الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عادته على قضاء الأمور الخطيرة المحكمة في ليلة القدر. ففي كل هذا كما يتبادر لنا قرائن أو شبه قرائن على أن تسمية ليلة القدر ليست تسمية طارئة ونعتية أو تنويهية وحسب، وأنها قد كان لها في أذهان بعض الأوساط المكية خطورة ما دينية الصفة.
تعليق على كلمة الروح
وبمناسبة ورود تعبير «الروح» نقول إن هذه الكلمة قد وردت في القرآن كثير في سياق الإشارة إلى هبة نسمة الحياة لآدم والمسيح والناس مضافة إلى الله عز وجل كما في آيات سورة الحجر هذه: وَإِذْ قالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي خالِقٌ بَشَراً مِنْ صَلْصالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ (28) فَإِذا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ ساجِدِينَ (29) وفي سورة الأنبياء هذه: وَالَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَها فَنَفَخْنا فِيها مِنْ رُوحِنا وَجَعَلْناها وَابْنَها آيَةً لِلْعالَمِينَ (91) وفي آيات سورة السجدة هذه: الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنْسانِ مِنْ طِينٍ (7) ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ ماءٍ مَهِينٍ (8) ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلًا ما تَشْكُرُونَ (9) . وقد وردت الكلمة أيضا في صدد الإشارة إلى وحي الله وأوامره، وإلى الملك الذي كان ينزل بالقرآن على النبي صلى الله عليه وسلم كما جاء في آية سورة النحل هذه: يُنَزِّلُ الْمَلائِكَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلى مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ أَنْ أَنْذِرُوا أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا أَنَا فَاتَّقُونِ (2) وفي آية غافر هذه: رَفِيعُ الدَّرَجاتِ ذُو الْعَرْشِ يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ عَلى مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ لِيُنْذِرَ يَوْمَ التَّلاقِ (15) وآيات سورة الشعراء هذه موصوفا بالأمين: وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعالَمِينَ (192) نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ (193) عَلى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ (194) . ووردت مطلقة بما يفيد أنها عظيم الملائكة كما جاء في آية سورة النبأ هذه: يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلائِكَةُ صَفًّا لا يَتَكَلَّمُونَ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمنُ وَقالَ صَواباً (38) ووردت مضافة إلى القدس في سياق تنزيل القرآن كما جاء في آية
سورة النحل هذه: قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ لِيُثَبِّتَ الَّذِينَ آمَنُوا وَهُدىً وَبُشْرى لِلْمُسْلِمِينَ (102) ووردت في آيات عديدة مضافة إلى القدس في صدد تأييد المسيح عليه السلام كما ترى في هذا المثال: وَآتَيْنا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّناتِ وَأَيَّدْناهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ البقرة [87] والمتبادر أن المقصود من الكلمة هنا على ما تلهمه روح العبارة هو عظيم الملائكة. وفي سورة التحريم آية تلهم أن عظيم الملائكة هو جبريل وهي: إِنْ تَتُوبا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُما وَإِنْ تَظاهَرا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلاهُ وَجِبْرِيلُ وَصالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلائِكَةُ بَعْدَ ذلِكَ ظَهِيرٌ (4) ولما كانت آيات النحل نعتت الملك الذي ينزل بالوحي القرآني بالروح ولما جاء في آية في سورة البقرة أن الذي ينزل بهذا الوحي هو جبريل وهي: قُلْ مَنْ كانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللَّهِ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ وَهُدىً وَبُشْرى لِلْمُؤْمِنِينَ (97) فيكون المقصود من الكلمة هنا هو جبريل عظيم الملائكة على ما هو المتبادر. وجمهور المفسرين على أن تسمية جبريل بروح القدس هي على اعتبار أنه روحاني الخلقة بدون تولد من أب وأم وأنه مطهر من الرجس والله تعالى أعلم.
ولما كان أمر الملائكة وحقيقتهم وأعمالهم من المسائل الغيبة الواجب الإيمان بها لأن القرآن قد قررها كما قلنا قبل فالواجب الإيمان بما جاء في صددهم في الآية دون تخمين وتزيد مع ذكر كون ذلك بسبيل التنويه بعظم شأن الليلة للحادث العظيم الذي كان فيها.
وندع التعليق على ما ورد في الآيات التي أوردناها في معرض التمثيل والتي تنسب الروح إلى الله عز وجل وتذكر نفخه بروحه في آدم ومريم والإنسان عامة إلى تفسير هذه الآيات في سورها.