الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سورة الكافرون
في السورة أمر للنبي صلى الله عليه وسلم بإعلان الكفار أنه لا يعبد ما يعبدون، ولهم إذا شاءوا أن يظلوا على ما هم عليه فلا يعبدون ما يعبد، ولكل من الفريقين دينه، وقد تضمنت مبدأ حرية التدين الذي ظلت الآيات القرآنية تقرره في المكي منها والمدني.
ولقد روى الترمذي عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من قرأ إذا زلزلت عدلت له بنصف القرآن ومن قرأ قل يا أيّها الكافرون عدلت له بربع القرآن ومن قرأ قل هو الله أحد عدلت له بثلث القرآن» «1» . وروى الترمذي عن أنس أيضا: «أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لرجل من أصحابه هل تزوّجت يا فلان قال لا والله يا رسول الله ولا عندي ما أتزوّج به، قال: أليس معك قل هو الله أحد، قال: بلى، قال: ثلث القرآن، قال: أليس معك إذا جاء نصر الله والفتح، قال: بلى، قال: ربع القرآن، قال: أليس معك قل يا أيّها الكافرون، قال: بلى، قال: ربع القرآن. قال: أليس معك إذا زلزلت، قال: بلى، قال: ربع القرآن، تزوّج تزوّج» «2» .
ومن الحكمة الملموحة في الحديثين التنويه والترغيب والتيسير، والله تعالى أعلم.
بسم الله الرحمن الرحيم
[سورة الكافرون (109) : الآيات 1 الى 6]
بسم الله الرحمن الرحيم
قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ (1) لا أَعْبُدُ ما تَعْبُدُونَ (2) وَلا أَنْتُمْ عابِدُونَ ما أَعْبُدُ (3) وَلا أَنا عابِدٌ ما عَبَدْتُّمْ (4)
وَلا أَنْتُمْ عابِدُونَ ما أَعْبُدُ (5) لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ (6)
(1) التاج ج 4 ص 21.
(2)
المصدر نفسه.
في الآيات أمر للنبي صلى الله عليه وسلم بأن يعلن جاحدي رسالته بخطته بالنسبة لدينهم وعبادتهم. وبأن لهم إذا شاءوا أن يسيروا على نفس الخطة فهو يعبد غير ما يعبدون. ويخضع لغير ما يخضعون، ويتجه إلى غير ما يتجهون. وهو مسؤول عن تبعة موقفه، وهم مسؤولون عن تبعة موقفهم، ولكل من الفريقين دينه الذي ارتضاه لنفسه.
وقد روي أن السورة نزلت بمناسبة مراجعة بعض زعماء قريش للنبي صلى الله عليه وسلم وطلبهم التشارك في عبادة الآلهة، فيصلي إلى آلهتهم ويصلون إلى إلهه، ويحترم آلهتهم ويحترمون إلهه إلى أن يتحقق الفريقان أيّ الدينين خير فيتبعونه «1» .
والرواية محتملة الصحة على ما تلهمه روح الآيات، ويؤيدها آية سورة القلم: وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ (9) التي مر تفسيرها قبل في سياق السورة المذكورة.
على أن من المحتمل أيضا أن تكون نزلت بمناسبة موقف حجاجي بين النبي صلى الله عليه وسلم والكفار، ظل هؤلاء معاندين مكابرين فيه فنزلت لإنهاء الموقف. وقد تكرر مثل ذلك في مواقف ومناسبات مماثلة كما جاء في آية سورة يونس هذه:
وَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقُلْ لِي عَمَلِي وَلَكُمْ عَمَلُكُمْ أَنْتُمْ بَرِيئُونَ مِمَّا أَعْمَلُ وَأَنَا بَرِيءٌ مِمَّا تَعْمَلُونَ (41) وفي آية سورة يونس هذه أيضا: قُلْ يا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جاءَكُمُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنِ اهْتَدى فَإِنَّما يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّما يَضِلُّ عَلَيْها وَما أَنَا عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ (108) وفي آية سورة الكهف هذه: وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شاءَ فَلْيَكْفُرْ [29] وفي آيات سورة سبأ هذه: قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ
(1) انظر تفسيرها في تفسير الطبري وابن كثير والطبرسي وغيرهم.