المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[22]مسألة تعليق الطلاق بالنكاح - مجموعة رسائل العلامة قاسم بن قطلوبغا

[ابن قطلوبغا]

فهرس الكتاب

- ‌مَدخَل

- ‌الكِتَاب

- ‌وَصفُ المَخْطُوطِ

- ‌صِحَّةُ نِسْبَةِ المَجمُوع

- ‌مَصَادِر المَجْمُوع

- ‌عَمَلُنَا فِي المَجْمُوعِ

- ‌تَرْجَمَةُ العلَّامة قَاسِم بن قُطْلُوبغَا

- ‌ اسمه ونسبه:

- ‌ مولده:

- ‌ صفته:

- ‌ العلوم التي برع فيها:

- ‌ مذهبه:

- ‌ المناصب التي وليها:

- ‌ رحلاته العلمية:

- ‌ شيوخه:

- ‌ تلاميذه:

- ‌ ثناء العلماء عليه:

- ‌ مصنفاته:

- ‌ القرآن وعلومه:

- ‌ التخريج:

- ‌ الرجال وعلومه:

- ‌ الحديث وعلومه:

- ‌ الفقه وعلومه:

- ‌ أصول الفقه:

- ‌ السيرة:

- ‌ النقد:

- ‌ اللغة العربية:

- ‌ علم الكلام:

- ‌ مرضه ووفاته:

- ‌ مصادر الترجمة:

- ‌تَرْجَمَةُ شَمْس الدِّين ابن أَمِيْر حَاج الحَلَبِيِّ

- ‌ اسمه:

- ‌ أولاده:

- ‌ صفته:

- ‌ المناصب التي تولاها:

- ‌ تصانيفه:

- ‌ وفاته:

- ‌ مصادر ترجمته:

- ‌[1]رَفْعُ الاشْتِبَاهِ عَنْ مَسَائِلِ المِيَاهِ

- ‌ لَا يَحِلُّ لأَحَدٍ أَنْ يُفْتِي بِقَوْلنَا مَا لَمْ يَعْرِفْ مِنْ أَيْنَ قُلْنَاهُ

- ‌ سئلت عن مسائل وأجوبتها منقولة فلا بأس نذكرها تتميماً:

- ‌[2]رِسَالَةٌ فِيهَا أَجْوِبَةٌ عَنْ بَعْضِ مَسَائِلَ وَقَعَتْ

- ‌ إذا أصابوا في البئر فأرة متفسخة، وكانوا قبل ذلك قد طبخوا أو عجنوا من مائها، هل يؤكل

- ‌ رجل يمسح على خرقة على جراحةٍ بيده

- ‌ رجلٍ صلّى الظهر، فشكّ وهو في الصلاة أنه على وضوءٍ أم لا، ما الفعلُ

- ‌ إذا تعمَّد ترك الواجب أو تأخيره، لم يجب عليه سجود السهو

- ‌ المسبوق إذا سلَّم مَعَ الإمام ساهيًا، هل تبطل صلاته

- ‌ رجلٌ أجَّرَ دارًا

- ‌ رجلٌ له ثلاث مئة قد حال عليها الحول، فخلطها بخمس مئة، ثم ضاع من المال كله خمس مئة

- ‌ في رجلٍ صائم قال له آخر: امرأته طالق إن لم يفطر

- ‌ التقبيل الفاحش

- ‌[3]النَّجَدَات بِبَيَانِ السَّهْوِ في السَّجْدَاتِ

- ‌[4]أَحْكَامُ الفَأْرَة إِذَا وَقَعَتْ فِي الزَّيتِ وَنَحْوِه

- ‌ تنجّس الدهن:

- ‌[5]أَحْكَامُ الصَّلَاةِ عَلَى الجَنَازَةِ فِي المَسْجِدِ

- ‌لو وضعت الجنازة خارج المسجد والإمام خارج المسجد، ومعه صفٌّ والباقي في المسجد

- ‌[6][رِسَالَةٌ فِي] التَّرَاوِيحِ وَالوِتْرِ

- ‌وَلْيَجْعَلْ آخِرَ صَلَاتِهِ مِنَ اللَّيْلِ وِتْرًا

- ‌فصلٌالانتظار من كل ترويحتين قدر الترويحة

- ‌فصل وقدر القراءة في التراويح

- ‌فصلٌإذا صلّى الإمام التراويح قاعدًا لعذرٍ أو لغير عذرٍ والقوم قيام

- ‌فصلٌ وإذا صلَّى التراويح قاعدًا من غير عذرٍ

- ‌فصلٌ إذا صلّى التراويح مقتديًا بمن يصلي المكتوبة، أو وترًا، أو نافلة غير التراويح

- ‌فَصْلٌ إذا صلَّى ترويحةً واحدةً بتسليمةٍ واحدةٍ، وقد قعد في الثّانية قدر التشهد

- ‌[7]الفَوَائِدُ الجُلَّةُ فِي مَسْأَلَةِ اشْتِبَاهِ القِبْلَةِ

- ‌ صورة ما كتبه المرحوم الشيخ العلامة يحيى بن محمد الأقصرائي الحنفي

- ‌[8]أَحْكَامُ القَهْقَهةِ

- ‌ تتمة:

- ‌ فائدة:في التوكيل في النكاح

- ‌[9]الأَصْلُ فِي بَيَانِ الفَصْلِ والوَصْلِ

- ‌[10]الأُسُوس في كَيْفَّيةِ الجُلُوسِ

- ‌[11]تَحْرِيرُ الأَقْوَالِ في صَوْمِ السِّتِّ مِن شَوَّال

- ‌ فائدة:

- ‌[12]رِسَالَةٌ في قَضَاءِ القَاضِي

- ‌[13][رِسَالَةٌ فِي] العِدَّةِ

- ‌كتب على هذه بعض مشايخ العصر ما صورته:

- ‌[فَتْوَى عَنِ القَصْرِ وَالإتْمَامِ]

- ‌[14]مَسْأَلَةٌ فِي حَطِّ الثَّمَنِ وَالإِبْرَاءِ مِنْهُ وَصَحَّةِ ذَلكَ

- ‌[15]مِن مَسَائِلِ الشُّيُوع

- ‌سئلتُ عن بيع حصّةٍ شائعةٍ من عقارٍ

- ‌[الفصل] الأوّل:

- ‌ أقسام الشيوع

- ‌ الفصل الثاني:

- ‌ الفصل الثالث:

- ‌ أجرُ الشّائع

- ‌قرض المشاع

- ‌ وهب الشائع

- ‌ الشيوع الطارئ:

- ‌ وقف الشائع:

- ‌ رهنَ الشائع

- ‌ الفصل الرابع:

- ‌ إجارة المشاع:

- ‌ الإعارة في الشائع:

- ‌ الرهن

- ‌ الصّدقة:

- ‌ الوقف:

- ‌[16]أَحْكَامُ التَّزْكِيَةِ وَالشَّهَادَةِ

- ‌سئلتُ عن رجل شهدَ عليه عند قاضٍ مالكي المذهب:

- ‌صورة التزكية

- ‌ العدالة

- ‌البلوغ

- ‌ البصر:

- ‌ العدد في الشهادة:

- ‌مَسَائِلُ التَّزْكِيَة

- ‌[17]القَوْلُ القَائِم في بَيَانِ تَأْثِيرِ حُكْمِ الحَاكِمِ

- ‌[18][رِسَالَةٌ في] مَا يُنقَضُ مِنَ القَضَاءِ

- ‌[19]تَحْرِيرُ الأَقْوَالِ في مَسْأَلَةِ الاسْتِبْدَالِ

- ‌[20]مَسْأَلَةٌ فِي الوَقْفِ وَاشْتِرَاطِ النَّظَرِ لِلأَرْشَدِ فَالأَرْشَدِ

- ‌وسئلت عن واقفٍ شرط أن يكون النظر للأرشد فالأرشد

- ‌ صورة سؤال ورد على الشيخ رحمه الله من دمشق:

- ‌ مسألةٌ مهمّةٌ

- ‌ مسألة أخرى:

- ‌[21]صُورَةُ سُؤَالَاتٍ وَأَجْوِبَةٍ عَنْهَا

- ‌ورد على الشيخ - رحمه الله تعالى - من دمشقٍ:

- ‌ باب العول:

- ‌ باب الرّدّ

- ‌ فائدة:

- ‌[22]مَسْأَلَةُ تَعْلِيقِ الطَّلَاق بِالنِّكاحِ

- ‌هل تكون الخلوة إجازةً

- ‌هل للفضولي فسخ العقد قبل الإجازة

- ‌صورة السجل:

- ‌ تتميم:

- ‌[23]مَسْأَلَةٌ في طَلَاقِ المَرِيضِ زَوْجَتهُ

- ‌ فائدة:

- ‌ فائدة أخرى:

- ‌ نكتة:

- ‌سئلت عن رجلٍ طلّق امرأته طلقتين وراجعها من الثانية

- ‌سئل عن رجلٍ حلف بالطلاق من زوجته

- ‌ سئل - رحمه الله تعالى -: عن امرأةٍ

- ‌سئل رحمه الله: عمّن باع داراً بيع التقاضي وقبض بعض الثمن، ثم أقبض الباقي بعد هذه

- ‌ مسألة:

- ‌سئل عن رجل باع عن رجلٍ

- ‌سئل عن رجلٍ باع ثوباً

- ‌سئل عن رجلٍ باع ديناراً

- ‌سئل عن رجلٍ اشترى من صيّادِ سمكةً ودفع ثمنها

- ‌سئل رحمه الله: عن رجلٍ اقترض من رجلٍ مالاً على تركةِ فلان

- ‌[24][رِسَالَةٌ في] حَفْرِ المُرَبَّعَاتِ

- ‌ سئل - رحمه الله تعالى - عن رجلٍ استأجر أُجراء يحفرون له مربعة

- ‌سئل عن رجلٍ استأجرَ جميع بستانين

- ‌سئل الشيخ من مدينة غزّة:

- ‌سئل - رحمه الله تعالى - عمّن عليه دَينٌ مستغرق

- ‌سئل رحمه الله عن رجل عليه دُيونٌ

- ‌سئل رحمه الله: عن رجلٍ طلّق زوجته البالغة طلاقًا بائنًا

- ‌[25]حُكْمُ الخُلْعِ وَحُكْمُ الحَنْبَلي فِيهِ

- ‌سئل رحمه الله عن زوجين اختصما بعد الفرقة في صغيرةٍ بينهما

- ‌سئل رحمه الله: ما تقول في قول الخلاصة وغيره: إنّ الشّاهدين إذا شهدا أنّ القاضي قضى لفلانٍ على فلانٍ بكذا

- ‌سئل رحمه الله: عن رجلٍ وقف شيئًا معيّنًا من ماله على نفسه

- ‌سئل رحمه الله: في قول السّادة الحنفية، فيمن استأجر عبدًا للخدمة

- ‌سئلتُ عن واقفٍ وَقَفَ وقفًا وشرطَ لنفسهِ التبديل والتغيير، فغيّر الوقف لزوجته

- ‌مُلْحَق المَجْمُوعِ تَعْرِيفُ المُسْتَرْشِد في حُكْمِ الغِراسِ في المَسْجِدِ

- ‌ تنبيه:

- ‌ تذييل:

الفصل: ‌[22]مسألة تعليق الطلاق بالنكاح

مَجْمُوعَةُ رَسَائِل العَلَّامَة قَاسِم بن قُطْلُوبُغَا

[22]

مَسْأَلَةُ تَعْلِيقِ الطَّلَاق بِالنِّكاحِ

تَأْلِيفُ

العَلَّامَة قَاسِم بْنِ قُطْلُوبُغَا الحَنَفِي

المولود سَنَة 802 هـ والمتوفى سَنة 879 هـ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -

ص: 631

(22)

مَسْأَلَةُ تَعْلِيقِ الطَّلَاق بِالنِّكاحِ

قال - رحمه الله تعالى -:

هذا تعليقٌ على مسألة تعليق الطلاق بالنكاح لما سأصرّح به من إشكال بعض المصنفين، وخبط بعض العصريين إلى غير ذلك مما توهّم من عبارة بعض المشايخ. والله ولي التوفيق وهو حسبي ونعم الوكيل.

قال علماؤنا: إذا قال الرّجل لامرأةٍ إن تزوجتك فأنت طالقٌ.

أو قال: إن تزوجت امرأةً فهي طالقٌ، أو كلّ امرأةِ تزوجتها فهي طالقٌ، أو كلّما تزوجت امرأة فهي طالقٌ. وقع الطّلاقُ عقيب النكاح. وهذا قول طائفةٍ من السلف.

روى ابن أبي شيبة في مصنّفه، عن سالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب، والقاسم بن محمّد، وعمر بن عبد العزيز (1)،. . . . .

(1) رواه ابن أبي شيبة (17835) قال: حدثنا عبد الله بن نمير وأبو أسامة، عن يحيى بن سعيد قال: كان سالم، وقاسم، وعمر بن عبد العزيز يرونه جائزًا عليه. و (17842) قال: حدثنا حفص، عن حنظلة قال: سئل القاسم وسالم عن رجل قال: يوم أتزوج فلانة فهي طالق؟ قالا: هي كما قال. و (17843) قال: حدثتا حفص بن غياث، عن عبد الله بن عمر قال: سألت القاسم عن رجل قال: يوم أتزوج فلانة فهي طالق؟ قال: طالق. وسئل عمر: يوم أتزوج فلانة فهي عليّ كظهر أمي؟ قال: لا يتزوجها حتى يُكَفرِّ.

ص: 633

وعامر الشعبي، وإبراهيم النخعي (1)، والأسود (2)، وأبي بكر بن عبد الرحمن وأبي بكر بن عمرو بن حزم، وعبد الله بن عبد الرحمن (3)، والزهري (4)، ومكحول الشامي (5)، في رجلٍ قال: إن تزوّجت فلانةً فهي طالقٌ، أو يوم أزوّجها فهي طالقٌ، أو كل امرأةٍ أتزوجها فهي طالقٌ. قالوا: هو كما قال. وفي لفظٍ: يجوز عليه ذلك.

(1) رواه ابن أبي شيبة (17837) قال: حدثنا وكيع، عن إسماعيل، عن الشعبي. وعن سفيان، عن منصور، عن إبراهيم قالا: إذا وقت وقع. و (17838) قال: حدثنا محمد بن فضيل، عن مطرف، عن الشعبي أنه سئل عن رجل قال لامرأته: كل امرأة تزوجتها عليك فهي طالق؟ قال: فكل امرأة يتزوجها عليها فهي طالق. و (17847) قال: حدثنا مروان بن معاوية، عن سويد بن نجيح الكندي قال: سألت الشعبي عن رجل قال: إن تزوجت فلانة فهي طالق، أو يوم أتزوج فلانة فهي طالق؟ قال الشعبي: هو كما قال. فقلت: إن عكرمة يزعم أن الطلاق بعد النكاح؟ فقال: جزم.

(2)

رواه ابن أبي شيبة (17844) قال: حدثنا وكيع، عن سفيان، عن محمد بن قيس، عن إبراهيم، عن الأسود: أنه طلق امرأة قبل أن يتزوجها، فسأل ابن مسعود، فقال: أعلمها بالطلاق، ثم تزوجها.

(3)

رواه ابن أبي شيبة (17845) قال: حدثنا أبو أسامة، عن عمر بن حمزة، أنه سأل سالمًا، والقاسم، وأبا بكر بن عبد الرحمن، وأبا بكر بن عمرو بن حزم، وعبد الله ابن عبد الرحمن، عن رجل قال: يوم أتزوج فلانة فهي طالق البتة؟ فقالوا كلهم: لا يتزوجها.

(4)

رواه ابن أبي شيبة (17845) قال: حدثنا حماد بن خالد، عن هشام بن سعد قال: قال الزهري: إذا وقع النكاح وقع الطلاق.

(5)

رواه ابن أبي شيبة (17855) قال: حدثنا عيسى بن يونس، عن الأوزاعي، عن الزهري ومكحول في الرجل يقول: كل امرأة أتزوجها فهي طالق؟ أنهما يوجبان ذلك عليه.

ص: 634

وقال الشافعي: لا يصحّ هذا التعليق، ولا يقع عليه الطلاق (1).

لنا: أنّ هذا تعليقٌ لما يصحّ تعليقه، وهو الطلاق، فيلزم كالعتق والوكالة والإبراء، ولأنّ التعليق بالشرط يمنع اتصال الحكم بمحله. وبدون الاتصال بالمحلّ لا ينعقد سببًا.

واستدلّ الشافعي:

بما رواه أبو داود، والترمذي وحسّنه: أنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "لَا نذْرَ لابْنِ آدَمَ فِيمَا لَا يَمْلِكُ، وَلَا عِتْقَ لَهُ فِيمَا لَا يَمْلِكُ، وَلَا طَلَاقَ لَهُ فِيمَا لَا يَمْلِكُ"(2).

(1) قال الشافعي في الأم (7/ 168): إذا قال الرجل: كل امرأة أتزوجها فهي طالق، فإن أبا حنيفة كان يقول: هو كما قال. وأي امرأة تزوجها فهي طالق واحدة، وبهذا يأخذ. وكان ابن أبي ليلى يقول: لا يقع عليه الطلاق؛ لأنه عمّم، فقال: كل امرأة أتزوجها، فإذا سمّى امرأة مسماة، أو مصرًا بعينه، أو جعل ذلك إلى أجل، فقولهما فيه سواء، ويقع به الطلاق.

(2)

رواه عبد الرزاق (11456) وأحمد (6769 و 6780) وأبو داود (2190) وسعيد ابن منصور في سننه (1020) والترمذي في سننه (1181) وعلله الكبير (1/ 465) وابن ماجه (2047) والدارقطني (4/ 14 و 15) والحاكم (2/ 204 و 205) والبيهقي (7/ 318) عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه.

وقال الترمذي: وفي الباب عن علي ومعاذ بن جبل وجابر وابن عباس وعائشة. حديث عبد الله بن عمرو حديث حسن صحيح، وهو أحسن شيء روي في هذا الباب، وهو قول أكثر أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم، روي ذلك عن علي بن أبي طالب، وابن عباس، وجابر بن عبد الله، وسعيد بن المسيب، والحسن، وسعيد بن جبير، وعلي بن الحسين، وشريح، وجابر بن زيد، وغير واحد من فقهاء التابعين، وبه يقول الشافعي. وروي عن ابن مسعود أنه قال في المنصوبة: إنها تطلق. وقد روي عن إبراهيم النخعي، والشعبي، وغيرهما من أهل العلم، أنهم قالوا: إذا وقت=

ص: 635

وما في معناه.

وأُجِيبَ: بأنّ هذا محمولٌ على نفي التخيير؛ لأنه هو الطّلاق لا تعليقه، فإنه لا يفهمه أهل اللغة ولا العرف ولا الشرع لما روى مالكٌ في موطئه (1): أنَّ سَعِيدَ بنَ عَمْرِو (2) بْنِ سُلَيْمٍ الزُّرَقِيِّ سَأَلَ الْقَاسِم (3) بْنَ مُحَمَّدٍ عَنْ رَجُل طَلَّقَ امْرَأَةً إنْ هُوَ تَزَوَّجَهَا؟ فَقَالَ الْقَاسِم (4): إِنَّ رَجُلًا جَعَلَ امْرَأَةً عَلَيْهِ كَظَهْرِ أُمِّهِ إِنْ هُوَ تَزَوَّجَهَا، فَأَمَرَهُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ إِنْ هُوَ تَزَوَّجَهَا أَنْ لا يَقْرَبَهَا حَتَّى يُكَفِّرَ كَفَّارَةَ الْمُتَظَاهِرِ (5).

وروى عبد الرزاق عن (6) معمر، عن الزهري أنه قال في رجلٍ: كل امرأةٍ

= نزل. وهو قول سفيان الثوري، ومالك بن أنس: أنه إذا سمى امرأة بعينها، أو وقف وقتًا، أو قال: إن تزوجت من كورة كذا، فإنه إن تزوج، فإنها تطلق. وأما ابن المبارك فشدّد في هذا الباب، وقال: إن فعل لا أقول: هي حرام. وقال أحمد: إن تزوج لا آمره أن يفارق امرأته. وقال إسحاق: أنا أجيز في المنصوبة لحديث ابن مسعود، وإن تزوجها لا أقول تحرم عليه امرأته. ووسّع إسحاق في غير المنصوية، وذكر عبد الله ابن المبارك: أنه سئل عن رجل حلف بالطلاق أنه لا يتزوج، ثم بدا له أن يتزوج هل له رخصة بأن يأخذ بقول الفقهاء الذين رخصوا في هذا؟ فقال عبد الله ابن المبارك: إن كان يرى هذا القول حقًا من قبل أن يبتلى بهذه المسألة، فله أن يأخذ بقولهم، فأما من لم يرض بهذا، فلما ابتلى أحب أن يأخذ بقولهم فلا أرى له ذلك.

(1)

(2057) وعنه عبد الرزاق (11550).

(2)

تحرف فى المخطوط إلى: (عمر).

(3)

تحرف في المخطوط إلى: (أبو القاسم).

(4)

تحرف في المخطوط إلى: (أبا قاسم).

(5)

تحرف في المخطوط إلى: (المظاهر).

(6)

تحرف في المخطوط إلى: (بن).

ص: 636

أتزوّجها فهيَ طالقٌ، وكلّ أمةٍ اشتريتها فهي حرّة. هو كما [قال]. قال له معمر: أو ليس قد جاء: "لَا طَلَاقَ قَبْلَ نِكَاحٍ، وَلَا عِتْقٍ إِلَاّ بَعْدَ ملكٍ"؟ قال: إنما ذلك أن يقول الرجل: امرأة فلانٍ طالقٌ، وعبدُ فلانٍ حرٌّ (1).

قال الشيخ عبد اللطيف بن فرشته في شرح المنار: ولقائلٍ أن يقول: يشكل تعليق الطلاق والعتاق بالملك، لما روي عن عبد الله بن عمرو بن العاص: أنّه خطبَ امرأةً، فأبَوا أن يزوّجَهَا إِلَاّ بِزِيَادَةِ صَدَاقٍ. فَقَالَ: إِن تَزَوَّجْتُهَا فَهِيَ طَالِقٌ ثَلاثًا. فَبَلَغَ ذَلِكَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: "لَا طَلَاقَ قَبْلَ النِّكاحِ"(2).

فإن الحديث مُفَسّرٌ لا يقبل التأويل، فلا بد أن يبيّن نسخه أو عدم صحّته. انتهى.

وسئل عن هذا الشيخ محيى الدين الكَافِيَجي (3)، فأجاب:

(1) رواه عبد الرزاق (11475) عن معمر، عن الزهري في رجل قال: كل امرأة أتزوجها فهي طالق، وكل أمة أشتريها فهي حرة. قال: هو كما قال. قال معمر: فقلت: أو ليس قد جاء عن بعضهم أنه قال: لا طلاق قبل النكاح، ولا عتاقة إلا بعد الملك؟ قال: إنما ذلك أن يقول الرجل: امرأة فلان طالق، وعبد فلان حر.

(2)

لم أجده عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنه.

(3)

هو محمد بن سليمان بن سعد بن مسعود الرومي، الكافيجي، محيي الدين، أبو عبدا لله، فقيه، أصولي، محدث، نحوي، مفسر، صوفي، صرفي، بياني، منطقي، حكيم، رياضي، ولد بككجة كي من بلاد صروخان، واشتهر بمصر، ولازمه السيوطي، وولي وظائف منها: مشيخة الخانقاه بالشيخونية، وكان مولده سنة 788 هـ ووفاته سنة 879 هـ، وسمي بالكافيجي لكثرة اشتغاله بكتاب الكافية في النحو، من تصانيفه الكثيرة: شرح قواعد الإعراب لابن هشام، وجيز النظام في إظهار موارد الأحكام، حل الإشكال في مباحث الأشكال في الهندسة، الأنوار في علم=

ص: 637

الحمدُ لله الهادي للصّواب، الحديثُ محمولٌ على نفي تخيير الطلاق قبل النكاح. كذا ذكره أئمة الحديث والفقهاء على أنّه: لا يكون حجّةً علينا. لا ينفي التعليق كما ترى، فيكون نصب الدليل في غير محلّ النزاع، فإن قلت: الواقعة تشهد له بظاهرها، فلا يعدل عنه إلاّ بدليل، ولا دليل هنا.

قلت: قول النبي صلى الله عليه وسلم: "لَا طَلَاقَ قَبْلَ النكِّاحِ".

شاهدٌ لنا عليه، فلا بُدّ من صرفِ الواقعة عن ظاهرها بقرينةِ الجواب، كما هو المقرر في موضعه.

فإن قلت: فليحمل قوله صلى الله عليه وسلم على نفي التعليق بقرينة الحادثة السابقة، كما هو المتبادر.

قلت: حمل الكلام على حقيقةٍ واجبٌ مهما أمكنَ، لا سيما في كلام النبي صلى الله عليه وسلم.

والحاصل: أنّ كلامه نصٌّ لا يقبل التّأويل. والكلام في الواقعة ظاهرٌ يقبل، فوجب تأويلها دونه من غايةٍ لقانون الشرع والأدب وترجيحًا لكلامه على كلام غيره، واكتفاء بتأويل كلام غيره عن تأويل كلامه، إذ لا ضرورة إليه. والحالة كذا. والله أعلم بالصّواب. كتبه محمد بن سليمان الكافيَجي الحنفي - عفى الله عنهما -.

قلت: قد دخل على الذي أخذ منه ابن فرشته حديث في حديث.

وذلك: أن الذي في كتب السنة وهو المحفوظ عند أهلها من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص، هو ما قدمته في الاستدلال للشافعي من عند

= التوحيد الذي هو أشرف العلوم والأخبار، والتيسير في قواعد علم التفسير. معجم المؤلفين (10/ 51).

ص: 638

الترمذي بدون قصة.

والقصّة إنّما تروى من حديث عبد الله بن عمر بن الخطاب، وأبي (1) ثعلبة الخُشَنِيّ.

كما أخرج الدارقطني (2)، عن عبد الله بن عمر: أنّ النبي صلى الله عليه وسلم سئلَ عن رجلٍ قال: يوم أتزوّجُ فلانةً فهيَ طَالِقٌ ثلاثًا؟ قال النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "طَلَّقَ مَا لَا يَمْلِكُ".

وأخرج (3)، عن أبي ثعلبة الخشنيّ قالَ: قَالَ عَمٌّ لِي: اعْمَلْ عَمَلًا حَتَّى أُزَوِّجَكَ ابْنَتِي. فَقُلْتُ: إِنْ تَزَوَّجْتُهَا فَهِيَ طَالِقٌ (4)، ثُمَّ بَدَا لِي أَنْ أَتَزَوَّجَهَا، فَأتيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ فسألته، فقال لي:"تَزَوَّجْهَا، فَإِنَّهُ لَا طَلَاقَ إِلَاّ بَعْدَ النكِّاحِ (5) ". قَالَ: فتزوّجها (6)، فَوَلَدَت لي سعدًا وسعيدًا. انتهى.

إذا عرف هذا: فالحديث أشكل. هو الذي فيه القصّة، ولم يقل عاقل: إنّه مؤوّلٌ بما ذكر. فقوله: إنّه محمولٌ على نفي التنجيز باطلٌ.

وكذا قوله: نصب الدليل في غير محلّ النّزاع.

والحاصل: أنه أخذ كلام المشايخ في الحديث الذي لم يذكر فيه قصّة.

(1) في المخطوط: (ابن) خطأ.

(2)

رواه الدارقطني في سننه (3937) والعقيلي في الضعفاء الكبير (2/ 347). وانظر فتح الباري لابن حجر (9/ 383).

(3)

رواه الدارقطني في سننه (3987).

(4)

في سنن الدارقطني: (تزوّجنيها فهي طالقٌ ثلاثًا).

(5)

في سنن الدراقطني: "نكاح".

(6)

في سنن الدراقطني: (فتزوجتها).

ص: 639

وأوردوه فيما ذكر بالقصّة الصّريحة في نفي التّأويل. يختار بيان عدم صحّته المذكور. والله أعلم.

وإذا عُلم بطلان هذا الجواب، فنقول قوله، فلا بد أن يبين نسخه أو عدم صحّته.

ففي إسناد حديث ابن عمر: ابن خالد الواسطي.

عمرو بن خالد. قال فيه أحمد بن حنبل (1) ويحيى بن معين (2) وغيره (3): كذّاب.

والدّارقطني (4): إِنّه كذاب.

(1) قال عبد الله بن أحمد بن حنبل، عن أبيه [العلل ومعرفة الرجال (1/ 56)]: متروك الحديث، ليس بشيء. وقال عبد الله عن أبيه [الضعفاء الكبير للعقيلي]: عمرو بن خالد ليس يسوي حديثه شيءٍ ليس بشيء. وقال أبو بكر الأثرم عن أحمد بن حنبل [الضعفاء الكبير للعقيلي]: كذاب، يروي عن زيد بن علي عن آبائه أحاديث موضوعة، يكذب.

(2)

قال عباس الدوري عن يحيى بن معين [تاريخه (2/ 442)]: كذّاب غير ثقة، ولا مأمون. وقال عباس عن ابن معين: ليس بثقة. وقال هاشم بن مرثد الطبراني عن ابن معين [تهذيب الكمال (21/ 605)]: كذاب، ليس بشيء.

(3)

قال ابن حبان في المجروحين (2/ 76): كان ممن يروي الموضوعات عن الأثبات حتى يسبق إلى القلب أنه كان المتعمد لها من غير أن يدلس. وقال ابن عدي في الكامل (2/ الورقة 234): عامة ما يرويه موضوعات. وقال ابن حجر في التقريب: متروك. وانظر تهذيب الكمال للمزي (21/ 603 - 607).

(4)

الضعفاء والمتروكين له (الترجمة 403). وقال في سؤالات البرقاني (الترجمة 373): متروك. وقال في السنن (1/ 227 و 2/ 121): متروك. وقال في السنن أيضًا (1/ 156): متروك الحديث كذاب.

ص: 640

وقال وكيع (1): كان في جوارنا يضع الحديث، فلما فُطِنَ به تحوّل إلى واسط.

وقال إسحاق بن راهويه وأبو زرعة الرازي (2): كان يضع الحديث.

وفي الثاني:

علي بن قَرِين:

قال يحيى بن معين وغيره: كذاب.

وضعّفه أحمد.

وقال ابن عديّ: يسرق الحديث.

وقال أبو بكر ابن العربي: ليس لهذه الأحاديث أصل في الصّحة.

وقال ابن عبد الهادي (3): الحديثان باطلان. انتهى.

وقال بعض من يزعم أنه يعلم من أهل الشّام: قد نقل الإمام حافظ الدين البرازي في مناقب أبي حنيفة في الفصل العاشر: أنّ رجلًا وامرأةً كانا يقعان في أبي حنيفة فوقع بينهما مشاجرة ذات ليلةٍ. فقال الزوج: إن سألتيني الليلة الطّلاق ولم أطلّقك فأنت ثلاثًا. وقالت المرأة: إن لم أسألكَ الليلة الطلاق

(1) حكاه عن وكيع: الحسن بن علي الواسطي. الكامل لابن عدي (2/ الورقة 234). وقال أيو عبيد الآجري في سؤالات أبي داود (5/ الورقة 41): سألت أبا داود عن عمرو بن خالد؟ فقال: ليس بشيء. قال وكيع: كان جارنا فظهرنا منه على كذب، فانتقل. قلت: كان واسطيًا؟ قال: نعم.

(2)

الجرح والتعديل لابن أبي حاتم (6/ الترجمة 1277)، وبقية كلام أبي زرعة: ولم يقرأ علينا حديثه، وقال: اضربوا عليه.

(3)

قال الزيلعي في نصب الراية (3/ 231): قال صاحب التنقيح: حديث باطل.

ص: 641

فمالي صدقة. فلما سكت عنهما الغضب ذهبا إلى سفيان الثوري وابن أبي ليلى وابن أبي شبرمة، فلم يجدوا عندهم مخرجًا، فرجعا إلى أبي حنيفة مرعوبين فسألاه. فقال للمرأة. اسأليه الطلاق، فسألته، فقال للزوج: قل: أنت طالقٌ إن شئتِ. فقال لها: أنت طالق إن شئتِ. فقال للمرأة: قولي: لا أشاء. فقالت: لا أشاءُ. قال أبو حنيفة: اذهبا فقد بررتما.

واتفقت كلمة أصحابنا في أصولهم: أنّ المعلّق بالشّرط لا ينعقد سببًا قبل وجود الشرط، فإن كان الزوج قد بَرّ في يمينه، فكيف ولم ينعقد المعلّق سببًا.

وإن كان المعلّق لا ينعقد سببًا، فكيف بر.

قلت: الجوابُ: إنّ قوله: أنت طالقٌ إن شئتِ تمليكٌ لا تعليقٌ.

قال في الذخيرة: تعليق الزوج طلاقَ المرأة بصفة من صفات قلب غيره، تفويض تمليك معنى، فيقتصر على المجلس، وعلى هذا اتفق كلام الأصحاب. والله أعلمُ.

ولما شاع هذا الجواب استبعد البِرّ بعض إخواني لخفاء وجهه عليه. فقلت: الوجه للبر أنّ الحالفَ إنما انعقد يمينه على الإيقاع لا الوقوع، وقد أوقع وإن أوصل به شيئًا آخرَ.

ألا ترى إلى ما قال أبو يوسف، عن أبي حنيفة قال: قلت: أرأيتَ أنّ رجلًا طلّقَ امرأته ثلاثًا أو واحدة يقول لها: أنتِ طالقٌ. هل في ذلك حيلةٌ حتى لا يقع عليها الطّلاق، وترجع إليه. فتكون على حالها؟ قال: نعم. قلت: فما الحيلة في ذلك؟. قال: إذا قال أنت طالقٌ ثلاثًا أو واحدةً فقال: إن شاء الله تعالى. فوصل يمينه بالاستثناء. برّ.

ص: 642

قلت: وكذلك إن قال لعبده: أنتَ حرٌّ إن شاء الله. قال: نعم. قلت: ويقول هذا غيركم؟ قال: نعم. قد جاءت به الأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

قال أبو يوسف: حدثنا أبو حنيفة، عن الحكم بن عتيبة (1)، عن عبد الله، وعن علي بن أبي طالبٍ: أنهّما قالا: من حلف بطلاقٍ أو عِتَاقٍ فاسْتَثْنَى، فلهُ اسْتِثْنَاؤُهُ (2).

وقال أبو يوسف: حدثنا محمد بن عبيد الله العَرْزَمِيّ (3)، عن عطاء بن أبي رياح، عن عبد الله بن عبّاس أَنا قال: مَنْ حَلَفَ بِطَلَاقٍ أَوْ عِتَاقٍ فَقَالَ: إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى، لَمْ يَقَعْ طَلَاقٌ وَلَا عِتَاقٌ.

وقال أبو يوسف: وحدثنا الحسن بن عُمارة (4)، عن الحكم (5)،

(1) تحرف في المخطوط إلى: (عينية). انظر ترجمته في تهذيب الكمال (7/ 114 - . . .).

(2)

روى الدارقطني (4/ 35) قال: حدثنا أبو العباس محمد بن موسى بن علي الدولابي ويعقوب بن إبراهيم قالا: حدثنا الحسن بن عرفة، حدثنا إسماعيل بن عياش، عن حميد بن مالك اللخمي، عن مكحول، عن معاذ بن جبل قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يا معاذ، ما خلق الله شيئًا على وجه الأرض أحب إليه من العتاق، ولا خلق الله شيئًا على وجه الأرض أبغض إليه من الطلاق، فإذا قال الرجل لمملوكه: أنت حر إن شاء الله، فهو حر، ولا استثناء له، وإذا قال الرجل لامرأته: أنت طالق إن شاء الله، فله استثناؤه، ولا طلاق عليه".

(3)

تحرف في المخطوط إلى: (القزويني). انظر ترجمته في تهذيب الكمال (26/ 41 - . . .).

(4)

الحسن بن عُمارة البَجَليّ، مولاهم، أبو محمد الكوفي الفقيه، كان على قضاء بغداد في خلافة أبي جعفر المنصور، مات سنة 153 هـ. تهذيب الكمال (6/ 265 - . . .).

(5)

هو ابن عُتَيْبة الكندي الكوفي. قال عنه أحمد بن حنبل: أثبت الناس في إبراهيم. =

ص: 643

عن إبراهيم (1) مثله.

وحدثنا أبو حنيفة، عن حمّاد (2)، عن إبراهيم أنّهُ قال: مَنْ حَلَفَ بِطَلَاقٍ أَوْ عِتَاقٍ فَقَالَ: إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى لَمْ يَقَع طَلَاقٌ وَلَا عِتَاقٌ، فَمَنْ حَلَفَ بِشَيْءٍ مِنْ هَذِهِ الأَيْمَانِ فَقَالَ: إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى فَقَدْ بَرَّ وَخَرَجَ عَنْ يَمِينِهِ.

حدثنا عبد الله بن عمر الحملي، عن ليث بن أبي سليم، عن طاوس قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ فَقَالَ: إِنْ شَاءَ اللهُ، فَقَدْ خَرَجَ عَنْ يَمِينِهِ"(3). قال ليث: فقلت لطاوس: وفي الطّلاق والعتاق؟ قال: نعم. وفي الطّلاق والعتق إِلَاّ مَا يَرْفَعُهُ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي الطَّلَاقِ وَالْعِتَاقِ.

قال: حدثنا الحسن بن عُمارة، عن الحكم، عن (4) عبد الله بن عباس أنّه قَالَ: مَنْ حَلَفَ (5) عَلَى يَمِيْنٍ فَقَالَ: إِنْ شَاءَ اللهُ فَلَا حِنْثَ عَلَيْهِ وَلَا كَفَّارَةَ.

قال: وحدثنا أبو يحيى، عن أبيه البراء بن عازب، عن علي بن أبي طالبٍ قَالَ:. . . . .

= تهذيب الكمال (7/ 114 - . . .).

(1)

هو إبراهيم بن يزيد بن قيس النَّخَعيّ أبو عمران الكوفي، مات سنة 96 هـ.

(2)

هو حمّاد بن أبي سليمان.

(3)

روى الإمام أحمد (4510) وغيره بإسناد صحيح عن ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"من حلف فاستثنى، فهو بالخيار، إن شاء أن يمضي على يمينه، وإن شاء أن يرجع غير حنث" أو قال: "غير حرج".

(4)

تحرف في المخطوط إلى: (بن). والحكم هو ابن عتيبة الكندي الكوفي، ولد سنة 50 هـ ومات سنة 115 هـ. وابن عباس في مات سنة 68 هـ وقيل: 70 هـ.

(5)

تحرف في المخطوط إلى: (أنه من قال حلف).

ص: 644

مَنِ اسْتَثْنَى فَلَا حِنْثَ عَلَيْهِ (1).

قال: عن أبي حنيفة، عن القاسم بن عبد الرحمن، عن عبد الله بن مسعودٍ أنّه قال: مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ فَقَالَ: إِنْ شَاءَ اللهُ فَقَدِ اسْتَثْنَى وَلَا حِنْثَ عَلَيْهِ (2).

قَالَ: وعن أبي حنيفة، عن حمّاد، عن إبراهيم أنّه قال في ذلك: خَرَجَ عن يمينه.

ولمّا انتهى الكلام إلى المخارجِ فقبل في قول الرّجل كلّما تزوّجت امرأةً فهيَ طالقٌ. أو قال لامرأةٍ: كلّما تزوّجتك فأنتِ طالقٌ، فقد جعل المشايخ المخرجَ من ذلك طريقين: نكاح الفضول أو المرافعة إلى من يعتقد يمين بطلان اليمين فيفسخها.

أمّا الأوّل: فقال في الينابيع: وإن لم تكن المرأة في نكاحه وقال لها: كلما تزوّجتك فأنت طالقٌ، فإنّها تطلق في كلّ مرةٍ يتزوجها أبدًا. فإن يتزوجها ولا يقع عليه الطلاق، فالحيلة في ذلك: أن يقول لمن يثق به من أحبابه وأصدقائه: إنِّي قد حلفت، أني كلّما تزوّجت امرأة أو كلّما تزوجت فلانةً فهي طالقٌ. فالآن إن يتزوجها طلقت وإن وكلّت رجلًا بأن يزوّجها مني طلّقت أيضًا. فإذا عرف المخاطب بأنّ له رغبة في تزوجها، فإنه يزوّجها منه، وهو فضولي في ذلك. فإذا علم الخلف ذلك نجيزه بالفعل، وذلك مثل أن يبعث إليها مهرها أو يظفر بها ويجامعها. ولو أجازه بالقول طلقت.

وقال بعضهم: لا تطلق. والأوّل أصحّ. انتهى.

(1) رواه عبد الرزاق (16116) عن ابن عباس رضي الله عنه.

(2)

رواه عبد الرزاق (16115).

ص: 645

وقال الإمام أبو الليث في حيل العيون عند ذكر هذه المسألة: وجعل الإجازة بالفعل أن يبعث إليها شيئًا من المهر أو النفقة أو يطأها أو يمسّها.

وقال في الهادي: كان القاضي الإمام الزّاهد أبو المعالي صاحب المناقب (1) لا يجوّز نكاح الفضولي.

كان القاضي الإمام مجد الدين لا يرى مخالفة أستاذه.

وقال الإمام علي السُّغْدي (2): إنّي لا أجوّز نِكَاحَ الْفُضُوليِّ، ولا أفتي بالإجازة بالفعل والقول في نكاح الفضولي، وأجعل الإجازة بالفعل والقول سو اء. انتهى.

قلت: وهذا غير معتمد لمخالفة الرواية والدراية.

قال في شرح الزيادات: ولو حلف لا يتزوج، أو حلفت امرأة أن لا تتزوج، وقد كان زوّج أحدهما فضولي وأجاز بعد اليمين لا يحنث؛ لأن الشّرط التزوج والإجازة ليست بتزوج حتّى لا يراعي لها شرائط العقد من الشهود والولي وغير

(1) في المخطوط: (المناقبي).

(2)

السّغدي - بالضم وغين معجمة -: نسبة إلى سغد سمرقند، وهو مشتملٌ على عدة بلاد وقرى كثيرة، وهو مما يلي بخارى. توضيح المشتبه لابن ناصر الدين (5/ 99 - . . .). وقال المصنف في تاج التراجم (ص 14): علي بن حسين بن محمد السّغدي [تحرف في المطبوع (ص 14 و 31) إلى: السعدي]، شيخ الإسلام، أبو الحسن، قال السمعاني [الأنساب (7/ 86)]: سكن ببخارى، وكان إمامًا فاضلاً، وفقيهًا مناظرًا، وسمع الحديث، وروى عنه شمس الأئمة السرخسي السير الكبير، ومات ببخارى سنة إحدى وستين وأربع مئة، ومن تصانيفه: النتف، وشرح السير الكبير. قلت [ابن قطلوبغا]: وبأيدينا كتاب النتف يعزى إلى الغزنوي. والله أعلم.

ص: 646

ذلك. وهذه المسألة تدلّ على أنّ من حلفَ أن لا يتزوّج فأجاز نكاح الفضولي بعد اليمين لا يحنث وهو رواية عن محمد.

وبه قال: نفتي محمد بن سلمة.

قلت: إلاّ أنّ هذا خلاف الأصحّ على ما قال في الينابيع؛ لأنّ عقد الفضولي ينتقل إليه عند الإجازة.

وروى ابن سماعة، عن محمّد: أن عقد الفضولي إذا كان بعد اليمين فأجاز بالقول يحنث، وإن أجازه بالفعل لا يحنث.

وقال قاضي خان في شرح الزيادات: وعليه أكثر المشايخ: لأنّ القول من جنس العقد من حيث أن العقد قول، فأمكن إلحاقها بالعقد. أمّا الفعل: لا يجانس العقد ولا يخالفه، فلا يمكن إلحاق الفعل بالعقد.

قلت: وقد نقل في الينابيع: أنّ هذا هو الأصحّ. ومثله عن شمس الأئمة.

قال: الأصحّ عندي لا يحنث؛ لأنّ عقد النّكاح يختص بالقول، فلا يمكن جعل المجيز بالفعل عاقدًا له.

وقال في الهادي: والفتوى على أنّ نكاح الفضولي جائزٌ، فإن أجاز بالفعل لا يحنث لأنه حنث نفسه بالعقد وهو غير عاقدٍ. انتهى.

وقال في الفصول: ذكرَ نجم الدين النسفي في الفتاوى: المختار في نكاح الفضولي في الطلاق المضاف إذا أجاز الحالف بالفعل لا يحنث. وبالقول: يحنث.

قال بعض الإخوان: الإجازة بالفعل سوق المهر.

قلت: قدّمت عن أبي الليث: أن يبعث شيئًا من المهر أو النفقة أو

ص: 647

يطأها أو يمسّها.

وعن الينابيع: أن يبعث إليها مهرها أو يظفر بها ويجامعها.

قال: قد قاله البزازي.

قلت: لفظ البزازي: والإجازة بالفعل سَوْقُ المهرِ إليها لا الوطء والقبلة؛ لأنّه حرامٌ قبل نفوذ العقد.

قلت: وهذا الإيجاز مخلٌّ؛ لأنّه مأخوذٌ من شرح الزيادات. ولفظه: لكن ذلك الفعل ينبغي أن يكون بسوق الصّداق إليها ونحو ذلك دون الوطء والتقبيل، فإنّ ذلك حرامٌ قبل نفوذ العقد، فحذف لفظة ينبغي.

وكذلك قال الصّدر الشهيد حسام الدين في شرح الجامع الكبير: إنّ من احترز عن الطّلاق بأن علّق الطّلاقَ بالنّكاح. ينبغي أن يجيزه بتسليم المهر، أمّا بالموافقة، فلا. فهذا النفي للكراهة.

قال في الفصول: ولو قبلها أو لمسها بشهوةٍ يكون إجازة بالفعل. ولكن يكرهُ كالرّجعة بالفعل. انتهى.

قلت: وهذا نصّ ما أجبت به بلفظه. ولله الحمد.

قلت: والكراهة لقرب نفوذ العقد من المحرم كما في دفع النّصاب إلى الفقير.

قال قاضي خان: وإذا أراد الحالف أن يجيز عقد الفضولي بالفعل يجيزه سوق المهر ولا يقئبّل ولا يمس كيلَا يكون ابتداء الفعل قبل نفاذ النّكاح.

وفي الظهيرية: الإجازة بالفعل أن يبعث إليها شيئًا من المهر، فإن دفع المأمور إليها لا شك أنه أجاز، وإن لم يدفع إليها، هل تكون الإجازة رواية

ص: 648