الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(21)
صُورَةُ سُؤَالَاتٍ وَأَجْوِبَةٍ عَنْهَا
ورد على الشيخ - رحمه الله تعالى - من دمشقٍ:
مَا تقولُ السّادة العلماء الحنفية أئمة الدين، وعلماء المسلمين رضي الله عنهم أجمعين في رجلٍ شافعي المذهب، عالمٍ بالفرائض، يرجع إليه في ذلك في بلده يقول: إنّ فرائض الحنفية ناقصة كثيرًا مما نصن عليه الجمهور من العلماء.
من ذلك: أنهم لم يذكروا في باب الموانع: أنّ الدور الحكمي مانعٌ أم لا؟ وقد نصّ عليه الجمهور.
ولم يذكروا في باب الردّ ما إذا كان في الورثة خنثى كأمّ وأختٍ لأبوين وخنثى لأب وزوجة وولد ابنٍ خنثى وأم أختٍ لأبوين، وأختٍ وخنثى وأمّ وولديها وأختٍ وخنثى لأب.
ولم يذكروا في باب العول (1) ما إذا كان في الورثة خنثى مع مخالفة أبي يوسف لأبي حنيفة ومحمّد في صوابه.
ولم يذكروا في باب المناسخات اختصارها وهو من المهمّات.
ولا في باب الحمل ما إذا اختلف حال الحمل ومورثه في الدين ككافرٍ ماتَ عن كافرةٍ حاملٍ أو من غيره كزوجةِ ابنه، ثم أسلمت قبل الوضع.
(1) في المخطوط: القول، والصواب ما أثبت.
ولا ما استهل أحد التوأمين وماتا ولم يعرف المستهل. وفيه تفصيلٌ وله أحكامٌ.
ولا من مسائل الجهل بالسابق موتًا ما لو علمَ، ثم نسيَ.
وأمّا فلم يتعرضوا فيما إذا أوصى بمثل النصيب وكان في الورثة خنثى أو خناثى ولا دوريات الأقرار ولا دوريات الوصايا ولا العين (1) والدين، ولا ما إذا اجتمع وصيّته لوارثٍ ولغير وارثٍ في جنسٍ مع إطناب السلف والخلف في كيفية القسمة في أمثال لذلك مما نصّ عليه المصنفون من أرباب المذاهب. وطالعت الكثير فلم أجد عينًا ولا أثرًا وراجعت الكثير، فلم أجد حسًّا ولا خبرًا، بل غايته كلام لا نقل ولا تخريج.
هذا حاصل الكلام، وإن كانت العبارات مختلفة حتى اشتدّ بعض الناس.
ألا يا تابعي النعمان نوحوا
…
على علمائكم وأبدوا انتحابا
فمنهم قد خلا شام ومصر
…
فمعهد فضلكم أضحى خرابا
أجاب الشيخ - رحمه الله تعالى -:
الحمد لله، ربّ زدني علمًا.
ليس الأمر كما زعم من نقص فرائضنا، وما ذكر من المسائل فموجودٌ في كتب علمائنا تنصيصًا وتأصيلًا، وغالب ما يوجد في كتب أئمة هذا القائل
(1) في المخطوط: (نعين) والصواب ما أثبت.
فمبلغ علمائنا وهم السّابقون إلى استنباط الفقه، وتدوينه. وعنهم أخذ واقتفى.
فقد دوّن الفقه عن إملاء أبي يوسف من قبل سنة 181 إحدى وثمانين ومئة.
ودوّن الحسن بن زياد كتاب المقالات في حساب الوصايا وأعمال الدّور، وإخراج المجهولات في هذا التاريخ.
ودوّن عن إملاء محمد والحسن: كتاب الخنثى، وكتاب فرائض الخنثى، وكتاب الدّور، وكتاب حساب الوصايا، قبل 189 تسعٍ وثمانين ومئة.
وروينا في تاريخ الخطيب (1)، عن الشافعي أنه قال: أخذت عن محمّد ابن الحسن، وَقْرَ [بُخْتي] كتبًا (2).
ورويناه في طبقات ابن سعدٍ (3)، عن الربيع وسليمان عنه
(1) ترجمة الإمام محمد بن الحسن بن فرقد الشيباني في تاريخ بغداد (2/ 172).
(2)
قال الخطيب (2/ 176): أخبرنا محمد بن أحمد بن رزق قال: أنبأنا عثمان بن أحمد الدقاق قال: أنبأنا محمد بن إسماعيل التمار الرقي قال: حدثني الربيع قال: سمعت الشافعي يقول: حملت عن محمد بن الحسن وِقْرَ بُخْتي كتبًا. وانظر تاريخ الإسلام للذهبي (وفيات 189)(ص 359) والعبر له (1/ 302) والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي (1/ 186).
وانظره أيضًا في تهذيب الأسماء واللغات للنووي (1/ 81) وفيه: وقري بختي. وطبقات الشافعية لأبي إسحاق للشيرازي الفيروزآبادي (ص 135) وفيه: وقر بعير، وكذا في وفيات الأعيان (4/ 184).
(3)
لم أجده في الطبقات الكبرى لابن سعد. قال ابن سعد (7/ 336): محمد بن الحسن، ويكنى أبا عبد الله، مولى لبني شيبان، وكان أصله من أهل الجزيرة، وكان أبوه في جند أهل الشام، فقدم واسط، فولد محمد بها في سنة اثنتين وثلاثين ومئة، ونشأ بالكوفة، وطلب الحديث، وسمع سماعًا كثيرًا من: مسعر، ومالك بن مغول،=
ورويناه في بيان المنتظم.
وقرأته على حافظ العصر أحمد بن علي بن حجر في كتاب الإنباء (1) من تصنيفه، وأجازني به في سابع عشر شهر رجب سنة خمسين وثلاثين وثمان مئة.
وروينا في تاريخ الخطيب (2)، عن إبراهيم الحربي (3): قلت لأحمد بن حنبل: من أين لك هذه المسائل الدقاق؟ قال: من كتب محمد بن الحسن.
وكذلك رواه ابن الجوزي في المنتظم (4)، وفيه: رويناه من طريق الخطيب هذا.
= وعمر بن ذر، وسفيان الثوري، والأوزاعي، وابن جريج، ومحل الضبي، وبكر بن ماعز، وأبي حرة، وعيسى الخياط، وغيرهم، وجالس أبا حنيفة، وسمع منه، ونظر في الرأي، فغلب عليه، وعرف به، ونفذ فيه، وقدم بغداد فنزلها، واختلف إليه الناس، وسمعوا منه الحديث والرأي، وخرج إلى الرقة وهارون أمير المؤمنين بها، فولاه قضاء الرقة، ثم عزله، فقدم بغداد، فلما خرج هارون إلى الريّ الخرجة الأولى أمره، فخرج معه، فمات بالري سنة تسع وثمانين ومئة، وهو ابن ثمان وخمسين سنة.
(1)
تحرف في المخطوط إلى: (الانبار). ولعله: كتاب إنباء الغمر بأبناء العمر.
(2)
(2/ 177) قال: حدثني الخلال قال: حدثنا علي بن عمرو، أن علي بن محمد النخعي حدثهم قال: حدثنا أبو بكر القراطيسي قال: حدثنا إبراهيم الحربي قال: سألت أحمد بن حنبل قلت: هذه المسائل الدقائق من أين لك؟ قال: من كتب محمد بن الحسن.
وانظره في تهذيب الأسماء واللغات للنووي (1/ 81 - 82) والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي (1/ 186) وتاريخ الإسلام للذهبي (وفيات 189)(ص 360).
(3)
تحرف في المخطوط إلى: (الخبري).
(4)
لم أجده في المطبوع من المنتظم.
وأما النقل بالمسائل المذكورة، فقال محمَّدٌ في الإملاء: ولو كانت للرَّجل عمَّةٌ أو مولى نعمةٍ (1)، فأقرَّت العمَّة أو مولى النِّعمة (2) بأخٍ للميِّت من أبيه أو بأُمِّه أو بعمٍّ أو بابن عمٍّ، أخذ المقَرُّ [له] الميراث كلَّه، لأنّ الوارث المعروف أقرَّ بأنَّه (3) مقدَّمٌ عليه في استحقاق ماله، وإقراره حجَّةٌ على نفسه. انتهى.
فلمَّا لم يكن في هذا دورٌ عندنا لم يذكر في الموانع وذكر في بابه (4).
حتى ذكر في الملقبات: قال في الإسفار: ومنها أدخلني أخرجك. فذكر هذه المسألة.
وأمّا إذا كان مع الجد أخوة وفيهم خنثى فهذه المسألة مأخوذٌ حكمها مما أصّل الأئمة.
(1) في المخطوط: (عمة).
(2)
في المخطوط: (العمة).
(3)
في المخطوط: (بأن).
(4)
قال صاحب رد المحتار (23/ 231): قالوا: إنّ الإقرار بنسبٍ على غيره يصحّ في حق نفسه، حتى تلزمه الأحكام من النّفقة والحضانة لا في حقّ غيره، وقد رأيت المسألة منقولةً، ولله تعالى الحمد والمنّة في فتاوى العلاّمة قاسم بن قطلوبغا الحنفيّ، ونصّه: قال محمّد في الإملاء: ولو كانت للرّجل عمّةٌ أو مولى نعمةٍ فأقرّت العمّة أو مولى النّعمة بأخٍ للميّت من أبيه أو أمّه أو بعمٍّ أو بابن عمٍّ أخذ المقرّ له الميراث كلّه؛ لأن الوارث المعروف أقرّ بأنهّ مقدّمٌ عليه في استحقاق ماله وإقراره حجّةٌ على نفسه. اهـ هذا كلامه، ثمَّ قال: فلمّا لم يكن في هذا دور عندنا لم يذكر في الموانع وذكر في بابه. اهـ. وانظره أيضًا في حاشية رد المحتار (6/ 178) وتكملة حاشية رد المحتار (2/ 315).