المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

وقال: هذا حديث غريب لا يعرف إلا من حديث موسى - مرعاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح - جـ ٤

[عبيد الله الرحماني المباركفوري]

فهرس الكتاب

- ‌(24) باب تسوية الصف

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(25) باب الموقف

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(26) باب الإمامة

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(27) باب ما على الإمام

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(28) باب ما على المأموم من المتابعة وحكم المسبوق

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(29) باب من صلى صلاة مرتين

- ‌{الفصل الأول}

- ‌((الفصل الثاني))

- ‌((الفصل الثالث))

- ‌(30) باب السنن وفضائلها

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(31) باب صلاة الليل

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(32) باب ما يقول إذا قام من الليل

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(33) باب التحريض على قيام الليل

- ‌{الفصل الأول}

- ‌((الفصل الثاني))

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(34) باب القصد في العمل

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(35) باب الوتر

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(36) باب القنوت

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(37) باب قيام شهر رمضان

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(38) باب صلاة الضحى

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(39) باب التطوع

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌(40) باب صلاة التسبيح

- ‌(41) باب صلاة السفر

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(42) باب الجمعة

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(43) باب وجوبها

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(44) باب التنظيف والتبكير

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(45) باب الخطبة والصلاة

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

الفصل: وقال: هذا حديث غريب لا يعرف إلا من حديث موسى

وقال: هذا حديث غريب لا يعرف إلا من حديث موسى بن عبيدة، وهو يضعف.

{الفصل الثالث}

1373-

(10) عن أبي لبابة بن عبد المنذر، قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((إن يوم الجمعة سيد الأيام وأعظمها عند الله، وهو أعظم عند الله من يوم الأضحى ويوم الفطر، فيه خمس خلال: خلق الله فيه آدم، وأهبط الله فيه آدم إلى الأرض، وفيه توفى الله آدم، وفيه ساعة لا يسأل العبد فيها شيئاً

ــ

وابن خزيمة. (وقال هذا حديث غريب لا يعرف) وفي نسخ الترمذي الحاضرة عندنا: هذا حديث لا نعرفه. (إلا من حديث موسى بن عبيدة) بضم العين المهملة وفتح الموحدة. (وهو يضعف) بصيغة المجهول أي في الحديث. قال الترمذي: ضعفه يحيى بن سعيد القطان وغيره من قبل حفظه-انتهى. قلت: ضعفه أيضاً أحمد وابن معين والنسائي وابن المديني وابن حبان وغيرهم. وقال الساجي وأبوحاتم: منكر الحديث. وقال أبوزرعة: ليس بقوي الأحاديث وقال ابن سعد: كان ثقة كثير الحديث وليس بحجة. وقال وكيع: كان ثقة وقد حدث عن عبد الله بن دينار أحاديث لم يتابع عليها. وقال أبوبكر البزار: موسى بن عبيدة رجل مفيد، وليس بالحافظ، إنما قصر به عن حفظ الحديث شغله بالعبادة. وقال الآجري عن أبي داود: أحاديثه مستوية إلا عن عبد الله بن دينار. وقال ابن معين: ليس بالكذوب، ولكنه روى عن ابن دينار أحاديث مناكير، كذا في تهذيب التهذيب. والظاهر أن موسى هذا ضعيف من قبل حفظه لا سيما في عبد الله بن دينار ومع ذلك فهو صدوق، وقد تأيد حديثه هذا بحديث أبي مالك الأشعري وجبير بن مطعم ومرسل ابن المسيب، وبالأحاديث التي رويت في فضل الجمعة وساعة الإجابة.

1373-

قوله: (وعن أبي لبابة) بضم اللام وخفة موحدة أولى، الأوسي الأنصاري المدني، اسمه بشير، أو رفاعة بن عبد المنذر، صحابي مشهور. قال أبوأحمد الحاكم: يقال شهد بدراً، ويقال رده النبي صلى الله عليه وسلم حين خرج إلى بدر من الروحاء، واستعمله على المدينة، وضرب له بسهمه وأجره، فكان كمن شهدها ثم شهد أحداً وما بعدها وكانت معه رواية بني عمرو بن عوف في الفتح، وكان أحد النقباء شهد العقبة، له خمسة عشر حديثاً، اتفقا على حديث، مات في خلافة علي. وقيل: بعد الخمسين. (إن يوم الجمعة سيد الأيام) أي أفضل أيام الأسبوع، أو أريد بالسيد المتبوع، كما قال: والناس لنا تبع. (وهو أعظم عند الله من يوم الأضحى ويوم الفطر) قيل: أي باعتبار كونه يوم عبادة صرف، وهما يوم فرح وسرور، وفيه إشارة إلى تساوي يومي الجمعة وعرفة أو أفضلية عرفة. (فيه) أي في نفس يوم الجمعة. (خمس خلال) بكسر الخاء المعجمة أي خصال مختصة به. (خلق الله فيه آدم) أي طينته. (وأهبط الله فيه آدم إلى الأرض) أي أنزله من الجنة إلى الأرض. (لا يسأل العبد) اللام للعهد أي العبد المسلم. (فيها شيئاً)

ص: 436

إلا أعطاه، ما لم يسأل حراماً، وفيه تقوم الساعة، ما من ملك مقرب ولا سماء ولا أرض ولا رياح ولا جبال ولا بحر إلا هو مشفق من يوم الجمعة) . رواه ابن ماجه.

1374-

(11) وروى أحمد عن سعد بن معاذ. ((أن رجلاً من الأنصار أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال:

ــ

أي مما يليق أن يدعو به المسلم، ويسأل فيه ربه تعالى. (إلا أعطاه) أي الله إياه. (ما لم يسأل حراماً) أي ما لم يكن مسؤله ممنوعاً. (ما من ملك مقرب ولا سماء ولا أرض ولا رياح ولا جبال ولا بحر) أي ولا من دابة، كما تقدم. (إلا هو مشفق) أي خائف من الإشفاق بمعنى الخوف، ولفظ ابن ماجه وأحمد: إلا وهن يشفقن. (من يوم الجمعة) أي خوفاً من فجأة الساعة، وفيه أن سائر المخلوقات تعلم الأيام بعينها، وأنها تعلم أن القيامة تقوم يوم الجمعة، ولا تعلم الوقائع التي بينها وبين القيامة، أو ما تعلم أن تلك الوقائع ما وجدت إلى الآن، لكن هذا بالنظر إلى الملك المقرب لا يخلو عن خفاء. والأقرب أن غلبة الخوف والخشية تنسيهم ذلك. (رواه ابن ماجه) وكذا أحمد (ج3ص430) بلفظ واحد. قال في الزوائد: إسناده حسن، وكذا قال العراقي، كما في النيل. وقال المنذري في الترغيب: في إسنادهما (أي أحمد وابن ماجه) عبد الله بن محمد بن عقيل، وهو ممن احتج به أحمد وغيره.

1374-

قوله: (وروى أحمد عن سعد بن معاذ) كذا وقع في متن المرقاة وغيره، ووقع في بعض النسخ: سعيد بن معاذ، وكلاهما خطأ من النساخ؛ لأنه ليس في الرواة أحد اسمه سعيد بن معاذ، ولأن هذا الحديث من مرويات سعد بن معاذ، بل هو من مسانيد سعد بن عبادة، فالصواب سعد بن عبادة، كما وقع في مسند الإمام أحمد (ج5ص284) ومجمع الزوائد (ج2ص163) والترغيب للمنذري (ج1ص214) والفتح (ج4ص503) قال المنذري بعد ذكر حديث أبي لبابة عن المسند وسنن ابن ماجه: ورواه أحمد أيضاً والبزار من طريق عبد الله بن محمد بن عقيل أيضاً من حديث سعد بن عبادة، وبقية رواته ثقات مشهورون-انتهى. وسعد بن عبادة بعين مضمومة وخفة موحدة، ابن دليم بن حارثة أبوثابت الأنصاري الساعدي الخزرجي، سيدهم، وصاحب رأية الأنصار في المشاهد كلها. اختلف في شهوده بدراً فوقع في صحيح مسلم أنه شهدها، وكذا قاله ابن عيينة والبخاري وأبوحاتم وأبوأحمد الحاكم وابن حبان، والمعروف عند أهل المغازي أنه تهيأ للخروج إلى بدر فنهش فأقام، وهو من نقباء العقبة الاثني عشر، وكان أحد الأجواد، يكتب بالعربية ويحسن العوم والرمي، وكان من أحسن ذلك يسمى الكامل، وكان كثير الصدقات جداً، حكايات جوده كثيرة مشهورة، تخلف عن بيعة أبي بكر رضي الله عنه وخرج عن المدينة، ولم يرجع إليها حتى مات بحوران من أرض الشام لسنتين ونصف من خلافة عمر سنة (15) وقيل:(14) وقيل: (11) ولم يختلفوا أنه وجد ميتا في مغتسلة، وقد أخضر جسده ولم يشعروا بموته حتى سمعوا قائلاً يقول ولا يرونه:

ص: 437

أخبرنا عن يوم الجمعة ماذا فيه من الخير؟ قال: فيه خمس خلال)) . وساق إلى آخر الحديث.

1375-

(12) وعن أبي هريرة، قال:((قيل للنبي صلى الله عليه وسلم: لأي شيء سمي يوم الجمعة؟ قال: لأن فيها طبعت طينة أبيك آدم، وفيها الصعقة والبعثة وفيها البطشة، وفي آخر ثلاث ساعات منها ساعة من دعا الله فيها استجيب له)) .

ــ

نحن قتلنا سيد الخزرج سعد بن عبادة، ورمينا بسهمين فلم نخط فؤاده، فيقال: إن الجن قتلته. (أخبرنا عن يوم الجعة) أي عن خواصه. (ماذا فيه من الخير قال: فيه خمس خلال) قال الطيبي: يدل على أن هذه الخلال خيرات توجب فضيلة اليوم. (وساق) أي ذكرها مرتباً. (إلى آخر الحديث) والظاهر أنه ليس المراد بخمس خلال الحصر لما تقدم أن ابن القيم ذكر في الهدي ثلاثاً وثلاثين خصوصية للجمعة.

1375-

قوله: (لأي شيء سمي) أي يوم الجمعة بالرفع. (يوم الجمعة) بالنصب على أنه مفعول ثان، وذكره المنذري في الترغيب، والهيثمي في الزوائد عن المسند بلفظ: أي شيء يوم الجمعة. (لأن فيها) أنثه نظراً للمضاف إليه. (طبعت) أي خمرت وجمعت. وقيل: جعلت صلصالاً كالفخار. (طينة أبيك) الطين بالكسر معروف وبالهاء قطعة منه. (آدم) أي الذي هو مجموعة العالم، والخطاب للقائل السائل. (وفيها الصعقة) أي الصيحة الأولى التي يموت بها جميع أهل الدنيا. (والبعثة) بكسر الباء وتفتح أي النفخة الثانية التي بها تحيا جميع الأجساد الفانية. (وفيها البطشة) أي الأخذة الشديدة يوم القيامة الطامة التي للخلائق عامة، والمراد بها المؤاخذة بعد البعث والحشر. قال القاري: وما قيل إنها يوم القيامة، فهو ضعيف؛ لأن التأسيس أولى من التأكيد. قال الطيبي: سئل صلى الله عليه وسلم عن علة تسمية الجمعة، فأجاب بأنه إنما سمي بها لاجتماع الأمور العظام وجلائل الشؤون فيها-انتهى. ولا يخفى أن فيما قدمناه إشارة إلى أن معنى الجمعية موجودة في كل من الأمور المذكورة مع قطع النظر عن الهيئة المجموعية. (وفي آخر ثلاث ساعات منها) أي من يوم الجمعة. (ساعة) قال الطيبي: وفي هذه تجريدية، إذا الساعة هي نفس آخر ثلاث ساعات، كما في قولك: في البيضة عشرون منا من حديد والبيضة نفس الأرطال-انتهى. قال القاري: ولعل العدول عن أن يقول: وفي آخرها ساعة إشارة إلى المحافظة على الساعتين قبل تلك الساعة لقربها-انتهى. وعلى هذا حديث أبي هريرة هذا يكون موافقاً للأحاديث المصرحة بأنها آخر ساعة بعد العصر، وهو الظاهر عندي، ويظهر من كلام الحافظ أنه فهم أن المراد منه آخر الساعة الثالثة من أول النهار حيث قال: القول الحادي عشر أنها آخر الساعة الثالثة من النهار، حكاه صاحب المغني (ج2ص355) ، وهو في مسند الإمام أحمد من طريق علي بن طلحة عن أبي هريرة مرفوعاً، فذكر حديث الباب ثم نقل عن المحب الطبري أنه قال: قوله في آخر ثلاث ساعات

ص: 438

رواه أحمد.

1376-

(13) وعن أبي الدرداء، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أكثروا الصلاة عليّ يوم الجمعة، فإنه مشهود يشهده الملائكة، وإن أحداً لم يصل عليً إلا عرضت علي صلاته حتى يفرغ منها. قال قلت: وبعد الموت؟ قال: إن الله حرم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء، فنبي الله حي يرزق))

ــ

يحتمل أمرين: أحدهما أن يكون المراد الساعة الأخيرة من الثلاثة الأول. ثانيهما أن يكون المراد أن في آخر كل من الثلاثة ساعة إجابة، فيكون فيه تجوز لإطلاق الساعة على بعض الساعة-انتهى. (رواه أحمد) من طريق علي بن أبي طلحة عن أبي هريرة، وفي إسناده فرج بن فضالة، وهو ضعيف، وعلي لم يسمع من أبي هريرة، قاله الحافظ، ووهم الهيثمي إذ قال: رجاله رجال الصحيح، ووهم المنذري أيضاً حيث قال: رجاله محتج بهم في الصحيح.

1376-

قوله: (فإنه) أي يوم الجمعة. (مشهود يشهده) قال القاري: بالياء والتاء. وفي ابن ماجه: تشهده بالتاء، وكذا نقله المجد بن تيمية والمنذري. (الملائكة) هذا لا ينافي ما تقدم من أن يوم الجمعة شاهد؛ لأن إطلاق المشهود عليه هنا باعتبار آخر، فهو شاهد ومشهود، كما قيل في حقه تعالى: هو الحامد، وهو المحمود، مع أنه يحتمل أن يكون ضمير فإنه في هذا الحديث راجعاً إلى إكثار الصلاة المفهوم من "أكثروا"، ويؤيده السياق المكتنف بالسباق واللحاق. (إلا عرضت) بصيغة المجهول. (على صلاته) بواسطة الملائكة أي في كل وقت، فعرضها في يوم الجمعة الذي هو أفضل الأيام أولى، ويحتمل أن يكون ذلك العرض مخصوصاً بيوم الجمعة أي وجوباً والبتة على وجه الكمال كذا في اللمعات. (حتى يفرغ منها) أي من الصلاة يعني الصلوات كلها معروضة على وإن طالت المدة من ابتداء شروعه فيها إلى الفراغ منها. (قلت وبعد الموت) أي أيضاً، والاستفهام مقدر "أو" وبعد الموت ما الحكم فيه. (إن الله حرم على الأرض) أي منعها منعاً كلياً. (أن تأكل أجساد الأنبياء) فلا فرق لهم في الحالين. وفيه إشارة إلى أن العرض على مجموع الروح والجسد منهم بخلاف غيرهم. (فنبي الله) يحتمل الإضافة الاستغراق، ويحتمل أنها للعهد، والمراد نفسه، وهو الظاهر. وقال القاري: يحتمل الجنس والاختصاص بالفرد الأكمل، والظاهر هو الأول؛ لأنه رأى موسى قائماً يصلي في قبره، وكذلك إبراهيم، كما في حديث مسلم. (حي يرزق) رزقاً معنويا فإن الله تعالى قال في حق الشهداء من أمته:{بل أحياء عند ربهم يرزقون} فكيف سيدهم بل رئيسهم؛ لأنه حصل له أيضاً مرتبة الشهادة مع مزيد السعادة بأكل الشأة المسمومة وعود سمها، وإنما عصمة الله من الشهادة الحقيقية للبشاعة الصورية ولإظهار القدرة الكاملة بحفظ فرد من بين أعداءه من شر البرية، ولا ينافيه أن يكون هناك رزق حسي أيضاً، وهو الظاهر المتبادر، قاله القاري. ثم هذه الجملة يحتمل أن تكون من قول النبي صلى الله عليه وسلم -

ص: 439

رواه ابن ماجه.

1377-

(14) وعن عبد الله بن عمرو، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ما من مسلم يموت يوم الجمعة أو ليلة الجمعة إلا وقاه الله فتنة القبر)) . رواه أحمد، والترمذي، وقال: هذا حديث غريب، وليس إسناده بمتصل.

ــ

نتيجة للكلام، ويحتمل أن تكون من قول أبي الدرداء استفادة من كلامه وتفريعاً عليه صلى الله عليه وسلم، وهذا هو الظاهر. وفي الحديث مشروعية الإكثار من الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم يوم الجمعة، وأنها تعرض عليه صلى الله عليه وسلم، وأنه حي في قبره. وقد ذهب جماعة من العلماء ومنهم البيهقي والسيوطي إلى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حي بعد وفاته، وأنه يسير بطاعات أمته، وعندنا حياته هذه هي نوع حياة برزخية وليست نظير الحياة الدنيوية المعهودة، فإن روحه صلى الله عليه وسلم في مستقرها في عليين مع الرفيق الأعلى، ولها تعلق ببدنه الطيب قوي فوق تعلق روح الشهيد بجسده، فلا يثبت لها أحكام الحياة الدنيوية إلا ما وقع ذكره في الأحاديث الصحيحة، وارجع للبسط والتحقيق إلى الصارم المنكى (ص196- 204) واقتضاء الصراط المستقيم، وصيانة الإنسان. (رواه ابن ماجه) في آخر الجنائز. قال العراقي في شرح الترمذي، والحافظ في تهذيب التهذيب (ج3ص398) : رجاله ثقات إلا أن فيه انقطاعاً؛ لأن في إسناده زيد بن أيمن عن عبادة بن نسي عن أبي الدرداء. قال البخاري: زيد بن أيمن عن عبادة بن نسي مرسل، ونقل السندي عن البوصيري أنه قال في الزوائد: هذا الحديث صحيح إلا أنه منقطع في موضعين؛ لأن عبادة روايته عن أبي الدرداء مرسلة، قاله العلاء وزيد بن أيمن عن عبادة مرسلة، قاله البخاري-انتهى.

1377-

قوله: (ما من مسلم) قال القاري: زيادة "من" لإفادة العموم، فيشمل الفاسق إلا أن يقال إن التنوين للتعظيم. (يموت يوم الجمعة أو ليلة الجمعة) الظاهر أن "أو" للتنويع لا للشك. (إلا وقاه الله) أي حفظه. (فتنة القبر) أي عذابه وسؤاله، وهو يحتمل الإطلاق والتقييد، والأول هو الأولى بالنسبة إلى فضل المولى، وهذا يدل على أن شرف الزمان له تأثير عظيم، كما أن فضل المكان له أثر جسيم. (رواه أحمد)(ج2ص169) . (والترمذي) في الجنائز، كلاهما من طريق سعيد بن أبي هلال عن ربيعة بن سيف عن عبد الله بن عمرو. (وقال) أي الترمذي. (هذا حديث غريب وليس إسناده بمتصل) ؛ لأن ربيعة بن سيف إنما يروي عن أبي عبد الرحمن الحبلى عن عبد الله بن عمرو. قال الترمذي: ولا نعرف لربيعة بن سيف سماعاً من عبد الله بن عمرو-انتهى. وذكر الحافظ كلام الترمذي هذا في التهذيب وأقره، قال شيخنا في شرح الترمذي: فالحديث ضعيف؛ لانقطاعه، لكن له شواهد. قال الحافظ في الفتح بعد ذكر هذا الحديث: في إسناده ضعف. وأخرجه أبويعلى من حديث أنس نحوه،

ص: 440

1378-

(15) وعن ابن عباس، أنه قرأ:{اليوم أكملت لكم دينكم} الآية،

ــ

وإسناده أضعف-انتهى. وقال الهيثمي: في سند حديث أنس يزيد الرقاشى، وفيه كلام-انتهى. وقال القاري: ذكره السيوطي في باب من لا يسأل في القبر، وقال: أخرجه أحمد والترمذي وحسنه، وابن أبي الدنيا عن ابن عمرو، ثم قال: وأخرجه ابن وهب في جامعه والبيهقي أيضاً من طريق آخر عنه بلفظ: إلا برئ من فتنة القبر. وأخرجه البيهقي أيضاً من طريق ثالثة عنه موقوفاً بلفظ: وقي الفتان-انتهى. قلت: لم أجد عند الترمذي تحسينه فلعله وهم وقع في النسخة التي كانت بيد السيوطي، لكن الحديث رواه أحمد من طريق آخر صحيح (ج2ص176، 219) وجاء نحوه أيضاً من حديث جابر رواه أبونعيم في الحلية (ج3ص155، 156) بإسناد فيه ضعف. قال ابن القيم: حديث جابر تفرد به عمرو بن موسى الوجيهي، وهو مدني ضعيف-انتهى. قال السيوطي: قال القرطبي هذه الأحاديث أي التي تدل على نفي سؤال القبر لا تعارض أحاديث السؤال السابقة أي لا تعارضها بل تخصها وتبين من لا يسئل في قبره ولا يفتن فيه ممن يجري عليه السؤال ويقاسي تلك الأهوال، وهذا كله ليس فيه مدخل للقياس ولا مجال للنظر فيه، وإنما فيه التسليم والإنقياد لقول الصادق المصدوق. قال الحكيم الترمذي: ومن مات يوم الجمعة فقد انكشف له الغطاء عما له عند الله؛ لأن يوم الجمعة لا تسجر فيه جهنم وتغلق أبوابها، ولا يعمل سلطان النار فيه ما يعمل في سائر الأيام، فإذا قبض الله عبداً من عبيده فوافق قبضه يوم الجمعة كان ذلك دليلا لسعادته وحسن مآبه، وأنه لا يقبض في ذلك اليوم إلا من كتب له السعادة عنده، فلذلك يقيه فتنة القبر؛ لأن سببها إنما هو تمييز المنافق من المؤمن. قلت: ومن تتمة ذلك أن من مات يوم الجمعة له أجر شهيد، فكان على قاعدة الشهداء في عدم السؤال، كما أخرجه أبونعيم في الحلية عن جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من مات يوم الجمعة أو ليلة الجمعة أجير من عذاب القبر، وجاء يوم القيامة وعليه طابع الشهداء. وأخرج حميد في ترغيبه عن إياس بن بكير: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من مات يوم الجمعة كتب له أجر شهيد ووقي فتنة القبر. وأخرج من طريق ابن جريج عن عطاء قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما من مسلم أو مسلمة يموت في يوم الجمعة أو ليلة الجمعة إلا وقي عذاب القبر وفتنة القبر، ولقي الله ولا حساب عليه، وجاء يوم القيامة ومعه شهود يشهدون له أو طابع، وهذا الحديث لطيف صرح فيه بنفي الفتنة والعذاب معاً-انتهى كلام السيوطي. قال ابن القيم في حديث جابر: تفرد بع عمر بن موسى الوجيهي، وهو مدني، ضعيف.

1378-

قوله: (اليوم أكملت لكم دينكم) أي ما تحتاجون إليه في تكليفكم من تعليم الحلال والحرام وقواعد العقائد وقوانين القياس وأصول الاجتهاد. وقيل: أي أحكامه وفرائضه وشرائعه، فلم ينزل بعدها حلال ولا حرام. (الآية) وهي قوله. {وأتممت عليكم نعمتي} أي بالهداية والتوفيق، أو بإكمال الدين، أو بفتح مكة

ص: 441

وعنده يهودي، فقال: لو نزلت هذه الآية علينا لاتخذناها عيداً، فقال ابن عباس: فإنها نزلت في يوم عيدين، في يوم جمعة، ويوم عرفة)) . رواه الترمذي، وقال: هذا حديث حسن غريب.

ــ

ودخولها آمنين. وقيل: أي أمور دنياكم. {ورضيت} أي اخترت. {لكم الإسلام ديناً} حال أي اخترته لكم من بين الأديان وآذنتكم بأنه هو الدين المرضى وحده. (وعنده) أي وعند ابن عباس. (يهودي) أي حاضر. وفي حديث عمر بن الخطاب عند البخاري في كتاب الإيمان: أن رجلاً من اليهود قال له أي لعمر. قال الحافظ: هذا الرجل، هو كعب الأحبار، بين ذلك مسدد في مسنده، والطبري في تفسيره، والطبراني في الأوسط، وللبخاري في المغازى: أن ناساً من اليهود، وله في التفسير: قالت اليهود، فيحمل على أن أنهم كانوا حين سؤال كعب عن ذلك جماعة، وتكلم كعب على لسانهم وأطلق على كعب هذه الصفة إشارة إلى أن سؤاله عن ذلك وقع قبل إسلامه؛ لأن إسلامه كان في خلافة عمر على المشهور، وأطلق عليه ذلك باعتبار ما مضى. (فقال) أي اليهودي. (لاتخذناها) أي جعلنا يوم نزولها. (عيداً) نعظمه في كل سنة ونسر فيه لعظم ما حصل فيه من كمال الدين. (فإنها) أي الآية. (نزلت) أي علينا. (في يوم عيدين) أي وقت عيدين لنا. (في يوم جمعة ويوم عرفة) وفي بعض نسخ المشكاة وجامع الترمذي: في يوم الجمعة أي معرفاً باللام، وهو بدل مما قبله بإعادة الجار، يعني أنزلها الله في يومي عيد لنا فضلاً وإحساناً من غير أن نجعلهما عيدين بأنفسنا، أو قد تضاعف السرور لنا بإنزالها فإنا نعظم الوقت الذي نزلت فيه مرتين وإن كان نزولها في الوقت المشتمل على اليومين، فإنها نزلت على النبي صلى الله عليه وسلم بعرفة يوم الجمعة. وفي حديث عمر عند الطبري: نزلت يوم جمعة يوم عرفة، وكلاهما بحمد الله لنا عيد. والطبراني: وهما لنا عيدان. قال الطيبي: في جواب ابن عباس لليهودي إشارة إلى الزيادة في الجواب، يعني ما اتخذنا عيداً واحداً، بل عيدين، وتكرير اليوم تقرير لاستقلال كل يوم بما سمي به وإضافة يوم إلى عيدين كإضافة اليوم إلى الجمعة أي يوم الفرح المجموع، والمعنى يوم الفرح الذي يعودون مرة بعد أخرى فيه إلى السرور. قال الراغب: العيد ما يعاود مرة بعد أخرى، وخص في الشريعة بيوم الفطر ويوم النحر، ولما كان ذلك اليوم مجعولاً للسرور في الشريعة، كما نبه النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: أيام منى أيام أكل وشرب وبعال صار يستعمل العيد في كل يوم فيه مسرة. والحديث من أدلة فضل الجمعة؛ لأن فيه أخبر الله نبيه صلى الله عليه وسلم والمؤمنين أنه قد أكمل لهم دينهم، فلا يحتاجون إلى زيادة أبداً. فلما أكمل لهم الدين تمت عليهم النعمة، وفي يوم وقع ذلك له فضل عظيم. (رواه الترمذي) في تفسير سورة المائدة وحسنه. وأخرجه أيضاً ابن جرير في تفسيره، وأصل الحديث عند الشيخين وغيرهما عن عمر بن الخطاب أن رجلاً من اليهود قال له الخ.

ص: 442