الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مَجْمُوعَةُ رَسَائِل العَلَّامَة قَاسِم بن قُطْلُوبُغَا
[14]
مَسْأَلَةٌ فِي حَطِّ الثَّمَنِ وَالإِبْرَاءِ مِنْهُ وَصَحَّةِ ذَلكَ
تَأْلِيفُ
العَلَّامَة قَاسِم بْنِ قُطْلُوبُغَا الحَنَفِي
المولود سَنَة 802 هـ والمتوفى سَنة 879 هـ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -
(14)
مَسْأَلَةٌ فِي حَطِّ الثَّمَنِ وَالإِبْرَاءِ مِنْهُ وَصَحَّةِ ذَلكَ
قال رحمه الله:
إنّي سئلت عن الإبراء عن الثّمن في مجلس العقد، هل يفسد البيع أم لا؟.
فقلت: لا يفسد.
فقال السائل: إني سألت بعض أهل العلم من الحنفية فقال: إنه يفسد العقد.
والمسألة في هذا الكتاب، وأشار إلى كتابِ عندهُ.
قال السَّائلُ: واستحييت أن أطلب منه الكتاب لأقف على سورة النقل.
فقلت الذي أحفظه هو ما قلت لك. ثم بعد مدّةِ لقيني السائل فقال لي: إنَّ المسألة في شرح الكنْز للزيلعي، فأنكرت أن يكون هذا من مذهبنا، ثم استحضرته شرح الكنز للزيلعي، فأراني قول المصنف والزيادة فيه، والحط منه بخلاف حط الكل؛ لأنَّه سريا إلى أصله؛ لأنه ينقلب هبةً أو بيعًا بلا ثمنٍ، فيفسد. وقد كانَ من قصدهما التجارة بعقدٍ مشروعٍ من كل وجهٍ. فالالتحاق به يؤدي إلى تبديله، فلا يلتحق به. فقلت: هذا استنباط مقلوبٌ، هذا شاهدٌ لنا.
أقول: لأنَّ ما يظنّ صاحب الكتاب الذي أشار إليه.
قيل: وإذا لم يلتحق به لا يفسد العقد، وقد صرّح بذلك في شرح الهداية فقال بخلاف حط الكل؛ لأنَّه تبديلٌ لأصله، لا يعتبر لوصفه فلا يلتحق به؛ لأنَّه لو التحق باصل العقد يفسد العقد؛ لأنه يبقى بيعاً بلا ثمنٍ، فكان يعتبر العقد من وصفٍ مشروعٍ إلى وصفٍ غير مشروعٍ. وهذا ما تصرّف فيه الزيلعي، وأسقط منه قوله: لأنهّ لو التحقَ بأصل العقد، يفسد العقد. والذي قلت له: إني أحفظه هو ما قاله في الذخيرة، إذا حط كل الثمن أو وهبَ كل الثمن أو أبرأه منه عن كل الثمن، فإن كان ذلك قَبْلَ قبضِ الثمن صحَّ الكل، ولا يلتحق بأصل العقد وما قاله في البدائع في الشفعة: ولو حظه جميعاً فأخذ الشفيع بجميع الثمن، ولا يسقط عنه شيءٌ؛ لأنّ حطَّ كل الثمن لا يلتحق بأصل العقد؛ لأنه لو التحق لبطل البيع؛ لأنَّه يكون بيعاً بلا ثمنٍ، فلم يصحّ الحطّ في حق الشفيع، والتحق في حقّه بالعدم، فيأخذ بجميع الثمن، وصحّ في حق المشتري، وكان أبرأ له عن الثمن.
وما في المحيط في الشفعة أيضاً.
وأمّا حط الكل فلا يلتحق باصل العقد؛ لأنه متى التحق بأصل العقد بطل العقد؛ لأنّ العقد يصير لغير ثمنٍ، فيظهر أن المحطوط لم يكن ثمناً. بقي العقد بجميع الثمن، إلاّ أنه يصحّ الكلّ في حقّ المشتري؛ لأنه لاقى ديناً قائماً في ذمّته.
وما قال في الذخيرة في الشفعة أيضاً: أما إذا حطّ الكل أو أبرأه عن الكل أو وهب الكل، صحّ في حق المشتري؛ لأنّه لاقى ديناً قائماً، ولكن لا يظهر في حق الشفيع حتّى يأخذ الشفيع الدّار بجميع الثمن؛ لأن هذا الحطّ
لا يلتحق بأصل العقد؛ لأنَّه لو التحق يبطل من حيث صحَّ؛ لأنَّ العقد يكون بغير ثمنٍ باطلٌ، ولم يكن المحطوط ثمناً، فلا يلتحق بأصل العقد، وبقي العقد في حقّ المشتري بجميع الثمن، كما كان قبل ذلك.
وقال في خبر مطلوبٍ في كتاب الشفعة: ولو حطّ كل الثّمن يأخذ بالكل لتعذر الإلحاق، فيجعل هبةً مبتدأةً.
وقال في الهداية: في الشفعة: بخلاف حطِّ الكلِّ؛ لأنَّه لا يلتحق بأصل العقد بحالٍ، وقد بيَّنَّاه في البيوع (1).
قال في الهداية: وذلك لأنَّ حطّ جميع الثمن لو التحق بأصل العقد. وإمّا أن يصير العقد هبةً ولا شفعة للشفيع في الهبة أو يصير بيعاً بلا (2) ثمنٍ، فيكون فاسداً، ولا شفعة في البيع الفاسد. فعرفنا: أنّه لا يمكن إلحاق حطّ الجميع بأصل العقد في حق الشفيع.
وقال في الغاية: بخلاف ما إذا حط جميع الثمن، حيث لا يلتحق بالعقد، فلا يسقط عن الشفيع شيءٌ، فلا جرم يأخذ بجميع الثمن؛ لأنّه لو التحق بأصل العقد يخرج العقد عن موضوعه؛ لأنه يصيرُ هبةً، لا يبقى تمليكاً بلا عوضي ولا شفعة في الهبة إلخ.
وقال في شرح مجمع البحرين للشيخ عبد اللطيف: قيّدنا بحط البعض؛
(1) انظر فتح القدير لابن الهمام (21/ 335) والعناية شرح الهداية (9/ 280 و 283 و 13/ 466) وتبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (11/ 125 و 16/ 15) والبحر الرائق شرح كنز الدقائق (16/ 240 و 244 و 21/ 367).
(2)
جاء في هامش المخطوط: (بغير).
لأنّه حط كل الثمن غير ملحق بالعقد اتفاقًا؛ لأنّه لو بقي العقد بلا ثمنٍ وهو غير مشروعٍ.
وقال في العقد: لو حطّ البائع كل الثمن لم يسقط، ولا يلتحق ذلك بأصل العقد اتفاقاً؛ لأنَّه لو بقي العقد بلا ثمنٍ وهو غير مشروعٍ، ولو حطّ البائع التحق صارَ بيعاً بلا ثمنٍ، وأنّه باطلٌ.
وقال في الاختيار: وإن حطّ الجميع لم يلتحق؛ لأنَّه يصير الثمن كأن لم يكن، فيبطل الحط.
وقال في الشفعة: ألا ترى أنه لو حط الجميع ابتداءً لا يسقط عن الشفيع؛ لأنه لا يلتحق بأصل العقد، بل يكون هبةً، فلا يسقط عن الشفيع. وعلى هذا تظافرت عبارات المختصرات والمطولات.