المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌{الفصل الثالث} 1356- (15) عن ابن عمر، قال: ((صلى رسول الله - مرعاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح - جـ ٤

[عبيد الله الرحماني المباركفوري]

فهرس الكتاب

- ‌(24) باب تسوية الصف

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(25) باب الموقف

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(26) باب الإمامة

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(27) باب ما على الإمام

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(28) باب ما على المأموم من المتابعة وحكم المسبوق

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(29) باب من صلى صلاة مرتين

- ‌{الفصل الأول}

- ‌((الفصل الثاني))

- ‌((الفصل الثالث))

- ‌(30) باب السنن وفضائلها

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(31) باب صلاة الليل

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(32) باب ما يقول إذا قام من الليل

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(33) باب التحريض على قيام الليل

- ‌{الفصل الأول}

- ‌((الفصل الثاني))

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(34) باب القصد في العمل

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(35) باب الوتر

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(36) باب القنوت

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(37) باب قيام شهر رمضان

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(38) باب صلاة الضحى

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(39) باب التطوع

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌(40) باب صلاة التسبيح

- ‌(41) باب صلاة السفر

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(42) باب الجمعة

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(43) باب وجوبها

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(44) باب التنظيف والتبكير

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(45) باب الخطبة والصلاة

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

الفصل: ‌ ‌{الفصل الثالث} 1356- (15) عن ابن عمر، قال: ((صلى رسول الله

{الفصل الثالث}

1356-

(15) عن ابن عمر، قال: ((صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بمنى ركعتين، وأبوبكر

بعده، وعمر بعد أبي بكر، وعثمان صدراً من خلافته. ثم إن عثمان صلى بعد أربعاً،

ــ

1356-

قوله: (بمنى) أي في حجة الوداع. وزاد مسلم في رواية سالم عن أبيه بمنى وغيره. (ركعتين) أي في الفرائض الرباعية للسفر. (وأبو بكر بعده) أي كذلك. (وعمر بعد أبي بكر) كذلك. (وعثمان) كذلك (صدراً من خلافته) أي زماناً أولاً منها نحو ست سنين. قال النووي: هذا هو المشهور أن عثمان أتم بعد ست سنين من خلافته. (ثم إن عثمان صلى بعد) أي بعد مضى الصدر الأول من خلافته. (أربعاً) اعلم أنه اختلف في ذكر السبب لإتمام عثمان بمنى على أقوال: فقيل: لأنه تأهل بمكة على ما روى أحمد (ج1 ص62) من حديثه أنه صلى بمنى أربع ركعات، فأنكره الناس عليه، فقال: يا أيها الناس إني تأهلت بمكة منذ قدمت، وإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من تأهل في بلد فليصل صلاة المقيم، لكن إسناد هذا الحديث ضعيف؛ لأن في سنده عكرمة بن إبراهيم الباهلي، وهو مجهول الحال. فقد نقل الحافظ في التعجيل (ص290) في ترجمته عن الحسيني أنه قال:"ليس بالمشهور". ونقل عن ابن شيخه أنه قال: "لا أعرف حاله". وقيل: رأى عثمان القصر والإتمام جائزين، فأخذ بأحد الجائزين، ورأى ترجيح طرف الإتمام لما فيه من المشقة. قال ابن بطال: الوجه الصحيح في ذلك أن عثمان وعائشة كانا يريان أن النبي صلى الله عليه وسلم إنما قصر لأنه أخذ بالأيسر من ذلك على أمته، فأخذا لأنفسهما بالشدة- انتهى. وهذا رجحه جماعة من آخرهم القرطبي. وقيل: إن عثمان يرى القصر مختصاً بمن كان شاخصاً سائراً. وأما من كان قائماً في مكان في أثناء السفر فله حكم المقيم. قال الحافظ: والمنقول أن سبب إتمام عثمان أنه كان يرى القصر مختصاً بمن كان شاخصاً سائراً. وأما من أقام بمكان في أثناء سفره فله حكم المقيم فيتم، والحجة فيه ما رواه أحمد بإسناد حسن عن عباد بن عبد الله بن الزبير قال: لما قدم علينا معاوية حاجاً صلى بنا الظهر ركعتين بمكة ثن انصرف إلى دار الندوة، فدخل عليه مروان وعمرو بن عثمان فقالا: لقد عبت أمر ابن عمك؛ لأنه كان قد أتم الصلاة، قال: وكان عثمان حيث أتم الصلاة إذا قدم مكة صلى بها الظهر والعصر والعشاء أربعاً أربعاً، ثم إذا خرج إلى منى وعرفة قصر الصلاة، فإذا فرغ من الحج وأقام بمنى أتم الصلاة، قال الحافظ: وهذا الوجه أولى. (أي من الوجه الثاني) لتصريح الراوي بالسبب وإن رجح الوجه الثاني جماعة. وقيل: إنما صلى عثمان بمنى أربعاً؛ لأن الأعراب كانوا كثروا في ذلك العام، فأحب أن يعلمهم أن الصلاة أربع، ذكره الطحاوي عن أيوب عن الزهري. وروى البيهقي من طريق عبد الرحمن بن حميد بن

ص: 410

فكان ابن عمر إذا صلى مع الإمام صلى أربعاً، وإذا صلاها وحده صلى ركعتين)) متفق عليه.

1357-

(16) وعن عائشة، قالت: ((فرضت الصلاة ركعتين، ثم هاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم، ففرضت أربعاً، وتركت صلاة السفر على الفريضة الأولى،

ــ

عوف عن أبيه عن عثمان أنه أتم بمنى، ثم خطب، فقال: إن القصر سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحبيه، ولكنه حدث طعام يعني بفتح الطاء والمعجمة، فخفت أن يستنوا. وعن ابن جريج: أن أعرابياً ناداه في منى يا أمير المؤمنين ما زلت أصليها منذ رأيتك عام أول ركعتين. قال الحافظ: وهذه طرق يقوي بعضها بعضاً، ولا مانع أن يكون هذا أصل سبب الإتمام، وليس بمعارض للوجه الذي اخترنه، بل يقويه من حيث أن حالة الإقامة في أثناء السفر أقرب إلى قياس الإقامة المطلقة عليها بخلاف السائر، وهذا ما أدى إليه اجتهاد عثمان- انتهى. وههنا أقوال أخرى في بيان السبب في إتمام عثمان بمنى، لكنها لا دليل عليها، بل هي ظنون ممن قالها، فلا حاجة إلى ذكرها. (فكان ابن عمر إذا صلى مع الإمام) الظاهر أنه عثمان، ويحتمل أنه أراد إماماً يتم (صلى أربعاً) ؛ لأنه يجب على المسافر المقتدي أن يتبع إمامه قصر أو أتم، كما تقدم. (وإذا صلاها وحده صلى ركعتين) أي قصر الرباعية؛ لأنه مسافر، والقصر أفضل وأحوط بلا خلاف. (متفق عليه) واللفظ لمسلم، بل ما ذكر من فعل ابن عمر أي قوله فكان ابن عمر إذا صلى الخ لم يروه البخاري أصلاً، والحديث أخرجه أيضاً أحمد (ج2 ص55-58) والترمذي والنسائي كلهم من طريق عبيد الله بن عمر العمري عن نافع عن عبد الله بن عمر. وأخرجه مسلم أيضاً من طريق سالم عن أبيه عبد الله بن عمر، وأخرجه البخاري والنسائي أيضاً من طريق عبيد الله بن عبد الله بن عمر عن أبيه.

1357-

قوله: (فرضت الصلاة) أي أولاً بمكة ليلة الإسراء. (ركعتين) وفي رواية: ركعتين ركعتين بالتكرير لإرادة عموم التثنية لكل صلاة في الحضر والسفر. زاد أحمد في مسنده: إلا المغرب فإنها كانت ثلاثاً. (ثم هاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم) أي إلى المدينة. وفي البخاري: "النبي " يدل "رسول الله". (ففرضت أربعاً) أربعاً أي في الحضر إلا الصبح. (قال الدولابي: نزل إتمام صلاة المقيم في الظهر يوم الثلاثاًء اثنتي عشرة ليلة خلت من شهر ربيع الآخر بعد مقدمه صلى الله عليه وسلم بشهر، وأقرت صلاة السفر، ذكره العيني. وقال السهيلي: بعد الهجرة بعام أو نحوه، زيد في صلاة الحضر. (وتركت صلاة السفر) ركعتين ركعتين. (على الفريضة الأولى) ليس في البخاري لفظ: الفريضة، وإنما وقع ذلك في رواية مسلم من طريق يونس عن الزهري عن عروة عن عائشة قالت: فرض الله الصلاة حين فرضها ركعتين،ثم أتمها في الحضر، فأقرت صلاة السفر على الفريضة الأولى.

ص: 411

قال القسطلاني: الأولى بضم الهمزة، لأبي ذر على الأول أي من عدم الزيادة بخلاف صلاة الحضر، فإنه زيد في ثلاث منها ركعتان. وفي رواية للبخاري: فرض الله الصلاة حين فرضها في الحضر والسفر، فأقرت صلاة السفر، وزيد في صلاة الحضر، أي لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة، وقد تمسك بظاهر الحديث الحنفية على أن القصر في السفر عزيمة لا رخصة، فلا يجوز الإتمام إذ ظاهر قولها: أقرت يقتضيه. وأجيب عنه بوجوه: منها المعارضة بقوله تعالى: {فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة} [101:4] ؛ لأنه يدل على أن الأصل الإتمام؛ لأن القصر إنما يكون عن تمام سابق، ونفي الجناح يدل على جوازه دون وجوبه. وأجاب الحنفية عن هذه الآية بوجوه، كما تقدم في شرح حديث يعلى بن أمية في الفصل الأول من هذا الباب. وقال بعضهم: إن إطلاق القصر عليه باعتبار ما زيد في الصلاة لا باعتبار أصل الصلاة، فإنها تدل على أن إطلاق القصر عليه باعتبار ما زيد فيها في الحضر لا باعتبار مطلق الصلاة، فإنه كان زيد فيه بإطلاق اللفظ لا بخصوصية الحضر، وكان في علم الله مخصوصة بالحضر فأطلق القصر عليه باعتبار إطلاق ظاهر اللفظ- انتهى. وزاد بعضهم موضحاً ومبيناً لهذا الجواب يعني فإطلاق القصر مجاز باعتبار الزيادة- انتهى. ولا يخفى ما في هذا الجواب من التكلف والتعسف. ومنها أن حديث عائشة من قولها غير مرفوع، وأنها لم تشهد زمان فرض الصلاة. وتعقب بأنه مما لا مجال للرأي فيه، فله حكم الرفع، وعلى تقدير تسليم أنها لم تشهد فرض الصلاة يكون مرسل صحابي، وهو حجة؛ لأنه يحتمل أن تكون أخذته عن النبي صلى الله عليه وسلم، أو عن صحابي آخر أدرك ذلك. ومنها أن عائشة أتمت في السفر، والعبرة عند الحنفية برأي الصحابي لا بمرويه. قال الحافظ: الزموا الحنفية على قاعدتهم فيما إذا عارض رأي الصحابي روايته بأنهم يقولون العبرة بما رأى لا بما روى، وخالفوا ذلك هنا، فقد ثبت عن عائشة أنها كانت تتم في السفر، فدل ذلك على أن المروي عنها غير ثابت. وأجيب بأن هذا الإلزام مدفوع بما في آخر هذا الحديث من قول عروة: تأولت أي عائشة، كما تأول عثمان، فإنه يدل على أن الأصل في السفر ركعتان عندها أيضاً، ولكنها أتممت بالتأويل. كما أتم عثمان بالتأويل. قال الحافظ: والجواب عن الحنفية أن عروة الراوي عنها قد قال لما سئل عن إتمامها في السفر: أنها تأولت، كما تأول عثمان، فعلى هذا لا تعارض بين روايتها وبين رأيها، فروايتها صحيحة، ورأيها مبني على ما تأولت- انتهى. ومنها المعارضة بحديث ابن عباس الذي بعد هذا: فرض الله الصلاة في الحضر أربعاً، وفي السفر ركعتين، وأجاب عنه الحافظ: بأنه يمكن الجمع بين حديث عائشة وابن عباس بأن يقال: إن الصلوات فرضت ليلة الإسراء ركعتين ركعتين إلا المغرب، ثم زيدت بعد الهجرة عقب الهجرة إلا الصبح، كما روى ابن خزيمة

ص: 412

قال الزهري: قلت لعروة: ما بال عائشة تتم؟ قال تأولت كما تأول عثمان)) متفق عليه.

1358-

(17) وعن ابن عباس، قال: ((فرض الله الصلاة على لسان نبيكم صلى الله عليه وسلم في الحضر أربعاً،

ــ

وابن حبان والبيهقي من طريق الشعبي عن مسروق عن عائشة قالت: فرضت صلاة الحضر والسفر ركعتين ركعتين، فلما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة واطمأن زيد في صلاة الحضر ركعتان ركعتان، وتركت صلاة الفجر لطول القراءة، وصلاة المغرب لأنها وتر النهار- انتهى. ثم بعد أن استقر فرض الرباعية خفف منها في السفر عند نزول الآية السابقة، ويؤيده ذلك ما ذكره ابن الأثير في شرح المسند أن قصر الصلاة كان في السنة الرابعة من الهجرة، وهو مأخوذ مما ذكره غيره أن نزول آية الخوف كان فيها. وقيل: كان قصر الصلاة في السفر في الربيع الآخر من السنة الثانية. وقيل: بعد الهجرة بعام أو نحوه. وقيل: بعد الهجرة بأربعين يوماً، فعلى هذا فالمراد بقول عائشة: فأقرت صلاة السفر أي باعتبار ما آل إليه الأمر من التخفيف، لا أنها استمرت منذ فرضت فلا يلزم من ذلك أن القصر عزيمة- انتهى. وقال السندي: قوله: فأقرت أي رجعت بعد نزول القصر في السفر إلى الحالة الأولى بحيث كأنها كانت مقررة على الحالة الأصلية، وما ظهرت الزيادة فيها أصلاً- انتهى. (قال الزهري: قلت لعروة) بن الزبير. (تتم) بضم أوله الصلاة. (قال) عروة: (تأولت كما تأول عثمان) كذا في رواية مسلم، وفي رواية البخاري: تأولت ما تأول عثمان. قال الحافظ: يمكن أن يكون مراد عروة التشبيه بعثمان في الإتمام بتأويل لا اتحاد تأويلهما، ويقويه أن الأسباب اختلفت في تأويل عثمان، فتكاثرت بخلاف تأويل عائشة- انتهى. وقد سبق الكلام في تأويل عثمان. وأما عائشة فقد جاء عنها سبب الإتمام صريحاً، وهو فيما أخرجه البيهقي (ج3 ص143) من طريق هشام بن عروة عن أبيه أنها كانت تصلي في السفر أربعاً، فقلت لها: لو صليت ركعتين، فقالت: با ابن أختي أنه لا يشق على، إسناده صحيح، وهو دال على أنها تأولت أن القصر رخصة وان الإتمام لمن لا يشق عليه أفضل، ويدل على اختيار الجمهور ما رواه أبويعلى والطبراني بإسناد جيد عن أبي هريرة أنه سافر مع النبي صلى الله عليه وسلم ومع أبي بكر وعمر، فكلهم كان يصلي ركعتين من حين يخرج من المدينة إلى مكة حتى يرجع إلى المدينة في السير، وفي المقام بمكة، كذا في الفتح. (متفق عليه) واللفظ للبخاري في باب التأريخ من كتاب الهجرة إلا لفظ الفريضة، فإنه ليس للبخاري، بل هو لمسلم وحده، كما تقدم، وإلا قوله قال الزهري الخ. فإن هذه الزيادة عند البخاري إنما هي في آخر حديث عائشة في أبواب تقصير الصلاة. والحديث أخرجه أيضاً أحمد وأبوداود والنسائي والبيهقي (ج3 ص135، 143) بألفاظ متقاربة.

1358-

قوله: (فرض الله الصلاة) أي الرباعية. (على لسان نبيكم صلى الله عليه وسلم) قال الطيبي: هو مثل قوله تعالى: {وما ينطق عن الهوى} [3:53] . (في الحضر أربعاً) أي بعد ما كانت ركعتين، ثم قصرت في السفر، فكانت صلاة

ص: 413

وفي السفر ركعتين، وفي الخوف ركعة)) رواه مسلم.

1359-

1360- (18-19) وعنه، وعن ابن عمر، قالا:((سن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة السفر ركعتين، وهما تمام غير قصر، والوتر في السفر سنة))

ــ

السفر، كأنها ما زيد فيها، وهذا معنى قوله. (وفي السفر ركعتين) فلا يعارض هذا الحديث ما روى عن عائشة: فرض الله الصلاة حين فرضها ركعتين في الحضر والسفر، وقد تقدم وجه الجمع مفصلاً في كلام الحافظ. (وفي الخوف ركعة) فيه أن اللازم في الخوف ركعة ولو اقتصر عليها جاز. قال النووي: هذا الحديث قد عمل بظاهره طائفة من السلف، منهم الحسن البصري والضحاك وإسحاق بن راهويه. (وعطاء وطاووس ومجاهد والحكم بن عتيبة وقتادة والثوري من التابعين وابن عباس وأبوهريرة وأبوموسى الأشعري من الصحابة) . وقال الشافعي ومالك والجمهور. (وفيهم أبوحنيفة وأحمد) : إن صلاة الخوف كصلاة الأمن في عدد الركعات، فإن كانت في الحضر وجب أربع ركعات، وإن كانت في السفر وجب ركعتان. ولا يجوز الاقتصار على ركعة واحدة في حال من الأحوال، وتأولوا حديث ابن عباس هذا على أن المراد ركعة مع الإمام وركعة أخرى يأتي بها منفرداً، كما جاءت الأحاديث الصحيحة في صلاة النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه في الخوف، وهذا التأويل لا بد منه للجمع بين الأدلة-انتهى. قال السندي: لا منافاة بين وجوب واحد والعمل باثنتين حتى يحتاج إلى التأويل للتوفيق، لجواز أنهم عملوا بالأحب والأولى- انتهى. وسيأتي مزيد الكلام في ذلك في صلاة الخوف. (رواه مسلم) وأخرجه أيضاً أحمد (ج1 ص237، 355) وأبوداود والنسائي وابن ماجه والبيهقي (ج4 ص135) وفي الباب عن أبي هريرة أخرجه أحمد.

1359-

1360- قوله: (سن) أي شرع رسول الله صلى الله عليه وسلم (صلاة السفر ركعتين) أي ثبت على لسانه، وإلا فالقصر ثابت بالكتاب، أو المراد أنه بين بالقول والفعل ما في الكتاب، قاله القاري. وقال ابن حجر: أي بين أنها كذلك لمن أراد القصر. (وهما تمام غير قصر) أي في الثواب، أو المراد أنهما المشروع في السفر، كما نطق به حديث عائشة وإن أطلق القصر في كتاب الله تعالى، قاله في اللمعات. وقال القاري: وهما تمام أي تمام المفروض غير قصر أي غير نقصان عن أصل الفرض، فإطلاق القصر في الآية مجاز أو إضافي- انتهى. وقال السندي: تمام غير قصر، أي لا ينبغي الزيادة فيها فصارت كالتمام، فلا يرد أن قوله تعالى:{فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة} [101:4] ظاهر في القصر فكيف يصح القول بأنها تمام غير قصر. وقال ابن حجر: أي تمام بالنسبة للثواب، فثواب القصر يقارب ثواب الإتمام. (والوتر في السفر سنة) أي مشروع بالسنة أو المراد بالسنة الطريقة المسلوكة في الدين أعم من السنة المصطلح عليها عند الفقهاء، كما يدل عليه السوق أي الوتر في السفر طريقة مسلوكة

ص: 414

رواه ابن ماجه.

1361-

(20) وعن مالك، بلغه ((أن ابن عباس كان يقصر الصلاة في مثل ما يكون بين مكة والطائف، وفي مثل ما بين مكة وعسفان، وفي مثل ما بين مكة وجدة، قال مالك: وذلك أربعة برد)) .

ــ

مستمرة لا تترك في السفر، كما تترك النوافل والرواتب وإلا فالوتر إن كان واجباً فليس سنة، وإن كان سنة فهو سنة في الحضر والسفر كليهما، فما وجه التخصيص بالسفر. (رواه ابن ماجه) في باب الوتر في السفر. وأخرجه أيضاً أحمد (ج1 ص241) وفي سنده عندهما جابر الجعفي، وهو ضعيف، وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد (ج2 ص155) وقال:"رواه البزار، وفيه جابر الجعفي، وثقه شعبة والثوري، وضعفه آخرون"، فنسي أن ينسبه إلى مسند الإمام أحمد، وأنه في سنن ابن ماجه.

1361-

قوله: (وعن مالك) أنه. (بلغه أن ابن عباس) قال ابن عبد البر: وما رواه مالك عن ابن عباس هذا معروف من نقل الثقات متصل الإسناد عنهم من وجوه، ثم رواها في الاستذكار عن عبد الرزاق وغيره. (كان يقصر الصلاة) الرباعية. (في مثل ما يكون بين مكة والطائف) وفي الموطأ في مثل ما بين مكة والطائف بالهمزة بعد الألف، وبينهما ثلاثة مراحل أو اثنان، قاله الزرقاني. وقال ياقوت في معجمه: هي مسيرة يوم للطالع من مكة ونصف يوم للهابط إلى مكة، وقال: أيضاً الطائف هو وادي وج، وهو بلاد ثقيف بينها وبين مكة اثنا عشر فرسخا- انتهى. وقيل: بينهما من طريق السيل مائة وخمسة وثلاثون كيلو متراً، أي نحو خمسة وثمانين ميلاً، ومن طريق عرفة تسعة وتسعون كيلو متراً، أي نحو اثنين وستين ميلاً. (وفي مثل ما بين مكة وعسفان) بضم العين كعثمان، والنون زائدة. موضع على مرحلتين من مكة، قاله المجد. وقال الزرقاني: بين مكة وعسفان ثلاثة مراحل. وفي المعجم لياقوت الحموي: قال أبومنصور منهلة من مناهل الطريق بين الجحفة ومكة. وقيل: قرية جامعة بها منبر ونخيل ومزارع على ستة وثلاثين ميلاً من مكة، وهي حد تهامة. (وفي مثل ما بين مكة وجدة) بضم الجيم وتشديد الدال، بلد على الساحل بحر اليمن، وهي فرضة مكة، بينها وبين مكة ثلاث ليال. وقيل: بينهما يوم وليلة. وقيل: هي على مرحلتين شاقتين من مكة. وقيل: بينهما ثلاثة وسبعون كيلو متراً، أي نحو ستة وأربعين ميلاً. (قال مالك وذلك) أي أقل ما بين ما ذكر من المواضع، أو كل واحد من هذه الأماكن. (أربعة برد) بضمتين جمع بريد، وكل بريد أربعة فراسخ، وكل فرسخ ثلاثة أميال، فهي ثمانية وأربعون ميلاً. قال مالك: وذلك أحب ما يقصر فيه الصلاة إليّ. وقد سبق بيان اختلاف العلماء في قدر المسافة التي يجوز فيها القصر وتعيين القول الراجح في ذلك. وقد روى مالك في الموطأ عن ابن عمر أنه ركب من المدينة إلى ريم فقصر الصلاة في مسيره ذلك، قال مالك: وذلك نحو من أربعة برد، وروى عنه أيضاً أنه ركب إلى ذات النصب فقصر الصلاة، قال مالك:

ص: 415

رواه في الموطأ.

1362-

(21) وعن البراء، قال:((صحبت رسول الله صلى الله عليه وسلم ثمانية عشر سفراً، فما رأيته ترك ركعتين إذا زاغت الشمس قبل الظهر)) رواه أبوداود، والترمذي،

ــ

بين ذات النصب والمدينة أربعة برد، وروي عنه أيضاً كان يقصر الصلاة في مسيرة اليوم التام. قال ابن عبد البر في الاستذكار: مسيرة اليوم التام باليسير أربعة برد أو نحوها. قال الباجي: أكثر مالك من ذكر أفعال الصحابة لما لم يصح عنده في ذلك توقيف عن النبي صلى الله عليه وسلم انتهى. قلت: وروى البيهقي (ج3ص137) عن عطاء بن أبي رباح أن عبد الله بن عمرو وعبد الله بن عباس كانا يصليان ركعتين ويفطران في أربعة برد فما فوق ذلك. قال ابن حجر: ومثل ذلك لا يكون إلا بتوقيف، وروى عبد الرزاق عن ابن جريح عن عطاء عن ابن عباس قال: لا تقصروا الصلاة إلا في اليوم ولا تقصر فيما دون اليوم، ولابن أبي شيبة من وجه آخر صحيح عنه، قال: تقصر الصلاة في مسيرة يوم وليلة. (رواه) أي مالك (في الموطأ) أي عن مالك أنه بلغه، وهذا كما ترى غير ملائم، فكان على المؤلف أن يقول: وعن ابن عباس أنه كان يقصر الصلاة الخ. ثم يقول: رواه مالك في الموطأ بلاغاً، ثم يقول: وقال وذلك الخ. على طبق سائر الأحاديث، حيث يبدأ بالصحابي ويختم بالمخرج، كذا في المرقاة، وقد تقدم أن هذا البلاغ رواه ابن عبد البر في الاستذكار موصولاً، ووصله الشافعي أيضاً، قال: أنا سفيان عن عمرو عن عطاء عن ابن عباس أنه سئل أنقصر الصلاة إلى عرفة؟ قال: لان ولكن إلى عسفان وإلى جدة وإلى الطائف. قال الحافظ في التلخيص (ص129) وإسناده صحيح، وذكره مالك في الموطأ عن ابن عباس بلاغاً-انتهى. وأخرج ابن أبي شيبة بسنده عن عطاء بن أبي رباح، قلت لابن عباس: أقصر إلى عرفة؟ قال لا، قلت: أقصر إلى الطائف وإلى عسفان؟ قال: نعم، وذلك ثمانية وأربعون ميلاً، وعقد بيده. وقد روي عن ابن عباس مرفوعاً، أخرجه الدارقطني (ص148) والبيهقي (ج3ص137- 138)، وابن أبي شيبة والطبراني في الكبير من طريق عبد الوهاب بن مجاهد عن أبيه وعطاء عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: يا أهل مكة لا تقصروا الصلاة في أدنى من أربعة برد من مكة إلى عسفان. قال الحافظ: وإسناده ضعيف من أجل عبد الوهاب فإنه متروك رواه عنه إسماعيل بن عياش، وروايته عن الحجازيين ضعيفة، والصحيح عن ابن عباس من قوله، كما سبق ذكره.

1362-

قوله: (وعن..... البراء) أي ابن عازب. (ثمانية عشر سفراً) بفتح السين المهملة والفاء. (فما رأيته ترك ركعتين إذا زاغت الشمس قبل الظهر) ظرف لترك، الظاهر أن هاتين الركعتين هما سنة الظهر القبلية. فهذا الحديث دليل لمن قال بجواز الإتيان بالرواتب في السفر، وقد حمله من لم يقل بذلك على سنة الزوال لا على الراتبة قبل الظهر، وقد تقدم الكلام في ذلك مفصلاً. (رواه أبوداود، والترمذي) كلاهما عن قتيبة عن

ص: 416