الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(7)
تلقف: تبتلع.
(8)
يأفكون: يكذبون ويزورون.
(9)
مكر مكرتموه: كيد دبرتموه.
(10)
لأقطعن أيديكم وأرجلكم من خلاف: يطلق تعبير من خلاف في مثل هذا المقام على المخالفة في القطع، فإذا قطعت اليد اليمنى تقطع الرجل اليسرى.
(11)
وما تنقم منا: وما تحقد علينا وتغضب منّا.
(12)
بالسنين: بالقحط والجدب.
(13)
يطيروا: يتشاءموا.
(14)
طائرهم: شؤمهم وأسباب نحسهم.
(15)
القمل: القراد.
(16)
الرجز: العذاب أو البلاء.
(17)
ينكثون: ينقضون عهدهم ووعدهم.
(18)
اليمّ: البحر.
(19)
يعرشون: كناية عن رفع البناء أو التبسّط بالعمران.
تعليق على الحلقة الأولى من قصة موسى وفرعون وبني إسرائيل وتلقيناتها
هذه الآيات حلقة من سلسلة طويلة من قصص موسى عليه السلام وفرعون وبني إسرائيل. والسلسلة كما هو المتبادر استمرار للسلسلة القصصية السابقة وحلقة من حلقاتها. والآيات التي جاءت بعد نهاية السلسلة السابقة جاءت استطرادية للتعقيب على ما سبق.
وقد احتوت الحلقة قصة ما كان بين موسى عليه السلام وفرعون من حوار وما ظهر على يد موسى عليه السلام من معجزات وما كان من مشهد السحر وانتهائه بفوزه وما كان من سلسلة البلاء الذي سلّطه الله على فرعون وقومه وما انتهى إليه
أمرهم من الغرق ونجاة بني إسرائيل وإفضال الله عليهم بسبب استجابتهم إلى دعوة الله وصبرهم.
وعبارتها واضحة لا تحتاج إلى أداء آخر. والهدف الذي استهدفته هو نفس الهدف الذي استهدفته حلقات السلسلة السابقة وهو العظة والتذكير وضرب المثل والتثبيت كما هو واضح من خلال مقاطعها. ورسالة موسى عليه السلام إلى فرعون وموقف فرعون منها وهلاكه قد أشير إليها إشارات خاطفة في السور السابقة. ومن المحتمل أن يكون بعض المسلمين أو غيرهم تطلعوا إلى المزيد من البيان عن ذلك ثم عن سيرة بني إسرائيل فاقتضت حكمة التنزيل إيراد هذه السلسلة التي هي أطول سلسلة قصصية سواء أكان في موضوعها أم في القصص القرآنية عامة باستثناء قصة يوسف عليه السلام. ومع ذلك فقد تكررت قصص موسى وفرعون وبني إسرائيل في سور أخرى بعد هذه السورة مكية ومدنية أيضا حسب ما اقتضته تلك الحكمة.
ويلحظ أن السور الأخرى التي جاءت فيها هذه القصص احتوت بعض بيانات لم تحتوها هذه السلسلة حيث يبدو أن تلك الحكمة هدفت بذلك إلى استكمال الصورة.
وقصة رسالة موسى عليه السلام إلى فرعون وبني إسرائيل واردة في أسفار الخروج والعدد والتثنية من أسفار العهد القديم المتداولة اليوم. وما ورد في الحلقة متسق إجمالا مع ما ورد في هذه الأسفار التي كانت متداولة بين أيدي بني إسرائيل في زمن النبي صلى الله عليه وسلم على ما نعتقد. وتدل عليه المقارنات بينها وبين الإشارات القرآنية وهذا ما يسوغ القول بشيء من الجزم أن سامعي القرآن من العرب كانوا يعرفون ذلك لأنهم كانوا على صلة باليهود. وبذلك تستحكم العظة القرآنية في الحلقة.
وفي سورة القصص آيات فيها دلالة قاطعة على ذلك وهي: وَلَوْلا أَنْ تُصِيبَهُمْ مُصِيبَةٌ بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ فَيَقُولُوا رَبَّنا لَوْلا أَرْسَلْتَ إِلَيْنا رَسُولًا فَنَتَّبِعَ آياتِكَ وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (47) فَلَمَّا جاءَهُمُ الْحَقُّ مِنْ عِنْدِنا قالُوا لَوْلا أُوتِيَ مِثْلَ ما أُوتِيَ مُوسى [47- 48] .
وفي الأسفار المذكورة إسهاب كثير في قصص موسى وفرعون وبني إسرائيل أضعاف أضعاف ما ورد في القرآن. والمتبادر أن ما ورد في القرآن الكريم في هذه السورة وغيرها من ذلك هو ما اقتضت حكمة التنزيل إيراده بالقدر والأسلوب اللذين يتحقق بهما الهدف القرآني.
وقد يكون بين ما ورد في القرآن وما ورد في الأسفار المتداولة اليوم بعض المباينة أو يكون في الأسفار ما ليس في الآيات أو العكس. ومن ذلك مثلا إيمان السحرة وسجودهم والمحاورة بينهم وبين فرعون والمحاورة بين فرعون وقومه.
وقول فرعون سنقتل أبناءهم ونستحيي نساءهم بعد ظهور موسى ورسالته وانتصاره على السحرة. وما تفيده العبارة القرآنية من كون السحرة من جماعة موسى وأن إيمانهم به كان تآمرا بينهم وبين موسى وكون موسى داعيا في الوقت نفسه فرعون وقومه إلى الإيمان برسالته بالإضافة إلى طلبه منهم إرسال بني إسرائيل معه إلخ.
إلخ.
وننبّه على أن خبر قتل فرعون لأبناء بني إسرائيل واستحياء نسائهم قد ورد في الإصحاح الأول من سفر الخروج بهذه العبارة: (كلّم ملك مصر قابلتي العبرانيات وقال لهما إذا استولدتما العبرانيات فانظرا عند الكرسي فإن كان ذكرا فاقتلوه وإن كان أنثى فاستبقياها) غير أن هذا كما هو واضح غير العبارة الواردة في الآيات. لأن ذلك عائد إلى ما قبل ظهور موسى ورسالته. وقد ورد مما ورد في الإصحاح المذكور في سورة القصص بهذه الصيغة: إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَها شِيَعاً يَسْتَضْعِفُ طائِفَةً مِنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْناءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِساءَهُمْ إِنَّهُ كانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ (4)
وسياق هذه الآية يفيد أن ذلك كان قبل ولادة وظهور موسى. وقد ورد هذا بهذه الدلالة في سور مدنية ومكية أخرى.
ونحن نعتقد أن ما جاء في الآيات كان متداولا وواردا في أسفار وقراطيس أخرى كانت في يد اليهود وضاعت. وليس لذلك تعليل آخر لأن هذا هو المتسق مع ما ذكرناه من فكرة التدعيم والعظة في القصص ولا سيما أن القرآن كان يتلى
علنا ويسمعه اليهود ولا يمكن أن يكون ما جاء في القرآن جزافا.
ولقد أورد المفسرون «1» بيانات كثيرة في سياق هذه الحلقة وأحداثها ومعجزاتها. فيها ما هو متسق مع ما ورد في أسفار العهد القديم المتداولة ومنها ما ليس كذلك. وفي بعضها ما يبلغ حدّ المبالغة والإغراب، وهي معزوّة إلى بعض أصحاب رسول الله وتابعيهم وعلماء الأخبار من عرب ويهود ومسلمين ولم نر طائلا في إيرادها لأن ذلك لا يتصل بالهدف القرآني الذي هو التذكير والموعظة بما يعرفه السامعون والاكتفاء بما اقتضت حكمة التنزيل إيراده منها بدون تعليق وتحشية. على أن ما احتوته كتب التفسير من ذلك قد يكون دالا على أن ما احتوته الحلقة مما كان متداولا في زمن النبي صلى الله عليه وسلم.
هذا، وما قلناه عقب السلسلة القصصية السابقة في صدد المعجزات الربانية وكونها جزءا من القصص وكونها مع ذلك في نطاق قدرة الله وواجب الإيمان بها يصحّ قوله بالنسبة للمعجزات التي أظهرها الله على يد موسى عليه السلام.
ومن مواضع العبرة في هذه الحلقة وصف موقف فرعون وملأه من دعوة الله وآياته وما كان من بغيهم على بني إسرائيل واستكبارهم ومقابلتهم آيات الله بالسخرية والاستخفاف وما كان من انتقام الله منهم:
أولا: وما كان من مشهد السحر والتنديد به وانتصار موسى عليه السلام فيه وعدم إصرار السحرة على باطلهم وإيمانهم برسول الله حينما رأوا برهانه ساطعا.
ثانيا: وما كان من إنقاذ بني إسرائيل وقضاء الله بأن يورثهم الأرض التي باركها جزاء إيمانهم وصبرهم في أول الأمر.
ثالثا: ففي كل ذلك تذكرة وموعظة وضرب مثل وتنبيه للسامعين وإنذار للكفار منهم وتسلية للنبي صلى الله عليه وسلم والمؤمنين وتثبيت لهم وردّ قاطع على كفار العرب الذين كانوا ينسبون السحر إلى النبي صلى الله عليه وسلم.
(1) انظر تفسير الآيات في الطبري وابن كثير والخازن والطبرسي والسيد رشيد رضا.