الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَالْأَوَّلَانِ: صَبْرٌ عَلَى مَا يَتَعَلَّقُ بِالْكَسْبِ. وَالثَّالِثُ: صَبْرٌ عَلَى مَا لَا كَسْبَ لِلْعَبْدِ فِيهِ.
وَسَمِعْتُ شَيْخَ الْإِسْلَامِ ابْنَ تَيْمِيَّةَ - قَدَّسَ اللَّهُ رَوْحَهُ - يَقُولُ: كَانَ صَبْرُ يُوسُفَ عَنْ مُطَاوَعَةِ امْرَأَةِ الْعَزِيزِ عَلَى شَأْنِهَا: أَكْمَلُ مِنْ صَبْرِهِ عَلَى إِلْقَاءِ إِخْوَتِهِ لَهُ فِي الْجُبِّ، وَبَيْعِهِ وَتَفْرِيقِهِمْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَبِيهِ. فَإِنَّ هَذِهِ أُمُورٌ جَرَتْ عَلَيْهِ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ، لَا كَسْبَ لَهُ فِيهَا، لَيْسَ لِلْعَبْدِ فِيهَا حِيلَةٌ غَيْرَ الصَّبْرِ، وَأَمَّا صَبْرُهُ عَنِ الْمَعْصِيَةِ: فَصَبْرُ اخْتِيَارٍ وَرِضًا وَمُحَارَبَةٍ لِلنَّفْسِ. وَلَا سِيَّمَا مَعَ الْأَسْبَابِ الَّتِي تَقْوَى مَعَهَا دَوَاعِي الْمُوَافَقَةِ. فَإِنَّهُ كَانَ شَابًّا، وَدَاعِيَةُ الشَّبَابِ إِلَيْهَا قَوِيَّةٌ. وَعَزَبًا لَيْسَ لَهُ مَا يُعَوِّضُهُ وَيَرُدُّ شَهْوَتَهُ. وَغَرِيبًا، وَالْغَرِيبُ لَا يَسْتَحِي فِي بَلَدِ غُرْبَتِهِ مِمَّا يَسْتَحِي مِنْهُ مَنْ بَيْنَ أَصْحَابِهِ وَمَعَارِفِهِ وَأَهْلِهِ. وَمَمْلُوكًا، وَالْمَمْلُوكُ أَيْضًا لَيْسَ وَازِعُهُ كَوَازِعِ الْحُرِّ. وَالْمَرْأَةُ جَمِيلَةٌ، وَذَاتُ مَنْصِبٍ. وَهِيَ سَيِّدَتُهُ. وَقَدْ غَابَ الرَّقِيبُ. وَهِيَ الدَّاعِيَةُ لَهُ إِلَى نَفْسِهَا. وَالْحَرِيصَةُ عَلَى ذَلِكَ أَشَدَّ الْحِرْصِ، وَمَعَ ذَلِكَ تَوَعَّدَتْهُ إِنْ لَمْ يَفْعَلْ بِالسِّجْنِ وَالصَّغَارِ. وَمَعَ هَذِهِ الدَّوَاعِي كُلِّهَا صَبَرَ اخْتِيَارًا، وَإِيثَارًا لِمَا عِنْدَ اللَّهِ. وَأَيْنَ هَذَا مِنْ صَبْرِهِ فِي الْجُبِّ عَلَى مَا لَيْسَ مِنْ كَسْبِهِ؟
وَكَانَ يَقُولُ: الصَّبْرُ عَلَى أَدَاءِ الطَّاعَاتِ: أَكْمَلُ مِنَ الصَّبْرِ عَلَى اجْتِنَابِ الْمُحَرَّمَاتِ وَأَفْضَلُ; فَإِنَّ مَصْلَحَةَ فِعْلِ الطَّاعَةِ أَحَبُّ إِلَى الشَّارِعِ مِنْ مَصْلَحَةِ تَرْكِ الْمَعْصِيَةِ. وَمُفْسِدَةُ عَدَمِ الطَّاعَةِ: أَبْغَضُ إِلَيْهِ وَأَكْرَهُ مِنْ مَفْسَدَةِ وُجُودِ الْمَعْصِيَةِ.
وَلَهُ رحمه الله فِي ذَلِكَ مُصَنَّفٌ قَرَّرَهُ فِيهِ بِنَحْوٍ مِنْ عِشْرِينَ وَجْهًا. لَيْسَ هَذَا مَوْضِعَ ذِكْرِهَا.
وَالْمَقْصُودُ: الْكَلَامُ عَلَى الصَّبْرِ وَحَقِيقَتِهِ وَدَرَجَاتِهِ وَمَرْتَبَتِهِ. وَاللَّهُ الْمُوَفِّقُ.
[فَصْلٌ أَنْوَاعُ الصَّبْرِ]
[الصَّبْرُ بِاللَّهِ وَلِلَّهِ وَمَعَ اللَّهِ]
فَصْلٌ أَنْوَاعُ الصَّبْرِ
وَهُوَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَنْوَاعٍ: صَبْرٌ بِاللَّهِ. وَصَبْرٌ لِلَّهِ. وَصَبْرٌ مَعَ اللَّهِ.
فَالْأَوَّلُ: صَبْرُ الِاسْتِعَانَةِ بِهِ، وَرُؤْيَتُهُ أَنَّهُ هُوَ الْمُصَبِّرُ، وَأَنَّ صَبْرَ الْعَبْدِ بِرَبِّهِ لَا بِنَفْسِهِ. كَمَا قَالَ تَعَالَى:{وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ} [النحل: 127] يَعْنِي إِنْ لَمْ يُصَبِّرْكَ هُوَ لَمْ تَصْبِرْ.
وَالثَّانِي: الصَّبْرُ لِلَّهِ. وَهُوَ أَنْ يَكُونَ الْبَاعِثُ لَهُ عَلَى الصَّبْرِ مَحَبَّةَ اللَّهِ، وَإِرَادَةَ وَجْهِهِ. وَالتَّقَرُّبَ إِلَيْهِ. لَا لِإِظْهَارِهِ قُوَّةَ النَّفْسِ، وَالِاسْتِحْمَادَ إِلَى الْخَلْقِ، وَغَيْرَ ذَلِكَ مِنَ الْأَعْرَاضِ.
وَالثَّالِثُ: الصَّبْرُ مَعَ اللَّهِ. وَهُوَ دَوَرَانُ الْعَبْدِ مَعَ مُرَادِ اللَّهِ الدِّينِيِّ مِنْهُ. وَمَعَ أَحْكَامِهِ الدِّينِيَّةِ. صَابِرًا نَفْسَهُ مَعَهَا، سَائِرًا بِسَيْرِهَا. مُقِيمًا بِإِقَامَتِهَا. يَتَوَجَّهُ مَعَهَا أَيْنَ تَوَجَّهَتْ رَكَائِبُهَا. وَيَنْزِلُ مَعَهَا أَيْنَ اسْتَقَلَّتْ مَضَارِبُهَا.
فَهَذَا مَعْنَى كَوْنِهِ صَابِرًا مَعَ اللَّهِ؛ أَيْ قَدْ جَعَلَ نَفْسَهُ وَقْفًا عَلَى أَوَامِرِهِ وَمَحَابِّهِ. وَهُوَ أَشَدُّ أَنْوَاعِ الصَّبْرِ وَأَصْعَبِهَا. وَهُوَ صَبْرُ الصِّدِّيقِينَ.
قَالَ الْجُنَيْدُ: الْمَسِيرُ مِنَ الدُّنْيَا إِلَى الْآخِرَةِ سَهْلٌ هَيِّنٌ عَلَى الْمُؤْمِنِ. وَهِجْرَانُ الْخَلْقِ فِي جَنْبِ اللَّهِ شَدِيدٌ، وَالْمَسِيرُ مِنَ النَّفْسِ إِلَى اللَّهِ صَعْبٌ شَدِيدٌ. وَالصَّبْرُ مَعَ اللَّهِ أَشَدُّ.
وَسُئِلَ عَنِ الصَّبْرِ؟ فَقَالَ: تَجَرُّعُ الْمَرَارَةِ مِنْ غَيْرِ تَعَبُّسٍ.
قَالَ ذُو النُّونِ الْمِصْرِيُّ: الصَّبْرُ: التَّبَاعُدُ مِنَ الْمُخَالَفَاتِ. وَالسُّكُونُ عِنْدَ تَجَرُّعِ غُصَصِ الْبَلِيَّةِ. وَإِظْهَارُ الْغِنَى مَعَ حُلُولِ الْفَقْرِ بِسَاحَاتِ الْمَعِيشَةِ.
وَقِيلَ: الصَّبْرُ: الْوُقُوفُ مَعَ الْبَلَاءِ بِحُسْنِ الْأَدَبِ.
وَقِيلَ: هُوَ الْفَنَاءُ فِي الْبَلْوَى، بِلَا ظُهُورٍ وَلَا شَكْوَى.
وَقِيلَ: تَعْوِيدُ النَّفْسِ الْهُجُومَ عَلَى الْمَكَارِهِ.
وَقِيلَ: الْمُقَامُ مَعَ الْبَلَاءِ بِحُسْنِ الصُّحْبَةِ، كَالْمُقَامِ مَعَ الْعَافِيَةِ.
وَقَالَ عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ: هُوَ الثَّبَاتُ مَعَ اللَّهِ، وَتَلَقِّي بَلَائِهِ بِالرَّحْبِ وَالدَّعَةِ.
وَقَالَ الْخَوَّاصُ: هُوَ الثَّبَاتُ عَلَى أَحْكَامِ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ.
وَقَالَ يَحْيَى بْنُ مُعَاذٍ: صَبْرُ الْمُحِبِّينَ أَشَدُّ مِنْ صَبْرِ الزَّاهِدِينَ. وَاعَجَبًا! كَيْفَ يَصْبِرُونَ؟ وَأَنْشَدَ:
وَالصَّبْرُ يَجْمُلُ فِي الْمَوَاطِنِ كُلِّهَا
…
إِلَّا عَلَيْكَ فَإِنَّهُ لَا يَجْمُلُ
وَقِيلَ: الصَّبْرُ هُوَ الِاسْتِعَانَةُ بِاللَّهِ.
وَقِيلَ: هُوَ تَرْكُ الشَّكْوَى.
وَقِيلَ:
الصَّبْرُ مِثْلُ اسْمِهِ، مُرٌّ مَذَاقَتُهُ،
…
لَكِنَّ عَوَاقِبَهُ أَحْلَى مِنَ الْعَسَلِ
وَقِيلَ: الصَّبْرُ أَنْ تَرْضَى بِتَلَفِ نَفْسِكَ فِي رِضَا مَنْ تُحِبُّهُ. كَمَا قِيلَ:
سَأَصْبِرُ كَيْ تَرْضَى وَأَتْلَفَ حَسْرَةً
…
وَحَسَبِي أَنْ تَرْضَى وَيُتْلِفَنِي صَبْرِي
وَقِيلَ: مَرَاتِبُ الصَّابِرِينَ خَمْسَةٌ: صَابِرٌ، وَمُصْطَبِرٌ، وَمُتَصَبِّرٌ، وَصَبُورٌ، وَصَبَّارٌ، فَالصَّابِرُ: أَعَمُّهَا، وَالْمُصْطَبِرُ: الْمُكْتَسِبُ الصَّبْرَ الْمَلِيءُ بِهِ. وَالْمُتَصَبِّرُ: الْمُتَكَلِّفُ حَامِلٌ نَفْسَهُ عَلَيْهِ. وَالصَّبُورُ: الْعَظِيمُ الصَّبْرِ الَّذِي صَبْرُهُ أَشَدُّ مِنْ صَبْرِ غَيْرِهِ. وَالصَّبَّارُ: الْكَثِيرُ الصَّبْرِ. فَهَذَا فِي الْقَدْرِ وَالْكَمِّ. وَالَّذِي قَبْلَهُ فِي الْوَصْفِ وَالْكَيْفِ.
وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه: الصَّبْرُ مَطِيَّةٌ لَا تَكْبُو.
وَقَفَ رَجُلٌ عَلَى الشِّبْلِيِّ. فَقَالَ: أَيُّ صَبْرٍ أَشَدُّ عَلَى الصَّابِرِينَ؟ فَقَالَ: الصَّبْرُ فِي اللَّهِ. قَالَ السَّائِلُ: لَا. فَقَالَ: الصَّبْرُ لِلَّهِ. فَقَالَ: لَا. فَقَالَ: الصَّبْرُ مَعَ اللَّهِ. فَقَالَ: لَا. قَالَ الشِّبْلِيُّ: فَإِيشْ هُوَ؟ قَالَ: الصَّبْرُ عَنِ اللَّهِ. فَصَرَخَ الشِّبْلِيُّ صَرْخَةً كَادَتْ رُوحُهُ تَتْلَفَ.
وَقَالَ الْجَرِيرِيُّ: الصَّبْرُ أَنْ لَا يُفَرَّقُ بَيْنَ حَالِ النِّعْمَةِ وَحَالِ الْمَحَبَّةِ، مَعَ سُكُونِ الْخَاطِرِ فِيهِمَا. وَالتَّصَبُّرُ: هُوَ السُّكُونُ مَعَ الْبَلَاءِ، مَعَ وِجْدَانِ أَثْقَالِ الْمِحْنَةِ.
قَالَ أَبُو عَلِيٍّ الدَّقَّاقُ: فَازَ الصَّابِرُونَ بِعِزِّ الدَّارَيْنِ؛ لِأَنَّهُمْ نَالُوا مِنَ اللَّهِ مَعِيَّتَهُ. فَإِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ.
وَقِيلَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا} [آل عمران: 200] . إِنَّهُ انْتِقَالٌ مِنَ الْأَدْنَى إِلَى الْأَعْلَى. فَالصَّبْرُ دُونَ الْمُصَابَرَةِ. وَالْمُصَابَرَةُ دُونَ الْمُرَابَطَةِ وَالْمُرَابَطَةُ مُفَاعَلَةٌ مِنَ الرَّبْطِ وَهُوَ الشَّدُّ. وَسُمِّي الْمُرَابِطُ مُرَابِطًا لِأَنَّ الْمُرَابِطِينَ يَرْبِطُونَ خُيُولَهُمْ يَنْتَظِرُونَ الْفَزَعَ. ثُمَّ قِيلَ لِكُلِّ مُنْتَظِرٍ قَدْ رَبَطَ نَفْسَهُ لِطَاعَةٍ يَنْتَظِرُهَا: مُرَابِطٌ. وَمِنْهُ قَوْلُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: «أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِمَا يَمْحُو اللَّهُ بِهِ الْخَطَايَا، وَيَرْفَعُ بِهِ الدَّرَجَاتِ؟ إِسْبَاغُ الْوُضُوءِ عَلَى الْمَكَارِهِ، وَكَثْرَةُ الْخُطَى إِلَى الْمَسَاجِدِ، وَانْتِظَارُ الصَّلَاةِ بَعْدَ الصَّلَاةِ، فَذَلِكُمُ الرِّبَاطُ، فَذَلِكُمُ الرِّبَاطُ» .
وَقَالَ: «رِبَاطُ يَوْمٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ: خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا» .
وَقِيلَ: اصْبِرُوا بِنُفُوسِكُمْ عَلَى طَاعَةِ اللَّهِ. وَصَابِرُوا بِقُلُوبِكُمْ عَلَى الْبَلْوَى فِي اللَّهِ. وَرَابِطُوا بِأَسْرَارِكُمْ عَلَى الشَّوْقِ إِلَى اللَّهِ.
وَقِيلَ: اصْبِرُوا فِي اللَّهِ. وَصَابِرُوا بِاللَّهِ. وَرَابِطُوا مَعَ اللَّهِ.
وَقِيلَ: اصْبِرُوا عَلَى النَّعْمَاءِ. وَصَابِرُوا عَلَى الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ. وَرَابِطُوا فِي دَارِ الْأَعْدَاءِ. وَاتَّقَوْا إِلَهَ الْأَرْضِ وَالسَّمَاءِ. لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ فِي دَارِ الْبَقَاءِ.
فَالصَّبْرُ مَعَ نَفْسِكَ، وَالْمُصَابَرَةُ بَيْنَكَ وَبَيْنَ عَدُوِّكَ، وَالْمُرَابَطَةُ الثَّبَاتُ وَإِعْدَادُ الْعُدَّةِ. وَكَمَا أَنَّ الرِّبَاطَ لُزُومُ الثَّغْرِ لِئَلَّا يَهْجُمَ مِنْهُ الْعَدُوُّ. فَكَذَلِكَ الرِّبَاطُ أَيْضًا لُزُومُ ثَغْرِ الْقَلْبِ لِئَلَّا يَهْجُمَ عَلَيْهِ الشَّيْطَانُ، فَيَمْلِكَهُ وَيُخَرِّبَهُ أَوْ يُشَعِّثَهُ.
وَقِيلَ: تَجَرَّعِ الصَّبْرَ، فَإِنْ قَتَلَكَ قَتَلَكَ شَهِيدًا. وَإِنْ أَحْيَاكَ أَحْيَاكَ عَزِيزًا.
وَقِيلَ: الصَّبْرُ لِلَّهِ غِنَاءٌ. وَبِاللَّهِ تَعَالَى بَقَاءٌ. وَفِي اللَّهِ بَلَاءٌ. وَمَعَ اللَّهِ وَفَاءٌ. وَعَنِ اللَّهِ جَفَاءٌ. وَالصَّبْرُ عَلَى الطَّلَبِ عُنْوَانُ الظَّفَرِ. وَفِي الْمِحَنِ عُنْوَانُ الْفَرَجِ.
وَقِيلَ: حَالُ الْعَبْدِ مَعَ اللَّهِ رِبَاطُهُ. وَمَا دُونَ اللَّهِ أَعْدَاؤُهُ.
وَفِي كِتَابِ الْأَدَبِ لِلْبُخَارِيِّ «سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ الْإِيمَانِ؟ فَقَالَ: الصَّبْرُ، وَالسَّمَاحَةُ» . ذَكَرَهُ عَنْ مُوسَى بْنِ إِسْمَاعِيلَ. قَالَ: حَدَّثَنَا سُوَيْدٌ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ فَذَكَرَهُ.
وَهَذَا مِنْ أَجْمَعِ الْكَلَامِ وَأَعْظَمِهِ بُرْهَانًا، وَأَوْعَبِهِ لِمَقَامَاتِ الْإِيمَانِ مِنْ أَوَّلِهَا إِلَى آخِرِهَا.
فَإِنَّ النَّفْسَ يُرَادُ مِنْهَا شَيْئَانِ: بَذْلُ مَا أُمِرَتْ بِهِ، وَإِعْطَاؤُهُ. فَالْحَامِلُ عَلَيْهِ: