الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أعماركم في أعمار من مضى إلّا كما بقي من النهار فيما مضى» «1» . وحديث رواه الإمام أحمد عن بهز قال: «خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فحمد الله تعالى وأثنى عليه ثم قال أمّا بعد فإنّ الدنيا قد آذنت بصرم وولّت حذّاء ولم يبق منها إلّا صبابة كصبابة الإناء يتصابّها صاحبها. وإنّكم منتقلون منها إلى دار لا زوال لها فانتقلوا منها بخير ما يحضرنكم فإنه قد ذكر لنا أن الحجر يلقى من شفير جهنّم فيهوي فيها سبعين عاما ما يدرك لها قعرا. والله لتملؤنّه. أفعجبتم والله لقد ذكر لنا أن ما بين مصرعي الجنة مسيرة أربعين عاما وليأتينّ عليه يوم وهو كظيظ الزّحام» «2» .
وهذا أمر مغيّب لا مجال للتخمين والتزيد فيه. والإيمان بما جاء في الآيات والأحاديث الثابتة واجب مع الوقوف عند ذلك. وقد يلمح من الحديث الأخير أن الحكمة من الإيذان بذلك هي حثّ الناس على تقوى الله وصالح الأعمال. والله سبحانه وتعالى أعلم.
وهناك أحاديث عديدة أخرى في علامات الساعة وأشراطها سنوردها ونعلّق عليها في مناسبات أكثر ملاءمة إن شاء الله.
شرح لكلمة (الحكمة) ومعانيها في القرآن
وبمناسبة ورود هذه الكلمة لأول مرة في هذه السورة نذكر أن هذه الكلمة تكررت كثيرا في مناسبات متنوعة. وأصل الكلمة من «حكم» بمعنى فصل وقضى وبتّ وضبط. وقد جاءت في القرآن وفي اللغة العربية بالتالي لتعبر عن معان عديدة أخرى وإن لم تبتعد عن هذا الأصل حيث صارت تعبر عن كل قول وفعل وشيء يكون فيه صواب وسداد وحق وهدى وبرّ ومعروف وضبط وإتقان. ويكون بعيدا عن الطيش والرعونة والغلظة والجفاء والبغي والضرر والباطل. وفي سورتي
(1) النص من تفسير ابن كثير.
(2)
المصدر نفسه.
الإسراء ولقمان وسلسلتان من الآيات فيها وصايا وأوامر ونواه إيمانية وأخلاقية واجتماعية وسلوكية رائعة إحداهما من الله تعالى مباشرة وثانيتهما على لسان لقمان. وكلتاهما وصفتا بالحكمة. حيث جاء في آخر سلسلة الإسراء ذلِكَ مِمَّا أَوْحى إِلَيْكَ رَبُّكَ مِنَ الْحِكْمَةِ [39] وفي أول سلسلة سورة لقمان وَلَقَدْ آتَيْنا لُقْمانَ الْحِكْمَةَ [12] وكل ما في هاتين السلسلتين هو في نطاق المعاني المذكورة. وفي سورة النحل جاءت الكلمة في معرض رسم خطة للنبي صلى الله عليه وسلم في الدعوة إلى سبيل الله كما ترى في هذه الآية: ادْعُ إِلى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ [125] حيث يفيد هذا النصّ أن الحكمة هي البعد عن الجفاء والغلظة واللجاج والتزام العقل والمنطق وحسن العرض والنية. وهو ما يتصل بالمعاني المذكورة أيضا.
وهناك آيات تذكر ما آتاه الله سبحانه لأنبيائه من الحكمة وإرسالهم للناس بها وتعليمهم إياها للناس إلى جانب كلمة الكتاب حيث يفيد هذا أن الحكمة التي أوتيها أنبياء الله هي ما ألهمهم إياه من قول وفعل متصفين بالصفات المذكورة آنفا بالإضافة إلى ما احتوته كتب الله المنزلة عليهم من مثل ذلك كما ترى في الآيات التالية:
1-
كَما أَرْسَلْنا فِيكُمْ رَسُولًا مِنْكُمْ يَتْلُوا عَلَيْكُمْ آياتِنا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُمْ ما لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ [البقرة: 151] .
2-
وَيُعَلِّمُهُ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْراةَ وَالْإِنْجِيلَ [آل عمران: 48] .
3-
وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثاقَ النَّبِيِّينَ لَما آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتابٍ وَحِكْمَةٍ [آل عمران: 81] .
4-
وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ ما لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ
[النساء:
113] .
وفي سورة البقرة تنويه بمن يؤتيه الله الحكمة كما ترى في هذه الآية: يُؤْتِي