الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فأجاب: بأن البيع باطل بينهما جميعاً لا يجوز لا في الثوب ولا في الدينار. والله أعلم.
* * *
* و
سئل عن رجلٍ باع ديناراً
بخمسة وعشرين نصفاً من الفضة معاملة الآن، ثم اشترى منه منديلاً إسكندريًّا معلوماً بينهما بخمسة وعشرين نصفاً من الفضة معاملةً الآن، واشترى المنديل المذكور قبل بيع الدينار. فما الحكم؟.
أجاب: إن كان الصّرف قد وقع أوّلاً لا يكون هذا قصاصاً. وإن تقابضا قبل الاقتراض بل على مشتري الدينار أن يدفع الفضة، فإذا قبضها البائع دفعها عن ثمن المنديل، وإن كان افترقا قبل هذا بطل الصّرف. ولبائع المنديل ثمنه عند مشتريه. ولمشتريه ديناره عند البائع، وإن لم يتقابضا بطل الصّرف وبقي البيع، وإن وقع بيع المنديل أوّلاً وتقابضا، وجعل مشتري الدينار الفضّة قصاصاً قبل أن ينصرفا، صار قصاصاً، وإن افترقا قبل أن يتقابضا بطل الصّرف وبقي البيع. والله أعلم.
* * *
* و
سئل عن رجلٍ اشترى من صيّادِ سمكةً ودفع ثمنها
.
والحال: أن المشتري ناظر إلى العين المبيعة وهي بينهما، فاندفعت إلى البحر فهل يعد وزنها تسليماً حتى يكون من ضمان المشتري أو لا يكون تسليماً حتى تسلم باليد؟.
فأجاب:
الحمد لله رب العالمين.
نعم. وزنها تسليم على قول بعض المشايخ على الصحيح. فهذه التخلية
الحاصلة بعد تمام العقد إلى اندفاعها في البحر كان يمكن المشتري قبضها فيها، فتكون التخلية تسليمًا، فتكون السمكة من ضامن المشتري.
قال رحمه الله: ثم وقفت على جواب لبعض الحنفية صورته:
الحمدُ لله الذي به أستعين، نعم المولى ونعم المعين.
أقول - وبالله التوفيق -: لا يسمّى مثل هذا تسليماً حقيقةً، وإن حصلت التخلية بينه وبين المشتري صورة في الجملة فلا بد من تسليمه إيّاها باليد حقيقة لكونها بمنزلة السمكة في البحر حكمًا من حيث قيام المانع من التسليم، وله نظائر كثيرة مذكورةٌ في الفقه.
وكتب الشيخ - رحمةُ الله عليه -: التسليم باليد ليس مذهب علمائنا، فلا يخفى بطلان ما ذكر على ذي لبٍّ والقواعد والنواظر ناطقةٌ بموافقة ما ذكرنا (1) ومخالفة ما ذكر.
قال في الذخيرة (2): وتسليم المبيع: هو أن يخلي (3) بين المبيع وبين المشتري على وجه يتمكن المشتري من قبضه من غير حائلٍ (4)، وكذا التسليم في جانب الثمن.
وقال الشَّافعي: التَّخلِيَةُ ليست بقبضٍ.
والصحيح مذهبنا؛ لأنّ (5) التسليم مستحق على البائع، وما يستحق على
(1) جاء في هامش المخطوط: (قلنا).
(2)
المحيط البرهاني لبرهان الدين مازه (6/ 230).
(3)
في المحيط: (يحل).
(4)
في المخطوط: (حامل).
(5)
في المخطوط: (لا).
الإنسان يجب أن يكون له طريق [الخروج] عن عهدته بنفسه، ولو توقف ذلك (1) على وجود الفعل من غيره، وذلك الغير مختارٌ (2) في الفعل يبقى هو في عهدة الواجب. انتهى بحروفه.
وقال في السير الكبير: إذا ولّى الإمام رجلاً ببيع الغنائم، فجعل ذلك الأرماك (3) في حظيرة وباع رمكةً منها رجلاً وقال للمشتري ادخل الحظيرة واقبض الرمكة. قد خلّيت بينك وبينها. فدخل الحظيرة لقبض الرمكة فعالجها، فانفلتت منه، وخرجت من باب الحظيرة وذهبت ولا يدري أين ذهبت ينظر في ذلك، فإن كان المشتري لا يقدر على أخذها فالهلاك على البائع؛ لأن المشتري لم يصر قابضاً لها حقيقةً، وهذا ظاهر، ولا حكماً؛ لأنّه لم يتمكن من قبضها إذا كان لا يقدر على أخذها.
وإن كان المشتري يقدر على أخذها فالهلاك على المشتري؛ لأنه صار قابضًا لها حكماً؛ لأنّ في هذا يستوي الجواب بينهما إذا كان المشتري يقدر على أخذها من غير كلفةٍ ومشقّةٍ.
ففي الحالتين يصير قابضاً لها بالتخلية؛ لأنّ في هذا الباب للتمكّن من القبض لا غير، ثم قال: وقعت فتوى في زماننا: أن رجلاً اشترى بقرةً من رجلٍ وهي في المرعى. فقال له البائع: اذهب فاقبض البقرة. فأفتى بعض مشايخنا: أنّ البقرة إذا كانت بمرأى العين بحيث يمكن الإشارة إليها وهذا قبض وما لا فلا.
(1) في المحيط: (لو قال لوقف ذلك).
(2)
في المخطوط: (مختاراً).
(3)
الأرماك: جمع الرمك، وهي الفرس والبرذونة تتخذ للنسل. القاموس.