الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المحتويات
الافتتاحية
أسباب حصول الفتن وسبيل النجاة منها لسماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن محمد آل الشيخ 7
الفتاوى
من فتاوى سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ 47
من فتاوى سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز 59
من فتاوى سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله ابن محمد آل الشيخ 73
من فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء 85
البحوث
منقصات التوحيد لفضيلة الدكتور / عبد الله بن عبد العزيز الجبرين 99
أكثر ما قيل في التعزير بالجلد والسجن وبدائل السجن لمعالي الشيخ الدكتور / عبد الله بن محمد المطلق
والشيخ خالد بن علي العرفج 173
أحاديث فضائل الأضحية جمع ودراسة لفضيلة الدكتور: عبد العزيز بن عبد الله الزير آل حمد 211
مع السلف الصالح في الحج لفضيلة الدكتور: بدر بن ناصر البدر 251
بيان من هيئة كبار العلماء حول أحداث الرياض 367
بيان من هيئة كبار العلماء حول ما جرى مؤخرا في المملكة من تفجيرات 375
صفحة فارغة
أسباب حصول الفتن
وسبيل النجاة منها
لسماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن محمد آل الشيخ
الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد أشرف الأنبياء وأشرف المرسلين وعلى آله وصحبه أجمعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين. أما بعد:
فإن المتأمل في حال أمة الإسلام وما آلوا إليه من تفرق وضعف وما يجري عليهم من مصائب وفتن ليتألم أشد الألم، لكن المؤمن الحق لا ييأس من روح الله {وَلَا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لَا يَيْئَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ} (1) فواجب علينا أن نبحث عن الأسباب التي أوصلتنا لهذه الحالة ومن ثم نتلمس طرق العلاج على ضوء الكتاب والسنة، فإن الله سبحانه حكيم عليم ربط الأسباب بمسبباتها وهو سبحانه لا يظلم الناس شيئا ولكن الناس أنفسهم يظلمون، هذا وإن أخطر ما بليت به أمة من الأمم أن تؤتى
(1) سورة يوسف الآية 87
من داخلها من أبنائها وهذا من أخطر الأدواء وأعظم المصائب، يقول الله عز وجل مهددا ومتوعدا:{قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ انْظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الْآيَاتِ لَعَلَّهُمْ يَفْقَهُونَ} (1)
فهذا من أعظم أنواع العذاب فأعظمها أن يأتي العذاب من فوق، ثم من تحت الأرجل، ثم أن يلبس الناس شيعا ويذيق بعضهم بأس بعض، فعن جابر رضي الله عنه قال:«لما نزلت هذه الآية قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أعوذ بوجهك. قال: قال: أعوذ بوجهك. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هذا أهون - أو هذا أيسر- (5)» أخرجه البخاري.
فإذا كان هذا النوع على ما فيه من الشدة والبلاء هو أيسر نوعي العذاب الذي توعد الله به عباده فالواجب الحذر.
أيها الإخوة في الله .. إن خطر هذا النوع من العذاب يكمن في أمور:
أولا: أنه نوع من أنواع العذاب التي تنبي عن سخط الجبار عز وجل.
(1) سورة الأنعام الآية 65
(2)
صحيح البخاري تفسير القرآن (4628)، سنن الترمذي تفسير القرآن (3065)، مسند أحمد بن حنبل (3/ 309).
(3)
سورة الأنعام الآية 65 (2){قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ}
(4)
سورة الأنعام الآية 65 (3){أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ}
(5)
سورة الأنعام الآية 65 (4){أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ}
وثانيها: أن نبي الهدى والرحمة محمد صلى الله عليه وسلم علم خطرها واستشعرها، ومن رحمته بأمته جعلها إحدى ثلاث دعوات دعا بهن ربه عز وجل، يقول النبي صلى الله عليه وسلم:«سألت ربي ثلاثا فأعطاني ثنتين ومنعني واحدة. سألت ربى: ألا يهلك أمتي بالسنة فأعطانيها، وسألته أن لا يهلك أمتي بالغرق فأعطانيها، وسألته أن لا يجعل بأسهم بينهم فمنعنيها (1)» أخرجه مسلم.
وثالثها: أن الأمة حيث تصاب من داخلها تكون مصيبتها في نفسها وعدوها منها، فإن حاربت وقاتلت فإنما يقاتل المرء أخاه، وإن سكتت وكفت سكتت على بلاء عظيم يزداد سوءا وخطرا فهي فتنة يظل فيها الحليم حيرانا.
ومعنى أن يلبس الناس شيعا ويذيق بعضهم بأس بعض قال ابن عباس رضي الله عنهما: (الأهواء والاختلاف). وقال مجاهد: يعني ما فيهم من الاختلاف والفتن. وعنه: أنها الأهواء المتفرقة.
وقال ابن زيد: الذي فيه الناس اليوم من الاختلاف والأهواء وسفك دماء بعضهم بعضا (2).
ولما كان التفرق والتحزب بلاء ونقمة نهى الله عباده عن القصد إليه وأمرهم بالاجتماع على الحق، فقال سبحانه:{وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا} (3) وأخبر أن نبيه صلى الله عليه وسلم بريء
(1) صحيح مسلم الفتن وأشراط الساعة (2890)، مسند أحمد بن حنبل (1/ 182).
(2)
جامع البيان في تأويل القرآن، للطبري (سورة الأنعام آية رقم 265).
(3)
سورة آل عمران الآية 103
من الذين فرقوا دينهم، قال سبحانه:{إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ} (1) وكذلك حذرنا نبينا صلى الله عليه وسلم من التفرق والتحزب والتشيع. يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «افترقت اليهود على إحدى أو ثنتين وسبعين فرقة وتفرقت النصارى على إحدى أو ثنتين وسبعين فرقة، وتفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة (2)» . وفي بعض الروايات بزيادة «كلها في النار إلا فرقة (3)» .
والمقصود أن التفرق عقوبة من الله عز وجل وهو أيضا محرم على أهل الإسلام فلا يجوز لهم السعي في الافتراق والبعد عن هذا الصراط المستقيم، كما أنه سبب للفرقة والافتراق فهو سبب لحصول الاقتتال والعداوات، كل هذا إنما يحصل بسبب الجهل أو البغي والظلم، والنبي صلى الله عليه وسلم قد أخبر عن كثرة القتل في آخر الزمان يقول النبي صلى الله عليه وسلم:«لا تقوم الساعة حتى يقبض العلم وتكثر الزلازل ويتقارب الزمان وتظهر الفتن ويكثر الهرج - وهو القتل القتل - حتى يكثر فيكم المال فيفيض (4)» . أخرجه البخاري ومسلم بنحوه.
هذا وإنه لما ظهر في زماننا بعض من حادوا عن الصراط المستقيم وخرجوا على جماعة المسلمين وشذوا عنهم ووقعت بسببهم
(1) سورة الأنعام الآية 159
(2)
سنن الترمذي الإيمان (2640)، سنن أبو داود السنة (4596)، سنن ابن ماجه الفتن (3991)، مسند أحمد بن حنبل (2/ 332).
(3)
سنن ابن ماجه الفتن (3993)، مسند أحمد بن حنبل (3/ 120).
(4)
صحيح البخاري الجمعة (1036)، سنن ابن ماجه الفتن (4047)، مسند أحمد بن حنبل (2/ 530).