الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المنحدرة من أبناء يعقوب الاثني عشر وهم على ما جاء في الإصحاح (46) من سفر التكوين: راؤيين البكر ثم شمعون ولاوي ويهوذا ويساكر وزبولون وجاد ودان وأشير ونفتالي ويوسف وبنيامين. وقد صارت ذرية كل واحد منهم سبطا تسمى باسمه فيقال سبط راؤيين وسبط شمعون وهكذا على ما هو مبثوث في أسفار عديدة من أسفار العهد القديم المتداولة.
(26)
إذ استسقاه: إذ طلبوا منه الماء.
(27)
انبجست: انفجرت.
(28)
المنّ: صمغ نباتي حلو المذاق، والسلوى: نوع من الطير، على ما وصف في سفر الخروج.
(29)
وما ظلمونا ولكن كانوا أنفسهم يظلمون: بمعنى أنهم بأعمالهم الأثيمة وتبديلهم كلام الله لم يضرونا ولكن أضرّوا بأنفسهم وظلموها.
(30)
قولوا حطّة: أوّلها المؤولون في قولين: منهما أنها بمعنى اطلبوا من الله حطّ ذنوبكم أو اخضعوا لله وطأطئوا له.
(31)
ادخلوا الباب سجدا: كناية عن الأمر بالاستشعار بالذلة والخضوع إلى الله والسجود له مقابل ما أفاضه عليهم من نعم.
تعليق على محتويات الحلقة الثانية من السلسلة وما فيها من تلقينات
وهذه حلقة ثانية من السلسلة. احتوت ما كان بين موسى عليه السلام وبني إسرائيل من مواقف وأحداث وما كان من مناجاة موسى عليه السلام مع ربّه وتنزيل الألواح عليه وتجلّيه له في الجبل وما كان من معجزات له ولإسرائيل وما كان من هؤلاء في حياته من انحراف وتعجيز وتبديل لكلام الله وما كان من نقمة الله وغضبه عليهم.
وقصد العظة والتذكير وضرب المثل واضح في هذه الحلقة وضوحها في الجز الثاني من التفسير الحديث 29
سابقتها وعبارتها واضحة لا تحتاج إلى أداء آخر. ومعظم ما جاء فيها متسق إجمالا مع ما ترويه أسفار الخروج والعدد والتثنية من أسفار العهد القديم التي تؤرخ حقبة موسى وما بلّغه موسى عن ربّه لبني إسرائيل وسيرة بني إسرائيل في عهده. بما في ذلك ما ورد إجمالا في الآيات من ميقات موسى أربعين يوما وطلب موسى من ربّه أن يراه وقول الله له إنه لا يستطيع رؤيته وتجلّي الله على جبل سيناء وارتجافه ارتجافا شديدا وإنزال الله على موسى الألواح والشرائع والوصايا واتخاذ قوم موسى العجل وغضب موسى وإلقائه الألواح حتى انكسرت ومعاتبة موسى لهرون وضرب الله الشعب لاتخاذهم العجل وتظليل الغمام عليهم في النهار لوقايتهم من الشمس.
وإنزال المنّ والسلوى والأول مثل بزر الكزبرة ولونه كلون المقل وطعمه بعد الطبخ كطعم قطائف بزيت، والثاني نوع من الطير لأنهم تذمروا من المنّ وحده وطلبوا لحما. وتفجير عيون الماء بضرب العصا ومحاولتهم رؤية الله ونهيه لهم عن ذلك واختيار موسى سبعين رجلا وأخذهم معه إلى الجبل وإنزال الله على طائفة من بني إسرائيل عذابا من السماء
…
والمتبادر أن سامعي القرآن كانوا أو كان منهم من يعرف أشياء كثيرة مما احتوته الأسفار في صدد هذه الحلقة أيضا فكان ذلك مما دعم هذا القصد أيضا.
وكما فعل المفسرون في سياق الحلقة السابقة فعلوا في سياق هذه الحلقة حيث أوردوا روايات فيها تفصيلات كثيرة في صدد ما جاء فيها من أحداث ومعجزات وصور ومواقف، معزوة إلى بعض أصحاب رسول الله وتابعيهم وعلماء الأخبار من عرب ويهود مسلمين. منها ما هو متطابق ومتسق مع ما ورد في أسفار العهد القديم ومنها ما ليس كذلك وفي بعضها ما فيه مبالغة وإغراب. وتدلّ على كل حال على أن محتويات هذه الحلقة أيضا مما كان متداولا في بيئة النبي صلى الله عليه وسلم مع الحواشي والشروح. ولم نر ضرورة إلى إيراد شيء مما ذكروه أو التعليق على ما في الحلقة من أحداث لذاتها، لأن ذلك لا يتّصل بهدف القصة القرآنية الذي هو التذكير والتمثيل بما يعرفه السامعون. وهو ما فعلناه في سياق الحلقة السابقة حيث رأينا ذلك هو الأولى والأصوب.
وقد يكون مباينة بين ما جاء في آيات هذه الحلقة وما جاء في الأسفار المتداولة وقد يكون بعض ما جاء في الآيات لم يرد فيها مثل المحاورة المحكية بين موسى وقومه حين ما أتوا على قوم يعكفون على أصنام لهم ومثل القرية التي أمروا بسكناها ودخول بابها ساجدين وقولهم حطة. وما قلناه في هذا الصدد في سياق الحلقة السابقة يصح قوله هنا. وكذلك ما قلناه في سياق تلك الحلقة في صدد المعجزات التي ذكرت فيها يصح قوله هنا أيضا فلا حاجة إلى التكرار.
وبعض المفسرين رووا في سياق الآيتين [58- 59] في سورة البقرة المشابهتين تقريبا للآيتين [161- 162] أن القرية التي أمر بنو إسرائيل بسكناها هي أريحا أو قرية في جانب بيت المقدس. وأن الباب الذي أمروا أن يدخلوه سجّدا وأن يقولوا حطّة عند دخوله هو الباب المسمّى اليوم بباب حطة من أبواب حرم المسجد الأقصى. وليس لهذا سند وثيق. وليس من ضرورة للتكلّف. ولا بد من أن ذلك كان مفهوما واضحا في أذهان بني إسرائيل الذين يسمعون القرآن وواردا في أسفار كانت عندهم.
ولقد أورد المفسرون في سياق آيات سورة البقرة التي تأتي في كتبهم مقدمة على سورة الأعراف أحاديث وروايات في مدى ما كان من تبديل بني إسرائيل لأوامر الله ومدى الرجز الذي أنزله الله عليهم. منها المعزوّ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ومنها المعزو إلى بعض أصحابه وتابعيهم. منها حديث في مدى التبديل رواه الشيخان والترمذي عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم جاء فيه: «قيل لبني إسرائيل ادخلوا الباب سجّدا وقولوا حطّة فدخلوا يزحفون على أستاههم فبدّلوا وقالوا حطّة حبّة في شعرة» «1» .
ومنها حديث عن ابن مسعود بدون عزو إلى النبي صلى الله عليه وسلم أنهم قالوا: (هطا سمعاتا أزبة مزبا)«2» وترجمتها بالعربية حبة حنطة حمراء مثقوبة فيها شعرة سوداء.
(1) التاج ج 4 ص 35.
(2)
النصان من تفسير ابن كثير. وقد ورد النص الأول بفرق يسير في كتب التفسير الأخرى.
ومنها قول آخر عن ابن مسعود أنهم قيل لهم قولوا حطة فقالوا حنطة حبة حمراء فيها شعيرة «1» . وقد روى المفسرون ما رواه الشيخان والترمذي عن أبي هريرة وعن النبي عن بعض التابعين بدون عزو إلى النبي مع زيادة في البيان وهو أنهم قالوا ذلك من قبيل التمرّد والاستهزاء. ورووا عن بعض التابعين أن الرجز هو طاعون سلّطه الله عليهم فأهلك منهم خلقا عظيما.
ولقد أورد رشيد رضا هذه الروايات وتوقف في الحديث الذي رواه أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم لأن الأحاديث التي تروى في البيان والتفسير عن رسول الله وبخاصة في الأمور المغيّبة هي التي يصحّ أن تكون المعتمدة في هذه الأمور دون غيرها. ومما قاله فيه إن أبا هريرة لم يصرّح أنه سمع الحديث من رسول الله صلى الله عليه وسلم ولذلك يعدّ مرفوعا وإن من رواته همام بن منبه وهو مثل أخيه وهب من أصحاب الغرائب في الإسرائيليات. والحق إن في الحديث شيئا غريبا وبخاصة هذا التوافق في الألفاظ العربية وهو قولهم حنطة مقابل أمرهم بأن يقولوا حطة. وبنو إسرائيل إنما كانوا يتكلمون العبرانية في زمن موسى الذي يحكي عنهم هذه المخالفة.
وعلى كل حال فالآيات صريحة الدلالة على أن الله أمرهم أمرا ففعلوا خلافه فأنزل عليهم رجزه جزاء على مخالفتهم وتمردهم.
ولا نشك في أن ماهية الأمر والمخالفة والرجز مما كان متداولا بين بني إسرائيل في زمن النبي صلى الله عليه وسلم وواردا في بعض قراطيسهم وأن هذا مما تسرّب منهم إلى أهل بيئة النبي صلى الله عليه وسلم. والله تعالى أعلم.
ومن مواضع العبرة في هذه الحلقة ما كان من انحراف بني إسرائيل منذ أوائل خروجهم من مصر مع موسى عليه السلام عن التوحيد إلى عبادة الأصنام والعجل وما كان من تعجيزهم له ونكثهم لعهد الله ومخالفتهم لوصاياه وتبديلهم أوامره بعكسها استهزاء وما كان من غضب الله عليهم وإنزاله عليهم الرجز حيث ينطوي في
(1) النصان من تفسير ابن كثير. وقد ورد النص الأول بفرق يسير في كتب التفسير الأخرى.