الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إلى المكتوب إليه، تُدعى هذه الامرأة قبل المكتوب إليه، تدعى هذه الامرأة قبل المكتوب إليه على زوجها على نحو ما ذكرت للقاضي الكاتب - يعني: ما قدّمناه في صورة الكتاب - فيقر الزوج بهذه اليمين، وبهذا النكاح، إلاّ أنه يقول: إنها حلالٌ لي ولم يقع عليها الطلاق معللًا بعدم انعقاد اليمين، فيقضي المكتوب إليه ببطلان هذه اليمين، وبقيام النكاح بينهما أخذاً بقول من يقول ببطلان هذه اليمين من علماء السلف.
و
صورة السجل:
يقول القاضي: فلان بن فلان. ورد في كتابٍ من القاضي فلانٍ المتولي لعمل القضاء والحكام بكور كذا ونواحيها من قبل السلطان فلانٍ مشتملًا على ما رفع إليه من الخصومة الواقعة بين فلانٍ بنت فلانٍ وبين فلانٍ بن فلانٍ في وقوع الطلاق بسبب اليمين المضافة إلى النكاح. وقد أمرني بالإصغاء إلى هذه الخصومة وفصلها واستماع البيّنة فيها والقضاء بما وقع في رأي واجتهادي فامتثلت أمرهُ وعقدت مجلسًا لذلك، فحضرت في مجلسي ذلك فلانة بنت فلان وأحضرت مع نفسها زوجها فلان بن فلان، فادّعت هذه التي حضرت على الذي أحضرته معها: أنّ هذا يطالبني بالطّاعةِ في أحكام النكاح زاعماً أني زوجته، وقد كان حلف قبل أن يتزوجني بطلاقِ كل امرأة يتزوجها، ثم تزوجني وقد وقع على الطّلاق، وحرمت عليه بهذا السبب والزَّوج أقر باليمين وبالنِّكاح وأنكر وقوع الطلاق بهذا السبب، ثم إنّ الزوج سألني الحكم بما يقع عليه رأي واجتهادي، فاجتهدت في ذلك وتأملت وتأنَّيت، ووقع رأيي على بطلان اليمين المضافة إلى النّكاح عملاً مني بقول من لا يرى صحّة اليمين المضافة إلى النكاح، فحكمت ببطلان هذه اليمين، ويحلّ هذه المرأة على هذا الزوج بهذا النّكاح،
وأمرتها بطاعة هذا الزّوج في أحكام النّكاح بحضرة هذين المخاصمين في وجهها حكماً أبرمته وقضاء أنفذته في مجلسِ حكمي هذا بين الناس على سبيل الشهرة والإعلان دون الخفية والكتمان. وكان ذلك بعد ما أطلق القاضي فلان ابن فلان الحكم في هذه الخصومة بما يقع عليه رأي واجتهادي وذلك في يوم كذا في شهر كذا من سنة كذا.
قلت: بهذا تبيّن: أن طريق مشايخنا التصريح دون الإجمال، ولو فعل القوم إلى أن مثل هذا التبيين الحق من الباطل. والله أعلم.
قال القاضي فخر الدين: فإن كان هذا الحالف عقد على هذه المرأة أيماناً بأن قال لها مراراً: إذا تزوجتك فأنت طالقٌ أو كُلّما تزوّجتك فأنت طالقٌ. أو قال: إذا تزوجت امرأةً فهي طالقٌ. قال ذلك مراراً، فإذا حكم بقيام نكاح هذه يفسخ الأيمان كلّها في قولهم. ولو كان قال لامرأةٍ: إذا تزؤجتك فأنت طالقٌ. ثم قال لامرأةٍ أخرى: إذا تزوجتك فأنت طالقٌ. فتزوج واحدةً منهما ففسخ في غير حقّها حتى لو تزوج أخرى يطلق في قولهم وكذا لو كان ذلك في نسوة، وإن عقد يميناً واحدةً على كل النّساء بأن قال: كل امرأةٍ تزوّجتها فهي طالقٌ ففسخ اليمين في امرأةٍ واحدةٍ جعلوا المسألة على الاختلاف قياساً على مسألة ذكرها في المنتقى: رجلٌ قال: كل عبدٍ أملكه فهو حرٌّ، فملك عبداً فأقام العبد بيّنةً على يمينه وحكم القاضي بيمينه وبعتق العبد، ثم ملك عبداً آخر هل يحتاج العبد الثاني إلى إقامة البيّنة على اليمين.
قال: على قول محمّدٍ: لا يحتاجُ.
وعلى قول أبي يوسف، وهو رواية عن أبي حنيفة: يحتاج.
وأكثر المشايخ في مسألة الطلاق: على قول محمّد. هذا كما لو ادّعى رجل على رجلٍ أنّه وكيلُ فلانٍ الغائب في جميع حقوقه وخصوماته مع الناس. وللغائب على المدّعى عليه كذا. وأقام البينة على ذلك، وقضى القاضي بالوكالة العامة؛ فإنه لا يحتاج إلى إثبات الوكالة على غريمٍ آخرَ.
رجلٌ قال لامرأةٍ: إذا تزوّجتك فأنت طالق فتزوّجها وطلّقها ثلاثاً، ثم أنّها رفعت الأمر إلى القاضي ليفسخ اليمين، فإنّ القاضي لا يفسخ؛ لأنّه لو فسخ تطلقُ ثلاثاً بالتنجيز بعد النكاح فلا يفيد.
فلو أنّ أجنبيًّا علق الطلاق بالتزويج فتزوّج امرأةً فلم يرفع الأمر إلى القاضي، لكن سأل شفعويًّا فأفتاهُ بعدم الوقوع. لا ينبغي للحالف أن يأخذ بفتواه، ويترك مذهبه؛ لأنّ عليه الأخذ بقول علمائه لا بقول أصحاب الشّافعي وفتواهم لا يكون حجّة في حقّه.
ولو أنّ المرأة مع الرّجل حكّما رجلاً ليحكم بينهما في هذه الحادثة إن كان المحكم حنفيًّا لا ينفذ حكمه.
وإن كان شافعيًّا: اختلفوا فيه.
قال بعضهم: لا ينفذ حكمه؛ لأنّ حكمه بمنزلة الفتوى. والصّحيح: أن ينفذ حكمه عليهما. هكذا ذكره شمس الأئمة الحلواني.
إن حكم المحكّم في المجتهدات نحو الكنايات والطلاق المضاف، وغير ذلك نافذ ليس لأحدهما أن يرجع عن حكمه بعد ذلك.
قال رحمه الله: وهذا مما يعرف ولا يفتى به كيلا يتجاسر إليه العامّة؛ ولأجل ذلك امتنع المشايخ عن الفتوى في جواز حكم المحكم.
وإنّ حكّما رجلاً ولم يعلماه أنهما حكّماه في هذه الحادثة؛ إلاّ أنهّما اختصما إليه، فحكم المحكم بينهما فعلى قول مَنْ يُجَوِّز حكم المحكم يجوز؛ لأن التحكيم يثبت بدون العلم. وإن كان الحالف تزوّج امرأةً ولم يرفعا الأمر إلى القاضي حتى تزوّجت المرأة بزوجٍ آخرَ من غير علمِ الزّوج، ثم رفع الأمرَ إلى القاضي واختصما إليه، فقضى القاضي ببطلان اليمين وعدم وقوع الطلاق لا ينفذ حكمه؛ لأنّ نكاح الزوج الثاني يمنعه من القضاء للأوّل. وليس فسخ يمين الحالف أولى من إبطال نكاح الثاني. انتهى.
وقال في الفصول: ثم نفاذ هذا القضاء في حكم المحكوم عليه. متفقٌ عليه.
وفي حق المقضي له: إن كان عالمًا، فكذلك عندهما.
وعند أبي يوسف: إذا كان المحكوم له يعتقد الحرمة. وقضى القاضي بالحلّ لا يترك رأي نفسه بإباحة القاضي.
قلت: قال الإمام حسام الدين في الفتاوى الصغرى بعد ذكر الخلاف: وهذا الخلاف في غير رواية الأصول.
أمّا جواب ظاهر الرواية: أنّه ينفذ ذكره في آخر كتابه الاستحسان. انتهى.
قلت: ذكر الخلاف في النوادر. والمراد بكتاب الاستحسان: الاستحسان من الأصل. ولفظه فيه، وفي السير الكبير: إذا طلّقها بلفظ الكناية، فرفع إلى قاضٍ وهو يرى أن الكناية رواجع. وقضى له بالرّجعة. هل له أن يراجعها وإن كان رأيه خلاف ذلك. انتهى. ولم يذكر خلافاً.
قال في المحيط: وظاهر المذهب ينفذ من غير خلافٍ.