الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ، وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى:{وَلَا تَكُنْ مِنَ الْغَافِلِينَ} [الأعراف: 205] وَلَمْ يَقُلْ: وَلَا تَكُنْ مِنَ النَّاسِينَ، فَإِنَّ النِّسْيَانَ لَا يَدْخُلُ تَحْتَ التَّكْلِيفِ فَلَا يَنْهَى عَنْهُ.
[دَرَجَاتُ الذِّكْرِ]
[الدَّرَجَةُ الْأُولَى الذِّكْرُ الظَّاهِرُ]
قَالَ: وَهُوَ عَلَى ثَلَاثِ دَرَجَاتٍ، الدَّرَجَةُ الْأُولَى: الذِّكْرُ الظَّاهِرُ مِنْ: ثَنَاءٍ أَوْ دُعَاءٍ أَوْ رِعَايَةٍ.
يُرِيدُ بِالظَّاهِرِ: الْجَارِيَ عَلَى اللِّسَانِ الْمُطَابِقَ لِلْقَلْبِ، لَا مُجَرَّدَ الذِّكْرِ اللِّسَانِيِّ، فَإِنَّ الْقَوْمَ لَا يَعْتَدُّونَ بِهِ.
فَأَمَّا ذِكْرُ الثَّنَاءِ: فَنَحْوُ: سُبْحَانَ اللَّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاللَّهُ أَكْبَرُ، وَأَمَّا ذِكْرُ الدُّعَاءِ فَنَحْوُ:{رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [الأعراف: 23] وَ: يَا حَيُّ يَا قَيُّومُ بِرَحْمَتِكَ أَسْتَغِيثُ. وَنَحْوَ ذَلِكَ.
وَأَمَّا ذِكْرُ الرِّعَايَةِ: فَمِثْلُ قَوْلِ الذَّاكِرِ: اللَّهُ مَعِي وَاللَّهُ نَاظِرٌ إِلَيَّ، اللَّهُ شَاهِدِي. وَنَحْوُ ذَلِكَ مِمَّا يُسْتَعْمَلُ لِتَقْوِيَةِ الْحُضُورِ مَعَ اللَّهِ، وَفِيهِ رِعَايَةٌ لِمَصْلَحَةِ الْقَلْبِ وَلِحِفْظِ الْأَدَبِ مَعَ اللَّهِ وَالتَّحَرُّزِ مِنَ الْغَفْلَةِ وَالِاعْتِصَامِ مِنَ الشَّيْطَانِ وَالنَّفْسِ.
وَالْأَذْكَارُ النَّبَوِيَّةُ تَجْمَعُ الْأَنْوَاعَ الثَّلَاثَةَ، فَإِنَّهَا مُتَضَمِّنَةٌ لِلثَّنَاءِ عَلَى اللَّهِ وَالتَّعَرُّضِ لِلدُّعَاءِ وَالسُّؤَالِ وَالتَّصْرِيحِ بِهِ، كَمَا فِي الْحَدِيثِ:«أَفْضَلُ الدُّعَاءِ الْحَمْدُ لِلَّهِ» قِيلَ لِسُفْيَانَ بْنَ عُيَيْنَةَ: كَيْفَ جَعَلَهَا دُعَاءً قَالَ: أَمَا سَمِعْتَ قَوْلَ أُمَيَّةَ بْنِ أَبِي الصَّلْتِ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ جُدْعَانَ يَرْجُو نَائِلَهُ:
أَأَذْكُرُ حَاجَتِي أَمْ قَدْ كَفَانِي
…
حَيَاؤُكَ إِنَّ شِيمَتَكَ الْحِيَاءُ
إِذَا أَثْنَى عَلَيْكَ الْمَرْءُ يَوْمًا
…
كَفَاهُ مِنْ تَعَرُّضِهِ الثَّنَاءُ
فَهَذَا مَخْلُوقٌ وَاكْتَفَى مِنْ مَخْلُوقٍ بِالثَّنَاءِ عَلَيْهِ مِنْ سُؤَالِهِ، فَكَيْفَ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ؟ .
وَالْأَذْكَارُ النَّبَوِيَّةُ مُتَضَمِّنَةٌ أَيْضًا لِكَمَالِ الرِّعَايَةِ وَمَصْلَحَةِ الْقَلْبِ وَالتَّحَرُّزِ مِنَ