الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فيقول لكل واحد: ما أمرك عيالك أن تشتري لهم من المدينة من طرفها؟ فيقول: كذا وكذا، ثم يخرجهم إلى مكة، فإذا قضوا حجهم، قال لكل واحد منهم: ما أمرك عيالك أن تشتري لهم من متاع مكة؟ فيقول: كذا وكذا فيشتري لهم، ثم يخرجهم من مكة فلا يزال ينفق عليهم إلى أن يصيروا إلى مرو، فإذا كان بعد ثلاثة أيام عمل لهم وليمة وكساهم، فإذا أكلوا وسروا دعا بالصندوق ففتحه ودفع إلى كل رجل منهم صرته، عليها اسمه) (1).
روي أنه قال له الفضيل بن عياض: (أنت تأمرنا بالزهد والتقلل والبلغة ونراك تأتي بالبضائع كيف ذا؟ -أي كان تاجرا- قال: يا أبا علي إنما أفعل ذا لأصون وجهي، وأكرم عرضي، وأستعين به على طاعة ربي، فقال الفضيل: يا ابن المبارك ما أحسن ذا إن تم ذا)(2).
(1) سير أعلام النبلاء 8/ 385، 386 وانظر: تاريخ بغداد 10/ 157، 158
(2)
سير أعلام النبلاء 8/ 387، وانظر: تاريخ بغداد 10/ 160
المبحث الرابع: أقوالهم في الحج المبرور وتطبيقهم ذلك
ثبت في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما، والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة (1)» ، وللسلف رحمهم الله في المراد بالحج المبرور أقوال كثيرة، وكانت أفعالهم وأحوالهم في
(1) صحيح البخاري الحج (1773)، صحيح مسلم الحج (1349)، سنن الترمذي الحج (933)، سنن النسائي مناسك الحج (2622)، سنن ابن ماجه المناسك (2888)، مسند أحمد بن حنبل (2/ 246)، موطأ مالك الحج (776)، سنن الدارمي المناسك (1795).
الحج تطبيقا لهذه المعاني الفاضلة، والصفات الشريفة.
فمن معاني الحج المبرور فعل الطاعات كلها، والإتيان بأعمال البر، وقد فسر الله تعالى البر بذلك في قوله:{وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِالله وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُون} (1) قال الحافظ ابن رجب رحمه الله: (فتضمنت الآية أن أنواع البر ستة أنواع، من استكملها فقد استكمل البر، أولها: الإيمان بأصول الإيمان الخمسة، وثانيها: إيتاء المال المحبوب لذوي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل والسائلين وفي الرقاب، وثالثها: إقام الصلاة، ورابعها: إيتاء الزكاة، وخامسها: الوفاء بالعهد، وسادسها: الصبر على البأساء والضراء وحين البأس.
وكلها يحتاج الحاج إليها، فإنه لا يصح حجه بدون الإيمان، ولا يكمل حجه ويكون مبرورا بدون إقام الصلاة وإيتاء الزكاة، فإن أركان الإسلام بعضها مرتبطة ببعض، فلا يكمل الإيمان والإسلام حتى يؤتى بها كلها، ولا يكمل بر الحج بدون الوفاء بالعهود في
(1) سورة البقرة الآية 177
المعاقدات والمشاركات المحتاج إليها في سفر الحج، وإيتاء المال المحبوب لمن يحب الله إيتاءه، ويحتاج مع ذلك إلى الصبر على ما يصيبه من المشاق في السفر، فهذه خصال البر، فمن حج من غير إقام الصلاة، لا سيما إن كان حجه تطوعا كان بمنزلة من سعى في ربح درهم وضيع رأس ماله، وهو ألوف كثيرة) (1).
وقد كان السلف رحمهم الله يواظبون على فعل الطاعات ونوافل القربات في حجهم، ويستثمرون ساعاته ويعمرون أيامه بالأعمال الصالحة، كانوا حريصين على قيام الليل، وتلاوة القرآن وأنواع الذكر، على العكس من حال بعض الحجاج الآن -هدانا الله وإياهم- الذين شغلوا بالقيل والقال والخوض في أعراض الناس والمجادلة بالباطل، مع كثرة اللهو واللعب والمزاح، وقد يتعدى الأمر بهم إلى السب والشتم وفعل ما لا يليق بالمسلم، خصوصا في تلك المشاعر المقدسة وفي أجل القربات وأفضل الطاعات الحج.
كان مسروق رحمه الله يكثر من السجود والإطالة فيه، لعلمه أن أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد، كما ثبت عن المصطفى صلى الله عليه وسلم، وكان محمد بن واسع يكثر من نوافل الصلوات، وإذا ركب راحلته أومأ إيماء، ويأمر حاديه أن يرفع صوته
(1) لطائف المعارف 414، 415
خلفه حتى يشغل عنه الناس بسماع صوته فلا يتفطن له، وكان المغيرة بن الحكم الصنعاني يحج من اليمن ماشيا وكان له ورد من الليل يقرأ فيه كل ليلة ثلث القرآن (1). ومن معاني بر الحج كثرة ذكر الله تعالى فيه، وقد أمر الله تعالى بكثرة ذكره في إقامة مناسك الحج مرة بعد أخرى، قال تعالى:{لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا الله عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ وَإِنْ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّالِّين} (2){ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُوا الله إِنَّ الله غَفُورٌ رَحِيمٌ} (3){فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا الله كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا فَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ} (4){وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} (5){أُولَئِكَ لَهُمْ نَصِيبٌ مِمَّا كَسَبُوا وَالله سَرِيعُ الْحِسَابِ} (6){وَاذْكُرُوا الله فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ} (7) فانظر -أخي الحاج- كيف أمر الله بذكره واستغفاره ودعائه في هذه المواضع، ونبه على ذلك حثا لحجاج بيته الحرام أن يستغلوا تلك الأزمات الشريفة والأماكن الفاضلة بما هي أهله من الطاعات
(1) ينظر هذه الآثار: لطائف المعارف 415
(2)
سورة البقرة الآية 198
(3)
سورة البقرة الآية 199
(4)
سورة البقرة الآية 200
(5)
سورة البقرة الآية 201
(6)
سورة البقرة الآية 202
(7)
سورة البقرة الآية 203
والقربات، وأعظمها ذكره جل وعلا واستغفاره، عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنما جعل الطواف بالبيت وبالصفا والمروة ورمي الجمار لإقامة ذكر الله تعالى (1)» رواه أبو داود والترمذي وصححه، ولفظه:«إنما جعل رمي الجمار والسعي بين الصفا والمروة لإقامة ذكر الله تعالى (2)» ورواه غيرهما، قال بعض أهل العلم: إنما كان ختام الأعمال الصالحة، ومنها الحج بالذكر والاستغفار لأن العبد محل تقصير في أداء تلك الطاعة، يعتوره النقص والخلل وعدم أداء ما وجب عليه حق القيام. ومن الذكر في الحج التلبية فيه ورفع الصوت بذلك والدعاء معه، كما هو فعل الصحابة رضي الله عنهم، فعن ابن عمر رضي الله عنهم، «أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا استوت به راحلته قائمة عند مسجد ذي الحليفة أهل -أي رفع صوته- فقال: لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك (3)»، وكان عبد الله يزيد مع هذا:«لبيك لبيك وسعديك والخير بيديك والرغباء إليك والعمل (4)» متفق عليه.
(1) رواه الترمذي- كتاب الحج- باب ما جاء كيف ترمى الجمار- 3/ 246 رقم 902، وأبو داود -كتاب المناسك- باب في الرمل 2/ 179 رقم 1888
(2)
سنن الترمذي الحج (902)، سنن أبو داود المناسك (1888)، مسند أحمد بن حنبل (6/ 75)، سنن الدارمي المناسك (1853).
(3)
صحيح مسلم الحج (1184).
(4)
رواه البخاري في صحيحه -كتاب الحج -باب التلبية 3/ 408 برقم 1459، ورواه مسلم في صحيحه -كتاب الحج- باب التلبية وصفتها ووقتها 8/ 88
وعن جابر رضي الله عنه قال: أهل رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر التلبية. مثل حديث ابن عمر، والناس يزيدون " ذا المعارج (1) ونحوه من الكلام، والنبي صلى الله عليه وسلم يسمع، فلا يقول لهم شيئا (2)، وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال:«خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، ونحن نصرخ بالحج صراخا (3)» الحديث، أي: نرفع أصواتنا بالتلبية، وما ذاك إلا لأن التلبية من شعار الحاج في الظاهر، وفيها اشتغال بذكر الله المتضمن كلمة التوحيد وتحقيقها ونفي الشرك ومخالفة المشركين.
ومن معاني الحج المبرور الإحسان إلى الناس ومعاملتهم بالمعروف وحسن الخلق معهما، ففي صحيح مسلم «أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن البر فقال: حسن الخلق (4)»، وهذا الأمر يحتاج إليه الحاج كثيرا، فينبغي له أن يتحلى به ويجاهد نفسه في تحقيقه، فيعامل الناس بالمعروف ويحسن إليهم بالقول والفعل، وما سمي السفر
(1) رواه أبو داود في سننه -كتاب الحج- باب كيف التلبية 2/ 162 برقم 1813
(2)
قال الهيثمي في المجمع 3/ 223" رواه البزار مرفوعا وموقوفا، ولم يسم شيخه في المرفوع"
(3)
رواه مسلم في صحيحه -كتاب الحج- باب جواز التمتع في الحج والقران 8/ 232
(4)
رواه مسلم في صحيحه -كتاب البر والصلة والآداب- باب تفسير البر والإثم 16/ 111 من حديث النواس بن سمعان رضي الله عنه
سفرا إلا لأنه يسفر عن أخلاق الرجال.
ويتبع ذلك إطعام الطعام وإفشاء السلام، عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«الحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة، قالوا: وما بر الحج يا رسول الله؟ قال: إطعام الطعام وإفشاء السلام (1)» ، وفي لفظ آخر:«وطيب الكلام (2)» حديث حسن رواه أحمد والطبراني في الأوسط، ومن أجمع خصال البر التي يحتاج إليها الحاج وصية النبي صلى الله عليه وسلم أباجري الهجيمي بقوله:«لا تحقرن من المعروف شيئا ولو أن تفرغ من دلوك في إناء المستسقي، ولو أن تعطي صلة الحبل، ولو أن تعطي شسع النعل، ولو أن تنحي الشيء من طريق الناس يؤذيهم، ولو أن تلقى أخاك ووجهك إليه منطلق، ولو أن تلقى أخاك المسلم فتسلم عليه، ولو أن تؤنس الوحشان في الأرض (3)» حديث صحيح رواه أحمد وأبو داود وغيرهما. وأقوال الصحابة ومن بعدهم في بر الحج ومروءة السفر وحقوقه كثيرة، منها قول ابن عمر رضي الله عنهما:(البر شيء هين، وجه طليق وكلام لين)، وسئل سعيد بن جبير: أي الحاج أفضل؟ قال:
(1) صحيح البخاري الحج (1773)، صحيح مسلم الحج (1349)، سنن الترمذي الحج (933)، سنن النسائي مناسك الحج (2629)، سنن ابن ماجه المناسك (2888)، مسند أحمد بن حنبل (2/ 246)، موطأ مالك الحج (776)، سنن الدارمي المناسك (1795).
(2)
سبق تخريجه
(3)
رواه أحمد في المسند 5/ 63 - 64، وأبو داود في سننه -كتاب اللباس- باب ما جاء في إسبال الإزار رقم 4084/ 4/ 56
(من أطعم الطعام وكف لسانه)، وقال ربيعة:(المروءة في السفر: بذل الزاد، وقلة الخلاف على الأصحاب، وكثرة المزاح في غير مساخط الله عز وجل، وقال أبو جعفر الباقر: (ما يعبأ بمن يؤم هذا البيت إذا لم يأت بثلاثة: ورع يحجزه عن معاصي الله، وحلم يكف به غضبه، وحسن صحابة لمن يصحبه من المسلمين)، وجاء رجلان إلى ابن عون يودعانه ويسألانه أن يوصيهما، فقال لهما:(عليكما بكظم الغيظ وبذل الزاد)، وروى عبد الرزاق عن الثوري قال:(سمعنا أن بر الحج طيب الطعام وطيب الكلام)(1).
وفي حج السلف من الصحابة والتابعين رحمهم الله تحقيق لهذه المعاني، قال مجاهد:(صحبت ابن عمر في السفر لأخدمه، فكان يخدمني)، وكان إبراهيم بن أدهم يشترط على أصحابه في السفر الخدمة والأذان، وخدمتهم لأصحابهم ليس لعدم شغلهم بشيء، بل كانوا في خدمة أصحابهم مع اشتغالهم بطاعة الله، وروي عن كثير من السلف أنه كان يشترط على أصحابه في السفر أن يخدمهم، اغتناما لأجر ذلك، منهم عامر بن عبد قيس وعمرو بن عتبة بن فرقد، مع اجتهادهما في العبادة في أنفسهما، وروي عن بعضهم أن كان يصحب إخوانه في سفر الجهاد وغيره، فيشترط
(1) ينظر لهذه الآثار: لطائف المعارف 411، 412
عليهم أن يخدمهم، (فكان إذا رأى رجلا يريد أن يغسل ثوبه قال له: هذا من شرطي فيغسله، وإذا رأى من يريد أن يغسل رأسه قال: هذا من شرطي فيغسله) (1).
إن المسلم في أوقات العبادة والحضور في الرحاب الطاهرة، يلتزم بأكمل الآداب، ويتحلى بشريف الخصال، فكيف بالحضور في بيت الله المحرم والمشاعر المقدسة، فمما يكمل بر الحج اجتناب الإثم والمعاصي فيه، قال تعالى {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ الله وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَاب} (2) وفي الحديث الصحيح:«من حج هذا البيت فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه (3)» متفق عليه، واللفظ للبخاري من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
قال أهل العلم: (الرفث: الجماع ودواعيه، والفسوق: المعاصي، والجدال: المخاصمة بالباطل)(4)، فنهى سبحانه عن هذا كله، وأمر حجاج بيته وهم في رحابه أن يتزودوا بزاد التقوى، فهو
(1) ينظر لهذه الآثار: لطائف المعارف 412، 413، سير أعلام النبلاء 4/ 17
(2)
سورة البقرة الآية 197
(3)
صحيح البخاري الحج (1820)، صحيح مسلم الحج (1350)، سنن الترمذي الحج (811)، سنن النسائي مناسك الحج (2627)، سنن ابن ماجه المناسك (2889)، مسند أحمد بن حنبل (2/ 410)، سنن الدارمي المناسك (1796).
(4)
ينظر: تفسير القرآن العظيم 1/ 543 - 547.
خير الزاد، فيتحرى الحاج كل بر، ويتباعد عن كل منكر وإثم، فما تزود حاج ولا غيره بأفضل من زاد التقوى، ولا وصية أجل من الوصية بالتقوى وتحقيقها، وهكذا كان السلف يوصي بعضهم بعضا، قال بعضهم لمن ودعه:(اتق الله، فمن اتقى الله فلا وحشة عليه)، وقال آخر لمن ودعه للحج: أوصيك بما وصى به النبي صلى الله عليه وسلم معاذا حين ودعه «اتق الله حيثما كنت، وأتبع السيئة الحسنة تمحها، وخالق الناس بخلق حسن (1)» .
إن تقوى الله عز وجل جنة يستجن بها العبد من المعاصي والذنوب، وزاد مبارك يبلغه رضوان الله وجنته، يقول علي رضي الله عنه:(التقوى الخوف من الجليل، والعمل بالتنزيل، والقناعة من الدنيا بالقليل، والاستعداد ليوم الرحيل)، وقال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه:(تقوى الله: أن يطاع فلا يعصى، ويذكر فلا ينسى، ويشكر فلا يكفر)(2)، وقال الحسن البصري رحمه الله:(التقوى ألا يفقدك الله حيث أمرك، ولا يراك حيث نهاك).
ومن بر الحج سقي الماء وبذله للآخرين، فالحجاج في تلك
(1) رواه الترمذي - كتاب البر والصلة - باب ما جاء في معاشرة الناس 4/ 313 رقم 1987.
(2)
رواه عنه الطبري في تفسيره 7/ 65.