الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مَجْمُوعَةُ رَسَائِل العَلَّامَة قَاسِم بن قُطْلُوبُغَا
[23]
مَسْأَلَةٌ في طَلَاقِ المَرِيضِ زَوْجَتهُ
تَأْلِيفُ
العَلَّامَة قَاسِم بْنِ قُطْلُوبُغَا الحَنَفِي
المولود سَنَة 802 هـ والمتوفى سَنة 879 هـ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -
(23)
مَسْأَلَةٌ في طَلَاقِ المَرِيضِ زَوْجَتهُ
قال - رحمه الله تعالى -:
قد سئلتُ عن امرأة طلّقها زوجها طلاقاً رجعياً في مرض موته، ثم مضى عليه ثلاثة أشهر وثلاثة عشر يوماً، ثم مات، فأقرّت أنّها حاضت في هذه المدّة ثلاث حيض وانقضت عدتها منه قبل موته بخمسة أيّامٍ، فهل ترث مع الإقرار أم لا، فأجبت: أنها لا ترث في هذه الصّورة. والله أعلم بالصّواب.
ثم وقعتُ على جواب لبعض المشايخ الحنفية صورته:
الحمد لله المنعم بالصَّواب.
إذا كان الطلاق رجعيًّا ترث منه ما دامت عدة الوفاة قائمة. والله أعلم.
وأخبرني الذي أوقفني على هذا الجواب: أن مستند المجيب قول الشيخ عبد اللطيف بن فرشته في شرح المجمع في فصل طلاق الفارّ: قيدنا طلاقها بالبينونة؛ لأنه إذا كان رجعيًّا فعليها عدّة الوفاة أيضاً اتفاقاً.
فقلت: لم يزل الفهم عزيزاً وبالوقوف على المأخذ يعضُّ عليها بالنواجذ، ما ذكره ابن فرشته فيما إذا مات وعدة الطلاق قائمة؛ لأنّها حينئذٍ زوجة. وعلى الزّوجة تربص أربعة أشهر وعشراً.
أمّا إذا كانت العدة منقضية، فلم تكن زوجة فلا يجب عليها عدة ولا ترث عندنا. والله أعلم.
ثم أخبرني جمعٌ من أهل العلم: أن المجيب وقف على خطي بالجواب فقال:
قد أجبته بأنّها ترث. وهذا وخاطره. فقلت: لم يكن هذا بخاطري ولا يحل هذا في دين الله لأمثالي، وإنمّا هذا مصرّحٌ به في كثيرٍ من المصنّفات.
وفي بعضها مطلقٌ عن تعيين الطلاق.
قال الكرخي: إذا طلّق الرَّجل امرأته طلاقاً رجعياً في مرضه الذي مات فيه، ثم مات وهي في العدة ورثته. وإن مات بعد انقضاء العدة لم ترثه. وهو قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمّد وزفر والحسن بن زياد مصرّح فيه بأنّه ماتَ وهي في العدّة في كثيرٍ من المصنفات. وأشار إليه في عبارة بعضهم، وتعليل بعضٍ، وبهما معاً، وهو ما عنيته بقولي وبالوقوف على المأخذ يعضّ عليها بالنّواجذِ.
أمّا الأوّل: فقال الإمام حسام الدين في فتاواه (1): وإن كان الطلاق من المريض رجعياً، أو كان طلّقها في الصّحّةِ رجعياً، ثم مات وهي في العدّة، فعدّتها عدة الوفاة لا غير. وبطل عنها الحيض في قولهم جميعاً. انتهى بحروفه.
ونحوه في التتمة (2) والمنية (3).
وقال الشيخ الإمام قاضي خان في فتاواه: والحرمة المطلقة إذا مات الزوج في العدّة، إن كان الطلاق رجعيًّا تنقلب عدّتها عدة الوفاة. انتهى بحروفه.
وأمّا الثاني: فقال الكرخي في مختصره: وإن كان الطلاق رجعيًّا في
(1) في المخطوط: (فتواه).
(2)
تتمة الفتاوى للإمام برهان الدين محمود بن أحمد بن عبد العزيز الحنفي صاحب المحيط، المتوفى سنة 616 هـ. تقدّم الكلام عنه.
(3)
أي: منية المفتي ليوسف السجستاني الذي مرّت ترجمته.
صحّةٍ أو مرض فعليها: {أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا} [البقرة: 234]. وبطل عنها الحيض في قولهم جميعاً. انتهى.
"فبطل": يشير إلى قيامها وقت الموت إذ المنقضي المعدوم لا يبطل.
ونحو قولهم في شروح الهداية (1): أَمَّا إذا طلَّقها رجعيًّا، فعدَّتها عدَّة الوفاة، سواءٌ طلَّقها في مرضه أو في صحَّته، ودخلت في عدَّة الطَّلاق، ثم مات الزَّوج.
وأمّا الثالث: فقال في الهداية (2): أمَّا إذا كان رجعيًّا، فعليها عدَّة الوفاة بالإجماع، بخلاف [غير] الرَّجعيِّ؛ لأنَّ النكاح باقٍ من كل وجبة. انتهى.
ولا يبقى النكاح في الرجعي بعد ثلاث حيضٍ وخمسة أيّامٍ.
وقال في شرح الكنز: بخلاف المطلّقة رجعيًّا حيث تكون عدّتها عدة الوفاة اتفاقاً لبقاء الزوجية من كلّ وجهٍ قبيل الموت وانقطاعه بالموت. فيجب عليها عدة الوفاة. انتهى.
ومن حاضت ثلاث حيضٍ ومكثت بعدها خمسة أيام لا يكون زوجها قبل الموت وقد انقطعت الزوجية بانقضاء العدّة لا بالموت.
وقال في الإيضاح: وإن كان الطلاق رجعيًّا في صحّة أو مرضٍ فعدتها أَرْبَعَةَ أَشْهُر وَعَشرا (3). بلا خلافٍ؛ لأن النكاح قد نفي. انتهى.
(1) فتح القدير لابن الهمام (9/ 274).
(2)
الهداية (1/ 274) وفتح القدير لابن الهمام (9/ 273) والعناية شرح الهداية (6/ 103 و 104) ودرر الحكام شرح غرر الأحكام (4/ 404) ورد المحتار (11/ 459).
(3)
لقوله تعالى: {أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا} [البقرة: 234].
ولا يبقى النكاح بعد انقضاء ثلاث حيضٍ وأيّامٍ.
وقال في المحيط: المطلقة الرجعية إذا مات زوجها تعتد للوفاة أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشراً (1). لقيام النكاح. انتهى.
ولا قيام للنكاح بعد مضي ثلاث حيضٍ.
وأمّا الرّابع: فقال في البدائع (2): إذا طلَّق امرأتهُ ثم مات، فإن كان الطَّلاق رجعيًّا انتقلت عدَّتها إلى عدَّة الوفاة، سواءٌ طلَّقها في حالة المرض أم في حال الصِّحَّة، وانهدمت عدَّة الطَّلاق، فعليها أن تستأنف عدَّة الوفاة في قولهم جميعاً؛ لأنَّها زوجتُه (3) بعد الطَّلاق، إذ الطَّلاق الرَّجعيُّ لا يوجب زوال الزَّوجيَّة، وموت الزَّوج يوجب (4) على زوجته عدَّة الوفاة لقوله (5) تعالى:{وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا} [البقرة: 234] كما لو مات قبل الطَّلاق. انتهى.
فقوله: انتقلت. . . وانهدمت. . . وأنّها زوجة، وموتُ الزَّوج يوجب على الزَّوجة عدَّة الوفاة. . . يشير إلى ما قلنا على ما تقدّم مكرّراً.
وقال في الذخيرة (6): وإذا كان الطلاق رجعياً في صحّةٍ أو مرضٍ، فعدّتها أربعة أشهرٍ وعشراً، وقد بطل عنها الحيض في قولهم جميعاً؛ لأنّ الطّلاق
(1) لقوله تعالى: {أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا} [البقرة: 234].
(2)
بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (7/ 416).
(3)
في المخطوط: (زوجة).
(4)
في المخطوط: (توجب).
(5)
في المخطوط: (بقوله).
(6)
المحيط البرهاني لبرهان الدين مازه (4/ 77).