الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
رواه الترمذي، وأبوداود.
{الفصل الثالث}
1154-
(12) عن عبيد الله بن عبد الله، قال: ((دخلت على عائشة، فقلت: ألا تحدثين عن مرض رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قالت: بلى، ثقل النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: أصلى الناس؟ فقلنا: لا يارسول الله صلى الله عليه وسلم! وهم ينتظرونك قال: ضعوا لي ماء في المخضب،
ــ
الجماعة، وعدم جواز الجماعة الثانية في مسجد له إمام راتب قد صلى فيه أهله لا من كتاب ولا من سنة صحيحة ثابتة ولا إجماع إلا من رأي معارض لحديث أبي سعيد ومخالف لعمل ابن مسعود وأنس بن مالك رضي الله عنهما، لا يعرف فيه لهما مخالف من الصحابة، فأرجح الأقوال عندنا هو أنه يجوز ويباح لمن أتى مسجداً قد صلي فيه بإمام راتب وهو لم يكن صلاها، وقد فاتته الجماعة لعذر أن يصلي بالجماعة، والله أعلم. (رواه الترمذي) وحسنه. (وأبوداود) وسكت عنه هو، ونقل المنذري تحسين الترمذي وأقره، واللفظ المذكور للترمذي إلا قوله: ألا رجل يتصدق على هذا فيصلي معه، فإن هذا اللفظ لأبي داود، ولفظ الترمذي: أيكم يتجر على هذا. والحديث أخرجه أيضاً أحمد (ج3:ص5و45، 64، 85) والدارمي والحاكم (ج1:ص209) وقال: صحيح على شرط مسلم، ووافقه الذهبي، وابن حزم في المحلي (ج4:ص238) والبيهقي (ج3:ص69وج2:ص303) وابن حبان وابن الجارود في المنتقي (ص168) وابن خزيمة. وفي الباب عن أبي أمامة وسلمان وعصمة بن مالك الخطمي وأنس، ذكر أحاديثهم الزيلعي في نصب الراية (ج2:ص57، 58) والهيثمي في مجمع الزوائد (ج2:ص45، 46) . هذا، وكان الأنسب إيراد الأحاديث الثلاثة في باب فضيلة الجماعة.
1154-
قوله: (عن عبيد الله بن عبد الله) أي ابن عتبة بن مسعود، أحد الفقهاء السبعة من كبار التابعين. (فقلت) لها. (ألا) بتخفيف اللام للعرض والاستفتاح. (تحدثيني عن مرض رسول الله صلى الله عليه وسلم) أي مرضه الذي توفى فيه. (قالت بلى) أي نعم أحدثك. (ثقل النبي صلى الله عليه وسلم) بضم القاف، اشتد مرضه فحضرت الصلاة. (فقال) صلى الله عليه وسلم. (أصلي الناس) الهمزة فيه للاستفهام والاستخبار. (فقلنا: لا) أي ما صلوا. (وهم ينتظرونك) أي خروجك أو أمرك. قال الطيبي: حال من المقدر أي لم يصلوا والحال أنهم ينتظرونك. (قال) وفي بعض النسخ: "فقال". (ضعوا) أمر من الوضع. (لي) أي لأجلي. (ماء في المخضب) بكسر ميم وسكون خاء وفتح ضاد معجمتين ثم الموحدة هو أجانة تغسل فيها الثياب، ويقال لها المركن، وكان هذا المخضب
(1)
وفي نسخة "فقال"
قالت: ففعلنا، فاغتسل، فذهب لينوء، فأغمي عليه، ثم أفاق، فقال: أصلى الناس؟ قلنا: لا هم ينتظرونك يا رسول الله! قال ضعوا لي ماء في المخضب، قالت: فقعد فاغتسل، ثم ذهب لينوء، فأغمي عليه، ثم أفاق، فقال: أصلى الناس؟ قلنا: لا هم ينتظرونك يا رسول الله! قال: ضعوا لي ماء في المخضب، فقعد فاغتسل، ثم ذهب لينوء، فأغمي عليه، ثم أفاق، فقال: أصلى الناس؟ قلنا: لا هم ينتظرونك يا رسول الله! والناس عكوف في المسجد.
ــ
من نحاس، كما في رواية ابن خزيمة. (قالت) أي عائشة. (ففعلنا) ما أمر به. (فاغتسل) وللمتسملى: ففعلنا فقعد فاغتسل قال الحافظ: الماء الذي اغتسل به كان من سبع قرب، يشير إلى رواية البخاري في باب الغسل والوضوء في المخضب بلفظ: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال بعد ما دخل بيته واشتد وجعه: هريقوا علي من سبع قرب لم تحلل أوكيتهن لعلى أعهد إلى الناس، وأجلس في مخضب لحفصة زوج النبي صلى الله عليه وسلم ثم طفقنا نصب عليه تلك، قيل: والحمة في ذلك أن المريض إذا صب عليه الماء البارد ثابت إليه قوته، لكن في مرض يقتضي ذلك والنبي صلى الله عليه وسلم علم بذلك، فلذلك طلب الماء ولذلك بعد استعمال الماء قام وخرج إلى الناس فصلى بهم وخطبهم، وأما تعيين العدد بالسبعة فقيل: يحتمل أن يكون ذلك من جهة التبرك بهذا العدد؛ لأن له دخولاً في كثير من أمور الشريعة وأصل الخلقة، والحكمة في عدم حل الأوكية، لكونه أبلغ في طهارة الماء وصفائه لعدم مخالطة الأيدي. قال الحافظ وفي رواية للطبراني من آبار شتى، والظاهر أن ذلك للتداوي لقوله في رواية أخرى في الصحيح: لعلي أستريح فأعهد أي أوصى. (فذهب) أي شرع. (لينوء) بنون مضمومة ثم همزة أي لينهض بجهد ومشقة. وقال الكرماني: وينوء كيقوم لفظاً ومعنى. (فأغمي عليه) بالبناء للمفعول أي لشدة ما حصل له من تناهي الضعف وفتور الأعضاء عن تمام الحركة. قال في المجمع: أغمي على المريض إذا غشي عليه كأنه ستر عقله - انتهى. وفيه أن الإغماء جائز على الأنبياء؛ لأنه مرض من الأمراض بخلاف الجنون فلم يجز عليهم؛ لأنه نقص وقد كملهم الله تعالى بالكمال التام. قال العيني: العقل في الإغماء يكون مغلوباً، وفي الجنون يكون مسلوباً، والحكمة في جواز المرض عليهم ومصائب الدنيا تكثير أجورهم وتسلية الناس بأحوالهم وأمورهم، لئلا يفتتن الناس بهم ويعبدونهم لما يظهر على أيديهم من المعجزات والآيات البينات. (هم ينتظرونك) جملة اسمية وقعت حالاً بلا واو، وهو جائز وقد وقع في القرآن نحو قوله {قلنا اهبطو بعضكم لبعض عدو} [36:2] وكذلك هم ينتظرونك الثاني. (فأغمي عليه ثم أفاق) وقع الاغماء والإفاقة ثلاث مرات. قال الأسنوي في المهمات: نقل القاضي حسين أن الاغماء لا يجوز على الأنبياء الا ساعة أو ساعتين، فأما الشهر أو الشهرين فلا يجوز كالجنون. (والناس عكوف)
ينتظرون النبي صلى الله عليه وسلم لصلاة العشاء الآخرة، فأرسل النبي صلى الله عليه وسلم إلى أبي بكر: بأن يصلي بالناس، فأتاه الرسول، فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرك أن تصلي بالناس، فقال أبوبكر – وكان رجلاً رقيقاً – يا عمر! صل بالناس، فقال له عمر: أنت أحق بذلك، فصلى أبوبكر تلك الأيام، ثم إن النبي صلى الله عليه وسلم وجد في نفسه خفة، وخرج بين رجلين أحدهما العباس لصلاة الظهر، وأبوبكر يصلي بالناس،
ــ
بضم العين جمع العاكف، أي مجتمعون مقيمون، وأصل العكف اللبث والحبس واللزوم، ومنه الاعتكاف؛ لأنه لبث في المسجد ولزومه وحبس النفس فيه. (ينتظرون النبي صلى الله عليه وسلم) أي خروجه. (لصلاة العشاء الآخرة) قال الحافظ: كذا للأكثر بلام التعليل. وفي رواية المستملي والسرخسي: الصلاة العشاء الآخرة. وتوجيهه أن الراوي كأنه فسر الصلاة المسؤل عنها في قوله صلى الله عليه وسلم، أي الصلاة المسؤل عنها هي العشاء الآخرة. (فأتاه الرسول) أي رسول النبي صلى الله عليه وسلم وهو بلال المؤذن؛ لأنه هو الذي أعلم بحضور الصلاة كما تقدم فأجيب بذلك. (فقال أبوبكر) أي لعمر بن الخطاب. (وكان رجلاً) جملة معترضة مقول عائشة. (رقيقا) أي رقيق القلب كثير الحزن والبكاء، لا يملك عينيه إذا قرأ القرآن. (يا عمر صل بالناس) قال النووي: تأوله بعضهم على أنه قاله تواضعاً وليس كذلك بل للعذر المذكور وهو كونه رقيق القلب كثير البكاء، فخشي أن لا يسمع الناس من البكاء. قال الحافظ: ويحتمل أن يكون رضي الله عنه فهم من الإمامة الصغرى الإمامة العظمى، وعلم ما في تحملها من الخطر، وعلم قوة عمر على ذلك فاختاره، ويؤيده أنه عند البيعة أشار عليهم أن يبايعوه أو يبايعوا أباعبيدة بن الجراح. والظاهر أنه لم يطلع على المراجعة التي وقعت بينه صلى الله عليه وسلم وبين عائشة، وفهم من الأمر له بذلك تفويض الأمر له في ذلك، سواء باشر بنفسه أو استخلف - انتهى. وقال السندي: كأن أبا بكر رضي الله عنه رأى أن أمره بذلك كان تكريماً منه له، والمقصود أداء الصلاة بإمام لا تعيين أنه الإمام، ولم يدر ما جرى بينه صلى الله عليه وسلم وبين بعض أزواجه في ذلك، وإلا لما كان له تفويض الإمامة إلى عمر. (فقال له عمر أنت أحق بذلك) مني أي لفضيلتك أو لأمر الرسول إياك خاصة. (فصلى أبوبكر تلك الأيام) أي التي كان النبي صلى الله عليه وسلم فيها مريضاً. (وجد في نفسه خفة) أي من المرض، وقوة على الخروج إلى الجماعة. (أحدهما العباس) والآخر علي، كما سيأتي. (لصلاة الظهر) هو صريح في أن الصلاة المذكورة كانت الظهر، وزعم بعضهم أنها الصبح، مستدلاً بقوله في رواية ابن عباس عند ابن ماجه والبيهقي (ج3:ص81) : وأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم القراءة من حيث بلغ أبوبكر، لكن في الاستدلال به على ذلك نظر. لاحتمال أن يكون صلى الله عليه وآله وسلم سمع لما قرب من أبي بكر الآية التي كان انتهى إليها خاصة، وقد كان صلى الله عليه وآله وسلم يسمع الآية أحياناً في الصلاة السرية على أن حديث ابن عباس هذا في سنده أبوإسحاق السبيعي كان قد
فلما رآه أبوبكر ذهب ليتأخر، فأومأ إليه النبي صلى الله عليه وسلم بأن لا يتأخر، قال: أجلساني إلى جنبه، فأجلساه إلى جنب أبي بكر، والنبي صلى الله عليه وسلم قاعد. وقال عبيد الله: فدخلت على عبد الله بن عباس، فقلت له: ألا أعرض عليك ما حدثني عائشة عن مرض رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: هات، فعرضت عليه حديثها، فما أنكر منه شيئاً، غير أنه قال: أسمّت لك الرجل الذي كان مع العباس؟ قلت: لا. قال: هو علي))
ــ
اختلط بآخر عمره، وكان مدلساً، وقد رواه بالعنعنة. وقد قال البخاري: لا نذكر لأبي إسحاق سماعاً عن أرقم ابن شرجيل. (فلما رأه أبوبكر ذهب ليتأخر) أي أراد أن يتأخر وشرع فيه. (فأومأ) بالألف وفي بعض النسخ بالهمزة أي أشار. (قال) أي للرجلين. (فأجلساه إلى جنب أبي بكر والنبي صلى الله عليه وآله وسلم قاعد) كذا وقع في جميع النسخ الموجودة عندنا. ولفظ البخاري: فأجلساه إلى جنب أبي بكر، قال: فجعل أبوبكر يصلي، وهو يأتم بصلاة النبي صلى الله عليه وآله وسلم والناس بصلاة أبي بكر والنبي صلى الله عليه وسلم قاعد. ولفظ مسلم: فأجلساه إلى جنيب أبي بكر فكان يصلي أبوبكر وهو قائم بصلاة النبي صلى الله عليه وسلم والناس يصلون بصلاة أبي بكر والنبي صلى الله عليه وسلم قاعد. وذكر الجزري في جامع الأصول (ج11:ص372) لفظ مسلم. والظاهر أنه وقع في نسخ المشكاة ههنا سقط من النساخ حتى صار الكلام مهملا. والعجب من القاري أنه لم يتنبه لذلك ومر عليه كأنه رأى معناه واضحاً ليس فيه اختلال ولا إهمال. واستدل بهذا الحديث على أن استخلاف الإمام الراتب إذا اشتكى أولى من صلاته بهم قاعدا؛ لأنه صلى الله عليه وسلم استخلف أبابكر ولم يصل بهم قاعداً غير مرة واحدة. وفيه دليل على صحة إمامة القاعد المعذور للقائم خلافاً لمالك. وفي الحديث فوائد أخرى غير ما تقدم منها: فضيلة أبي بكر الصديق وترجيحه على جميع الصحابة وتفضيله، وتنبيه على أنه أحق بخلافة رسول الله صلى الله عليه وسلم من غيره. ومنها: فضيلة عمر بعد أبي بكر؛ لأن أبابكر لم يعدل إلى غيره. ومنها: أن المفضول إذا عرض عليه الفاضل مرتبة لا يقبلها بل يدعها للفاضل إذا لم يمنع مانع. ومنها: الثناء في الوجه لمن أمن عليه الإعجاب والفتنة، لقوله: أنت أحق بذلك. ومنها: أن الإمام إذا عرض له عذر عن حضور الجماعة وأراد أن يستخلف أحداً فلا يستخلف إلا أفضلهم. (وقال عبيد الله) ابن عبد الله بن عتبة. (ألا أعرض) الهمزة للاستفهام ولا للنفي وليس حرف التنبيه ولا حرف التحضيض، بل هو استفهام للعرض. (عن مرض رسول الله صلى الله عليه وسلم) أي وعن صلاته في تلك الحالة وإنما اقتصر على الأول؛ لأنه المقصود بالسؤال. (قال هات) بكسر التاء مفرد هاتوا بمعنى أحضر. (فعرضت عليه) أي على ابن عباس. (حديثها) هذا. (فما أنكر منه) أي من حديثها. (شيئاً) مصدر أي ما أنكر شيئاً من الانكار فهو مفعول مطلق. وقيل: مفعول به أي ما انكر شيئاً من الأشياء. (قال هو علي) أي ابن أبي طالب قيل: لم تسمه عائشة؛
متفق عليه.
1155-
(13) وعن أبي هريرة، أنه كان يقول:((من أدرك الركعة فقد أدرك السجدة، ومن فاتته قراءة أم القرآن فقد فاته خير كثير)) .
ــ
لأنه كان في قلبها منه ما يحصل في قلوب البشر. مما يكون سبباً في الإعراض عن ذكر اسمه، ففي رواية للإسماعيلي: ولكن عائشة لا تطيب نفساً له بخير، ولابن إسحاق في المغازي، ولكنها لا تقدر على أن تذكره بخير. قال الحافظ: وفي هذا رد على من تنطع فقال: لا يجوز أن يظن ذلك بعائشة ورد على من زعم أنها أبهمت الثاني، لكونه لم يتعين في جميع المسافة إذ كان تارة يتوكأ على الفضل وتارة على أسامة وتارة على علي. وفي جميع ذلك الرجل الآخر هو العباس، واختص بذلك إكراماً له، وهذا توهم ممن قاله، والواقع خلافه؛ لأن ابن عباس في جميع الروايات الصحيحة جازم بأن المبهم علي فهو المعتمد، ودعوى وجود العباس في كل مرة والذي يتبدل غيره مردودة بدليل رواية ابن حبان التي قدمت الإشارة إليها وغيرها صريح في أن العباس لم يكن في مرة ولا مرتين - انتهى كلام الحافظ. فتفكر. (متفق عليه) أخرجه البخاري في باب: إنما جعل الإمام ليؤتم به، وأخرجه أيضاً النسائي في باب الإئتمام بالإمام يصلي قاعداً والبيهقي (ج1:ص31 وج3:ص80) .
1155-
قوله: (أنه كان يقول) الضمير راجع إلى أبي هريرة. ولفظ المؤطا مالك: أنه بلغه أن أباهريرة كان يقول. (من أدرك الركعة) قيل: المراد بالركعة الركوع، ومعنى إدراك الركوع أن يركع المأموم قبل أن يرفع الإمام رأسه من الركوع يعني من أدرك الإمام راكعاً فكبر وركع قبل رفع الإمام رأسه فقد أدرك الركوع وإذا أدرك الركوع. (فقد أدرك السجدة) بالأولى يعني يعتبر بهذه السجدة إذا أدرك الركوع. وقيل: المراد بالسجدة الركعة، والمعنى من أدرك الركوع فقد أدرك الركعة أي صحت له تلك الركعة. وقيل: لفظ الركعة محمول على معناه الحقيقي، والمراد بالسجدة الصلاة والمعنى من أدرك الركعة فقد أدرك الصلاة أي فضيله جماعتها بكمالها. (ومن فاتته قراءة أم القرآن) أي فاتحة الكتاب. (فقد فاته خير كثير) قال الباجي في المنتقي (ج1:ص21) معناه من أدرك الركعة فقد أدرك الاعتداد بالسجدة، وليست فضيلة من أدرك الركعة بدون قراءة كفضيلة من أدرك القراءة من أولها إلى آخرها. وقال الطيبي: أي من أدرك الركوع وفاته قراءة أم الكتاب وإن أدرك الركعة فقد فاته ثواب كثير - انتهى. وهذا بظاهره يدل على أن أباهريرة ذهب إلى أن مدرك الركوع مدرك للركعة، لكن هذا الأثر مما رواه مالك بلاغاً، وقد قال بعضهم: يسمى مثل هذا معضلاً ولم نقف على من رواه مسنداً، ولا يكفي لثبوته وصحته ما نقله القاري عن سفيان إذا قال مالك: بلغني فهو إسناد قوي، ولو سلم فهو معارض لما رواه البخاري في جزء القراءة (ص35) بسنده عن أبي هريرة لا يجزيك إلا أن
رواه مالك.
1156-
(14) وعنه، أنه قال:((الذي يرفع رأسه ويخفضه قبل الإمام، فإنما ناصيته بيد الشيطان))
رواه مالك.
ــ
تدرك الإمام قائما قبل أن يركع. وفي رواية (ص64) إذا أدركت القوم ركوعاً لم تعتد بتلك الركعة، قال ابن عبد البر بعد ذكره: في إسناد نظر، ولم يبين وجه النظر، والحق أن إسناد الروايتين صحيح أو حسن، رواته مقبولون موثقون، فإن الأول رواه عن عبيد بن يعيش عن يونس عن محمد بن إسحاق قال: أخبرني الأعرض عن أبي هريرة. والثاني عن معقل بن مالك عن أبي عوانة عن محمد بن إسحاق عن عبد الرحمن الأعرج عنه، وهذا أقوى وأرجح مما رواه مالك بلاغاً، فيقدم ذلك على هذا. (رواه مالك) أي بلاغا عن أبي هريرة، ورواه البيهقي (ج2:ص90) من طريق مالك.
1156-
قوله: (وعنه) أي عن أبي هريرة. (أنه قال) موقوف. وقد روي مرفوعاً، ورجح الحافظ وقفه كما سيأتي. (الذي يرفع رأسه) أي من الركوع والسجود. (ويخفضه) أي الرأس فيهما. (قبل الإمام) أي قبل رفعه وخفضه. (فإنما ناصيته) أي شعر مقدم رأسه. قال في المجمع: هي الشعر المسترسل في مقدم الرأس، وقد يكنى بها عن جميع الذات. وقال في القاموس: الناصية قصاص الشعر. (بيد الشيطان) حقيقة أو مجازاً، يعني يقلبه على خلاف رضى الحق، فهو في تصريف الشيطان، وقبول أمره. والمعنى أن المبادرة بالرفع والخفض قبل الإمام من فعل الشيطان بالمبادر. قال الباجي: معناه الوعيد لمن فعل ذلك، وإخبار أن ذلك من فعل الشيطان، وأن فعله هذا انقياد من كانت ناصيته بيده - انتهى. قال صاحب القبس: ليس للتقدم قبل الإمام سبب إلا طلب الاستعجال، ودواؤه أنه يستحضر أنه لا يسلم قبل الإمام فلا يستعجل في هذه الأفعال، ذكره الحافظ في الفتح. (رواه مالك) عن محمد بن عمرو بن علقمة بن وقاص عن مليح بن عبد الله بن السعدي عن أبي هريرة من قوله قال ابن عبد البر: رواه مالك موقوفاً، ورواه الدراوردي عن محمد بن عمرو عن مليح عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم. وقال الحافظ في الفتح أخرجه البزار من رواية مليح بن عبد الله السعدي عن أبي هريرة مرفوعاً، وأخرجه عبد الرزاق من هذا الوجه موقوفاً. وهو المحفوظ - انتهى. قلت: والحديث المرفوع عزاه الهيثمي في مجمع الزوائد (ج2:ص78) للبزار، والطبراني وقال: وإسناده حسن - انتهى. ومليح بن عبد الله السعدي لم أجد ترجمته في كتب الرجال الموجودة عندي، إلا أنه ذكره ابن سعد في الطبقة الثانية من تابعي أهل المدينة، فقال: مليح بن عبد الله السعدي روى عن أبي هريرة وروى عنه محمد بن عمرو بن علقمة الليثي - انتهى.