الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(24)
[رِسَالَةٌ في] حَفْرِ المُرَبَّعَاتِ
*
سئل - رحمه الله تعالى - عن رجلٍ استأجر أُجراء يحفرون له مربعة
عمقها قامتان وأزيد ليغرس فيها الكرم، فانهدمت حائط من حيطان المربعة على بعضهم في حالة الحفر، فمات فهل يهدر دمه أو يطالب به رفقته أو يطالب به المستأجر؟ وماذا يجب في ذلك؟.
فأجاب:
لا مطالبة على المستأجر وعلى الرفقة الذين يحصصهم وتقسط حصّة الميت. وهذا مما لا خلاف عندنا نعلمه في ذلك.
فلفظ الرواية هكذا:
ولو استأجر أربعة نفرٍ يحفرون له بئرًا فوقعت عليهم من حفرهم فمات أحدهم، فعلى كلّ واحدٍ من الثلاثة ربع الدّية وهدر الربع؛ لأنّه حصل بجنايتهم. والله أعلم.
فأحضر إليه سؤال ثانٍ في رجلٍ استأجر ثمانية رجالٍ يحفرون له مربعة في رملٍ عمقها قامتان وأزيد ليغرس فيها الكرم، فانهدمت حائط من حوائطه الأربعة على اثنين منهم في حالة الحفر، فماتا. فهل يهدر دمهما أو يطالب به رفقتهما، أو يطالب به المستأجر. وماذا يجب في ذلك؟.
وعليه جوابٌ صورته:
الحمدُ لله المنعم بالصّواب. لا ضمان على أحدٍ ممن ذكر في ذلك، ولا مطالبةَ فيه والحالة هذه. والله أعلم.
قال الشيخ رحمه الله: فخشيت أن يخفى جوابي ويظهر هذا للحكام الذي يخفى عليهم بعض الأحكام الشرعية.
فكتبت إلى جانب ذلك الجواب، ما صورته:
الحمد لله. ربّ زدني علماً.
{رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ} [آل عمران: 8].
لا يهدر ذمّتهما، ويطالب رفقتهما بديتهما، فعليهم دية ونصف دية لأولياء كل واحدٍ منهما: ثلاثة أرباع دية، ويهدر ربع هذا مما لا خلاف فيه عندنا.
وأمّا المستأجر فلا شيء عليه. والحالة هذه والله أعلم.
وخشيت من أصحاب الأغراض الفاسدة أنهم يحتجون في مثل هذه الواقعة بذلك الجواب ويقولون:
قد أجاب فلانٌ في مثل هذا بكذا، كما يقولون في أحكام بإجماع المسلمين صدرت من بعض الحكام: قد حكم فلانٌ في مثل هذا بكذا، فعلقت هذا التعليق وضفنته عبارات كتب علمائنا ليتمكّن القائم لله من الرّد على المبطلين.
فعبارة التجريد والإيضاح والمفيد والمزيد (1): ولو استأجر أربعة نفرٍ
(1)(التجريد الركني في الفروع) للإمام ركن الدين، عبد الرحمن بن محمد المعروف، بابن أميرويه الكرماني الحنفي، المتوفى سنة ثلاث وأربعين وخمس مئة، وشرحه =
يحفرون له بئراً، فوقعت عليهم من حفرهم، فمات أحدهم، فعلى كلِّ واحدٍ من الثَّلاثة ربع الدِّية (1)، وهدر الرُّبع؛ لأنّه حصل بجنايتهم جميعاً (2). انتهى بحروفه.
وعبارة المبسوط (3): ولو كان الأجراء أربعة فوقع عليهم من حفرهم، فمات واحدٌ ضمن الثلاثة. كلّ واحدٍ ربع الدية (4) وهدر ربع الدية؛ لأن الأجراء مباشرون للإتلاف؛ لأنّ البئر إنما انهارت عليهم من حفرهم، فصارت كما لو استأجر أجراء لهدم حائط فسقط حالة الهدم من أيديهم شيءٌ على إنسافي ضمن الهادمُ؛ لأنّه مباشرٌ. فكذا هذا. والأمر سبب والضط ن على المباشر دون السبب. فقد تلفَ المقتول بجنايته وبجناية ثلاثة من أصحابه وجنايته مهدرة، وجناية أصحابه معتبرة. كما لو جرح نفسه جراحة وجراحة
= وسمّاه: (الإيضاح)، وهو ثلاث مجلدات. وشرحه أيضاً: شمس الأئمة، تاج الدين، عبد الغفار بن لقمان الكردي الحنفي، المتوفى سنة اثنتين وستين وخمس مئة، وسماه:(المفيد والمزيد). كشف الظنون (1/ 345).
وقال المصنف في تاج التراجم (ص 12): عبد الغفور بن لقمان بن محمد تاج الدين، أبو المفاخر الكردري، تفقه على: أبي الفضل عبد الرحمن الكرماني، وتولى قضاء حلب للعادل نور الدين محمود، وصنّف شرحاً على الأخسيكتي، وشرحاً على التجريد، وسمّاه: المفيد والمزيد، وشرح الجامع الصغير على طريق الجامع الكبير في تقرير أصول الأبواب، وكان على غاية من الزهد، توفي سنة اثنتين وخمسين، وقيل: اثنتين وستين وخمس مئة.
(1)
تحرف في المخطوط إلى: (الدرية).
(2)
انظر الجوهرة النيرة شرح مختصر القدوري (5/ 47).
(3)
انظر المبسوط للشيباني (3/ 47 - . . .) والمبسوط للسرخسي (7/ 422 - . . .).
(4)
تحرف في المخطوط إلى: (الدرية).
ثلاثة ضمنوا ثلاثة أرباع الدية. فكذا هذا. انتهى.
وهذه عبارة المحيط والذخيرة أيضاً.
وعبارة القاضي الإمام فخر الدين قاضي خان (1): رجلٌ استأجر أربعةَ رهطٍ يحفرون له بئراً فوقعت من حفرهم، فمات أحدهم، كان على كل واحدٍ من الثلاثة الباقين ربع دية الميت، وسقط ربعها، فبقي ثلاثة الأرباع. انتهى.
وعبارة البدائع (2): ولو استأجر أربعة نفرٍ يحفرون له بئراً، فوقعت عليهم من حفرهم، فمات أحدهم، فعلى كلِّ واحدٍ من الثَّلاثة ربع الدِّية، وهدر الرّبم؛ لأنَّه مات من أربع جناياتٍ إلا أنَّ جناية المرءِ على نفسه هدرٌ، فبطل الرّبع، وتثبت جناية (3) أصحابه [عليه]، فتعتبر، ويجب عليهم ثلاث (4) أرباع الدِّية على كلِّ واحدٍ منهم الرّبع.
وقد روى الشَّعبيُّ، عن علي رضي الله عنه: أَنَّه قَضَى عَلَى الْقَارِصَةِ وَالْقَامِصَةِ (5) وَالْوَاقِصَةِ بِالدِّيَة أثَلاثًا وَهُنَّ (6) ثَلاثُ جَوَارٍ، كبَتْ (7) إحْدَاهُنَّ الأُخْرى، فَقَرَصَتْ الثَّالِثة الْمَرْكُوبةَ فَقَمَصَتْ (8) فَسَقَطَتْ الرَّاكِبةُ فَقَضَى لِلَّتِي وَقَصَتْ بِثلثَيْ الدِّيَةِ عَلَى
(1) مجمع الضمانات لابن غانم البغدادي (1/ 318 و 3/ 450) نقلاً عن قاضي خان.
(2)
بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (16/ 437 - . . .).
(3)
في البدائع: (وبقي جنايات).
(4)
في المخطوط: (ثلاثة).
(5)
تحرف في المخطوط إلى: (والقانصة).
(6)
تحرف في المخطوط إلى: (بين).
(7)
تحرف في المخطوط إلى: (كتب).
(8)
تحرف في المخطوط إلى: (فقنصت).