الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أولا:
الإمام ابن جرير الطبري
قال الإمام النووي في وصف تفسير ابن جرير: (أجمعت الأمة على أنه لم يصنف مثله)(1).
وقال الخطيب البغدادي: هو إمام يحكم بقوله، ويرجع إلى رأيه لمعرفته وفضله، وكان قد جمع من العلوم ما لم يشاركه فيه أحد من أهل عصره، وكان حافظا لكتاب الله، عارفا بالقراءات، بصيرا بالمعاني، فقيها في أحكام القرآن، عارفا بالسنن وطرقها، صحيحها وسقيمها، ناسخها ومنسوخها، عارفا بأقوال الصحابة والتابعين، عارفا بأيام الناس وأخبارهم.
هذه لمحة موجزة عنه، ولا يعنينا الإسهاب في ذلك، فنتكلم عن المطلوب فنقول:
موقفه من القراءات: كنت متريثا في إصدار حكم طعن ابن جرير في القراءات، بل كنت متهيبا في ذلك، وقلت في نفسي: وهل من هو مثلي ينقد إماما من الأئمة، وعلما من أعلام التفسير؛ مثل ابن جرير الطبري، الذي ذاع وشاع صيته في الآفاق في علوم التفسير وعلم القراءات بالذات.
ومما ساهم في حيرتي موقف العلماء المعاصرين، وأخص أستاذنا المرحوم محمد حسين الذهبي في كتابه " التفسير والمفسرون "، فقد ذكر عن الطبري موقفه من القراءات، فقال (كذلك نجد ابن جرير يعنى بذكر القراءات، وينزلها على المعاني المختلفة، وكثيرا ما يرد القراءات التي لا تعتمد على الأئمة الذين يعتبرون عنده، وعند علماء القراءات، حجة، والتي تقوم على أصول مضطربة، مما يكون فيه تغيير وتبديل لكتاب الله، ثم يتبع ذلك برأيه في آخر الأمر، مع توجيه رأيه بالأسباب؛ فمثلا عند قوله تعالى في الآية، (81)، من سورة الأنبياء:{وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ عَاصِفَةً} (2)
(1) معجم البلدان جـ 18/ 42.
(2)
سورة الأنبياء الآية 81
يذكر أن عامة قراء الأمصار قرأوا (الريح) بالنصب، على أنها مفعول لسخرنا المحذوف، وأن عبد الرحمن الأعرج قرأ (الريح) بالرفع، على أنها مبتدأ، ثم يقول: والقراءة التي لا أستجيز القراءة بغيرها، في ذلك، ما عليه قراء الأمصار؛ لإجماع الحجة من القراء عليه. ولقد رجع السبب في عناية ابن جرير بالقراءات وتوجيهها، إلى أنه كان من علماء القراءات المشهورين، حتى إنهم ليقولون عنه: إنه ألف فيها مؤلفا خاصا في ثمانية عشر مجلدا، ذكر فيه جميع القراءات من المشهور والشواذ، وعلل ذلك وشرحه، وإذا اختار منها قراءة لم يخرج بها عن المشهور، وإن كان هذا الكتاب فقد وضاع، بمرور الزمن، ولم يصل إلى أيدينا، شأن الكثير من مؤلفاته (1).
فوصف الطبري لنفسه ومنهجه، وارتضاء شيخنا الذهبي لموقفه، دون تعليق، ورط كثيرا من الأوساط العلمية، وبقيت هذه النظرية أو النظرة عن الطبري كذلك، ولم يتناوله أحد بالتعليق. وكما ساهم أستاذي في حيرتي، ساهم كذلك تلميذي الذي أشرفت عليه في رسالة الماجستير (القراءات القرآنية). وقد ذهب الطالب إلى اعتبار ابن جرير من المرجحين، ونوقشت الرسالة من اللجنة العلمية المختصة في علم القراءات، وأقرت هذه المعلومة، بأن ابن جرير من المرجحين. ولكن هذه الحيرة والهيبة بدأت تتبدد، وبدأت غيومها تنقشع، وبدأت الرؤية تتضح شيئا فشيئا؛ لأمور منها:
1 -
دفعني الشك في موقف الطبري إلى مواصلة البحث، فأشرت إلى طلبتي باستقصاء كتاب الطبري في التفسير، فوجدت أن الصورة الحقيقية لموقفه هي الطعن، وليس الترجيح كما ذهب إليه صاحب الرسالة في القراءات.
2 -
كتابة أحد الباحثين وإصداره كتابا كاملا، بعنوان (دفاع عن القراءات في مواجهة الطبري المفسر)، فازداد بذلك موقفي صلابة، لوجود من يرى أن الطبري طاعن.
3 -
وثالثة الأثافي كانت في العثور على مخطوطة في علم القراءات للإمام
(1) التفسير والمفسرون.
السخاوي، والمخطوطة في طريقها للطباعة، بتحقيق زميلنا في جامعة الإمارات، وفي هذه المخطوطة تنبيه من السخاوي، وتحذير من طعن ابن جرير الطبري في القراءات.
يقول السخاوي (1): قال لي أبو القاسم الشاطبي، إياك وطعن ابن جرير على ابن عامر. أما ابن الجزري فقال عن طعن ابن جرير، وهو أول من نعلمه أنكر هذه القراءة المتواترة، وغيرها من القراءات الصحيحة، ثم قال:" وركب هذا المحظور ابن جرير، وقد عد ذلك من سقطات ابن جرير ".
لقد كان لأقوال هؤلاء الأئمة الأعلام، في علم القراءات، أكبر الأثر في شد العزم في متابعة ومواصلة البحث.
4 -
وأخيرا فقد عقد مؤتمر، عام 1989، لمنظمة الثقافة والعلوم التابعة لجامعة الدول العربية، وقد تناول هذا المؤتمر " الطبري كشخصية تراثية، في التفسير والتاريخ والعلوم الإسلامية "، وقد رشحت من قبل الجامعة لذلك، ولظروف- لم أتمكن من حضور المؤتمر، ولكني طرحت ورقة عمل، كما يقولون، تشمل: موقف الطبري من القراءات، وقد كان الكثير مؤيدا لما ورد، والأقل متريثا، وأقل القليل معارضا، فاستأنست للصدى العلمي الصادر عنهم.
هذا، وبعد كتابة هذه المقدمة أفادني أستاذي الدكتور مازن المبارك أنه ناقش رسالة قيمة، في جامعة قطر، وهي بعنوان (الطبري قارئا)، وأفاد بأنها على جانب عظيم من الأهمية، ولكني لم أطلع عليها بعد، ومن يدري فلعل هناك من كتب {وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ} (2)
بعد هذه المقدمة نقول: لقد سبق وأن تعرضنا لضوابط القراءات، ورجحنا أن الضابط الوحيد هو صحة السند، ورأينا أن الضابطين موافقة الرسم
(1) من مخطوطته في القراءات ورقه 100.
(2)
سورة يوسف الآية 76
وموافقة اللغة، لا يعتبران في قبول القراءة ورفضها. فقد توافق القراءة الرسم ولا تعتبر، وقد توافق اللغة ولا تقبل، ما دامت القراءة لم يصح سندها.
فإذا تواتر السند أصبحت القراءة قرآنا، لا مجال لردها، وفي هذه الحالة لن تخالف رسما ولن تخالف لغة؛ لأن قواعد اللغة تصحح وفقا للقرآن، ولا تصحح هي القرآن.
إن غالب الطاعنين في القراءات يرتكزون في طعنهم على قواعد اللغة، والطبري حين طعن، في القراءات، ارتكز على نفس ما ارتكزوا عليه، فيرفض أو يرجح وفق قواعد اللغة أحيانا كثيرة، أو وفق ما يتراءى له من المعنى.
أما القراءات التي تخالف الرسم فيرفضها، وهو محق في ذلك؛ لأنها مخالفة للرسوم كما يقول. ويتراءى لي أن موقف الطبري من القراءات يمكن تقسيمه إلى ثلاثة أقسام:
أولها:
طعنه في القراءات التي لا توافق قواعد لغوية حسب نظره، وهو في موقفه هذا يوافق بعض النحاة، في ردهم لبعض القراءات المتواترة.
وهاك طائفة من القراءات القرآنية التي ردها ابن جرير، وبرر رفضها تبريرا لغويا، ونحن إذ نؤيده في رده ورفضه للقراءات الشاذة- فإننا نخطئه في رده للقراءات المتواترة، والتي قرأ بها القراء السبعة، الثابتة في مصادر ومراجع علم القراءات.
ففي قوله تعالى: {إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً حَاضِرَةً} (1)، قرئت تجارة حاضرة بالرفع والنصب.
يقول الطبري إنه لا يستجيز القراءة بغير الرفع، في كل من الكلمتان، ويرفض قراءة النصب، وإن كانت متواترة، وقد قرأ بها عاصم (2) وفي قوله
(1) سورة البقرة الآية 282
(2)
النشر 2/ 237.
تعالى: {وَإِنْ كُنْتُمْ عَلَى سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُوا كَاتِبًا فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ} (1)، قرأ ابن كثير وأبو عمرو فرهن بضم الراء والهاء، جمع رهن كسقف وسقف، وروي عنهما أيضا (فرهن)، وقرأ الخمسة نافع وابن عامر وعاصم وحمزة والكسائي (فرهان)، بكسر الهاء وإثبات الألف (2).
ومع تواتر القراءات الثلاث، إلا أن ابن جرير يرد قراءة رهن، ويعلل رده بما يعلله اللغويون؛ فيقول:" لأن جمع فعل على فعل شاذ قليل) (3) وليت ابن جرير طعن في القراءة وسكت، بل اتهم من يقرأ بذلك بأنه يقرأ به من عند نفسه. بل يصف بعض القراء، والمحتج بقراءته، بضعف احتياله في قراءة أخرى؛ ففي قوله تعالى: {وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا} (4) قرأ القراء السبعة بتشديد الفاء، وقرأ نافع وابن كثير وأبو عمرو وابن عامر وأبو جعفر ويعقوب (وكفلها) مفتوحة خفيفة، وبعد أن يسوق الطبري كلاما طويلا يغلظ القول على من يقرأ بالتخفيف، ويقول: " إنهم اعتلوا بحجة دالة على ضعف احتيال المحتج بها " (5).
ويؤكد الطبري موقفه، في موافقة بعض اللغويين، في قبول القراءة واستجادتها، أو رفضها وردها، وتعبيراته المختلفة في الرفض كثيرة، وهاك طائفة يسيرة من ذلك.
قال تعالى {وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ} (6) قرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو وابن عامر وحمزة (عزير) بضم الراء، وحذف التنوين، وقرأ عاصم والكسائي (عزير) بالتنوين.
يقول الطبري: " وأولى القراءتين بالصواب قراءة من قرأ (عزير) بالتنوين "
وفي قوله تعالى: {وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ} (7) قال الطبري قرئت (الأنصار)، بالخفض والرفع، ثم قال، والقراءة التي
(1) سورة البقرة الآية 283
(2)
كتاب السبعة 194 النشر 2/ 237.
(3)
الطبري 3/ 92.
(4)
سورة آل عمران الآية 37
(5)
الآية 37 من سورة آل عمران، وينظر تفسيرها في الطبري. أما تحقيق القراءة- فمن النشر والسبع.
(6)
سورة التوبة الآية 30
(7)
سورة التوبة الآية 100
لا أستجيز غيرها، الخفض في الأنصار، مع أن قراءة الرفع سبعية.
وفي قوله تعالى: {كَأَنَّمَا أُغْشِيَتْ وُجُوهُهُمْ قِطَعًا مِنَ اللَّيْلِ مُظْلِمًا} (1). قرئت قطعا وقطعا؛ بالنصب للطاء وإسكانها، قال الطبري: " القراءة التي لا يجوز خلافها عندي، قراءة من قرأ ذلك بفتح الطاء.
إنها تعبيرات تدل دلالة قاطعة على الرفض الصريح، انظر إلى قوله:" لا أستجيز غيرها " والتي لا يجوز خلافها عندي. . .
ثانيا:
طعنه في القراءات، تبعا لمعنى من المعاني: لم يقتصر طعن ابن جرير الطبري في القراءات، نظرا لتعارضها مع قواعد اللغة حسب نظره، وإنما تعدى طعنه القراءات التي لم توافق المعنى الجدير بالقبول، حسب تأويله، والفرق بين طعنه في الأول، وطعنه في الثاني، أنه يعلل الأول تعليلا لغويا، ويعلل طعنه في الثاني تعليلا معنويا، ويرمي القائل المؤول غير تأويله. بأنه ذو غفلة، أو ذو غباء، أو أغفل وظن خطأ، أو فاسد التأويل.
ويعود طعنه، في مثل هذا النوع إلى اهتمامه بالمعاني واللطائف الدقيقة في القراءات، فإذا وجد قراءة توحي بمعنى من المعاني يذكرها ويوجهها، بصرف النظر عن كون تلك القراءة حجة أو لا، بل قد يفترض القراءة افتراضا، وهو وإن لم يقل بها، إلا أنه لولعه بإبراز المعاني يفترضها، فلا غرو إذا وجدناه يرفض بعض القراءات، ولو كانت متواترة؛ لأنها لم تشبع نهمه في تتبع المعاني القوية، حسب نظره.
ففي سورة الفاتحة أورد الطبري قراءات كثيرة، ثم ذكر الآية (ملك يوم الدين) {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} (2) ثم قال:" وأولى التأويل، وأصح القراءتين في التلاوة عندي، التأويل الأول؛ وهي قراءة من قرأ (ملك) بمعنى الملك " وعلل ذلك بقوله: " لأن في الإقرار له بالانفراد بالملك، إيجابا لانفراده بالملك، وفضيلة زيادة الملك على المالك؛ إذ كان معلوما أن لا ملك إلا وهو مالك، وأكد اختياره
(1) سورة يونس الآية 27
(2)
سورة الفاتحة الآية 4
بسياق الآيات، وأن قوله تعالى {رَبِّ الْعَالَمِينَ} (1) فيه معنى الملكية، فلو قيل {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} (2) من الملك لكان ذلك تكرارا لمعنى واحد بألفاظ مختلفة، ثم أعقب ذلك بقوله: " فبين إذا أن أولى القراءتين بالصواب، وأحق التأويلين بالكتاب، قراءة من قرأه (ملك يوم الدين)، دون قراءة {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} (3)، ثم هاجم الطبري القارئين بـ {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} (4) ورماهم بالغفلة والغباء، وبأنه أغفل وظن خطأ.
لكن ظهر لغير الطبري ترجيحه لهذه القراءة، بل اعتقاده بصوابها، وتخطئته لمن قرأ بمالك، فإن من الأئمة كأبي عبيد من عكس الأمر، ورجح:{مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} (5) ويقول: " والمختار مالك؛ لأن المعنى يملك يوم الدين، وهو يوم الجزاء، ولا يملك ذلك اليوم أن يأتي به، ولا بسائر الأيام، غير الله سبحانه، وهذا ما لا يشاركه فيه مخلوق، في لفظ ولا معنى ".
ونكتفي بمثال آخر، من سورة البقرة، في قوله تعالى:{يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ} (6).
قرأ نافع وابن كثير وأبو عمرو: (يخادعون. . . وما يخادعون بالألف وياء مضمومة والدال المكسورة.
وقرأ عاصم وابن عامر وحمزة والكسائي: يخادعون. . . وما يخدعون) بفتح الياء بغير ألف.
وقد أوجب الطبري القراءة في قوله: (يخدعون) دون (يخادعون)، مع أنهما قراءتان متواترتان، يقول في ذلك: " فالواجب إذا أن يكون الصحيح من القراءة (وما يخدعون)، دون (وما يخادعون)، ثم أخذ يوجه ما ذهب إليه، مستدلا على ذلك بأوجه من التأويل والتفسير المقبول عنده، بما يفيده السياق من معان جديرة بالاعتبار.
يقول: " لأن لفظ المخادع غير موجب تثبيت خديعة على صحة، ولفظ خادع موجب تثبيت خديعة على صحة، ولا شك أن المنافق قد أوجب خديعة
(1) سورة الفاتحة الآية 2
(2)
سورة الفاتحة الآية 4
(3)
سورة الفاتحة الآية 4
(4)
سورة الفاتحة الآية 4
(5)
سورة الفاتحة الآية 4
(6)
سورة البقرة الآية 9
الله لنفسه، بما ركب من خداعه ربه ورسوله والمؤمنين بنفاقه؛ فلذلك وجب الصحة لقراءة من قرأ (وما يخادعون)، ومن الأدلة أيضا على أن قراءة من قرأ (وما يخدعون) أولى بالصحة من قراءة من قرأ (وما يخدعون)؛ إن الله جل ثناؤه قد أخبر عنهم أنهم يخادعون الله والمؤمنين، في أول الآية، فمحال أن ينفي عنهم ما قد أثبت أنهم قد فعلوه؛ لأن ذلك تضاد في المعنى، وذلك غير جائز من الله عز وجل " (1).
يفهم، مما سبق، أن الإمام الطبري اعتمد في ترجيح قراءة متواترة على مثلها، وجعل قوة القراءة لما تحمله من معنى، وليس لقوة سندها المبني على النقل والسماع.
ثالثا:
موقفه من القراءات المخالفة للرسم القرآني
لئن كان الطبري مخطئا في طعنه في القراءات، في القسمين الأوليين، فهو محق ومصيب في رفضه ورده لكل قراءة لا توافق الرسم القرآني.
ففي قوله تعالى: {صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لَا يَرْجِعُونَ} (2).
يقول الطبري:
" قرئ (صما بكما عميا)؛ أي بالرفع والنصب، والقراءة التي هي قراءة، الرفع دون النصب؛ لأنه ليس لأحد خلاف رسوم مصاحف المسلمين، وإذا قرئ نصبا- كانت قراءة مخالفة رسم مصاحفهم، وفي قوله تعالى:{وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ} (3)، ذكر القراءة المتواترة، ثم ذكر قراءات أخرى، مثل:(يطوقونه)، ثم وصفها بأنها شاذة؛ لأنها مخالفة لرسم مصاحف المسلمين. يقول: وأما قراءة من قرأ ذلك (وعلى الذين يطوقونه)؛ فقراءة لمصاحف أهل الإسلام خلاف وغير جائز.
(1) تحقيق القراءة من النشر 207، وانظر تفسيره 1/ 277
(2)
سورة البقرة الآية 18
(3)
سورة البقرة الآية 184