الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَفِي أَثَرٍ آخَرَ إِسْرَائِيلِيٍّ: أَنَّ مُوسَى صلى الله عليه وسلم قَالَ يَا رَبِّ، خَلَقْتَ آدَمَ بِيَدِكَ. وَنَفَخْتَ فِيهِ مِنْ رُوحِكَ. وَأَسْجَدْتَ لَهُ مَلَائِكَتَكَ. وَعَلَّمْتَهُ أَسْمَاءَ كُلِّ شَيْءٍ. وَفَعَلْتَ وَفَعَلْتَ. فَكَيْفَ شَكَرَكَ؟ قَالَ اللَّهُ عز وجل: عَلِمَ أَنَّ ذَلِكَ مِنِّي. فَكَانَتْ مَعْرِفَتُهُ بِذَلِكَ شُكْرًا لِي.
وَقِيلَ: الشُّكْرُ التَّلَذُّذُ بِثَنَائِهِ، عَلَى مَا لَمْ تَسْتَوْجِبْ مِنْ عَطَائِهِ.
وَقَالَ الْجُنَيْدُ - وَقَدْ سَأَلَهُ سَرِيٌّ عَنِ الشُّكْرِ، وَهُوَ صَبِيٌّ - الشُّكْرُ: أَنْ لَا يُسْتَعَانَ بِشَيْءٍ مِنْ نِعَمِ اللَّهِ عَلَى مَعَاصِيهِ. فَقَالَ: مِنْ أَيْنَ لَكَ هَذَا؟ قَالَ: مِنْ مُجَالَسَتِكَ.
وَقِيلَ: مَنْ قَصُرَتْ يَدَاهُ عَنِ الْمُكَافَآتِ فَلْيَطُلْ لِسَانُهُ بِالشُّكْرِ.
وَالشُّكْرُ مَعَهُ الْمَزِيدُ أَبَدًا. لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ} [إبراهيم: 7] فَمَتَى لَمْ تَرَ حَالَكَ فِي مَزِيدٍ. فَاسْتَقْبِلِ الشُّكْرَ.
وَفِي أَثَرٍ إِلَهِيٍّ: يَقُولُ اللَّهُ عز وجل «أَهْلُ ذِكْرِي أَهْلُ مُجَالَسَتِي، وَأَهْلُ شُكْرِي أَهْلُ زِيَادَتِي، وَأَهْلُ طَاعَتِي أَهْلُ كَرَامَتِي، وَأَهْلُ مَعْصِيَتِي لَا أُقَنِّطُهُمْ مِنْ رَحْمَتِي. إِنْ تَابُوا فَأَنَا حَبِيبُهُمْ، وَإِنْ لَمْ يَتُوبُوا فَأَنَا طَبِيبُهُمْ. أَبْتَلِيهِمْ بِالْمَصَائِبِ، لِأُطَهِّرَهُمْ مِنَ الْمَعَايِبِ» .
وَقِيلَ: مَنْ كَتَمَ النِّعْمَةَ فَقَدْ كَفَرَهَا. وَمَنْ أَظْهَرَهَا وَنَشَرَهَا فَقَدْ شَكَرَهَا.
وَهَذَا مَأْخُوذٌ مِنْ قَوْلِهِ: صلى الله عليه وسلم «إِنَّ اللَّهَ إِذَا أَنْعَمَ عَلَى عَبْدٍ بِنِعْمَةٍ أَحَبَّ أَنْ يَرَى أَثَرَ نِعْمَتِهِ عَلَى عَبْدِهِ» .
وَفِي هَذَا قِيلَ:
وَمِنَ الرَّزِيَّةِ أَنَّ شُكْرِيَ صَامِتٌ
…
عَمَّا فَعَلْتَ وَأَنَّ بِرَّكَ نَاطِقُ
وَأَرَى الصَّنِيعَةَ مِنْكَ ثُمَّ أُسِرُّهَا
…
إِنِّي إِذًا لِنَدَى الْكَرِيمِ لَسَارِقُ
[فَصْلٌ الْفَرْقُ بَيْنَ الْحَمْدِ وَالشُّكْرِ]
فَصْلٌ
وَتَكَلَّمَ النَّاسُ فِي الْفَرْقِ بَيْنَ الْحَمْدِ وَالشُّكْرِ أَيُّهُمَا أَعْلَى وَأَفْضَلُ؟ وَفِي الْحَدِيثِ «الْحَمْدُ رَأَسُ الشُّكْرِ، فَمَنْ لَمْ يَحْمَدِ اللَّهَ لَمْ يَشْكُرْهُ» .