الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
رواه أبوداود.
{الفصل الثالث}
1106-
(16) عن أنس، قال:((كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول: استووا، استووا، استووا، فوالذي نفسي بيده، إني لأراكم من خلفي كما أراكم من بين يدي)) رواه أبوداود.
ــ
آخر، وهو أن لا يمتنع على من يريد الدخول بين الصفوف ليسد الخلل أو لضيق المكان بل يمكنه من ذلك ولا يدفعه بمنكبه لتتراص الصفوف وتتكاثف الجموع- انتهى. قال ميرك: والوجه الأول أليق بالباب، ويؤيده حديث أبي أمامة في الفصل الثالث: ولينوا في أيدي إخوانكم. قلت: والوجه الثالث أيضاً أنسب بالباب. (رواه أبوداود) ومن طريقه البيهقي (ج3 ص101) وسكت عنه أبوداود والمنذري. وفي سنده جعفر بن يحيى بن ثوبان عن عمه عمارة بن ثوبان. وجعفر هذا قال ابن المديني مجهول. وقال ابن القطان الفاسي: مجهول الحال، وذكره ابن حبان في الثقات. وقال الحافظ في التقريب: مقبول. وعمه عمارة بن ثوبان. قال الذهبي في ترجمته: ما روى عنه الا ابن أخيه جعفر بن يحيى لكنه قد وثق وقال في ترجمته جعفر أن عمه يعني عمارة لين. وقال الحافظ في تهذيب التهذيب في ترجمته عمارة: ذكره ابن حبان في الثقات. وقال عبد الحق: ليس بالقوى فرد ذلك عليه ابن القطان وقال: إنما هو مجهول الحال. وقال في التقريب: عمارة بن ثوبان حجازي مستور، قلت: قول الذهبي لكنه قد وثق، وقوله لين، وقول عبد الحق ليس بالقوى، وذكر ابن حبان اياه في الثقاته يدل على أنه ليس بمجهول الحال عندهم، ومن عرف حجة على من لم يعرف. قال ميرك: وكان الأخصر أن يقول المصنف: روى جميع الأحاديث المذكورة في هذا الفصل أبوداود.
1106-
قوله (استووا) أي في صفوف الصلاة بأن تقوموا على سمت واحد، وتتراصوا حتى لا يكون بينك فرجات. (استووا استووا) كرر ثلاث مرات للتأكيد، ويمكن أن يكون الأمر الأول وقع إجمالاً، والثاني لأهل اليمين، والثالث لأهل اليسار. (إني لأراكم من خلفي) رؤية حقيقة (رواه أبوداود) هذا وهم من المصنف، فإن هذا الحديث ليس عند أبي داود بل هو عند النسائي بوب عليه: كم مرة يقول: استووا. رواه من طريق بهز بن أسد عن حماد بن سلمة عن ثابت عن أنس، وقد عزاه العيني في شرح البخاري (ج5 ص254) للنسائي فقط وكذا الجزري في جامع الأصول (ج6 ص394) .
1107-
(17) وعن أبي أمامة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن الله وملائكته يصلون على الصف الأول. قالوا يا رسول الله! وعلى الثاني؟ قال: إن الله وملائكته يصلون على الصف الأول. قالوا: يا رسول الله! وعلى الثاني؟ قال: وعلى الثاني. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: سووا صفوفكم، وحاذوا بين مناكبكم، ولينوا في أيدي إخوانكم، وسدوا الخلل، فإن الشيطان بدخل فيما بينكم بمنزلة الحذف، يعنى أولاد الضان الصغار)) . رواه أحمد.
ــ
1107-
قوله: (إن الله وملائكته يصلون على الصف الأول) أي يرحم الله على أهل الصف الأول ويدعو الملائكة لهم بالتوفيق وغيره. (وعلى الثاني) المراد به غير الأول أو الثاني حقيقة لكونه يماثل الصف الأول فافهم. والظاهر هو الثاني، فإن قلت قوله صلى الله عليه وسلم: إن الله وملائكته يصلون على الصف الأول خبر فما معنى قولهم: وعلى الثاني؟ قلنا: هو في معنى طلب كون الثاني كذلك، وسؤاله صلى الله عليه وسلم من الله عزوجل أن يصلي عليهم أيضاً؛ لأنهم قد سبقوا من غير تقصير منهم، قاله في اللمعات. وقال القاري: قوله: يصلون على الصف الأول يحتمل أن يكون اخباراً ودعاء، ويؤيد الثاني قولهم يا رسول الله وعلى الثاني أي قل: وعلى الثاني ويسمى هذا العطف عطف تلقين والتماس كما حقق في قوله عليه السلام: اللهم ارحم الملحقين-الحديث. (قالوا يا رسول الله وعلى الثاني قال وعلى الثاني) التكرار يفيد التأكيد وحصول الكمال للأول وتثليث الرحمة على الصف الأول، ويؤيد ما روى أحمد والنسائي وابن ماجه والبيهقي عن العرباض بن سارية أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يستغفر للصف المقدم ثلاثاً وللثاني مرة. (وحاذوا بين مناكبكم) أي اجعلوا بعضها حذاء بعض بحيث يكون منكب كل واحد من المصلين موازياً لمنكب الآخر ومسامتاً له، فتكون المناكب والأقدام على سمت واحد (ولينوا) بكسر اللام أمر من لان يلين (في أيدي إخوانكم) أي إذا أمر أحدكم من يسوي الصفوف بالإشارة بيده أن يستوي في الصف أو وضع يده على منكبه فليستوا، وكذا إذا أراد أن يدخل في الصف فليوسع. (وسدوا) بضم السين المهملة (الخلل) أي الفرجة من الصفوف، ولا يكون ذلك إلا بإلزاق المنكب بالمنكب والقدم بالقدم حقيقة. (فإن الشيطان يدخل فيما بينكم) ليشوش عليكم في صلاتكم بالإغواء والاشتغال (بمنزلة الحذف) بفتحتين أي في صورتها. قال الجزري: الحذف الغنم الصغار الحجازية واحدها حذفة، وقيل: هي غنم صغار ليس لها أذناب، يجاء بها من جرش، سميت حذفا لأنها محذوفة من مقدار الكبار (يعني أولاد الضان الصغار) تفسير من الراوي (رواه أحمد)(ج5 ص262) قال
1108-
(18) وعن ابن عمر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أقيموا الصفوف، وحاذوا بين المناكب، وسدوا الخلل، ولينوا بأيدي إخوانكم، ولا تذروا
ــ
المنذري في الترغيب باسناده لا بأس به. وقال الهيثمي: رجاله موثقون. وأخرجه أيضاً الطبراني في الكبير.
1108 – قوله: (أقيموا الصفوف) أى اعتدلوها وسووها (ولينوا بأيدي إخوانكم) أى كونوا لينين هينين منقادين إذا أخذوا بها ليقدموكم أو يؤخروكم حتى يستوي الصف؛ لتنالوا فضل المعاونة على البر والتقوى، ويصح أن يكون المراد لينوا بيد من يجركم من الصف أي وافقوه وتأخروا معه لتزيلوا عنه وعمة الانفراد التى تبطل الصلاة بها، فقد ذهب أكثر أصحاب الشافعي إلى أن من لم يجد فرجة ولا سعة في الصف يجذب إلى نفسه واحداً ويستحب للمجذوب أن يساعده، ولا فرق بين الداخل في أثناء الصلاة والحاضر في ابتدائها في ذلك، وكرهه الأوزاعي ومالك وأحمد وإسحاق؛ لأنه لو جذب إلى نفسه واحداً لفوات عليه فضيلة الصف الأول، ولوقع الخلل في الصف، واستدل الأولون بما رواه أبويعلى والطبراني في الأوسط والبيهقي (ج3 ص105) من حديث وابصة بن معبد: أنه صلى الله عليه وسلم قال: لرجل صلى خلف الصف أيها المصلي وحده هلا دخلت في الصف أو جررت رجلاً من الصف، أعد صلاتك. وفيه السرى بن إسماعيل، وهو ضعيف، قاله الهيثمي. وقال الحافظ: إنه متروك، وله طريق أخرى في تاريخ أصبهان، وفيها قيس بن ربيع، وفيه ضعف. وأخرج الطبراني عن ابن عباس. قال الحافظ: بإسناد واهٍ قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا انتهى أحدكم إلى الصف وقد تم فليجذب إليه رجلاً يقيمه إلى جنبه. قال الهيثمي: رواه الطبراني في الأوسط وقال: لا يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا بهذا الإسناد. وفيه بشر بن إبراهيم، وهو ضعيف جداً، ولأبي داود في المراسيل من رواية مقاتل بن حيان مرفوعاً: أن جاء رجل فلم يجد خللاً أو أحدا فليختلج إليه رجلاً من الصف فليقم معه فما أعظم أجراً المختلج. قال الشوكاني في السيل الجرار: أما مشروعية انجذاب من في الصف المفسد لمن لحق ولم يجد من ينضم إليه فلم يثبت ما يدل على ذلك بخصوصه، ولا يصح الاستدلال بما أخرجه أبوداود في المراسيل بلفظ: إذا انتهى أحدكم إلى الصف وقد تم فليجذب إليه رجلاً يقيمه إلى جنبه؛ لأنه مع كونه مرسلاً، في اسناده مقاتل بن حيان، وفيه مقاتل ولم يثبت له لقاء أحد من الصحابة، فثم انقطاع بينه وبين الصحابي فهو مرسل معضل، ولا يصح الاستدلال أيضاً بما أخرجه الطبراني عن ابن عباس، وبما أخرجه الطبراني في الأوسط والبيهقي عن وابصة بن معبد، فذكرهما مع الكلام فيهما بنحو ما تقدم، ثم قال ولكن في انجذاب معاونة على البر والتقوى فيكون مندوباً من هذه الحيثية- انتهى. (ولاتذروا) أي لا تتركوا، ولا يستعمل من هذه المادة بمعنى الترك سوى المضارع والأمر والنهي، فتقول: ذره ولا تذره ويذره أي دعه واتركه ولا تدعه ولا تتركه ويدعه ويتركه، فإذا أريد الماضي، قيل: ترك. أو المصدر
فرجات الشيطان، ومن وصل صفاً وصله الله، ومن قطعه قطعه الله)) رواه أبوداود، وروى النسائي منه قوله:((ومن وصل صفاً إلى أخره)) .
1109-
(19) وعن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((توسطوا الإمام وسدوا الخلل)) رواه
أبوداود.
ــ
قيل: الترك، أو اسم الفاعل قيل: التارك. (فرجات الشيطان) بالإضافة في جميع النسخ، وكذا في جامع الأصول (ج6 ص395) ولفظ أبي داود: فرجات للشيطان، أي بتنوين فرجات ودخول لام الجر على الشيطان، وكذا وقع عند البيهقي من رواية أبي داود والفرجات بضم الفاء والراء جمع فرجة، وهي المكان الخالي بين الاثنين، والمعنى لا تبقوا خللاً في الصف لدخول الشيطان فيه، فإنه إذا بقية فرجة في الصف يدخلها الشيطان كأنها الحذف كما تقدم. (ومن وصل صفاً) بأن كان فرجة فسدها أو نقصان فأتمه. (وصله الله) أي برحمة. (ومن قطعه) بأن قعد بين الصف بلا صلاة أو منع الداخل من الدخول في الفرجات مثلاً. وقال القاري: أي بالغيبة أو بعدم سد الخلل أو بوضع شيء مانع. (قطعه الله) أي من رحمته، وفيه تهديد شديد ووعيد بليغ. (رواه أبوداود) وسكت عنه هو والمنذري وأخرجه أيضاً أحمد (ج2 ص98) والبيهقي (ج3 ص101) . (وروى النسائي) وابن خزيمة كذلك كما في الترغيب للمنذري وكذلك الحاكم (ج1 ص213) وصححه هو وابن خزيمة. (منه) أي من حديث. (قوله) صلى الله عليه وسلم مفعول روى. (من وصل صفاً إلى آخره) بيان المقول، أي لاصدر الحديث، وروي في صلة الصفوف وسد الفرج أحاديث عن جماعة من الصحابة منهم عائشة وأبوجحيفة وعبد الله بن زيد وابن عباس وأبوهريرة، ذكرهم الهيثمي في مجمع الزوائد (ج2 ص91، 90) .
1109-
قوله: (توسطوا الإمام) كذا في جميع النسخ توسطوا أي من التوسط. وكذا وقع في جامع الأصول (ج6 ص395) والبيهقي (ج3 ص104) ولفظ أبي داود: وسطوا أي بفتح الواو وتشديد السين المكسورة من التوسيط، وكذا نقله المجد بن تيمية في المنتقى، أي اجعلوه مقابلاً لوسط الصف الذي تصفون خلفه يعني قفوا خلفه بحيث يكون الامام حذاء وسط الصف ويكون عن يمينه من المصلين ومن يساره سواء. قال الطيبي: أي اجعلوا أمامكم متوسطاً بأن تقفوا في الصفوف خلفه وعن يمينه وشماله- انتهى. وفي القاموس: وسطهم جلس وسطهم كتوسطهم وسطه توسيطاً جعله في الوسط، فالظاهر أن يكون التقدير توسطوا بالإمام فيكون من باب الحذف والايصال. (رواه أبودواد) وكذا البيهقي (ج3 ص104) وسكت عنه أبوداود والمنذري وفي سنده يحيى بن بشير بن خلاد عن أمه واسمها أمة الواحد بنت يامين بن عبد الرحمن بن
1110-
(20) وعن عائشة، رضي الله عنها، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا يزال قوم يتأخرون عن الصف الأول، حتى يؤخرهم الله في النار)) رواه أبوداود.
1111-
(21) وعن وابصة بن معبد، قال:((رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلاً يصلي خلف الصف وحده، فأمره أن يعيد الصلاة)) .
ــ
يامين، سماها بقي بن مخلد في مسنده ولم يسمها. أبوداود في روايته: ويحيى مستور، وأمه مجهولة.
1110-
قوله: (يتأخرون عن الصف الأول) أي لا يهتمون لإدراك فضل الصف الأول، ولا يبالون به. (حتى يؤخرهم الله) أي يجعلهم الله آخر الأمر. (في النار) أو لا يخرجهم من النار في الأولين، أو يؤخرهم عن الداخلين في الجنة أولاً بإدخالهم النار أولاً وحبسهم فيها، ويمكن أن يكون المعنى يوقعهم في أسفل النار. وقال الطيبي: أي حتى يؤخرهم عن الخيرات ويدخلهم في النار. (رواه أبوداود) وسكت عليه هو والمنذري. وأخرجه أيضاً ابن خزيمة في صحيحه وابن حبان إلا أنهما قالا: حتى يخلفهم الله في النار، وأخرجه البيهقي (ج3 ص103) من طريق أبي داود بلفظه.
1111-
قوله: (عن وابصة) بكسر الموحدة فصاد مهملة. (بن معبد) بفتح الميم واسكان العين المهملة ابن عتبة بن الحارث بن مالك الأسدي أسد خزيمة، وفد على النبي صلى الله عليه وسلم سنة تسع ثم رجع إلى بلاد قومه ثم نزل إلى الجزيرة، صحابي. قال البرقى: جاء عنه خمسة أحاديث، وعمّر إلى قرب سنة تسعين، وتوفي بالرقة، وقبره عند منارة مسجد جامع الرقة. (يصلي خلف الصف وحده) أي منفرداً عن الصف. (فأمره أن يعيد الصلاة) فيه دليل على أن الصلاة خلف الصف وحده لا تصح. وأن من صلى خلف الصف وحده فعليه أن يعيد الصلاة. وإليه ذهب إبراهيم النخعي والحسن بن صالح وأحمد وإسحاق وأكثر أهل الظاهر وابن المنذر والحكم، وبه قال قوم من أهل الكوفة، منهم حماد بن أبي سليمان وعبد الرحمن بن أبي ليلي ووكيع. قال ابن حزم: وبه يقول الأوازاعي والحسن بن حي، وأحد قولي سفيان الثوري. ونقل عبد الله بن أحمد في المسند (ج4 ص228) بعد حديث وابصة قال: وكان أبي يقول بهذا الحديث- انتهى. وإليه ذهب الدارمي أيضاً فقال في سننه بعد حديث وابصة قال أبومحمد: أقول بهذا. وقال الجواز فلأنه يتعلق بالأركان وقد وجدت، وأما الإساءة فلوجود النهي عن ذلك، والقول الأول هو الحق يدل عليه حديث وابصة وهوحديث صحيح كما ستعرف، ويدل عليه أيضاً حديث علي بن شيبان قال: رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلاً يصلي خلف الصف، فوقف حتى انصرف الرجل فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم -
استقبل صلاتك، فإنه لا صلاة لرجل فرد خلف الصف. أخرجه أحمد (ج4 ص23) وابن ماجه وابن حزم في المحلى (ج4 ص53) والبيهقي (ج3 ص105) . ونسبه الزيلعي في نصب الراية (ج1 ص244) لابن حبان في صحيحه، والبزار في مسنده، وهو حديث صحيح. قال البوصيري في زوائد ابن ماجه: إسناده صحيح، ورجاله ثقات. وروى الأثرم عن أحمد أنه قال: حديث حسن. وقال ابن سيد الناس: رواته ثقات معروفون، وهو من رواية ملازم بن عمرو عن عبد الله بن بدر عن عبد الرحمن بن علي بن شيبان عن أبيه. قال ابن حزم في المحلى: ملازم ثقة. وثقه أبوبكر بن أبي شيبة وابن نمير وغيرهما، وعبد الله بن بدر ثقة مشهور، وعبد الرحمن ما نعلم أحداً عابه بأكثر من أنه لم يرو عنه إلا عبد الله بن بدر. وهذا ليس جرحة- انتهى. وقد روى عنه أيضاً ابنه يزيد ووعلة ابن عبد الرحمن، وذكره ابن حبان في الثقات وأخرج له في صحيحه. وقال العجلي: تابعي ثقة، ووثقة أيضاً أبوالعرب التميمي، كذا في تهذيب التهذيب (ج6 ص234) . ويؤيد حديث علي بن شيبان ما أخرجه ابن حبان عن طلق بن علي مرفوعاً: لا صلاة لمنفرد خلف الصف، ذكره الحافظ في بلوغ المرام. ويؤيده أيضاً حديث ابن عباس قال: رأى النبي صلى الله عليه وسلم رجلاً يصلي خلف الصف وحده فأمره أن يعيد الصلاة. أخرجه البزار والطبراني في الكبير والأوسط. قال الهيثمي: (ج2 ص96) : وفيه النضر أبوعمر أجمعوا على ضعفه. ويؤيده أيضاً ما أخرجه الطبراني في الأوسط عن أبي هريرة بمعنى حديث ابن عباس، وهو أيضاً حديث ضعيف. قال الهيثمي: فيه عبد الله بن محمد بن القاسم، وهو ضعيف وأجاب القائلون بالجواز بأن حديث وابصة معلول للاضطبراب في سنده كما نقل الزيلعي في نصب الراية (ج1 ص244) عن البيهقي في المعرفة والبزار في مسنده. قال البيهقي: وإنما لم يخرجاه صاحبا الصحيح لما وقع في إسناده من اختلاف. وقال ابن عبد البر: أنه مضطرب الإسناد، ولا يثبته جماعة من أهل الحديث، وروي عن الشافعي أنه كان يضعف حديث وابصة، ويقول: لو ثبت لقلت به وأجيب عنه بأن البيهقي وهو من أصحابه قد أجاب عنه فقال: الخبر المذكور ثابت، وبأن ابن سيد الناس قال في شرح الترمذي: ليس الاضطراب الذي الذي وقع فيه مما يضره، وبين ذلك وأطال وأطاب، ذكره الشوكاني وأجابوا أيضاً بأن الأمر بالإعادة في حديث وابصة وما وافقه للاستحباب، والنفي في حديث علي وما وافقه محمول على نفي الكمال. قال الطيبي: إنما أمره باعادة الصلاة تغليظاً وتشديداً، يؤيده حديث أبي بكرة في آخر الفصل الأول من باب الموقف. وقال ابن الهمام: حمل أئمتنا الأول أي حديث وابصة على الندب، والثاني أي حديث علي بن شيبان على نفي الكمال ليوافقا خبر البخاري عن أبي بكرة، إذ ظاهره عدم لزوم الإعادة لعدم أمره بها، وأيضاً فهو عليه السلام تركه حتى فرغ ولو كانت باطلة لما أقره على المضي فيها، وأجيب عنه بأن حمل
رواه أحمد، والترمذي، وأبوداود. وقال الترمذي: هذا حديث حسن.
ــ
الأمر بالإعادة على الاستحباب، وحمل النفي على نفي الكمال خلاف الظاهر، والأصل فإن الأصل في الأمر الوجوب، وفي نفي الجنس نفي الحقيقة والذات إن أمكن وإلا فيحمل على أقرب المجازين إلى الحقيقة، وهو نفي الصحة كما تحقق في موضعه. وأما الاستدلال على ذلك بحديث أبي بكرة ففيه أن عدم أمره صلى الله عليه وسلم بالإعادة في هذه الصورة الجزئية لا يدل على أن أمره بالإعادة في حديث وابصة ليس للإيجاب، وأن النفى في حديث علي بن شيبان ليس لنفي الحقيقة أو الصحة، فإنه لا يقال لمن فعل مثل ما فعل أبوبكرة أنه صلى خلف الصف. قال ابن سيد الناس: ولا يعد حكم الشروع في الركوع خلف الصف حكم الصلاة كلها خلفه، فهذا أحمد ابن حنبل يرى أن صلاة المنفرد خلف الصف باطلة، ويرى أن الركوع دون الصف جائزة- انتهى. وقال الحافظ في الفتح: جمع أحمد وغيره بين الحديثين، بأن حديث أبي بكرة مخصص لعموم حديث وابصة، فمن ابتدأ الصلاة منفرداً خلف الصف ثم دخل في الصف قبل القيام من الركوع لم تجب عليه الإعادة، كما في حديث أبي بكرة، وإلا فيجب على عموم حديث وابصة وعلي بن شيبان- انتهى. وفي مسائل الامام أحمد لأبي داود (ص35) قال: سمعت أحمد سئل عن رجل ركع دون الصف ثم مشى حتى دخل الصف وقد رفع الإمام قبل أن ينتهي إلى الصف قال: تجزئه ركعة وإن صلى خلف الصف وحده أعاد الصلاة. وقيل يحمل عدم الأمر بالإعادة على من فعل ذلك لعذر وهو خشية الفوات لو انضم إلى الصف وأحاديث الإعادة على من فعل ذلك لغير عذر. وقيل من لم يعلم ما ابتداء الركوع على تلك الحال من النهي فلا إعادة عليه كما في حديث أبي بكرة؛ لأن النهي عن ذلك لم يكن تقدم فكان أبوبكرة معذوراً لجهله، ومن علم النهي وفعل بعض الصلاة أو كلها خلف الصلاة لزمته الإعادة، يعني أنه يحمل أمره بالإعادة لمن صلى خلف الصف بأنه كان عالماً بالنهي. قال ابن حزم في المحلى (ج4 ص58) : فإن قيل: فهلا أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا بكر بالإعادة كما أمر الذي أساء الصلاة والذي صلى خلف الصف وحده؟ قلنا: نحن على يقين نقطع به أن الركوع دون الصف إنما حرم حين نهى النبي صلى الله عليه وسلم فإذ ذلك كذلك فلا إعادة على من فعل ذلك قبل النهي، ولو كان ذلك محرماً قبل النهي لما أغفل عليه السلام أمره بالإعادة كما فعل مع غيره- انتهى. (رواه أحمد) (ج4 ص227و 228) . (والترمذي وأبوداود) وأخرجه أيضاً ابن ماجه وأبوداود الطيالسي والدارمي وابن الجارود والبيهقي (ج3 ص104- 105) وابن حبان والدارقطني والحاكم والطحاوي وابن حزم في المحلى. (وقال الترمذي: هذا حديث حسن) وسكت عنه أبوداود. ونقل المنذري كلام الترمذي هذا وأقره. وقال الحافظ في الفتح: صححه أحمد وابن خزيمة وغيرهما. وقال ابن حجر المكي: صححه ابن حبان والحاكم. قلت: وأعله بعضهم بما وقع من اختلاف في