المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌وليجعل آخر صلاته من الليل وترا - مجموعة رسائل العلامة قاسم بن قطلوبغا

[ابن قطلوبغا]

فهرس الكتاب

- ‌مَدخَل

- ‌الكِتَاب

- ‌وَصفُ المَخْطُوطِ

- ‌صِحَّةُ نِسْبَةِ المَجمُوع

- ‌مَصَادِر المَجْمُوع

- ‌عَمَلُنَا فِي المَجْمُوعِ

- ‌تَرْجَمَةُ العلَّامة قَاسِم بن قُطْلُوبغَا

- ‌ اسمه ونسبه:

- ‌ مولده:

- ‌ صفته:

- ‌ العلوم التي برع فيها:

- ‌ مذهبه:

- ‌ المناصب التي وليها:

- ‌ رحلاته العلمية:

- ‌ شيوخه:

- ‌ تلاميذه:

- ‌ ثناء العلماء عليه:

- ‌ مصنفاته:

- ‌ القرآن وعلومه:

- ‌ التخريج:

- ‌ الرجال وعلومه:

- ‌ الحديث وعلومه:

- ‌ الفقه وعلومه:

- ‌ أصول الفقه:

- ‌ السيرة:

- ‌ النقد:

- ‌ اللغة العربية:

- ‌ علم الكلام:

- ‌ مرضه ووفاته:

- ‌ مصادر الترجمة:

- ‌تَرْجَمَةُ شَمْس الدِّين ابن أَمِيْر حَاج الحَلَبِيِّ

- ‌ اسمه:

- ‌ أولاده:

- ‌ صفته:

- ‌ المناصب التي تولاها:

- ‌ تصانيفه:

- ‌ وفاته:

- ‌ مصادر ترجمته:

- ‌[1]رَفْعُ الاشْتِبَاهِ عَنْ مَسَائِلِ المِيَاهِ

- ‌ لَا يَحِلُّ لأَحَدٍ أَنْ يُفْتِي بِقَوْلنَا مَا لَمْ يَعْرِفْ مِنْ أَيْنَ قُلْنَاهُ

- ‌ سئلت عن مسائل وأجوبتها منقولة فلا بأس نذكرها تتميماً:

- ‌[2]رِسَالَةٌ فِيهَا أَجْوِبَةٌ عَنْ بَعْضِ مَسَائِلَ وَقَعَتْ

- ‌ إذا أصابوا في البئر فأرة متفسخة، وكانوا قبل ذلك قد طبخوا أو عجنوا من مائها، هل يؤكل

- ‌ رجل يمسح على خرقة على جراحةٍ بيده

- ‌ رجلٍ صلّى الظهر، فشكّ وهو في الصلاة أنه على وضوءٍ أم لا، ما الفعلُ

- ‌ إذا تعمَّد ترك الواجب أو تأخيره، لم يجب عليه سجود السهو

- ‌ المسبوق إذا سلَّم مَعَ الإمام ساهيًا، هل تبطل صلاته

- ‌ رجلٌ أجَّرَ دارًا

- ‌ رجلٌ له ثلاث مئة قد حال عليها الحول، فخلطها بخمس مئة، ثم ضاع من المال كله خمس مئة

- ‌ في رجلٍ صائم قال له آخر: امرأته طالق إن لم يفطر

- ‌ التقبيل الفاحش

- ‌[3]النَّجَدَات بِبَيَانِ السَّهْوِ في السَّجْدَاتِ

- ‌[4]أَحْكَامُ الفَأْرَة إِذَا وَقَعَتْ فِي الزَّيتِ وَنَحْوِه

- ‌ تنجّس الدهن:

- ‌[5]أَحْكَامُ الصَّلَاةِ عَلَى الجَنَازَةِ فِي المَسْجِدِ

- ‌لو وضعت الجنازة خارج المسجد والإمام خارج المسجد، ومعه صفٌّ والباقي في المسجد

- ‌[6][رِسَالَةٌ فِي] التَّرَاوِيحِ وَالوِتْرِ

- ‌وَلْيَجْعَلْ آخِرَ صَلَاتِهِ مِنَ اللَّيْلِ وِتْرًا

- ‌فصلٌالانتظار من كل ترويحتين قدر الترويحة

- ‌فصل وقدر القراءة في التراويح

- ‌فصلٌإذا صلّى الإمام التراويح قاعدًا لعذرٍ أو لغير عذرٍ والقوم قيام

- ‌فصلٌ وإذا صلَّى التراويح قاعدًا من غير عذرٍ

- ‌فصلٌ إذا صلّى التراويح مقتديًا بمن يصلي المكتوبة، أو وترًا، أو نافلة غير التراويح

- ‌فَصْلٌ إذا صلَّى ترويحةً واحدةً بتسليمةٍ واحدةٍ، وقد قعد في الثّانية قدر التشهد

- ‌[7]الفَوَائِدُ الجُلَّةُ فِي مَسْأَلَةِ اشْتِبَاهِ القِبْلَةِ

- ‌ صورة ما كتبه المرحوم الشيخ العلامة يحيى بن محمد الأقصرائي الحنفي

- ‌[8]أَحْكَامُ القَهْقَهةِ

- ‌ تتمة:

- ‌ فائدة:في التوكيل في النكاح

- ‌[9]الأَصْلُ فِي بَيَانِ الفَصْلِ والوَصْلِ

- ‌[10]الأُسُوس في كَيْفَّيةِ الجُلُوسِ

- ‌[11]تَحْرِيرُ الأَقْوَالِ في صَوْمِ السِّتِّ مِن شَوَّال

- ‌ فائدة:

- ‌[12]رِسَالَةٌ في قَضَاءِ القَاضِي

- ‌[13][رِسَالَةٌ فِي] العِدَّةِ

- ‌كتب على هذه بعض مشايخ العصر ما صورته:

- ‌[فَتْوَى عَنِ القَصْرِ وَالإتْمَامِ]

- ‌[14]مَسْأَلَةٌ فِي حَطِّ الثَّمَنِ وَالإِبْرَاءِ مِنْهُ وَصَحَّةِ ذَلكَ

- ‌[15]مِن مَسَائِلِ الشُّيُوع

- ‌سئلتُ عن بيع حصّةٍ شائعةٍ من عقارٍ

- ‌[الفصل] الأوّل:

- ‌ أقسام الشيوع

- ‌ الفصل الثاني:

- ‌ الفصل الثالث:

- ‌ أجرُ الشّائع

- ‌قرض المشاع

- ‌ وهب الشائع

- ‌ الشيوع الطارئ:

- ‌ وقف الشائع:

- ‌ رهنَ الشائع

- ‌ الفصل الرابع:

- ‌ إجارة المشاع:

- ‌ الإعارة في الشائع:

- ‌ الرهن

- ‌ الصّدقة:

- ‌ الوقف:

- ‌[16]أَحْكَامُ التَّزْكِيَةِ وَالشَّهَادَةِ

- ‌سئلتُ عن رجل شهدَ عليه عند قاضٍ مالكي المذهب:

- ‌صورة التزكية

- ‌ العدالة

- ‌البلوغ

- ‌ البصر:

- ‌ العدد في الشهادة:

- ‌مَسَائِلُ التَّزْكِيَة

- ‌[17]القَوْلُ القَائِم في بَيَانِ تَأْثِيرِ حُكْمِ الحَاكِمِ

- ‌[18][رِسَالَةٌ في] مَا يُنقَضُ مِنَ القَضَاءِ

- ‌[19]تَحْرِيرُ الأَقْوَالِ في مَسْأَلَةِ الاسْتِبْدَالِ

- ‌[20]مَسْأَلَةٌ فِي الوَقْفِ وَاشْتِرَاطِ النَّظَرِ لِلأَرْشَدِ فَالأَرْشَدِ

- ‌وسئلت عن واقفٍ شرط أن يكون النظر للأرشد فالأرشد

- ‌ صورة سؤال ورد على الشيخ رحمه الله من دمشق:

- ‌ مسألةٌ مهمّةٌ

- ‌ مسألة أخرى:

- ‌[21]صُورَةُ سُؤَالَاتٍ وَأَجْوِبَةٍ عَنْهَا

- ‌ورد على الشيخ - رحمه الله تعالى - من دمشقٍ:

- ‌ باب العول:

- ‌ باب الرّدّ

- ‌ فائدة:

- ‌[22]مَسْأَلَةُ تَعْلِيقِ الطَّلَاق بِالنِّكاحِ

- ‌هل تكون الخلوة إجازةً

- ‌هل للفضولي فسخ العقد قبل الإجازة

- ‌صورة السجل:

- ‌ تتميم:

- ‌[23]مَسْأَلَةٌ في طَلَاقِ المَرِيضِ زَوْجَتهُ

- ‌ فائدة:

- ‌ فائدة أخرى:

- ‌ نكتة:

- ‌سئلت عن رجلٍ طلّق امرأته طلقتين وراجعها من الثانية

- ‌سئل عن رجلٍ حلف بالطلاق من زوجته

- ‌ سئل - رحمه الله تعالى -: عن امرأةٍ

- ‌سئل رحمه الله: عمّن باع داراً بيع التقاضي وقبض بعض الثمن، ثم أقبض الباقي بعد هذه

- ‌ مسألة:

- ‌سئل عن رجل باع عن رجلٍ

- ‌سئل عن رجلٍ باع ثوباً

- ‌سئل عن رجلٍ باع ديناراً

- ‌سئل عن رجلٍ اشترى من صيّادِ سمكةً ودفع ثمنها

- ‌سئل رحمه الله: عن رجلٍ اقترض من رجلٍ مالاً على تركةِ فلان

- ‌[24][رِسَالَةٌ في] حَفْرِ المُرَبَّعَاتِ

- ‌ سئل - رحمه الله تعالى - عن رجلٍ استأجر أُجراء يحفرون له مربعة

- ‌سئل عن رجلٍ استأجرَ جميع بستانين

- ‌سئل الشيخ من مدينة غزّة:

- ‌سئل - رحمه الله تعالى - عمّن عليه دَينٌ مستغرق

- ‌سئل رحمه الله عن رجل عليه دُيونٌ

- ‌سئل رحمه الله: عن رجلٍ طلّق زوجته البالغة طلاقًا بائنًا

- ‌[25]حُكْمُ الخُلْعِ وَحُكْمُ الحَنْبَلي فِيهِ

- ‌سئل رحمه الله عن زوجين اختصما بعد الفرقة في صغيرةٍ بينهما

- ‌سئل رحمه الله: ما تقول في قول الخلاصة وغيره: إنّ الشّاهدين إذا شهدا أنّ القاضي قضى لفلانٍ على فلانٍ بكذا

- ‌سئل رحمه الله: عن رجلٍ وقف شيئًا معيّنًا من ماله على نفسه

- ‌سئل رحمه الله: في قول السّادة الحنفية، فيمن استأجر عبدًا للخدمة

- ‌سئلتُ عن واقفٍ وَقَفَ وقفًا وشرطَ لنفسهِ التبديل والتغيير، فغيّر الوقف لزوجته

- ‌مُلْحَق المَجْمُوعِ تَعْرِيفُ المُسْتَرْشِد في حُكْمِ الغِراسِ في المَسْجِدِ

- ‌ تنبيه:

- ‌ تذييل:

الفصل: ‌وليجعل آخر صلاته من الليل وترا

(6)

[رِسَالَةٌ فِي] التَّرَاوِيحِ وَالوِتْرِ

قال رحمه الله:

قد سألني الولد العاقل محمد بدر الدين بن الأخ محمد شمس الدين بن خير الدين، عن الصلاة بعد الوتر. وذكرَ: أنه وقع الكلام في ذلك بينه وبينَ جماعةٍ من أفاضل الطلبة، ويعض المشايخ، ولم يستحضر أحدٌ منهم منقولًا. وإنمّا جوّزوا الكراهة أخذًا من قوله: "‌

‌وَلْيَجْعَلْ آخِرَ صَلَاتِهِ مِنَ اللَّيْلِ وِتْرًا

" (1).

فقلتُ: قد كتب الإمام حسام الدين في التراويح، والإمام الطحاوي في الوتر. فسألني أن أكتب له ذلك.

فقلتُ: قال الإمام حسام الدين الشهيد (2) - رحمه الله تعالى -: اختلف

(1) رواه البخاري (460) عن ابن عمر قال: سأل رجل النبي صلى الله عليه وسلم وهو على المنبر: ما ترى في صلاة الليل؟ قال: "مثنى مثنى، فإذا خشي الصبح صلّى واحدة، فأوترت له ما صلى". وإنه كان يقول: اجعلوا آخر صلاتكم وترًا، فإن النبي صلى الله عليه وسلم أمر به.

ورواه أحمد (2/ 20 و 102 و 143) وابن أبي شيبة (6702) والبخاري (953) ومسلم (751) وأبو داود (1438) وابن خزيمة (1082) عن عبد الله بن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"اجعلوا آخر صلاتكم من الليل وترًا".

(2)

قال المصنف في تاج التراجم (ص 16): عمر بن عبد العزيز بن عمر بن مازه، برهان الأئمة، أبو محمد، المعروف بالحسام الشهيد، تفقه على أبيه، وصنف الفتاوى الصغرى والفتاوى الكبرى، والجامع الصغير المطول، وهو أستاذ صاحب المحيط،=

ص: 239

المشايخ رحمهم الله في التراويح، هل تُسَمَّى سُنة (1)؟

قال بعضهم: لَا. وهي من النوافل.

وقال بعضهم: تسمّى سنة. وهو الصحيح.

وانقطع الخلاف برواية الحسن، عن أبي حنيفة بأنّها سنة (2). وهذا: لأنّ النبي صلى الله عليه وسلم قد أقامها في بعض الليالي وتركها في البعض. وبيّنَ العذر في ترك المواظبة عليها، وهو خشية أن تكتب علينا، ثم واظبَ عليها الخلفاء الراشدون.

وقد قال صلى الله عليه وسلم: "عَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي، وَسُنَّةِ الْخُلَفَاء مِنْ بَعْدِي"(3).

= ولد في صفر سنة ثلاث وثمانين وأربع مئة، واستشهد في سنة ست وثلاثين وخمس مئة، وعنه أخذ صاحب الهداية. قلت [أي: ابن قطلوبغا]: ومن مصنفاته المبسوط في الخلافيات، وقال أمير كاتب: إن جدّه هو صاحب المحيط. والله أعلم.

(1)

قال أبو بكر الكاشاني في بدائع الصنائع (3/ 141): وأمّا الذي هو سنن الصّحابة، فصلاة التراويح في ليالي رمضان، والكلام في صلاة التّراويح في مواضع: في بيان وقتها، وفي بيان صفتها، وفي بيان قدرها، وفي سننها، وفي بيان أنّها إذا فاتت عن وقتها هل تقضى أم لا؟. أمّا صفتها فهي سنةٌ، كذا روى الحسن عن أبي حنيفة أنه قال: القيام في شهر رمضان سنةٌ لا ينبغي تركها. وكذا روي عن محمدٍ أنّه قال: التّراويح سنةٌ إلا أنّها ليست بسنّة رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ لأنّ سنّة رسول الله صلى الله عليه وسلم ما واظب عليه ولم يتركه إلّا مرّة أو مرتين لمعنى من المعاني، ورسول الله صلى الله عليه وسلم ما واظب عليها بل أقامها في بعض اللّيالي، روي أنّه صلّاها لليلتين بجماعةٍ ثمّ ترك وقال: أخشى أن تكتب عليكم. لكن الصَّحابة واظبوا عليها فكانت سنّة الصّحابة.

(2)

انظر المبسوط للسرخسي (2/ 145 دار الحديث).

(3)

رواه الدارمي (95) والإمام أحمد (4/ 126) وأبو داود (4607) والترمذي (2676) وابن ماجه (42 و 43) وابن حبان (5) والطبراني في الكبير (18/ رقم 617 - 624=

ص: 240

وسنِّيتها:

ما روى الحسن، عن أبي حنيفة أنّه قال: القيامُ في شهرِ رمضان سُنةٌ لَا يَنْبَغِي تركها أو ينبغي لأهل كل مسجدٍ أن يصلُّوا في مسجدهم كل ليلةٍ خمس ترويحات يؤمهم رجل يقرأُ في كلّ ركعةٍ عشر آياتٍ أو نحوها يسلّم من كل ركعتين، وكُلّما يصلي ترويحة انتظر بين الترويحتين قدر الترويحة، وينتظر بعد الخامسة قدر الترويحة، ثم يوتر بهم، فتصير عشرين ركعةً سوى الوتر. وهذا مذهب أصحابنا رحمهم الله.

وقال مالك: يقومون ستًّا وثلاثين ركعةً اتباعًا لعمر وعلي. وإِنا نقول: إنّ في ذلك غير مشهور منها (1).

= و 642) والأوسط (66) ومسند الشاميين (437 و 697 و 786 و 1180 و 1379 و 2017) والبيهقي (2/ 422) عن العرباض بن سارية رضي الله عنه.

(1)

قال الطحاوي في مختصر اختلاف العلماء (1/ 121): فيمن افتتح الصلاة قائمًا ثم قعد، قال أبو حنيفة ومالك والثوري والشافعي: يجوز أن يقعد. وقال الحسن ابن حي وأبو يوسف ومحمد: يصلي قائمًا ولا يجلس في عدد قيام رمضان. قال أصحابنا والشافعي: يقومون بعشرين ركعة سوى الوتر. وقال مالك: تسع وثلاثون ركعة بالوتر، ست وثلاثون، والوتر. وقال: هذا الأمر القديم الذي لم يزل الناس عليه. عن السائب بن يزيد: أنهم كانوا يقومون في رمضان بعشرين ركعة، وأنهم كانوا يعتمدون على العصي في زمن عمر بن الخطاب. الحسن بن حي عن عمرو ابن قيس عن أبي الحسناء: أن علي بن أبي طالب أمر رجلًا أن يصلي بهم في شهر رمضان بعشرين ركعة.

وقال أبو بكر الكاشاني في بدائع الصنائع (3/ 142): فصلٌ: وأمّا قدرها: فعشرون ركعةً في عشر تسليماتٍ، في خمس ترويحاتٍ كل تسليمتين ترويحةٌ وهذا قول عامّة العلماء. =

ص: 241

فإن زادوا ستّ عشر ركعة، فهذا على وجهين:

إنْ أرادوا الترويحات منفردين بغير جماعةٍ، ولا بأسَ به. وهو مستحبٌّ أيضًا.

وإن صلّوا بجماعةٍ [29/ أ] كَمَا هوَ مذهب مالكٍ، كُرِهَ لأنَّ النوافلَ بالجماعةِ لو كانت مستحبةً لكانت أفضل كالمكتوبات. ولو كانت أفضل لكان المجتهدون القائمون بالليل يجتمعون فيصلون جماعةً طلبًا للفضيلة. فلمّا لم يرو ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعن الصحابة: أنّه لا فضلَ في ذلك لو ثبت الفضل ثبت لمكان التراويح، ولم يثبت ذلك.

وذكر الطحاوي رحمه الله في اختلاف العلماء: عن المعلى (1)، عن أبي يوسف أنّه قال: من قدر أن يصلّي في بيته كما يصلّي مع الإمام في شهرِ رمضان، فأَحبُّ إليَّ أن يصلِّي في البيت (2). وهذا خلافُ ظاهرِ الرواية.

= وقال مالكٌ في قولٍ: ستّةٌ وثلاثون ركعةً. وفي قولٍ: ستةٌ وعشرون ركعةً. والصّحيح قول العامّة، لما روي أن عمر رضي الله عنه جمع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في شهر رمضان على أبيّ بن كعبٍ، فصلّى بهم في كل ليلةٍ عشرين ركعةً، ولم ينكر أحدٌ عليه فيكون إجماعًا منهم على ذلك.

(1)

تحرف في المخطوط إلى: (المصلي).

(2)

قال الطحاوي في مختصر اختلاف العلماء (1/ 122 - 123) ونقله عنه صاحب المحيط برهان الدين مازه (2/ 182): القيام مع الناس أفضل، أو التفرد؟ روى المعلى عن أبي يوسف قال من قدر أن يصلي في بيته كما يصلي مع الإمام في رمضان فأحبُّ إليَّ أن يصلي في البيت. وكذلك قال مالك، وقال مالك: كان ربيعة وغير واحد من علمائنا ينصرفون ولا يقومون مع الناس. قال مالك: وأنا أفعل ذلك، وما قام رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا في بيته. وقال الشافعي: صلاة المنفرد في قيام رمضان=

ص: 242

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= أحب إلي. وقال الليث: لو أن الناس في رمضان قاموا لأنفسهم ولأهليهم كلهم حتى يترك المسجد لا يقوم فيه أحد كان ينبغي أن يخرجوا من بيوتهم إلى المسجد حتى يقوموا فيه؛ لأن قيام الناس في شهر رمضان من الأمر الذي لا ينبغي تركه وهو مما سن عمر بن الخطاب للمسلمين وجمعهم عليه.

وقال الليث: فأما إذا كانت الجماعة في المسجد فلا بأس أن يقوم الرجل في بيته أو لأهل بيته، وقال أبو جعفر وكل من اختار التفرد فينبغي أن يكون ذلك على أن لا يقطع معه القيام في المساجد، فأما التفرد الذي يقطع معه القيام في المساجد فلا، وقد قال قوم إن الجماعة في ذلك أفضل منهم عيسى بن أبان وبكار بن قتيبة والمزني وأحمد بن أبي عمران واحتج ابن أبي عمران بحديث أبي ذر أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج لما بقي سبع من الشهر فصلى بهم حتى مضى ثلث الليل، ثم لم يصل بهم السادسة، ثم خرج الليلة الخامسة فصلى بنا حتى مضى شطر الليل، فقلنا: يا رسول الله! لو نفلتنا، فقال: إن القوم إذا صلوا مع الإمام حتى ينصرف كتب لهم قيام تلك الليلة، ثم خرج الليلة الثالثة فصلى بنا حتى خشينا أن يفوتنا الفلاح؛ يعني: السحور.

واحتج آخرون بحديث موسى بن عقبة، عن أبي النضر، عن بشر بن سعيد، عن زيد ابن ثابت أن النبي صلى الله عليه وسلم احتجر حجرة في المسجد من حصير، فصلى فيها رسول الله ليالي حتى اجتمع إليه ناس، ثم فقدوا صوته فظنوا أنه قد نام فجعل بعضهم يتنحنح ليخرج إليهم فقال: ما زال بكم الذي رأيت من صنيعكم منذ الليلة حتى خشيت أن يكتب عليكم قيام الليل، ولو كتب عليكم ما قمتم به فصلوا أيها الناس في بيوتكم، فإن أفضل صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة، فأخبر أن التطوع في البيت أفضل منه في المسجد، لا سيما مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في مسجده، وقد روي عن ابن عمر وإبراهيم والقاسم وسالم ونافع إنهم كانوا ينصرفون ولا يقومون مع الناس. قال أبو جعفر: قد أجمعوا أنه لا يجوز للناس تعطيل المساجد عن قيام رمضان، وكان هذا القيام واجبًا على الكفاية فمن فعله كان أفضل ممن انفرد به كالفروض التي هي الكفاية من فعلها أسقط فرضًا وكان فعلها أفضل من تركها.

وقال محمد بن فرامرز بن عليّ في درر الحكام شرح غرر الأحكام (2/ 39):=

ص: 243

فصلٌ

ومن ترك التراويح في الجماعة وصلّاها في البيت (1)؟

= (والجماعة فيها)؛ أي: التراويح (سنةٌ على الكفاية) حتّى لو ترك أهل مسجدٍ أساؤوا، ولو أقامها البعض فالمتخلّف تاركٌ للفضيلة ولم يكن مسيئًا إذ قد تخلّف بعض الأصحاب. وعن أبي يوسف: من قدر على أن يصلّي في بيته كما يصلّي مع الإمام فصلاته في بيته أفضل، والصّحيح أنّ للجماعة في البيت فضيلةً، وللجماعة في المسجد فضيلةٌ أخرى فهو حاز إحدى الفضيلتين، وترك الفضيلة الزّائدة، كذا في الكافي.

وقال برهان الدين مازه في المحيط (2/ 182): في نوادر هشام قال: سألت محمدًا رحمه الله عن القيام في شهر رمضان في المسجد أحب إليك أم في البيت؟ قال: إن كان عمله يقتدى به فصلاته في المسجد أحب إليّ، وقال أبو سليمان كان محمد ابن الحسين رحمه الله يصلي مع الناس التراويح ويؤم ثم يرجع، وهكذا كان يفعل أبو مطيع وخلف وشداد وإبراهيم بن يوسف رحمهم الله، فمن المشايخ من قال: من صلى التراويح منفردًا كان تاركًا للسنّة، وهو مسيء، وبه كان يعني ظهير الدين المرغيناني رحمه الله لما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قدر ما صلى التراويح صلى بجماعة، وهكذا نقل عن الصحابة رضون الله عليهم، ومن المشايخ من قال يكون تاركًا لفضيلة، فلا بأس به، فقد صح عن ابن عمر وسالم ونافع أنهم كانوا ينصرفون، ولا يقومون، فدل عن الجماعة، وليست السنّة ولكن المشايخ على أن إقامتها بالجماعة سنّة على سبيل ثبوته حتى لو ترك أهل مسجد كلهم إقامتها بالجماعة، فقد أساؤوا وتركوا السنّة.

(1)

قال الكاشاني في بدائع الصنائع (3/ 145): فصل: وأمّا سننها: فمنها الجماعة والمسجد؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قدر ما صلى من التراويح صلى بجماعةٍ في المسجد، فكذا الصحابة رضي الله عنهم صلّوها بجماعةٍ في المسجد فكان أداؤها بالجماعة في المسجد سنة، ثم اختلف المشايخ في كيفية سنة الجماعة والمسجد، أنها سنة عينٍ أم سنة كفايةٍ؟ قال بعضهم: إنها سنةٌ على سبيل الكفاية إذا قام بها بعض أهل المسجد في المسجد بجماعةٍ سقط عن الباقين. =

ص: 244

اختلف المشايخ رحمهم الله فيه:

منهم من قال: يكونُ تاركًا للسنة وهو مسيءٌ.

لما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنّه قدر ما صلَّى التَّراويح صلَّى بجماعةٍ.

وهكذا نقل عن أصحابه، وعليه اتفاق فقهاء الأمصار.

ومنهم من قال: كان تاركًا للفضيلة، ولا بأس به لما روي عن عمر وسالمٍ ونافعٍ: أنّهم كانوا ينصرفون ولا يقومون.

عُلِمَ: أن الجماعة فضيلة. والصَّحيحُ: أنّ إقامتها بالجماعة سنّة على الكفاية حتى لو ترك أهل المسجد كلهم الجماعة، فقد تركوا السنة، وأساؤوا في ذلك وإن أقيمت التراويح بالجماعةِ في المسجد. فمن تخلّفَ عنها من أفراد الناس، وصلّى في بيته، فقد ترك الفضيلة، وإن لم يكن مسيئًا. وإن صلّوها بالجماعة في البيت، فقد اختلفوا فيه. والصحيح: أنّ للجماعة فضيلة، وللجماعة في المسجد فضيلة أخرى. فهنا قد حاز إحدى الفضيلتين، وترك الأخرى. وهذا في المكتوبات.

* * *

= ولو ترك أهل المسجد كلهم إقامتها في المسجد بجماعةٍ فقد أساؤوا وأثموا، ومن صلّاها في بيته وحده أو بجماعةٍ لا يكون له ثواب سنّة التّراويح لتركه ثواب سنّة الجماعة والمسجد.

وقال السرخسي في المبسوط (2/ 145): ولو صلى إنسان في بيته لا يأثم، هكذا كان يفعله ابن عمر وإبراهيم والقاسم وسالم الصواف رضي الله عنهم أجمعين، بل الأولى أداؤها بالجماعة كما بيّنا.

ص: 245