المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌سئلت عن واقف وقف وقفا وشرط لنفسه التبديل والتغيير، فغير الوقف لزوجته - مجموعة رسائل العلامة قاسم بن قطلوبغا

[ابن قطلوبغا]

فهرس الكتاب

- ‌مَدخَل

- ‌الكِتَاب

- ‌وَصفُ المَخْطُوطِ

- ‌صِحَّةُ نِسْبَةِ المَجمُوع

- ‌مَصَادِر المَجْمُوع

- ‌عَمَلُنَا فِي المَجْمُوعِ

- ‌تَرْجَمَةُ العلَّامة قَاسِم بن قُطْلُوبغَا

- ‌ اسمه ونسبه:

- ‌ مولده:

- ‌ صفته:

- ‌ العلوم التي برع فيها:

- ‌ مذهبه:

- ‌ المناصب التي وليها:

- ‌ رحلاته العلمية:

- ‌ شيوخه:

- ‌ تلاميذه:

- ‌ ثناء العلماء عليه:

- ‌ مصنفاته:

- ‌ القرآن وعلومه:

- ‌ التخريج:

- ‌ الرجال وعلومه:

- ‌ الحديث وعلومه:

- ‌ الفقه وعلومه:

- ‌ أصول الفقه:

- ‌ السيرة:

- ‌ النقد:

- ‌ اللغة العربية:

- ‌ علم الكلام:

- ‌ مرضه ووفاته:

- ‌ مصادر الترجمة:

- ‌تَرْجَمَةُ شَمْس الدِّين ابن أَمِيْر حَاج الحَلَبِيِّ

- ‌ اسمه:

- ‌ أولاده:

- ‌ صفته:

- ‌ المناصب التي تولاها:

- ‌ تصانيفه:

- ‌ وفاته:

- ‌ مصادر ترجمته:

- ‌[1]رَفْعُ الاشْتِبَاهِ عَنْ مَسَائِلِ المِيَاهِ

- ‌ لَا يَحِلُّ لأَحَدٍ أَنْ يُفْتِي بِقَوْلنَا مَا لَمْ يَعْرِفْ مِنْ أَيْنَ قُلْنَاهُ

- ‌ سئلت عن مسائل وأجوبتها منقولة فلا بأس نذكرها تتميماً:

- ‌[2]رِسَالَةٌ فِيهَا أَجْوِبَةٌ عَنْ بَعْضِ مَسَائِلَ وَقَعَتْ

- ‌ إذا أصابوا في البئر فأرة متفسخة، وكانوا قبل ذلك قد طبخوا أو عجنوا من مائها، هل يؤكل

- ‌ رجل يمسح على خرقة على جراحةٍ بيده

- ‌ رجلٍ صلّى الظهر، فشكّ وهو في الصلاة أنه على وضوءٍ أم لا، ما الفعلُ

- ‌ إذا تعمَّد ترك الواجب أو تأخيره، لم يجب عليه سجود السهو

- ‌ المسبوق إذا سلَّم مَعَ الإمام ساهيًا، هل تبطل صلاته

- ‌ رجلٌ أجَّرَ دارًا

- ‌ رجلٌ له ثلاث مئة قد حال عليها الحول، فخلطها بخمس مئة، ثم ضاع من المال كله خمس مئة

- ‌ في رجلٍ صائم قال له آخر: امرأته طالق إن لم يفطر

- ‌ التقبيل الفاحش

- ‌[3]النَّجَدَات بِبَيَانِ السَّهْوِ في السَّجْدَاتِ

- ‌[4]أَحْكَامُ الفَأْرَة إِذَا وَقَعَتْ فِي الزَّيتِ وَنَحْوِه

- ‌ تنجّس الدهن:

- ‌[5]أَحْكَامُ الصَّلَاةِ عَلَى الجَنَازَةِ فِي المَسْجِدِ

- ‌لو وضعت الجنازة خارج المسجد والإمام خارج المسجد، ومعه صفٌّ والباقي في المسجد

- ‌[6][رِسَالَةٌ فِي] التَّرَاوِيحِ وَالوِتْرِ

- ‌وَلْيَجْعَلْ آخِرَ صَلَاتِهِ مِنَ اللَّيْلِ وِتْرًا

- ‌فصلٌالانتظار من كل ترويحتين قدر الترويحة

- ‌فصل وقدر القراءة في التراويح

- ‌فصلٌإذا صلّى الإمام التراويح قاعدًا لعذرٍ أو لغير عذرٍ والقوم قيام

- ‌فصلٌ وإذا صلَّى التراويح قاعدًا من غير عذرٍ

- ‌فصلٌ إذا صلّى التراويح مقتديًا بمن يصلي المكتوبة، أو وترًا، أو نافلة غير التراويح

- ‌فَصْلٌ إذا صلَّى ترويحةً واحدةً بتسليمةٍ واحدةٍ، وقد قعد في الثّانية قدر التشهد

- ‌[7]الفَوَائِدُ الجُلَّةُ فِي مَسْأَلَةِ اشْتِبَاهِ القِبْلَةِ

- ‌ صورة ما كتبه المرحوم الشيخ العلامة يحيى بن محمد الأقصرائي الحنفي

- ‌[8]أَحْكَامُ القَهْقَهةِ

- ‌ تتمة:

- ‌ فائدة:في التوكيل في النكاح

- ‌[9]الأَصْلُ فِي بَيَانِ الفَصْلِ والوَصْلِ

- ‌[10]الأُسُوس في كَيْفَّيةِ الجُلُوسِ

- ‌[11]تَحْرِيرُ الأَقْوَالِ في صَوْمِ السِّتِّ مِن شَوَّال

- ‌ فائدة:

- ‌[12]رِسَالَةٌ في قَضَاءِ القَاضِي

- ‌[13][رِسَالَةٌ فِي] العِدَّةِ

- ‌كتب على هذه بعض مشايخ العصر ما صورته:

- ‌[فَتْوَى عَنِ القَصْرِ وَالإتْمَامِ]

- ‌[14]مَسْأَلَةٌ فِي حَطِّ الثَّمَنِ وَالإِبْرَاءِ مِنْهُ وَصَحَّةِ ذَلكَ

- ‌[15]مِن مَسَائِلِ الشُّيُوع

- ‌سئلتُ عن بيع حصّةٍ شائعةٍ من عقارٍ

- ‌[الفصل] الأوّل:

- ‌ أقسام الشيوع

- ‌ الفصل الثاني:

- ‌ الفصل الثالث:

- ‌ أجرُ الشّائع

- ‌قرض المشاع

- ‌ وهب الشائع

- ‌ الشيوع الطارئ:

- ‌ وقف الشائع:

- ‌ رهنَ الشائع

- ‌ الفصل الرابع:

- ‌ إجارة المشاع:

- ‌ الإعارة في الشائع:

- ‌ الرهن

- ‌ الصّدقة:

- ‌ الوقف:

- ‌[16]أَحْكَامُ التَّزْكِيَةِ وَالشَّهَادَةِ

- ‌سئلتُ عن رجل شهدَ عليه عند قاضٍ مالكي المذهب:

- ‌صورة التزكية

- ‌ العدالة

- ‌البلوغ

- ‌ البصر:

- ‌ العدد في الشهادة:

- ‌مَسَائِلُ التَّزْكِيَة

- ‌[17]القَوْلُ القَائِم في بَيَانِ تَأْثِيرِ حُكْمِ الحَاكِمِ

- ‌[18][رِسَالَةٌ في] مَا يُنقَضُ مِنَ القَضَاءِ

- ‌[19]تَحْرِيرُ الأَقْوَالِ في مَسْأَلَةِ الاسْتِبْدَالِ

- ‌[20]مَسْأَلَةٌ فِي الوَقْفِ وَاشْتِرَاطِ النَّظَرِ لِلأَرْشَدِ فَالأَرْشَدِ

- ‌وسئلت عن واقفٍ شرط أن يكون النظر للأرشد فالأرشد

- ‌ صورة سؤال ورد على الشيخ رحمه الله من دمشق:

- ‌ مسألةٌ مهمّةٌ

- ‌ مسألة أخرى:

- ‌[21]صُورَةُ سُؤَالَاتٍ وَأَجْوِبَةٍ عَنْهَا

- ‌ورد على الشيخ - رحمه الله تعالى - من دمشقٍ:

- ‌ باب العول:

- ‌ باب الرّدّ

- ‌ فائدة:

- ‌[22]مَسْأَلَةُ تَعْلِيقِ الطَّلَاق بِالنِّكاحِ

- ‌هل تكون الخلوة إجازةً

- ‌هل للفضولي فسخ العقد قبل الإجازة

- ‌صورة السجل:

- ‌ تتميم:

- ‌[23]مَسْأَلَةٌ في طَلَاقِ المَرِيضِ زَوْجَتهُ

- ‌ فائدة:

- ‌ فائدة أخرى:

- ‌ نكتة:

- ‌سئلت عن رجلٍ طلّق امرأته طلقتين وراجعها من الثانية

- ‌سئل عن رجلٍ حلف بالطلاق من زوجته

- ‌ سئل - رحمه الله تعالى -: عن امرأةٍ

- ‌سئل رحمه الله: عمّن باع داراً بيع التقاضي وقبض بعض الثمن، ثم أقبض الباقي بعد هذه

- ‌ مسألة:

- ‌سئل عن رجل باع عن رجلٍ

- ‌سئل عن رجلٍ باع ثوباً

- ‌سئل عن رجلٍ باع ديناراً

- ‌سئل عن رجلٍ اشترى من صيّادِ سمكةً ودفع ثمنها

- ‌سئل رحمه الله: عن رجلٍ اقترض من رجلٍ مالاً على تركةِ فلان

- ‌[24][رِسَالَةٌ في] حَفْرِ المُرَبَّعَاتِ

- ‌ سئل - رحمه الله تعالى - عن رجلٍ استأجر أُجراء يحفرون له مربعة

- ‌سئل عن رجلٍ استأجرَ جميع بستانين

- ‌سئل الشيخ من مدينة غزّة:

- ‌سئل - رحمه الله تعالى - عمّن عليه دَينٌ مستغرق

- ‌سئل رحمه الله عن رجل عليه دُيونٌ

- ‌سئل رحمه الله: عن رجلٍ طلّق زوجته البالغة طلاقًا بائنًا

- ‌[25]حُكْمُ الخُلْعِ وَحُكْمُ الحَنْبَلي فِيهِ

- ‌سئل رحمه الله عن زوجين اختصما بعد الفرقة في صغيرةٍ بينهما

- ‌سئل رحمه الله: ما تقول في قول الخلاصة وغيره: إنّ الشّاهدين إذا شهدا أنّ القاضي قضى لفلانٍ على فلانٍ بكذا

- ‌سئل رحمه الله: عن رجلٍ وقف شيئًا معيّنًا من ماله على نفسه

- ‌سئل رحمه الله: في قول السّادة الحنفية، فيمن استأجر عبدًا للخدمة

- ‌سئلتُ عن واقفٍ وَقَفَ وقفًا وشرطَ لنفسهِ التبديل والتغيير، فغيّر الوقف لزوجته

- ‌مُلْحَق المَجْمُوعِ تَعْرِيفُ المُسْتَرْشِد في حُكْمِ الغِراسِ في المَسْجِدِ

- ‌ تنبيه:

- ‌ تذييل:

الفصل: ‌سئلت عن واقف وقف وقفا وشرط لنفسه التبديل والتغيير، فغير الوقف لزوجته

وأمّا في الاستحسان: فإنه ينبغي أن يسجدها.

وبالقياس: نأخذ بهذه نبذة مما قيل فيه بالاستحسان. وقد تقدّم القياس على الاستحسان في بعضها، كما ذكر.

وبه تبين جهل القادح في علماء المسلمين بما لا يعلم، وأنّ ما عيبَ غير ما ذهب إليه الأئمة.

وقد أنشد الأمير حسام الدين ابن لالا:

إِذَا كُنتَ لا تَدري. . . وَلَم تَكُ كالّذي

يسأل الّذي يدري. . . فكيفَ إذًا تدري

ومن عجبِ الأشياء. . . أنّك لا تدري

وأنّك لا تدري. . . بأنّك لا تدري

* * *

* قال رحمه الله:

‌سئلتُ عن واقفٍ وَقَفَ وقفًا وشرطَ لنفسهِ التبديل والتغيير، فغيّر الوقف لزوجته

.

فأجبت:

ص: 720

إنّي لم أقف على اعتبار هذا الشّرط في شيءٍ من كتب علمائنا، وليس للمفتي في زماننا إلّا نقل ما صحّ عن أهل مذهبه الذين يفتي بقولهم. ولأنّ المستفتي إنما يسأل عمّا ذهب إليه أئمّة ذلك المذهب، لا عمّا يخيل للمفتي. واللهُ أعلمُ.

ثم بلغني: أنّ محيي الدين الكافيَجي وقفَ على جوابي، وقال: شرط الواقف كنصّ الشّارع، يجبُ العملُ به وإن لم يكن منصوصًا عليه.

فأجبتُ: بأنّ هذا يقتضي خلافَ ما اجتمعت عليه الأمّة من أنّ من شروط الواقفين ما هو صحيحٌ معتبرٌ يُعملُ بهِ.

ومنها: ما ليس كذلك. وخلاف ما نصّ الفقهاء عليه من معنى هذا الكلام.

فقال في كتاب الوقف لأبي عبد الله الدمشقي، عن شيخه شيخ الإسلام قول الفقهاء نصوصه كنصوص الشّارع - يعني: في الفهم والدّلالة في وجوب العمل - مع أنّ التحقيق: أنّ لفظه ولفظ الموصي والحالف والنّاذر، وكلّ عاقدٍ يحمل على عادته في خطابه ولغته التي يتكلّم عليها، وافقت لغة العرب، ولغة الشّارع أوْ لا، ولا خلافَ أن من وقفَ على صلاة أو صيام أو قراءة أو جهادٍ غير شرير ونحوه لم يصحّ. والله أعلم.

قلت: وإذا كان المعنى كما ذكر فما كان من عبارة الواقف من قبيل المفسر لا يحتمل تخصيصًا، ولا تأويلًا يُعملُ به.

وما كان من قبيل الظّاهر كذلك، وما احتمل، وفيه قرينة، حُمِلَ عليها.

وما كان مشتركًا لا يُعملُ به؛ لأنَّه لا عموم له عندنا، ولم يقع في نظر

ص: 721

لمجتهدٍ ليرجّح أحد مدلوليه، وكذلك ما كان من قبيل المجمل إذا مات الواقف، وإن كان حيًّا يرجع إلى بيانه. هذا معنى ما أفاده. والله أعلم (1).

قال رحمه الله:

أفادني الشيخ الإمام صلاح الدين الحنفي - سلّمهُ الله تعالى ونفعَ بعلومه -: أنّه وقعَ في خاطره الكريم أنّ ما استشهد به صاحب الهداية في باب قضاء الفوائت: على أنّ الأظهر عود الترتيب السّاقط بكثرة الفوائت يعوذها القلة. بقوله: فإنّه روي عن محمّدٍ فيمن ترك صلاة يومٍ وليلة وجعل يقضي من الغد مع كلّ وقتية فائتةً، فالفوائت جائزة على كلّ حالٍ. والوقتيات فاسدة

(1) قال في البحر الرائق في شرح كنز الدقائق (14/ 488): قال العلاّمة قاسمٌ في فتاواه: أجمعت الأمّة أن من شروط الواقفين ما هو صحيحٌ معتبرٌ يعمل به ومنها ما ليس كذلك ونصّ أبو عبد الله الدّمشقيّ في كتاب الوقف عن شيخه شيخ الإسلام قول الفقهاء: نصوصه كنص الشّارع، يعني: في الفهم والدّلالة لا في وجوب العمل مع أن التحقيق أن لفظه ولفظ الموصي والحالف والنّاذر وكلّ عاقدٍ يحمل على عادته في خطابه ولغته الّتي يتكلّم بها وافقت لغة العرب ولغة الشّرع أم لا ولا خلاف أنّ من وقف على صلاةٍ أو صيامٍ أو قراءةٍ أو جهادٍ غير شرعيٍّ ونحوه لم يصحّ. اهـ. قال العلامة قاسمٌ: قلت: وإذا كان المعنى ما ذكر فما كان من عبارة الواقف من قبيل المفسّر لا يحتمل تخصيصًا ولا تأويلًا يعمل به وما كان من قبيل الظاهر كذلك وما احتمل وفيه قرينةٌ حمل عليها وما كان مشتركًا لا يعمل به لأنّه لا عموم له عندنا ولم يقع فيه نظر المجتهد لترجّح أحد مدلوليه وكذلك ما كان من قبيل المجمل إذا مات الواقف وإن كان حيًّا يرجع إلى بيانه هذا معنى ما أفاده. اهـ.

قلت: فعلى هذا إذا ترك صاحب الوظيفة مباشرتها في بعض الأوقات المشروط عليه فيها العمل لا يأثم عند الله تعالى غايته أنّه لا يستحق المعلوم ومن الشّروط المعتبرة ما صرّح به الخصّاف لو شرط أن لا يؤجّر المتولّي.

ص: 722

إن قدّمها لدخول الفوائت في حدّ القلّة، وإن أخّرها فكذلك إلّا العشاء الآخرة. فإنَّه لا فائتة عليه في ظنّه حال أدائها، لا يدلّ على مقصوده لما علم من مذهب محمّد: أنّ الترتيب يسقط بدخول وقت السّادسة إلى آخره.

وأنَّه سلّمه الله ونفع به ذَاكَرَ بذلك بعض أهل العلم من مذهبنا، فلم يذكروا له شيئًا. وأنَّه راجعَ كتبه فوجد هذا بعينه قد وقع للزّيلعي شارح الكنز حيث قال بعد ذلك ما قدّمناه عن صاحب الهداية.

قال راجي عفو ربه الكريم:

ليس فيه دلالة على عود الترتيب بعد سقوطه؛ لأنّ الترتيب لو سقط لجازت الوقتية التي بدأ بها كما ذكر في الجامع الصغير، وهو قوله: فإن فاته أكثر من صلاة يومٍ وليلة أجزأته التي بدأ بها؛ ولأنّ الترتيب إنما يسقط بخروج وقت السادسة، ولم يخرج هنا ولا يمكن حمله على ما روي عن محمّد: أنّ الترتيب يسقط بدخول وقت السادسة؛ لأن حكمه بفساد الوقتية التي بدأ بها يمنع من ذلك، إذ لو كان مراده على تلك الرواية لما فسدت التي بدأ أوّل مرّةٍ لسقوط الترتيب عنده. انتهى.

قلت: وقد أخذ هذا شيخنا العلامة كمال الدين (1)، وأورده في شرحه على الهداية، وأقرّه فقال بعد تقرير قوله:(وَهُوَ الأَظْهَرُ): وفيه نظرٌ (2).

ثم قال: ووجه النَّظر أنَّه لم يسقط التَّرتيب أصلًا، فإنَّ سقوطه بخروج

(1) ابن الهمام في فتح القدير (3/ 12).

(2)

الذي في فتح القدير: (خلاف ما اختاره شمس الأئمّة وفخر الإسلام وصاحب المحيط وقاضي خان وصاحب المغني والكافي وغيرهم، وما استدلّ به عن محمّد فيه نظرٌ).

ص: 723

وقت السَّادسة وهو لم يخرج حتَّى صارت خمسًا بقضاء الفائتة، ولا يمكنُ تخريجه (1) على ما روي عن محمَّدٍ من اعتبار دخول وقت السَّادسة؛ لأنَّه لو كان كذلك لم تفسد (2) الوقتيَّات. انتهى.

قلت: وقد كنت أقرأت شرح الزيلعي في سنة إحدى وأربعين، ولي فيه تقريرٌ وتحرير.

ومن ذلك: أنّ قوله: ولا يمكن حملهُ على ما روي عن محمّد ممنوع بل هو يبنى عليه.

فقد نصّ جماعة من محققي المشايخ على أنّ من أصل محمّد إذا دخل وقت السّادسة سقط الترتيب، إلّا أن سقوطه يتقرر بخروج وقت السادسة. فإذا أدّى وقتية توقف جوازها على قضاء الفائتة وعدمها. فإذا قضى دخلت الفوائت في القلّة، فبطلت الوقتية؛ لأنّها أديت عند ذكر الفائتة. وبهذا صرّح في رواية ابن سماعة، عن محمّد في تعليل ذلك بقوله؛ لأنَّه كلّما قضى فائتةً عادت الفوائت أربعًا، وفسدت الوقتية إلا العشاء، فإنّه صلاها. وعنده: أن جميع ما عليه قد قضاهُ فأشبه الناسي. انتهى.

وقد انتصر شيخنا العلامة كمال الدين للعود بقوله بعدما ذكرناه عنه (3): لكنَّ الوجه يساعدُهُ بجعله (4) من قبيل انتهاء الحكم بانتهاء علَّته (5)، وذلك:

(1) في المخطوط: (حجر).

(2)

في المخطوط: (تعد).

(3)

فتح القدير (3/ 12 - 13).

(4)

في المخطوط: (يجعله).

(5)

في المخطوط: (بأنها عليه).

ص: 724

أنَّ (1) سقوط التَّرتيب كان بعلَّة الكثرة المفضية إلى الحرج، أو أنَّها مظنَّة تفويت (2) الوقتيَّة، فلمَّا قَلَّت زالت العلَّة فعاد الحكم الَّذي كان قبل، وهذا مثل حقِّ الحضانة الثَّابت (3) لمحرم الصَّغير من النِّساء يسقط (4) بالتَّزوُّج، فإذا زال التَّزوُّجُ عاد لا أنَّه سقط فيكون متلاشيًا (5)، فلا يتصوَّر عوده إلَّا لسبب آخر. انتهى.

قلت: قوله: فعاد الحكم. . . هو محلّ النّزاع، فلا يثبت بلا دليل.

وقوله: وهذا مثل حقِّ الحضانة (6). . . ممنوع؛ لأنّ مسألة الحضانة ليست من قبيل انتهاء الحكم بانتهاء العلّة أصلًا، وإنّما هي من قبيل عروض المانع وزواله؛ لأنّ علّة حَقِّ الْحَضَانَةِ: القرابة المستلزمة للشفقة والتزوّج مانعٌ لما ذكروه من الاشتغال بخدمة الزّوج. . . إلخ.

مع بقاء أصل العلّة. فإذا زال المانع ثبت المكنة من القيام بالحضانة. والله أعلم.

ثم أفاد الشيخ صلاح الدين - سلّمه الله - ما ذكر في التحقيق: أن امتداد الأغماء أن يزيد على يومٍ وليلةٍ باعتبار الأوقات عند أبي حنيفة وأبي يوسف وباعتبار الصلاة عند محمّد فقلت: ما ذكر في التحقيق هو المذكور في الهداية وهو خلاف ما اعتبر كل منهم في قضاء الفوائت حتى قال شيخنا العلامة كمال

(1) في المخطوط: (أنه).

(2)

في المخطوط: (وأنها مظنة تفوت).

(3)

في المخطوط: (الثابتة).

(4)

في فتح القدير: (ينتهي).

(5)

في المخطوط: (مثلا شيئا).

(6)

في المخطوط: (الحاضنة).

ص: 725

الدين رحمه الله في شرحه على الهداية (1): وكلٌّ مُطَالَبٌ بِالْفَرْقِ.

وقلتُ فيما كتبته على الشرح المذكور: إِنّه قد اختلفت الروايات عن الثلاثة في كلا البابين.

واتفق المشايخ على أنّه ظاهر الرواية. والصحيح في البابين واحدٌ وهو: أنّ العبرة لعدد الصّلوات. قاله في الذخيرة والبدائع والفتاوى الصغرى وغيرها. فلا احتياج إلى طلب الفرق.

وأمّا الأثر الذي أشاروا إليه، فهو ما قال محمّد في كتاب الآثار (2): أخبرنا أبو حنيفة، عن حمّاد، عن إبراهيم، عن ابن عمر في المُغمى عليه يومًا وليلة؟ قال: يقضي. قال محمّد: وبه نأخذ، حتّى يُغمى عليه أكثر من ذلك، وهو قول أبي حنيفة رحمه الله.

هذا ما تيسّر في هذا المقام (3).

(1) فتح القدير (3/ 111).

(2)

الآثار (1/ 219) رقم (169). وانظر الآثار لأبي يوسف (1/ 286) رقم (278).

(3)

قال ابن الهمام في فتح القدير (3/ 111 - 112): (قوله: والقياس أن لا قضاء عليه إذا استوعب وقت صلاةٍ) وبه قال الشّافعيّ ومالكٌ، واستدلا بما روى الدّارقطنيّ عن عائشة رضي الله عنها: أنّها سألته عليه الصلاة والسلام عن الرّجل يغمى عليه فيترك الصّلاة؟ فقال: "ليس لشيءٍ من ذلك قضاءٌ إلا أن يغمى عليه في وقت صلاةٍ فيفيق فيه فإنّه يصلّيها". وهذا ضعيفٌ جدًّا، ففيه الحكم بن عبد الله بن سعدٍ الأيليّ. قال أحمد: أحاديثه موضوعةٌ. وقال ابن معينٍ: ليس بثقةٍ ولا مأمونٍ. وكذّبه أبو حاتمٍ وغيره، وقال البخاريّ: تركوه. ثمّ بقية السّند إلى الحكم هذا مظلمٌ كلّه. وقالت الحنابلة: يقضي ما فاته، وإن كان أكثر من ألف صلاةٍ؛ لأنّه مرضٌ، وتوسّط أصحابنا =

ص: 726

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= فقالوا: إن كان أكثر من يومٍ وليلةٍ سقط القضاء، وإلّا وجب، والزّيادة على يومٍ وليلةٍ من حيث السّاعات. وهو روايةٌ عن أبي حنيفة، فإذا زاد على الدّورة ساعةٌ سقط. وعند محمّدٍ من حيث الأوقات فإذا زاد على ذلك وقت صلاةٍ كاملٌ سقط، وإلّا لا، وهو الأصحّ تخريجًا على ما مرّ في قضاء الفوائت، وإن كان محمّدٌ قال هناك بقولهما فكلٌّ من الثّلاثة مطالبٌ بالفرق إلا أنّهما يجيبان هنا بالتمسّك بالأثر عن عليٍّ وابن عمر على ما في الكتاب، لكنّ المذكور عن ابن عمر في كتب الحديث من رواية محمّد بن الحسن، عن أبي حنيفة، عن حمّاد بن أبي سليمان، عن إبراهيم النّخعيّ، عن ابن عمر أنّه قال في الّذي يغمى عليه يومًا وليلةً؟ قال: يقضي. وقال عبد الرّزّاق: أخبرنا الثّوريّ، عن ابن أبي ليلى، عن نافع، أنّ ابن عمر أغمي عليه شهرًا فلم يقض ما فاته.

وروى إبراهيم الحربيّ في آخر كتابه غريب الحديث: حدّثنا أحمد بن يونس، حدّثنا زائدة، عن عبيد الله، عن نافعٍ قال: أغمي على عبد الله بن عمر يومًا وليلةً فأفاق فلم يقض ما فاته واستقبل.

وفي كتب الفقه عنه: أنّه أغمي عليه أكثر من يومٍ وليلةٍ فلم يقض. وفي بعضها نصّ عليه، فقال: أغمي عليه ثلاثة أيّامِ فلم يقض. فقد رأيت ما هنا عن ابن عمر وشيء منها لا يدل على أنّ المعتبر في الزّيادة السّاعات إلا ما يتخايل من قوله أكثر من يومٍ وليلةٍ، وكلٌّ من روايتي الشّهر والثّلاثة الأيّام يصلح مفسّرًا لذلك الأكثر، ولو لم يكن وجب كون المراد به خاصًّا من الزّيادة؛ لأن المراد به ما دخل في الوجود ولا عموم فيه، وحمله على كون الأكثريّة بالسّاعة ليس بأولى من كونها وقتًا.

وأمّا الرّواية عن عليٍّ فلم تعرف في كتب الحديث، والمذكور عنه في الفقه أنّه أغمي عليه أربع صلواتٍ فقضاهنّ، وأهل الحديث يروون هذا عن عمّارٍ، وروى الدّارقطنيّ عن يزيد مولى عمّار بن ياسرٍ: أن عمّار بن ياسرٍ أغمي عليه في الظّهر والعصر والمغرب والعشاء وأفاق نصف اللّيل فقضاهنّ.

قال الشّافعيّ رحمه الله: ليس هذا بثابتٍ عن عمّارٍ، ولو ثبت فمحمولٌ على الاستحباب. =

ص: 727

والحمدُ لله ثانيًا. وصلّى الله على سيّدنا محمّدٍ وآله وصحبه.

= وفرّق بين الإغماء والنّوم بأنّه عن اختيارٍ، بخلاف الإغماء.

وجه قولنا: أنّ الإغماء مرضٌ يعجز به صاحب العقل عن استعماله مع قيامه حقيقةً فلا ينافي أهليّة الوجوب، بل الاختيار؛ لأنّه إنمّا يوجب خللًا في القدرة، وذلك يوجب التأخير لا سقوط أصل.

ص: 728