المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌{الفصل الثالث} 1428- (15) عن جابر بن سمرة، قال: ((كان النبي - مرعاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح - جـ ٤

[عبيد الله الرحماني المباركفوري]

فهرس الكتاب

- ‌(24) باب تسوية الصف

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(25) باب الموقف

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(26) باب الإمامة

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(27) باب ما على الإمام

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(28) باب ما على المأموم من المتابعة وحكم المسبوق

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(29) باب من صلى صلاة مرتين

- ‌{الفصل الأول}

- ‌((الفصل الثاني))

- ‌((الفصل الثالث))

- ‌(30) باب السنن وفضائلها

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(31) باب صلاة الليل

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(32) باب ما يقول إذا قام من الليل

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(33) باب التحريض على قيام الليل

- ‌{الفصل الأول}

- ‌((الفصل الثاني))

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(34) باب القصد في العمل

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(35) باب الوتر

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(36) باب القنوت

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(37) باب قيام شهر رمضان

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(38) باب صلاة الضحى

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(39) باب التطوع

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌(40) باب صلاة التسبيح

- ‌(41) باب صلاة السفر

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(42) باب الجمعة

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(43) باب وجوبها

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(44) باب التنظيف والتبكير

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

- ‌(45) باب الخطبة والصلاة

- ‌{الفصل الأول}

- ‌{الفصل الثاني}

- ‌{الفصل الثالث}

الفصل: ‌ ‌{الفصل الثالث} 1428- (15) عن جابر بن سمرة، قال: ((كان النبي

{الفصل الثالث}

1428-

(15) عن جابر بن سمرة، قال:((كان النبي صلى الله عليه وسلم يخطب قائماً، ثم يجلس، ثم يقوم فيخطب قائماً، فمن نبأك أنه كان يخطب جالساً فقد كذب، فقد والله صليت معه، أكثر من ألفي صلاة)) . رواه مسلم.

1429-

(16) وعن كعب بن عجرة، أنه دخل المسجد وعبد الرحمن بن أم الحكم يخطب قاعداً،

ــ

للحديث، وهو عطف بيان لقوله ضعيف-انتهى. قلت: محمد بن الفضل هذا رماه الأئمة بالكذب منهم أحمد وابن معين والنسائي وغيرهم. مات سنة (180) . قال الحافظ في التلخيص (ص136) قد تفرد بهذا الحديث، وضعفه به الدارقطني وابن عدي وغيرهما. قال الترمذي: لا يصح في هذا الباب عن النبي صلى الله عليه وسلم شيء يعني صريحاً. قلت: أحاديث الباب وإن كانت ضعيفة فقد شد عضدها عمل السلف والخلف على ذلك، كما تقدم.

1428-

قوله: (كان النبي صلى الله عليه وسلم يخطب) يوم الجمعة. (قائماً) على المنبر. (ثم يجلس) بعد الخطبة الأولى على المنبر جلسة خفيفة. قال في اللمعات: ثم ههنا للتراخي باعتبار المبدأ، والثاني للمشاكلة. (فمن نبأك) بتشديد الموحدة أي أخبرك. وفي رواية أبي داود: فمن حدثك. (فقد والله صليت) قال الطيبي: "والله" قسم اعترض بين "قد ومتعلقه" وهو دال على جواب القسم، والفاء في "فمن" جواب شرط محذوف، وفي "فقد كذب" جواب من وفي "فقد والله" سببية، والمعنى أنه كاذب ظاهر الكذب بسبب أني صليت. (معه أكثر من ألفي صلاة) أي من الجمعة وغيرها، أو أراد التكثير لا التحديد؛ لأنه عليه الصلاة والسلام لم يقم بالمدينة إلا عشر سنين، وأول جمعة صلاها هي الجمعة التي تلي قدومه المدينة، فلم يصل ألفي جمعة بل نحو خمسمائة، قاله القاري. وقال السندي في فتح الودود: ظاهر المقام يفيد أنه أراد صلاة الجمعة، فالعدد مشكل إلا أن يراد به الكثرة والمبالغة، فإن حمل على المطلق الصلاة فالأمر سهل-انتهى. والحديث يدل على مواظبته صلى الله عليه وسلم على القيام حال الخطبتين، واستدل به للشافعي ومالك ومن وافقهما على وجوب القيام في خطبة الجمعة، وفيه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يواظب على الشيء الفاضل مع جواز غيره ونحن نقول به. (رواه مسلم) وأخرجه أيضاً أحمد والنسائي والبيهقي (ج3ص197) .

1429-

قوله: (عن كعب بن عجرة) بضم العين وسكون الجيم. (أنه دخل المسجد) في الكوفة. (وعبد الرحمن بن أم الحكم) بفتحتين، هو عبد الرحمن بن عبد الله بن أم الحكم بنت أبي سفيان بن حرب من

ص: 508

فقال: أنظروا إلى هذا الخبيث يخطب قاعداً، وقد قال الله تعالى:{وإذا رأوا تجارة أو لهواً انفضوا إليها وتركوك قائماً} رواه مسلم.

1430-

(17) وعن عمارة بن رويبة:

ــ

بني أمية، استعمله معاوية أميراً على الكوفة. (فقال) أي كعب من غاية الغضب. (انظروا إلى هذا الخبيث) قال ابن حجر: فيه جواز التغليظ على من ارتكب حراماً عند من قال به أو مكروها عند غيره؛ لأن إظهار خلاف ما داوم عليه الصلاة والسلام على رؤس الأشهاد ينبىء عن خبث أيّ خبث. (وقد قال الله تعالى) وفي بعض النسخ: وقال بغير لفظ "قد" كما في صحيح مسلم، وكذا نقله الجزري (ج6ص433) . (إذا رأوا) أي أبصروا أو عرفوا. (تجارة) أي بيعاً وشراء. (أو لهواً) أي طبلاً. (انفضوا) أي تفرقوا. (إليها) أي إلى التجارة وما ذكر معها فيكون من باب الاكتفاء ومراعاة أقرب المذكورين، أو اختصت بالذكر لأنها المقصود الأعظم من الأمرين، فإن الطبل كان لإعلام مجيء أسباب التجارة. قال الطيبي: قوله: قد قال الله حال مقررة لجهة الإنكار أي كيف يخطب قاعدا ورسول الله صلى الله عليه وسلم كان يخطب قائماً بدليل قوله تعالى: {وتركوك قائماً} [62: 11] وذلك أن أهل المدينة أصابهم جوع وغلاء، فقدم تجارة من زيت الشام والنبي صلى الله عليه وسلم يخطب يوم الجمعة قائماً فتركوه قائماً وما بقي معه إلا يسير-انتهى. وهم اثنا عشر منهم أبوبكر وعمر، كما في صحيح مسلم. قال النووي: كلام ابن عجرة يتضمن إنكار المنكر والإنكار على ولاة الأمور إذا خالفوا السنة. ووجه استدلاله بالآية إن الله تعالى أخبر أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يخطب قائماً. وقد قال تعالى: {لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة} [33: 21] مع قوله تعالى: {فاتبعوه} وقوله تعالى: {وما آتاكم الرسول فخذوه} [59: 60] مع قوله صلى الله عليه وسلم: صلوا كما رأيتموني أصلي-انتهى. قلت: استدل الشافعية بهذا الحديث على اشتراط القيام في الخطبة وفيه أن إنكار كعب على عبد الرحمن إنما هو لتركه السنة، ولو كان شرطاً لما صلوا معه مع تركه له. قال ابن الهمام: لم يحكم هو أي كعب ولا غيره بفساد تلك الصلاة، فعلم أنه ليس بشرط عندهم، فيكون كالإجماع وأجيب بأنه إنما صلى خلفه مع تركه القيام الذي هو شرط خوف الفتنة، أو أن الذي قعد إن لم يكن معذوراً فقد يكون قعوده نشأ عن اجتهاد منه، كما قالوه في إتمام عثمان الصلاة في السفر، وقد أنكر ذلك ابن مسعود، ثم أنه صلى خلفه فأتم معه واعتذر بأن الخلاف شر ولا يخفى ما في هذا الجواب. (رواه مسلم) وأخرجه أيضاً النسائي وابن خزيمة والبيهقي (ج3ص196- 197)، وفي رواية ابن خزيمة: ما رأيت كاليوم قط إماماً يؤم المسلمين يخطب، وهو جالس، يقول ذلك مرتين.

1430-

قوله: (وعن عمارة) بضم العين وتخفيف الميم. (بن رويبة) بضم الراء وفتح الواو وسكون التحتية

ص: 509

أنه رأى بشر بن مروان على المنبر رافعاً يديه، فقال: قبح الله هاتين اليدين،

ــ

وفتح الباء الموحدة. (أنه رأى بشر) بكسر الباء وسكون الشين المعجمة. (بن مروان) بن الحكم الأموي القرشي، أخو عبد الملك بن مروان، كان والياً على الكوفة من قبل أخيه. (رافعا يديه) زاد أحمد (ج4ص261) يشير بإصبعيه يدعو. وفي رواية له (4ص136) قال حصين: كنت إلى جنب عمارة وبشر يخطبنا فلما دعا رفع يديه، ولفظ الترمذي: فرفع يديه في الدعاء، وكذا رواه البيهقي. ولفظ أبي داود: رأى عمارة بن رويبة بشر بن مروان، وهو يدعو في يوم جمعة. واعلم أنه اختلف في المراد عن رفع اليدين المذكور، ففهم البيهقي والنووي والشوكاني أن المراد به الرفع الذي يكون عند الدعاء. قال النووي في شرحه: فيه أن السنة أن لا يرفع اليد في الخطبة، وهو قول مالك وأصحابنا وغيرهم. وحكى القاضي عن بعض السلف، وبعض المالكية إباحته؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم رفع يديه في خطبة الجمعة حين استسقى، وأجاب الأولون بأن هذا الرفع كان لعارض-انتهى. وترجم البيهقي (ج3ص210) على حديث عمارة هذا، وحديث سهل بن سعد. (قال: ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم شاهراً يديه قط يدعو على منبره ولا على غيره، ولكن رأيته يقول هكذا، وأشار بالسبابة، وعقد الوسطى بالإبهام) باب ما يستدل به على أنه يدعو في خطبته، وقال بعد روايتهما: والقصد من الحديثين إثبات الدعاء في الخطبة، ثم فيه من السنة أن لا يرفع يديه في حال الدعاء في الخطبة ويقتصر على أن يشير بإصبعه، وثابت عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه مد يديه ودعا، وذلك حين استسقى في خطبة الجمعة، روينا عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان لا يرفع يديه في شيء من دعائه إلا في الاستسقاء حتى يرى بياض إبطيه، وروينا عن الزهري أنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا خطب يوم الجمعة دعا فأشار بإصبعه وأمن الناس-انتهى. وفهم النسائي وابن أبي شيبة والطيبي: أن المراد به الرفع الذي يكون عند التكلم وخطاب الناس، كما هو عادة الخطباء والوعاظ أنهم يرفعون أيديهم يميناً وشمالاً ينبهون الناس على الاستماع، وبوب الترمذي وأبوداود بما يحتمل المعنيين. والراجح عندي: هو المعنى الأول لرواية أحمد والترمذي والبيهقي، فإن فيها زيادة على رواية مسلم والنسائي، فيكره رفع اليدين والإشارة بالإصبعين عند الدعاء في خطبة الجمعة في غير الاستسقاء. والله تعالى أعلم. (فقال) عمارة. (قبح الله) قال الشيخ أحمد شاكر في تعليقه على الترمذي: قبح ثلاثي من باب منع أي أبعده الله ونحاه عن الخير. قال أبوعمرو: قبحت له وجهه مخففة، والمعنى قلت قبحه الله، وهو من قوله تعالى:{ويوم القيامة هم من المقبوحين} [28: 42] أي من المبعدين الملعونين، وهو من القبح وهو الإبعاد، هذا هو المعروف في كتب اللغة، والمشهور على ألسنة الناس تشديد الباء، وقد وجهه في المصابيح والمعيار بأنه للمبالغة-انتهى. (هاتين اليدين) زاد الترمذي القُصيرَتَيْن. والظاهر أنه دعاء عليه بالقبح؛ لأن هذا

ص: 510

لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يزيد على أن يقول بيده هكذا، وأشار بإصبعه المسبحة)) . رواه مسلم.

1431-

(18) وعن جابر، قال:((لما استوى رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الجمعة على المنبر، قال: اجلسوا، فسمع ذلك ابن مسعود، فجلس على باب المسجد، فرآه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: تعال يا عبد الله بن مسعود)) . رواه أبوداود.

ــ

الرفع كان على خلاف السنة وما كان مخالفاً للسنة فهو مردود مقبوح. وقيل إخبار عن قبح صنعه. (ما يزيد على أن يقول) أي يشير. (بيده هكذا وأشار) أي الراوي أو عمارة لأراءة الإشارة المذكورة. (بإصبعه المسبحة) بالجر، قال الطيبي: قوله يقول أي يشير عند التكلم في الخطبة بإصبعه يخاطب الناس وينبههم على الاستماع. والحديث يدل على كراهة رفع اليدين على المنبر في خطبة الجمعة للدعاء أو لتنبيه السامعين على الاستماع، كما هو دأب الخطباء والوعاظ على ما فهمه الطيبي. ويدل على جواز الإشارة بالإصبع أي السبابة للدعاء أو لتنبيه الناس. (رواه مسلم) وأخرجه أيضاً أحمد والترمذي وأبوداود والنسائي والبيهقي (ج3ص210) .

1431-

قوله: (لما استوى) أي استقر. (رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الجمعة على المنبر) أي ورأى بعض الحاضرين أنهم قاموا ليصلوا. (قال: اجلسوا) فيه دليل على جواز التكلم للخطيب على المنبر عند الحاجة، وقد بوب عليه أبوداود: الإمام يكلم الرجل في خطبته، وكذا البيهقي في سننه (ج3ص217)، ويؤيد ذلك قصة الرجل الداخل وأمر النبي صلى الله عليه وسلم له بصلاة التحية. قال ابن حجر: الظاهر أنه رأى أحداً من الحاضرين قام ليصلي فأمره بالجلوس لحرمة الصلاة على الجالس بجلوس الإمام على المنبر إجماعاً. (فسمع ذلك) أي أمره صلى الله عليه وسلم بالجلوس. (ابن مسعود) وكان على باب المسجد. (فجلس على باب المسجد) مبادرة إلى امتثال أمره صلى الله عليه وسلم. (فرآه) أي ابن مسعود. (فقال) رسول الله صلى الله عليه وسلم. (تعال) أي تقدم. وقال القاري: أي ارتفع عن صف النعال إلى مقام الرجال وهلم إلى المسجد. وقال الراغب: أصله أن يدعى الإنسان على مكان مرتفع ثم جعل للدعاء إلى كل مكان، وتعالى ذهب صاعداً يقال عليته فتعالى. (يا عبد الله بن مسعود) ولعله دعاه النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأنه كان من فقهاء الصحابة، وقد قال: ليليني منكم أولو الأرحام والنهى، ولا يلزم منه التخطي المنهي عنه فإنه لم يذكر أن الصفوف وصلت إلى باب المسجد حتى يلزم التخطي. وقد كان ابن مسعود على الباب يريد أن يتقدم فلما سمع أمره صلى الله عليه وسلم بالجلوس جلس من فوره امتثالاً لأمره الشريف. (رواه أبوداود) من طريق مخلد بن يزيد، وهو من رجال الصحيحين عن ابن جريج

ص: 511

1432-

(19) وعن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من أدرك من الجمعة

ركعة فليصل إليها أخرى، ومن فاتته الركعتان، فليصل أربعاً، أو قال: الظهر))

ــ

عن عطاء عن جابر بن عبد الله. وأخرجه البيهقي (ج3ص218) من طريق معاذ بن معاذ عن ابن جريج. قال أبوداود: هذا يعرف مرسلاً، إنما رواه الناس عن عطاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أي مرسلاً. وقال البيهقي: ورواه عمرو بن دينار عن عطاء فأرسله، ثم ذكره. وأخرج المرسل ابن أبي شيبة أيضاً، ولم يتفرد مخلد بروايته موصولاً، بل تابعه على ذلك معاذ بن معاذ عند البيهقي، فلا يضر ذلك إرسال من أرسله.

1432-

قوله: (فليصل إليها) أي إلى تلك الركعة. (أخرى) أي ركعة أخرى بعد سلام الإمام. قال السندي: الظاهر أنه بتخفيف اللام من الوصل، لكن قال السيوطي بتشديد اللام أي فليصل أخرى ويضمها إليها. وقال القاري: ضبطه ابن حجر بضم ففتح فتشديد، وهو غير صحيح لوجود إليها، فالصواب بفتح فكسر وسكون لام مخففة؛ لأن الوصول يتعدى بإلى. (ومن فاتته الركعتان) أي صلاتها. وقيل: أي الركوعان. قال ابن حجر: بأن يدرك الإمام بعد ركوع الركعة الثانية. والفرق بينهما وبين سائر الصلوات أن الجمعة صلاة الكاملين، والجماعة شرط في صحتها، فأحتيط لها ما لم يحتط لغيرها فلم تدرك إلا بإدراك ركعة كاملة، كما صرح به في هذا الحديث. والحديث السابق-انتهى. قال القاري: وفيه أن هذا ليس من باب التصريح، بل من باب مفهوم المخالف المعتبر عندهم الممنوع عندنا على الصحيح-انتهى. (فليصل) بضم ففتح فتشديد. (أربعاً) أي الظهر. (أو قال) أي بدل أربعاً. قد استدل الشافعية ومن وافقهم بهذا الحديث على أن من فاته الركوع من الركعة الثانية من صلاة الجمعة ودخل في السجدة أو التشهد فهو يصلي الظهر وليس له أن يقتصر على ركعتي الجمعة، لكن الاستدلال به موقوف على أن المراد بالركعتين في الحديث الركوعان. وفيه نظر؛ لأن الركعة حقيقة لجميعها من القيام والركوع والسجود وغير ذلك وإطلاقها على الركوع، وما بعده مجاز لا يصار إليه إلا لقرينة، وههنا ليست قرينة تصرف عن حقيقة الركعة، بل قوله: ركعة في الجملة السابقة يعين المعنى الحقيقي ويأبى إرادة المجاز، ومفهوم قوله:"من فاتته الركعتان" أن من أدركهم جلوساً. (في التشهد قبل فوت الركعتين بالسلام) صلى ثنتين. واستدل له أيضاً بما رواه الدارقطني والبيهقي عن أبي هريرة مرفوعاً بلفظ: من أدرك من الجمعة ركعة فليصل إليها أخرى فإن أدركهم جلوساً صلى أربعاً، وفيه أن مداره على صالح بن أبي الأخضر البصري. وقد ضعفه ابن معين وأحمد والبخاري والنسائي ويحي القطان وأبوزرعة وأبوحاتم وابن عدي والعجلي. وفيه أيضاً أن المراد بالجلوس فيه الجلوس الذي يكون بعد الفراغ من الصلاة، يدل عليه قوله:"ومن فاتته الركعتان" واستدل لهم أيضاً بما رواه الدارقطني عن أبي هريرة أيضاً مرفوعاً، إذا أدرك أحدكم الركعتين من يوم الجمعة فقد أدرك الجمعة، وإذا أدرك ركعة فليركع إليها أخرى،

ص: 512

رواه الدارقطني.

ــ

وإن لم يدرك ركعة فليصل أربعاً. وفيه أن مداره على ياسين بن معاذ الزيات، وهو متروك، قاله النسائي. وقال البخاري: منكر الحديث، وضعفه غير واحد، وبما رواه الدارقطني عن أبي هريرة أيضاً مرفوعاً: من أدرك الركوع من الركعة الآخرة يوم الجمعة فليضف إليها أخرى ومن لم يدرك الركوع من الركعة الأخرى فليصل الظهر أربعاً. وفيه أن هذه الرواية أيضاً ضعيفة، فإن فيها سليمان بن أبي داود الحراني، ضعفه أبوحاتم. وقال البخاري: منكر الحديث. وقال ابن حبان: لا يحتج به. (رواه الدارقطني) من طريق ياسين بن معاذ عن ابن شهاب عن سعيد، أو عن أبي سلمة عن أبي هريرة وياسين ضعيف متروك، ولهذا الحديث طرق كلها معلولة. قال الحافظ في التلخيص (ص127) : بعد ذكرها. وقد قال ابن حبان في صحيحه: إنها كلها معلولة. وقال ابن أبي حاتم في العلل عن أبيه لا أصل لهذا الحديث إنما المتن من أدرك من الصلاة ركعة فقد أدركها، وذكر الدارقطني الاختلاف فيه في علله، وقال: الصحيح من أدرك من الصلاة ركعة، وكذا قال العقيلي. والله أعلم.

بعون الله وحسن توفيقه تم الجزء الرابع من مشكاة المصابيح مع شرحه مرعاة المفاتيح، ويليه الجزء الخامس إن شاء الله تعالى، وأوله "باب صلاة الخوف".

ص: 513