(4)
ما بينهما معلق في هامش الأصل، وعليه كلمة صح.
قصة تجميع مصعب باثني عشر، فقد يحتمل أن يكون قول كعب أنه أول من جمع بهم، بمعنى: أنه لم يعلم أنه جمع بهم قبله، أو أنه أول من جمع بهم ظاهرا، أو أنه أول من أشار / بالجمعة وكان ذلك باجتهاد منه رضي الله عنه [7 / ب]، فوفق لإصابة الحق في اختيار هذا اليوم، وأما اشتراط هذا العدد فليس في الحديث.
السادس: أن في كلام هذا الموجه ما يرد دعواه، وهو قوله: وكان بالمدينة أربعون أو أكثر ممن هاجر إليها. مع قوله: وكان فرضها نزل بمكة.
ووجه الرد، أن يقال: إذا كان في المدينة أكثر من الأربعين من المسلمين - أنت تزعم أنها فرضت بمكة - فلم أقاموا سنتين لم يصلوها على زعمك مع وجود العدد المشترط لها.
السابع: قوله: ثم لم يصلوا كذلك حتى كان العدد أربعين. فيقال: هذا الكلام يفهم أنهم قصدوا ألا يصلوها حتى يبلغ العدد أربعين. وهذا كذب على الصحابة، فمن قال: إنهم قصدوا ألا يصفوها حتى يبلغ (1) العدد أربعين. إنما كان فيه بعض دلالة لو ثبت أنهم قصدوا أن لا يصلوها حتى يبلغ العدد أربعين، فهذا يدل على أن هذا العدد وقع اتفاقا لا مشروطا، وهو واضح.
الثامن: لو ثبت أن هذه الجمعة التي صلاها الصحابة رضي الله عنهم فرض عليهم، وأن الأربعين شرط - لما ذكرتموه من هذا الحديث - لوجب على أنه يشترط (2) في الدوام ما يشزط ما بينها ساقط من (ط). في الابتداء - أن يكون هذا الحديث منسوخا بحديث جابر الذي في قصة الانفضاض؛ لأن هذا قبل مقدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة، وحديث جابر بعدما قدمها، سواء كان الانفضاض واقعا في الصلاة أو الخطبة، إذ لا بد عندكم أن يحضر العدد المشترط أركان الخطبة والصلاة، ولم يصح أنهم حضروا شيئا من ذلك.
التاسع: أنه لو ثبت أنهم قصدوا ألا يصلوها حتى يبلغ العدد أربعين لم
(1)(ط): كان.
(2)
ما بينها ساقط من (ط).
يكن في ذلك حجة أيضا على أصلكم - أنه يشترط في الدوام ما يشترط في الابتداء؛ لأن غاية حديث كعب أن يكون من فعل الصحابة، وحديث جابر من فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا شك أن فعله أحق وأولى بالاتباع / من فعل [8 / أ] غيره. وهو ينقض عليكم دعواكم أنه يعتبر في الدوام ما يعتبر في الابتداء؛ لأنه لو كان كما قلتم لبطلت جمعة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحاشا لله من ذلك.
العاشر: المعارضة بما رواه أبو داود في مراسيله، عن الزهري: أن مصعب بن عمير حين بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة، جمع بهم وهم اثنا عشر رجلا (1).
وقد وصله الطبراني في كتاب الأوائل، من طريق صالح بن أبي الأخضر (2)، عن الزهري، عن أبي بكر بن عبد الرحمن، عن عقبة بن عمرو (3) أبي مسعود الأنصاري، قال: أول من جمع بالمدينة - قبل أن يقدم النبي صلى الله عليه وسلم مصعب بن عمير، وهم اثنا عشر.
وصالح بن أبي الأخضر (4) وإن ضعفه الأكثر، فقد قال الإمام أحمد: يستدل به [و](5) يعتبر به (6). وقال الذهبي في الميزان: صالح الحديث (7).
فقد علمت أنه ليس في حديثه ما يزك، بل يعتبر به. وإنما يزك حديثه إذا عارضه ما هو أصح منه، ولم يعارضه هنا معارض أصلا.
وحديث كعب لا يعارضه؛ لأن كعب بن مالك حكى ما شاهده وحفظه في الجمعة التي حضرها (8) وغيره حكى ما شاهده وحفظه في الجمعة التي حضرها فلا منافاة بينهما، وقد جمع بينهما البيهقي: بأن المراد بالانثي عشر
(1) المراسيل رقم 53، وعنه البيهقي في السنن الكبرى 3/ 179.
(2)
البيمامي، مولى هشام بن عبد الملك نزل البصرة، ضعيف يعتبر به ت بعد المائة والأربعين. تقريب 271.
(3)
(ط): عامر. تحريف.
(4)
الأصل و (ط) ابن الأخضر. تحريف.
(5)
إضافة من التهذيب.
(6)
ينظر: تهذيب التهذيب 4/ 381.
(7)
الذهبي، ميزان الاعتدال 2/ 288.
(8)
ما بينهما ساقط من الأصل، وهو انتقال نظر من الناسخ.
النقباء الذين بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم في صحبتهم، أو على أثرهم إلى المدينة ليقرئ المسلمين ويصلي بهم.
ولا يحفى تكلف هذا الجمع على أن كلام البيهقي هذا قد يدل على ثبوت هذا الحديث عنده أو حسنه وصلاحيته (1) للحجة، إذ لو لم يكن كذلك لما احتاج إلى الجمع بينهما، بل كان يكتفي بتضعيفه (2) عن الجمع بينهما وإن كان حديث كعب أصح إسنادا.
الحادي عشر: ما قاله الإمام الحافظ السهيلي: أن تجميع الصحابة كان قبل فرضها، وتسميتهم إياها بهذا الاسم كان عن هداية من الله تعالى لهم قبل أن يؤمروا بها، ثم نزلت سورة الجمعة بعد أن هاجر النبي صلى الله عليه وسلم فاستقر فرضها (3).
وهذا قول الأكثر من العلماء: أنه لم ينزل فرض الجمعة إلا بعد الهجرة إلى المدينة. / كما حكاه في الفتح عن الأكثر، وحكى عن الشيخ أبي حامد، يعني الإسفرائيني (4) أنها فرضت بمكة. [8 / ب]
قال الحافظ: وهو غريب (5). كذا قال تلميذه الكوراني في شرحه للبخاري، بعد أن حكى قول أبي حامد. وهو غير ظاهر.
ثم ذكر السهيلي: عن الحافظ عبد بن حميد - شيخ مسلم، وأبي داود،
(1)(ط): وصلاحية. تحريف.
(2)
(ط): بضعفه.
(3)
السهيلي، الروض الأنف 4/ 100.
(4)
أحمد بن محمد بن أحمد، حافظ فقيه، من كبار الشافعية ت 406 طبقات الشافعية 4/ 61.
(5)
ابن حجر، فتح الباري 2/ 354.
وصاحب المسند والتفسير (1) -: حدثنا عبد الرزاق، عن معمر، عن أيوب، عن ابن سيرين، قال: جمع أهل المدينة قبل أن يقدم النبي صلى الله عليه وسلم وقبل أن تنزل الجمعة، قالت الأنصار: لليهود يوم يجتمعون فيه كل سبعة أيام، وللنصارى مثل ذلك، فهلم فلنجعل يوما نجتمع فيه فنذكر الله تعالى ونشكره - أو كما قال - فقالوا: يوم السبت لليهود، ويوم الأحد للنصارى. فاجعلوا يوم العروبة، وكانوا يسمون يوم الجمعة يوم العروبة.
فاجتمعوا إلى أسعد بن زرارة، فصلى بهم يومئذ ركعتين، وسموه (2) الجمعة، حيث (3) اجتمعوا إليه فذبح لهم شاة فتغدوا وتعشوا من شاته ليلتهم، فأنزل الله في ذلك بعد:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ} (4).
قلت: وقد أخرجه عبد الرزاق أيضا. وفي هذا دليل على أنهم كانوا عددا قليلا دون الأربعين، إذ لا يمكن في العادة أن يتغدى الأربعون ويتعشوا من شاة.
ويدل أنهم صلوا هذه الجمعة باجتهاد، فأصابوا الحديث الذي في الصحيح «نحن الآخرون السابقون يوم القيامة بيد أنهم أوتوا الكتاب من قبلنا وأوتيناه من بعدهم، ثم هذا يومهم الذي أمروا به، فاختلفوا فيه فهدانا الله له (5)» الحديث.
فمرسل ابن سيرين مع هذا الحديث يدل على أن أولئك الصحابة فعلوه بالاجتهاد، واختاروا يوم الجمعة. ولا يمنع ذلك كون النبي صلى الله عليه وسلم علمه بالوحي
(1) أبو محمد بن نصر الكشي نسبة إلى بلد فيما وراء النهر، ثقة حافظ مفسر ت249 تذكرة الحفاظ 2/ 534.
(2)
الأصل و (ط) وسموا. والمثبت من الدر المنثور.
(3)
(ط) والمثبت من الدر المنثور: حين.
(4)
سورة الجمعة الآية 9
(5)
أخرجه البخاري في الصحيح رقم 238، 876، 896، 2956، 3486، 6624، 6887، 7036، 7495، ومسلم في الصحيح رقم 855، وأحمد في المسند 2/ 243، 249، 274، 282، 312، 341، 473، 502، 504. من حديث أبي هريرة.
وهو بمكة، ولم يتمكن من إقامتها؛ إن سلم أنها فرضت بمكة.
فعلى هذا: فقد حصلت الهداية بجهتي التوفيق والبيان، على أحد ما قيل / في معنى قوله: فهدانا الله له (1).
[9 / أ]
قالوا: قد روي عن أبي الدرداء رضي الله عنه «إذا اجتمع أربعون رجلا فعليهم الجمعة (2)» .
قلنا: هذا الحديث باطل لا أصل له، ولا يعرف في شيء من كتب الحديث (3). ولو صح لما كان فيه حجة أصلا، لأنا نقول بموجبه.
قالوا: قال أبو أمامة رضي الله عنه: لا جمعة إلا بأربعين.
قلنا: دعوا (4) التشبث بالواهيات والأباطيل، فلا يعرف ذلك عن أبي أمامة أصلا، بل قد جاء عنه خلافه، كما تقدم من رواية الدارقطني. فإن كان هذا الحديث المنكر الذي لا يعرف أصلا حجة فلتكن الحجة بحديثه المنكر الساقط: على الخمسين جمعة ليس في ما دون ذلك. كما تقدم من رواية الدارقطني.
قالوا: التقدير بالثلاثة والأربعة والاثنان تحكم بالرأي فيما لا مدخل للرأي فيه؛ لأن التقدير بابه التوقيف.
قال لهم كل من قال بذلك: اشتراطكم الأربعين العقلاء الحاضرين الذكور الأحرار هو التحكم بالرأي فيما لا مدخل للرأي فيه، وهو إسقاطكم الجمعة عما دون الأربعين بعد أن أوجبها الله على عموم المؤمنين. فإن هذا هو التحكم بالرأي الذي لا دليل عليه من كتاب ولا سنة ولا إجماع ولا قول صاحب ولا قياس صحيح.
(1) ينظر: ابن حجر فتح الباري 2/ 355 - 356.
(2)
رواه سليمان بن طريف، عن مكحول، عن أبي الدرداء، عن النبي صلى الله عليه وسلم أورده الرافعي في الشرح الكبير كما في ضوء الشمعة للسيوطي (الحاوي 1/ 71).
(3)
قال ابن الملقن في الخلاصة 1/ 210: غريب. وقال ابن حجر في التلخيص 2/ 56: لا أصل له.
(4)
(ط): دعوى. تحريف.
ثم اشتراطكم كون الأربعين من أهل وجوبها تحكم ثان لا دليل عليه أصلا، لا (1) من كتاب ولا سنة ولا إجماع؛ لأن غاية ما معكم في اشتراط الأربعين حديث كعب، وقد تبين أنه ليس فيه دليل على اشتراط الأربعين.
ثم لو كان فيه دليل على الاشتراط لما كان فيه دليل على كونهم من أهل وجوبها، إذ ليس فيه إلا أنهم كانوا أربعين فقط، لا أنهم كانوا من أهل وجوبها ولا أنهم كانوا أحرارا كلهم، بل يحتمل أن يكون فيهم عبيد وصبيان.
فهذا هو التحكم المحض في دين الله تعالى بغير دليل.
وبما ذكرناه وقررناه يتبين للذكي المنصف / طريق الصواب، والله يقول [9 / ب] الحق، وهو يهدي السبيل.
هذا (2) آخره. والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم تسليما كثيرا.
(1)(ط): لا. ساقطة.
(2)
ما بينهما في (ط): والله أعلم، وصلى الله على محمد.
صفحة فارغة
من قرارات مجلس المجمع الفقهي الإسلامي التابع
لرابطة العالم الإسلامي
القرار الثامن
بشأن تسجيل القرآن على شريط الكاسيت
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، سيدنا ونبينا محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم.
أما بعد.
فإن مجلس المجمع الفقهي الإسلامي برابطة العالم الإسلامي في دورته العاشرة المنعقدة بمكة المكرمة في الفترة من يوم السبت 24 صفر 1408هـ الموافق 17 أكتوبر 1987م إلى يوم الأربعاء 28 صفر 1408هـ الموافق 21 أكتوبر 1987م قد نظر في رسالة الشيخ محمود مختار بشأن تسجيل القرآن على شريط الكاسيت وأصدر القرار الآتي: -
إن ما يسجل على أشرطة الكاسيت هو القرآن نفسه متلوا بصوت القارئ الذي قرأه، وإن تسجيله جائز لا مخالفة فيه للشرع، وفوائده كثيرة منها استماع القرآن وتدبره وتعليم الناس تلاوته حق التلاوة وحفظه لمن أراد أن يحفظ شيئا منه.
ويحصل الثواب لمن استمع القرآن من هذا الشريط كما يحصل له إذا استمعه من القارئ نفسه، وتسجيل القرآن على الشريط من نعم الله تعالى؛ لما فيه من إذاعة القرآن الكريم بين المسلمين ليذكرهم بأحكام الإسلام وآدابه وغير المسلمين لعلهم يهتدون به.
وليس تسجيل الأغاني على مثل هذا الشريط مانعا من تسجيل القرآن أو غاضا من شأنه، كما لا يغض من شأنه كتابته على الورق الذي قد تكتب عليه الأغاني، والله أعلم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا، والحمد لله رب العالمين.
[توقيع]
…
[توقيع]
(نائب الرئيس)
…
(رئيس مجلس المجمع)
د. عبد الله عمر نصيف
…
عبد العزيز بن عبد الله بن باز
[توقيع]
…
[توقيع]
…
[توقيع]
محمد بن جبير
…
د. بكر عبد الله أبو زيد
…
عبد الله العبد الرحمن البسام
[توقيع]
…
[توقيع]
…
[توقيع]
صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان
…
محمد بن عبد الله بن سبيل
…
مصطفى أحمد الزرقاء
[توقيع]
…
[توقيع]
…
[توقيع]
محمد محمود الصواف
…
أبو الحسن علي الحسني الندوي
…
محمد رشيد راغب قباني
[توقيع]
…
[توقيع]
…
[توقيع]
محمد الشاذلي النيفر
…
أبو بكر جومي
…
د. أحمد فهمي أبو سنة
[توقيع]
…
[توقيع]
…
[توقيع]
محمد الحبيب بن الخوجة
…
محمد سالم بن عبد الودود
…
د. طلال عمر بافقيه (مقرر مجلس المجمع الفقهي الإسلامي)
وقد تخلف عن الحضور في هذه الدورة كل من: فضيلة الدكتور يوسف القرضاوي، وفضيلة الشيخ صالح بن عثيمين، وفضيلة الشيخ عبد القدوس الهاشمي، ومعالي اللواء الركن محمود شيت خطاب، وفضيلة الشيخ حسنين محمد مخلوف، وفضيلة الشيخ مبروك مسعود العوادي.
من قرارات
مجلس مجمع الفقه الإسلامي التابع
لمنظمة المؤتمر الإسلامي قرار رقم (3) بشأن
زكاة الأسهم في الشركات
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد خاتم النبيين وعلى آله وصحبه.
إن مجلس مجمع الفقه الإسلامي المنعقد في دورة مؤتمره الرابع بجدة في المملكة العربية السعودية من 18 - 23 جمادى الآخرة 1408هـ. الموافق 6 - 11 فبراير 1988م.
بعد اطلاعه على البحوث الواردة إلى المجمع بخصوص موضوع " زكاة أسهم الشركات ".
قرر ما يلي:
أولا: تجب زكاة الأسهم على أصحابها، وتخرجها إدارة الشركة نيابة عنهم إذا نص في نظامها الأساسي على ذلك، أو صدر به قرار من الجمعية العمومية، أو كان قانون الدولة يلزم الشركات بإخراج الزكاة، أو حصل تفويض من صاحب الأسهم لإخراج إدارة الشركة زكاة أسهمه.
ثانيا: تخرج إدارة الشركة زكاة الأسهم كما يخرج الشخص الطبيعي زكاة أمواله، بمعنى أن تعتبر جميع أموال المساهمين بمثابة أموال شخص واحد، وتفرض عليها الزكاة بهذا الاعتبار من حيث نوع المال الذي تجب فيه الزكاة، ومن حيث النصاب، ومن حيث المقدار الذي يؤخذ، وغير ذلك مما يراعى في زكاة الشخص
الطبيعي، وذلك أخذا بمبدأ الخلطة عند من عممه من الفقهاء في جميع الأموال.
ويطرح نصيب الأسهم التي لا تجب فيها الزكاة، ومنها أسهم الخزانة العامة، وأسهم الوقف الخيري، وأسهم الجهات الخيرية، وكذلك أسهم غير المسلمين.
ثالثا: إذا لم تزك الشركة أموالها لأي سبب من الأسباب، فالواجب على المساهمين زكاة أسهمهم، فإذا استطاع المساهم أن يعرف من حسابات الشركة ما يخص أسهمه من الزكاة لو زكت الشركة أموالها على النحو المشار إليه، زكى أسهمه على هذا الاعتبار؛ لأن الأصل في كيفية زكاة الأسهم.
وإن لم يستطع المساهم معرفة ذلك:
فإن كان ساهم في الشركة بقصد الاستفادة من ريع الأسهم السنوي، وليس بقصد التجارة؛ لأنه يزكيها زكاة المستغلات وتمشيا مع ما قرره مجمع الفقه الإسلامي في دورته الثانية بالنسبة لزكاة العقارات والأراضي المأجورة غير الزراعية فإن صاحب هذه الأسهم لا زكاة عليه في أصل السهم، وإنما تجب الزكاة في الريع، وهي ربع العشر بعد دوران الحول من يوم قبض الريع مع اعتبار توافر شروط الزكاة وانتفاء الموانع.
وإن كان المساهم قد اقتنى الأسهم بقصد التجارة، زكاها زكاة عروض التجارة، فإذا جاء حول زكاته وهي في ملكه، زكى قيمتها السوقية، وإذا لم يكن لها سوق، زكى قيمتها بتقويم أهل الخبرة، فيخرج ربع العشر 2. 5 %. من تلك القيمة، ومن الربح إذا كان للأسهم ربح.
رابعا: إذا باع المساهم أسهمه في أثناء الحول ضم ثمنها إلى ماله وزكاه معه عندما يجيء حول زكاته. أما المشتري فيزكي الأسهم التي اشتراها على النحو السابق.
والله أعلم.
من قرارات هيئة كبار العلماء
قرار رقم 103 وتاريخ 28/ 3 / 1403هـ
الحمد لله، والصلاة والسلام على عبده ورسوله محمد، وعلى آله وصحبه وبعد.
ففي الدورة الحادية والعشرين لمجلس هيئة كبار العلماء المنعقدة بمدينة الرياض ابتداء من السابع عشر حتى الثامن والعشرين من شهر ربيع الأول عام 1403هـ بحث المجلس موضوع استقدام العمال وتشغيلهم عند غير المستقدمين على أن يكون للمستقدم جزء مشاع من أجورهم أو مبلغ معلوم منها بناء على الأسئلة الكثيرة المتكررة التي ترد إلى الرئاسة العامة لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد، واطلع على البحث الذي أعدته اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء، وبعد المناقشة وتداول الآراء قرر المجلس أن كل استخدام وتشغيل للمستقدمين يخالف ما أقرته الدولة للمصلحة العامة فهو ممنوع، وأن كل ما يأخذه المستقدمون من العمال مقابل تمكينهم من العمل عند غيرهم يعتبر محرما؛ لأن الكتاب والسنة قد دلا على وجوب طاعة ولي الأمر في المعروف، ولما يترتب على استخدام العمال على غير الوجه الذي استقدموا من أجله من الفساد الكبير والشر العظيم على المسلمين؛ فوجب منعه. هذا وبالله التوفيق، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.
هيئة كبار العلماء
رئيس الدورة
عبد العزيز بن عبد الله بن باز
عبد الرزاق عفيفي
…
محمد الحركان لم يحضر الدورة لسفره
…
عبد الله خياط لم يحضر الدورة لمرضه
إبراهيم بن محمد آل الشيخ
…
سليمان بن عبيد
…
عبد العزيز بن صالح
عبد المجيد حسن
…
راشد بن خنين
…
محمد بن جبير
صالح بن لحيدان
…
عبد الله بن غديان
…
صالح بن غصون
عبد الله بن قعود
…
عبد الله بن منيع
القرار الثالث
بشأن حكم نقل الدم من امرأة إلى طفل دون سن الحولين
هل يأخذ حكم الرضاع المحرم أو لا؟
وهل يجوز أخذ العوض عن هذا الدم أو لا؟
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، سيدنا ونبينا محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم.
أما بعد.
فإن مجلس المجمع الفقهي الإسلامي لرابطة العالم الإسلامي في دورته الحادية عشرة المنعقدة بمكة المكرمة في الفترة من يوم الأحد 13 رجب 1409هـ الموافق 19 فبراير 1989م إلى يوم الأحد 20 رجب 1409هـ الموافق 26 فبراير 1989م قد نظر في الموضوع الخاص بنقل الدم من امرأة إلى طفل دون سن الحولين هل يأخذ حكم الرضاع المحرم أو لا؟ وهل يجوز أخذ العوض عن هذا الدم أو لا؟
وبعد مناقشات من أعضاء المجلس انتهى بإجماع الآراء إلى أن نقل الدم لا يحصل به التحريم، وإن التحريم خاص بالرضاع.
أما حكم أخذ العوض عن الدم وبعبارة أخرى: بيع الدم فقد رأى المجلس أنه لا يجوز؛ لأنه من المحرمات المنصوص عليها في القرآن الكريم مع الميتة ولحم الخنزير، فلا يجوز بيعه وأخذ عوض عنه، وقد صح في الحديث «إن الله تعالى إذا حرم شيئا حرم ثمنه (1)» كما صح أنه صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الدم، ويستثنى من ذلك حالات الضرورة إليه للأغراض الطبية ولا يوجد من يتبرع به إلا بعوض، فإن الضرورات تبيح المحظورات بقدر ما ترفع الضرورة وعندئذ
(1) سنن أبو داود البيوع (3488)، مسند أحمد بن حنبل (1/ 247).
يحل للمشتري دفع العوض ويكون الإثم على الآخذ. ولا مانع من إعطاء المال على سبيل الهبة أو المكافأة تشجيعا على القيام بهذا العمل الإنساني الخيري؛ لأنه يكون من باب التبرعات لا من باب المعاوضات.
وصلى الله على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا، والحمد الله رب العالمين.
أسماء الأعضاء
[توقيع]
…
[توقيع]
نائب الرئيس
…
رئيس مجلس المجمع الفقهي الإسلامي
د. عبد الله عمر نصيف
…
عبد العزيز بن عبد الله بن باز
[توقيع]
…
[توقيع]
…
[توقيع]
محمد بن جبير
…
د. بكر عبد الله أبو زيد
…
عبد الله العبد الرحمن البسام
[توقيع]
…
[توقيع]
…
[توقيع]
صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان
…
محمد بن عبد الله السبيل
…
مصطفى أحمد الزرقا
[توقيع]
…
[توقيع]
د. يوسف القرضاوي
…
د. محمد رشيد راغب القباني
[توقيع]
…
[توقيع]
…
[توقيع]
محمد الشاذلي النيفر
…
أبو بكر جومي
…
د. أحمد فهمي أبو سنة
[توقيع]
…
[توقيع]
د. محمد الحبيب بن الخوجة
…
محمد سالم عدود
[توقيع]
…
[توقيع]
محمد محمود الصواف
…
د. طلال عمر بافقيه (مقرر مجلس المجمع الفقهي الإسلامي)