الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مَجْمُوعَةُ رَسَائِل العَلَّامَة قَاسِم بن قُطْلُوبُغَا
[9]
الأَصْلُ فِي بَيَانِ الفَصْلِ والوَصْلِ
تَأْلِيفُ
العَلَّامَة قَاسِم بْنِ قُطْلُوبُغَا الحَنَفِي
المولود سَنَة 802 هـ والمتوفى سَنة 879 هـ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -
(9)
الأَصْلُ فِي بَيَانِ الفَصْلِ والوَصْلِ
قال رحمه الله:
قد سألني بعض أجلاّء مشايخي من غير أرباب المذهب، عن وصل التطوع بالفريضة.
وذكر لي: أن بعض علماء الحنفية ذكر له: أنما ذلك اختيار الإمام حافظ الدين النسفي، ولا يعرف لمن تقدمه من أئمتنا.
فقلت: إن المسألة مسطورة في كتب جماعةٍ قبل النسفي.
فسألني: أن أكتب له ذلك.
فقلت مستعينًا بالله سبحانه وتعالى:
قال الإمام محمد بن الحسن في الأصل: وإذا سلّم الإمام من الظّهر أو المغرب أو العشاء، كرهتُ له المكث قاعدًا. ولم أكرهه في الفجر والعصر، فإن شاء أن يصلي تطوعًا في الظهر والمغرب والعشاء لم يصلّ في مكانه بل يتأخر فيصلي خلف المقام أو حيث أحبّ من المسجد، خلا مكان الإمام.
وساقه في خلاصة الفتاوى (1) وبلفظٍ آخرَ، فقال: وإذا سلَّم الإمام من
(1) قال المصنف في تاج التراجم (ص 10): طاهر بن محمد بن أحمد بن عبد الرشيد البخاري، له كتاب الواقعات، وكتاب النصاب، وكتاب خلاصة الفتاوى. =
الظُّهر أو المغرب أو العشاء كرهت له المكث قاعدًا لكنَّه يقوم إلى التَّطوُّع، ولا يتطوَّع في مكان الفريضة ولكن ينحرف يمنةً أو يسرةً أو يتأَخَّر، وإن شاء رجع إلى بيته يتطوَّع وإن كان مقتديًا، أو يصلِّي وحدهُ إن لبث في مكانه يدعو جاز. وكذا إن قام إلى التَّطوُّع في مكانه أو تقدَّم أو تأخَّر أو انحرف يمنةً أو يسرةَ جاز والكلُّ سواءٌ (1).
= وقال صاحب كشف الظنون (1/ 718): خلاصة الفتاوي للشيخ الإمام طاهر بن أحمد بن عبد الرشيد البخاري، المتوفى: سنة اثنتين وأربعين وخمس مئة، وهو كتاب مشهور معتمد في مجلد، ذكر في أوله: أنه كتب في هذا الفن خزانة الواقعات، وكتاب النصاب، فسأل بعض إخوانه تلخيص نسخة قصيرة يمكن ضبطها، فكتب الخلاصة جامعة للرواية خالية عن الزوائد، مع بيان مواضع المسائل، وكتب فهرست الفصول والأجناس على رأس كل كتاب، ليكون عونًا لمن ابتلي بالفتوى، وللزيلعي المحدّث تخريج أحاديثه.
(1)
قال ابن الهمام في فتح القدير (2/ 388 - 390): الذي ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه كان يؤخر السّنّة عنه من الأذكار، وهو ما روى مسلمٌ والترمذيّ عن عائشة قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سلّم لم يقعد إلا مقدار ما يقول: "اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت يا ذا الجلال والإكرام". فهذا نصٌّ صريحٌ في المراد، وما يتخايل أنّه يخالفه لم يقو قوّته، أو لم تلزم دلالته على ما يخالفه فوجب اتّباع هذا النّصّ.
واعلم: أنّ المذكور في حديث عائشة رضي الله عنها هذا هو قولها لم يقعد إلا مقدار ما يقول، وذلك لا يستلزم سنّية أن يقول ذلك بعينه في دبر كلّ صلاةٍ، إذ لم تقل إلا حتّى يقول أو إلى أن يقول، فيجوز كونه صلى الله عليه وسلم كان مرّةً يقوله ومرّةً يقول غيره ممّا ذكرنا من قول لا إله إلا الله وحده لا شريك له. . . إلخ، وما ضمّ إليه في بعض الرّوايات ممّا ذكرنا من قوله لا إله إلا الله ولا حول ولا قوة إلا بالله. . . إلخ، ومقتضى العبارة حينئذ: أنّ السّنّة أن يفصل بذكرِ قدر ذلك، وذلك يكون تقريبًا، فقد يزيد قليلًا وقد ينقص قليلًا، وقد يدرج وقد يرتّل، فأمّا ما يكون زيادةً غير مقاربةٍ مثل العدد السّابق من =
وقال في البدائع (1): وروي عن محمَّدٍ أنه قال: يستحبُّ للقوم أيضًا أن ينقضوا [الصُّفوف] ويتفرَّقوا.
= التّسبيحات والتّحميدات والتكبيرات فينبغي استنان تأخيره عن السّنّة ألبتّة، وكذا آية الكرسيّ، على أنّ ثبوت ذلك عنه صلى الله عليه وسلم مواظبةَ لا أعلمه، بل الثّابت ندبه إلى ذلك، وليس يلزم من ندبه إلى شيءٍ مواظبته عليه وإلا لم يفرّق حينئذٍ بين السّنّة والمندوب، وكان يستدلّ بدليل النّدب على السّنّيّة وليس هذا على أصولنا.
وقول الحلوانيّ: عندي أنّه حكمٌ آخر لا يعارض القولين؛ لأنّه إنّما قال: لا بأس. . . إلخ، والمشهور في هذه العبارة كونه لما خلافه أَوْلى فكان معناها أنّ الأولى أن لا يقرأ الأوراد قبل السّنّة، ولو فعل لا بأس به فأفاد عدم سقوط السّنّة بذلك حتّى إذا صلّى بعد الأوراد يقع سنّةً مؤداةً لا على وجه السّنّة، وإذا قالوا لو تكلّم بعد الفرض لا تسقط السّنّة لكن ثوابها أقلّ فلا أقلّ من كون قراءة الأوراد لا تسقطها، وقد قيل في الكلام أنّه يسقطها، والأوّل أولى، ففي البخاريّ وأبي داود والتّرمذيّ عن عائشة رضي الله عنها: كان النّبيّ صلى الله عليه وسلم إذا صلّى ركعتي الفجر، فإن كنت مستيقظةً حدّثني، وإلا اضطجع حتّى يؤذّن بالصّلاة. واعلم أنّ هذا الّذي عن الحلوانيّ يوافقه ما عن أبي حنيفة في المقتدي والمنفرد، وذكر في حقّ الإمام خلافه، وعبارته في الخلاصة هكذا: إذا سلّم الإمام من الظّهر أو المغرب أو العشاء كرهت له المكث قاعدًا لكنّه يقوم إلى التّطوّع، ولا يتطوّع في مكان الفريضة ولكن ينحرف يمنةً أو يسرةً أو يتأخّر، وإن شاء رجع إلى بيته يتطوّع وإن كان مقتديًا، أو يصلّي وحده إن لبث في مصلاه يدعو جاز.
وكذا إن قام إلى التّطوّع في مكانه أو تقدّم أو تأخّر أو انحرف يمنةً أو يسرةً جاز والكلّ سواءٌ، وفي الصلاة التي لا يتطوّع بعدها يكره المكث في مكانه قاعدًا مستقبلًا، ثمّ هو بالخيار إن شاء ذهب وإن شاء جلس في محرابه إلى طلوع الشمس وهو أفضل، ويستقبل القوم بوجهه إذا لم يكن بحذائه مسبوقٌ، فإن كان ينحرف يمنةً أو يسرةً والصّيف والشتاء سواءٌ هذا هو الصّحيح، هذا حال الإمام.
وقوله (الكلّ سواءٌ): يعني: في إقامة السّنّة.
(1)
بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (2/ 135).
وقال فِي شرح الشَّهيد: القيام إلى السُّنَّة متَّصلٌ بالفرضِ مسنُونٌ (1). وكذا قال البَقَّالِيّ (2).
وقال في الذخيرة: وإذا فرغ الإمام من صلاته: أجمعوا على أنه لا يمكث في مكانه مستقبل القبلة سائر الصلوات في ذلكَ سواءً.
وبعد ذلك ينظر إن كانت صلاة لا تطوع بعدها، يتخير إن انحرف عن يمينه أو يساره، وإن شاء ذهبَ في حوائجه، وإن شاء استقبل الناس بوجهه إذا لم يجد أيّة رجلٍ يصلي، ولم يفصل فيما إذا كان المصلي في الصف الأول أو الأخير. وهذا ظاهر المذهب.
وأمّا إن كانت صلاة بعدها تطوع كالظهر والمغرب والعشاء، يقوم للتطوع، ويكرهُ له تأخير التطوع عن حالٍ أداء الفريضة.
وإذا قام إلى التطوع لا يصلي في المكان الذي صلّى فيه المكتوبة. بل يتقدم أو يتأخر أو ينحرف يمينًا أو شمالًا أو يذهب إلى بيته فيتطوع.
ثَمَّة قال شيخ الأئمة الحلواني (3): وهذا إذا لم يكن من قصده الاشتغال
(1) نقله عنه ابن الهمام في فتح القدير (2/ 386).
(2)
هو محمد بن أبي القاسم. انظر تاج التراجم للمصنف (ص 31).
(3)
قال المصنف في تاج التراجم (ص 12): عبد العزيز بن أحمد بن نصر بن صالح، شمس الأئمة، الحلواني، نسبة لبيع الحلواء، صاحب المبسوط، إمام الحنفية في وقته ببخارى، حدّث عن: أبي عبد الله غنجار، وتفقه على جماعته، توفي سنة ثمان أو تسع وأربعين وأربع مئة بكش، ودفن ببخارى. قلت [يعني: ابن قطلوبغا]: تفقه على القاضي أبي الحسين ابن الخضر النسفي، وأبي الفضل الزرنجري، وتفقه عليه: الأزرقي، وسمع منه: شمس الأئمة السرخسي. قال أَبو العلاء الفرضي: مات =
بالدعاء، فإن كان له وردٌ يقضيه بعد المكتوبات، فأراد أن يقضي ورده قبل أن يشتغل بالتطوع، فإنه يقوم عن مصلاه، فيقضي ورده. وإن شاء جلس في ناحية من المسجد فقضى ورده، ثم قام إلى التطوع.
فمن الصحابة من كان يقضي ورده قائمًا.
ومنهم من كان يجلس في ناحيةٍ من المسجد فيقضي ورده، ثم يقوم إلى التطوع. فالأمر فيه واسعٌ. وهذه من شرح الحلواني.
وما ذكرهُ شمس الأئمة (1) دليل جواز تأخير السنن، عن أداء الفريضة.
هذا الذي ذكرنا في حق الإمام. وأمّا المنفرد والمقتدي: فإن أتيا بالتطوع في مصلاهما ويدعوان جاز. وإن أقاما التطوع في مكانهما، وإن تراخيا عن مكانهما وأقاما في مكانٍ آخرَ، جازَ. انتهى.
وصرّح بكراهة تأخير التطوع عن الفريضة في الاختيار وشرح المختار. وقال: لأنهّ صلى الله عليه وسلم كانَ لا يمكث إلَاّ قدر أن يقول: "اللَّهُمَّ أَنْتَ السَّلَامُ، وَمِنْكَ السَّلَامُ، تَبَاركْتَ يَا ذَا الْجَلَالِ وَالإِكْرَامِ"(2). وقاله في الشافي.
= ببخارى في شعبان سنة ست وخمسين وأربع مئة. وقال البخشي في معجمه: مات سنة اثنتين وخمسين. وقال الذهبي: سنة ست أصح؛ فإنه بخط شيخنا الفرضي.
(1)
هو الحلواني.
(2)
رواه الطيالسي (1558) وأحمد (6/ 62) ومسلم (592) وأبو داود (1512) والترمذي (299) والنسائي (3/ 69) وفي عمل اليوم والليلة (95 - 97) وابن ماجه (924) وابن حبان (2000 و 2001) والبيهقي في السنن الكبرى (2/ 183) عن عائشة. وأخرجه النسائي في عمل اليوم والليلة (98) وابن حبان (2002) وابن خزيمة (736) عن ابن مسعود.
وقال في البدائع (1): إذا فرغ الإمامُ من الصَّلاة فلا يخلُو (2):
إمَّا أن كانت صلاةً لا يصلَّى (3) بعدها سنَّةٌ: كالفجر والعصر، فإن شاء الإمام قام وإن شاء قعد في مكانه يشتغل بالدُّعاء؛ لأَنَّه لا تطوُّع بعد هاتين (4) الصَّلاتين [فلا بأس] بالقعود، إلَاّ أنَّه يكرهُ له ذلك المكث على هيئته (5) مستقبلَ القبلة، لما روي عن عائشة رضي الله عنها: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كاَنَ إذَا فَرَغَ مِن الصَّلاةِ لَا يَمْكُثُ فِي مَكَانِهِ إلَاّ مِقْدَارَ مَا يَقُولَ: "اللَّهُمَّ أَنْتَ السَّلَامُ، وَمِنْكَ السَّلَامُ. تَبَاركْتَ يَا ذَا الْجَلَالِ وَالإِكْرَامِ"(6).
وروي: [أنَّ] جلوس [الإمام] في مصلَاّه بعد الفراغ مستقبل القبلة بدعةٌ؛ ولأنَّ مكثه يوهم الدَّاخل أنَّه في الصَّلاة فيقتدي به فيفسد اقتداؤه، وكان (7) المكث تعريضًا لفساد (8) اقتداء غيره به فلا يمكث، ولكنَّه يستقبل
(1) بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (2/ 134 - 135).
(2)
تحرف في المخطوط إلى: (نج). والمثبت من البدائع.
(3)
في بدائع الصنائع: (تصلّى).
(4)
تحرف في المخطوط إلى: (بعدها بين).
(5)
تحرف في المخطوط إلى: (هيية).
(6)
رواه الدارمي (1347) والطيالسي (1558) والإمام أحمد (6/ 62 و 184 و 235) وابن أبي شيبة (1/ 352 و 304) ومسلم (592) وأبو داود (1512) والترمذي (298 و 299) والنسائي في المجتبى (1337) والكبرى (1/ 1261) وعمل اليوم والليلة (95 - 97) وابن ماجه (924) وابن حبان (200 و 2001) وأبو عوانة (2/ 241 و 242) والبيهقي (2/ 183) والبغوي في شرح السنة (713) عن عائشة رضي الله عنها.
(7)
في البدائع: (فكان).
(8)
في المخطوط: (لفساده).
القوم (1) بوجهه إن شاء، إن لم يكن بحذائه أحدٌ يصلِّي، لما روي: أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ إذَا فَرَغَ مِنْ صَلاةِ الْفَجْرِ اسْتَقْبَلَ بِوَجْهِهِ أَصْحَابَهُ، وَقَالَ:"هَلْ رَأَى أَحَدُكُمْ رُؤْيَا؟ "(2)، كَأَنَّهُ [كَانَ] يَطْلُبُ رُؤيا فِيهَا بُشْرَى فَتْحِ (3) مَكَّةَ.
فإن كان بحذائه أحدٌ يصلِّي لا يستقبل القوم بوجهه؛ لأنَّ استقبال الصُّورة في الصَّلاة مكروهٌ، لما روي: أَنَّ عُمَرَ [رضي الله عنه] رَأَى رَجُلًا يُصَلِّي إلَى وَجْهِ غَيْرِهِ، فَعَلاهُمَا بِالدِّرَّةِ. وَقَالَ لِلْمُصَلِّي: أَتَسْتَقْبِلُ (4) الصُّورَةَ؟ وَلِلآخَرِ: أَتَسْتَقْبِلُ (5) الْمُصَلِّي بِوَجْهِكَ؟ (6).
وإن شاء انحرف؛ لأنَّ بالانحراف يزول الاشتباه كما يزول بالاستقبال.
ثم اختلف المشايخ في كيفية الانحراف:
قال بعضهم: ينحرف إلى يمين القبلة تبرُّكًا بالتَّيامن (7).
وقال بعضهم: ينحرف إلى اليسار ليكون يساره إلى اليمين.
وقال بعضهم: هو مخيَّر، إن شاء انحرف يمنةً، وإن شاء يسرةً، وهو
(1) في المخطوط: (القبلة).
(2)
رواه الإمام أحمد (5/ 8 و 14) والبخاري (1320 و 6640) ومسلم (2275) والترمذي (2294) والنسائي في الكبرى (7658 و 11226) عن سمرة بن جندب رضي الله عنه.
(3)
في البدائع: بفتح.
(4)
في المخطوط: (استقبل).
(5)
في المخطوط: (استقبل).
(6)
لم أجده في الكتب المسندة. وانظره في المبسوط للسرخسي (1/ 35) والعناية شرح الهداية (2/ 167).
(7)
تحرف في المخطوط إلى: (بالقياس).
الصَّحيحُ؛ لأنَّ ما هو المقصود من الانحراف (1)، وهو: زوال الاشتباه يحصل بالأمرين جميعًا.
وإن كانت صلاةً بعدها سنَّةٌ يكره له المكث قاعدًا.
وكراهة القعود مرويَّة عن الصَّحابة [رضي الله عنهم].
روي عن أبي بكرٍ وعمر رضي الله عنهما: أَنَّهُمَا كَانَا إذَا فَرَغَا مِن الصَّلاةِ قَامَا كَأَنَّهُمَا عَلَى الرَّضْفِ (2).
(1) تحرف في المخطوط إلى: (المقصود والانحراف).
(2)
تحرف في المخطوط إلى: (الرصف). والرّضف: الحجارة المحماة على النار، واحدتها رضفة.
ورواه عبد الرزاق (3214) عن معمر والثوري، عن حمّاد وجابر وأبي الضحى، عن مسروق: أن أبا بكر كان إذا سلم عن يمينه وعن شماله قال: السلام عليكم ورحمة الله، ثم انفتل ساعتئذٍ، كأنما كان جالسًا على الرضف. و (3215) عن معمر، عن قتادة قال: كان أَبو بكر إذا سلم كأنه على الرضف حتى ينهض. انظر سنن البيهقي (2/ 232).
وقال أَبو يوسف في الآثار (1/ 161) رقم (154) عن أبيه، عن أبي حنيفة، عن حمّاد، عن أبي الضحى، عن مسروق، عن أبي بكر رضي الله عنه أنه كان إذا فرغ من صلاته وسلّم، فكأنما هو على الرضف حتى ينحرف.
ورواه محمد بن الحسن في الآثار (1/ 139) رقم (104) قال: أخبرنا أَبو حنيفة، عن حمّاد، عن أبي الضحى، عن مسروق: أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه كان إذا سلم في الصلاة، كأنه على الرضف حتى ينفتل. قال محمد: وبه نأخذ، وهو قول أبي حنيفة رضي الله عنه.
ورواه الطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 270) رقم (1497) قال: حدثنا حسين ابن نصر وعلي بن شيبة قال: حدثنا أَبو نعيم قال: حدثنا سفيان، عن حمّاد، =
ولأنَّ المكث يوجب اشتباه الأمر على الدَّاخل فلا يمكث، ولكن يقوم ويتنحَّى عن ذلك المكان، ثم ينتقل (1)؛
لما روي: عن أبي هريرة [رضي الله عنه]، عن النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أنَّه قال:"أَيَعْجِزُ أَحَدُكُمْ إذَا فَرَغَ مِنْ صَلاتِهِ أَنْ يَتَقَدَّمَ أَوْ يَتَأَخَّرَ"(2).
وعن ابن عمر [رضي الله عنه]: أَنَّهُ كَرِهَ لِلإِمَامِ أَنْ يَتَنَفَّلَ فِي الْمَكَانِ الَّذِي صَلَّى (3) فِيهِ.
ولأنَّ ذلك يؤدِّي إلى اشتباه الأمر على الدَّاخل، فينبغي أن يتنحَّى إزالةً للاشتباه أو استكثارًا من شهوده (4) على ما روي: أَنَّ مَكَانَ الْمُصَلّي يَشْهَدُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ.
= عن أبي الضحى، عن مسروق قال: كان أَبو بكر رضي الله عنه يسلم عن يمينه وعن شماله، ثم ينتقل ساعتئذٍ كأنه على الرضف.
(1)
في المخطوط: (يتنفل).
(2)
رواه الإمام أحمد (2/ 425) وابن أبي شيبة (2/ 208) - وعنه ابن ماجه (1427) - والبخاري في التاريخ الكبير (1/ 340) وأبو داود (1006) والبيهقي (2/ 190) والبغوي (706) من طرق عن ليث بن أبي سليم [ضعيف]، عن الحجاج بن عبيد [مجهول]، عن إبراهيم بن إسماعيل [مجهول]، عن أبي هريرة. أقول: وذكره البخاري من طرق أخرى، وأسانيد الحديث فيها اضطراب. وقال البخاري بعد هذه الأسانيد: لم يثبت هذا الحديث. وقال في صحيحه (1/ 214)(كتاب الأذان/ باب مكث الإمام في مصلاه): وقال لنا آدم: حدثنا شعبة، عن أيوب، عن نافع قال: كان ابن عمر يصلّي في مكانه الذي صلى فيه الفريضة، وفعله القاسم [أي: ابن محمد بن أبي بكر الصديق]، ويذكر عن أبي هريرة رفعه: لا يتطوّع الإمام في مكانه. ولم يصحّ. اهـ.
(3)
في البدائع: (أمّ).
(4)
في المخطوط: (الاشتباه واستكثارًا من شهوره).
وأمَّا المُقتَدُونَ (1):
فبعض مشايخنا قال (2): لا حرج عليهم في ترك الانتقال (3) لانعدام الاشتباه على الدَّاخل عند معاينة فراغ مكان الإمام عنه.
وروي عن محمَّدٍ أنَّه قال: يستحبُّ للقوم أيضًا: أن ينقضوا الصُّفُوف ويتفرَّقُوا ليزول الاشتباهُ على الدَّاخل المعاين الكلَّ في الصَّلاة البعيدة عن الإمام، ولما روينا من حديث أبي هريرة [رضي الله عنه]. انتهى.
وقال حافظ الدين (4) في كتابه: أمّا السنن التي بعد الفريضة فيأتي بها في المسجد في مكانٍ صلّى فيه فرضه بالأولى أن يتنحّى خطوة، والإمام يتأخّر عن مكانٍ صلّى فيه فرضه لا محالة. انتهى.
وهذا لا يستلزم الوصل، فظهرَ: أنّ ما عُزِيَ للنسفي ليس صريحًا عنه.
وأن المسألة صريحةٌ عن من هو أقدم منه.
فموت النسفي بعد العشر وسبع مئة.
وموت صاحب الاختيار في تاسع عشر المحرم سنة ثلاثة وثمانين وست مئة.
وموت الحسام الشهيد سنة ست وثلاثين وخمس مئة.
وموت صاحب البدائع سنة سبع وثمانين وخمس مئة.
(1) في البدائع: (المأمومون).
(2)
في البدائع: (قالوا).
(3)
في المخطوط: (الاستقبال).
(4)
هو النسفي.
وموت البقالي: سنة اثنين وسبعين وخمس مئة.
وموت الحلواني سنة ثمانية وأربعين وأربع مئة.
وأمّا ما حكاه الحلواني، عن الصّحابة. فلم أقف عليه.
وأمّا حديث عائشة الذي أخرجه صاحب البدائع: فأخرجه مسلم، والترمذي (1).
وأمّا قوله: ورويَ [أنَّ] جلوس [الإمام] في مصلَاّهُ. . . إلخ.
فأخرجه ابن أبي شيبة (2)، عن عمر: أنّه قال: جلوسُ الإمامِ بعد السّلام بدعة.
وأمّا حديث: كان إذا فرغ من صلاة الفجر. . . فمتفقٌ عليه (3).
وفي الباب: ما هو أعمّ منه.
وهو ما روى سَمُرة قال: كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا صَلَّى صَلَاةً أَقْبَلَ عَلَيْنَا بِوَجْهِهِ. أخرجه البخاري (4).
وأمّا قول: لما روي: أنّ عمرَ: أنّه رأى رجلًا يُصَلِّي، وَوَجْهُهُ إِلَى غَيْرِهِ. فَلَمْ أَرَهُ فِي الْبَابِ.
(1) رواه مسلم (592) والترمذي (298).
(2)
المصنف (3083) قال: حدثنا ابن مسهر، عن ليث، عن مجاهد قال: قال عمر: جلوس الإمام بعد التسليم بدعة.
(3)
تقدّم تخريجه.
(4)
رواه الإمام أحمد (5/ 14) والبخاري (809 و 1092 و 1320 و 1979 و 2638 و 3064 و 3176 و 4397 و 5745 و 6640).
ما رواه ابن أبي شيبة في مصنّفه (1)، عن عطاء بن يسار (2): قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لَا يَسْتَقْبِلُ الصُّورَةَ".
وما رواه الدارقطني (3)، عن ابن الحنفية: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم رَأَى رَجُلًا يُصَلِّي إِلَى رَجُلٍ، فَأَمَرَه (4) أَنْ يُعِيدَ الصَّلَاةَ. فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ! إِنِّي قَدْ أَتْمَمْتُ الصَّلَاةَ. فَقَالَ: "إِنَّكَ قَدْ صَلَّيْتَ وَأَنْتَ تَنْظُرُ إلَيْهِ مُسْتَقْبِلَهُ".
وقد جاء في الانحراف:
ما رواه الأثر، عن يزيد بن الأسود قال: صلّيتُ مَعَ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم الفجرَ، فَلَمَّا سلَّمَ انْحَرَفَ (5).
وعن ابن مسعودٍ أَنَّهُ قالَ: لَا يَجْعَلُ أَحَدُكُمْ حَظًّا لِلْشَّيْطَانِ مِنْ صَلَاتِهِ، يَرَى حَقًّا عَلَيْهِ: أَنْ لَا يَنْصَرِفَ إِلَاّ عَنْ يَمِيْنَهُ، لَقَدْ رَأَيْتُ رَسُوْلَ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَكْثَرَ مَا يَنْصَرِفُ عَنْ شِمَالِهِ. رواهُ مسلم (6).
(1) رواه ابن أبي شيبة (7388) قال: حدثنا وكيع، عن خارجة بن مصعب، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تستقبل الصورة الصورة".
(2)
تحرف في المخطوط إلى: (ياسر).
(3)
(2/ 85).
(4)
في المخطوط: (فأمر).
(5)
رواه ابن أبي شيبة (3093) قال: حدثنا هشيم قال: أخبرنا يعلى بن عطاء، عن جابر ابن يزيد الأسود العامري، عن أبيه قال: صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم الفجر فلما سلم انحرف.
(6)
رواه البخاري (814) قال: حدثنا أبو الوليد قال: حدثنا شعبة، عن سليمان، عن عمارة بن عمير، عن الأسود قال: قال عبد الله: لا يجعل أحدكم للشيطان شيئًا =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= من صلاته يرى أن حقًا عليه أن لا ينصرف إلا عن يمينه، لقد رأيت النبي صلى الله عليه وسلم كثيرًا ينصرف عن يساره.
ورواه مسلم (707) قال: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا أَبو معاوية ووكيع، عن الأعمش، عن عمارة، عن الأسود، عن عبد الله قال: لا يجعلن أحدكم للشيطان من نفسه جزءًا لا يرى إلا أن حقًا عليه أن لا ينصرف إلا عن يمينه، أكثر ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ينصرف عن شماله.
ورواه الشافعي (291 ترتيب السندي) وعبد الرزاق (3208) والحميدي (127) والدارمي (1350) والإمام أحمد (3631 و 3872 و 4084 و 4383 و 4384 و 4426) وابن أبي شيبة في مسنده (251) والمصنف (1/ 304 - 305) والنسائي في الكبرى (1283) والمجتبى (3/ 81) وابن ماجه (930) وأبو يعلى (5174) وابن خزيمة (1714) وابن حبان (1997) وأبو عوانة (2/ 250) والشاشي (418 و 425 و 421 و 423 و 424) والطبراني في الكبير (10161 - 10165) والبيهقي (2/ 477 و 478) والبغوي في شرح السنة (702).
وقد جاء عن أنس رضي الله عنه عند مسلم (708) أن النبي صلى الله عليه وسلم كان ينصرف عن يمينه.
والجمع بين الحديثين: قال النووي في شرحه لمسلم: وجه الجمع بينهما: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يفعل تارة هذا وتارة هذا، فأخبر كل واحدٍ بما اعتقد أنه الأكثر فيما يعلمه، فدلّ على جوازهما، ولا كراهة في واحد منهما، وأما الكراهة التي اقتضاها كلام ابن مسعود، فليست بسبب أصل للانصراف عن اليمين أو الشمال، وإنما هي في حق من يرى أن ذلك لا بد منه، فإن من اعتقد وجوب واحد من الأمرين مخطئ، ولهذا قال:(يرى أن حقًا عليه)، فإنما ذمّ من رآه حقًا عليه، ومذهبنا أنه لا كراهة في واحد من الأمرين، لكن يستحب أن ينصرف في جهة حاجته سواء، كانت عن يمينه أو شماله، فإن استوى الجهتان في الحاجة وعدمها، فاليمين أفضل لعموم الأحاديث المصرحة بفضل اليمين في باب المكارم ونحوها، هذا صواب الكلام في هذين الحديثين، وقد يقال فيهما خلاف الصواب. والله أعلم.
وقال ابن حجر في فتح الباري (2/ 338): ويمكن أن يجمع بينهما بوجهٍ آخر، =
ولأبي داود (1)، عَنْ هلب: أنّهُ صَلَّى مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَكَانَ يَنْصَرِفُ عَنْ شِقَّيْهِ.
وأمّا ما روي عن أبي بكرٍ وعمر: فروى الطبراني (2)، عن أنس بن مالكٍ قالَ: صَلَّيْتُ مَعَ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم،
= وهو أن يحمل حديث ابن مسعود على حالة الصلاة في المسجد؛ لأن حجرة النبي صلى الله عليه وسلم كانت من جهة يساره، ويحمل حديث أنس على ما سوى ذلك كحال السفر، ثم إذا تعارض اعتقاد ابن مسعود وأنس رجح ابن مسعود؛ لأنه أعلم وأسنّ وأجلّ وأكثر ملازمة للنبي صلى الله عليه وسلم وأقرب إلى موقفه في الصلاة من أنس، وبأن في إسناد حديث أنس من تكلّم فيه، وهو السدّي، وبأنه متفق عليه بخلاف حديث أنس في الأمرين، وبأن رواية ابن مسعود توافق ظاهر الحال؛ لأن حجرة النبي صلى الله عليه وسلم كانت على جهة يساره كما تقدم، ثم ظهر لي [أي: للحافظ ابن حجر] أنه يمكن الجمع بين الحديثين بوجه آخر، وهو أن من قال: كان أكثر انصرافه عن يساره نظر إلى هيئته في حال الصلاة، ومن قال: كان أكثر انصرافه عن يمينه نظر إلى هيئته في حالة استقباله القوم بعد سلامه من الصلاة، فعلى هذا لا يختص الانصراف بجهة معينة، ومن ثم قال العلماء: يستحب الانصراف إلى جهة حاجته، لكن قالوا: إذا استوت الجهتان في حقه، فاليمين أفضل لعموم الأحاديث المصرحة بفضل التيامن، كحديث عائشة المتقدم في كتاب الطهارة. قال ابن المنير: فيه أن المندوبات قد تقلب مكروهات إذا رفعت عن رتبتها، لأن التيامن مستحب في كل شيء - أي: من أمور العبادة - لكن لما خشي ابن مسعود أن يعتقدوا وجوبه أشار إلى كراهته. والله أعلم.
أقول: وروي عن ابن عمرو رضي الله عنهما: أنه كان ينصرف عن يمينه وعن يساره. رواه أحمد (6627).
(1)
رواه الطيالسي (1087) وأبو داود في سننه (1041) وابن حبان (1998 الإحسان)(520 موارد الظمآن).
(2)
قال الهيثمي في مجمع الزوائد (2886): عن أنس بن مالك قال: صليت مع =
فكان ساعةَ يسلّمُ. يقوم: ثم صلّيت مع أبي بكرٍ، فكان ساعةَ يصلي يقوم، ثم صلّيت مع عمر، فكان إذا سلّم وثب كأنّه يقوم من رضفةٍ (1). ورأى ذلك فيما بعد التشهّد الأوّل.
= رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان ساعة يسلم يقوم، ثم صليت مع أبي بكر، فكان إذا سلم وثب كأنه يقوم عن رضفة. رواه الطبراني في الكبير، وفيه: عبد الله بن فروخ، قال إبراهيم الجوزجاني: أحاديثه مناكير. وقال ابن أبي مريم: هو أرضى أهل الأرض عندي. ووثقه ابن حبان وقال: ربما خالف، وبقية رجاله ثقات.
ورواه ابن خزيمة (1717) قال: حدثنا محمد بن يحيى قال: حدثنا سعيد بن أبي مريم قال: أخبرنا ابن فروخ. وحدثنا علي بن عبد الرحمن بن المغيرة قال: حدثنا عمرو بن الربيع بن طارق قال: أخبرنا عبدالله بن فروخ قال: حدثني ابن جريج، عن عطاء، عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أخف الناس صلاة في إتمام. قال: صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فكان ساعة يسلم يقوم، ثم صليت مع أبي بكر فكان إذا سلم وثب مكانه كأنه يقوم عن رضف. لم يذكر علي بن عبد الرحمن: كان أخف الناس صلاة. وقال ابن خزيمة: هذا حديث غريب، لم يروه غير عبد الله بن فروخ.
ورواه الحاكم (1/ 295) رقم (784) وعنه البيهقي في سننه (2/ 232) قال: أخبرنا أَبو جعفر محمد بن محمد البغدادي، حدثنا يحيى بن أبي أيوب، حدثنا سعيد ابن أبي مريم، أنبأنا عبد الله بن فروخ، أنبأنا ابن جريج، عن عطاء، عن أنس بن مالك قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أخف الناس صلاة في تمام. قال: وصليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فكان ساعة يسلم يقوم، ثم صليت مع أبي بكر فكان إذا سلم وثب كأنه يقوم عن رضف. وقال الحاكم: هذا حديث صحيح، رواته غير عبد الله بن فروخ فإنهما لم يخرجاه لا لجرح فيه، وهذه سنة مستعملة لا أحفظ لها غير هذا الإسناد.
(1)
تحرف في المخطوط إلى: (رصفة).
روى ابن أبي شيبة (1)، من طريق تميم بن سلمة: كَانَ أَبُو بَكْرٍ إِذَا جَلَسَ فِي الرَّكْعَتَيْنِ كَأَنَّهُ عَلَى الرضف (2) - يعني: حتى يقوم -.
وأخرجه من طريقٍ آخرَ (3) بلفظ: وَكَانَ في الرَّكْعَتَيْنِ الأُولَتَيْنِ كَأَنَّهُ عَلَى الْجَمْرِ حَتَى يَقُومَ.
وأمّا حديث أبي هريرة: فأخرجه أَبو داود، وابن ماجه (4). وهو عامٌّ.
والذي يخصُّ الإمام:
ما رواه أَبو داود، وابن ماجه، عن المغيرة بن شعبة: أَن النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "لَا يُصَلِّي الإمَامُ فِي مَقَامِهِ الَّذِي يُصَلِّي فِيهِ الْمَكْتُوبَةَ حَتَّى يَتَنَحَّى عَنْهُ"(5).
(1) رواه ابن أبي شيبة (3017) قال: حدثنا جرير، عن منصور، عن تميم بن سلمة قال: كان أبو بكر إذا جلس في الركعتين كأنه على الرضف يعني: حتى يقوم.
(2)
تحرف في المخطوط إلى: (الوصف).
(3)
رواه ابن أبي شيبة في المصنف (3018) قال: حدثنا غندر، عن شعبة، عن الحكم، عن إبراهيم، عن رجل صلى خلف أبي بكر، فكان في الركعتين الأوليين، كأنه على الجمر حتى يقوم.
ورواه أَبو القاسم البغوي في الجعديات (204) قال: حدثنا علي، أخبرنا شعبة، عن الحكم، عن إبراهيم، عن رجل صلى خلف أبي بكر الصديق، فكان في الركعتين الأوليين، كأنه على الرضف حتى يقوم.
(4)
تقدّم تخريجه.
(5)
رواه ابن ماجه (1428) وهذا لفظ ابن ماجه، وفيه:"الذي صلى فيه".
ورواه أَبو داود (616) ومن طريقه البيهقي (2/ 286) ولفظه: "لا يصلّ الإمام في الموضع الّذي صلّى فيه حتى يتحوّل". وقال أَبو داود: عطاءٌ الخراسانيّ لم يدرك المغيرة بن شعبة.
وفيه: لفظ: "فَلَا يَتَطَوع الإمام في مكانه الّذي صلّى فيه بالنّاس"(1).
أَمَّا أثرُ ابن عمر:
فأخرجه ابن أبي شيبة، عن عطاء:[أن] ابن عبّاس وابن الزّبير وأبا (2) سعيد وابن عمر كَانُوا يَقُولُونَ: لَا يَتَطَوَّعُ حَتّى يَتحَوّلَ مِنْ مَكَانِهِ الَّذِي صَلَّى فِيْهِ الْفَرِيضَةَ (3).
وفي سنده: رجلٌ متّهم.
وأخرج (4)، عن ابن عليّة، عن أيوب، عن نافعٍ، عن ابن عمرَ: أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي سُبحته (5) مَكَانَهُ.
وأخرج من طريقٍ آخر (6)، عن نَافعٍ: أنَّ ابن عمرَ كَانَ لا يرى بذلك بأسًا.
وأمَّا أنّ مكان المصلي يشهد لهُ: فلم أقف عليه.
وإنّما روى الإمام أحمد، والترمذي، عن أبي هريرة قال: قرأ
(1) لم أجده.
(2)
تحرف في المخطوط إلى: (وأبي).
(3)
رواه ابن أبي شيبة في المصنف (6012) عن ابن علية، عن أيوب، عن عطاء. . .
(4)
رواه ابن أبي شيبة في المصنف (6016).
(5)
تحرف في المخطوط إلى: (سنته).
(6)
رواه ابن أبي شيبة في المصنف (6017) قال: حدثنا معتمر، عن عبيدالله بن عمر قال: رأيت القاسم وسالمًا يصليان الفريضة، ثم يتطوعان في مكانهما. قال: وأنبأني نافع: أن ابن عمر كان لا يرى به بأسًا.
رسول الله صلى الله عليه وسلم: {يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا} [الزلزلة: 4]. قال: "أَتَدْرُونَ مَا أَخْبَارُهَا؟ ". قالوا: اللهُ ورسولهُ أعلمُ. قال: "وَإِنَّ أَخْبَارَهَا: أَنْ تَشْهَدَ عَلَى كُلِّ عَبْدٍ أَوْ أَمَةٍ بِمَا عَمِلَ عَلَى ظَهْرِهَا، [أَنْ] تَقُولَ: عَمِلَ كَذَا وَكَذَا في يَوْمِ كَذَا، فَهَذِهِ (1) أَخْبارُهَا"(2).
والحاصل: استحباب تبدّل هيئة الإمام بعد الفراغ، وكراهة بقائها، واستحباب ذلك للقوم أيضًا. والتخيير بين التطوع في المسجد وعدمه عقيب الفرض. هذا ما ورد عن المتقدمين، وكراهة تأخير التطوع عن الفريضة وسنّة المتأخرين، ولم أرَ لهم دليلًا على ذلك إلاّ ظاهر حديث أنس المتقدم، وما يشير إليه حديث أبي هريرة: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "أَيَعْجَزُ أَحَدَكُمْ إذَا صَلَّى أَنْ يَتَقَدَّمَ أَوْ يَتَأَخَّرَ أَوْ عَنْ يَمِينِهِ أَوْ عَنْ يَسَارِهِ"(3). رواه أَبو داود، وابن ماجه.
(1) تحرف في المخطوط إلى: (فهذا).
(2)
رواه ابن المبارك في مسنده (93) والإمام أحمد (2/ 374) والترمذي (2429 و 3353) والنسائي في الكبرى (11693) وابن حبان (7360) والحاكم (2/ 256) والبيهقي في الشعب (7298) والبغوي في شرح السنة (4308) والتفسير له (4/ 15) من طرقٍ عن ابن المبارك، ورواه الحاكم (2/ 532) من طريق عبد الله بن يزيد المقرئ، كلاهما عن سعيد بن أبي أيوب، عن يحيى بن أبي سليمان، عن سعيد المقبري، عن أبي هريرة. ويحيى بن أبي سليمان، قال البخاري: منكر الحديث. وقال ابو حاتم: مضطرب الحديث، ليس بالقوي، يكتب حديثه - يعني للمتابعات -. وقال ابن خزيمة: لا أعرفه بعدالة ولا جرح.
ورواه البيهقي في الشعب (7296) عن أنس بن مالك. وفيه: يحيى بن أبي سليمان أيضًا.
(3)
تقدم تخريجه.
ويردّ عليه:
ما رواه مسلم في صحيحه (1)، عن السائب (2) بن أخت نَمِر: أَنَّهُ قالَ: إِنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَمَرَنَا أَنْ لَا نُوصِلَ صَلَاةً حَتَّى نَتَكَلَّمَ أَوْ نَخْرُجَ (3).
وما روى أَبُو داود (4)، عَنْ أَبَي رِمْثَةَ قَالَ: صَلَّيْتُ هَذِهِ الصَّلاةَ [أَوْ مِثْلَ
(1) رواه مسلم (883) والبيهقي (2/ 291) ومعرفة السنن والآثار (5/ 187) رقم (1818).
(2)
تحرف في المخطوط إلى: (الثابت).
(3)
تحرف في المخطوط إلى: (يخرج).
(4)
رواه أَبو داود (1007) عن الأزرق بن قيسٍ قال: صلّى بنا إمامٌ لنا يكنى: أبا رمثة فقال: صلّيت هذه. . . وقال أَبو داود: وقد قيل: أَبو أميّة مكان أبي رمثة. ورواه الطبراني في الكبير (22/ رقم 728) قال: حدثنا محمد بن راشد الأصبهاني، حدثنا إبراهيم بن عبد الله بن خالد المصيصي، حدثنا أشعث بن شعبة، بهذا الإسناد. ورواه في الأوسط (2088) قال: حدثنا أحمد بن زهير قال: حدثنا أحمد بن منصور الرمادي قال: حدثنا عبد الصمد بن النعمان قال: حدثنا المنهال بن خليفة، بهذا الإسناد. وقال الطبراني: لا يروى هذا الحديث عن أبي رمثة إلا بهذا الإسناد، تفرّد به المنهال. ورواه (22/ رقم 727) قال: حدثنا إبراهيم بن متويه الأصبهاني، حدثنا سليمان بن حبيب المصيصي، حدثنا أشعث، مختصرًا. ورواه في الأوسط (6903) قال: حدثنا محمد بن عبد الله بن عبد السلام البيروتي، حدثنا اليمان بن سعيد المصيصي، حدثنا أشعث بن شعبة، بهذا الإسناد مختصرًا، وقال الطبراني: لا يروى هذا الحديث عن أبي رمثة إلا بهذا الإسناد، تفرّد به أشعث بن شعبة.
وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (2/ رقم 2881) عن الرواية المختصرة: رواه الطبراني في الأوسط، وفيه: منهال بن خليفة، ضعّفه ابن معين والنسائي وابن حبان، ووثقه أَبو حاتم، وقال البخاري: صالحٌ، فيه نظر. =
هَذِهِ الصَّلاةِ] مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ يَقُومَانِ فِي الصَّفِّ الْمُقَدَّمِ عَنْ يَمِينِهِ، وَكَانَ رَجُلٌ قَدْ شَهِدَ تَكْبِيرَةَ الأُولَى مِنَ الصَّلاةِ، فَصَلَّى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم صَلَاةً، ثُمَّ سَلَّمَ عَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ يَسَارِه، حَتَّى رَأَيْنَا بَيَاضَ خَدَّيْهِ، ثُمَّ انْفَتَلَ كَانْفِتَالِ أَبِي رِمْثَةَ - يَعْنِي: نَفْسَهُ -، فَقَامَ الرَّجُلُ الَّذِي أَدْرَكَ مَعَهُ التَّكْبِيرَةَ (1) الأُولَى (مِنْ الصَّلاةِ يَشْفَعُ)(2) فَوَثَبَ [إِلَيْهِ] عُمَرُ فَأَخَذَ بِمَنْكِبِهِ فَهَزَّهُ، ثُمَّ قَالَ: اجْلِسْ، فَإِنَّهُ لَمْ يُهْلِكْ أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَاّ أَنَّهُم (3) لَمْ يَكُنْ بَيْنَ صَلَوَاتِهِمْ (4) فَصْلٌ، فَرَفَعَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم رَأْسَهُ (5)، فَقَالَ:"أَصَابَ اللهُ بِكَ يَا ابْنَ الْخَطَّابِ".
فَإِنّ أخذ الفصل باستدلالهم بحديث عائشة اندفع هذا، وأنّ المنع مقدّم على الإباحة عند التعارض؛ لأن ذلك صريح فكيف وهو محتمل مع ما فيه من التكلّف.
وورد لنا عن أبي هريرة: أنّ النبي صلى الله عليه وسلم قال لِفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ: "أَلَا أُعَلِّمُكُمْ
= ورواه الحاكم (1/ 366) رقم (996) وعنه البيهقي في سننه (2/ 289) قال: أخبرنا جعفر بن محمد بن نصير الخلدي، حدثنا أحمد بن علي الجزار، حدثنا عبد الوهاب ابن نجدة، حدثنا أشعث بن شعبة، بهذا الإسناد. وقال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يخرجاه. وتعقّبه الذهبي فقال: المنهال ضعّفه ابن معين، وأشعث فيه لين، والحديث منكر.
(1)
تحرف في المخطوط إلى: (التكبير).
(2)
ما بين معكوفتين: من سنن أبي داود، وفي المخطوط:(للشفع).
(3)
في سنن أبي داود: (أنه).
(4)
في المخطوط: (لم يكن لهم من صلاتهم).
(5)
في سنن أبي داود: (بصره).
شَيْئًا تُدْرِكُونَ بِهِ مَنْ سَبّقَكُمْ، وَتَسْبِقُونَ بِهِ مَنْ بَعْدكُمْ؟ وَلَا يَكُونُ أَحَدٌ أَفْضَلَ مِنْكُمْ إِلَاّ مَنْ صَنَعَ مِثْلَ مَا صَنَعْتُمْ: تُسَبِحُونَ وَتَحْمَدُونَ وَتُكَبِّرُونَ دُبُرَ كُلِّ صَلَاةٍ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ [مَرَّةً]. . . الحديث". أخرجاه (1).
فإن قيل: هذا يصدق بما إذا قال عقب السنة من غير اشتغالٍ بما هو من توابع الصلاة.
قلت: نعم. إذا ورد ما يقتضي الوصل أو كراهة الفصل حمل على ذلك. أمّا إذا لم يرد فلا يصرف عن حقيقته.
وبالجملة: فالرّاجح عندي: ما روي عن المتقدمين وكراهة الوصل والإباحة مع الفصل بنحو ما ورد كحديث ثوبان قَالَ: كَانَ رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا انصرفَ من صلاته: استغفر الله ثلاثًا. وقال: "اللَّهُمَّ أَنْتَ السَّلَامُ، وَمِنْكَ السَّلَامُ، تَبَارَكْتَ يَا ذَا الْجَلَالِ وَالإِكْرَامِ". رواهُ الجماعة إِلَاّ البخاري (2).
وحديث عبد الله بن الزبير: أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ في دُبُرِ كُلِّ صَلَاةٍ حِينَ يُسَلّمُ:
(1) رواه البخاري (843 و 6329) ومسلم (595) والنسائي في عمل اليوم والليلة (145 و 146) وابن خزيمة (749) وابن حبان (2014) وأبو عوانة (2/ 248 و 249) والبغوي في شرح السنة (717 و 720) والبيهقي (2/ 186) عن أبي هريرة رضي الله عنه.
(2)
رواه الدارمي (1348) وأحمد (5/ 275 و 279) ومسلم (591) وأبو داود (1513) والترمذي (300) والنسائي في المجتبى (1336) والكبرى (1260/ 1) وعمل اليوم والليلة (139) وابن ماجه (928) وابن خزيمة (737 و 738) وابن حبان (2003) وأبو عوانة (2/ 242) والبيهقي (2/ 183) والبغوي في شرح السنة (714) عن ثوبان رضي الله عنه.
"لَا إِلَهَ إلَاّ اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيْرٌ. وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوّةَ إِلَاّ باللهِ، [لَا إِلَهَ إِلَاّ اللَّهُ] وَلَا نعبُدُ إِلَاّ إِيَّاهُ، لَهُ النِّعْمَةُ وَلَهُ الْفَضْلُ، وَلَهُ الثَّنَاءُ الْحَسَنُ الْجَمِيلُ (1). لَا إِلَهَ إِلَاّ اللهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ الكَافِرُونَ". قَالَ: وَكَانَ رَسُوْلُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يُهَلِّلُ (2) بِهِنَّ دُبُرَ كُلِّ صلَاةٍ. رَوَاهُ أَحمد، ومسلم، وأبو داود، والنَّسَائي (3).
وحديث المغيرة: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَقُولُ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلَاةٍ مَكْتُوبَةٍ: "لَا إِلَهَ إِلَاّ اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى [كُلِّ] شَيْءٍ قَدِيرٌ. اللَّهُمَّ لَا مَانِعَ لِمَا أَعْطَيْتَ، وَلَا مُعْطِيَ لِمَا مَنَعْتَ، وَلَا يَنْفَعُ ذَا الْجَدِّ مِنْكَ الْجَدُّ". متّفقٌ عليه (4).
وحديث سعد بن أبي وقاص: أنَّهُ كَانَ يُعَلِّمُ بَنِيهِ هَؤُلَاءِ الْكَلِمَاتِ، كَمَا
(1)(الجميل) لم ترد عند أحمد ومسلم وغيرهم.
(2)
في المخطوط: (يهل).
(3)
رواه الإمام أحمد (4/ 4) وابن أبي شيبة (10/ 232) ومسلم (594) وأبو داود (1506 و 1507) والنسائي في المجتبى (1338 و 1339) والكبرى (1262 و 1263/ 1) وابن خزيمة (741) وابن حبان (2008 - 2010) وأبو عوانة (2/ 245 و 246) والبيهقي (2/ 185) والبغوي في شرح السنة (717) عن عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما.
(4)
رواه عبد الرزاق (4224) والإمام أحمد 4/ 245 و 247 و 250 و 254 و 255) وابن أبي شيبة (10/ 231) والحميدي (762) والبخاري (844 و 1477 و 2408 و 5975 و 6330 و 6473 و 6615 و 7292) ومسلم (593) وأبو داود (1505) والنسائي في المجتبى (1345 و 1341) والكبرى (1264 و 1265) وعمل اليوم والليلة (129 و 130) وابن خزيمة (742) وابن حبان (2005 - 2007) وأبو عوانة (2/ 243 و 244) والطبراني في الكبير (906) والبيهقي (2/ 185) والبغوي في شرح السنة (715) عن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه.
يُعَلِّمُ الْمُعَلِّمُ الْغِلْمَانَ الْكِتَابَةَ. وَيَقُولُ: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَتَعَوَّذُ بِهِنَّ دُبُرَ الصَّلَاةِ: "اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ البُخْلِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ الْجُبْنِ، وَأَعُوذُ بِكَ أَنْ أُرَدَّ إِلَى أَرْذَلِ العُمُرِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الدُّنْيَا، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ". رواه البخاري، والترمذي وصحّحه (1).
ولا يشبه الوصل، وكراهة التّأخير. كما قيل. وهذه الأحاديث كلها واردة على ظاهره، ولا يندفع إلا على ما ذكرت.
وكيف؛ وقد روى الترمذي (2)، عن أبي أمامة: قيلَ: يَا رَسُولَ اللهِ! أيّ الدُّعاءِ أَسْمَعُ؟ قَالَ: "جَوْفُ اللَّيْلِ الآخِرِ (3)، وَدُبُرُ الصَّلَوَاتِ الْمَكْتُوبَاتِ".
وهذا صريحٌ في ردّ ما في الخلاصة من قوله: الاشتغال بالدعاء
(1) رواه الإمام أحمد (1/ 183 و 186) رقم (1585 و 1621) والدورقي في مسند سعد (53) وابن أبي شيبة (3/ 376 و 10/ 188) والبخاري (2822 و 6365 و 6370 و 6374 و 6390) والترمذي (3567) والنسائي في [المجتبى (8/ 256 و 257 و 266 و 271 - 272) وعمل اليوم والليلة (131 و 132) والبزار (1141 - 1144) وابن خزيمة (746) وأبو يعلى (716 و 771) وابن حبان (1004) وأبو القاسم البغوي في الجعديات (532) والشاشي (79) والخرائطي في مكارم الأخلاق (ص 93) والطبراني في الدعاء (661 و 662) والبيهقي في إثبات عذاب القبر (183) عن سعد ابن أبي وقاص رضي الله عنه.
(2)
رواه الترمذي (3499) والنسائي في الكبرى (9936) عن أبي أمامة رضي الله عنه. وقال الترمذي: هذا حديث حسن، وقد روي عن أبي ذر وابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:"جوف الليل الآخر الدعاء فيه أفضل أو أرجى أو نحو هذا".
(3)
تحرف في المخطوط إلى: (الأخير).
عقيب الصّلاة بِدْعَةٌ.
وأرى أنّ قوله في الخلاصة: لكنّه يقوم إلى التطوع من إدراج المصنّف لا كلام الإمام محمد. والله أعلم.
إني ولله الحمد، أقول كما (1) قال الطحاوي لابن حَرْبُويَه (2):
لا يقلِّد إلَاّ عصبيٌّ (3) أو غبيٌّ. {وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ} [النور: 40]. والحمد لله وحده.
* * *
(1) تحرف في المخطوط إلى: (هما).
(2)
تحرف في المخطوط إلى: (ولا يرجو يومه). والتصحيح من كتاب قواعد التحديث من فنون مصطلح الحديث للشيخ جمال الدين القاسمي (ص 70 مطبعة ابن زيدون بدمشق 1925 هـ).
وابن حربويه، هو: القاضي العلامة، المحدث الثبت، قاضي القضاة، أَبو عبيد، علي بن الحسين بن حرب بن عيسى البغدادي، ولي قضاء مصر، ومات سنة 319 هـ. سير أعلام النبلاء (14/ 536).
(3)
في المخطوط: (عصبية).
وهو من قول ابن حربويه أيضًا كما جاء في سير أعلام النبلاء (14/ 537 - 538).