الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قبله، إنما قنت رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد الركوع شهراً، إنه كان بعث أناساً يقال لهم: القراء، سبعون رجلاً، فأصيبوا، فقنت رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد الركوع شهراً يدعو عليهم)) . متفق عليه.
{الفصل الثاني}
1298-
(3) عن ابن عباس، قال: ((قنت رسول الله صلى الله عليه وسلم شهراً متتابعاً في الظهر
ــ
أي أنس. (قبله) أي كان محل القنوت في الوتر قبل الركوع، والمتن وقع في اختصار من البغوي وسياقه عند البخاري قال أي عاصم: سألت أنس بن مالك عن القنوت فقال: كذب إنما قنت رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ. وقد وافق عاصماً على روايته هذه عبد العزيز بن صهيب عن أنس، كما وقع في المغازي للبخاري بلفظ: سأل رجل أنساً عن القنوت بعد الركوع أو عند الفراغ من القراءة، قال: لا بل عند الفراغ من القراءة. (إنما قنت رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد الركوع) أي في المكتوبة عند النازلة. (شهراً) فقط، وأما في غير المكتوبة أي في الوتر فقنت قبله، يعني فمن حكى أن القنوت دائماً بعد الركوع فقد أخطأ فإنه صلى الله عليه وسلم إنما قنت بعد الركوع شهراً فقط. (إنه) بالكسر استئناف مبين للتعليل للتحديد في الشهر. (كان بعث) أي أرسل. (أناس) أي جماعة من أهل الصفة. (يقال لهم القراء) لكثرة قراءتهم وحفظهم للقرآن وتعليمهم لغيرهم. (سبعون) أي هم سبعون (رجلاً) وكانوا من أوزاع الناس ينزلون الصفة يتفقهون العلم ويتعلمون القرآن، وكانوا ردءاً للمسلمين إذا نزلت بهم نازلة وكانوا حقاً عمار المسجد وليوث الملاحم، بعثهم رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أهل نجد من بني عامر ليدعوهم على الإسلام ويقرؤا عليهم القرآن، فلما نزلوا بئر معونة قصدهم عامر بن الطفيل في أحياء من بني سليم، وهو رعل وذكوان وعصية فقاتلوهم. (فأصيبوا) أي فقتلوا جميعاً. قيل: ولم ينج منهم إلا كعب بن زيد الأنصاري، فإنه تخلص وبه رمق وظنوا أنه مات، فعاش حتى استشهد يوم الخندق وأسر عمرو بن أمية الصغرى، وكان ذلك في السنة الرابعة من الهجرة أي في صفر على رأس أربعة أشهر من أحد، فحزن رسول الله صلى الله عليه وسلم حزناً شديداً، قال أنس: ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وجد على أحد ما وجد عليهم. (فقنت رسول الله صلى الله عليه وسلم) أي في الصلوات الخمس. (بعد الركوع شهراً يدعو عليهم) أي على قاتليهم. والحديث يدل على مشروعية القنوت في النازلة، وعلى أن القنوت في النازلة بعد الركوع. وأن قنوته صلى الله عليه وسلم في المكتوبة لهذه النازلة كان محصوراً على الشهر بعد الركوع، وأنه لم يقنت بعد ذلك الشهر لعدم وقوع نازلة تستدعي القنوت بعده، وأنه لم يقنت في المكتوبة لغير النازلة قط لا قبل الركوع ولا بعده، كما دل عليه حديث أنس عند ابن خزيمة وحديث أبي هريرة عند ابن حبان، وقد تقدما. (متفق عليه) للحديث ألفاظ في الصحيحين وغيرهما، وأخرجه البخاري في مواضع مطولاً ومختصراً.
1298-
قوله: (شهراً متتابعاً) أي موالياً أيامه يعني قنت في كل يوم منه لم يتركه في وقت. (في الظهر
والعصر والمغرب والعشاء وصلاة الصبح، إذا قال: سمع الله لمن حمده من الركعة الأخيرة، يدعو
على أحياء من بنى سليم: على رعل وذكوان وعصية، ويؤمن من خلفه)) . رواه أبوداود.
1299-
(4) وعن أنس، ((أن النبي صلى الله عليه وسلم قنت شهراً ثم تركه)) . رواه أبوداود، والنسائي.
1300-
(5) وعن أبي مالك الأشجعي،
ــ
(والعصر والمغرب والعشاء وصلاة الصبح) في أبي داود بعده في دبر كل صلاة، وفيه دليل على أن القنوت للنوازل لا يختص ببعض الصلوات، فهو يرد على من خصصه بالجهرية أو بصلاة الفجر عندها. (إذا قال سمع الله لمن حمده) أي وقال ربنا لك الحمد، كما ثبت ذلك في حديث ابن عمر عند البخاري وأحمد. وفيه أن القنوت للنازلة بعد الركوع. (من بني سليم) مصغر. (على رعل) بدل بإعادة الجار، وهو بكسر الراء وسكون المهملة، قبيلة من بني سليم. (وذكوان) بفتح الذال المعجمة، قبيلة من بني سليم أيضاً. (وعصية) كسمية تصغير عصا، قبيلة أيضاً من بني سليم فالأول هو رعل بن خالد بن عوف بن امرىء القيس بن بهثه بن سليم، والثاني هو ذكوان بن ثعلبة بن بهثة بن سليم. والثالث عصية بن خفاف بن امرىء القيس بن بهثة بن سليم، فالثلاثة قبائل من سليم. (ويؤمن من خلفه) أي يقول آمين من خلفه من المأمومين. (رواه أبوداود) وأخرجه أيضاً أحمد والحاكم (ج1 ص225 -226) والبيهقي (ج2 ص200، 212) من طريق الحاكم وأبي داود. وزاد الحاكم: أرسل إليهم يدعوهم إلى الإسلام فقتلوهم. والحديث سكت عنه أبوداود، وصححه الحاكم، وذكره الحافظ في التلخيص من غير كلام فيه. وقال المنذري: في إسناده هلال بن خباب أبوالعلاء العبدي، وقد وثقه أحمد وابن معين وأبوحاتم الرازي. وقال أبوحاتم: وكان يقال تغير قبل موته من كبر السن. وقال العقيلي: في حديثه وهم تغير بآخرة. وقال ابن حبان: اختلط في آخر عمره فكان يحدث بالشيء على التوهم لا يجوز الاحتجاج به إذا انفرد- انتهى. وقال الحافظ: أنه صدوق تغير بأخرة.
1299-
قوله: (قنت) أي في المكتوبة. (شهراً) أي بعد الركوع. (ثم تركه) أي القنوت في الفرض؛ لأنه قنت في نازلة. كما تقدم، فلما زالت وارتفعت تركه. وقال الشافعي ومن وافقه: معناه تركه في الصلوات الأربع ولم يتركه في الصبح أو ترك اللعن والدعاء على القبائل، ولا يخفى ما فيه. (رواه أبوداود والنسائي) وأخرجه أيضاً أحمد ومسلم ولفظه: قنت شهراً يدعو على أحياء العرب ثم تركه، وأخرج بهذا اللفظ أحمد والنسائي والبيهقي (ج2 ص201) أيضاً.
1300-
قوله: (وعن أبي مالك الأشجعي) اسمه سعد بن طارق الكوفي من ثقات التابعين، روى عن
قال: قلت لأبي: يا آبت! إنك قد صليت خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأبي بكر، وعمر، وعثمان،
وعلي، ههنا بالكوفة نحواً من خمس سنين، أكانوا يقنتون؟ قال: أي بني! محدث)) . رواه
الترمذي، والنسائي، وابن ماجه.
ــ
أبيه وأنس وعبد الله بن أبي أوفي وغيرهم، مات في حدود الأربعين ومائة، ووالده طارق بن أشيم بفتح الهمزة وسكون الشين المعجمة وفتح الياء التحتية على وزن أحمر ابن مسعود الكوفي، صحابي، قليل الحديث، لم يرو عنه إلا ابنه سعد أبومالك، وأحاديثه في مسند أحمد (ج3 ص472 وج6 ص394- 395) . (يا أبت) بكسر التاء. (وأبي بكر وعمر وعثمان) أي بالمدينة. (وعلي) أي وصليت خلف علي. (ههنا بالكوفة) هما ظرفان متعلقان بصليت خلف علي المحذوف. (نحوا) أي قريباً. (من خمس سنين) هذا أيضاً متعلق بصليت خلف علي المحذوف. (أكانوا يقنتون) بإثبات همزة الاستفهام. وفي نسخ المصابيح بإسقاطها. واختلفت نسخ الترمذي في ذلك، فبعضها بحذفها وبعضها بإثباتها. وفي رواية ابن ماجه: فكانوا يقنتون في الفجر، فالسؤال مقدر. (قال) أي أبي. (أي بني محدث) بفتح الدال أي القنوت في المكتوبة أو في الفجر بدعة، والمراد الدوام والاستمرار عليه لا القنوت مطلقاً جمعا بين الأحاديث، فهذا يدل على أن القنوت في المكتوبة كان مخصوصاً بأيام المهام والنوازل والوقائع. وقال البيهقي (ج2 ص213) : لم يحفظ طارق بن أشيم القنوت عمن صلى خلفه فرآه محدثاً وقد حفظه غيره، فالحكم لمن حفظ دون من لم يحفظه- انتهى. وقال غيره: ليس في هذا الحديث دليل على أنهم ما قنتوا قط، بل اتفق أن طارقا صلى خلف كل منهم وأخذ بما رأى. ومن المعلوم أنهم كانوا يقنتون في النوازل. وهذا الحديث يدل على أنهم ما كانوا يحافظون على قنوت راتب، كذا في نصب الراية (ج2 ص131) . وقال الطيبي: لا يلزم من نفي هذا الصحابي نفي القنوت؛ لأنه شهادة بالنفي، وقد شهد جماعة بالإثبات مثل الحسن وأبي هريرة وابن عباس- انتهى. يعني أن المثبت مقدم على المنفي. ومن حفظ حجة على من لم يحفظ. (رواه الترمذي) وقال: حديث حسن صحيح. وقال في التلخيص (ص93) : إسناده حسن. (والنسائي) ولفظه عن أبي مالك الأشجعي عن أبيه قال: صليت خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يقنت، وصليت خلف أبي بكر فلم يقنت، وصليت خلف عمر فلم يقنت، وصليت خلف عثمان فلم يقنت، وصليت خلف علي فلن يقنت، ثم قال يا بني إنها بدعة. (أي المداومة على القنوت بدعة، وتأنيث الضمير باعتبار الخبر) . (وابن ماجه) وأخرجه أيضاً أحمد (ج3 ص472 وج6 ص394) والبيهقي (ج2 ص213) والطحاوي (ج1 ص146) .