الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عنقه، فلما قدمَ لذلك، أعتق جميع ما يملكه من عبيدٍ وجوارٍ وكتب بعد ذلك عتائق بأيديهم وتزوّج بعض العبيد الجواري وليس للمعتق مالٌ سوى العبيد والجوار، فهل ينفذ العتق ويصح التزويج أم لا؟.
فأجاب:
نعم. ينفّذ العتق، ويصح التزويج إلا المستولدات، فبعد انقضاء عدّتهن وهي ثلاث حيضٍ. والله أعلم.
قيل: قال في الفصول العمادية: المريض إذا أعتق في مرض موته ولا مال له سواه فعتقه موقوفٌ عند أبي حنيفة حتى لو شهد هذا المعتق، لا تقبل شهادته؛ لأنّه من التصرفات التي لا يحتمل الفسخ. فيتوقف وينظر في وصايا الصغرى. انتهى.
قال الشيخ رحمه الله: هو كذلك في وصايا الصغرى معزوٌّ إلى الباب الثاني من الدّفتر الثاني في الزّيادات.
وهذه الروايات في زيادات الزّيادات.
ومعنى قوله: فيتوقف من العبد في الحال في أحكام الحرية من الشهادة وغيرها، فأبرأَ السيّد تبيّن أنّه حرٌّ من حين أعتق، وإن مات السيّد فالمعتق بمنزلة المكاتب إذا سعى في قول أبي حنيفة - رحمه الله تعالى -.
* * *
* و
سئل رحمه الله عن رجل عليه دُيونٌ
، فرفع أمره إلى بعض القضاة لينظر في حاله، فعيّن القاضي أمره إلى بعض نوّابه وهو حنفيٌّ.
والحال: أنّ المديون لم يقدر على وفاء الديون التي عليه، كما ذكر.
ثم إنه كتب فصل محضر بإعسارِه. وكتبه فيه أربعة شهود بارزي العدالة، ثم جاء بعض أصحاب الديون، فادّعى عليه بدينه. فأجاب: إنّه معسرٌ لا مال له، ثم قامت تلك البيّنة شهادتهم عند القاضي، وأعذر لصاحب الدين، وهو المدعي.
فأجابَ: بعدم الدّافع والطعن لذلك.
فسأل المديون القاضي بثبوت ما قامت به البيّنة والحكم بموجبه. فأجابه لذلك، فهل هذا الثبوت والحكم صحيحان؟.
وهل ينفذ ذلك على بقية أصحاب الديون أو لا؟.
فأجاب: رفع المديون أمره إلى القاضي، وتعيين القاضي أمره إلى بعض نوّابه، ليس له أصل في الشّرع عند علمائنا، لاتفاقهم على أنّ الحق لربّ الدين في المطالبة من أيّ حكام الشريعة يشاء، وكتابة المحضر وكتابة الشهود فيه قبل الحكم مما لا عبرة به في الشرع عندنا لاتفاق علمائنا على أنّه لا تسمع البيّنة إلّا في وجه من يكون أصلًا أو وكيلًا أو حكمًا إلّا في كتاب القاضي ولا تسمع البيّنة بالإعسار قبل الحبس في الصحيح.
قال في المحيط: فإن أخبره عدلٌ أو اثنانِ بإعساره قبل الحبس.
فيه روايتان:
في روايةٍ: تقبلُ ولا يحبسه.
وفي رواية الخصّاف: لا تقبل.
وإليه ذهب عامّة مشايخنا. وهو الصحيح؛ لأن الحبس لم يشرع حجّة لإبطال حقوق العباد، والحبس حق العباد، فلا يبطل حقّه بمجرّد الخبر بدون
قرينةِ الصّدق، وبعد الحبس انضمّت إلى الخبر قرينة الصّدق وهو الحبس، بل لو شهد وأقبل مضى مدة الحبس.
قال في مختارات النوازل: لا تقبل. وعليه عامّة المشايخ.
وليس للقاضي المقلّد أن يحكم بالضّعيف؛ لأنّه ليس من أهل الترجيح، فلا يعدل عن الصحيح إلَّا القصد غير جميلٍ. ولو حكم لا ينفّذ؛ لأنّ قضاءه بغير الحق؛ لأنّ الحقّ هو الصحيح.
وما وقع من أنّ القول الضعيف يتقوّى بالقضاء المراد به قضاء المجتهد، كما بيّن في موضعه لما لا يحتمله هذا الجواب (1). والله سبحانه وتعالى أعلمُ.
* * *
(1) قال صاحب رد المحتار (21/ 434): مطلب الحكم والفتوى بما هو مرجوحٌ خلاف الإجماع: قلت: وتقييد السّلطان له بذلك غير قيدٍ لما قاله العلامة قاسم في تصحيحه من أنّ الحكم والفتوى بما هو مرجوحٌ خلاف الإجماع. اهـ.
وقال العلامة قاسمٌ في فتاواه: وليس للقاضي المقلّد أن يحكم بالضعيف؛ لأنَّه ليس من أهل الترجيح فلا يعدل عن الصّحيح إلا لقصدٍ غير جميلٍ ولو حكم لا ينفذ؛ لأن قضاءه قضاءً بغير الحقّ؛ لأن الحقّ هو الصّحيح وما وقع من أن القول الضعيف يتقوّى بالقضاء المراد به قضاء المجتهد كما بيّن في موضعه. اهـ.
وقال ابن الغرس: وأمّا المقلّد المحض فلا يقضي إلا بما عليه العمل والفتوى. اهـ.
وقال صاحب البحر في بعض رسائله: أمّا القاضي المقلّد فليس له الحكم إلا بالصّحيح المفتى به في مذهبه ولا ينفذ قضاؤه بالقول الضعيف. اهـ.
ومثله ما قدّمه الشّارح أوّل كتاب القضاء وقال: وهو المختار للفتوى كما بسطه المصنّف في فتاويه وغيره وكذا ما نقله بعد أسطرٍ عن الملتقط.