الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لأنهّم يلحقون بالفرض ما ليس منه. انتهى بحروفه حرفاً بحرفٍ. حتى قوله: وصفه. فقلت: هو أرجل قد عمدَ إلى تعطيل ما فيه الثواب الجزيل بدعوى كاذبة بلا دليلٍ، واعتمد الضعيف والمؤوّل. وترك ما عليه المعوّل. وصحح ما لم يسبق إلى تصحيحه، ولا عوّل أحدٌ عليه مع النقل المخلّ، والألفاظ الزائدة. وذكر ما ليس له في هذا المحل.
*
فائدة:
وبيان ذلك: أن في قوله: يكره صوم السبت. إلى قوله: بكلّ حالٍ. تكرّر بلا فائدة.
وقوله عند أبي حنيفة هذا مما عُزيَ إلى المحيط الكبير.
وأمّا المحيط البرهاني والذخيرة البرهانية بصيغة تدل على أنه خلاف الأصول.
وعقّبه في الذخيرة: بأنّ الصحيح خلافه. وفي المحيط كذلك كما سيأتي.
وأمّا قوله: وعن أبي يوسف. . . الخ. فنقل مختل، فقد اتفقت عبارات الكتب على أنّ المنقول عن أبي يوسف ما هو في رواية الكرخي: كانوا يكرهون أنّه يُتْبِعُوا رمضان صياماً، خوفاً أن يلحق ذلك بالفريضة.
فهم منهم صاحب الحقائق: أنّه كرة التتابع. فهذا تأويله عنده.
وقال صاحب البدائع (1): الإتباع المكروه: أن يصوم يوم العيدِ، وخمسةً
(1) قال في بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (4/ 149): إتباع رمضان بستٍّ من شوَّالٍ كذا قال أبو يوسف: كانوا يكرهون أن يتبعوا رمضان صوماً خوفًا أن يلحق ذلك بالفرضية. وكذا روي عن مالكٍ أنّه قال: أكره أن يتبع رمضان بستٍّ من شوَّالٍ،=
بعدهُ. فهذا معنى قول أبي يوسف عنده.
وقد أخذ هذا من إملاء الحسن بن زياد كما سأذكر.
وهذا معنى قولي: اعتمد الضعيف والمأوّل.
وأمّا أنه ما ترك ما عليه المعوّل، فأسوقه لك من عهد أصحاب أبي حنيفة، وإلى زمان مشايخنا قرناً بعدَ قرنٍ. فقال: إنَّه قولٌ وفعلٌ في الغايةِ عن الحسنِ ابن زياد: أنّه كان لا يرى بصومها بأساً. ويقول: كفى يوم الفطر مفرّقاً بينهنّ وبين رمضان.
ومحمد والحسن بن زياد من أصحاب أبي حنيفة، وكان وفاة محمد سنة 189 (1)، ووفاة الحسن سنة 204 (2).
= وما رأيت أحداً من أهل الفقه والعلم يصومها، ولم يبلغنا عن أحدٍ من السلف، وإنّ أهل العلم يكرهون ذلك ويخافون بدعته، وأن يلحق أهل الجفاء برمضان ما ليس منه، والإتباع المكروه هو: أن يصوم يوم الفطر، ويصوم بعده خمسة أيّامٍ.
فأمَّا إذا أفطر يوم العيد ثمّ صام بعده ستة أيام: فليس بمكروه، بل هو مستحبٌّ وسنَّةٌ.
(1)
هو الفقيه العلاّمة، مفتي العراقيين، محمد بن الحسن بن فرقد الشيباني، أبو عبد الله الكوفي. قال الإمام أحمد: كان أبو يوسف منصفاً في الحديث، وأما محمد فكان مخالفاً للأثر - يعني: يخالف الأحاديث ويأخذ بعموم القرآن -. وقال الذهبي: كان - رحمه الله تعالى - آيةً في الذكاء، ذا عقل تامّ، وسؤدد، وكثرة تلاوة للقرآن. تاريخ الإسلام (وفيات 189)(ص 358 - 362).
(2)
تحرف في المخطوط إلى: (24). قال المصنف في تاج التراجم (ص 7): الحسن ابن زياد اللؤلؤي، ولي القضاء ثم استعفى عنه، وكان يكسو مماليكه كما يكسو نفسه، وكان يختلف إلى أبي يوسف، وإلى زفر. قال يحيى بن آدم: ما رأيت أفقه من الحسن=
وذكر الطحاوي (1) حديث: "مَنْ صَامَ رَمَضَانَ وَأتبَعَهُ سِتًّا مِنْ شَوَّالٍ". من طرقٍ وافرةٍ.
فكانت وفاته سنة إحدى وعشرين وثلاث مئة، ومولده سنة تسعٍ وعشرين ومئتين (2).
وقال أبو الليث (3) في كتاب النوازل: صوم الستة بعد الفطر متتابعة، منهم من كرهه، والمختار: أنه لا بأس به؛ لأنَّ الكراهة إنما كانت لأنَّه لا يؤمن من أن يعد ذلك من رمضان. فيكون تشبّهاً بالنصارى. والآن قد زال هذا المعنى، وكانت وفاته ثلاث وسبعين وثلاث مئة.
وقال الحسام الشهيد (4) في الواقعات: صوم الست من شوال متتابعة بعد الفطر كرهه بعضهم. والمختار: أنّه لا بأس به. ووفاته سنة ست وثلاثين وخمس مئة.
وقال أبو حفص عمر النسفي: بعد صوم رمضان إتباع ستة من شوَّال
= ابن زياد. وقال محمد بن سماعة: سمعت الحسن بن زياد يقول: كتبت عن ابن جريج اثني عشر ألف حديث كلها يحتاج إليها الفقهاء. قال في المبسوط: صنف كتاب المقالات، توفي سنة أربع ومئتين. وانظر ميزان الاعتدال للذهبي (1/ 491) الترجمة (1849) وفيه مقال، قيل عنه: كذاب.
(1)
شرح مشكل الآثار رقم (1939).
(2)
في المخطوط: (ومائين). وهو تصحيف، وسنة موته الصحيحة: سنة ثمان وثلاثين ومئتين، وقال السمعاني: سنة تسع.
(3)
هو نصر بن محمد بن أحمد بن إبراهيم السمرقندي الحنفي.
(4)
مرّت ترجمته.
عند مالكٍ: يُكرهُ. وعندنا: لا يكرهُ. فعدّه مذهباً نصب فيه الخلاف، ووفاته سنة 537 (1).
وقال صاحب الهداية في التجنيس: صوم الست من شوال متصلاً بيوم الفطر يكرهُ عند مالكٍ، وعندنا لا يكرهُ.
وإن اختلف مشايخنا في الأفضل. كذا في المختلف.
وعن أبي يوسف: أنّه كرهه متتابعاً. والمختار: أنّه لا بأس به؛ لأنّ الكراهة إنّما كانت؛ لأنه لا يؤمن أن يعدّ ذلك من رمضان فيكون تشبّهاً بالنصارى، والآن زال هذا المعنى.
(1) قال المصنف في تاج التراجم (ص 16): عمر بن محمد بن أحمد بن إسماعيل بن محمد بن علي بن لقمان، نجم الدين، أبو حفص النسفي، سمع الحديث، له كتاب طلحة الطلبة في اللغة على ألفاظ كتب فقه الحنفية، ونظم الجامع الصغير، وكتب مجاميع حديثية كثيرة التصحيف والخطأ وتغيير الأسماء وإسقاط بعضها، وله كتاب تطويل الأسفار لتحصيل الأخبار، روى فيه عن خمس مئة وخمسين شيخاً، وله كتاب القند في علماء سمرقند، وله شعر حسن، وله المنظومة، وجمع أسماء شيوخه، وكان فقيهاً عارفاً بالمذهب والأدب، ولد سنة إحدى أو اثنتين وستين وأربع مئة، وتوفي بسمرقند ليلة الخميس ثامن عشر جمادى الأولى سنة سبع وثلاثين وخمس مئة. قلت: قال السمعاني: كان إماماً فاضلاً مبرزاً متفننًا، صنف في كل نوع من العلم، في التفسير والحديث والشروط، وصنف قريباً من مئة مصنف، وقد استقرأت عدّة كتب مما صنفه وجمعه، فرأيت فيها أوهاماً كثيرة، فعرفت أنه كان ممن أحب الحديث وطلبه، ولم يرزق فهمه التحرير، وكان له شعر حسن. قلت: ومن ذا يسلم من ذا والله أعلم، ومن مشاهير كتبه: الفتاوى، والحصن، والتفسير، وفيه حوالة على تفسير كبير.
وقال قاضي خان سنة 592 (1)، ووفاة صاحب الحقائق (2) سنة إحدى وسبعين وست مئة.
وقال الإمام الزوزني السديدي (3): صوم الست من شوّال عندنا لا يكرهُ. واختلف مشايخنا في الأفضل؟.
فقال بعضهم: والأفضل: أنه يأتي بستة أيّام متفرقات في الحول.
(1) قال الذهبي في سير أعلام النبلاء (21/ 231 - 232): قاضي خان، هو العلامة شيخ الحنفية، أبو المحاسن حسن بن منصور بن محمود البخاري الحنفي، الأوزجندي، صاحب التصانيف. سمع الكثير من الإمام ظهير الدين الحسن بن علي ابن عبد العزيز. ومن إبراهيم بن عثمان الصفاري وطائفة. وأملى مجالس كثيرة رأيتها. روى عنه: العلامة جمال الدين محمود بن أحمد الحصيري، أحد تلامذته. بقي إلى سنة تسع وثمانين وخمس مئة، فإنه أملى في هذا العام.
وذكر ابن العماد في الشذرات (4/ 308) واللكنوي في الفوائد (64) أن وفاته سنة 592 هـ.
(2)
قال المصنف في تاج التراجم (ص 24): محمود بن محمد بن داود، أبو المحامد الأفسنجي اللولوي البخاري، مولده ببخارى سنة سبع وعشرين وست مئة، وتفقه على الإمام أبي عبد الله محمد بن أحمد بن عبد المجيد القرشي، وكان إماماً فاضلاً، شيخًا صالحاً، عارفاً بالمذهب والتفسير، صنف شرحاً على منظومة الإمام النسفي وسماه: الحقائق، واستشهد في وقعة التتار ببخارى سنة إحدى وسبعين وست مئة.
(3)
تحرف في المخطوط إلى: (السيدي).
قال المصنف في تاج التراجم (ص 22): محمد بن محمود بن محمد تاج الدين أبو المفاخر بن أبي القاسم السديدي الزوزني، شرح المنظومة وزاد عليها، وشرح الزيادات وسماه: ملتقى البحار من منتقى الأخبار، تفقه على الإمام محمود المروزي، وتفقه عليه: ابن عبد العزيز. والله أعلم.
وقال بعضهم: في شوال.
وقال في المحيط (1): قال أبو يوسف: يكرهُ أن يوصل برمضان صوم ستة أيامٍ من شوَّال خوفاً من أن يلحق بالفريضة. وهو قول مالكٍ. والأصحّ: أنّه لا بأس به. والكراهة إنمّا كانت خوفاً من أن يعدّ ذلك من رمضان فيكون تشبيهاً بالنَّصارى. واليوم زال ذلك المعنى. فلا يكرهُ.
(1) قال برهان الدين مازه في المحيط البرهاني (2/ 655 - 656): صوم لست من شوال مكروه عند أبي حنيفة رحمه الله متفرقًا كان أو متتابعًا. وقال أبو يوسف: كانوا يكرهون أن يتبعوا رمضان صياماً خوفاً من أن يلحق بالفريضة.
وعن مالك قال: ما رأيت أحداً من أهل الفقه يصومها، ولم يبلغنا عن أحد من السلف، قال: وكان أهل العلم يكرهون ذلك، ويخافون أن يلحق برمضان ما ليس منه إذا رأوا في ذلك رخصة عند أهل العلم، ورأوهم يفعلون ذلك، فلفظ مالك ولفظ أبي يوسف دليل على أن الكراهة في حق الجهال الذين لا يميزون.
وعن أبي يوسف أنه قال: أكره متتابعاً ولا أكره متفرقاً. ومن المشايخ من قال: ينبغي للعالم أن يصوم سراً، وينهى الجهال عنه، وذكر شمس الأئمة الحلواني في شرح كتاب الصوم: كراهته، وفي نسخة أخرى لشمس الأئمة رحمه الله أن الكراهة في المتصل برمضان، أما إذا أكل بعد العيد أياماً، ثم صام لا يكره بل يستحب.
قال الحاكم الشهيد في "المنتقى": وجدت عن الحسن: أنه كان لا يرى لصوم ستة أيام متتابعاً بعد الفطر بأساً، وكان يقول: كفى بيوم الفطر مفرّقا بينهن وبين شهر رمضان. وعامة المتأخرين لم يروا به بأسًا، واختلفوا فيما بينهم الأفضل هو التفرق أو التتابع، قال القدوري: ورد النهي عن صوم الوصال، وهو أن يصوم ولا يفطر، واختيار الصدر الشهيد في صوم الوصال أنه إن كان يفطر في الأيام المنهية لا يكره، وكان يقول: تأويل النهي أن يصوم جميع الأيام ولا يفطر الأيام المنهية.
ونحوه في الذخيرة.
وقال في الينابيع: ولا يكره الستة المتتابعة عقيب الفطر. وقيل: يكرهُ. والأوّل أصح.
وذكر في عمدة الفتاوى (1): المفتى أنه قيل: الصحيح إذا صام متتابعًا ولم يجعل اليوم الثامن عيدأ لا يكرهُ، وإلاّ فمكروهٌ. وبه نأخذُ.
وقال المرغيناني: فالمرغوياتُ: صوم المحرم، ورجب، وشعبان، وستة أيّامٍ متتابعة مِنْ شوّال.
وقيل: يستحبُّ متفرّقة في الأسبوع يوماً.
وقال أبو بكر الإسماعيلي، والفقيه محمد بن حامد: التتابع فيه أفضل للأخبار.
وقال صاحب المنتقى: يكره صوم ستة من شوال عند أبي يوسف. والأصح: أنّه لا بأس به. والأصل: تفريقها في الحول. وقيل: في شوال يوزع عليه.
وقال في الوافي والكافي والمصفّى (2): يكرهُ عند مالكٍ، وعندنا لا يكره.
(1) قال صاحب كشف الظنون (2/ 1169): عمدة الفتاوى للصدر الشهيد، ذكره ابن نجيم في البحر الرائق، أوله:(الحمد لله خالق الأشياء ورازق الأحياء. . . إلخ)، ذكر أنه: قسم الكتاب على قسمين، ووزعه على الثلاثة والثلاثين، وأدرج فيه: ما يعم وقوعه. . . إلخ، وهو مختصر في مجلد صغير.
(2)
الوافي في الفروع والكافي شرح الوافي والمصفى شرح المنظومة النسفية لحافظ الدين عبد الله بن أحمد بن محمود أبي البركات النسفي، المتوفى سنة 710 هـ. هداية العارفين (1/ 241).
وقال صاحب المجمع (1): ولم يكرهوا إتباع الفطر بستٍّ من شوّال. وكانت وفاته بعد تسعين وست مئة (2).
وقال في الغاية: عامَّة المتأخرين لم يروا به بأساً، واختلفوا: هل الأفضل التفريق أو التتابع؟ وكانت [وفاته] في رجب سنة 710 (3).
(1) قال عبد الرحمن بن الشيخ محمد بن سليمان المدعوّ بشيخ زاده المتوفى سنة 1078 هـ في مجمع الأنهر شرح ملتقى الأبحر (2/ 373): (ولا يكره إتباع الفطر بصوم ستةٍ من شوَّالِ) في المختار؛ لأنَّه وقع الفصل بيوم الفطر فلا يلزم التشبّه بأهل الكتاب فليس بمكروه، بل هو مستحبٌّ وسنةٌ لورود الحديث في هذا الباب.
والإتباع المكروه وهو: أن يصوم يوم الفطر ويصوم بعده خمسة أيامٍ (وتفريقها) أي: صوم الستّة أفضل؛ لأنّه (أبعد عن الكراهة والتشبّه بالنّصارى) في زيادة صيام أيّامٍ على صيامهم.
(2)
لعله الذي ترجمه قال المصنف في تاج التراجم (ص 2): أحمد بن علي بن تغلب بن أبي الضياء، مظفر الدين، ابن الساعاتي، البغدادي الأصل البعلبكي، سكن ببغداد، ونشأ بها، وبرع في الفقه، وكتب الخط المنسوب، وصنف كتاب مجمع البحرين، جمع فيه بين مختصر القدوري والمنظومة مع زوائد، أحسن وأبدع في اختصاره وشرحه في مجلدين، وله كتاب البديم في الأصول، جمع فيه بين أصول فخر الإسلام علي البزدوي والأحكام للآمدي. قلت: وله الدر المنضود في الرد على فيلسوف اليهود؛ يعني: ابن كمونة، وكان رحمه الله موجوداً سنة تسعين وست مئة.
(3)
قال المصنف في تاج التراجم (ص 4): أحمد بن إبراهيم بن عبد الغني، قاضي القضاة، شمس الدين، أبو العباس السروجي، تفقه على الصدر سليمان بن أبى العز، ونجم الدين أبي ظاهر إسحاق بن علي بن يحيى، ولي القضاء بالديار المصرية، وصنف، وأفتى، ووضع شرحاً على كتاب الهداية، سماه: الغاية، انتهى فيه إلى كتاب الإيمان في ست مجلدات ضخمة، توفي بالمدرسة السيوفية بالقاهرة، في=
وقال خاتمة المتأخرين العلامة أكمل الدين (1) في شرح المشارق: وقد اختلف العلماء في صفة هذا الصوم، فذهب مالكٌ: إلى أنه إذا كان متتابعاً يكرهُ. وذهب الأكثرون إلى عدم الكراهة عملاً بظاهر الحديث. وإذا كان متفرقاً في شوّال فهو أبعد عن الكراهة والتشبه بالنّصارى. وكانت وفاته في رمضان سنة ستًّ وثمانين وسبع مئة.
هذا ما حضرني الآن من منصوصاتٍ كتب (2) علمائنا. وبه تبين: أنّ أحداً ممن تقدم هذا القائل لم يقل: إن الكراهة مطلقاً الأصح.
وأمّا الكلام الذي لا فائدة له في هذا المحل فقوله: نسخ رمضان كلّ صومٍ. إلخ.
وقوله: وهذا وظيفة الجهّال. ليس من كلام مالكٍ. وإنمّا هو أوّل كلام
= يوم الخميس ثاني عشر رجب سنة عشر وسبع مئة، ودفن بتربته بجوار قبة الإمام الشافعي رضي الله عنه، ومولده سنة سبع وثلاثين وست مئة.
(1)
قال المصنف في تاج التراجم (ص 22): محمد بن محمد بن محمود، علامة المتأخرين، وخاتمة المحققين، أكمل الدين البابرتي، ورع وساد وأفتى، ودرّس وأفاد، وصنف فأجاد، فمن ذلك: شرح مشارق الأنوار، وشرح الهداية المسمى بالعناية، وشرح أصول البزدوي المسمى بالتقرير، وشرح المنار المسمى بالأنوار، وشرح ألفية ابن معطي، وشرح التلخيص في المعاني والبيان، وشرح مختصر ابن الحاجب الأصلي، وشرح السراجية، ومقدمة في الفرائض، وشرح تلخيص الخلاطي للجامع الكبير قطعتين لم يكمل، وشرح تجريد النصير الطوسي لم يكمل، وحاشية على الكشاف إلى تمام الزهراوين، وكانت وفاته ليلة الجمعة تاسع عشر رمضان المعظم سنة ست وثمانين وسبع مئة.
(2)
في المخطوط: (الكتب).
نفسه، وهو كلامٌ مردودٌ عليه، شاهدٌ عليه، مما لا يخفى.
فقد قال في المغني والغاية: إنّ هذا الصوم مستحبٌّ عند كثير من أهل العلم، روي ذلك عن كعب الأحبار، والشعبي، وميمون بن مِهْرَان (1).
وَبِهِ قال عبد الله بن المبارك، والشافعي، وأحمد بن حنبل، وإسحاق بن راهويه، ومَنْ عَدّدنا من علمائنا.
فكعب الأحبار (2): تابعيٌّ كبيرٌ، روى عن عمر بن الخطاب وجماعة من الصَّحابة.
والشعبي: أدرك خمس مئة صحابي، وسمع من ثمانية وأربعين منهم.
وميمون بن مِهْران: تابعيٌّ أيضاً، وهو قاضي عمر بن عبد العزيز على الجزيرة.
وممن بعدهم من الأئمة المذكورين مشهور عِلْمُهم، واجتهادهم، وقولهم.
وكلُّ حديث فيه فهو موضوع، دعوى كاذبة:
فقد قال (3) الإمام أحمد بن حنبل: هو من ثلاثة أوجه عن النبي صلى الله عليه وسلم.
يريد: أنه روي من حديث أبي أيوب، ومن حديث ثوبان، ومن حديث جابر.
فحديث أبي أيوب: رواه مسلمٌ في صحيحه، والترمذي - وقال: حسنٌ -، وأبو داود، وابن ماجه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَنْ صَامَ رَمَضَانَ، ثُمَّ أتبَعَهُ
(1) تحرف في المخطوط إلى: (مهراد).
(2)
تحرف في المخطوط إلى: (فكيف الأخيار).
(3)
في المخطوط: (قام).
سِتًّا مِنْ شَوَّال، كَانَ كصِيَامِ الدَّهْرِ" (1).
(1) رواه الدارمي (1754) والطيالسي (594) وعبد الرزاق (7918) والإمام أحمد (5/ 417 و 419) وابن أبي شيبة (3/ 97) ومسلم (1164) وأبو داود (2433) والترمذي (759) والنسائي في الكبرى (2862 - 2865) وابن ماجه (1716) وابن خزيمة (2114) وابن حبان (3634) والشاشي (1065) والبيهقي (4/ 292) والبغوي في شرح السنة (1780) من حديث أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه.
قال الترمذي: حديث أبي أيوب حديث حسن صحيح، وقد استحب قوم صيام ستة أيام من شوال بهذا الحديث. قال ابن المبارك: هو حسن، هو مثل صيام ثلاثة أيام من كل شهر. قال ابن المبارك: ويروى في بعض الحديث، ويلحق هذا الصيام برمضان. واختار ابن المبارك أن تكون ستة أيام في أول الشهر، وقد روي عن ابن المبارك أنه قال: إن صام ستة أيام من شوال متفرقًا، فهو جائز. قال: وقد روى عبد العزيز بن محمد، عن صفوان بن سليم وسعد بن سعيد، عن عمر بن ثابت، عن أبي أيوب، عن النبي صلى الله عليه وسلم هذا، وروى شعبة، عن ورقاء بن عمر، عن سعد بن سعيد هذا الحديث، وسعد بن سعيد هو أخو يحيى بن سعيد الأنصاري، وقد تكلّم بعض أهل الحديث في سعد بن سعيد من قبل حفظه. حدثنا هناد قال: أخبرنا الحسين ابن علي الجعفي، عن إسرائيل أبي موسى، عن الحسن البصري قال: كان إذا ذكر عنده صيام ستة أيام من شوال، فيقول: والله لقد رضي الله بصيام هذا الشهر عن السنة كلها.
تنبيه: في إسناد مسلم: سعد بن سعيد بن قيس، ضعيف لسوء حفظه، تابعه صفوان ابن سليم في رواية الدارمي وأبي داود والنسائي وابن حبان وغيرهم، وصفوان بن سليم، ثقة. والله أعلم.
وقال النووي في شرحه لمسلم عقب رقم (1164): فيه دلالة صريحة لمذهب الشافعي وأحمد وداود وموافقيهم في استحباب صوم هذه الستة، وقال مالك وأبو حنيفة: يكره ذلك. قال مالك في الموطأ: ما رأيت أحداً من أهل العلم يصومها. =
وقد أَغنِي بصحيح مسلم وتَحسين الترمذي، من أجل (1) السند.
وحديث ثوبان: رواه أبو داود، والترمذي، والنّسائي، عن الربيع بن سفيان، عن يحيى بن حسان، عن يحيى بن حمزة (2)، عن يحيى بن الحارث، عن أبي أسماء الرّحبي، عن ثوبان (3).
= قالوا: فيكره لئلا يظن وجوبه. ودليل الشافعي وموافقيه: هذا الحديث الصحيح الصريح، وإذا ثبتت السنة لا تترك لترك بعض الناس، أو كثرهم، أو كلهم لها، وقولهم: قد يظن وجوبها، ينتقض بصوم عرفة وعاشوراء وغيرهما من الصوم المندوب. قال أصحابنا: والأفضل: أن تصام الستة متوالية عقب يوم الفطر، فإن فرّقها أو أخّرها عن أوائل شوال إلى أواخره، حصلت فضيلة المتابعة، لأنه يصدق أنه أتبعه ستاً من شوال. قال العلماء: وإنما كان ذلك كصيام الدهر، لأن الحسنة بعشر أمثالها، فرمضان بعشرة أشهر، والستة بشهرين، وقد جاء هذا في حديث مرفوع في كتاب النسائي.
(1)
في المخطوط: (عن أبي). وهو تصحيف. وتبيّن لماذا قال المصنف ذلك.
(2)
تحرف في المخطوط إلى: (همزة). وهو يحيى بن حمزة بن واقد الحضرمي، أبو عبد الرحمن الدمشقي القاضي، مات سنة 183 هـ على الصحيح، وله ثمانون سنة. قال ابن حجر في التقريب: ثقة رمي بالقدر.
(3)
تنبيه: لم أجده في سنن أبي داود وسنن الترمذي. ولعله سبق قلمٍ من المصنف أو الناسخ. والله أعلم. ورواه أحمد (5/ 280) والدارمي (1755) والنسائي في الكبرى (2860) وابن خزيمة (2115) والطحاوي في مشكل الآثار (2348) والطبراني في مسند الشاميين (903) وابن حبان (3635) والبيهقي في السنن (4/ 293) وفي الشعب (3736) وابن المقرئ في معجمه (1229) عن ثوبان: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "صيام شهر بعشرة أشهر، وستة أيام بعدهن بشهرين، فذلك تمام سنة - يعني: شهر رمضان، وستة أيام بعده".
وعن محمود (1) بن خالد، عن محمد بن شُعيب بن شابُور (2)، عن يحيى ابن الحارث، عن أبي أسماء الرحبي، عن ثوبان (3).
وابن ماجه (4): عن هشام بن عمار (5)، [عن بقية]، عن صدقة بن خالد، عن يحيى بن الحارث، عن أبي أسماء، عن ثوبان.
والطّبراني (6)، عن المقدام بن داود، عن أسد بن موسى، حدثنا الوليد ابن مسلم، حدثنا ثور (7) بن يزيد، عن يحيى بن الحارث، عن أبي أسماء، عن ثوبان، عن النبي صلى الله عليه وسلم قَالَ: "مَنْ صَامَ رَمَضَانَ، ثُمَّ أتبَعَهُ ستّاً مِنْ شَوّالَ،
(1) تحرف في المخطوط إلى: (محمد).
(2)
تحرف في المخطوط إلى: (سابون). وهو الأموي الدمشقي، نزيل بيروت، مات سنة 200 هـ. قال ابن حجر في التقريب: صدوق صحيح الكتاب.
(3)
رواه النسائي في الكبرى (2861) وعنه الطحاوي في مشكل الآثار (2349) عن ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:"جعل الله الحسنة بعشر، فشهر بعشرة أشهر، وستة أيام بعد الفطر تمام السنة".
(4)
رواه ابن ماجه (1715) عن ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال:"من صام ستة أيام بعد الفطر كان تمام السنة، من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها".
(5)
تحرف في المخطوط إلى: (حماد).
(6)
رواه الطبراني في الكبير (1451) وفي مسند الشاميين (485) عن ثوبان، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"من صام رمضان ثم أتبعه بست من شوال، فإن ذلك صيام سنة".
ورواه أيضاً في مسند الشاميين (898) عن ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"من صام رمضان، وستاً من شوال، فهو كصيام سنة كلها. قال الله عز وجل: {مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا} [الأنعام: 160] ". وسويد بن عبد العزيز، ضعيف.
(7)
تحرف في المخطوط إلى: (موز).
فَإِنَّ ذَلِكَ صيَامُ سَنَةٍ".
ورواه سعيد بن منصور (1): "مَنْ صَامَ رَمَضَانَ شَهْراً بِعَشْرَةِ أَشْهُرٍ، وَصِيامُ سِتَّة أيامٍ بعدَ الْفِطْرِ، ذَلِكَ إِتْمَامُ سَنَةٍ".
ويحيى بن الحارث، وأبو (2) أسماء الرَّحَبِيّ (3): شرط الحديث.
وحديث جابرٍ:
رواه الإمام أحمد (4)، من طريق عمرو بن جابر الحضرمي، عن جابرٍ (5) ابن عبد الله: أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قالَ: "مَنْ صَامَ رَمَضَانَ وَسِتّةً مِنْ شَوَّالٍ، فَكأَنَّمَا صَامَ السَّنَةَ كُلَّهَا".
وعمرو (6) بن جابر تكلّم فيه، لكن المعنى ثابتٌ بنص الكتاب.
(1) لم أجده في المطبوع من سننه. وأشار إلى رواية سعيد ابن قدامة عن ثوبان هذه في المغني (كتاب الصيام).
(2)
تحرف في المخطوط إلى: (وابن).
(3)
تحرف في المخطوط إلى: (الرحيمه).
(4)
رواه الإمام أحمد (3/ 308 و 324 و 344) قال: حدثنا أبو عبد الرحمن عبد الله بن يزيد المقرئ، حدثنا سعيد بن أبي أيوب، حدثني عمرو بن جابر الحضرمي [ضعيف] قال: سمعت جابر بن عبد الله الأنصاري يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "من صام رمضان وستاً من شوال، فكأنما صام السنة كلها".
ورواه عبد بن حميد (1116) والحارث بن أبي أسامة (334 زوائد) والطحاوي في مشكل الآثار (2350) والبيهقي (4/ 292) وشعب الإيمان (3734).
ورواه الطبراني في الأوسط (7607) من طريقٍ آخر عن جابر رضي الله عنه.
(5)
تحرف في المخطوط إلى: (عمر بن جابر، عن جابر الحضرمي).
(6)
تحرف في المخطوط إلى: (عمر).
قال القاضي أبو بكر بن العربي في كتاب العارضة (1): مَنْ صامَ رَمَضَانَ وَسِتَّةَ أيّامٍ منْ شَوَّالَ بعدَ الْفِطْرِ، لَهُ صَوْمُ الدَّهْرِ. قَطْعاً بِالْقُرآنِ. {مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا} [الأنعام: 160]، شهرٌ بعشرة، وستّة أيّامٍ بشهرين فهذا صوم الدّهرِ.
وفي هذا سؤالان مشهوران:
أحدهما: عند الإمام الطّحاوي في (2) كتاب. . . . . . . . . . . . . . . .
(1) قال ابن العربي في أحكام القرآن (1/ 141 - 142): كره علماء الذين أن تصام الأيّام السّتة الّتي قال النّبيّ صلى الله عليه وسلم فيها: "من صام رمضان وستاً من شوّالٍ، فكأنّما صام الدّهر كلّه" متّصلةً برمضان، مخافة أن يعتقد أهل الجهالة أنّها من رمضان، ورأوا أنّ صومها من ذي القعدة إلى شعبان أفضل؛ لأنّ المقصود منها حاصلٌ بتضعيف الحسنة بعشرة أمثالها متى فعلت؛ بل صومها في الأشهر الحرم وفي شعبان أفضل، ومن اعتقد أنّ صومها مخصوصٌ بثاني يوم العيد فهو مبتدعٌ سالكٌ سنن أهل الكتاب في الزّيادات، داخلٌ في وعيد الشّرع حيث قال:"لتركبن سنن من كان قبلكم. . . الحديث".
وقال (4/ 15): رأى قومٌ من أهل الجفاء أن يصوموا ثاني عيد الفطر ستّة أيّامٍ متوالياتٍ إتماماً لرمضان، لما روي في الحديث:"من صام رمضان وستّاَ من شوّالٍ فكأنّما صام الدّهر". خرّجه مسلمٌ. وهذه الأيّام متى صيمت متّصلةً كان احتذاءً لفعل النّصارى، والنّبيّ صلى الله عليه وسلم لم يرد هذا، إنّما أراد أن من صام رمضان فهو بعشرة أشهرٍ، ومن صام ستة أيّامٍ فهي بشهرين، وذلك الدّهر. ولو كانت من غير شوّالٍ لكان الحكم فيها كذلك، وإنّما أشار النّبيّ صلى الله عليه وسلم بذكر شوّالٍ لا على طريق التّعيين؛ لوجوب مساواة غيرها لها في ذلك؛ وإنمّا ذكر شوَّال على معنى التمثيل، وهذا من بديع النّظر فاعلموه.
(2)
تحرف في المخطوط إلى: (وفي).
مشكل الآثار (1) قال: وقد قالَ قائلٌ: إنّ مثل هذا لا ينبغي أن يقبلَ لِمَا فيه من أنّ صوم غير رمضان يعدل صومَ رمضان، ولا خلافَ في أنّه لا صومَ أفضلَ من صوم رمضانَ.
فالجواب عن ذلك: أنّ صوم رمضان فضيلة. كما ذكره.
من ذلك: ما روي: أَنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قال: "مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَاناً وَاحتِسَاباً غفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبهِ"(2).
وقد روي: "مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إِيمَاناً وَاحْتِسَاباً غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ"(3).
وروي أيضاً: "مَنْ صَامَ رَمَضَانَ وَقَامَهُ إيْمَاناً وَاحتِسَاباً غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ"(4).
[فدلّ ذلك أن] حَقِيْقَةَ الحديث على: الصيام، والقيام. والله أعلم.
وَإذَا كانَ صيامُ رمضانَ مفروضاً، وقيامه مسنوناً، والله عز وجل يجود على عباده من الثواب على أداء الفريضة بما شاء، فقد يكون الله عز وجل يكفّر عن صيام رمضان مع ذلك ما يكون منه في بقية عشرة أشهرٍ، وعلى صومِ ستّة أيّامٍ من شوّال لتكون الحسنة بعشر أمثالها. كما قال الله تعالى في كتابه، فيكون ذلك مع ما جاد به عز وجل لمن يصوم شهر رمضان كفّارة للسّنة كلّها. وبالله التوفيق.
(1) مشكل الآثار (5/ 326).
(2)
رواه البخاري (38 و 1802 و 1910) ومسلم (760) عن أبي هريرة رضي الله عنه.
(3)
رواه البخاري (37 و 1904 و 1905) ومسلم (759) عن أبي هريرة رضي الله عنه.
(4)
رواه الإمام أحمد (2/ 503) والترمذي (683) وابن ماجه (1326) عن أبي هريرة رضي الله عنه.
والثاني: أورده في المغني، ونقله عن الغاية.
فهو: فإن قيل: لا دليلَ في الحديث على فضيلتها؛ لأنّ النبي صلى الله عليه وسلم شبّه صيامها بصيامِ الدّهر، وهو مكروهٌ.
والجواب: أنّه كَرِة صوم الدهر، لما فيه من الضعف، والتشبيه بالتبتل، لولا ذلك لكان فضلاً عظيماً لاستغراقه الزمان بالعبادة والطّاعة.
والمراد بالخبر: التشبّه في حصول العبادة على وجه عُري عن المشقة، كما قال صلى الله عليه وسلم:"مَنْ صَامَ ثَلَاثَة أيامٍ مِنْ كُلِّ شَهرٍ كَانَ كمَنْ صَامَ الدَّهْر"(1).
ذكر ذلك: حثاً على صيامها وبيان فضلها، ولا خلاف في استحبابها.
ونهى النبي صلى الله عليه وسلم عبد الله بن عمرو عن قراءةِ القرآن أقلَّ من ثلاثٍ (2).
وقال صلى الله عليه وسلم: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} فَكَأَنَّمَا قَرَأَ ثُلُثَ الْقُرآنِ" (3).
(1) رواه الإمام أحمد (5/ 145) وابن ماجه (1708) والترمذي (762) والبزار في مسنده (3904) والنسائي (4/ 219) وابن عدي (6/ 2431) والبغوي في شرح السنة (1801) من حديث أبي ذر الغفاري رضي الله عنه.
(2)
رواه الدارمي (1/ 350) والإمام أحمد (2/ 164 و 193 و 195) وأبو داود (1394) والترمذي (2947 و 2950) وابن ماجه (1347) عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يفقه من قرأ القرآن في أقلّ من ثلاث".
وقال رجلٌ لإبراهيم النخعي: إني أختم القرآن كل ثلاث، قال: ليتك تختمه كل ثلاثين وتدري أي شيءٍ تقرأ. العقد الفريد لابن عبد ربه (2/ 88).
(3)
رواه بهذا اللفظ: النسائي في الكبرى (9946) عن أبي أيوب رضي الله عنه. ورواه أيضاً (10521) عن أُبَيّ بن كعب، عن رجل من الأنصار. و (10522) عن أبي بن كعب رضي الله عنه.=
أراد التشبيه بثلث القرآن في الفضلِ لا في كراهة (1) الزيادة عليه.
قال صاحب المغني (2): إذا ثبت هذا فلا فرق بين كونها متتابعة أو متفرقة في أوّل الشهر (3) أو في آخره؛ لأنّ الحديثَ وردَ [بِها] مُطلقًا من غير تقيّيدٍ (4) لأفضلها (5)، لكونها تصير مع الشهر ستة (6) وثلاثين يوماً، والحسنة بعشر أمثالها، فيكون ذلك كثلاث مئة وستين يوماً، وهي (7) السنة كلها، فإذا وجد ذلك في [كلّ] سنة صار كصيام الدّهر [كُلّه]، وهذا المعنى يحصل مع التفريق. والله أعلم.
= رواه أبو محمد الخلال في فضائل سورة الإخلاص (1) عن عبد الله بن ألى فروة. و (2) الطبراني في الكبير (13493) عن ابن عمر رضي الله عنهما. و (3) عن ابن مسعود.
(1)
في المخطوط: (الكراهة) ولكن شطب الناسخ على (ال).
(2)
المغني شرح مختصر الخرقي لموفق الدين ابن قدامة (3/ 112).
(3)
تحرف في المخطوط إلى: (النهار). والتصحيح من المغني.
(4)
تحرف في المخطوط إلى: (تقيد).
(5)
في المغني: فضيلتها، بدل:(ولا فضلها).
(6)
تحرف في المخطوط إلى: (ست).
(7)
في المغني: (وهو).