الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
*
تذييل:
ومن العجب العجاب: ما فاه به وفيه بعض من أخطاء، فما الصّواب؟ وهجم على الإفتاء على مذهب الإمام أبي حنيفة، مما لا تقوم به رواية عن أحدٍ من الأصحاب ولا دراية عند أولي الألباب، فغضب من غير ما جرم عند العوامّ، زاعمًا جواز الغرس وحرمة القلع لعلّه يرى أنه من رؤى البعض، وَالإِلْزام.
واستند في هذه الدّعاوى إلى ما قدّمناه في التنبيه. وقد أوضحنا فيه: أنّ كلًّا من عدم جواز إحداث الغرس ومن عدم جواز إبقائه هو القول الوجيه. وإلى ما في خلاصة الفتاوى وغرس الأشجار في المسجد لا بأس به إذا كان فيه نفع للمسجد بأن كان المسجد ذا نزٍّ والإسطوانات لا تستقر بدونها وبدون هذا لا يجوز. انتهى.
فصحف ذا نزٍّ بالذال والنون والزاي المشددة. أي: صاحب نزٍّ.
وفي الصَّحَاح: النَّز والنُّز ما يتحلّب من الأرض من الماء. وقد نزّت الأرض صارت ذات نزّ. انتهى إلى دثز بالدال المهملة والثاء المثلثة والزاي، أي: خرابٍ. فسجّل على نفسه بأنه كما لا يفهم المعنى قد صحّف المبنى، ثم هذا مع قوله: والإسطوانات لا تستقر بدونها في إفادة كون الضبط على ما ذكرناه وما له من المعنى من الوضوح بحيث لا تخفى على من له مَسْكة من فهم معنى أصل التركيب العربي كما هو وظيفة أدنى العوام، ثم حيث كان اللفظ على ما ذكره من التصحيف. فالواقعة التي هي مثالٌ، ذكر هذه المسألة، إنّما هي في عامر آهلٍ وهو المسجد الأقصى.
ومن المعلوم: إنّما يجوز في الخراب لا يلزم أن تجوز في العامر، وخصوصًا: إن خرج عن المسجدية بالدثور. كما هو أحد قولي العلماء فيه، ثم يا ليت شعري ما يصنع بقوله: وبدون هذا لا يجوز، فإنه نصٌّ مفسّر في إفادة أنه إذا لم يكن داثرٌ لا يجوز الغرس فيه كما هو الصّواب.
وفي إفادة أنه إذا لم يكن خرابًا لا يجوز الغرس فيه على ما وقع من التصحيف. فكيف يستدل به على جواز الغرس إذا كان عامرًا آهلًا ليس بذي نزّ وإنّ هذا لجديرٌ.
وكم من عائبٍ قولًا صحيحًا. . . وآفته من الفهم السقيم
وبالمثل السّائر: سكت ألفًا وقال خلفًا.
اللهم أعذنا من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، وتُب علينا توبةً نصوحًا، إنّك أنت التواب الرحيم، وأرنا الحقّ حقًا وارزقنا اتباعه، والباطل باطلًا وارزقنا اجتنابه، وعلّمنا ما ينفعنا، وانفعنا بما علّمتنا، إنّك سبحانك ذو الفضل العظيم. وحسبنا الله ونعم الوكيل.
هذه المسألة من كلام المرحوم شمس الدين بن أمير حاج الحلبي، ألّفها بالقدس الشريف في عودةٍ من الحج سنة 879 هـ وقد سئل عن الغرس بالمسجد الأقصى.
فأجاب بما ذكر، ووافقه الشيخ كمال الدين بن أبي شريف الشافعي (1).
(1) قال السيوطي في نظم العقيان في أعيان الأعيان (ص 54) الترجمة (166): محمد ابن محمد بن أبي بكر بن علي بن مسعود بن رضوان المري القدسي، الشيخ كمال الدين أبو المعالي ابن أبي شريف الشافعي، ولد في ذي الحجة سنة اثنتين =
وخالفهما بعض الحنفية حين لجأ إليه العوام لما استبشعوا القلع معتمدًا كلام صاحب الخلاصة مع ما احتوى عليه من التصحيف.
ومن الشافعية من يقصد خلاف ابن أبي شريف.
تمت الفوائد بعون الله وكرمه وإحسانه وحسبنا الله ونعم الوكيل.
= وعشرين وثمان مئة، وأخذ عن: الشهاب ابن رسلان، والحافظ ابن حجر، والشيخ عبد السلام البغدادي، والكمال بن الهمام، وغيرهم. ولازم خدمة العلم، فبرع في الفقه والأصلين، والعربية، وغيرها. وتصدّى للتدريس والإفتاء والتأليف. ومن تصانيفه: حاشية على شرح العقائد للتفتازاني، وحاشية على شرح جمع الجوامع للجلال المحلي، وشرح الإرشاد في الفقه لابن المقرئ. وانظر البدر الطالع بمحاسن من بعد القرن السابع (2/ 235).